ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 40


الديوان

قال السيد رحمه ألله في رثاء جده الحسين عليه السلام : (بحر البسيط)
شاءٌ من الناس لا ناسٌ ولا شاءُ هوت بهم في مهاوي الغي أهواء
دانوا نفاقا فلما أمكنت فرص شعت لهم غارة في الدين شعواء(1)
سلّوا عليه سيوفا كان أرهفها لها مضاء إذا إستلت وإمضاء(2)
شبّوا لإطفاء نور ألله نار وغى لولاه ما شبها قدح وإيراء
وزحزحوا ألأمر للأذناب عن ترة وأخروا من به العلياء علياء(3)
حلت بذلك في ألإسلام قارعة وفتنة تقرع ألأسماع صماءُ(4)


(1) شعواء : غارة شعواء أي فاشية متفرقة ، الرازي ، مختار الصحاح 1 / 340 .
(2) مضاء : مضى في ألأمر يمضي (مضاءً) نفذ : إمضاء أمضى ألأمر أنفذه ، الرازي ، مختار الصحاح 1 /626 .
(3) ترة : الثأر ، إبن منظور ، لسان العرب ، 5 / 274 .
(4) قارعة : الشديدة من شدائد الدهر وهي الداهية ، الرازي ، مختار الصحاح ص 531 .
ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 41

وطخية غشت ألأبصار ظلمتها عمياء قد عمت ألأقطار غماء(1)
عدت على أسد الغابات أضبُعُها وفي الرعاء لها قد عاثت الشاء
فألحقُّ مغتصب وألإرث منتهب وفيئ آل رسول ألله أفياء(2)
والطاهرون ولاة ألأمر تحتكم الــ أرجاس فيهم بما إختاروا وما شاؤوا
وبضعة المصطفى لم يرع جانبها حتى قضت وهي غضبى داؤها داء
قد أبدلوا ودَّ ذي القربى ببغضهم كأنما ودهم في الذكر بغضاء(3)

وله أيضا مادحا ألأئمة ألأطهار ورادا على كثير عزة (4)(بحر الوافر)

(1) طخية : قطعة مستديرة تسد ضوء القمر وهي السحابة الرقيقة ، إبن منظور ، لسان العرب 15 / 6 ، الفراهيدي ، العين 4 / 294 .
(2) الفي : الخراج والغنيمة ، الرازي ، مختار الصحاح 1 / 516 ، وقد شابه هذا البيت في معناه ما أراده أبو فراس الحمداني في مطلع ميميته الشافية :
الحق مهتضم والدين مخترم وفي آل رسول ألله مقتسم
(3) إشارة لقوله تعالى «قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى» (الشورى23)
(4) هو كثير بن عبدالرحمن بن ألأسود الخزاعي ، لم يتيسر ضبط ولادته إلا أن المصادر متفقة

=

ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 42


=
على وفاته سنة 105 هـ في آخر خلافة يزيد بن عبدألملك .
والقصيدة التي رد عليها السيد بحر العلوم قدس سره إنما تنسب لكثير فقد جعلها جامع ديوان كثير مع جملة من القصائد تحت عنوان قصائد منسوبة لكثير وقد وردت هذه ألأبيات في ديوان السيد الحميري . إنظر : كثير ديوان ص 56 ، الحميري ديوان ص 50 .
وألأبيات هي :
ألا يا أيها الجدل المعني لنا ما نحن ويحك والعناء
أتبصر ما تقول وأنت كهل تراك عليك من ورع رداء
ألا إن ألأئمة من قريش ولاة الحق أربعة سواء
عليُّ والثلاثة من بنيه هم أسباطه وألأوصياء
فأني في وصيته إليهم يكون الشك منا والمراء
بهم أوصاهم ودعا إليه جميع الخلق لو سُمع الدعاء
فسبطٌ سبط إيمان وحلم وسبط غيبته كربلاء
سقى جدثا تضمنه مُلثٌ هتوف الرعد مرتجز رواء
تظل مظلة منها عزال عليه وتغتدي أخرى ملاء
وسبط لا يذوق الموت حتى يقود الخيل يقدمها اللواء

