دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الأبوذية ـ 1 57

أخِـبْرَنَّـكْ تَـرَه ظَلّيتْ بًسِّـلْ (1)
نِفَسْ يِصْعَدْ اِو يِنْزِلْ غَصُبْ بِيَّه (2)
ومنها ذو الجناسين أي أن فيه جناس في أوله كما في آخره ومنه قولهم :
و حـالِي تِـبْتِـعِدْ ويطـول بَعْداكْ (3)
اِوْ حالِي اِتْصيرْ حالِ اُلْضَّيمْ بَعْداكْ (4)
وَحالِي كُلْ مـَرارْ الْـعَيشْ بِعْداكْ (5)
اِبْيـومِ اُتْشَـمِّتَـوا بِجْفاكْ إلـيَّـه (6)
ومنها ما يلتزم الشاعر السجع في نهاية الأشطر الأربعة ولو أطلق عليه اسم المربع لكان صحيحاً أيضاً ومنه قولهم :
أرِيدْ أعْـبُرْ بَحَرْ دَمْعِي وَفَيَّه (7)
اِوْ عَليچْ أگْطَعْ ألِفْ فَيَّه وفَيِّه (8)
اِبْشَمِسْ حُبِّچْ أنَهْ مْعَذَّبْ وَفيَّه (9)
اِو ما عِنْدِچْ وِفَه وإسْمِچْ وَفِيَّه (10) (11)

(1) بسل : مركبة من « بس + ال » ويأتي الباقي في الشطر الأخير .
(2) المغنون الريفيون وأطوار الأبوذية العراقية : 27 .
(3) وحالي : من الوحي . بعداك : من البُعْد .
(4) وحالي : من الحال . بعداك : أي بَعْدك .
(5) وحالي : من الحلو . بعداك : من العداء .
(6) روائع الأمثال : 88 عن فنون الأدب الشعبي .
(7) وفيه : أفجه أي أفوجه .
(8) وفيه : من الفيافي .
(9) وفيه : من الفي أي الظل .
(10) وفيه : اسم محبوبته .
(11) المغنون الريفيون وأطوار الأبوذية العراقية : 21 .
دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الأبوذية ـ 1 58

ومنها ذو الجناس المخمس كقولهم :
حَبيبي شْيَـوصَلَكْ وِأنْتَ ثِرَيَّه (1)
نِشَفْ دَمْعَكْ وَ أنَه دْموعِي ثِريَّه (2)
رَغُمْ عُسْري تِظَلْ نَفْسِي ثِرِيَّه (3)
إبْظَلام اللَّـيلْ آوِجَّنْ لَكْ ثِرَيَّه (4)
اِوْ لَنْ گَلْـبَكْ بِلا رَحْمَـه ثِرَيَّه (5)
ويذكر العامري أن الملا حسين الكربلائي هو أول من بـرع في هذه الإضافـات (6) ومن إبداعات أمير الأبوذية الشيخ حسين الكربلائي أنه أضاف شطراً خامساً بأربعة جناس :
الألف لف الـذوايب من نسلها (7)
البي بادت اضلوعي من نسلها (8)
التي تاهت أفكـاري من نسلها (9)
الثي ثاري الحواري من نسلها (10)
الجيم و جنـه الفردوس إليـه (11)
وأما ما عرف بالمشط فهو مجموعة من أبوذيات نظمت كل ثلاثة أشطر

(1) ثرية : نجم الثريا كناية عن علو مقامها وصعوبة الوصول إليها .
(2) ثرية : من الكثرة .
(3) ثرية : من الثراء وهو الغنى .
(4) ثرية : القنديل المعلق بإصطلاح العراقيين( العامة ) .
(5) ثرية : أثاريه أي وأذابه يقال عبالي موجود وثاري ما موجود .
(6) المغنون المطربون وأطوار الأبوذية العراقية : 21 .
(7) نسلها : من نسل الشعر إذا مشطه ، والنسالة ما يسقط من الشعر عند النسل .
(8) نسلها : من السل المرض الرئوي .
(9) نسلها : أي لم أنسها .
(10) نسلها : من النسل وهو الذرية .
(11) العروض في الشعر الشعبي العراقي : 74 .
دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الأبوذية ـ 1 59

