منتقى الدرر في النبي واله الغرر 41

أسرت له الحقد وهو العليم بما قد أسرت وما أجهرت
عن الرشد ضلت وأنى يفيد وقد عميت وليتها أبصرت
وتزعم أن أسلمت والصدور بشحناء كفرهم أوغرت
فكذبت الصادق المصطفى وشكت بما قد أتى وإمترت
ومن رفع الدين في نصبه إماما وفيه العلى بشرت
فما سمعته من الوحي فيه فقد هزأت فيه وإستسخرت
إذا سلبت إمرة المؤمنين عليا فمن ويحها أمرت
وما زال مضطهدا والعتاة تبدي له حقد ما أضمرت
الى أن قضى داميا رأسه فلله أية جلى عرت
وثارت على الحسن المجتبى جموع من الغي قد عسكرت
فسالم من لم يكن مسلما كذا الأب والأم قد افجرت
فأغرى العتاة بسب أبيه وفي السب أمصارها مصرت
ودس له السم حتى حشاه به قطعة قطعة غودرت
وما مر يوم كيوم الحسين وفيه السماء دما أمطرت
قليل به الأرض لو زلزلت وشم الجبال فيه قد كورت
فكم من حجاب به قد أميـ.. ..ـط وربة خدر به أذعرت
بدت كالقطا ريع من وكره مذاعير من خدرها إستنفرت
وتندب إخوتها الماجدين بقلب لظى الجد فيه ورت
وصوت تفطر منه القلوب ولو مس صم الصفا فطرت
فيا أبحر الجود من لجها ورود العفاة إذا أصدرت
وهل يا بدور الليالي تعود ليال بأوجهكم أقمرت
ظعنتم الى غرفات الجنان وفيكم على من بها أفخرت


منتقى الدرر في النبي واله الغرر 42

وخلفتم بعدكم نسوة عظيمات قدر وقد حقرت
أتدري البتول ويا ليتها ما نيل من ولدها لا درت
أبيدت عطائى بشط الفرات وجزر الأضاي به جزرت
حسين غدا مركزا للرماح فليت أسنتها كسرت
عفير على الأرض تجري الخيول على جسمه ليتها عقرت
دجا الكون لكن رأس الحسين كغرة صبح به أسفرت
يميد به الرمح بين الرؤوس الى الشام من كربلا سيرت
وزين العباد أسيرا يقاد لشر العباد وإن أكفرت
حليف الضنا قد برى جسمه العنا والقيود به أثرت
مصاب الم فهد الهدى فساخ وأركانه بعثرت
لقد نعى الدين يوم الحسين غداة النعاة به بكرت
لحا الله من قد قضى سيفه عليه ومن قوسه أوترت
الا طالب بدم قد أطل بكته الحمية وإستأثرت
أريحانة المصطفى والشفيع إذا الناس للحشر قد أحضرت
من النظم عذراء زفت اليك بغير قبولك لا أمهرت
صفت لك كالدر لكنها بفادح رزئك قد كدرت
أرق من الريح هفهافة ولكنها بالشجا أوقرت
لقد كبرت موقعا في الأنام وفي جنب قدرك قد صغرت
تلالأ كالدر منظومة وتعبق كالمسك ما كررت


منتقى الدرر في النبي واله الغرر 43

في إستنهاض الحجة عجل الله فرجه ورثاء سيد الشهداء
الى م أئمتنا لا تسر بطلعة قائمها المنتظر
وحتى متى يستغيث الهدى من الظالمين فلا ينتصر
غدا كاتما رشده والضلال يظهر من غيه ما إستتر
لقد عسعس الكون من جوره متى يتجلى بضوء القمر
ينادي منادي السما معلنا بأن إمام الهدى قد ظهر
فيا غائبا لا تراه العيون ولكنه في القلوب إستقر
ويا حجة الله في أرضه ولولاه ساءت بنا مستقر
وصفوته للأنام إجتبى ومرهفه للأعادي شهر
ونيت وعزمك ماضي الشبا فلم يالف الغمد طول الدهر
تمهدت ــ حوشيت ـ شوك الهراس ولذ لعينيك فيه السهر
كأن لم يكن يخطر الهم منك ببال وإن الهدى في الخطر
طغى الكفر وإنخذل الدين والصلاح إنطوى والفساد إنتشر
وضيم الأبي وذل العزيز فكل جليل غدا محتقر
وللكفر كاد يعود الأنام ومن دينكم كاد يمحي الأثر
وقد خص شيعتكم بالبلاء وعم الورى بدوها والحضر
تجر عليهم دواهي الصروف وتنصبهم لدواعي الضرر
أيجمل صبر وعيش يطيب وذا حالنا بين نصب وجر
متى تنتضي يا حسام الاله وأقدر طالب وتر ثأر
ويأمن كل مخوف أريع فخاف فغاب ومن قد حضر
أغثنا فمن جور اعداكم بنا الرحب ضاق فأين المفر
أصبرا وكف الضلال إرتقت لمنظوم عقد الهدى فإنتثر


