ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 23

(كان قد إجتهد في الفروع وألأصول ، وبرع في المعقول والمنقول ، مع مشاركة جيدة في ألأدب وسائر الفنون . فرأس فيها وأذعن له جميع معاصريه في ذلك وصارت الرحلة إليه من سائر ألأقطار وجدد دولتي العلم وألأدب ، وأحيا مآثر ألأسلاف وألأصحاب وخرّج جماعة من مشاهير العلماء وألأدباء وأثمرت سائر الفنون على عهده مما يقل نظيره في ألأدوار ألأخرى مضافا إلى ما إتفق في عهده من سخاء هذا العصر بكثير من ألأفاضل وألأماثل من معاصريه)(1).

ألقابه

لقِّب السيد بحر العلوم بعدة ألقاب أطلقها عليه معاصروه ومن ترجم حياته ، وكانت جميعها مستوحاة من سيرة حياته العلمية ، فقد لقب برئيس ألإمامية وشيخ مشايخهم (2)، وإمام العصر (3)، وعلاّمة دهره (4)، ومن أكثر ألقابه شيوعا بحر العلوم(5). وكان سبب حيازته على لقب بحر العلوم ، أنه عند سفره إلى خراسان لأخذ الحكمة على عالمها الفيلسوف السيد محمد مهدي ألأصفهاني لما طلب منه المترجم له أن يدرس عنده ، ولاحظ معلوماته الغزيرة فلقبه ببحر العلوم ، فشاع

(1) ألأمين ، أعيان الشيعة ، 48 / 166 .
(2) شبر ، أدب الطف ، 6 /51 .
(3) ألأمين ، أعيان الشيعة ، 48 / 165.
(4) القمي ، الكنى وألألقاب ، 2 / 67 .
(5) ألأمين ، أعيان الشيعة ، 48 / 164 ، السماوي ، الطليعة ، 2 / 363 ، الخاقاني ، شعراء الغري ، 12 / 133 ، القمي ، الكنى وألألقاب ، 2 / 67 ، ألأميني ، معجم رجال الفكر وألأدب ، ص 56 ، النوري ، خاتمة مستدرك وسائل الشيعة ، 3 / 383 ، التميمي ، مشهد ألإمام ، 3 / 38 ، البغدادي ، هدية العارفين ، 3 / 351 ، الشاهرودي ، المرجعية الدينية ، ص 97 ـ 99 ، شبر ، أدب الطف 6 / 51 .
ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 24

ذلك بين العلماء ووقع في نفوسهم موقع القبول (1).

شيوخه

درس السيد بحر العلوم قدس سره عند عدد غير قليل من العلماء ألأعلام في عصره ، المتخصصين في علم الفقه وألأصول والفلسفة والحديث ، أما بقية العلوم التي أثرت عنه فقد أخذها من المطالعة والبحث والتنقيب (2).
وذكر لنا مترجموه أسماء أساتذته وهم (3):
1 ـ السيد حسين بن ألأمير محمد إبراهيم بن محمد معصوم الحسيني القزويني ، المتوفى عام 1208 هـ .
2 ـ السيد حسين بن أبي القاسم جعفر الموسوي الخرانساري ، المتوفى عام 1191 هـ .
3 ـ السيد عبدالباقي الحسيني الخاتون آبادي ، المتوفى عام 1193 هـ .
4 ـ السيد عبدالنبي القزويني الكاظمي ، المتوفى عام 1212 هـ .
5 ـ الشيخ محمد باقر الهزارجريبي ، المتوفى عام 1205 هـ .
6 ـ الشيخ محمد باقر المعروف بالوحيد البهبهاني ، المتوفى عام 1205 هـ .
7 ـ الشيخ محمد تقي الدورقي ، المتوفى عام 1186 هـ .
8 ـ الشيخ محمد مهدي الفتوني العاملي ، المتوفى عام 1183 هـ .

