منتقى الدرر في النبي واله الغرر 54

جاد صنعا لذلك الرجس حتى قلد المسلمين سيفا صنيعا
فإنثنى موقعا يثارات بدر وقعة بالطفوف جلت وقوعا
فشفى الحقد في بني الوحي حى إكتال منهم بذلك الصاع صوعا
ياإبن كهف الضلال والغي كان الــ ـكفر أصلا لكم وكنتم فروعا
طالما أحسن النبي اليكم فشحنتم له الصدور شنوعا
وعدوتم عدو الدبا لبنيه زمرا تملأ الفضاء جموعا
فنحوا حومة الوغى بقلوب أفرغوها على الجسوم دروعا
ووجوه مثل البدور أضاءت دونها الشمس رفعة ونصوعا
شاب رأسي لرزئهم غير شيب خضبوا والخضاب كان نجيعا
ذهبت فيهم المنون وأخلى الــ ـبين منهم منازلا وربوعا
بأبي الظاعنين حلوا وكاء الــ ـعين بالدوع يوم شدوا النسوعا
ظعنوا للعلى وبالطف حلوا ولهم موقف والقنا توزيعا
ورأيت الحسين بين الأعادي وهو فرد رأيت خطبا فظيعا
وترى حين ودعته نساه أن في العيش للهنا توديعا
وسطى سطوة الهزبر علي ساطع النور في الغبار سطوعا
فغدا ممطرا به سحب الهــ ـام بعضب كالبرق يهوي لموعا
هو ماضي الشبا كأن شباه كان من حد عزمه مطبوعا
ما ثنى قط ذلك الفرد جمع ضاق فيه الفضا وكان وسيعا
إنما شاقه الحبيب فالوى ودعاه القضا فلبى سريعا
فأريشت له السهام فأودى فيه سهم الردى فخر صريعا
وأريعت بناته وإستبيح الــ ـخدر منها وكان منيعا
فزعت من خدورها هائمات أرأيت القطا من الوكر ريعا
طلعت كالنجوم بعد بدور غربت في الثرى ولات طلوعا


منتقى الدرر في النبي واله الغرر 55

جزرت في الصعيد جزر الأضاحي صادعا شملها الحمام صدوعا
ظعنوا بالندى فأقفرن منهم أربع للعفاة كانت ربيعا
تركت منهم المنايا سقيما ضجعت عنده الرزايا ضجوعا
حملته يد النوائب ما لو حملته الجبال لن تستطيعا
كم ثنى طرفه فلم ير الا جسدا عافرا ورأسا قطيعا
وخباً مظرما وربة خدر برزت دهشة وطفلا مروعا
ورأى لوعة لو البعض منها في الصفا عاد قلبه مصدوعا
أي جسم رآه للنبل منصو.. ..بــاً ورأسٍ على القنا مرفوعا
وبتمييزه عن الجسم حال نازعته فؤاده الموجوعا
ينشر الدمع منه من زفرات الــ ـوجد مما عليه يطوي الضلوعا
قد أفنا الا السلو برزء تهجر العين فيه الا الدموعا
هد ركن الهدى وأبكى المعالي فادح غادر الصبور جزوعا
ورزايا كأنها في الرزايا حيث كانت في الدهر كانت بديعا
ليتني كنت لو يفيد التمني لك في القبر يا حسين ضجيعا
فاتني سوق ذلك اليوم مبتـا.. ..عـا به الخلد بالحياة مبيعا
فسأبكيك والبكا غير مجد لو جرى ذائب الفؤاد دموعا
كيف تقضي ظما ولو شئت فجرت ــ فيجري من الصفا ــ ينبوعا
يا رفيع الذرى وإن جهد الــ ـكفر على وضعه فكان الرفيعا
أنا عبد ولست أول عبد لك فيما أمرت ليس مطيعا
لست أخشى وإن تفاقم ذنبي هول يوم تكون فيه الشفيعا


