ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 72

أزال أولّ أهل البغي أولهم عن موضع فيه رب العرش واضعه
وزاد ما ضعضع ألإسلام وإنصدعت منه دعائم دين ألله تابعه
كمين جيش بدا يوم الطفوف ومن يوم السقيفة قد لاحت طلايعه
يا رمية قد أصابت وهي مخطية من بعد خمسين قد شطت مرابعه(1)
وفجعة مالها في الدهر ثانية هانت لديها وإن جلت فجايعه
ولوعة أضرمت في قلب كل شجٍ نارا بلذعتها صابت مدامعه
لا العين جف بسفع النار مدمعها ولا الفؤاد خبا بالدمع سافعه(2)


=
والخلق بعد صنائعنا ...) .
الطبرسي ، ألإحتجاج 2 / 466 ، ألطوسي ، الغيب ص 285 ، ألبيضاني ،الصراط المستقيم ص 235 ، ألنيلي ، منتخب ألأنوار ص 119 ، المجلسي ، بحار ألأنوار 3 / 178 .
(1) شطت : شطت الدار تشطُّ بضم الشين وكسرها (شطا) وشطوطا) بعدت ، الرازي ، مختار الصحاح 1 / 337 .
(2) سفع : (سفع) بناصية أي أخذ ، ومنه قوله : (لنسفعا بالناصية ) وسفعته النار والسموم إذا لفحته لفحا يسيرا فغيرت لون البشرة ، ألفيومي ،المصباح المنير 1 / 142 ، ألخطابي ،غريب الحديث 3 / 1175 .
ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 73

كل الرزايا وإن جلت وقايعها تُنسى سوى الطف لا تنسى وقايعه

وقال في رثائه عليه السلام (بحر البسيط)
ذادوا عن الماء ظمآنا مراضعه من جده المصطفى الساقي أصابعه(1)
يعطيه إبهامه آنا وآونة لسانه فإستوت منه طبايعه
لله مرتضع لم يرتضع أبدا من ثدي أنثى ومن طه مراضعه
سرٌّ به خصه باريه إذ جمعت وأُدعت فيه عن أمر ودايعه
غرسٌ سقاه رسول ألله من يده وطاب من بعد طيب ألأصل فارعه
ذوت بواسقه إذ أظمأوه فلم يقطف من الثمر المطلول يانعه(2)


(1) ذادوا : ابدوا ، الرازي ، مختار الصحاح 1 / 94 ، ألفيومي، المصباح المنير 1 / 211 .
ذوت : ذوى الزرع يذوي ، بالكسر ذويا فهو ذاوٍ أي ذبل ، إبن منظور ، لسان العرب 11 / 255 ، الرازي ، مختار الصحاح 1 / 92 .
(2) المطلول : طلت ألأرض ، وطلها الندى ، فهي مطلولة ، وطل دمه أي مهدور ، الرازي ، مختار الصحاح 1 / 396 .
ورد في كتاب شجرة طوبى لمؤلفه الشيخ محمد مهدي الحائري ، ص 41 البيت الثالث وقد

=

ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 74

عدت عليه يد الجانين فإنقطعت عن مجتنى نبعه الزاكي منافعه
قضى على ظمأ والماء قد منعت بمشرعات القنا عنه مشارعه
قد حرّموه عليه في الحيوة ومن بعد إستحل لكي تعفو مضاجعه
همّوا بإطفاء نور ألله وإجتهدوا في وضع قدر من الرحمن رافعه
لم أنسه إذ ينادي بالطغاة وقد تجمعوا حوله والكلُّ سامعه
ترجون جدي شفيعا وهو خصمكم ويل لمن خصمه في الحشر شافعه

وقال أيضا في رثائه عليه السلام (1)(بحر البسيط)