(1) بحر العلوم ، مقدمة رجال السيد بحر العلوم ، 1 / 34 ، الخاقاني ، شعراء الغري ، 12 / 38 ، أغا بزرك ، مصفى المقال ، ص 467 ، ألأمين ، أعيان الشيعة ، 48 / 167 .
(2) بحر العلوم ، رجال السيد بحر العلوم ، 1 / 66 .
(3) بحر العلوم ، مقدمة رجال السيد بحر العلوم ، 1 / 66 ، ألأمين ، أعيان الشيعة ، 48 / 168 ، الخاقاني ، شعراء الغري ، 12 / 134 ، القمي ، الكنى وألألقاب ، 2 / 68 .
ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 25

9 ـ والده السيد مرتضى الطباطبائي ، المتوفى عام 1204 هـ .
10 ـ الشيخ يوسف البحراني ، المتوفى عام 1184 هـ .

تلامذته

تتلمذ على يد السيد بحر العلوم جماعة أصبحوا فيما بعد من جهابذة الفكر ألإمامي ، وسجل لنا السيد محمد صادق بحر العلوم قائمة طويلة بتلامذته و الراوين عنه ، وسنقتصر هنا على أهم تلامذته وهم (1) :
1 ـ الشيخ أحمد النراقي ، المتوفى عام 1245 هـ صاحب المستند .
2 ـ الشيخ أحمد حفيد الوحيد البهبهاني ، المتوفى عام 1235 هـ .
3 ـ الشيخ أبو علي الحائري ، المتوفى عام 1216 هـ ، صاحب كتاب منتهى المقال .
4 ـ الشيخ أسد ألله التستري ، المتوفى عام 1234 هـ ، صاحب كتاب المقابيس .
5 ـ الشيخ جعفر الكبير ، المتوفى عام 1228هـ صاحب كتاب كشف الغطاء .
6 ـ السيد صادق الفحام ، الشاعر المعروف المتوفى عام 1204 هـ ، وكان أستاذه (أي أستاذ السيد المهدي بحر العلوم قدس سره في ألأدب) .
7 ـ الشيخ شمس الدين بن جمال الدين البهبهاني ، المتوفى عام 1248 هـ ، صاحب كتاب الحواشي .
8 ـ السيد مير علي الطباطبائي ، المتوفى عام 1231 هـ ، صاحب كتاب

(1) للمزيد من المعلومات ، أنظر : بحر العلوم ، مقدمة كتاب رجال بحر العلوم ، 1 / 67 ـ 70 ، ألأمين ، أعيان الشيعة ، 48 / 169 ، القمي ، الكنى وألألقاب ، 2 / 68 ، الخاقاني ، شعراء الغري 12 / 138 ـ 140 .
ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 26

الرياض .
9 ـ السيد عبدالله شبر المتوفى عام 1242 هـ صاحب كتاب التفسير المعروف بتفسير شبر .
10 ـ الشيخ قاسم بن محمد آل محي الدين ، المتوفى عام 1237 هـ .
11 ـ السيد محمد جواد العاملي ، المتوفى عام 1226 هـ ، صاحب كتاب مفتاح الكرامة .
12 ـ الشيخ محمد مهدي النراقي ، المتوفى عام 1209 هـ .
13 ـ السيد محمد المجاهد ، المتوفى عام 1242 هـ ، صاحب كتاب المناهل .
14 ـ السيد محسن ألأعرجي الكاظمي (المقدس الكاظمي) ، المتوفى عام 1227 هـ ، صاحب كتاب المحصول .
15 ـ الشيخ محمد تقي ألأصفهاني ، المتوفى عام 1248 هـ ، صاحب كتاب الحاشية على المعالم .
16 ـ الشيخ محمد علي ألأعسم ، المتوفى عام 1233 هـ .
وكثيرا غيرهم يروون عنه بألإجازة .