منتقى الدرر في النبي واله الغرر 56

وله أيضا في الخمسة أهل العباء عليهم السلام :
لأمارة بالسوء أنت مطيعها جرائم يوم الحشر لا تستطيعها
تطير كما طارت بقادمة الهوى ووكرك من ديمومة البغي ريعها
هي النفس فإحذر نفثة النفس إنما هي الأيم لكن ليس يرقى لسيعها
إذا اشرعت منها الأسنة لا تقي ــ إذا أدرعت منها الكماة ــ دروعها
أعيذك إن شبت لحربك نارها وما خمدت الا وأنت صريعها
لقد شمرت للحرب والحرب خدعة يغال فيبتز الحياة خديعها
أتغضي وقد أسررت كل قبيحة وتفضي لأسرار الهدى فتذيعها
الم تك راعتك المايا بريبها فإن المنايا لا يقر مروعها
يرى المرء في الدنيا من النفس قانعا بما فيه في الأخرى يكون قنوعها
وما مر منه إذ بغت غير مرة بها مرة من زجرها ما يروعها
الا ينتهي عن غيها قبل موتها أفي النزع منه عنه يلفى نزوعها
أيرجى وقد راع المشيب شبابها بمر الليالي الذاهبات رجوعها
فهلا عدمت الرشد أيقظت جفنها لقارعة يجفو الرقاد قريعها
قد أضطجعت ريانة الجفن في الكرى وتعلم أن الحتف فيه ضجيعها
فضعها لتسمو الدهر عزا ولا يكن الى غير جبار السماء خضوعها
فتمنع من تلك العناية وصلها وتصرف عنها والخليع خليعها
لعمري شرى الأخرى بدينا دنية وجاوز حد المشتري من يبيعها
أعادت بنيها وهي أقصر عاية يطاول ذا المجد الرفيع وضيعها
وهاج لها هوج على دوحة الهدى فعاد هشيما أصلها وفروعها
لقد ساخ من تلك الرواسي أشمها وثلم من تلك المواضي صنيعها
وخف الكرام الصيد من حي غالب فأقوت برغم المكرمات ربوعها
تسائلها الوفاد خلوا ومالها جواب من الصداء الا رجيعها
لقد قطعت فج النوى برحالها رواحل أحداق المعالي قطوعها


منتقى الدرر في النبي واله الغرر 57

وقد حال من أجفان فهر وكاؤها صبيحة للترحال شدت نسوعها
قضى المصطفى نحبا ومن قبل دفنه دهى الدين من دهم الخطوب فظيعها
هي الوقعة العظنمى أطلت على الهدى فهد قوى الهادي النبي وقوعها
أطلت فأبدت بدعة كل بدعة أتت بعدها في الدين فهي بديعها
فكرت على الكرار ليثا تقحمت عرينته حتى أستبيح منيعها
عزيز على خير النبيين أن يرى عليا يرى الزهراء تهمى دموعها
عزيز عليه أن يرى مثل ما رأى وقد غص شجوا يوم (كسر ضلوعها)
وغيب منها الحتف شمس هداية تحندس أفق الدهر لولا طلوعها
فلا هجعت للدهر عين وقلبها ذكا وجده والعين بان هجوعها
تضام إبنة الهادي (ويغصب إرثها) فتحصد في سيف إبن هند زروعها
سعا ببنيها البغي في ولد فاطم ففي حسن قد جل قبح صنيعها
فسالم من لم يعطي لله سلمه ووادع قوما كان نقضا وديعها
وما كان عن وهم ولكن حفيظة وحفظ نفوس رام رجس يضيعها
وقد غيل من سم إبن صخر بجرعة يفض حشا الصخر الأصم نقيعها
لقد جد من قوم لحا الله جدهم على بعده عن خير جد شنيعها
حبيب وإن ينئى وريحانة له على الرغم منهم كل أرض تضوعها
يمينا لقد طابت فما المسك طيبة به بقعة لما حواه بقيعها
ونوزع في الأمرين أنزع غالب وشاسع أعلى دورها ونزيعها
حسين فلا أخضرت بلاد وقد نأى وأوحش منه الربع وهو ربيعها
لقد غاب عنها ذلك البدر غيبة أقر بعينيها السهاد نسوعها
سرى بالوجوه البيض ناصعة السنا جلا غلس الليل الدجي نصوعها
بني المجد فتيان الكريهة لم تزل تتبعها والمشرفي تبيعها
لقد طاولت بالغم شامخ مجدكم عدى قصرت الا عن الغي بوعها
أحقا بنو حرب يشب لحربكم من الحقد ما تخفي ويبدو شنوعها