منها بجناس واحد ويأتي الرباط المنتهي بـ(يّه) في نهاية تلك المجموعة التي لا حصر لعددها ، فربما كانت ذات مجموعتين أو أكثر ، ومن ذلك قولهم (1) :
1ـ الدَّهَرْ يا صاحْ بِالْفَرْگَه وَلانَه (2)
وَلا نـوبَه اِنْكسَـرْ گلبه وَلانَه (3)
لا إنْت عِرَفْـتِ الْحُـبْ وَلانَه (4)
2ـ نِسَيْنَا الشَوگْ وِ اخْلَفْنَا وَعَدْنَا (5)
وعَلَى الْـهِجْرَانْ رَدِّينَـا وَعِدْنَا (6)
هذا آمْنِّ الْـوَكِتْ والْحُبْ وَعَدْنَا (7)
3ـ يِفُرْ بِيّه الْوَكِتْ نَوبَه وَفُرْبِيه (8)
إوْ مِنْ ثلْجِ الْـعُُمُرْ دَرْبِي وَفُرْبِيه (9)
أشْـرِدْ وَينْ أنَا بْگَلْبِي وَفُرْبِيه (10)
4ـ إبْدَرُبْ مَسْدودْ وِمْتَيِّهْ مَحَلَّه (11)
اِدْموعي چَمْ ذَنِبْ گلبك محله (12)

(1) ويذكر أن هذه الأبيات هي مجموعة من أبوذيات متفرقة لجودت التميمي أسقط منها الرباط وأطلق عليها المشط .
(2) ولانه : من الولية .
(3) ولانه : من اللين .
(4) ولانه : ولا أنا .
(5) وعدنا : من الوعد .
(6) وعدنا : من العود .
(7) وعدنا : أي النصيب والقسمة.
(8) وفرّبيه : في الدوران .
(9) وفر بيه : الوفر = الثلج .
(10) وفربيه : من الفرار .
(11) محله : الحي .
(12) محله : من المحو.
دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الأبوذية ـ 1 60

بَعَدْ طَيرِ بْضُبابْ أبْداً مَحَلَّه (1)
وَلا ظِنْ بَعَدْ نِتْلاگَـه سِوِيَّه (2)
ويذكر العامري أن التاريخ ولادة المشط حديثة ظهرت في الخمسينات أي العقد السادس من القرن العشرين الميلادي( أي السابع من الرابع عشر الهجري) . ويعزي سبب ذلك إلى المساجلات التي كانت تتم بين الشعراء حيث كان أحدهم ينظم ثلاثة أشطر ويضيف عليه آخر ثلاثة أخرى وهكذا . ويبقى المشط أي الشطر الرابع على آخرهم حيث عليه أن يقفل الأبوذية (3) .
ومنها الأبوذية ذو الحاشية حيث أن منشد الأبوذية قد يستعين بالحاشية أي بشطر يضاف على مضمون الأشطر الأربعة وهذه الحاشية تكون من وزن النصاري( النعي ) وهي يتيمة لا عجز لها (4) ومن ذلك قول جابر الكاظمي :
أصَمْ أبْكَـمْ لِجَرْحِي عَـيبْ وَرَّيتْ (5)
اِوْ شامِتْ ما نِظَرْنِي إبْوِسَفْ وَرَّيتْ (6)
اِبْزَفـِيري اِوْ شَهْگَتِي نارَينْ وَرِّيتْ (7)
أخَمُّدْ هاذِي تِسْعَرذِيچْ بِيَّه
فيلحق بها الشطر التالي كحاشية للأبوذية :