أقوال العلماء فيه

إستأثرت شخصية السيد بحر العلوم قدس سره بإهتمام كبير لدى معاصريه ومن جاء بعدهم ، اضف إلى ذلك ما ذكر عنه في كتب التراجم والرجال ، ومن أرخ الحركة العلمية في مدينة النجف ألأشرف ، وذلك يعود لعدة أسباب يمكن تبيانها كالتالي :
1 ـ المكانة العلمية الكبيرة التي تمتع بها ، وهذا ما لاحظناه بصورة واضحة وجلية عند تتبع مسيرته العلمية، وما ذكره مترجموه عنه من جهة ألإجازات التي حاز عليها من أساتذته من جهة أخرى .

ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 27

فقد قال عنه أستاذه الوحيد البهبهاني قدس سره من إجازته له :
«.... وبعد ، فقد إستجازني الولد ألأعز ألأمجد الموفق المسدد ، والفطن ألأرشد والمحقق المدقق ألأسعد ، ولدي الروحي ، العالم الزكي ، والفاضل الذكي ، والمتتبع المطلع ألألمعي ، النجيب ألأيّد ، محمد مهدي ولد العالم الكامل الدين ، والسيد ألأنجب المتدين الفاضل المفدى ألأمير السيد مرتضى الطباطبائي ، ادام الله توفيقهما وتأييدهما ...»(2).
وقال عنه أستاذه العلامة الشيخ محمد باقر الهزارجريبي قدس سره :
«.... أما بعد فإن الولد ألأغر ، ألأجل ألأوحد ، والعالم العامل الكامل السيد السند ، المحقق المدقق ألألمعي ، والتقي النقي ، الذكي الزكي ، اللوذعي ، قدوة الفضلاء المتبحرين في زمانه ، وفريد في معانيه وبيانه ، المسدد المؤيد بالتأييد ألإلهي ، السيد محمد مهدي الطباطبائي ...»(2).
وقال عنه الشيخ النوري :
«.... وقد أذعن له جميع علماء عصره ومن تأخر عنه بعلو المقام ، والرياسة في العلوم النقلية والعقلية ، وسائر الكمالات النفسانية ...»(3).
وهذا ما أشار إليه الشيخ محمد السماوي بقوله :
«بحر العلوم الزخار بأمواج الفنون ، وسحاب الفضل الموار بالمحاسن والعيون »(4).
وكذلك السيد جواد شبر بقوله :

(1) بحر العلوم ، مقدمة كتاب رجال السيد بحر العلوم ، 1 / 43 ـ 44 .
(2) بحر العلوم ، مقدمة كتاب رجال السيد بحر العلوم ، 1/ 44 .
(3) ألأمين ، أعيان الشيعة ، 48 / 165 .
(4) السماوي الطليعة ، 2 / 363 .
ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 28

«رئيس ألإمامية وشيخ مشايخهم في عصره ، الملقب ببحر العلوم عن جدارة وإستحقاق ، لم تسمح ألأيام بمثله ، له الكرامات والمكاشفات وشهرته بالزهد والتقوى وألإخلاص والعبادة لا تحتاج إلى بيان ، وأسارير أنواره غنية عن البرهان ....»(1).
ومن خلال ما تقدم ، نلحظ المكانة الكبيرة التي حظي بها السيد بحر العلوم بين معاصريه ومن جاء بعده ، وهي لا شك لم تأت من عدم ، بل جاءت عن عمل وتفان من أجل خدمة العلم .
2 ـ الدور الكبير والجهود الحثيثة التي قام بها السيد بحر العلوم وأقطاب مدرسة النجف ألآخرون كالشيخ جعفر الكبير قدس سره في رفد الحركة الفكرية في النجف ألأشرف ، وعودتها إلى هذه المدينة كمركز أول «بعد أن عاشت زمانا وهي تتفاعل بتأثيرات المدرسة الفكرية في كربلاء »(2)، وقد أطلق على هذا الدور بـ «عصر الكمال العلمي»(3)، أو عصر النهضة العلمية لكثرة من نبغ فيه من الفحول الكبار والعلماء ، ولكثرة تهافت الناس على العلم فيه وإزدياد الطلاب (4).
ومن أهم الخطوات التي إتخذها السيد بحر العلوم حينما آلت إليه زعامة الجامعة النجفية ، تنظيمه للقضايا والمشاكل التي تقتضيها طبيعة المجتمع ، كما تقتضيها سيرة الزعامة الدينية في النجف ، فيحدثنا السيد محمد صادق بحر العلوم عن ذلك بقوله :
«فركز ـ بعد وفاة أستاذه الوحيد البهبهاني ـ تلميذه ألأكبر الحجة الشيخ جعفر