منتقى الدرر في النبي واله الغرر 58

فتشمخ آنافا وتستل شفرة من البغي أنف العز منكم جديعها
لقد هبعت ينزو بها الغي كالدبا يروع الهدى من كل فج هبوعها
وثارت بها أحقاد بدر فجلجلت بهيعوعة تكبو بها الشوس هوعها
فوافت لحرب إبن النبي ببعضها رحاب الفلا غصت وضاق وسيعها
ومذ شمرت للحرب مشرعة القنا ثنى الخيل طلاع الثنايا شريعها
بأبطال حرب شب فيها وليدهم عن الطود فردا لم ترعه جموعها
أكانت متون الصافنات مهودها أجل ويناغي بالصهيل رضيعها
تحلى بمر الطعن ما در ضرعها إذا ما رأته الشوس وهو ضريعها
ترى النقع تهوي فيه بيض سيوفهم حنادس ليل جن وهي شموعها
هزبر كأن الجمع يثني رعاله إذا كر شاء فر منها قطيعها
ولما رأت منه المشيئة إذ جرت بما أمرته خير عبد يطيعها
دعته الى الأخرى فالوى مبادر الـ إجابة للداعي ولبى سريعها
عوى طود عز صدعته ملمة الم بشم الراسيات صدوعها
هوى فالصلاد الصم تنبع عينها عليه دما ينبوع عين نبوعها
هوى صيبا يحيي به عاطش الثرى فصوح مرعاها وجف مريعها
هوى من به فهر تبذخ عزها فذلت طلا فهر ودق وسيعها
هوى من لها كان الذريعة للعلى الا ضاق ذرعا وإستفز ذريعها
فطولي نجادا يا سيوف أمية فغمدك من أجياد فهر تليعها
فشلت يد الموت لويا وثلمت حدود ظباً رأسى الحسين قطيعها
قد إسود وجه الدهر حتى كأنه دجى ليلة ليلاء وهو صديعها
وأعظم ما يوهي القوى من ذوي الحجى ويثني رزين الصبر وهو هلوعها
بنات بني الوحي الرفيع حجابها به (أزهى ) شر الورى ووضيعها
وذات حداد سامها الشكل صفرة يبين بها لولا الحداد فقوعها
وهي قلبها منها خفوقا كأنه خوافي قطاة الجون صقر يريعها


منتقى الدرر في النبي واله الغرر 59

وأخلصها عظم المصاب فلم يبن فيعرف منها الشكل الا دموعها
وسيقت على الأنضاء تطوي ضلوعها على الوجد يطوي البيد فيها ضليعها
بأفئدة قد روعت بأحبة يساورها من بينهم ما يلوعها
قضيت عطشا في ضفة النهر وردها الا غاض لما فاض فيه نجيعها
فلا جانبت جنب الشريعة ديمة ولا ساغ للوراد يوما شروعها
ولا عذبت ما خلد الدهر منهلا وقد شيب منهم بالنجيع نجوعها
لتبك نجوم الأفق أقمار هالة شئنى شنؤها فإنحط عنه رفيعها
وأنوار قدس حيث لا نور تنجلي به ظلم الستار الا سطوعها
ولم لا هوت حزنا لقوم نعالها بمفرقها فخرا تشد شسوعها
فلا هجعت في الجدب عين غمامة بمن فيه يستسقى هناك هجوعها
تشب ليوم الطف نار رزية بقلب المعالي شاب منها رضيعها
لقد سطعت منها على الدين غبرة يحيل بياض المشرقين سطوعها
فليس يذم الصبر الا بمثلها ويحمد في الأرزاء الا جزوعها
على مثلها فلتذهب النفس حسرة وأيسر شيء من مطيع مطوعها
المت بقطب الكائنات جميعها فعجت ولا يشفي الغليل جميعها
بدا يوم دكت للإمامة طودها على رغم أشياع الضلال شيوعها
أبا حسن إني بودك مولع ويا ويح نفس في سواك ولوعها
هو السر في نفسي إذا النفس في غد سريرتها تبلى ويبدو شنوعها
فغوثك يا كهف الأنام وغوثها إذا صم في يوم التنادي سميعها
ولم تك نفس فيه ترجى شفاعة فتحظى بها الا وأنت شفيعها


