المراقبات 297

ووفّقت لاقتناء المعارف بأسباب قويّة كثيرة شائعة ، وهديت بأنوار ظاهرة باهرة ، وقد ألّف السلف كتباً في تفاصيل كيفيّة العلم والعمل ، وبلغك ذلك من دون أن تعمل فيه فكراً ، أو تقاسي جوعاً ، أو تكابد سهراً أو ترى طعناً ، أو تسمع هجراً ، والسابقون الأوّلون قد ابتلوا من ذلك بأشدّها للنفس وأفجعها للقلب .
وأنصف يا عاقل لو توانيت أنت بعد تهيّؤ هذه الأسباب ، من غير مقاساة وتعب ، وشدّة ونصب ، ماذا تستحقّ أن يفعل بك ، أو يقال لك ؟ وأيّ نعم فاخرة من نعم الله قد ضيّعتها ، وأيّ تجارات رابحة قد خسرتها ، واذكر يوماً يكشف لك عن حقائق هذه الأحوال الخاسرة ، والأعمال الكاسرة الحاسرة ، ورأيت ما بدّلتها من النعمة والكرامة ، بالخزي والمهانة ، تقطّع قلبك بالحسرات ، ودعوت بالعويل والزفرات .
فارحم نفسك في وقت المهلة ، ولا تفوّت عليك الفرصة ، واستعدّ لغد في أمسك ، وابك على نفسك واستمسك بعروة هذا الموسم الجليل ، والمقام الجميل ، فإنّك مدعوٌّ لموائد ضيافة الله ، في محلّ كرامة الله ، مع القوم الأطهار ، أولياء الملك الجبّار ، وإن ساعدك التوفيق ، بإتيان أدب هذا المجلس الشريف ، والمنزل اللطيف ؛ فزت بالكرامة العظمى والسعادة العليا ، والدرجة القصوى .
فراقب بدخول يوم العيد جميع ما يرضى به ربّك ، ويعطف عليك مولاك ، وكن كعبد متملّق لمالكه ، كيف يجدُّ أن يُنشئ خدمة لمولاه ، وهو مالكه في بعض وجوه الطاعة ، والله تعالى مالك وجودك ، ومالك دنياك وآخرتك ، ومحياك ومماتك ، لا تجوز الغفلة عن هذا الربّ الودود ، والملك العطوف ، والغافل في خطر المنع .

المراقبات 298

واستحيي مع فقرك وغناه ، وذلّك وعزّته ، أن تكون معرضاً عنه حين إقباله عليك بوجهه الكريم ، وتكون في موائد ضيافته مع حضوره وإنعامه عليك مشغولاً عن ذكره بذكر عدوّه ، ومشغوفاً بحبّ من يبعّدك عن محبّته وجواره ، فيالله من هذا الخطب الجسيم ، والجهل العظيم ، والعقل السقيم ، وما يورثه من العذاب الأليم وقد بعث إلى دعوتك لهذه الضيافة سيّد خلقه ، وأعزّ مخلوقه عليه .
وإن عقلت مكان هذا اللطف الجليل ، والتشريف والتجليل ، لفديت بروحك لمقدم هذا الداعي العظيم ، والرسول الكريم ، الذي «عَزيزٌ عَليهِ ما عنتّم حريصٌ عليكم بالمؤمنين رؤوفٌ رحيم» (التوبة : 128) .
واعقل أنّه تعالى قد خصّ بأنوار هذا العبد العزيز هذه الأمّة من بين سائر الأمم هل لهذا التخصيص حقٌّ واجب عند ذوي الألباب ، فاشكره بما يليق ، لاختصاص هذه النعمة ، وعطاء هذه الكرامة .
واغتسل في أول اليوم ، واقصد به تطهير قلبك عن الاشتغال بغير الله ، وكبّره بحقيقة التكبير واستصغر بتكبيره ما بين العلى والثرى دون كبريائه ، والبس أنظف ثيابك ، واقصد به التستر والتحلّي بلباس التقوى ، والأخلاق الحسنة الجميلة ، وتقول عند ذلك : بسم الله الرحمن الرحيم ، إلى آخر الدعاء المرويّ في إقبال سيّدنا قدّس الله نفسه .
ثم تخرّج إلى مصلاك وتقول وأنت في الطريق : بسم الله وبالله الله أكبر إلى آخر ما روي في هذا الكتاب المستطاب ، وإذا وصلت إلى المصلّى ، وجلست في موضع صلاتك ، تقول : الله أكبر الله أكبر إلى آخر ما ذكر في ذلك الكتاب .