(1) شبر ، أدب الطف ، 6/ 51 .
(2) بحر العلوم ، الدراسة وتأريخها في النجف ، 2 / 78 .
(3) بحر العلوم ، الدراسة وتأريخها في النجف ، 2 / 78 .
(4) بحر العلوم ، الدراسة وتأريخها في النجف ، 2 / 79 .
ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 29

كاشف الغطاء للتقليد والفتوى حتى قيل ، أنه قدس سره أجاز لأهله وذويه تقليد الشيخ جعفر الكبير ، تمشيا مع التنظيم والتركيز ، وعين المقدس الحجة الشيخ حسين نجف للإمامة والمحراب ، فكان يقيم الجماعة في «جامع الهندي» ويؤمه الناس على إختلاف طبقاتهم ـ بإرشاد من السيد بحر العلوم ... وعين الحجة الثبت الشيخ شريف محيي الدين للقضاء والخصومات ، وحسم الدعاوى بين الناس ، فكان يرشد إليه في ذلك علما منه بمهارته في القضاء وتبثه بالدين ، وسعة صدره لتلقي الدعاوى والمخاصمات ، أما هو قدس سره فإضطلع بأعباء التدريس ، والزعامة الكبرى ، وإدارة شؤونها العامة والخاصة ، علما منه بما تحتاجه المرجعية الواسعة من صلة تامة بواقع الحياة ، وتوغل دقيق في شؤون المجتمع ، وإلمام كبير بعامة ألأمور الدينية والدنيوية »(1).
ومن خلال ما ذكره السيد محمد صادق بحر العلوم عن الخطوات العلمية التي إتخذها السيد بحر العلوم في تنظيمه للحوزة العلمية (حيث لم تنحصر أعمال المرجعية لشخص دون آخر ، بل إضطلع الجميع في العمل ما دامت النيات خالصة لله سبحانه وتعالى ، لأجل ألإرتقاء بالمستوى العلمي والفكري هذا من جهة ، وخدمة المجتمع على أفضل ما يرام ، وهذا لا شك يدل على وعي كبير في الذهنية القيادية الدينية التي تبرز عصره بطابع يختلف عن العصور السابقة من حيث الوعي والنضج)(2).
3 ـ على الرغم من إنشغاله بأمور المرجعية الدينية وكثرة إرتباطاته ومشاغله ألإجتماعية ، إلا أن هذا لم يحل دون القيام بعدة إنجازات ومشاريع لم تزل تسجل

(1) بحر العلوم ، رجال السيد بحر العلوم ، 41 ـ 42 .
(2) بحر العلوم ، الدراسة وتأريخها في النجف ، 2 / 79 .
ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 30

بإسمه لوقتنا الحاضر ، منها تشخيصه ألآثار المندرسة والمحاريب البالية ، كتعيين وتشييد مقام ألإمام المهدي (عج) في مسجد السهلة وفي وادي السلام ، وتعيين قبر المختار بن أبي عبيد الثقفي من حيث قبر مسلم بن عقيل ( ولم يكن قبل ذلك معروفا ، وكذلك تعيين وتشييد مرقدي هود وصالح قدس سره في مقبرة وادي السلام في النجف ألأشرف ، إضافة إلى بنائه مئذنة الصحن الحيدري الشريف الجنوبية ، وتعمير جدران الصحن وغرفه ، وتجديد بناء جامع الشيخ الطوسي(1).