=
تقدم على البيت الثاني مع ألأبيات (3 ـ 4 ) وقد أورد أبياتا في مناسبة ولادة إمامنا الحسين عليه السلام أحببنا إيرادها وهي من نظم الشاعر المرحوم الشيخ عبدالحسين ألأعسم النجفي :
بأبي الذي غذاه أحمد جده بلسانه فزكى الغذا والمغتذي
ما إنفّك يرشف ثغره مستنشقا طيب الجنان بطيب مرشفه الشذي
لا غرو إن شفعت بشاشته لمن بسوى إنتشاق شذاه لم يتلذذ
ألأُمُّ فاطمة وألأب الكرار لا أب في الأنام كذا ولا أم كذي
(1) وردت في ديوان الشيخ محسن أبي الحب الحائري القصيدة بعينها وبأبياتها مع إضافة عدد من ألأبيات ، ولا نعلم كيف نسبت لأبي الحب وهي من القصائد ألإثنا عشر التي نظمها السيد

=

ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 75

ألله أكبر ماذا الحادث الجلل فقد تزلزل سهل ألأرض والجبل
ما هذه الزفرات الصاعدات أسى كأنها شُعل قد مدها شعل
ما للعيون عيون الدمع جارية منها تخد خدودا حين تنهمل(1)
ماذا النواح الذي عط القلوب وما هذا الضجيج وذي الضوضاء والزجل(2)
كأن نفخة صور الحشر قد فجأت فالناس سكرى ولا سكر ولا ثمل
قد هل عاشور لو غم الهلال به كأنما هو من شؤم به زحل
شهرٌ دهى الثقلين منه داهمة ثقل النبي حصيد فيه والثقل(3)


=
محمد مهدي بحر العلوم (في ألإمام الحسين ) بقي أن نذكر الفترة الممتدة بين وفاة السيد بحر العلوم وولادة الشيخ أبي الحب تقارب المائة عام : أنظر ديوان محسن أبي الحب ص 161 ، ألكليدار ، بغية النبلاء في تاريخ كربلاء ص 165 .
(1) تخد : خدَّ : شق ، وألأخدود بالضم ، شق مستطيل في ألأرض ، إبن منظور ، لسان العرب 3 / 161 ، الفراهيدي ، العين 4 / 138 ، الرازي ، مختار الصحاح 1 / 170 .
(2) الزجل : الصوت ، يقال سحاب (زَجِلٌ) أي ذو رعد ، إبن منظور ، لسان العرب 11 / 302 ، ، الرازي ، مختار الصحاح 1 / 113 .
(3) داهمةٌ : دهمهم ألأمر : غشيهم ، الرازي ، مختار الصحاح 1 / 213 .
ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 76

قامت قيامة أهل البيت وإنكسرت سفن ألنجاة وفيها العلم والعمل
وإرتجت ألأرض والسبع الشداد وقد أصاب أهل السموات العلى الوجل
وإهتز من دهشٍ عرش الجليل فلو لا ألله ماسكه أهوى به الميل
جل ألإله فليس الحزن بالغه لكن قلبا حواه حزنه جلل
قضى المصاب بأن تقضي النفوس له لكن قضى ألله أن لا يسبق ألأجل

وقال أيضا راثيا مسلم بن عقيل عليه السلام(1)وهاني بن عروة(2): (بحر الخفيف)

(1) هو مسلم بن عقيل بن ابي طالب بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي ، إتصل بذروة الشرف وكاهل المجد وإنحدر من السنام ألأعظم ، أهمل معظم المؤرخين سنة ولادته فلم تعرف على سبيل التحقيق ويعود السبب في ذلك إلى ألإختلاف في سنه حينما فاز بالشهادة وهذه بعض ألأقوال : 1 ـ عمره 28 سنة ، 2 ـ عمره 34 سنة ، 3 ـ عمره 38 سنة .
نشأ مسلم عليه السلام وترعرع في بيوت الوحي والتنزيل فإنتهل من علوم أهلها ، فقد غذاه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام بمواهبه وعبقرياته ثم لازم الحسن والحسين عليهما السلام فتأثر بسلوكهما وقد إتصل إتصالا وثيقا بالحسين فرشحه للنيابة عنه فبعثه إلى أهل الكوفة يستعلم نياتهم ونزل في دار المختار بن أبي عبيد الثقفي فجعلت جموع الكوفيين تزدحم على باب المختار مبايعة لمسلم عليه السلام ولما رأى منهم مسلم ذلك كتب كتابا حث فيه الحسين على القدوم إلى الكوفة ولكن ألأحداث تسارعت منذ دخول عبيدألله بن زياد الكوفة ثم تدهورت ألأحداث بحيث صلى مسلم بمن كان قد ثبت معه في جامع الكوفة وهم عدد يسير . ولما