(1) محله : من الحَّلْ أي الإطلاق .
(2) المغنون الريفيون وأطوار الأبوذية العراقية : 24.
(3) ويذكر أن أول من أطلق هذه التسمية هو عبد الصاحب عبد علي وذلك حين نظم ألفيته الموالية الشهيرة فسماها بالمشط .
(4) الحاشية : لها علاقة بالإنشاد لا الإنشاء ، وربما أضافها المنشد( المطرب ) للتخلص من قيود وزن الأبوذية الثقيلة ، وقد وجدت أساساً لإثارة الحزن ، وتصلح بأن تضاف إلى أية أبوذية خاصة عند أدائها بطور المحمداوي ، وقد يسمونها أهل الجنوب بـ( المشيچيخات) .
(5) وريت : من الرؤية .
(6) وريت : ياريت = ياليت .
(7) وريت : من ورى النار إذا أوقدها .
دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الأبوذية ـ 1 61

اتمشَي المراچِبْ نارْ گَلْبِي
أو تلحق به :
أحـوّهْ تَلْهَبْ نـارْ گَلْبِي
فهذا الملحق هو الحاشية . ويقول العامري : إن أبرز من استخدم الحاشية هم شعراء ميسان (1) .
ومنها ما يسمى بالمطشّر أي المنثور وهو ما يلحق بالشطر الثاني منها عدد من تفعيلة مفاعيلن لا بد وأن يكون مكملاَ للشطر الثالث ومن ذلك قولهم :
عَلَيكْ إهـْوايْ وَنّينَه وَلَعْنَه (2)
شِجاكْ إنْسَيتْ يَمْدَلَّلْ وَلَعْنَه (3)
مَتَـى أتْواصِـلْ
گـلُـبْ ذابِـلْ
جَـسَـدْ ناحِـلْ
دَمِـعْ سـايِـلْ
حَـچي الباطِـلْ
رُمُـحْ شـاتِـلْ
عَـلَى الْـعـاذِلْ (4)
أريدَ أدْعِي بْگَلُبْ ذايِبْ وَلِعْنَه (5)
وِشـاكِ وْغَيَّرْ أطْباعَكْ عَلَيَّه (6)

(1) المغنون الريفيون وأطوار الأبوذية العراقية : 23 .
(2) ولعنه : من اللوعة .
(3) ولعنه : من الولع .
(4) ولا يخفى أن هذه التفعيلات المضافة جاءت على « مفاعيلن » مما يدلنا على أن وزن الأبوذية إلى الهزج أقرب من كونه للوافر .
(5) ولعنه : اللعنة .
(6) المغنون الريفيون وأطوار الأبوذية العراقية : 26 .
دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الأبوذية ـ 1 62

ومن الخليق بالذكر أن هذه الملاحق كلها من زنة مفاعيلن ذات سجع واحد وقوله على العاذل له ارتباط بالشطر الثالث إذ لولاه لما تم معنى الشطر الثالث والمعنى يكون كالتالي « أريد ادعي على العاذل بگلب ذايب ولعنه » .
وهناك نوعان من الأبوذية يذكرهما الباحثون وهما الأبوذية المطلقة والأبوذية المولدة ، وهما في الحقيقة لا تعنيان شيئاً كبيراً إذا أن المطلقة تعني أن الشاعر نظمها من وحي خياله دون أن يلجأ إلى شعر غيره ، والمولدة وهي التي تنظم من وحي خيال شاعر آخر من خلال مجاراة بيت شعري وغالباً ما يكون هذا البيت من الشعر القريض ولا اختصاس لهما بالأبوذية ، وكمثال على الأبوذية المولدة قول خالد البارودي :
صُفَه گَلْبِي عَلَى الْمَحْبـوبْ مِنْ خالْ (1)
عِمَيتِ وْعَيب افِرْزَنْ خالْ مِنْ خالْ (2)
تِحِبْ الـنّاسْ إلِـبْـوَجْناهْ مِنْ خالْ (3)
اِشَلونْ آنْـه ولَحِبْهَـه الخالْ هِيَّـه
فإنه أقتبس المعنى من قول شاعر آخر ـ من البسيط ـ :
الناس تعشق من خال بوجنته فكيف بي وحبيبي كله خال (4)