منتقى الدرر في النبي واله الغرر 60

حرف الفاء

وله أيضا في رثاء الحسين عليه السلام:
كورت شمس الهدى يوم الطفوف وتوارى نورها تحت السيوف
وربوع الدين من ال نزار نعب البين بها فهي بوار
دور مجدكم بها عز الجوار ولكم آوى لمغناها الضيوف
قف بها ننشر في صوب الدموع كم لهيب الوجد ما تطوي الضلوع
كم عهدنا لا عفت تلك الربوع كعبة للوفد مأوى للمخوف
أين يادار سرت تلك الظعون ومتى منها ذوت تلك الغصون
وإستبيحت بعدها تلك الحصون فغدت نهب الرزايا والصروف
أين أسد الله عن غاباتها وغيوث الجدب عن ساحاتها
وكماة الحرب عن غاراتها أين سادات الورى شم الأنوف
فتراهم يوم حلوا كربلاء كبدور سطعت وهي سماء
تعس الدهر فكم فيهم أضاء كيف القاهم الى أيدي الخسوف
هد أركان الهدى خطب عرا حين جسم السبط أضحى بالعرا
ويح ذاك الرجس شمر ما درى لمن الجسم برمضاء الطفوف
لمن الجسم برمضاء الطفوف وزعته السمر والبيض السيوف
بأبي الثاوي سليبا بالعرا وظأته الخيل صدرا وقرى
وكسته البيض بردا أحمرا فللت قد سودت وجه السيوف
ليدم ليل فلا يبدو صباح ولينح حزنا وهل يجدي المناح
وبرأس السبط طافوا بالرماح رأس من أضحى به الشمر يطوف
هو نور الله ما بين الرؤوس سطعت من نوره فهي شموس
بل هو القرآن في أيدي المجوس ضربوا قسرا بجنبيه الدفوف
كيف هذي الأرض قرت وإستقام بعد يا لله للدهر نظام
ما لأهل الدين هل كانوا نيام فليموتوا ذهب البر العطوف
حق أن أبكي ولا يجدي البكاء لو بكت عيني صباحا ومساء
ليتني في كربلا كنت الفداء أحتسي من دونه كأس الحتوف
قل أن تهمي له العين دما ويقام الدهر فيه مأتما


منتقى الدرر في النبي واله الغرر 61

فادح كادت له تهوي السما جزعا والأرض هما بالخسوف
يا حبيب السادة الصيد القرون علم ما كن لديهم ويكون
عميت أن لم تكن تهمي العيون لك دمعا من دم القلب ذروف
* * *