منتقى الدرر في النبي واله الغرر 44

فكم سامكم نكبة وإستباح لكم حرمة ودماء هدر
وكم نكبة تنسف الراسيات وتحجب شمس الضحى بالكدر
أطلت على الحسن المجتبى فرجت لها الأرض بحرا وبر
سقاه إبن صخر من السم ما لو الصخر منه سقي لأنفطر
زكي حشاه حشا المصطفى يقطعها سم رجس أشر
وأعظم يوم لكم بالطفوف فما مثله قط في الدهر مر
ضغائن في أكبد أوغرت فثارت وملئ الصدور الوغر
فأغرت يزيد إبن شر الأنام بقتل الحسين إبن خير البشر
متى قيل إن بني عبد شمس تزلزل أركان عليا مضر
فوافت حسينا بملمومة تغص بها البيد مد البصر
وقد حجب الشمس نقع الجياد وشب وطيس الوغى فإستعر
فكر على جمعهم مفردا كأن عليا على الجمع كر
يكر وقد فر عنه الخميس فمنه الخميس إذا كر فر
بعزم يكاد يزيل الجبال ويأتي على الجمع لولا القدر
فجاهد في الله حق الجهاد ولما دعاه الى الأرض خر
حسين ترائبه في التراب وجثمانه للقنا مشتجر
فياليت عضبا علاه نبا وأجرد يردى عليه العقر
لخيل العدى جسمه موطء وفوق القنا رأسه مشتهر
وسيقت حرائره كالإماء الى الشام تسبى كسبي الخزر
أتهتك حرمتها والحسين حامي حمى خدرها والوزر
تقطع شجوا نياط القلوب وينتظم الندب منها درر
فأضلعها مثل جمر الغضا وأدمعها مثل صوب المطر
تحن فتصدع صم الصفا وتشجي الأنام شقيا وبر
فأشقى الأنام إبن سعد بكى لها الله حنت فأبكت عمر


منتقى الدرر في النبي واله الغرر 45

لحا الله أعداءهم ما يمر نسيم ويهتز غصن الشجر
وما طار في الجو من طائر وما سح صوب سحاب ودر
وزاد برحمته لعنة عليهم وخلدهم في سقر
وصلى على المصطفى والصلاة على اله وهم إثني عشر
أأحذر حشري وهم عدتي ليوم به لا يفيد الحذر
رضاهم رضا الله وهو المراد ومن شجر الخلد تجنى الثمر
* * *


حرف الضاد

في رثاء أمير المؤمنين علي (ع)
عجبا كيف دهى صرف القضا أسد الله علي المرتضى
من دهى ليث الوغى في غابه فرمى الكرار في محرابه
أي سيف قاطع أودى به وهو سيف الله ذاك المنتضى
يا حساما فلل البيض الصفاح وهزبرا غابه السمر الرماح
وكميا باسلا يوم الكفاح يقعد الموت إذا ما نهضا
كم له شب وطيس فإصطلاه وصدى عن أفق الدين جلاه
فغدا من بعده دين الاله وهو مرفوع الذرى منخفضا
يالرزء صدع الصم الصفا ومصاب فت قلب المصطفى
وبه جبريل حزنا هتفا هد ركن الدين فقد المرتضى
أوشكت يوم بدا منه النداء تخسف الأرض وتنشق السماء
لا أرى بعدك للدهر ضياء قد أقام الليل فإسود الفضا
يا أباة الضيم من ال نزار درست منكم ربوع وديار
ومضى كهفكم حامي الجوار فوهى ركن الهدى يوم مضى
قد قضى منك المرادي المراد فالزم الثكل ولا تنض الحداد