=

ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 77

عين جودي لمسلم بن عقيل لرسول الحسين سبط الرسول
لشهيد بين ألأعادي وحيد وقتيل لنصر خير قتيل
جاد بالنفس للحسين فجودي لجواد بنفسه مقتول
فبخيلٌ بدمعه لجواد جاد بالنفس فيه جدُّ بخيل


=
أكمل صلاته لم يجد من يدله على الطريق ، ثم إستضافته تلك الليلة إمرأة يقال لها طوعة ، ما كاد عمود الفجر أن ينبلج حتى جاءه الجيش فقاتل قتال ألأبطال ثم ضعف ، وقد إحتوشوه من كل جانب ومكان ، فأخذوه إلى عبيدألله بن زياد فأمر بقتله ، فقُتل رضوان ألله عليه . راجع المقاتل وكتب السير منها : حياة الشهيد الخالد مسلم بن عقيل تأليف العلامة الشيخ باقر القرشي فقد أفاض في البحث .
(2) هاني بن عروة بن نمران بن عمرو بن قعاش بن عبد يغوث بن مخدش بن حصر بن غنم بن عوف بن منبه بن غطيف بن مراد بن مذحج ، أبو يحيى المذحجي المرادي الغطيفي ، كان هانئ صحابيا كأبيه عروة وكان معمرا وكان هو وأبوه من وجوه الشيعة وحضر مع أمير المؤمنين عليه السلام حروبه الثلاثة وهو القائل يوم الجمل :
يالك حربا حثها جفالها يقودها لنقصها ضلاّلها
هذا علي حوله أقيالها

وكان عمره يوم قتل بضعا وتسعين سنة وذكر بعضهم أن عمره كان ثلاثا وثمانين وكان يتو كأ على عصا بها زج وهي التي ضربه بها إبن زياد .

وروي أن هانئا كان شيخ مراد وزعيمها يركب في أربعة آلاف دارع وثمانية آلاف راجل فإذا تلاها أحلافها من كندة ركب في ثلاثين الف .
ولما رأى إجتماع الناس على مسلم بن عقيل وهو سفير الحسين وممثله ثم رأى إقتياد المختار إلى السجن ففتح بيته لمسلم ولما جاء عبيدألله بن زياد الكوفة وإستتبت له ألأمور علم من بعض العيون أن هانئ يجير مسلم فبعث خلف هانئ ثم جرى حوار بينهم ، سُجن على أثره هانئ ثم اقتيد إلى سوق الجزارين فقُتِل بمرأى ومسمع من عشيرته وذلك في أواخر سنة 60 هـ . أنظر : البروجردي ، طرائف المقال 2 /73 ، ألخوئي ،المعجم 20 / 274 ، ألطريحي ، مجمع البحرين 4 / 440 ، ألذهبي ، سير أعلام النبلاء 3 / 307 ـ 308 ، تاريخ الطبري 3 / 275 .
ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 78