=

ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 43

شجاني منهم ربع خلاء تعفّته السوافي فالسماء(1)
ديار عُطّلت من ساكنيها وأخلتها الصريمة والجلاء(2)
معاهد لم تزل مأوى أنيس كريم الخيم شيمته الوفاء
فأمسى لا يُحس له حسيس رهين الرمس غيره البلاء(3)
يذكرني المنية كل حين رحيلٌ وإنتقال وإنقضاء


=
تغيب لا يُرى عنهم زمانا برضوى عنده عسل وماء
من البيت المحجّب في سراة سراة لفّ بينهم ألإخاء
عصائب ليس دون أغر أجلى بمكة قائم لهم إنتهاء
(1) تعفته : غيرته ، إبن منظور ، لسان العرب 20 / 58 .
السوافي : الريح التي تذر التراب ، إبن منظور ، لسان العرب 14 / 390 .
(2) الجلاء : ألإبتعاد ، إبن منظور ، لسان العرب 12 / 336 .
(3) الرمس : القبر : الرازي ، مختار الصحاح 1 / 108 ، إبن منظور ، لسان العرب / 60 / 120 ، الفراهيدي ، العين 7 / 254 ، إبن منظور ، المغرب 1 / 346 .
ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 44

وما لبث إمرؤٌ من بعد نفس قضت إلا فواق أو رغاء(1)
إذا نشبت شعوب فليس يغني مجير أو ظهير أو فداء(2)
أتلهو والنذير جلى بصبح له في العارضين معا جلاء
وقد فضح الحياة الموت لما تمكن في الرقاب له القضاء
سلوت عن الديار وساكنيها فما حيٌ يدوم له البقاء
خلت من قبلنا فيها قرون ومات الناس حتى ألأنبياء
ولو صلح الخلود بها لحي لخُلِّد أحمد وألأوصياء


(1) فواق : تعبير عن ضيق الوقت ، (الفواق) : ما بين الحلبتين من الوقت لأنها أي الناقة تحلب ثم تترك سويعة يرضعها الفصيل لتدر ثم تحلب يقال ما أقام عنده إلا فواقا . وفي الحديث (العيادة قدرُ فواق ناقة) ، إبن منظور ، لسان العرب 10 / 318 ، الفراهيدي ، العين 5 / 224 ، الفيومي ، المصباح المنير 2 / 484 .
الرغاء : صوت ذوات الخف وقد رغا البعير يرغو رغاء بالضم والمد أي ضج ، إبن منظور ، لسان العرب 8 / 449 ، الرازي ، مختار الصحاح 1 / 105 ، الفراهيدي ، العين 1 / 275 .
(2) شعوب : المنية ، وسميت شعوب لأنها تشعب أي تفرق ، إبن منظور ، لسان العرب 1 / 501 ، الفراهيدي ، العين 1 / 265 .
ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 45

ولكن آثروا ألأخرى بعلم فبعدهم على الدنيا العفاء
تحدث عنهم كوثى ورضوى وزمزم والمشاعر والصفاء(1)
وبغداد وسامرا وطوس وطيبة والغري وكربلاء
لئن غابوا فما غابت سماتٌ قلوب العارفين لها وعاء
وأسماء إذا تليت ففيها غنى العافي وفيهن الشفاء(2)
وأعلامٌ تؤم بكل أرض بها يسمو إلى ألله الدعاء


(1) كوثى : إسم من أسماء مكة ، إبن منظور ، لسان العرب 2 / 181 .
رضوى : جبل يقع بين مكة والمدينة وعنده دفن محمد بن الحنفية ، ياقوت ، معجم البلدان 1 / 293 ، البكري ، معجم ما إستعجم 6 / 217 .
(2) ورد في كتاب حياة ألإمام الجواد للقرشي ، وقد أحببنا أن نورد جزءا من خطبة المأمون لموافقتها معنا لهذا البيت : ولما بايع الناس ألإمام الرضا عليه السلام بولاية عهد المأمون إعتلى المأمون المنبر فخطب الناس ومما جاء في خطابه : «أيها الناس جاءتكم بيعة علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، وألله لو قرأت هذه ألأسماء على الصم والبكم لبرؤوا بإذن ألله ...». القرشي ، حياة ألإمام الجواد عليه السلام ص 47 .
ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 46