المراقبات 299

وتفهّم معاني ما تدعوه في هذا الدعاء فإنّ مواقعه صعبة عظيمة ، لا تنال بالهوينا ، لأنّ فيها دعاوي حالات فاخرة ، وصفات حسنة داخرة ، من الهيبة والاستئجار ، والحياء الشديد والاستغاثة ، والفقر والاعتراف ، والهرب إلى الله ، والانقطاع إليه . فكلّ واحدة من هذه الصفات ملكة سنيّة تستدعي حالاً يصدّقها ، وإلا فأنت في خطر الكذب والنفاق ، والعياذ بالله من هذا الشقاق .
فإن صلّيت على التراب لعلّه يكون أنسب للخضوع بين يدي ربّ الأرباب .
وأما كيفيّة الصلاة فما رواه المشايخ عن كتاب فضل الدعاء باثنتي عشرة تكبيرة :
سبع تكبيرات في الأولى ، وخمس تكبيرات في الثانية . ذكر في وصفها ما يظهر منه أن لا تكبير فيها بعد رفع الرأس من الركوع والسجدتين ، ويستحبّ أن يدعو بعدها بدعوات واردة ذكرها في «الإقبال» ومنها دعاء الندبة ، وهو يهديك إلى ما يناسب هذه الأيّام من ذكر إمامك ، وسلطان زمانك ، ومن هو أولى بك من نفسك ، من كلّ أحد ، وما يجب عليك من الوجد والحزن والبكاء بفقده .
ثمّ إن قدرت أن لا تشغلك مراسم العيد عن ذكر مولاك طول يومك فهنيئاً لك ، وإن لم تقدر على أن تجمع حضور الناس مع حضور قلبك لذكر الله جلّ جلاله فجدّ أن لا تغفل راساً عن ذكره وحضوره في هذا الوقت السعيد ، وليكن سرُّك لا محالة مشغولاً به ، وشغلك بغيره أيضاً ، بإذنه ورضاه .
ومن المهمّات في هذا اليوم الأضحية وهي واجبة كما في الأخبار وإن

المراقبات 300

كان المراد بوجوبه تأكيد استحبابه ، فليراع العبد فيه أدب العبوديّة ، وليعتبر فيه من عمل ابني آدم عليه السلام حيث «قَرّبا قُرباناً فَتُقُبِّلَ من أحَدهما ولَم يُتَقَبّل من الآخر» (المائدة : 27) وما روي من علّة ردّ قربان قابيل ، لأنّه عمد في قربانه برديّ متاعه ، وأعقبه ذلك مع ردّ قربانه الهلاك الدائم ، والخزي الخالد ، وقبول قربان هابيل حيث إنّه عمد إلى أجود متاعه وأنفسها ، فتقبّل قربانه ، وأعقبه ذلك بالشهادة في سبيل الله ، والفوز بالكرامة الخالدة حتّى ذكره [الله] بالثناء في كتابه الكريم ، فإنّ من لؤم النفس أن يزهد المرء في مثل هذا المقام ، عن فداء يسير من المال ، في خدمة مولاه ، ومالك دنياه وأُخراه ، وقد وهبه وجوده ، وكلّ شيء يملكه من النعم التي لا تحصى ، وهو يحتاج إليه فيما يأتي في جميع حوائجه .
ويقول عند الذّبح ما روي من قول أمير المؤمنين عليه السلام : «بسم الله ، وجّهت وجهي للّذي فطر السماوات والأرض حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين إنّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله ربّ العالمين ، اللهمّ منك ولك» ولا تغفل أنّ هذا القول قول من لا يرى في الوجود مؤثّراً إلا الله ، وهو غائب عن نفسه ، باق بربّه ، إن لم يكن هو الذابح ، يضع يده على يد الذابح عند الذبح ، ويقرأ الدعاء ويسمّي هو أيضاً .
فليكن إفطاره بلحم الأضحية فليقسّم لحمه ثلاثة فليتصدّق بثلثه على الجيران وثلثه على السؤال ، ويمسك ثلثه لأهل البيت ، ويتصدّق بجلده ويعطي أُجرة الذابح من غير الأضحيّة .
وإذا كان آخر النهار فليلاحظ حالات يومه ، فلا محالة يجد نفسه مقصّراً في خدمة مولاه ، فليراجع خفيره ومضيفه من المعصومين عليهم السلام ، ويستعلج بالتوسّل بهم إلى الله ، والاستشفاع منهم عنده ، بتبديل سيّئاته بأضعفها من

