ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 86

ألا عد عن ذكرى بثينة أوجمل(1) فما ذكرها عندي يُمرُّ ولا يحلي


=
العباسية وأخباره في العصر ألأموي قليلة ، أما أخباره مع بني العباس فكثيرة وهي تدل على عدم إتصاله بأبي العباس السفاح وأبي جعفر الدوانيقي وإن كان يتردد على عماله مثل معن بن زائدة وعبدألله السري فيمدحهم ولما بويع المهدي وفد عليه وإمتدحه ولم يزل يقصده العام بعد ألآخر ثم تحول إلى إبنه الهادي بعد وفاته ثم بعد ذلك إلى هارون ، توفى سنة 182 هـ ، أنظر : المزرباني في معجمه ص 396 ، ألأصبهاني ،ألأغاني 2 / 523 ، 3 / 142 ، إبن المعتز ،طبقات الشعراء ص 52 ، ألخطيب البغدادي ،تاريخ بغداد 13 / 142 ، إبن العماد الحنبلي ، شذرات الذهب 1 / 301 .
لقد كان مروان بن أبي حفصة من أحب الشعراء إلى هارون وأكرمهم عليه ، لأنه كان من أكثرهم مسارعة في هذه المهمة وأكثرهم حرصا عليها ، وكان يصل مدح هارون بالتعريض بالشيعة والهجاء لهم ، ولذلك أغدق عليه ألأموال وفضله على سواه حتى إضطر الشعراء ألآخرون إلى مجاراة مروان في هذه الطريقة تزلفا لهارون وذريعة لنيل جوائزه وكسب رضاه . فمن ذلك قول مروان بن أبي حفصة يمدح هارون ويذكر ولد فاطمة وينحي عليهم وينال من كرامة ألإمام علي عليه السلام من قصيدة أولها :
سلامٌ على جُملٍ وهيهات من جُمل ويا حبذا جُملٌ وإن صرمت حبلي

أنظر : نعمة ألأدب في ظل التشيع ص 151 ـ 152 .
وها نحن نورد ألأبيات الموجودة في الديوان المخطوط .
(1) قال مروان بن أبي حفصة :
سلام على جمل وهيهات من جمل ويا حبذا جمل وإن صرمت حبلي
علي ٌ ابوكم كان أفضل منكم أباه ذوو الشورى وكانوا ذوي الفضل
وساء رسول ألله إذ ساء بنته بخطبته بنت اللعين أبي جهل

=

ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 87

ولا أطربتني البيض غير صحائف محبرة بالفضل ما برحت شغلي
وعوج يقيم ألإعوجاج إنسلالها إذا حان منه الحين حنت إلى السل
وعُد للأُلى هم أصل كل فضيلة ويمم منار الفضل من ربعه ألأصلي
وعرج على ألأطهار من آل هاشم فهم شرفي والفخر فيهم وهم أصلي
وسلم على خير ألأنام محمد وعترته الغر الكرام أُلي الفضل
وخصَّ عليا ذا المناقب والعلى وصي النبي المرتضى خيرة ألأهل


=
فذم رسول ألله صهر أبيكم على منبر بالمنطق الصادع الفصل
وحكّم فيها الحاكمين أبوكم هما خلعاه خلع ذي النعل للنعل
وقد باعها من بعده الحسن إبنه فقد أبطلا دعواكم الرثة الحبل
وضيعتموها وهي في غير أهلها وطالبتموها حين صارت إلى ألأهل
ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 88

وبث لهم بثي فإني فيهم أكابد أقواما مراجلهم تغلي(1)
وقل للذي خاض الضلالة والعمى ومن خبط العشواء في ظلمة الجهل
ومن باع بألأثمان جوهرة الهدى كما باع بالخسران جوهرة العقل
هجوت أناسا في الكتاب مديحهم وفي العقل بان الفضل منهم وفي النقل
ولفقت زورا كادت السبع تنطوي له والجبال الشم تهوي إلى السفل
عًلوا حسبا من أن يصابوا بوصمة فيدفع عن أحسابهم أنا أو مثلي(2)
ولكن أبت صبرا نفوس أبية وأنف حميٌ لا يقر على الذل
فأصغ إلى قولي وهل أنا مسمع غداة أنادي الهائمين مع الوعل(3)