وربما اقتبس المعنى من غير القريض .
ومن المعلوم أن الأبوذية بيت واحد ذو أربعة أشطر ، ونادراً يؤلف منها قصيدة ومن ذلك قول الشاعر الكربلائي محمد رضا فتح الله تحت عنوان عذاب الغربة :
يَبُو الْيِّمَهَ البُعُدْ يِصْعَبْ عَلَيَّهْ

(1) من خال : من المنخل أي أصبح قلبي مثل المُنخل .
(2) من خال : لعله أراد الخل ولها معانِ أخرى .
(3) خال : الشامة .
(4) العروض في الشعر الشعبي العراقي : 75 .
دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الأبوذية ـ 1 63

أُوِنَّ الْفُرْگَتِكْ صُبْحُ ومِسِيَّهْ
* * *

حَواسِي الْخَمْسَهْ خَلْ تِبْچِي وَلَبّي (1)
نِحتْ وَالْـدَمْعَهْ مُـو لأُمّي وَلَبَّي (2)
أَريدَ أُرْجَعْ لـَبُـو الْـيِّمَـهْ وَلبِّي (3)
وَأُغَسِّـلْ بِالـدِّمِعْ هَمِّي الْعَلَيّـهْ
* * *

حَواسِي بِالأَلمْ وِ الْوَنَّهْ (4) يَحْسِيَنْ (5)
عَلَيَّه وَالـزَمَنْ ما ظَنِّي (6)يَحْسِيَنْ (7)
لَوَنْ عِفْتَكْ غَصُبْ تِدْرِيني يَحْسِيَنْ (8)
حَنِينِـي أُو دَمْعِتِـي لِلْغاضِرِيّـهْ
* * *

صَبُرْنَه وَالْصَبُرْ بِالتالي مَلْنَه (9)
يَبُو الْيِّمَهْ إبْگَلُبْنُه وَانْتَه أَمَلْنَه (10)

(1) ولبّي : من لاب بمعنى ظمأ وحام حول الماء وهو لا يصل إليه والعامة تستخدمها فيمن يلوج .
(2) ولبّي : أصلها ولأبي .
(3) ولبّي : من التلبية .
(4) يحسين : أصلها يحسن من الحس .
(5) يحسين : من الإحسان .
(6) يحسين : هو الإمام الحسين عليه السلام .
(7) فيه زحاف ويصح لو قال : « والنوح » بدلاً من « والونّهْ » .
(8) فيه زحاف ويصح لو قال : « ما أظن » .
(9) ملنه : من الملال .
(10) ملنه : من الأمل .
دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الأبوذية ـ 1 64

إلَكْ لا الْغِيرَكْ إبْهَالْدِنْيَهْ مِلْنَه (1)
نِتابِي إلْشُوفِتَكْ يَابْنِ الزِچِيَّهْ
* * *

شَسُولِفْ سَيْدِي عَنْ گَلْبي حِزْنَهْ (2)
سَهَمْ ذَبْح ألطِّفِلْ بِالْمهْجَه حَزْنَه (3)
لَوَنْ حازْ الْشَّرَفْ لِلْوَنّـه حِِزْنَه (4)
يِجَرِّعْنَـه الدَّهَرْ جـورِ وَأذِيَّـه
* * *

جِفـاني دَهْـري عَنْ حِلِّـي وَناحايْ (5)
و ِنيـنِـي لِلْـوِطَـنْ يِكْـثَرْ وَناحايْ (6)
غِـدَيتْ إبْغُـرْبَه چَـفْ واحِدْ وَناحايْ (7)
أوِنّ إلْـشـوفِـتَكْ وَأصْـفِـجْ بِدَيّـه (8)
* * *