المراقبات 301

الحسنات ، فإنّه وليُّ ذلك لمن يشفعون في حقّه ، ويرغبون إلى الله في قبوله وقبول أعماله .
وليبالغ في التضرع إليهم بالاستعطاف والاسترحام ، وليقل فيما يناجيهم :
«مواليَّ إنّ ذنوبي قد أخلقت وجهي عند الله فبحقّ من عصمكم من ذلك وأكرمكم بخفارة عبيده وإمائه ، إشفعوا لي بوجوهكم المشرقة عند ربّكم ، فإنّه لا يردّكم وقد قبلكم للشفاعة والخفارة ، فإنّه يحبّ الكرامة لعبادة المخلصين ، ويحبّ منهم الكرامة لمن دونهم من عباده المحتاجين» هذا .
وأمّا يوم الغدير وما أدراك ما يوم الغدير ؟ وقد أشرنا فيما أسلفناه في يوم مبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنّ هذا اليوم من جهة شرافة هذا المبعث الشريف أشرف الأيّام والأوقات ، وأشرنا إلى ما يدلّ عليه من الأخبار ، ويوم الغدير من هذا اليوم بمنزلة الجزء الأخير من العلّة التامّة ، بل بمنزلة الباطن من الشيء الظاهر ، وبمنزلة الروح من الانسان ، لأنّ كلّ ما في هذا المبعث الشريف من الخير والفوز والسعادة مشروط بولاية أمير المؤمنين والأئمّة من ولده لما وردت في الأخبار الكثيرة العامّية والخاصّية أنّ أنوارهم كانت واحدة إلى أن افترقا في صلب عبد الله وأبي طالب ، وأنّ الله أوجب ولايتهم على جميع الخلق .
والغدير يوم ظهور هذه الولاية ، ولذا نزل فيه : «اليوم أكملتُ لكم دينكُم وأتمَمتُ عليكم نعمتي ورضيتُ لكم الإسلام ديناً» (المائدة : 3) .
وقد روى الصدوق في «علل الشرائع» عن مفضّل بن عمر حديثاً مفصّلاً فيه أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أُرسل إلى جميع الأنبياء والمرسلين ، وأنّ أمير المؤمنين عليه السلام خليفته فيهم كلّهم وأنّه تجب طاعته عليهم كما يجب إطاعة

المراقبات 302

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنّ حكمه جار على سدنة الجنان ، وخزنة النيران ، وأنّ الملائكة متعبّدون بالاستغفار لشيعته كتعبّدهم بالتوحيد والنبوّة والولاية ، قال الله تعالى : «الذين يَحملون العرشَ ومَن حولهُ يُسَبّحونَ بِحمدِ ربّهم ويُؤمنونَ به ويستغفرونَ للذين آمنوا» (غافر : 7) فعلم من ذلك أنّ جميع الهدايات والسعادات منسوبة إليهما وإلى خلفائهما .
ولذلك ورد من طريق العامّة والخاصّة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : لو أنّ الرياض أقلام والبحر مداد والجن حُسّاب والانس كُتّاب ما أحصوا فضائل امير المؤمنين عليه السلام .
أقول : كونهما صلوات الله عليهما وكذا أوصياؤهما الأحد عشر عليهم السلام أصل كلّ خير ومنشأه ممّا قد وردت فيه أخبار قطعية ، وقد روينا فيما مضى من أئمة العامّة مثل أحمد بن حنبل في مسنده وأبي يعلى في كتابه «الفردوس» ، وعن كتاب «منهج التحقيق» عن ابن خالويه رواية فيها تصريح بأنّ شيعتهم تعلّموا التسبيح والتقديس والتحميد والتهليل والتوحيد منهم ، والملائكة تعلّموا من شيعتهم .
كيف وزيارة الجامعة الكبيرة قد رواها الصدوق في الفقيه وقبلها جميع علماء الشيعة ، وعملوا بها ، وفيها مواضع تدلُّ على أنّهم أصل كلّ خير وسعادة ، وأنّ حساب الخلق وإيابهم إليهم ، وأنّه طأطأ كلُّ شريف لشرفهم ، وأنّهم معادن الرحمة ، وأنَّ كلّ من وحّد الله جلّ جلاله قبل ذلك منهم ، ومن أراد الله بدأ بهم ، وأنّ الله فتح بهم وختم بهم ، وينزّل الغيث بهم ، ويمسك السماء بهم ، وأنّ أجسادهم في الأجساد وأرواحهم في الأرواح ، وأنفسهم في النفوس ، وأنّ محلّهم ومنزلتهم من الله جلّ جلاله بحيث لا يلحقه لاحق ، ولا يطمع في إدراكه طامع .