(1) مراجل : المرجل بكسر الميم ، قدر من النحاس ، الرازي ، مختار الصحاح 1 / 230 .
(2) الوصمة : العار والعيب ، الرازي ، مختار الصحاح 1 / 725 .
(3) الوعل : ألأروى وجمعه (وعول ) و (وعال) ، الرازي ، مختار الصحاح 1 / 729 .
ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 89

عليٌّ أبونا كان كالطهر جدنا له ما له إلا النبوة من فضل(1)
وذو الفضل محسود لذي الجهل والعمى لذا حسد الهادي النبي أبو جهل(2)
وعادى عليا كل أرذل أسفل وضولع مدخول الهوى ذاهب العقل(3)


(1) إشارة إلى قول رسول ألله صلى الله عليه وآله وسلم إلى ألإمام علي عليه السلام : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي من بعدي) ، ويسمى هذا الحديث بحديث المنزلة ، وقد روته كثير من كتب الحديث وألأخبار في أسانيد معتبرة مختلفة نذكر بعضها ، أنظر صحيح إبن حبان 15 : 15 ، النيسابوري ، المستدرك على الصحيحين 2 / 367 ، صحيح مسلم 4 / 1870 ، سنن إبن ماجة 1 / 45 ، السنن الكبرى للبهيقي 9 / 40 ، سنن الترمذي 5 / 640 ، مسند إبن حنبل 1/ 177 .
(2) أبو جهل : هو عمرو بن هشام المخزومي ، من الكفار المتأصل الكفر فيهم ، ومن أشد أعداء النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، كان حاسدا وحاقدا على الرسول ألأعظم وقد تحمل منه صلى ألله عليه وآله وسلم ما تحمل في مكة ، وقد قال أبو جهل ذات يوم زاحمنا بنو عبد مناف في الشرف حتى قالوا منا نبي يوحى إليه وألله لا نؤمن به ولا نتبعه أبدا إلا أن يأتينا وحي كما يأتيه .
وقال ألإمام الصادق عليه السلام : إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان من أحسن الناس صوتا بالقرآن فإذا قام في الليل يصلي جاء أبو جهل والمشركون يستمعون قراءته فإذا قال (بسم الله الرحمن الرحيم) ، وضعوا أصابعهم في آذانهم وهربوا فإذا فرغ من ذلك جاءوا فإستمعوا وكان أبو جهل يقول : «إبن إبن أبي كبشة ليردد إسم ربه إنه ليحبه»فقال الصادق : (صدق وإن كان كذوبا ) ، فأنزل ألله تعالى قوله «وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورا»ً (الإسراء46) . أنظر المجلسي ، بحار ألأنوار 18 / 239 ، فرات ، تفسير الكوفي 240 ـ 241 ، النوري ، مستدرك الوسائل 4 / 16 .
(3) ضولع : الضلع أي الميل يقال ضَلعُكَ مع فلان أي ميلك معه وهواك ، الرازي ، مختار الصحاح 1 / 382 .
ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 90

لئن كانت الشورى أبته وقبلها سقيفتهم أصل المفاسد والختل(1)
فقد أنكرت خير البرية ندوة وضلت رجال الرحلتين عن السبل(2)


(1) الختل : الخداع ، الرازي ، مختار الصحاح 1 / 169 .