وقليل من مسلم طل دمع لدم بعد مسلم مطلول(1)
أخبر الطهر إنه لقتيل في وداد الحسين خير سليل
وعليه العيون تسبل دمعا هو للمؤمنين قصد السبيل(2)
ويصلي المقربون عليه مثل ميكال قربا أو جبريل
وبكاه النبي شجوا بفيض من جوى صدره عليه هطول
قائلا إنني إلى ألله اشكو ما ترى عترتي عقيب رحيلي(3)
فإبك من قد بكاه أحمد شجوا قبل ميلاده بعهد طويل


(1) طل : الطل ، أضعف المطر ، إبن منظور ، لسان العرب 10 / 134 ، ألفيروز آبادي ،القاموس المحيط 1 / 1594 .
مطلول : طل دمه فهو مطلول وأطل دمه (طله ) ألله تعالى وأطله أهدره ، إبن منظور ، لسان العرب 11 / 405 .
(2) سبل : اأسبل المطر والدمع هطل ، الرازي ، مختار الصحاح 1 / 284 .
ألأبيات (6 ـ 11) تبين ما أراده النبي صلى ألله عليه وآله وسلم عندما سأله ألإمام أمير المؤمنين حسب ما رواه إبن عباس بقوله (إنك لتحب عقيلا )
فقال النبي : (إي وألله إني أحبه حبا له وحبا لحب أبي طالب له ، وإن ولده المقتول في محبة ولدك تدمع عليه عيون المؤمنين وتصلي عليه الملائكة المقربون) ثم قال صلى ألله عليه وآله وسلم بصوت حزين النبرات : (أللهم إني اشكو إليك ما تلقى عترتي من بعدي) : أنظر : أمالي الصدوق ص 128 ، المجلسي ، بحار ألأنوار 22 / 288 .
المراد بالعترة كما ورد في مختار الصحاح 1 / 410 (عِتْرةُ) الرجل نسله ورهطه ألأدنون . أي أن النبي صلى ألله عليه وآله وسلم أنزل مسلم بمنزلة المقربين من آله مع العلم أن مسلم يلتقي مع النبي في عبدالمطلب وتعليل ذلك أن عبدألله والد النبي وأبا طالب جد مسلم هما أخوان من أب واحد وأم واحدة هي فاطمة بنت عائذ بن مخزوم ، وهذه فضيلة إختص بها بنو أبي طالب دونما ذراري أبناء عبدالمطلب .
(3) أنظر الهامش المتقدم .
ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 79

وبكاه الحسين وألآل لما جاءهم نعيه بدمع همول(1)
كان يوما على الحسين عظيما وعلى ألآل أي يوم مهول
منذرا بالذي يحلُّ بيوم بعده بالطفوف قبل الحلول
فأقاموا العزاء من فادحيه ببكاء ورنة وعويل
وينات البتول يندبن فيه مسلما والحسين نجل الرسول