المراقبات 303

أقول : روى المخالف والمؤالف أنّه : «قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعليّ عليه السلام : لولا أن تقول فيك طوائف من أمّتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم لقلت اليوم فيك مقالاً لا تمرّ على ملأ من المسلمين إلا أخذوا من تراب رجليك وفضل طهورك ، يستشفوا به ، ولكن حسبك أن تكون منّي وأكون منك ، ترثني وأرثك» .
فانظر يا عاقل أنّ هذه الرواية ناصّة في أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنّما أخفى فضائله خوفاً من ارتداد الناس ، ومع ذلك ظهر منه ما ملأ الخافقين ، وورد في الأخبار الكثيرة أنّهم علل الإيجاد ، وحديث لولاك معروف مشهور .
وبالجملة من عرف كيفيّة حكمة الله في خلق العالم قطع بأنّ من المخلوقين من هو أوّل خلق الله وأقربهم إليه وأنّه واسطة الفيض الأقدس ، وأنّه الاسم الأعظم والحجاب الأقرب ، والمثل الأعلى ، كما ثبت ذلك كلّه بالأخبار الكثيرة في نبينا وآله صلوات الله وسلامه عليهم ، ومن حقّق ذلك لم يشكّ فيما ورد في حقّهم عليهم السلام من الفضائل ، وصدّق عن حاقّ قلبه أنّ عقولنا لا تصل إلى كنه معرفتهم ولو صرفنا في ذلك أعمارنا ، لأنّه : «لَو كانَ البحرُ مِداداً لكلمات ربّي لنَفِدَ البحرُ قبلَ أن تنفَدَ كلماتُ ربّي» (الكهف : 109) .
و أبـاح طرفي نظرة أمّلتهـا فغدوت معروفاً وكنـت منكّراً
فدهشت بيـن جلاله وجمـاله و غدا لسان الحال عني مخبراً
فأدر لحاظك في محاسن وجهه تلقي جميع الحسن فيه مصوّراً
لو أنّ كلّ الحسن يكمل صورة فـرآه كـان مهلّـلاً ومكبّـراً

فما في كلمات الله كلّها من فضيلة إلا وهم أصلها ومنشأها ومنتهاها .
وإذا عرفت هذا الأصل لا تشكّ في أنّ فضائل علي عليه السلام لا تعدُّ ولا

المراقبات 304

تحصى ، ولكن يعجبني أن أحكي لك ما أُشير إليه فيما وجد بخطّ الإمام الحسن العسكري عليه السلام وصورته : قد صعدنا ذرى الحقائق بأقدام النبوّة والولاية ، ونوّرنا سبع طبقات أعلام الفتوى بالهداية ، فنحن ليوث الوغى ، وغيوث الندى ، وطعناء العدى ، فينا السيف والقلم في العاجل ، ولواء الحمد والعلم في الآجل وأسباطنا حلفاء الدين ، وخلفاء النبيّين ، ومصابيح الأمم ، ومفاتيح الكرم ، فالكليم لبس حلّة الأصفياء لما شاهدنا منه الوفاء ، وروح القدس في جنان الصاغورة ، ذاق من حدائقنا الباكورة وشيعتنا الفئة الناجية ، والفرقة الزكيّة ، صاروا لنا ردءاً وصوناً ، على الظلمة إلباً وعوناً ، وستفجر لهم ينابيع الحيوان بعد لظى النيران ، لتمام ألم ، وطه ، الطواسين وهذا الكتاب ذرّة من جبل الرحمة ، وقطرة من بحر الحكمة ، كتب الحسن بن عليّ العسكريّ عليهما السلام في سنة أربع وخمسين ومائتين .
أقول : لا حجّة أقوى بين المنتحلين بالإسلام من كتاب الله جلّ جلاله ، وفيه آيات بيّنات تدلُّ على فضائل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنّه مرسل إلى كافّة الناس ، وأنّه رحمة للعالمين ، وأنّه «دنا» ـ من ربّه ـ «فتدلّى * فكان قابَ قوسَين أو أدنى» ، (النجم : 8 ـ 9) دنوّاً واقتراباً من العليّ الأعلى ، وأنّه حبيب الله وخاتم النبيّين ، وأنّه أخذ ميثاق النبيّين له وأنّه أعطاه الكوثر والمقام المحمود ، وقد أمر الله فيه نبيّه صلى الله عليه وآله وسلم أن يبيّن للناس أنّ علياً عليه السلام بمنزلة نفسه في آية المباهلة ، فتبيّن من ذلك أنّ علياً عليه السلام أشرف الخلائق بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
وقد حكي ذلك عن الكتب السماويّة أيضاً بشرح أبسط ، فعن الصحيفة التي ورثها شيث من أبيه آدم أنّ آدم نظر إلى نور قد لمع ، فسدّ الجوّ المنحرف فأخذ بالمطالع من المشارق ، ثمّ سرى كذلك حتى طبّق المغارب ، ثمّ سما