تَرابِي إرْوَيحـِتِـي بِالْـغُرْبَـه لاجَتْ (9)

(1) ملنه : من المليان .
(2) حِزنه : من الحزن .
(3) حزنه : من الحز بمعنى القطع .
(4) حزنه : من الحيازة .
(5) وناحاي : من الناحية .
(6) وناحاي : من النوح .
(7) وناحاي : مركبة من « أنا + حي » .
(8) لا يتناسب الشطر الثالث والرابع حيث ذكر في الشطر الثالث أن له كفاً واحدة وفي الشطر الرابع ذكر أنه يصفق باليدين ، فلو قال : « غديت إبغربه لا ميت وناحاي » لصح المعنى .
(9) لاجَت : من لاج بمعنى اضطرب .
دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الأبوذية ـ 1 65

إلَكْ لا آلْـغَيرَكِ و تِدْريَهـا لاجَتْ (1)
َعسانِي لا صِـرِتْ لِلْدِنْيَـه لاجِتْ (2)
وَلا عـوفَـكْ يَبِنْ حامِي الْحَمِيَّـه
* * *

لِوَنْ عِفْتِ آلْوِطَنْ يِصْعَبْ وَداعيْ (3)
لِـوَنْ جِسْمِي نِحيلْ أصْبَحْ وَداعيْ (4)
لأ ظَل أطْْلُبْ أنَـه إبْحَگَيْ وَداعيْ (5)
وأعـودْ إمْنِ الْفُراتْ أتْرَوَّه مَيَّـه (6)
هذا وقد يتفنن الشاعر في أشطر الأبوذية فيجعل من كل شطر منه بيتاً ويقسمها إلى شطرين يخضع الشطر الأول منها إلى قافية موحدة وتسمى بالأبوذية المقسومة ومن ذلك قول الشاعر :
عَـنِّ آرْوَيحِـتـي رُوحـَكْ شَمَلْـهَا (7)
اِوْ شِجاكْ الْعِشْرِتي اِتْبَـدِّدْ شَمـِلْهـَا (8)
شَـرَجـِي دِنْيِتـي آحْسَبْتَـه شَمِلْهـَا (9)
اِبْجِفـاكِ وْ دَمْعِتِي آتْهـِلْ دومْ هِيـَّه (10)

(1) لاجت : من لج بمعنى ألَحَ.
(2) لاجت : أي ما جئت .
(3) وداعي : من الوداع .
(4) وداعي : من التداعي بمعنى الانهدام .
(5) وداعي : من الادعاء بمعنى المطالبة .
(6) صوت الناعي : 239.
(7) شملها : أصلها أي شيء أمالها من الميلان.
(8) شملها : من الشمل وهو الجمع .
(9) شملها : من الشمال .
(10) معرفة أوزان الشعر الشعبي العراقي : 215.
دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الأبوذية ـ 1 66

ومن خلال عملي هذا ومناقشتي مع عميد الشعر الحسيني الدارج الحاج جابر الكاظمي حول تطوير الشعر بلهجتيه القريض والدارج عرضت عليه موارد للتطوير والتي منها النظم في القريض على شاكلة الأبوذية في الدارج فواعدني خيراً إلا أنه آثر على نفسه وأخبرني ذات يوم بأن أخاه الدكتور الحاج عادل قد نظم القريض على الأبوذية وقد أتحفني بذلك في اليوم الأول من ربيع عام 1996م(1416هـ ) ومن ذلك قوله في مأساة الطف :
لِجِسْمِي ما جَرى فٍي الطَّفِ أَنْحَلْ (1)
وَقَلْـبـي جَمْـرَةَ الأَحْـزَانِ أَنْحَلْ (2)
يُرِيني المَوْت نَصْبَ العَيْنِ إنْ حَلْ (3)
عَلى الأَيْتامِ لَيْلُ الغاضِرِيَّهْ
وله أيضاً في الغرض نفسه واصفاً حال السيدة زينب عليها السلام :
تُنَـادي زَيْنَبٌ و الـدَّمْعُ هامِلْ (4)
فُـؤادِي مِنْ عَذابِ القَبر هاملْ (5)
عَمُودٌ قَدْ أصابَ اليُّوْمَ هامَ الْـ (6)
كَفِيلِ فَشَبَّ نِيرانَ الَّرزِيَةْ
وهناك من لمع الأبوذية فضمنها كلمات من لغات أخرى ومن ذلك قول الحاج زاير :
1ـ عَصَبْ كِلْمَا آرْدَ أفَوْرِ آعْلَيكْ نيناي (7)