(1) روى عبدألله بن سليمان والمنذر بن المشمعل ألأسديان قالا : لما قضينا حجنا لم تكن لنا همة إلا ألألتحاق بالحسين في الطريق للنظر ما يكون من أمره فأقبلنا ترقل بنا ناقاتنا مسرعين حتى لحقناه بزرود فلما دنونا منه إذا نحن برجل من أهل الكوفة قد عدل عن الطريق حين رأى الحسين فوقف كأنه يريده ثم تركه ومضى ومضينا نحوه فقال أحدنا لصاحبه أذهب بنا إلى هذا لنسأله فإن عنده خبر الكوفة فمضينا حتى إنتهينا إليه فقلنا السلام عليك فقال وعليكما السلام قلنا ممن الرجل ؟ قال اسدي قلنا ونحن أسديان فمن أنت قال أنا بكر بن شعبة ألأسدي فإنتسبنا له ، قلنا له أخبرنا عن الناس وراءك قال نعم ، لم أخرج من الكوفة حتى قتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة ورأيتهما يجران بأرجلهما في السوق فأقبلنا حتى لحقنا بالحسين عليه السلام فسايرناه حتى نزل الثعلبية فجئناه حين نزل فسلمنا عليه فرد علينا السلام فقلنا له يرحمك ألله إن عندنا خبرا إن شئت حدثناك علانية وإن شئت حدثناك سرا فنظر إلينا وإلى أصحابه ثم قال : ما دون هؤلاء سر فقلنا له أرأيت الراكب الذي إستقبلته عشية أمس قال نعم وقد أردت مسألته فقلنا قد وألله إستبرأنا لك خبره وكفينا مسألته وهو إمرؤ منا ذو رأي وصدق وعقل وأنه حدثنا أنه لم يخرج من الكوفة حتى قتل مسلم وهانئ ورآهما يجران بألأسواق فقال إنا لله وإنا إليه راجعون رحمة ألله عليهما يردد ذلك مرارا فقلنا له : ننشدك ألله في نفسك وأهل بيتك إلا إنصرفت من مكانك هذا فإنه ليس لك بالكوفة ناصر ولا شيعة بل نتخوف أن يكون عليك ما كان على إبن عمك ، فنظر إلى بني عقيل فقال ما ترون فقد قتل مسلم فقالوا وألله ما نرجع حتى نصيب ثأرنا أو نذوق ما ذاق فأقبل علينا الحسين عليه السلام وقال لا خير في العيش بعد هؤلاء فعلمنا أنه قد عزم رأيه على المسير فقلنا له خار ألله لك فقال رحمكما ألله فقال له أصحابه إنك وألله ما أنت مثل مسلم بن عقيل ولو قدمت الكوفة لكان الناس إليك أسرع فسكت . أنظر : ألخوارزمي ، مقتل الحسين ص 238 .
ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 80

ويح ناعيه قد أتى حيث يرجى أن يجي البشير بالمأمول
ليس عن من مضى لهن عزاء غير ماض بمثل ذاك السبيل
أبدل الدهر بالبشير نعيا هكذا الدهر آفة من خليل
فأحثّوا الركاب للثار لكن ثأره بكل ثار قتيل(1)
فيهم ولده وولد أبيه كم لهم في الطفوف من مقتول(2)
كم فدى بالنفوس آل علي آل خير ألأنام آل عقيل


(1) أحثوا : حثه على الشيء ، وإستحثه أي حضه وولى حثيثا أي مسرعا حريصا ، الرازي ، مختار الصحاح 1 / 122 .
الركاب : ألإبل التي يسار عليه ، الواحدة راحلة ولا واحد لها من لفظها ، الرازي ، مختار الصحاح 1 / 254 .
يشير السيد في هذه ألأبيات إلى كيفية وصول خبر قتل مسلم عليه السلام ، فقد ذكر اصحاب المقاتل والسير ما نصه : «أتى الفرزدق الشاعر إلى الحسين فسلم عليه وقال : يابن رسول ألله كيف تركن إلى أهل الكوفة وهم الذين قتلوا إبن عمك مسلم بن عقيل وشيعته (إشارة إلى هانئ بن عروة وعبدألله بن يقطر ) فإستعبر الحسين عليه السلام باكيا ثم قال : رحم ألله مسلما فلقد صار إلى روح ألله وريحانه وجنته ورضوانه أما أنه قد قضى ما عليه وبقي ما علينا ، يعني لكل أجل كتاب له يوم قد كتب ألله عليه فيه القتل ولنا يوم فأدرك مسلم يومه وبقي يومنا » . إبن طاووس ،أنظر اللهوف ص 74 .
(2) أما أولاد مسلم عليه السلام فهم عبدألله ـ أول شهيد من أهل البيت ـ وعليا وأمهما رقية بنت أمير المؤمنين ومحمد وقد إستشهد أيضا في الطف وأمه أم ولد وله أيضا طفلان قتلا صبرا عند شاطئ الفرات وهما محمد وجعفر وقيل إبراهيم وعبدألرحمن . ألقرشي ، حياة مسلم بن عقيل ص 67 ـ 70 .