منتقى الدرر في النبي واله الغرر 46

لا عدا منك كمي للجلاد وإنتضى في الروع عزما موقضا
راح من قد ظلل الدين لواه ومضى من عمر الدهر نداه
يا وفودا نزلوا اليوم فتاة قوضوا أن عليا قوضا
يا قتيلا هد أركان الهدى وشهيدا أين منه الشهدا
وأميرا طوع يمناه الردى كيف أرداه الردى لولا القضا
هو سر الله ذاك المودع في الورى وهو البطين الأنزع
فلتذل منا عليه الأدمع ما دجا ليل وما صبح أضا
كيف ترقى لو تراه كل عين حسن يبكي عليه وحسين
دامي الرأس خضيب العارضين بحسام الرجس أشقى من مضى
قل لي فيه ـ ولا يقي المراد ـ لو لبست الدهر أثواب الحداد
وجرى دمعي من ذوب الفؤاد وإنطوى ضلعي على جمر الغضا
بأبي من ليس للدين سواه بأبي من لم يزل يحمي حماه
بأبي من ليتني كنت فداه لم يزل مضطهدا حتى قضى
عجبا للشمس لم لا كورت والجبال الشم لم لا سيرت
والبحار الفعم لم لا سجرت ولما لا سعرت نار لظى
* * *

وله أيضا
غابت الزهراء فإسود الفضا ودجا الحزن فلا صبح أضا
وأراع الدهر من يوم البتول فادح كادت له الشم تزول
فادح هد قوى الهادي الرسول وتداعى فيه ركن المرتضى
كم رأى الزهراء يهمي دمعها غير ما قد .............
قوضت عنه فأقوى ربعها فكأن المصطفى قد قوضا
محن الزهراء جلت ولها مشبه آخرها أولها
كيف نسلو الحزن فيها ولها ... تطوى على جمر الغضا
كم دهت نائحة نوح الحمام ما بدا ضوء وما جن ظلام


منتقى الدرر في النبي واله الغرر 47

لا تنام الليل والناس نيام من شجا جاء ومن أنس مضى
ظعن الهادي فجلت نكبته وبدا ................
بينها تقطع جهرا ..... وهي لا تعدوه سخطا ورضا
بضعة الهادي زهراء الهدى وأمان الله للناس غدا
...... فماتت كمدا بقوى هد ................
دفنت ليلا فلا صبح أضاء بل هوت حزنا على الأرض السماء
وغدا من رزئها الصبح مساء جن ليل الحزن وإسود الفضا
فإملأ الدهر عليها حسرة ... منها جهرة
ولما فيه رأت حيدرة ولميل الدهر عنه معرضا
يا لقومي بلغ ..... مناه فإستباح الجار من حامي حماه
كيف سيف الشرك قد فل شباه وهو سيف الله ذاك المنتضى
* * *


حرف العين

كان لصاحب الديوان صاحب من الأفاضل وهو الشيخ عبدالحسين الإيرواني «قد سره» وهو مختص به فساله المآخاة معه فقال له من أنا ؟ ومن أكون أنا لا أعتمد على نفسي كيف أنفع غيري يوم القيامة قال لابد من ذلك والح عليه فأجابه وأنشأ صيغة الأخوة في اليوم المعين ولكنه قدم الإمام المهدي (عج) الى مستعينا به ومستغيثا ومتوسلا الى الله بالنبي (ص) وأهل بيته الى الإمام العسكري (ع) وصاغ هذه القصيدة العينية وذكر بها شيخ عبدالحسين وذكر الأئمة واحدا واحدا بها وذكر أماكن قبورهم وتعرض بها لقصة يوم الغدير في مدح أمير المؤمنين (ع) وختمها بذكر الإمام المهدي (ع) وآخاه جماعة منهم الفاضل الشيخ علي مانع والحاج عبدالرضا بن علي باقر الدباغ وحاج عبدالرسول البحراني وهؤلاء دخلوا عليه في مرضه عوادا قبل موته فجددوا الأخوة معه . قال :