وفيها إشارة إلى ما جرى في سقيفة بني ساعدة من عزل ونصب وبعدها قضية الشورى وهي مذكورة في كتب السير وقد بين ألإمام علي عليه السلام ذلك في خطبته المعروفة بالخطبة الشقشقية بقوله : حتى إذا مضى إلى سبيله جعلها في جماعة زعم أني أحدهم فيالله وللشورى متى إعترض الريب فيّ مع ألأول منهم حتى صرت أُقرن إلى هذه النظائر ) ، أنظر شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد 1 / 184 وبهامشه إجمال قصة الشورى .
(2) إشارة إلى ألإجتماع الذي دعى إليه الرسول ألأكرم صلى ألله عليه وآله وسلم في دار عمه أبي طالب عند نزول قوله تعالى : «وأنذر عشيرتك ألأقربين»(سورة الشعراء آية : 214 . وكانوا يومئذ أربعين رجلا يزيدون رجلا أو ينقصونه وفيهم أعمامه أبو طالب والحمزة والعباس وأبو لهب ، ومما قاله النبي صلى ألله عليه وآله وسلم فيه : (يا بني عبدالمطلب إني وألله ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بأفضل ما جئتكم بخير الدنيا وألآخرة ، وقد أمرني ألله أن أدعوكم إليه ، فأيكم يؤازرني على أمري هذا ، على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم ، فأحجم القوم عنه غير علي عليه السلام فأخذ رسول ألله صلى ألله عليه وآله وسلم برقبته ، وقال : إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم ، فإسمعوا له وأطيعوا . فقالم القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع لإبنك وتطيع .
أنظر : المجلسي ، بحار ألأنوار 18 / 44 ، المفيد ، ألإرشاد 1 / 49 ، الطبرسي ، أعلام الورى ص 162 ، ألطوسي ،ألأمالي ص 581 ، الفرات ، تفسير الكوفي ص 299 ، إبن الراوندي ،الخرائج والجرائح 1 / 62 ، إبن الفتال ، روضة الواعظين 1 / 52 .

ورجال الرحلتين هم قريش ، ورحلة قريش الرحلتين ، إحداهما إلى الشام في الصيف ، وألأخرى إلى اليمن في الشتاء ، تفسير الطبري 30 / 307 .
ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 91

وحاربه أهل الكتاب ببغيهم وكانوا به يستفتحون لدى الوهل(1)
وأصحاب موسى السامريُّ أضلهم بعجل فضلوا عاكفين على العجل
وقد كُذّب الرسل الكرام وقوتلوا فما ضرهم خذلان قوم ذوي جهل
ولو كانت الشورى لقوم ذوي فضل لما عدلوا بألأمر يوما إلى الرذل
أبوا حيدرا إذ لم يكونوا كمثله وما الناس إلا مائلون إلى المثل
أبوه ويأبى ألله إلا الذي أبوا وهل بعد حكم ألله حكم لذي عدل
له في العقود العاقدات له الولا من ألله عقد مبرم غير منحل(2)
وكم في كتاب ألله من حجة له وآيات فضل شاهدات على الفضل


(1) الوهل : لقيه أول (وهلة ) أي أول شيء ، الرازي ، مختار الصحاح 1 / 738 .
(2) مبرم : من الثياب ، المفتول الغزل ، ومنه سمي المبرم ، الرازي ، مختار الصحاح 1 / 50 .
ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 92

كشاهد هود ثم يتلوه شاهدٌ من الرعد وألأحزاب والنمل والنحل(1)


(1) إشارة إلى قوله تعالى «أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ» (هود17) فقد روي عن الصادق عليه السلام عن تفسير قوله «أَفَمَن كَانَ ....» فقال : (أمير المؤمنين صلوات ألله عليه الشاهد على رسول ألله صلى ألله عليه وآله وسلم ورسول ألله على بينة من ربه ، أنظر الكافي للكليني 1 / 190 ، ، المجلسي ، بحار ألأنوار 9 / 213 ، ألأمالي للمفيد / 145 ، تاويل ألآيات للحسيني ص 234 ، تفسير العياشي 2 / 142 ، تفسير الكوفي ص 187 ، الحسكاني ، شواهد التنزيل 1 / 359 .
ثم أشار قدس سره إلى قوله تعالى «أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ» (الرعد19).
فعن أبي جعفر عليه السلام قال في معنى قوله تعالى «أَفَمَن يَعْلَمُ...».هو علي بن أبي طالب ، وألأعمى هنا هو عدوه وأولوا ألألباب شيعته الموصوفون بقوله تعالى «الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَلاَ يِنقُضُونَ الْمِيثَاقَ» (الرعد20) المأخوذ عليهم في الذر بولايته يوم الغدير . أنظر المجلسي ، بحار ألأنوار 24 / 401 ، تأويل الآيات الظاهرة للحسيني ص 238 .
كما أشار قدس سره إلى قوله تعالى «مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً» (الأحزاب23) .
قال علي عليه السلام كنت عاهدت ألله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم أنا وعمي حمزة وأخي جعفر وإبن عمي عبيدة بن الحارث على أمر وفينا به لله ولرسوله فتقدمني أصحابي وخلفت بعدهم لما أراد ألله سبحانه فأنزل ألله سبحانه ألآية «مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا ....» فأنا المنتظر وما بدلت تبديلا .
تأويل ألآيات الظاهرة للحسيني ص 442 ، وجاء في نفس المعنى المتقدم ، تفسير القمي 2 / 188 ، الخصال للصدوق 2 / 275 ، الحسكاني ، شواهد التنزيل 2 / 5 ، البياضي ، الصراط المستقيم 1 / 255 ، ألأربلي ، كشف الغمة 1 / 190 ، إبن شهر آشوب ، المناقب 2 / 22 ، المجلسي ، بحار ألأنوار 64 / 190 .
وفي البيت إشارة إلى قوله تعالى «مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ

=

ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 93

إمام أتى فيه من ألله ما أتى وهل قد أتى في غيره هل أتى قل لي (1)
وبلّغ فيه المصطفى أمر ربه على منبر بالمنطق الصادع الفصل
فقال ألستم تعلمون بأنني أحق وأولى الناس بالناس في الكل(2)
فقالوا بلى قال النبي فأنت يا أبا حسنٍ أولى الورى بالورى مثلي


=
وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ» سورة النمل آية : 89 ـ 90 . في تفسيرها قال ألإمام الصادق : (الحسنة ولاية علي بن أبي طالب ، والسيئة عداوته وبغضه ) .
أنظر : تأويل ألآيات الظاهرة للحسيني ص 404 ، المجلسي ، بحار ألأنوار 24 / 43 .
أيضا أشار السيد إلى قوله تعالى «وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي اللّهِ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ»سورة النحل : آية 41 ، فعن عبدألله بن عباس قال في قوله تعالى : «وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي اللّهِ ...» قال هم جعفر وعلي بن أبي طالب ظلمهم أهل مكة وأخرجوهم من ديارهم حتى لحقوا بالحبشة الحسكاني ، شواهد التنزيل 1 / 431 .
(1) وفيه إشارة إلى سورة الدهر والتي نصت كتب التفاسير والتواريخ في نزولها بعلي وفاطمة والحسن والحسين وهي من المسلمات التي لا تحتاج إلى ذكر مصادر .
(2) إشارة إلى حادثة الغدير (غدير خم ) وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ألإمام علي عليه السلام : (ألستم تعلمون أني أولى الناس بالمؤمنين من أنفسهم ) قالوا بلى يا رسول ألله ، فقال : (من كنت مولاه فهذا علي مولاه) وسمي بحديث الولاية الذي نص فيه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على الولاية من بعده للإمام علي عليه السلام وقد روته عدد غير قليل من كتب ألأخبار والحديث ، أنظر تفسير إبن كثير 2 / 15 ، ألسيوطي ،الدر المنثور 3 / 19 ، صحيح إبن حبان 15 / 376 ، سنن النسائي 5 / 45 .
ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 94

وأنزله منه بمنزلة مضت لهارون من موسى بن عمران من قبل(1)
وشبهه بألأنبياء لجمعه جميع الذي فيهم من الفخر والنبل
له حكم داود وزهد بن مريم ومجد خليل ألله ذي الفضل والبذل(2)
وتسليم إسمعيل عند مبيته وعزم كليم ألله في شدة ألأزل(3)