أما عقيل بن أبي طالب فقد أولد مسلما وجعفرا وعبدالرحمن وعليا ألأكبر وعبدألله ألأكبر وأبا سعيد وعبدألله ألأصغر وعونا ومحمدا ويزيدا وحمزة وعيسى وعثمان وقد قتلوا غير واحد بقي منهم وهو محمد بن عقيل وفيه إنحصر عقب عقيل بن ابي طالب . أنظر إبن عنبة ، عمدة الطالب ص 32 .
ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 81

آل من كان للحبيب حبيبا كأبي طالب أبيه النبيل
خصه المصطفى بحبين حب من أبيه له وحب أصيل
لو رأى نصر مسلم لبنيه زاد في الحب أي حب دخيل
قال فيه الحسين أي مقال كشف الستر عن مقام جليل
إبن عمي أخي ومن أهل بيتي ثقتي قد أتاكم ورسولي (1)
فأتاهم وقد أتى أهل غدر بايعوه واسرعوا في النكول(2)
تركوه لدى الهياج وحيدا لعدو مطالب بذحول(3)
أسلموا مسلما إليه وطاروا لا ترى غير مسلم وخذول
لست انساه إذ تسارع قوم نحوه من طغاة كل قبيل


(1) يشير السيد قدس سره إلى رسالة ألإمام الحسين عليه السلام إلى أهل الكوفة التي ضمنها وثيقة سفارة مسلم بن عقيل عليه السلام وقد تضمنت ما يلي :
بسم ألله الرحمن الرحيم

من الحسين بن علي إلى الملأ من المسلمين ، أما بعد : فإن هانيا وسعيدا قدما علي بكتبكم وكان آخر من قدم عليَّ من رسلكم وقد فهمت كل الذي ذكرتم ومقالة جلكم أنه ليس لنا إمام فأقبل لعل ألله أن يجمعنا بك على الهدى ، وأنا باعث إليكم أخي وإبن عمي وثقتي من أهل بيتي ، فإن كتب إليَّ أنه قد أجمع رأي احداثكم وذوي الفضل منكم على مثل ما قدمت به رسلكم وتواترت به كتبكم ، أقدم عليكم وشيكا إن شاء ألله ولعمري ما ألإمام إلا الحاكم بالقسط بدين ألله الحابس نفسه على ذات ألله .
إبن شهر آشوب ، المناقب 4 / 90 ، المفيد ، ألإرشاد 2 / 39 ، الطبرسي ، أعلام الورى ص 423 ، إبن الفتال ، روضة الواعظين 1 / 173 .
(2) النكول : نكل عن الدعو وعن اليمين أي جبن ، الرازي ، مختار الصحاح 1 / 679 .
(3) الهياج : هاج الشيء ثار ، ألرازي ، مختار الصحاح 1 / 703 .
ذحول : جمع (الذحل ) ، الحقد والعداوة ، يقال طلب بذحله أي بثأره ، إبن منظور ، لسان العرب 11 / 256 .
ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 82

وأحاطوا به فكان نذيرا بإقتحام الرجال وقع الخيول
صال كالليث ضاربا كل جمع بشبا حد سيفه المسلول
كلما أقبلوا إليه أتاهم مصلتا أي صارم مصقول(1)
وإذا إشتد جمعهم شد فيهم بحسام بقرعهم مفلول
فرأى القوم منه كرّ عليٍّ عمه في النزال عند النزول
كف عنه وقد تمكن منه إذ أتى الدار عائدا للعليل(2)
لم ير الفتك بالمنافق دينا فجزاه اللعين بالتمثيل
ثم ثنّى بشيخ مذحج هاني سيد المصر كله والقبيل
ماجد وجه شيعة ألآل بر مخلص في ولائه مقبول
أدرك المصطفى ووالى عليا وبنيه الهداة ولد البتول