أدبه

الشعر كما يعبر عنه وسيلة لنقل العواطف وألأحاسيس من الشاعر إلى المتلقي ، أو بصورة أدق ، هو صورة لما في نفس الشاعر من عواطف وأحاسيس وأفكار يراد إيصالها إلى القارئ أو السامع ، وفي الوقت ذاته تحدث اثرا مهما فيهما كألأثر في نفس الشاعر .
أضف إلى ذلك أن بيئة الشاعر نفسها هي التي توحي إليه القول ومنها يستمد خواطره وأفكاره ومعانيه فيصوغها في قوالب من الشعر سواء أكانت تلك البيئة طبيعية أم إجتماعية أم فكرية .
والسيد بحر العلوم قدس سره كانت نشأته في بيئة فكرية ، فهي لا شك تطغى على طابع شعره العام من حيث المضامين والمواضيع التي تطرح ، ويمكن القول : إنه كان ناظما أكثر من كونه شاعرا ، ويمكن ان نلحظ ذلك بقلة النتاج هذا من جهة ، وإقتصاره في النظم على أبواب معينة من جهة أخرى .
وتبرز لقارئ الديوان عدة صور ضمنها السيد قدس سره في قصائده التي إمتازت

(1) ولمزيد من المعلومات ، أنظر : بحر العلوم ، رجال السيد بحر العلوم ، ص : 95 ـ 97 .
ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 31

بكلماتها السهلة والقريبة من نفس القارئ فهي ذات سلاسة ممتعة ، يتذوقها من كان له باع في هذا المجال ، أو لم يكن لديه معرفة تامة في فنون ألأدب العربي ، والشيء الذي يذكر هنا : أن شعره كان يسير بإتجاه المدرسة التقليدية المحافظة في بناء القصيدة العربية ، ولكنه مع ذلك تميز بسمات خاصة من بين أشعار ألآخرين ، إذ إعتاد على منوال التقرب من القصد شيئا فشيئا ، ثم تسامي الفكرة حتى الذروة ، فيبرز ما يريد قوله وتتوضح الرؤيا بصورة كاملة .
وفي الوقت نفسه ، فإن المدح قد إستاثر بالقسم ألأكبر من شعره ، أضف إلى ذلك أنه قدس سره قد نظم في بعض ألأغراض ألأخرى كالرثاء وألإخوانيات ، وكما أجاد في تخميس وتشطير بعض المقطوعات .
وفيما يتعلق بما نظمه في جده سيد الشهداء أبي عبدألله عليه السلام ، فقد إحتوى ديوانه على إحدى عشرة قصيدة كل منها حوت إثني عشر بيتا ، وقد اشارت بعض المصادر التي ذكرت هذا الديوان كونها إثني عشرة قصيدة ، إلا أننا لم نجد سوى إحدى عشرة قصيدة ، وعموم هذه القصائد ركزت على النقاط التي إعتاد شعراء الحسين طرحها وهي :
1 ـ إلحاح الكوفيين على الحسين عليه السلام في القدوم إلى الكوفة ووعودهم وكيف نكثوا تلك الوعود .
2 ـ هول أحداث المعركة وما أورثته من نار متأججة في حشى كل مسلم .
3 ـ طلب تعجيل فرج قائم آل محمد (عج) وأخذ الثأر من أعداء آل محمد .
4 ـ إعتماد الحوادث التاريخية في تسجيل مناقب أهل البيت عليهم السلام وتسجيل مثالب أعدائهم .
أما في القصيدة الهمزية التي رثى بها ولده السيد محمد ، فقد جارى بها الشاعر الذائع الصيت أبي الحسن التهامي في رائعته الرائية التي رثى بها ولده

ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 32

الصغير ، وقد نجح قدس سره في إبراز اللوعة وإظهار الوجد والحزن لفقد ذلك الولد النابغة . وأبرز سمات التأثر والحزن (رحمه ألله) في مرثية السيد أحمد القزويني الذي كانت بينهما صلات رحم وصداقة ، أما باقي القصائد وكما ذكرنا فقد نحا منحى الشعراء في المدح والوصف والإخوانيات .
على أن ملامح شاعريته قدس سره تبدو واضحة في ن ظمه للدرة النجفية ، وهي منظومة حوت أحكاما في بابي الصلاة والطهارة ومنها الصلاة في المشاهد المشرفة وفضل بعض المراقد المقدسة ، كقوله في تفضيل كربلاء على الكعبة :
ومن حديث كربلا والكعبة لكربلا بان علو الرتبة

وهذه المنظومة إن دلت على شيء إنما تدل على تمكن السيد من المفردات بحيث يطوعها لبيانه العذب ويصوغها في قالب شعري تعليمي ، الغرض منه تيسير معرفة ألأحكام والعبادات .
أما قصيدته التي تزيد على المائتي بيت ، فقد رد فيها على قصيدة مروان بن أبي حفصة ـ شاعر الرشيدـ حيث مدح بني العباس وضمنها حديثا مختلقا ومكذوبا عن ألإمام علي بن أبي طالب عليه السلام كونه أراد الزواج من بنت أبي جهل في حياة فاطمة الزهراء عليها السلام حيث رد بقوله (طاب ثراه) :
وقل للذي خاض الضلالة والعمى ومن خبط العشواء في ظلمة الجهل
ومن باع بألأثمان جوهرة الهدى كما باع بالخسران جوهرة العقل
هجوت أناسا في الكتاب مديحهم وفي العقل بان الفضل منهم وفي النقل
ولفقت زورا كادت السبع تنطوي له والجبال الشم تهوي إلى السفل


ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 33

إلى قوله :
وزوجه المختار بضعته وما لها غيره في الناس من كفؤ عدل
فأكرم بزوجين ألإله إرتضاهما جليلين جلا عن شبيه وعن مثل
لذلك ما هم الوصي بخطبة حياة البتول الطهر فاقدة المثل
فأضحى بريئا والرسول مبرئا وقد ابطلا دعواكم الرثة الحبل

وله مشطرا بيتي الشافعي :
(يا اهل بيت رسول ألله حبكم ) حب الرسول ومن بالحق أرسله
أجر الرسالة عند ألله ودكم (فرض من ألله في القرآن أنزله)
(كفاكم من عظيم الشأن أنكم) قد أكمل الدين فيكم يوم أكمله
وإنكم شهادات الصلاة لكم ( من لم يصل عليكم لا صلاة له)

وله مشطرا أبيات أبي الحسن التهامي:

ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 34

(تزاحم تيجان الملوك ببابه ) ليبلغ من قرب إليه سلامها
ويستلم ألأركان عند طوافها (ويكثر عند ألإستلام إزدحامها)
(إذا ما رأته من بعيد ترجلت ) ليعلو فوق الفرقدين مقامها
فإن فعلت هاما على هامها علت (وإن هي لم تفعل ترجل هامها)

وألأهم من هذا وذاك ، أن السيد قدس سره كان فارسا من فرسان حلبة ألأدب المسماة بمعركة الخميس ألأدبية(1)، ومن أشهر أعضائها ألآخرين الشيخ جعفر الكبير ، الشيخ حسين نجف ، السيد صادق الفحام ، السيد أحمد العطار ، الشيخ علي بن زين الدين ، الشيخ محمد رضا النحوي ، الشيخ محمد علي ألأعسم ، الحاج محمد رضا ألأزري وآخرون(2).
ومن المساجلات ألأدبية التي ذكرها السيد محمد صادق بحر العلوم (3)بين المولى النراقي صاحب كتاب جامع السعادات والسيد قدس سره إذ كتب إليه من كاشان :