(1) أنحل : من النحول .
(2) أنحل : من النحلة وهو العطاء .
(3) إن حل : من الحلول .
(4) هامل : بمعنى الهطول .
(5) هامَل : كلمتان ها أداة تنبيه ومل بمعنى سئم .
(6) هام الـ : الهامة هو الرأس ، والألف واللام تابع للشطر الرابع .
(7) نيناي : من النيء .
دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الأبوذية ـ 1 67

2ـ وخِلْخالَـه آبْتِوالِي اللَّـيلْ نَيْنايْ (1)
3ـ أگِلَه آگْبَلْ يِگلّي لَيكْ « نَيْنايْ » (2)
4ـ « چلوگون » آرْتِفِعْ لَتْجيكْ آذِيّه (3)
فقوله : « نيناي » أراد بها لالا وهي من أصل كجراتي وكلمة « لا » تعادل « ني » وتستعمل على ثلاثة أقسام « نهيه » أو « نيه » أو « نَيْ نَيْ » وكذلك كلمة « چلو » بالمثلثة بمعنى إذهب و« گون » كلمة انكليزية « gone » بمعنى الماضي وقد استعملت عند العامة بمعنى السريع وهو من معاني الماضي .
وهناك من استخدم الحروف المقطعة في الجناس بدلاً من الكلمات ومن ذلك قول الحاج جابر الكاظمي :
ابدمع چاسات الف والميم واللام (4)
ولـَتْظـنّي ألف والـميم واللام (5)
مـنـك ياألـف والـميم واللام (6)
عمري الـماشفت بي غير أذيه (7)

(1) نيناي : من الناي مكرراً وهي آلة الطرب.
(2) نيناي : كلمة اجنبية أصلها « ني ني »بمعنى لالا .
(3) ديوان الحاج زاير : 175.
(4) أمل : من الامتلاء .
(5) أمل : من الملل .
(6) أمل : الرجاء .
(7) أبوذية جابر الكاظمي : 147.
دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الأبوذية ـ 1 68

قواعد وفوارق

1ـ ومما يذكر في باب التفاعيل أن الحرف الأول من التفعيلة الثانية إذا سُكِّنَتْ لحقت بالتفعيلة الأولى ففي مفاعيلن مفاعيلن(//ه/ه/ه//ه/ه/ه) مثلاً إذا سكنت الميم من مفاعيلن الثانية أصبحت هكذا مفاعيلُنْمْ فاعيلن(//ه/ه/ه ه/ه/ه/ه) وتنقلب إلى مفاعيلان مفعولن( //ه/ه/ه ه/ه/ه/ه) كقول الشاعر :
جفاني الچانْ لگليبي ونس له (1)(//ه/ه/ه ه + /ه/ه/ه +//ه/ه)
2ـ ويذكر أيضاً أن التفعيلة الثالثة من الشطر السابق إذا كان فعولان(//ه/ه ه) أي ساكنين لا بد وأن يبدأ الشطر الذي يعده بـ فاعيلن( /ه/ه/ه) بحذف الميم من مفاعيلن ويتحول إلى مفعولن حيث أن الساكن الذي يلي النون الساكنة من فعولان يعوض عن حرف الميم من مفاعيلن بمعنى انه يجب التزام الخرم (2) في الشطر الثاني والثالث والرابع فيما إذا كانت التفعيلة الأخيرة ، من الشطر الأول منتهية بساكنين فيصبح على الشكل التالي :
1 ـ مفاعيلن مفاعيلن فعولان
//ه/ه/ه //ه/ه/ه //ه/ه ه
2 ـ مفعولن مفاعيلن فعولان
/ه/ه/ه //ه/ه/ه //ه/ه ه