ولاحٍ قد لحى فيهم بجهل فقلت أبرح فقد برح الخفاء(1)
(ألا إن ألأئمة من قريش) ثمانية وأربعة سواء(2)
كما ألأسباط والنقباء نصاً من المختار ليس به خفاء(3)
عليٌّ والثلاثة من بنيه العليون الهداة ألأصفياء
وعدتهم محامدة كرام كذا الحسنون ليس بهم مراء
وجعفر وإبنه موسى وكل دليل للهدى نور ضياء


(1) لحى : لحاه يلحاه لحيا ، أي لامه و (لاحاه ملاحاة) ولحاه نازعه وفي المثل : من لاحاك فقد عاداك ، الرازي ، مختار الصحاح ، 1 / 594 .
(2) الشطر ألأول من البيت مأخوذ من ألأبيات المنسوبة لكثير كما ورد في الهامش أعلاه ، (البيت الثالث) وقد أشر عليه السيد قدس سره بقوسين ، وفي الشطر الثاني إشارة إلى ألأئمة ألإثني عشر عليهم السلام .
(3) ألأسباط : السبط هو ولد ألأبن أو ألإبنة ، والسبط من اليهود كالقبيلة من العرب إبن منظور ، لسان العرب ، 7 / 310 ، نقيب : النقيب هو كالعريف على القوم ، المقدم عليهم الذي يتعرف أخبارهم ، وينقب عن أحوالهم ، إبن منظور ، لسان العرب 1 / 769 .
ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 47

غطارفة خضارمة كماة جحاجحة ولاة أولياء(1)
بهاليل مقاديم حماة أباة الضيم شهم أسرياء(2)
مراجيح الفعال ذوو أناةٍ مساميح الخلائق أسخياء
سجاياهم هدى علم وحلم وشأنهم رضى عفو وفاء


(1) غطارفة : جمع غطريف وهو السيد ، الخطابي ، غريب الحديث 1 /624 .
الخضرم : الجواد الكثير العطية مشبه بالحبر الخضم الكثير الماء والجمع خضارم وخضارمة والهاء لتأنيث الجمع ، إبن منظور ، لسان العرب 12 / 184 .
كماة : جمع كمي ، الشجاع (المتكمّي) في سلاحه أي المتغطي المتستر بالدرع والبيضة ، الرازي ، مختار الصحاح ، 1 / 579 .
جحاجحة : الجحجاح (بالفتح) السيد والجمع (الجحاجح) وتضاف الهاء لتأكيد الجمع فيقال (جحاجحة) ، الرازي ، مختار الصحاح 93 ، أو الجحجح السيد السمح وقيل الكريم إبن منظور ، لسان العرب 2 / 420 ، الفيروز آبادي ، القاموس المحيط 1 / 275 ، الفراهيدي ، العين 3 / 10 ، الرازي ، مختار الصحاح 1 / 40 .
(2) بهاليل : جمع بهلول وهو الحيي الكريم أو السيد الجامع لكل خير ، إبن منظور ، لسان العرب 11 / 73 ، الفراهيدي ، العين 4 / 55 .
مقاديم : جمع مقدم ، المقدام في الحرب والسلم إبن منظور ، لسان العرب 12 / 468 ، الرازي ، مختار الصحاح 1 / 219 .
أسرياء : جمع سري وهو الرفيع في كلام العرب ، وهو المختار . إبن منظور ، لسان العرب 4 / 378 .
ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 48

يداهم في الندى غيث وغوثٌ وفي يوم الوغى حتف قضاء
إذا قاموا إلى المحراب ليلا فدأبهم التبتل والبكاء
وإن خطب دهى في يوم حرب (فأسدٌ لا ينهنهها اللقاء)(1)
هم الفتّاك والنساك أهل الجهادين الغزاة ألأتقياء
هم العلماء والزهاد خير ألأنام ألأذكياء ألأزكياء
إذا ما المكرمات ذكرن يوما ففيهم بدؤها وألإنتهاء
وإن عدت معال أو معان (فكل الصيد يحويه الفراء)
بهم يرقى المديح ومن سواهم فمن مدح ألأنام له إرتقاء