(1) معركة الخميس ، معركة أدبية جرت أحداثها في النجف في مجلس كان يعقد كل خميس من كل أسبوع وفي هذا المجلس يلتقي أعلام ألأدب والدين لمناقشة القضايا ألأدبية خلال عطلة ألأسبوع وفراغهم من الدراسات الدينية ، وكانت إحدى مظاهر النشاط ألأدبي الذي طرأ على الحياة الدينية ، أنظر : محي الدين الحالي والعاطل ، ص 119 . وسوف نتعرض لذكرها في مقطوعة شعرية من هذا الديوان.
(2) لمزيد من المعلومات أنظر : بحر العلوم ، رجال السيد بحر العلوم ، ص 81 .
(3) بحر العلوم ، رجال السيد بحر العلوم ، ص 74 .
ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 35

ألا قل لسكان دار الحبيب هنيئا لكم في الجنان الخلود
أفيضوا علينا من الماء فيضا فإنا عطاشى وأنتم ورود
فأجابه السيد قدس سره :
ألا قل لمولى يرى من بعيد ديار الحبيب بعين الشهود
لك الفضل من شاهد غائب على شاهد غائب بالصدود
فنحن على القرب نشكو الظما وفزتم على بعدكم بالورود

ولقد إمتدت النهضة ألأدبية التي شهدتها النجف خلال هذه المرحلة إلى الحلة وبغداد والموصل والبصرة ، وظهرت آثارها في تدرج متلاحق متكامل في شعر عبدالباقي العمري ، وألأزري ، وعبدالحيسن محي الدين ، وآل النحوي والبلاغي ، وتدرج ألأثر في تكامل شعر السيد حيدر الحلي والسيد الحبوبي والسيد رضا الهندي والشيخ جواد الشبيبي ، وإمتدت مستمرة في آثار الشيخ محمد رضا الشبيبي ، والشيخ علي الشرقي ، ومحمد مهدي الجواهري ، وأحمد الصافي النجفي (1).
وكما عبر عنها الدكتور عبدالرزاق محي الدين :
«إن النهضة الشعرية في العراق ستظل مدينة إلى ألأوساط الدينية وبخاصة

(1) محي الدين ، الحالي والعاطل ، ص 122 .
ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 36

ـ النجف ـ حتى عهد قيام الدولة ونشوء الدواوين والمعاهد والجامعات والمتفوقين أدبيا ، إما رجال الدراسات الدينية ، أو أبناؤهم في غالب ألأحوال»(1).

مؤلفاته(2)

لقد خلف لنا السيد بحر العلوم قدس سره مجموعة لا يستهان بها من المؤلفات دونتها لنا كتب التراجم والرجال جاءت في مواضيع وعلوم مختلفة وهي :
1 ـ تحفة الكرام في تأريخ مكة والبيت الحرام.
2 ـ حاشية وشرح على طهارة (شرائع المحقق الحلي) .
3 ـ حاشية على ذخيرة الحجة السبزواري .
4 ـ الدرة النجفية ، منظومة في بابي الطهارة والصلاة في الفقه يتجاوز عدد أبياتها ألألفين ، وقد شرحها كثيرون شروحا عديدة ، وطبعت عدة مرات .
5 ـ الدرة البهية في نظم بعض المسائل ألأصولية .
6 ـ ديوان شعره ـ وهو الماثل بين يديك ـ .
7 ـ رسالة في تحريم العصير الزبيبي .
8 ـ رسالة في العصير العنبي .
9 ـ رسالة في مناسك الحج والعمرة .
10ـ رسالة في حكم قاصد ألأربعة في السفر .