(1) العروض في الشعر الشعبي العراقي : 76 .
(2) الخرم : قال ابن سيدة : الخرم في العروض ذهاب الفاء من فعولن فيبقى عولن ، فينقل في التقطيع إلى فعلن ، وقال : لا يكون الخرم إلا في أول الجزء في البيت ، وقال الخليل في العين : 2/ 137 : الأخرم من الشعر ما كان في صدره وتد مجموع الحركتين فخرم أحدهما وطرح كقوله :
ان امرءاً قد عاش تسعين حجة إلى مثلها يرجو الخلود لجاهل
وتمامه وأن امرءاً ، وقال ابن منظور : الخرم هو حذف فاء فعولن ويسمى الثلم .
دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الأبوذية ـ 1 69

3 ـ مفعولن مفاعيلن فعولان
/ه/ه/ه //ه/ه/ه //ه/ه ه
4 ـ مفعولن مفاعيلن فعولن
/ه/ه/ه //ه/ه/ه //ه/ه

وعلى كل فان مجموعة الحركات والسكنات لا تتغير وانما تتغير فيما بينها (1) .
ولكن هذه الأمور ليست لها مصداقية لدى التطبيق ، مما نشك في صلاحيتها لتكون قاعدة يعتمد عليها وسوف نلاحظ ذلك في طيات هذا الديوان .

(1) العروض في الشعر الشعبي العراقي : 76.
دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الأبوذية ـ 1 70

الجناس

إن عملية الجناس في الأشطر الثلاثة فن بديع اتصفت به بعض الأوزان أو الألوان من الشعر الدارج ويستلزم ذلك في بعض الأحيان إضافة حرف أو إمالته أو إسقاطه وربما ركبت كلمتان معاً ليؤدي مجموعهما الجناس المطلوب ولذلك يعد حل هذا الجناس من اللغز الذي يمتحن به في الندوات الأدبية ويتفاخر الشاعر بإنشائه أيضاً وكلما كان الحل أصعب كلما أشيد بمهارة الشاعر أكثر .
ولا يخفى أن إضافة حرف أو نقصانه أو إمالته ليس من تجاوزات شعراء الدارج بل أن شعراء القريض قد يلتجؤون إلى ذلك ، وقد بحثنا ذلك في محله(1) وهنا لا بد من الإشارة إلى بعض العينات فمن ذلك قول الحاج زائر :
يـگـاطـع دوك دلالـي من التل(2)
صرت مكسـور وتدارك من التل(3)
هـم الگلـب بالـنسـبة من التل(4)
نگـطـة إبّحـر وأزيـدهم عليّه(5)
ومن الملاحظ أن دوك أصلها دونك حذف النون للضرورة الشعرية ، هذا ولا بأس بالإشارة إلى الترخيم الواقع في كلمة « وتدارك » فتلفظ ودّارك حيث يقلب التاء دالاً ويدغمان .

(1) راجع مقدمة باب الشعر الدارج من هذه الموسوعة .
(2) التل : من تل الشيء إذا أخذه عنوة والعامة تقول تل الحبل إذا سحبهُ بغتة .
(3) التل : مخففة التالي إشارة إلى الموت .
(4) التل : الهضبة .
(5) ديوان الحاج زاير : 191.

السابق السابق الفهرس التالي التالي