حرف اللام

للقصيدة التالية قصة منتزعة من عالم الأحلام . يرويها الشيخ حسن سبتي نجل الناظم عن السيد هادي حبوبي عن نفس الناظم وهي أن رجلا من طلاب العلم من الإيرانيين إتصل به وطلب منه هذه القصيدة ليرسلها الى صاحب له من علماء إيران كتب له أنه رأى حلما في المنام كأنه دخل الجنة وحضر مجلسا حسينيا أقيم فيها يتصدره النبي (ص) وقد نادى النبي (ص) الشيخ كاظم سبتي (ره) وأمره أن يقرأ في رثاء الحسين فقرأ ثم أمره أن يقرأ نوحية أهل الجنة (لمن الرأس على رمح طويل مال والعرش له طاد يميل) . والجدير بالذكر أن هذا العالم لم يكن يعرف الشيخ كاظم ولم يسمع بالنوحية سابقا .
لمن الرأس على رمح طويل مال والعرش له كاد يميل
ولمن من حوله تلك الرؤوس كمصابيح تجلت وشموس
يا له يوم سرت يوما عبوس جل فغهتز له عرش الجليل
يا له يوم به الجن بكت لدماء فيه هدرا سفكت
كم به ربة خدر هتكت وسرت للسبي من غير كفيل
لمن الأطفال صرعى كالنجوم ولمن فوق الثرى تلك الجسوم
حولها تجثو نساء وتقوم تملأ البيداء نوحا وعويل
ولمن أطناب خدر وخيام هتكت وإنتهبت بين اللئام
ولمن ظعن سرى ينحو الشئام ولمن هذي السبايا والعليل
آه والهفي على زين العباد وهو بين القوم في حبل يقاد


منتقى الدرر في النبي واله الغرر 63

سيروه من بلاد لبلاد مستظاما ناحل الجسم عليل
بأبي من علم الدهر الأبا كيف أضحى يشتكي ذل السبا
عجبا والدهر يبدي العجبا كيف يستاق أخو الغر ذليل
حق لي أن أسكب الدمع الهمول كيف لا أبكي لم أبكى الرسول
ولم أشجى عليا والبتول ولمن ناح عليه جبرئيل
لست أنسى إذ غدت تعدو الخيول فوق أشلاء حسين وتجول
لهف نفسي لجديل في الرمول ليت أني دونه كنت الجديل
بأبي من جسمه فوق الصعيد وغدا في رأسه الرمح يميد
ثم ساق إبن زياد ليزيد اله يسري بهم سير ذميل
* * *

وله أيضا في رثاء الزهراء عليها السلام :
يا دموع العين جودي بالهمول من دم الأحشاء في رزء البتول
يا دموع العين باري الديما وأسكبي من ذائب القلب دما
قل لو أفنيت دهري مأتما لمصاب فادح أشجى الرسول
ويك يا نفس إخلعي ثوب الأسى وإكتسي دهرك أبراد الأسى
وإبك حزنا لإبنة الهادي عسى لاعج الوجد وهيهات تزول
بأبي الزهراء لما إستوحشت لأبيها ببكاها أجهشت
فلكم قاست رزايا أدهشت فإستخفت دون أدناها العقول
أي خطب فادح أثكلها وعظيم هائل أذهلها
إن يوم المصطفى حملها محنا عن بعضها الشم تزول
إن من مد لها الخطب يدا فرمى للحتف منها أحمدا
فقدت قلبا فناحت جسدا شف حتى كاد يخفيه النحول
كم دعت هاتفة تحت الظلام فحكت في نوحها نو الحمام
أبت العيش فأهوت للحمام مثلما تجنح شمس للأفول
قضت الزهراء فالخطب جليل ووهى صبري فالحزن طويل


منتقى الدرر في النبي واله الغرر 63

فلها نوحي ولا يشفى الغليل أبدا الدهر وإن طال يطول
كانت الزهراء في الليل سراج فلماذا الحدت والليل داج
لا رأى في روضه الدهر إبتهاج إذ رماها وهي غصن بالذبول
* * *