(1) إشارة إلى حديث المنزلة المتقدم .
(2) تقدم في ألأبيات تشبيه أمير المؤمنين عليه السلام بألأنبياء عليهم السلام وقد أخذ السيد قدس سره الحديث الوارد عن النبي صلى ألله عليه وآله وسلم ( من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه وإلى نوح في فهمه وإلى يحيى بن زكريا في زهده وإلى موسى بن عمران في بطشه فينظر إلى علي بن أبي طالب ) وفي حديث آخر : ( من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه وإلى نوح في تقواه وإلى إبراهيم في حلمه وإلى موسى في هيبته وإلى عيسى في عبادته فلينظر إلى علي بن أبي طالب ) . أنظر في ألصدوق ،ألأمالي ص 659 ، ألطوسي ،ألأمالي 416 ، ألمفيد ،ألأمالي ص 14 ، إبن الفتال ، روضة الواعظين 1 / 128 ، إبن أبي الحديد 7 / 220 ، الحسكاني ، شواهد التنزيل 1 / 103 ، البياضي ، الصراط المستقيم 1 / 103 ، ألأربلي ، كشف الغمة 1 / 113 .
(3) إشارة لقصة مبيت ألإمام علي عليه السلام على فراش النبي صلى ألله عليه وآله وسلم عندما هاجر النبي من مكة إلى المدينة ، وقد ذكرها الشاعر الفذ الحاج هاشم الكعبي في داليته الرائعة منها :
ومواقف لك دون أحمد جاوزت بمقامك التعريف والتحديدا
فعلى الفراش مبيت ليلك والعدى تهدي إليك بوارقا ورعودا
فرقدت مثلوج الفؤاد كأنما يهدي القراع لسمعك التغريدا
فكفيت ليلته وقمت معارضا للنفس لا فشلا ولا رعديدا

=

ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 95

وحكمة إدريس وأسماء آدم وشكر نجي ألله في عهد ذي الكفل
وخطب شعيب في خطابة قومه وخشية يحيى البر في هيبة الحُكل(1)
وكان عديل المصطفى ومثيله وهل لعديل الطهر أحمد من مثل(2)
وكان ألأخ البر المواسي بنفسه ومن لم يخالفه بقول ولا فعل(3)


=
وإستصبحوا فرأوا دُوَيْنَ مرادهم جبلا أشم وفارسا صنديدا
رصدوا الصباح لينفقوا كنز الهدى أوَ ما دروا كنز الهدى مرصودا
أنظر رياض المدح والرثاء للبلادي ص 357 .
(1) الحُكل : ما لا يسمع له صوت ، فيقال تكلم كلام الحُكل ، أي كلاما لا يفهم ، إبن منظور ، لسان العرب 11 / 162 .
(2) إشارة لقول المصطفى ألأكرم صلى الله عليه وآله وسلم في حقه عليه السلام «يا علي ، خلق ألله الناس من أشجار شتى وخلقني وأنت من شجرة واحدة ، أنا أصلها وأنت فرعها فطوبى لعبد تمسك بأصلها وأكل من فرعها ».
ألأمالي للطوسي ص 610 ، وجاء في نفس المعنى أعلاه ، بشارة المصطفى للطبري ص 41 ، تأويل الآيات الظاهرة للحسيني ص 533 ، الحسكاني ، شواهد التنزيل 1 / 376 ـ 377 ـ عيون أخبار الرضا للصدوق 2 / 63 ، ألأربلي ، كشف الغمة 1 / 52 .
(3) وأي مواساة أعظم من مواساته للنبي وقد باهى به الجليل ملائكته ليلة مبيته على فراش النبي فأوحى ألله لجبرائيل وميكائيل «إني قد آخيت بينكما وجعلت عمر أحدكما أطول من ألآخر فمن يؤثر صاحبه بالحياة »، فإختار كل منهما الحياة ، فأوحى ألله إليهما «ألا كنتما كوليي

=

>
ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 96

وأول من صلى وآمن وإتقى وأعلم خلق ألله بالفرض والنفل(1)