(1) لا ينهنهها : أصل الفعل نهنه أي كف وزجى أي أنهم لا يخافون لقاء العدو ، إبن منظور ، لسان العرب 13 / 550 ، إبن ألأثير ، النهاية 5 / 139 ، كقول الشريف الرضي :
آساد حربٍ لا ينهنهها الردى تحت الضبـا وأسنة المُرّان
ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 49

لئن عجز البرية عن ثناهم فإن العجز عن مدحٍ ثناء
وإن لم يغن مدح الخلق شيئا ففي مدح ألإله لهم غناء (1)
وإن لم يشف من غل بيان ففي التبيان ما فيه الشفاء
فدع قول الغلاة ولا تقصر فذو التقصير والغالي سواء
وقل ما شئت فيهم غير شيٍّ فإن ألله يؤتي من يشاء
بهم فتح المهيمن كل حق ويختم حين ينكشف الغطاء
بكاشف كل كرب إذ ينادي ويأتيه من ألله النداء
فيدعى بالعزيمة قم بأمري وعجل فيه إذ عظم البلاء
فيظهر وألإله له ظهير (يقود الجيش يقدمه اللواء)


(1) أشار رحمه ألله لقوله تعالى «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً »(الأحزاب33) .
ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 50

ويبسط في البسيطة كل عدل إلى أن تغبط ألأرض السماء
وتسعد أنفس منه وتشقى نفوس لا يزايلها الشقاء
ويوم الورد ورد عداه صابٌ(1) وورد محبه (عسل وماء)
إليكم سادتي غيداء(2) ترنو بطرف غضه منها الحياء
بهاء من بنات الفكر بكر لها يعنو إبن فارض والبهاء(3)


(1) صاب : عصارة شجر مر المذاق كالعلقم ، وواحدته صابة ، إبن منظور ، لسان العرب 1 / 537 .
(2) غيداء : إمرأة غيداء ، وغادة أي ناعمة الرازي ، مختار الصحاح 1 / 203 .
(3) يعنو : عنى ، إذا ذل وخضع ، قال إبن ألأعرابي عنا يعنو إذا أخذ شيء قهرا ، إبن منظور ، لسان العرب 15 / 101 .
إبن الفارض : هو شرف الدين أبو حفص ، أو أبو القاسم عمر بن أبي الحسن علي بن المرشد بن علي الحموي ألأصل ، المصري المولد والدار والوفاة ، له ديوان شعر لطيف ، وأسلوبه فيه رائق وظريف . كانت ولادته سنة 576 هـ ووفاته سنة 632 هـ ، أنظر : إبن خلكان ، وفيات ألأعيان 3 / 454 ـ 455 ، الذهبي ، سير أعلام النبلاء 22 / 368 ، إبن كثير ، البداية والنهاية 13 / 143 .
البهاء : هو بهاء الدين أبو العلا زهير بن محمد بن علي ألأزدي المهبلي ، ولد في الحجاز سنة 581 هـ ، من فضلاء عصره وأحسنهم نظما ونثرا ، له ديوان مشهور ، وشعره رائق ، كتب ألإنشاء للسلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب في مصر ثم أبعده السلطان فوفد على صاحب حلب

=

ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 51

خذوها إنها منكم إليكم وبعض ألأخذ من مولىُ عطاء
بكم أرجو النجاة غداة يوم يخيب بغيركم فيها الرجاء
من ألله السلام سلام بر عليكم والتحية والثناء

وقال أيضا في رثاء الحسين عليه السلام (بحر البسيط)
كيف ألسلّوُّ ونار القلب تلتهب والعين حلف قذاها دمعها سرب(1)
ألقى المصاب على ألإسلام كلكله(2) فكل منتسب للدين مكتئب