وله أيضا في رثاء الحسين عليه السلام :
وردنا كربلاء فأورثتنا كروبا لا توازنها الجبال
ومذ آوت اليها العيس قلنا هنا حلي فليس لك إرتحال
رست مثل الرواسي يوم القت بكلكلها وليس لها عقال
تحن كأنها في يوم خمس تهيج رها لورد الماء حال
فعفرنا الجسوم على ثراها لأجسام تكفنها الرمال
وطأطأنا رؤوسا إذ ذكرنا رؤوسا بالرماح بها تشال
وجددنا العزا وصلا لرهط بهم قطعت من الهادي حبال
وحرمنا السلو على قتيل عليه حرم الماء الحلال
فيا لهفي وما لهفي بمجد عليه إذ تناهبه النصال
فلا جالت بيوم الحرب خيل على صدر الحسين لها مجال
بنعليه علي وطأن الثريا فكيف يناله منها النعال
* * *

وقال يرثي مسلم بن عقيل عليه الصلاة والسلام:
إن رمت خير حمى وخير مقيل فإعقل بمثوى مسلم بن عقيل
مثوى تعالى الله أعلى شأوه عن أن يرام موازنا بعديل
مثوى يما شهب السما لضريحه يرنو الضراح علي بطرف كليل
أين الثريا من ثراه ولم تكن بجديرة باللثم والتقبيل
ويود قلبي أن أحل به وإن زادت لواعجه وقل حلولي
لأبل حران الحشا كثبانه من صوب وكاف الدموع هطول
أبكي على ذاك القتيل ومن بكت عين الحسين له فأي قتيل
ما زلت أكتم لوعتي حتى إذا غلب الجوى برزت فقلت خليلي


منتقى الدرر في النبي واله الغرر 64

هل لي ولو لوث الإزارة وقفة فيه فإن بها شفاء غليلي
فغدا يعللني ومن خلق الهوى أن الفؤاد يطيب بالتعليل
مثوى تضمن للشهادة سيدا ساد الورى بالفضل والتفضيل
هو خيرة الله إصطفاه لدينه فأبان دين الله بعد خمول
والعروة الوثقى ومن وثق الهدى فيه فأرسله أبن خير رسول
ودعاه للأمر العظيم وعم بالـ ــفضل العميم وخص بالتبجيل
قد خف عنه خليفة فكأنما عبء الخلافة لم يكن بثقيل
حتى إذا ورد العراق وأقبلت زمر النفاق مثارة بذحول
غدرت به عصب الضلالة غدرة تسري أحاديثا بكل سبيل
ضلت فظلت بعده في حيرة لم تلف من هاد لها ودليل
ورعت رعاة لا رعاها الله قد رغبت بمرعى في الضلال وبيل
أمجشما غسق الدجى زيافة تطوي حزونا للفلا بسهول
يمم بها الطحاء من وادي منى وإدع الحسين برنة وعويل
وقل السلام عليك أسلم مسلم فردا لطعن قنى وقرع نصول
الله أكبر ما إستبيح بقتله من حرمة التكبير والتهليل
لكن يدهون لا رزيت بمثله ما كان من خطب دهاك مهول
أن أسلموه ما إنثنى حلف الإبا فأصيب يوم أصيب غير ذليل
يستقبل الهيجاء فيها أمره ماض بماضي الشفرتين صقيل
وكأنه في الدار حين ثناهم ضرغام غيل هائج من عيل
فرد يفر الجمع منه كأنما يغشى الكريهة مفردا بنبيل
حتى قضى حق العلى وجرى القضا بجموع حزب الشرك جري سيول
أردوه بالبيض الصفاح وأثخنوه بالجراح فخر خير جديل
قتلوه ظمآناوقد فعلوا به ما ليس يفعل قاتل بقتيل
صعدوا به قصر الإمارة نازلا للأرض حين رموه أي نزول