منتقى الدرر في النبي واله الغرر 48

يضيق صدري ولكن فيك متسع بهمة فوق هام النجم يرتفع
يامن يعود بشمل الدين مجتمعا متى اراك وشمل الدين مجتمع
شنئت فيك أناسا ما نسيت لهم ولا لآبائهم في الدين ما إبتدعوا
الجامعين جموع الحقد في طلب الــ ـدنيا ففرق شمل الدين ما جمعوا
أضام والصبر الا عنك متصل فيهم وودي الا فيك منقطع
يغأبن الكرام سرى يقتاد عبدكم عبدالحسين الى معروفك الطمع
قدام مغناكم من دهره فزعا يامن لدى الحشر فيهم يؤمن الفزع
فليس يحذر منه هول حادثة وأنه بك في الأهوال يدرع
فإمنن علي فدتك النفس منعطفا أني ومجدك لا ولعا بكم ولع
ما ذلني لسوى نعماكم طمع ولا عراني الا فيكم الجزع
إني وإن كنت ممن لست تقبله لأنني لست من ينهى فيرتدع
لكن أقدم خير الأنبياء وأن تقدموه فهم طرا له تبع
واله من أقاموا طوع بارئهم إن شاء شاؤا إختيارا أو يدع يدعوا
أني اخيب وهم أقصى الورى كرما أن الكريم بأدنى الخدع ينخدع
بالمصطفى وأخيه المرتضى وهما في كل شرعة رشد للورى شرع
بفاطم وحبيبي قلبها حسن والمستضام حسين بل بما جرعوا
وزان زين عباد الله خالقهم بالحلم حيث يطيش الحلم والورع
بحلمه هب له حلما وبث له بالباقر العلم علما فيه ينتفع
وصدقن بحليف الصدق صادقكم بالفعل قولي فقولي ثم يستمع
بالكاظم الغيظ زدني في الورى ورعا كي أجرع الغيظ إذ لا تحتسى الجرع
وبالرضا قانعا أرضا بما قسم الــ ـباري من العيش لي مثل الأولى قنعوا
وإجعل فديتك جودا فالجواد بدا كمستهل الحيا في الله تنهمع
يابن الهداة أهدني بالندب هاديكم نهج الهدى فهو النهج الذي شرعوا
هب لي حجى بأبيك العسكري وما قاسى لما منه صم الصخر ينصدع


منتقى الدرر في النبي واله الغرر 49

يابن الأولى كان صبح الكائنات دجى لولم يشع به من نورهم سطعوا
الراسخين حلوما لا يخالطهم الا لبارئهم وهن ولا خنع
والمقدمين وأسد الحرب محجمة وللسيوف بهام الشوس مقترع
فعم الأكف ندى سفن النجاة غدا فلا نجاة غدا الا لمن شفعوا
كأنما القوم من أم الحيا ولدوا يوم السماح ومن ضرع الوغى رضعوا
ترى كرام البرايا كل مكرمة وتقفو بها سابقيها وهي تبتدع
مضوا بسنة خير الرسل وإجتنبوا الــ ـدنيا وكان عليها أهلها إجتمعوا
ولا يزال البي الشهم يلفظ ما يدنوا غليه الدني النذل واللكع
والليث يأكل ما قد كان مفترسا ويستلذ بأكل الميتة الضبع
تصدى سيوف الهدى هجرا ولست لها تجلو الصدا يا حساما ما به طبع
أثر قتام العوادي للضلال فقد ثارت لشيعتكم من ضغنه شيع
بكل أشوس ثبت الجاش عمته عن شأوها النسر من جو السما يقع
ولا تقيمن عضبا أو يرى وله ظهر أجب وأنف فيه يجتدع
ولست أنبئك عن أهليك ما صنع الـ أعداء فيهم فما أدراك ما صنعوا
فالمرتضى من على أدنى مودته للناس ما خلقت نار لو إجتمعوا
هو القسيم لها وهو المطاع غدا إن شاء قال خذوا أو شاء قال دعوا
وكان بالرغم من قوم وإن قطعوا وصل النبي بما من وصله قطعوا
القى على الناس طرا فرض طاعته يوم الغدير ورحب الأرض مجتمع
قال إسمعوا لعلي ما يقول وفي يوم (السقيفة ) ناداهم فما سمعوا
در الأولى منعوا ...... بها أبيح من حرمة الهادي بما إبتدعوا
ومن تقطع قلب المجتبى حسن بسمهم قطعا قلب الهدى قطعوا
ومن حسين على وجه الثرى تركوا جسما ورأسا على رأس القنا رفعوا
ساق الضلال اليهم من عواصفه هوجاء منها الجبال الشم تقتلع
شتى مصارعهم في كل ناحية أرض حوت ذا وذا أرض فما جمعوا