=
الملك الناصر . وفي آخر عمره إفتقر وباع كتبه ، وكان ذا مكارم وأخلاق ، توفى بمصر سنة 656 هـ .
إنظر الذهبي سير أعلام النبلاء 23 / 355 ، الحنبلي ، شذرات الذهب 3 / 276 ـ إبن تغري بردى ، النجوم الزاهرة 6 / 236 ـ 237 ، القنوجي ، ابجد العلوم 3 / 12 ، إبن كثير ، البداية والنهاية 13 / 211 / 212 ، إبن خلكان ، وفيات الأعيان 2 / 332 ـ 338 .
(1) المعنى المراد : الدمع السرب السائل ، سربت المزادة : سالت فهي سربة : القاموس 1 / 82 .
(2) كلكله : الكلكل من الفرس ما بين محزمه إلى ما مس ألأرض منه إذا ربض وقد يستعار الكلكل لما ليس بجسم مثل الدهر كقول ألأعرابية :
ألقى عليه الدهر كلكله من ذا يقوم بكلكل الـدهر
فجعلت للدهر كلكلا ، إبن منظور ، لسان العرب 11 / 597 .
ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 52

لا صبر في فادح عمت رزيته حتى إعترى الصبر منه الحزن والوصبُ(1)
لا تقدر العين حق القدر من صبب وإن جرت حين يجرى دمعها الصبب(2)
يستحقر الدمع فيمن قد بكته دما أرجاؤها الجون والخضراء والشهب(3)
قلَّ البكاء على رزء يقلُّ له شقُّ الجيوب وعطُّ القلب والعطب(4)
كيف العزاء وجثمان الحسين على الـ ـرمضاء عار جريحٌ بالثرى ترب(5)
والرأس في رأس ميالٍ يطاف به ويقرع السن منه شامت طَرِب


(1) الوصب : المرض ، إبن منظور ، لسان العرب 1 / 797 ، الفيروز آبادي ، القاموس المحيط 1 / 181 .
(2) صبب : (صبَّ ) الماء (فإنصبَّ) أي سكبه فإنسكب ، إبن منظور ، لسان العرب 1 / 515 .
(3) الجون : الجون ألأبيض والجون ألأسود وهو أي الجون من ألأضداد .
الخضراء : السماء ، الرازي ، مختار الصحاح 1 / 179 .
الشهب : الشهبة في ألألوان البياض الغالب على السواد والشهاب شعلة نار ساطعة جمعه (شُهب) الرازي ، مختار الصحاح 1 / 449 .
(4) عطَّ : اي يخرج الدم قطعا قطعا ، إبن منظور ، لسان العرب 4 / 270 .
عطب : العطب الهلاك ، الرازي ، مختار الصحاح 1 / 439 .
(5) الرمضاء : الرمض وقع الشمس على الرمل وغيره ألأرض رمضاء أي شديدة الحر ، الرازي ، مختار الصحاح 1 / 256 .
ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 53

وأهل بيت رسول ألله في نصب أسرى النواصب قد أنضاهم النصب(1)
والناس لا جازع فيهم ولا وجع ولا حزين ولا مسترجع كئب
فليت عين رسول ألله ناظرة ماذا جرى بعده في معشر نكبوا
كم بعده من خطوب بعدها خُطبٌ لو كان شاهدها لم تكثر الخطب(2)

ومن شعره لبعض ألأصدقاء في شأن أمير المؤمنين عليه السلام (بحر السريع)
نحن أناسٌ في الورى عيبنا حب علي بن أبي طالب
وحبه ليس بعيب لنا فلعنة ألله على العائب

فرد عليه بعض النواصب قائلا :

(1) أنضاهم : النضو بالكسر البعير المهزول والناقة نضوة وقد أنضتها ألأسفار فهي منضاة مهزولة متعبة ، الرازي ، مختار الصحاح 1 / 665 .
(2) العجز من البيت ألأخير في قصيدة عبرت عن لسان حال الزهراء ومما نقل عن كتاب ألإحتجاج للطبرسي قال : لما منعت فاطمة فدكا وبلغها ذلك أقبلت على المهاجرين فخطبت خطبة جزلة وقد ختمتها بالقصيدة التي مطلعها :
قد كان بعدك أنباء وهنبئة لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب
أنظر : الطبرسي ، ألإحتجاج 1 / 92 ـ 93 .
وهي منسوبة إلى هند بنت أثاثة بن عباد بن المطلب بن عبد مناف بن قصي ، أمها أم مسطح بنت أبي رهم بن المطلب بن عبدمناف بن قصي ، أسلمت هند وبايعت رسول ألله صلى ألله عليه وآله وسلم وأطعمها رسول ألله صلى ألله عليه وآله وسلم مع أخيها مسطح بن أثاثة بخيبر وإغتربت هند عند أبي جندب فولدت له ريطة ، إبن سعد ، الطبقات الكبرى 3 / 228 ، كحالة ، أعلام النساء 5 / 216 .
ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 54