=
علي آخيت بينه وبين محمد صلى ألله عليه وآله وسلم فبات على فراشه يفديه بنفسه ويؤثره بالحياة ، إهبطا إلى ألأرض فإحفظاه من عدوه». فنزل جبرئيل وميكائيل إلى ألأرض وجلس جبرئيل عند رأس أمير المؤمنين وميكائيل عند رجليه فقال جبرائيل (بخ بخ من مثلك يابن أبي طالب فقد باهى ألله بك ملائكته) .
أنظر تفسير الكوفي ص 65 ، في قوله تعالى «وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ» (البقرة207) ، أنظر أيضا : المجلسي ، بحار ألأنوار 19 / 54 ، ألأمالي للطوسي ص 446 ، تفسير العياشي 1 / 101 ، إبن الفتال ، روضة الواعظين 1 / 104 ، الحسكاني ، شواهد التنزيل 1 / 130 .
(1) أجمعت كتب السيرة والتاريخ على أن ألإمام أمير المؤمنين عليه السلام هو أول من صلى من الرجال فعن عفيف الكندي ، قال : كنت تاجرا فقدمت مكة للحج ، فأتيت العباس بن عبدالمطلب لأبتاع منه بعض التجارة وكان تاجرا ، فوألله إني لعنده بمنى إذ خرج رجل من خباء قريب منه ، فنظر إلى الشمس ، فلما رآها قد مالت قام يصلي ، قال ثم خرجت إمرأة من الخباء الذي خرج ذلك الرجل منه فقامت خلفه ثم خرج غلام قد راهق الحلم من ذلك الخباء ، فقام معه ، فصلى ، فقلت للعباس : من هذا يا عباس ؟ قال : هذا محمد بن عبدألله بن أخي ، فقلت ومن هذه المرأة قال : إمرأته خديجة بنت خويلد ، فقلت ومن هذا الفتى فقال : علي بن أبي طالب فقلت ما هذا الذي يصنع قال يصلي وهو يزعم أنه نبي ولم يتبعه على أمره إلا إمرأته وإبن عمه هذا الفتى وهو يزعم أن ستفتح عليه كنوز كسرى وقيصر وكان عفيف بن عم ألأشعث يقول بعد ذلك وقد أسلم لوكان ألله رزقني ألإسلام يومئذ فأكون ثانيا مع علي عليه السلام . أنظر : النيسابوري ، المستدرك على الصحيحين 3 / 571 ، ألطبري ، الرياض النضرة 1 / 416 ، تاريخ الطبري 1 / 537 ، إبن كثير ،البداية والنهاية 3 / 26 ، ألشيباني ، فضائل الصحابة 2 / 591، إبن سعد ،الطبقات الكبرى 3 / 21 ، ألقزويني ،التدوين في أخبار قزوين 1 / 79 ، الفاكهي في أخبار مكة 3 / 214 ، إبن ألأثير ،الكامل 1 / 582 ، وقد ذكرتها مصادر عديدة غير التي أوردناها .

=

ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 97

وأشجعهم قلبا وأبسطهم يدا وأرعاهم عهدا وأحفظ للآل(1)
وأكرمهم نفسا وأعظمهم تقى وأسخاهم كفا وإن كان ذا قلِّ(2)


=
أما إسلامه وإيمانه بألله ، فقد روى كثير من أئمة الحديث أنه لا خلاف في أن أول من أسلم علي بن ابي طالب . الرياض النضرة للطبري 1 / 416 ، تاريخ الطبري 1 / 537 ، إبن كثير، البداية والنهاية 3 / 26 ، ألشيباني ،فضائل الصحابة 2 / 591 ، طبقات إبن سعد 3 / 21 ، إبن الأثير، الكامل 1 / 582 .
أما علمه فقد روى سلمان الفارسي قال : قال رسول ألله صلى الله عليه وآله وسلم : (أعلم أمتي بعدي علي بن أبي طالب ) ، العلامة الحلي ، كشف اليقين ص 14 . (1) مما لا جدال فيه عند المؤرخين أن الشجاعة صفة بارزة من صفات أمير المؤمنين عليه السلام وقول جبرئيل يوم أحد :
لا فتى إلا علي لا سيف إلا ذو الفقار

دليل ما بعده دليل على مصداقية معنى الشجاعة التي صار أسم علي عليه السلام رديفا لها .
(2) إن الكرم كان شأن أمير المؤمنين وسخاؤه مشهور طفحت به الكتب وما سورة الدهر إلا برهان على ذك ، وقد اشرنا إليها آنفا .
كذلك قوله تعالى «وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» (الحشر9) ، في رواية عن ألإمام الصادق عليه السلام في قوله تعالى : «وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ....» قال عليه السلام بينما علي عليه السلام عند فاطمة عليها السلام إذا قالت يا علي إذهب إلى أبي فأبغنا منه شيئا فقال نعم فأتى رسول ألله صلى ألله عليه وآله وسلم فأعطاه دينارا وقال له يا علي إذهب فإبتع به لأهلك طعاما فخرج من عنده فلقيه المقداد إبن ألأسود فقاما ما شاء ألله أن يقوما وذكر له حاجته فأعطاه الدينار وإنطلق إلى المسجد فوضع رأسه فنام فإنتظره رسول ألله صلى ألله عليه وآله وسلم فلم يأت ثم إنتظره فلم يأت فخرج يدور في المسجد فإذا هو بعلي عليه السلام نائما في المسجد فحركه رسول ألله صلى الله عليه وآله وسلم فقعد فقال يا علي ما صنعت فقال يا رسول ألله صلى الله عليه وآله وسلم خرجت من عندك فلقيت المقداد إبن ألأسود فذكر ما شاء ألله أن يذكر فأعطيته الدينار فقال رسول ألله صلى الله عليه وآله وسلم أما أن جبرئيل قد