منتقى الدرر في النبي واله الغرر 50

ففي الغري لها الطود الأشم هوى وفي ثرى الطف منها معشر صرعوا
وأصبحت أرض بغداد بكم شرفا على نجوم السما تسمو وترتفع
حوت محيين من بدري هدى بهما يستمطر الغيث حيث الغيث ممتنع
وروضة الخلد سامراء مزهرة بالهاديين ففيها الهم ينقشع
يحمى النزيل حماها وهي ما قصدت مأوى وأربعها في الجدب مرتبع
وطاب من طيبة مر النسيم بهم وأن دهى العيش مما نالهم هلع
قد حازت الفخر كل الفخر إن وسعت من مجدها الدهر منه البعض لا يسع
أودى بها الخسف أقمارا يضسء بها أفق الهدى وظلام الليل ينصدع
وطوع أيدي النوى مولى بطوس ثوى من كل مولى له في القلب مضطجع
أقامه الله فيها للهدى علما تنمى اليه المزايا كلها جمع
جد الطغاة وراموا محو فضلكم هيهات ما يرفع الباري فمن يضع
جدوا وجدك في تبديل سنته حتى تفاقم فيها الجور والبدع
فإرع الهدى حاميا يا ليث غابته منه الهدى حيث يحمي غابه السبع
* * *


وله أيضا
نادى منادي الردى لو كنت تسمعه لكنت تفزع فيمن كان يفزعه
أو كنت لو قلت أني منه مرتدع فمن غدا عن قبيح الفعل يردعه
حتى م تغضي لقد القى بكلكله وما صنعت له ما رمت تصنعه
يقتاده ملك تعنوا الملوك له ولا الجفون إذا ما جاء تدفعه
لد عجبت وهل ينفك من عجب من غص منظره نكرا ومسمعه
يروح نشوان من خمر الهوى ثملا من سوف يغدو وكأس الموت يجرعه
حتى إذا ذهبت أيدي الحمام به وعاد من شخصه صفرا مشيعه
حفت بمنزله المراث وإجتمعت ففرقت منه مالا كان يجمعه
هلا يرى البطش من ذي العرش يزجره من كان في العفو منه الحلم يطمعه
ما آن أن يتردى للتقى حللا تضفو عليه وثوب البغي يخلعه


منتقى الدرر في النبي واله الغرر 51

يكون لا كان في الحياء إن عصفت هوج المنية طودا لا تزعزعه
يا قاضي العمر تسويفا لكل فتى حوادث من صروف الدهر تمنعه
بادر بيومك أعمالا تقيك غدا فالمرء يحصد ما قد كان يزرعه
فما حفظت من الأخرى وأنت لها خلقت والدين في الدنيا تضيعه
بلى بلى أنها الدنيا إذا برزت تردي الكمي وليث الغاب تشرعه
غرارة لم تزل تغري بزخرفها مضلة كل ذي جهل وتولعه
فأنها وهي مزراة غضارتها والنفس أمارة بالسوء تخدعه
بل إنما هي مثل الأيم لينة مساً ونافثة سما وتلسعه
وكيف يأنس ان يمشي بها مرحا من طائر الموت أنى فر يسفعه
والدهر يلقي عليه من قوارعه ما ليس في حربها الأبطال تقرعه
فكم ذليل به قد عز جانبه وهو الجدير بأن الدهر يقمعه
وكم أشم رفيع الشلأو أنزله الى الحضيض وهام النجم موضعه
قد ذل من ذل للدنيا وعز فتى يكون لله في الدنيا تشرعه
كم ثار لي من بنيها كا ذي حنق لم يزك مولده يوما ومرضعه
وظل يضمر من فضلي ويظهر لي من كامن الحقد ما جنته أضلعه
والله قد سامهم بالخفض إذ نصبوا كيدا الى وضع عبد شاء يرفعه
يرسوا الفتى طود حلم لا يحركه للدهر ريب ولا خطب يضعضعه
فليتخذ إن أراد المرء فيه أخا من كان في البؤس والضراء ينفعه
وليلقين نكبات الدهر مفرغة عليه من سابغات الصبر أدرعه
تأتي الخطوب وإن جلت فوادحها فليس الا رزايا الطف تجرعه
يسلو الرزايا ومن دون السلو لها خرط القتاد ومنه الشوك مضجعه
يوما يرى الملة البيضاء يدركها غوث الهدى عضبه الماضي سميدعه
تهب من حول ذاك القطب شماله عن القلوب غمام الغم تقشعه