(1) مصلتا : الصلت البارز المستوي ، وسيف صلت أي الصقيل الماضي ، وقيل لا يقال للسيف صلت إلا لما كان فيه من الطول ، إبن منظور ، لسان العرب 2 / 53 .
(2) يشير السيد رحمه ألله إلى أن إبن زياد جاء عائدا لشريك بن ألأعور وهو مريض في بيت هاني بن عروة وقبل أن يأتي إبن زياد شريكا قال شريك لمسلم (إنما غايتك وغاية شيعتك هلاك هذا الطاغية ، وقد أمكنك ألله منه وهو صائر إلي ليعودني فقم وإدخل الخزانة حتى إذا إطمأن عندي فأخرج إليه فأقتله ، ثم صر إلى قصر ألإمارة فأجلس فيه فإنه لا ينازعك فيه أحد من الناس وإن رزقني ألله العافية صرت إلى البصرة فكفيتك أمرها ، وبايع لك أهلها ) ، فلم يفعل مسلم ما أشار عليه شريك فقال له شريك ما منعك من قتله ؟ فقال مسلم : منعني منه خلتان : إحداهما كراهية هاني لقتله في منزلة ، وألأخرى قول رسول ألله صلى ألله عليه وآله وسلم : إن ألإيمان قيد الفتك لا يفتك مؤمن ، فقال له شريك : أما وألله لو قتلته لأستقام لك أمرك وإستوسق لك سلطانك ، وقال هاني لمسلم : لو قتلته ، لقتلت فاسقا فاجرا كافرا غادرا .
أنظر المجلسي ، بحار ألأنوار 44 / 344 .
ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 83

وحمى مسلما بأمنع جيل وجوار ومنزل ومقيل(1)
كان في ذاك حافظا لذمار وذمام وحرمة للنزيل(2)
ولقربى الرسول إذ كان فرضا حبهم في كرائم التنزيل
فدعاه اللعين باللُطف مكرا ثم ابدى له ضمير محيل
طالبا مسلما فلما أباه دُعَّ للسجن بعد خطب طويل
كان في ذلك إنعكاس ألأماني وإنتقاض لحبله المفتول
وأذيق الحتوف من بعد صبرا مثل ما ذاق مسلم بن عقيل
فعلى مسلم وهاني سلام يتتالى من السلام الجليل
نضِرٌ طيب يفوح شذاه كل يوم ببكرة وأصيل(3)
رضي ألله عنهما برضاه لرضاء الرسول وإبن الرسول
وبنصر الحسين وهو بعيد وبجهد على الوفا مبذول
وبما حل من جميل بلاء وبصبر على البلاء جميل
سعد الفائزون بالنصر يوما عزّ فيه النصير لإبن البتول
أحسنوا صحبة الحسين وفازوا أحسن الفوز بالحباء الجزيل(4)


(1) مقيل : القائلة ، الظهيرة ، وقيلولة النوم في الظهير ومقيلا موضع ذلك النوم ، الرازي ، مختار الصحاح 1 / 559 .
(2) الذمار : ذمار الرجل ، هو كل ما يلزمك حفظه وحمايته والدفع عنه وإن ضيعه لزمه اللوم وكما يدل على الحر وألأهل ، إبن منظور ، لسان العرب 4 / 312 .
الذمام : الحرمة ، إبن منظور ، لسان العرب 4 / 271 ، إبن ألأثير ، النهاية 2 / 136 .
(3) ألأصيل : الوقت بعد العصر إلى المغرب ، إبن منظور ، لسان العرب 11 / 17 .
(4) الحباء : العطاء ، إبن المطرز ، المغرب 1 / 179 ، ألفيروز آبادي ،القاموس المحيط 1 / 1642 .
ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 84
صبروا للنزال ضحوة يوم ثم باتوا بمنزل مأهول (1)
وأصيبوا بقرب ورد ضماء فأصابوا الورود من سلسبيل
ابدلوا عن حرور يوم تقضّى جنة الخلد تحت ظل ظليل
وبيومٍ بكربلاء مسيء يوم إحسان محسن بالجميل
فهنيئا لهم بحظ عظيم جلل فيه كل حظ جليل
سبقوا في المجال سبقا بعيدا وبقينا نجول في التأميل
مالنا غير أننا نتمنى ونمنّي النفوس بالتعليل
ليتنا ليتنا وهل ليت فينا بُلغةُ النفس أو شفاء الغليل(2)
أخر الدهر جيلنا فخشينا شقوة أخرت عن المأمول
نحن في جيلنا المؤخر نخشى ليت شعري ماحال ذاك الجيل؟
ضيعوا عترة النبي وآسوا وهم بين قاتل وخذول
أي خطب عراهم ودهاهم راح بالدين منهم والعقول(3)
شيعة ألآل كيف آلوا سراعا لإبن حرب عدو آل الرسول
بينما هم على ألأعادي سيوف إذ هم السيف للعدو الذليل
بينما هم إلى الجنان صعودا إذ هووا للسعير والسجيل
بينما هم ضيوف رضوان إذ هم ضيفوا سجن مالك بالنزول
طلبوا الدين جر دنيا فلما أن صفا ما صفا لغير القليل