المراقبات 305

حتّى بلغ ملكوت السماء ، فنظر إليه فإذا هو نور محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإذا الأكناف به قد تضوّعت طيباً ، وإذا أنوار أربعة قد اكتنفته عن يمينه وشماله ، ومن خلفه وأمامه ، أشبه شيء به أرجاً ونوراً ـ إلى أن قال ـ يا آدم هذا وهؤلاء وسيلتك ، ووسيلة من أسعدت من خلقي .
إلى ان قال ـ : هذا أحمد سيّدهم ، وسيّد بريّتي ، اخترته بعلمي ، واشتققت اسمه من اسمي ، فأنا المحمود وهو محمّد ، وهذا صنوه ووصيّه آزرته به ـ إلى أن قال ـ : ثمّ اطّلعت في قلوب المصطفين من رسلي فلم أجد فيهم أطوع ولا أنصح لخلقي من محمّد خيرتي وخالصتي ، واخترته على علم ، ورفعت ذكره إلى ذكري ، ثمّ وجدت قلوب خاصّته التي من بعده على صبغة قلبه فألحقتهم به ، وجعلتهم ورثة كتابي ووحيي وأوكار حكمتي ونوري ، وآليت بي أن لا أُعذّب بناري من لقيني معتصماً بتوحيدي وحبل مودّتهم أبداً .
وعن صحيفة إدريس التي ورثها من شيث أنّه اجتمع إلى إدريس قومه فخبّرهم ـ فيما اقتصّ عليهم ـ أنّ بني أبيكم آدم عليه السلام وبني بنيه وذرّيّتهم اختصموا فيما بينهم وقالوا : أيّ الخلق عندكم أكرم على الله عزّ وجل ، وأرفع لديه مكاناً ، وأقرب منه منزلة ، فقال بعضهم : أبوكم آدم خلقه الله عزّ وجلّ بيده ، وأسجد له ملائكته ، جعله الخليفة في أرضه ، وسخّر له جميع خلقه ، وقال الآخرون : بل الملائكة الذين لم يعصوا الله عزّ وجلّ ، وقال بعضهم : لا بل رؤساء الملائكة الثلاثة جبرئيل وميكائيل وإسرافيل .
فانطلقوا إلى آدم عليه السلام فذكروا الذي قالوا واختلفوا فيه ، فقال : يا بنيَّ أنا أُخبركم بأكرم الخلائق جميعاً على الله عزّ وجلّ ، والله لمّا أن نفخ في الروح حتّى استويت جالساً فبرق لي العرش العظيم ، فنظرت فيه ، فإذا فيه : لا إله إلا

المراقبات 306

الله محمد رسول الله فلان أمين الله فلان خيرة الله عزّ وجلّ ، فذكر عدّة أسماء مقرونة بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم .
وقال آدم : لم أر في السماء موضعاً أو قال صفيحاً منها إلا ومكتوب فيه لا إله إلا الله ، وما من موضع فيه مكتوب لا إله إلا الله إلا وفيه مكتوب خلقاً لا خطّاً محمد رسول الله ، وما من موضع فيه مكتوب فيه محمد رسول الله إلا ومكتوب فلان خيرة الله ، فلان صفوة الله ، فلان أمين الله عزّ وجلّ ، فذكر عدّة أسماء فنظم الحساب المعدود ، قال آدم عليه السلام : فمحمد صلى الله عليه وآله وسلم يا بنيَّ ومن خطّ من تلك الأسماء معه أكرم الخلائق على الله عزّ وجلّ جميعاً .
وعن صلوات إبراهيم الخليل : أنّه نظر إبراهيم في التابوت ، ونظر فإذا بيت محمد صلى الله عليه وآله وسلم آخر الأنبياء عن يمينه عليُّ بن أبي طالب أخذ بحجزته فإذا شكلٌ عظيمٌ يتلألأ نوراً ، فيه : هذا وصيّه وصنوه المؤيّد بالنصر ، فقال إبراهيم : يا ربّ إلهي وسيّدي من هذا الخلق الشريف ؟.
فأوحى الله عزّ وجلّ : هذا عبدي وصفوتي الفاتح الخاتم ، وهذا وصيّه الوارث .
قال : ربّي ما الفاتح الخاتم ؟ قال : هذا محمد خيرتي وبكر فطرتي وحجّتي الكبرى في بريّتي نبّأته وأحييته إذ كان آدم بين الطين والجسد ، ثمّ إنّي باعثه عند انقطاع الزمان لتكملة ديني وخاتمٌ به رسالاتي ونذري ، وهذا عليٌّ أخوه وصدّيقه الأكبر ، آخيت بينهما واخترتهما ، وصلّيت فباركت عليهما ، وطهّرتهما وأخلصتهما والأبرار منهما وذرّيّتهما قبل أن أخلق سمائي وأرضي وما فيهما من خلقي ، وذلك لعلمي بهم وبقلوبهم إنّي بعبادي خبير عليم ... الخ .
وعن السفر الثاني من التوراة أنّي باعثٌ في الأُمّيين من ولد إسماعيل