منتقى الدرر في النبي واله الغرر 65

فشفاهم ما قد جنوا وكفاهم لو أنهم كفوا عن التنكيل
سحبوه في الأسواق وهو مرمل بدم الشهادة أفضل الترميل
فليبكين المسلمون لمسلم ما كان أمثلهم له بمثيل
فأذل شيء في البرية ما له ونزيله منها أعز نزيل
ما خلت أن الدهر يطرق ريبه فيسوم أغصان الهدى بذبول
والمجد في (الجلى) يزلزل طوده والحق تجنح شمسه لأفول
يا خير راع ما رعته لا رعت شر الأنام الدهر غير محول
ما هنت فردا إذ مضيت وأقبلت يقفو الرعيل اليك إثر رعيل
من لي بنصرك ما هناك فأغتدي في خير ظل في الجنان ظليل
قصرت يدي عنه فلا ينفك في حزن وإن طال الزمان طويل
لا تأوين يا وفد منزل مسلم وأشدد رحالك مؤذنا برحيل
وأظعن طريد الدهر عنه فقد مضى من كان مأوى وافد ودخيل
ما كان في ربع الأماجد بعد ما رحلوا ليطمع وافد بنزول
صاح النفير به الغداة فلا ترى من آمل فيه ولا مأمول
ذهب البلى فيه فما أبقى له الا بقايا أرسم وطلول
يا من له شرف العلى من هاشم البطحاء لا من عامر وسلول
تفديك يا خير البرية صيدها لو كان يقنع منهم ببديل
فلقد جللت فجل رزؤك في الورى ويجل رزء يوم كل جليل
والصبر يجمل في الخطوب إذا دهت يوما وفيك الصبر غير جميل
أجملت من علياك في منظومة غراء ما تغني عن التفصيل
عذراء في حجب الضمير مصونة لكنها برزت بزي ثكول
فأطلت مدحك قاصرا عنه وإن طلن الورى من مقصر ومطيل
قلت بجنب الله وهي بفضله يعطي الكثر مجازيا بقليل
ما ضرني إن كنت لست بقابل والله يقبلها بحسن قبول


منتقى الدرر في النبي واله الغرر 66

يا من يمن على العصاة بفضله أمنن علي من العطا بجزيل
* * *

وله أيضا في رثاء الحسين عليه السلام :
عداك الحجى حتى متى أنت غافل الا تزمع الترحال فالموت نازل
فلم أدر لم تلهو فيأتيك بغتة تجاهلت فيه ويكل أم أنت جاهل
أخو الحزم من يال في ردع نفسه جهادا ولم يشغله عنذاك شاغل
أمتخذ الدنيا من العمر منزلا تزود الى الأخرى فإنك راحل
ويا من بنى فيها القصور إذا أتى لها هادم اللذات ما أنت فاعل
فأين فرار المرء من فتك أروع تحاماه في يوم اللقاء حجافل
ومزدلف يسري لكل سرية ويعدو عليها قاتلا لا يقتل
فما لك والدنيا ولو عمر ساعة تقر بها عينا فلا قر عاقل
وتلك ذوو الالباب خوف معادهم قد إرتعدت أعضاؤهم والمفاصل
وإن نفحة من نشر ذكرى حبيبهم تمر بهم ميل النزيف تمايلوا
يهيمون كالهيم الظما يوم خمسها تحن إذا عنت لهن المناهل
فما أمنوا الدنيا عليمين أنما نضارتها بحر له الغدر ساحل
أفي الحق أن يغتر ذو الدين عاكفا عليها وما فيها غرور وباطل
فكم وصفت بالجهل من هوعالم بها ورمت بالنقص من هو كامل
وحسبك منها أن ترى المرء عالما وما هو الا شر ما كان عامل
فكيف ترى الدنيا الدنية موطنا وما هي الا الظل والظل زائل
فكم أمة فيها خلت بعد أمة وكم رسل وافت وبثت رسائل
وكم وطأت هام الملوك بنعلها وغالت جميع الرسل منها الغوائل
وخيرتها لاقى وإن كان آخرا من الغدر ما لم تلق تلك الأوائل
وخلف فيها للنجاة سفينة ولكن بنوها وإبن نوح تشاكلوا
وقد حال من موج الضلالة بينها وبين الهدى ما ركنه منه مائل
أطاعوا بني حرب وزخفوا لنصرهم سراعا وعن ال النبي تثاقلوا


السابق السابق الفهرس التالي التالي