=

ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 98

حبيب حبيب ألله نفس رسوله ونور مجلي النور في العلو والسفل
رقى فإرتقى في القدس مرقى ممنعا تجاوز فيه الوهم عن مبلغ العقل(1)
تحيرت ألألباب في ذات ممكن تعالى عن ألإمكان في الوصف والفعل
تجمعت ألأضداد فيه من العلى فعز عن ألأنداد والشبه والمثل (2)


=
أنبأني بذلك وقد أنزل ألله فيك كتابا ويؤثرون على أنفسهم ....) .
أنظر : المجلسي ، بحار ألأنوار 36 / 59 ، الحسيني، تأويل ألآيات ص 654 .
(1) يشير قدس سره إلى المعراج ، وقد أحببنا بهذه المناسبة إيراد أبيات من القصيدة الشمسية للشيخ كاظم الأزري رحمه ألله بهذه المناسبة :
من تسنى متن البراق ليطوي صحف أفلاكه به فطواها
وترقى لقاب قوسين حتى شاهد القبلة التي يرضاها
حيث لا همس للعباد كأن ألله من بعد خلقها افناها
داس ذاك البساط منه برجل نير كل سؤدد نعلاها
وعلى متنه يد ألله مُدّت فأفاضت عليه روح نداها
وأراه ما لا يرى من كنوز الصمدانية التي اخفاها
(2) يشير إلى ما حازه أمير المؤمنين عليه السلام من الصفات والتي قد تكون من ألأضداد والتي أشار إليها الشاعر صفي الدين الحلي رحمه ألله بقوله :
جُمعت في صفاتك ألأضداد فلهذا عزت لك ألأنداد
زاهد حاكم حليم شجاع ناسك فاتك فقير جواد
شيم ما جمعن في بشر قط ولا حاز مثلهن العباد

=

ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 99

أذلك أم من للمعايب عيبة تفرع كل العيب عن كفره ألأصلي
تطامن لّلات الخبيثة أعصرا وزاد نفاقا حين أسلم عن ختل(1)
ومصطنعٌ ربا بكفيه لاكه بفكيه لما جاع وإضطر للأكل
ومن جهل ألأب الذي كل سائم به عارف راعٍ فصيل إلى عجل(2)
ومن كل عن فهم الكلالة فهمه مُقرّا بكل العجر عن ذاك والكل(3)


=
خلق يخجل النسيم من العطف وبأس يذوب منه الجماد
فلهذا تعمقت فيك أقوام بأقوالهم فزانوا وزادوا
وغلت في صفات فضلك (يس) و(صاد) وآل ياسين وصاد

أنظر : صفي الدين الحلي ، ديوان ص 55 ـ 56 .
(1) تطامن : طمأن : أي ظهره ، الرازي ، مختار الصحاح 1 / 398 .
ختل : خاتله : خدعه ، الرازي ، مختار الصحاح 1 / 169 .
(2) سائم : سامت الماشية ، أي رعت فهي سائمة وجمع السائم سوائم وأسامها صاحبها أخرجها إلى المرعى ، الرازي ، مختار الصحاح 1 / 323 .
(3) الكلالة : وهو ما ذكر في ألآية الكريمة «يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ» (النساء176) . والكلالة هي مالم يكن له ولد ولا والد .
وقد سأل عمر رسول ألله صلى الله عليه وآله وسلم عنها فأخبره بها فلم يفهم عنه ، فسأل إبنته حفصة أن تسأل

=

السابق السابق الفهرس التالي التالي