المراقبات 307

رسولاً أُنزل عليه كتابي وأبعثه بالشريعة القيّمة على جميع خلقي ، أوتيه حكمتي وأُؤيّده بملائكتي وجنودي ، تكون ذرّيته من ابنة له مباركة باركتها ـ إلى أن قال ـ يكون منهم اثنا عشر فيما أُكمّل بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وبما أُرسله به من بلاغ وحكمة ديني ، أختم به أنبيائي ورسلي .
وعن المفتاح الرابع من الوحي إلى المسيح عليه السلام : يا عيسى يا بن الطاهرة البتول اسمع قولي وجدّ في أمري ، إنّي خلقتك من غير فحل ، وجعلتك آية للعالمين ، وإيّاي فاعبد ، وعليّ فتوكّل ، وخذ الكتاب بقوّة ثمّ فسّره لأهل سوريا ، وأخبرهم أنّي أنا الله لا إله إلا الله أنا الحيُّ القيّوم الذي لا أحول ولا أزول ، فآمنوا بي وبرسولي النبيّ الأُمّي الذي يكون في آخر الزمان ، نبيّ الرحمة والملحمة ، الأوّل الآخر قال : أوّل النبيّين خلقاً وآخرهم مبعثاً ذلك العاقب الحاشر .
أقول : هذا الذي رويناه عن الكتب السماوية إنّما رواه السيد في «الإقبال» بالأسانيد الصحيحة إلى أبي المفضل محمد بن عبد المطّلب الشيبانيّ ، ومن أصل كتاب الحسن بن إسماعيل بن أشناس من كتاب عمل ذي الحجّة عند ذكر مباهلة خاتم النبيّين صلى الله عليه وآله وسلم وإنفاذه لرسله إلى نصارى نجران ، واختلافهم في بيعتهم في صفة النبيّ الموعود في الكتب السماويّة ، واضطرارهم إلى مراجعة الجامعة ، استخرجوا هذه الألفاظ بعينها من الكتب المذكورة ، على ما وصفناها ، وفيها كفاية لمن عقل ، هذا .
والذي فلق الحبّ والنوى إنّ فضائل علي أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام التي رواها المخالفون بل الناصبون أكثر من حدّ التواتر ، بل نفس حديث الغدير ، ونصّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم له بالأولويّة أيضاً أكثر من حدّ التواتر في رواياتهم ، فضلاً عن روايات الشيعة ، حتّى أنّ ابن حجر العسقلانيّ مع تعصبه

المراقبات 308

حكم في حديث الغدير أنّه رواه أكثر من ثلاثين صحابيّاً بطرق صحاح وحسان ، وإن ذكر في جوابه ـ بعدما حكم نفسه بصحّة الرواية ـ أنّه ضعّفه فلان ، ولعمري إنّ هذا لشيء عجاب .
وبالجملة روى السيّد عن كتاب أبي سعيد مسعود بن ناصر السجستانيّ المخالف (لأهل البيت) نصّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعلي عليه السلام بتلك المناقب عن مائة وعشرين نفساً من الصحابة ، وعن صاحب التاريخ محمّد بن جرير الطبريّ عن كتاب الردّ على الحرقوصيّة حديث الغدير ونصّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم على عليّ عليه السلام بالولاية من خمس وسبعين طريقاً وعن ابن عقدة الحافظ نصّه صلى الله عليه وآله وسلم على أمير المؤمنين عليه السلام بالولاية من مائة وخمس طرق .
ومن أراد تفصيل ذلك كلّه وأزيد فليراجع إلى كتاب عبقات الأنوار تأليف سيّد العلماء الأعلام المير حامد حسين ـ قدّس الله نفسه الزكيّة ـ فإنّ هذا الكتاب لم يعمل مثله في الإسلام ولا في سائر الأديان في إثبات الوصية .
وأمّا تفصيل يوم الغدير وقضيّة تخليف النبي عليّاً عليه السلام فقد روي في ذلك مجملاً ومفصّلاً مع اختلاف يسير في بعض الألفاظ ولكنّ الجامع من الألفاظ المرويّة عن علماء العامّة ، المتّفق على روايتها في المتواتر وفوقه أنه صلى الله عليه وآله وسلم بعد نزول آية : «النّبيّ أولى بالمؤمنين مِن أنفسهم وأزواجه أمّهاتُهم وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتابِ الله» (الأحزاب : 6) قال الناس : يا رسول الله ما هذه الولاية التي أنتم بها أحقّ منّا بأنفسنا ؟ فقال : السمع والطاعة فيما أحببتم وكرهتم ، قال في يوم الغدير : يا أيّها الناس ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قالوا : بلى ، قال : من كنت مولاه فهذا عليٌّ مولاه ، وهذا اللفظ المتّفق على روايته من جماعة المخالفين نصٌّ في معنى الخلافة لا