(1) كأنما أراد السيد قدس سره ما أراده الشيخ حمادي الكواز الحلي بقوله :
نزلوا بأكناف الطفوف ضحى وإلى الجنان عشية رحلوا
(2) البلغة : ما يتبلغ به من العيش ، وتبلغ بكذا أي إكتفى به ، الرازي ، مختار الصحاح 1 / 64 .
(3) عراهم : غشاهم ، إبن منظور ، لسان العرب 12 / 399 .
ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 85

خاب ما أمّلوه إذ لم ينالوا غير خزي وغير ذل طويل
يابن بنت النبي إن فات نصري يوم طعن القنا ووقع النصول
فولائي دليل أني قتيل فيك لو كنت فيه بدو قتيل
باذلا مهجتي وذاك قليل في وداد البتول وإبن البتول
يا ولي ألإله يومك يوم لم يجئ شرحه بنطق وقيل
مقولي صارم وليس كليلا وهو في ذا المصاب أي كليل(1)
وقصاراي فيه جهد مقل منك يرجو قبول ذاك القليل
ما إلى رزئك الجليل سبيل فإلى مسلم جعلت سبيلي
إن يكن لي بكل عضو لسان ما وفى لي بمسلم بن عقيل
لإبن عم الحسين خير شهيد ورسول الحسين سبط الرسول

وله أيضا رادا على مروان بن أبي حفصة (2): (بحر الطويل)

(1) كليل : كل السيف والرمح والطرف واللسان ، يكل أي يعي ويتعب ، إبن منظور ، لسان العرب 3 / 141 .
(2) هو مروان بن سلمان بن يحيى بن أبي حفصة وكنيته أبو الهيذام أو أبو السمط وفي أصله خلاف إذ يذهب أهله إلى جده يزيد الذي يكنى أبا حفصة من موالي عثمان بن عفان ، في حين يجمع أهل المدينة على أنه كان ن موالي السموأل بن عادياء اليهودي ، وأنه من سبي أصطخر ، إشتراه عثمان بن عفان وأسلم على يديه ثم وهبه لمروان بن الحكم فشهد مع مولاه يوم الدار ، قاتل معه عن عثمان قتالا شديدا ثم جرح فحمله مروان وداواه حتى شفي فأعتقه ونزل له عن أم ولد يقال لها سكر ، فأنجبت بنت سماها حفصه ، فحضنها وكني بها ثم تزوج أخرى ولدت له يحيى وتزوج بنت زياد بن هوذة من بني أنف الناقة ، فأنجبت سليمان ورزق سليمان بإبنه مروان باليمامة سنة 105 هـ .
يعد مروان بن أبي حفصة من الشعراء المخضرمين الذين عاشوا في الدولة ألأموية والدولة

=

السابق السابق الفهرس التالي التالي