منتقى الدرر في النبي واله الغرر 52

فينقضي وهو سيف الله منتقما للدين حبل وريد الكفر يقطعه
يدعو به يالثارات الحسين فقد قضى غريبا وأقوى منه مربعه
غيران يأتي على حرب يجرعها للحتف أضعاف ما كانت تجرعه
كم إرتوت بيضها والسمر من دمه حتى ثوى بينها شلوا توزعه
أمته بالسلب حتى إبتز خاتمه ومثلت فيه حتى حز إصبعه
والجسم منه على البوغاء تتركه والراس منه برأس الرمح ترفعه
كأنه مشرق والشمس كاسفة وأفقها مظلم لولا تشعشعه
تاج يميل به لدن القنا ملكا أو بدر تم سنان الرمح مطلعه
وإن ثغرا رسول الله يلثمه بالخيزرانة ذاك الرجس يقرعه
وأفضع الخطب من يوم أطل به على الهدى من عظيم الرزء أفضعه
سبي الفواطم بين القوم حاسرة تطوي الفيافي بها في السير ضلعه
بمدمع مثل صوب المزن تسكبه الـ ـجلى وقلب لهيب الوجد يلذعه
تحيي الرياض بدمع العين منهملا لو لم تكن زفرات القلب تتبعه
وقد تركن قتيل الطف وه لقى معفر الجسم في الرمضا مبعضه
يا لهفة القلب لو يجدي تلهفه لقلب زينب إذ جاءت تودعه
تدعو بصوت يكاد الأرض يخسفها والشم ينسفها والصخر يصدعه
يا غائبا كان فيه الشمل مجتمعا من بعد بعدك ذاك الشمل يجمعه
وحامي الجار إن جار الزمان لقد أبيح بعدك خدر كنت تمنعه
عطفا علي فلي جسم رزيتكم توهي قواه ولي قلب تقطعه
وحل بي ما دهى السجاد من محن لو بعضها حل راسي الشم تقلعه
أضحى ويا عميت عيني ولم تره بين السبايا يد البلوى تتعته
فأن وهو سقيم الجسم شاحبه وحن وهو كئيب القلب موجعه
ويستمد دم الأحشاء ذائبة إن جف من هملان الدمع مدمعه


منتقى الدرر في النبي واله الغرر 53

يا سوءة الدهر من يوم يسر به شر الأنام وخير الرسل يفجعه
ووقعة يمحاني الطف كان لها في الدين يوم دهى الأيام موقعه
وأي يوم هوى فيه إبن فاطمة عن الجواد فكاد العرش يتبعه
نفس فداه ومن لي أن أكون به فداء من كان دون الدين مصرعه
فليحزن الدهر وليجر الدموع دما رزء به المصطفى تنهل أدمعه
وفاطم فيه ثكلى والوصي به تطوى على جمرات الوجد أضلعه
رزء له قامت الأملاك معولة وعج بالنوح فيه الكون أجمعه
* * *

وله أيضا
أمر الله عبده أن يطيعا ودعاه فلا يجيب سميعا
لا رعى الله عبد سوء لديه حق مولاه غير يوم أضيعا
كنت يا أيها المصعر خدّ يــه ترابا فلم رفعت وضيعا
كيف عاندت عاصيا من له قد عنت الأرض والسماء خضوعا
أَ رَكونا ــ وأنت فان ـ لدنيا جانبتها ذوو العقول نزوعا
إنما هذه الحياة غرور كيف تغتر بالحياة ولوعا
عز من كف بالقناعة عنها أن في الحرص لو علمت القنوعا
فالحذار الحذار من حمة النفس لئلا تكون فيها لسيعا
حسبك النوم فإنتبه لا عداك اللوم بل فإشتمل به تقريعا
كم ترى المتقين والليل داج أسفروا فيه سجدا وركوعا
وصياما هواجر الصيف يذوون شفاها ظما ويطوون جوعا
لم يقروا وفي قنا الحق زيغ وبركن الهدى يرون صدوعا
هجروا الدهر فيه يبغون منه وصل ما كان في الورى مقطوعا
طبع الدهر في الأنام بأن لا يحمد الدهر في الكرام صنيعا
كيف يزكو دهر غدا لإبن هند وهو شر الأنام عبدا مطيعا


السابق السابق الفهرس التالي التالي