ما عيبكم هذا ولكنه بغض الذي لقب بالصاحب
وعيبكم لإبنته جهرة (فلعنة ألله على العائب)

فقال السيد قدس سره رادا على الناصبي :
ما بغضنا للصاحب الناكب وإبنة ذاك الظالم الغاصب(1)
إلا لأنا معشر ديننا (حب علي بن أبي طالب)
نبغض من عاداه في حبه فبغضه من حبنا الواجب
لا نصحب الدهر عدوا له ما رأينا في الحب بالعازب(2)
إنظر إلى الكهف وسل يوسفا كم فيهما من صاحب ناكب(3)
وإعتبر التحريم وإسمع (صغت) تجد بها الحجة للثالب(4)


(1) الناكب : نكب أي عدل عن الطريق ، الرازي ، مختار الصحاح 1 / 678 .
(2) عزب : أي بعد وغاب ، الرازي ، مختار الصحاح 1 / 429 .
(3) أنظر : سورة الكهف ، ألآيات 31 ـ 41 المحاورة بين الرجلين ولاحظ العبرة من ذلك .
أنظر سورة يوسف ، ألآيات : 35 ـ 42 .
(4) أنظر سورة التحريم وقد وردت كلمت (صغت) في ألآية 4 : «إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ ».
وجاء في تفسير قوله تعالى «إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا» قال : حدثنا إبن عبدألأعلى ، قال ثنا إبن ثور عن معمر عن الزهري عن عبيدألله بن أبي ثور عن إبن عباس قال : (لم أزل حريصا على أن أسأل عمر عن المرأتين من أزواج رسول ألله أللتين قال ألله جل ثناؤه «إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا» ، قال : فحج عمر وحججت معه ، فلما كان ببعض الطريق عدل عمر ، وعدلت معه بإداوة ، ثم أتاني فسكبت على يده وتوضأ ، فقلت يا أمير المؤمنين ، من المرأتان من أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم أللتان قال ألله جل وعلا فيهما «إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا»؟ قال عمر : وا عجبا لك يا إبن عباس ، قال الزهري وكره وألله ما سأله ولم يكتم ، قال

=

ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 55

بدا بها سرا مساويهما لا خير في الزوجة والصاحب

وقال أيضا في الرد عليه :
لا تنفع الصحبة من شأنها ببغضه للأخ والصاحب
وإحتمل ألأمر العظيم الذي ليس له أهلا على العازب
وإرتكب الحوب الكبير الذي أعقبه بالعجب العاجب(1)
هيهات هيهات نحب الذي عادى علي بن أبي طالب
وعاب خير الخلق في نصبه (فلعنة ألله على العائب)
ثم أتى بالكذب من بعده فلعنة ألله على الكاذب
وإغتصب البضعة ميراثها فلعنة ألله على الغاصب
وإبنته تلك التي حاربت من جهلها ليث بني غالب
إن عزبت في الحب آراؤكم فالرأي منا ليس بالعازب

وقال أيضا طاب ثراه : (بحر السريع)
قالوا تركت الحج ميلا إلى مغنى الجوادين فهل من سبب
فقلت شرط الحج وهو الغنى من فيض ذا المغنى فهذا السبب


=
هي حفصة وعائشة) .
أنظر الطبري ، تفسير الطبري 28 / 161 ـ 162 ، تفسير إبن كثير 4 / 389 ، صحيح مسلم 2 / 1111 ، صحيح البخاري 4 / 1868 ، صحيح إبن حبان 9 / 492 ، سنن الترمذي 5 / 420 ، البهيقي في السنن الكبرى 7 / 37 ، مسند إبن حنبل 1 / 33 ، وهناك مصادر كثيرة ذكرت هذه الحادثة .
(1) الحوب : ألإثم ، الرازي ، مختار الصحاح 1 / 161 .
السابق السابق الفهرس التالي التالي