المراقبات 309

سيّما إذا لوحظ بقرائنه القطعيّة الواضحة ، وما روي مفصلاً ، فمن أرادها فليرجع إلى المفصلات .
ومن جملة ما روي من المخالفين في التفصيل ما روي عن كتاب الخالص عن أحمد بن محمّد بإسناده عن حذيفة بن اليمان قال : سألته عن إقامة النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليّاً عليه السلام يوم الغدير ـ غدير خمّ ـ كيف كان ؟ فقال : إنّ الله أنزل على نبيّه : «النبيُّ أولى بالمؤمنين مِن أنفسهم وأزواجُه أمّهاتُهم وأولو الأرحام بعضُهُم أولى ببعضٍ في كتابِ الله» (الأحزاب : 6) فقالوا : يا رسول الله ما هذه الولاية التي أنتم بها أحقّ منّا بأنفسنا ؟ فقال : السمع والطاعة فيما أحببتهم أو كرهتم ، قلنا : سمعنا وأطعنا فأنزل الله : «واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقَه الذي واثَقَكم به إذ قُلتم سَمعنا وأطعنا» (المائدة : 7) .
فخرجنا إلى مكة مع النبيّ في حجّة الوداع ، ونزل جبرئيل فقال : يا محمّد إنّ ربّك يقرئك السلام ، ويقول : انصب عليّاً علماً للناس ، فبكى النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى اخضلّت لحيته ، فقال : يا جبرئيل إنّ قومي حديثو عهد بالجاهليّة ضربتهم على الدين طوعاً وكرهاً حتّى انقادوا لي فكيف إذا حملتُ على رقابهم غيري ؟ قال فصعد جبرئيل عليه السلام .
ثمّ قال : ـ صاحب كتاب النشر والطيّ ، عن حذيفة ـ : وقد كان النبيّ بعث عليّاً إلى اليمن فوافى مكّة ونحن مع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ثمّ توجّه عليٌّ يوماً نحو الكعبة يصلّي فلمّا ركع أتاه سائل فتصدّق عليه بحلقة خاتم فانزل الله : «إنّما وليّكُم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يُقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون» (المائدة : 55) فكبّر رسول الله وقرأه علينا ثمّ قال : قوموا نطلب هذه الصّفة التي وصف الله بها ، فلمّا دخل رسول الله المسجد استقبله سائل

المراقبات 310

فقال : من أين جئت ؟ فقال : من عند هذا المصلّي تصدّق عليَّ بهذه الحلقة وهو راكع .
فكبّر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومضى نحو عليّ عليه السلام فقال : يا عليُّ ما أحدثت اليوم من خبر ؟ فأخبره بما كان منه إلى السائل ، فكبّر ثالثة .
فنظر المنافقون بعضهم إلى بعض فقالوا : إنّ أفئدتنا لا تقوى على ذلك أبداً مع الطاعة له ، فنسأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يبدّله لنا ، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخبروه بذلك فأنزل الله قرآناً وهو : «قُل ما يكونُ لي أن أُبدّلَهُ من تِلقاء نفسي» (يونس : 15) فقال جبرئيل : يا رسول الله أتمّه ، فقال : حبيبي قد سمعت ما تآمروا به فانصرف [عن] رسول الله الأمين جبرئيل .
ثمّ قال صاحب كتاب النشر والطيّ من غير حديث حذيفة : فكان من قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حجة الوداع بمنى : يا أيّها الناس إنّي قد تركت فيكم أمرين إن أخذتم بهما لن تضلّوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، وإنّه قد نبّأني اللطيف الخبير أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض كاصبعيّ هاتين ـ وجمع بين سبّابتيه ـ ألا فمن اعتصم بهما فقد نجا ومن خالفهما فقد هلك ، ألا هل بلغت أيها الناس ؟ قالوا : نعم ، قال : اللهمّّ إشهد .
ثمّ قال صاحب الكتاب : فلمّا كان آخر يوم من أيّام التشريق أنزل الله عليه : «إذا جاء نصرُ الله» (النصر : 1) إلى آخرها فقال عليه السلام : نعيت إليَّ نفسي ، فجاء إلى مسجد الخيف فدخله فنادى الصلاة جامعة ، فاجتمع الناس فحمد الله وأثنى عليه وذكر خطبته عليه السلام .
ثمّ قال فيها : أيّها الناس إنّي تارك فيكم الثقلين : الثقل الأكبر كتاب الله عزّ وجلّ ، طرفٌ بيد الله وطرف بأيديكم فتمسّكوا به ، والثقل الأصغر عترتي أهل بيتي ، فإنّه قد نبّأني اللطيف الخبير أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض

المراقبات 311

كاصبعيَّ هاتين ـ وجمع بين سبّابتيه ـ ولا أقول كهاتين ـ وجمع سبّابته والوسطى ـ فتفضل هذه على هذه .
فاجتمع قوم وقالوا : يريد محمّد أن يجعل الإمامة في أهل بيته ، فخرج منهم أربعة ودخلوا مكّة ، ودخلوا الكعبة ، وكتبوا فيما بينهم : إن أمات الله محمّداً أو قتل لا نردّ الأمر في أهل بيته فأنزل الله تعالى : «أم أبرَموا أمراً فإنّا مُبرِمون * أم يحسبون أنّا لا نسمع سِرّهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون» (الزخرف : 79 ـ 80) .
قال حذيفة : وأذّن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالرحيل نحو المدينة ، فارتحلنا ، ثمّ قال صاحب كتاب النشر والطيّ :
فهبط جبرئيل فقال : اقرأ : «يا أيّها الرسول بلِّغ ما أُنزِل إليكَ مِن ربّك» (المائدة : 67) الآية وقد بلغنا غدير خمّ في وقت لو طرح اللحم فيه على الأرض لانشوى ، انتهى إلينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فنادى : الصلاة جامعة ، ولقد كان أمر عليّ أعظم عند الله ممّا يقدّر .
فدعا المقداد وسلمان وأبا ذر وعمّار فأمرهم أن يعمدوا إلى أصل شجرتين فيقمّوا ما تحتها فكسحوه وأمرهم أن يضعوا الحجارة بعضها على بعض كقامة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأمر بثوب فطرح عليه ثمّ صعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم المنبر ينظر يمنةً ويسرةً ، انتظر اجتماع الناس إليه ، فلمّا اجتمعوا ، فقال :
الحمد لله الذي علا في توحّده ، ودنا في تفرّده ـ إلى أن قال ـ وأقرُّ له على نفسي بالعبودية ، وأشهد له بالربوبيّة ، وأؤدّي ما أوحي إليَّ حذار إن لم أفعل أن تحلّ بي قارعة ، أوحي إليّ : «يا أيّها الرسول بَلِّغ ما أُنزِلَ عليك مِن ربِّك» الآية .

المراقبات 312

معاشر الناس ما قصّرت في تبليغ ما أنزل الله تبارك وتعالى ، وأن أُبيّن لكم سبب نزول الآية إنّ جبرئيل هبط إليَّ مراراً أمرني عن السلام أن أقول في المشهد ، وأُعلم الأبيض والأسود ، أنّ عليّ بن أبي طالب أخي وخليفتي والإمام بعدي .
أيّها الناس علمي بالمنافقين الذين يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ويحسبونه هيّناً وهو عند الله عظيم ، وكثرة أذاهم لي ، مرّة سمّوني أُذناً لكثرة ملازمته إيّاي وإقبالي عليه ، حتّى أنزل الله : «ومنهم الذين يُؤذون النبيَّ ويقولون هو أُذُنٌ قل أُذُن خيرٍ لكم» (التوبة ـ 61) : [محيطٌ] ولو شئت أن أُسمّي القائلين بأسمائهم لسمّيتهم .
واعلموا أنّ الله قد نصبه لكم وليّاً وإماماً مفترضاً طاعته على المهاجرين والأنصار ، على التابعين ، وعلى البادي والحاضر ، وعلى العجميّ والعربيّ ، وعلى الحرّ والعبد ، وعلى الكبير والصغير ، وعلى الأبيض والأسود ، وعلى كلّ موحّد ، هو ماضٍ حكمه ، جائز قوله ، نافذ أمره ، ملعون من خالفه ، مرحوم من صدّقه .
معاشر الناس تدبّروا القرآن ، وافهموا آياته ومحكماته ، ولا تتّبعوا متشابهاته ، فوالله لا يوضح تفسيره إلا الذي أنا آخذ بيده ، ورافعها بيدي ، ومعلّمكم أنَّ من كنت مولاه فهو مولاه .
واعلموا معاشر الناس أنَّ علياً والطيّبين من ولدي من صلبه ، هم الثقل الأصغر ، القرآن الثقل الأكبر ، لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، ولا تحلُّ إمرة المؤمنين لأحد بعدي غيره .

السابق السابق الفهرس التالي التالي