(1) محي الدين ، الحالي والعاطل ، ص 123 .
(2) بحر العلوم ، رجال السيد بحر العلوم ، ص 93 ـ 94 ، ألأمين ، أعيان الشيعة ، 48 / 170 ـ 171 ، آغا بزرك ، مصفى المقال ، ص 467 ـ الخاقاني ، شعراء الغري ، 12 / 145 ـ 146 ، ألأميني ، معجم رجال الفكر وألأدب ، ص 56 ، شبر ، أدب الطف ، 6 / 51 ـ 52 ، التميمي ، مشهد ألإمام ، 3 / 38 ، الزركلي ، ألأعلام ، 7 / 334 ، كحالة ، معجم المؤلفين ، 12 / 61 .
ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 37

11 ـ رسالة في قواعد أحكام الشكوك .
12 ـ رسالة في تحقيق معنى (أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم ) .
13 ـ رسالة في إنفعال الماء القليل .
14 ـ رسالة في الفرق والملل .
15 ـ رسالة في ألأطعمة وألأشربة .
16 ـ رسالة في تحريم الفرار من الطاعون .
17 ـ رسالة في مناظرته لليهود .
18 ـ (رسالة في الفرق والملل) .
19 ـ شرح جملة من أحادي (كتاب التهذيب للشيخ الطوسي) .
20 ـ شرح باب الحقيقة والمجاز من كتاب الوافية للفاضل التوني .
21 ـ الفوائد الرجالية ، يحتوي على عدد كبير من رجال الحديث والرواية من أصحاب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وألأئمة عليهم السلام .
22 ـ مشكاة الهداية في الفقه .
23 ـ المصابيح ، في العبادات والمعاملات من الفقه .

وفاته (1)

توفي السيد بحر العلوم (نوّر ألله مثواه) وهو في السابعة والخمسين من عمره الشريف ، في شهر رجب من عام 1212 هـ ، ودفن في جامع الشيخ الطوسي حيث

(1) بحر العلوم ، رجال السيد بحر العلوم ، 1 / 116 ، ألأمين ، أعيان الشيعة ، 48 / 164 ، ألأميني ، معجم رجال الفكر وألأدب ، ص 56 ، أغا بزرك ، مصفى المقال ، ص 67 ، كحالة ، معجم المؤلفين ، 12 /61 ، الزركلي ، ألأعلام ، 7 / 334 ، الخاقاني ، شعراء الغري ، 12 / 133 ، السماوي ، الطليعة ، 2 / 367 ، شبر ، أدب الطف ، 56 / 51 ، القمي ، الكنى وألألقاب ، 2 / 70 .
ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 38

مرقده الشريف اليوم .
وقد رثى السيد جماعة كبيرة منهم تلميذه ألأكبر الشيخ جعفر كاشف الغطاء في قصيدة جاء منها (1):
إن قلبي لا يستطيع إصطبارا وقراري أبى الغداة القرارا
غشي الناس حادث فترى الناس سكارى وما هم سكارى
غشيتهم من الهموم غواش هشمت أعظما ، وقدت فقارا

إلى أن قال :
ثلم الدين ثلمة ما لها سد وأولى العلوم جرحا جبارا
لمصاب العلامة العلم (المهدي) من بحر علمه لا يجارى

كذلك رثاه الشاعر السيد أحمد العطار (2)بقوله :
عزيز على المهدي فقد سميه أجل ، وعلى هادي ألأنام إلى الرشد


(1) بحر العلوم ، رجال السيد بحر العلوم ، 1 / 119 .
(2) بحر العلوم ، رجال السيد بحر العلوم ، 16 / 122 .
ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 39

فقدناه فقد ألأرض صوب عهادها وفقد السما للبدر والنحر للعقد
أُصيب به ألإسلام حزنا ، فأرخوا (أثار مصاب القائم السيد المهدي)

أما تلميذه المقرب السيد محمد جواد العاملي صاحب مفتاح الكرامة ، فقد أرخ وفاته بقوله :
يا بقعة بزغت كالشمس في أفق قد ضم خير سراة ألأرض ناديك
أصبحت في فرح ، والناس في ترح تبارك ألله مرضينا ومرضيك
أصبحت كالبيت بيت ألله محتشدا فالجنُّ وألأنس وألأملاك تأتيك
لله من سبب بألله متصل وبحر علم أصاب اليوم واديك
قد ذاب فيك فؤاد الدين من حزن فأرخوا : غاب مهديُّ الهدى فيك


السابق السابق الفهرس التالي التالي