دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 1




دائرة المعارف الحسينية
ديوان
الإمام الحسين(ع)
من الشعر المنسوب اليه
(الجزء الاول)


دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 2




دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 3

دائرة المعارف الحسينية

ديوان
الإمام الحسين

من الشعر المنسوب اليه
( الجزء الأول )

محمد صادق محمد
( الكرباسي )

المركز الحسيني للدراسات
لندن ـ المملكة المتحدة


دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 4


الطبعة الأولى
1422 هـ ـ 2001 م


دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 5

بسم الله الرحمن الرحيم(1)

الحمد لله وسلامٌ على عباده الذين اصطفى(2) آدمَ ونوحاً وآلَ إبراهيم وآلَ عمرانَ على العالمين ، ذريّة بعضها من بعضٍ واللهُ سميعٌ عليم(3) ، إنّه لقول رسول كريم(4) ، إني لكم رسولٌ أمين(5) ، أبلغكُم رسالات ربّي و(6) لا أسألكم عليه أجراً إلا المودّة في القربى(7) وآتِ ذا القُربى حقّه(8) ذلك خيرٌ للذين يُريدون وجه الله وأولئك هم المفلحون(9) .

صدقَ الله(10) العليّ العظيم (11)


(1) سورة النمل ، آية : 30 .
(2) سورة النمل ، آية : 59 .
(3) سورة آل عمران ، آية : 33 ـ 34 .
(4) سورة الحاقة ، آية : 40 .
(5) سورة الشعراء ، آية : 107 .
(6) سورة الأعراف ، آية : 62 .
(7) سورة الشورى ، آية : 23 .
(8) سورة الأسراء ، آية : 26 .
(9) سورة الروم ، آية : 38 .
(10) سورة آل عمران ، آية : 95 .
(11) سورة البقرة ، آية : 255 .
دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 6

قال الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم :

« إن الحسين مصباح هدى
وسفينة نجاة
وإمام خير ويمن
وعز وفخر
وبحر علم وذخر »
(1)

وصدق رسوله الكريم

(1) عيون اخبار الرضا : 2/ 62 .
دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 7

مقدمة الناشر

لن ندخل في هذه المقدمة الموجزة في جدلية صحة نسبة نظم الشعر للأئمة عليهم السلام أو عدم صحتها ، فهذا أمر قد تناوله المؤلف في مقدمته التفصيلية الشاملة لهذا الكتاب ، لكن ما لابد من قوله في هذا المقام ـ أو ربما التذكير به ـ أن أئمتنا عليهم السلام هم سادة البلاغة كما هم سادة العلم والتقوى والخلق الرفيع ، وليس غريباً أن تكون لهم أبيات أو قصائد نظموها في مناسبات عديدة ، الغاية منها إيصال الحكمة ، والعبرة ، والمعرفة ، والموعظة إلى قلوب وعقول الناس ، كون الأزمنة التي عاشوها اشتهرت بوجود شعراء كبار ، وبحضور بارز للشعر في الحياة الاجتماعية لتلك العصور .
على أية حال ، وكما أشرنا في بداية هذه المقدمة من تجنب خوضنا في جدلية نسبة نظم الشعر لهم عليهم السلام ، فإذا كانوا لم ينظموا الشعر وإنما نسب إليهم ، فهذا أمر قد تلافاه معظم المؤلفين والباحثين من خلال ذكرهم عبارة ( من الشعر المنسوب إليه ـ الإمام ـ عليه السلام ) ، أي أنهم لم يجزموا أو يؤكدوا انتماء هذه الأبيات أو تلك القصيدة لذلك الإمام أو لغيره .
يبقى أم كونهم عليهم السلام قد نظموا الشعر فعلاً ، فهم عليهم السلام ، لابد من أنهم أرادوا تحقيق واحد من أمرين ، أو ربما الاثنين معاً :
  • الأول : بسبب حضور الشعر الفاعل في أيامهم ، ودوره المؤثر ـ كما أشرنا سابقاً ـ في الحياة ، فهم عليهم السلام أرادوا إيصال تعاليم ومبادئ الإسلام وقيمه ، ونصائحهم وتوجيهاتهم لمريديهم ومواليهم ، أو حتى للآخرين من خلال هذه الأبيات الشعرية .
  • الثاني : ربما أرادوا عليهم السلام توجيه بوصلة الشعر باتجاهها الإسلامي، أو إبراز الوجه الآخر للشعر والشعراء غير الذي ذكره القرآن

    دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 8

    الكريم بقوله عنهم ـ الشعراء ـ :« والشعراء يتبعهم الغاوون ، ألم تر إنهم في كل واد يهيمون ، وأنهم يقولون ما لا يفعلون ، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات» .
    أيها القارئ الكريم : هذا باب آخر من أبواب موسوعة « دائرة المعارف الحسينية» ألا وهو ديوان الإمام الحسين عليه السلام ، والذي يحتوي على جزئين ، يتضمن الأشعار التي تنسب إليه ، وهي ـ وذلك من نافلة القول ـ مدرسة متكاملة المناهج في الحكمة والموعظة الحسنة ، والتوعية الإسلامية والفلسفة الإسلامية ... الخ .
    والمؤلف لهذه الموسوعة أضفى على هذا الديوان بعض المعالم التي تميزه عن سائر النسخ المطبوعة حتى الآن بذكره لسبب الإنشاء ، وللبحور ، والسند ، والراوي ، ونوع القافية والإعراب ، واللغة ، والحكمة ، والنسبة ، وغيرها من الأمور الكثيرة التي لامجال لتعدادها هنا .
    وهذا الجزء هوالحادي والعشرون من أجزاء هذه الموسوعة الكبيرة التي طبعت حتى الآن ، والتي نواصل طباعتها ، على أن تصدر أجزاؤها تباعاً ، وكل هذا إنما هو بتأييد من الباري عز وجل ، ومباركة من الإمام الحسين عليه السلام ، وبدعم مشكور من محبي هذا الإمام العظيم من أئمة أهل البيت عليهم السلام الذين هم كما وصفهم الصادق الأمين ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق . وجعلنا الله وإياكم من ركاب هذه السفينة حتى بلوغها بر الأمان والطمأنينة ، يوم لاينفع فيه مال ولابنون إلا من أتى الله بقلب سليم .

    14 / ربيع الأول / 1421 هـ
    16 / حـزيـران / 2000 م

    دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 9

    بسم الله الرحمن الرحيم


    إلهي إياك أستمد حيث لطفك الثجج
    وبالصلاة على مبعوثك استسهل خوض اللجج
    ومن آله استلهم حيث اخترتهم لي نعم الحجج

    لندن
    مـحمـد صـادق
    شتاء
    1400 هـ ـ 1999 م

    دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 10




    دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 11

    تمهيد

    إن من أسس الكتابة أن يضع الكاتب الهيكل العام من الأبواب والفصول إو ما شابهها ، بعد دراسة الموضوع الذي يريد الكتابة عنه ، ونحن بدورنا قمنا بما تحتمه هذه الحقيقة فوجدنا أنفسنا في هذا الباب أمام تراث كبير ولم نكن نتصور في بادئ الأمر أن هذا الفصل سيتحول إلى باب مستقل بحد ذاته ليستعرض فيه كل ما صدر عن الإمام الحسين عليه السلام من النثر والشعر ، إذ الكم الهائل من هذا التراث العظيم أخذ يفرض نفسه على تقسيمات الأبواب والفصول لذلك لم يعد بالإمكان حصره في كتاب أو كتابين ، ولذلك عمدنا إلى توزيعه على فصول ليحمل كل فصل اسماً خاصاً به يسهل على القارئ والباحث الوصول إليه بسهولة ، ومن هنا جاء تخصيص مؤلف خاص بالدعاء ، وآخر بالخطب وهكذا ، وقد نال الشعر أيضاً فصلاً خاصاً بنفسه وحمل عنواناً مستقلاً ، واخترنا له كلمة الديوان ليتماشى مع العرف السائد منذ قرون على هذه التسمية حيث وجدناها أوفى بالغرض من غيرها من التسميات الحديثة التي لم تجتمع فيها مواصفات العلمية ، ولاشك أن بعضها يحمل عناوين فيها من الجمالية والشاعرية ما لا يخفى ، ولعلها توحي بما يحمله الديوان من الأغراض والأهداف ولكنها تبقى بحاجة للإشارة إلى أنها شعر كماهو ملاحظ في طبعات أمثال هذه الدواوين حيث تلحق بتلك العناوين كلمة « شعر » أو تسبقها كلمة « ديوان » للدلالة على أن محتواها هو الشعر .
    هذا وسنبين في آخر بنود هذه المقدمة التمهيدية عملنا في هذا الديوان لتتضح منهجيتنا في هذا المقطع من الكلام المنسوب إلى الإمام الحسين عليه السلام.
    والله جل وعلا نسأل التوفيق لإتمام هذا الديوان بل وسائر الأبواب الأخرى بأحسن وجه وبالشكل الذي يليق بمقام أبي عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام إنه سبحانه وتعالى نعم المولى ونعم النصير .

    دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 12

    البيئة الشعرية

    منذ أن ولد الإمام الحسين عليه السلام في ليلة الخامس من شهر شعبان المعظم السنة الرابعة من الهجرة وحتى استشهاده في العاشر من شهر محرم الحرام السنة الحادية والستين من الهجرة برز عدد كبير من الشعراء بلغ عددهم نحو مئة شاعر ، ولكن عدد المتفوقين منهم لم يتجاوز الخمس أي عشرين شاعراً فولد صلوات الله وسلامه عليه وكان على قيد الحياة خمسة من كبار شعراء الجاهلية وهم أمية بن أبي الصلت (1) والأعشى ميمون بن قيس (2) وعامر بن الطفيل (3) ودريد بن الصمـة (4) ولبيد بن ربيعة (5) وكان أولهم موحداً هجر عبادة الأوثان وشرب الخمر وكاد أن يسلم إلا أنه لم يوفق بسبب موقف قومه ثقيف من الإسلام والرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، وكان في شعره

    (1) أمية بن أبي الصلت : هو حفيد أبي ربيعة بن عوف الثقفي البكري ، كان حنفي المعتقد وهو من الطائف ، وكان في شعره يحكي قصص الأنبياء على ما جاء في التوراة توفي السنة السابعة أو الثامنة للهجرة .
    (2) الأعشى ميمون بن قيس : هو حفيد جندل بن شراحيل الوائلي ، ولد في اليمامة وتوفي عام 7 هـ لقب بالأعشى لأنه كان ضعيف البصر في الليل ، طاف بشعره جميع أنحاء شبه الجزيرة العربية .
    (3) عامر بن الطفيل : حفيد مالك بن جعفر العامري القيسي ( نحو 67 ق . هـ ـ 8 هـ ) من أهل نجد كان سيد قومه وقائدهم في الغزوات ، عرض عليه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الإسلام عندما جاء إلى المدينة في ضمن وفد فلم يسلم ومات في رجوعه .
    (4) دريد بن الصمة : هو معاوية دريد بن الحارث الصمة بن معاوية بن بكر الجشمي القيسي توفى عام 8 هـ ، وكان سيد بني جشم وقائدهم وفارسهم غزا مئة غزوة ويعد أشعر شعراء الفرسان .
    (5) لبيد بن ربيعة : هو حفيد مالك بن جعفر العامري ( 79 ق . هـ ـ 8 هـ ) كان من أهل نجد ، نشأ في العز ، ترك بلاده بسبب القتال بين فخذين من قبيلته ، وهو أخو أربد الذي وفد مع عامر بن طفيل على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم .
    دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 13

    يذكر الله واليوم الآخر فمن ذلك قوله من الخفيف :
    مجدوا الله فهـو للـمجد أهـل ربنا في السماء أمسى كبيرا
    ذلك المنشئ الحجـارة و المـو تى وأحياهم وكـان قديـرا (1)

    وكان ثانيهم عامر بن الطفيل الذي عرض عليه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الإسلام إلا أنه لم يوفق هو الآخر فمات من سنته إلا أن في شعره شيئاً من الحكمة ومن ذلك قوله من الطويل :
    قضى الله في بعض المواقف للفتى برشد وفي بعض الهوى مايحاذر
    ألم تعلمي أني إذا الألـف قـادني إلى الجور لا انقاد والألف جائر (2)

    وأما ثالثهم أي الأعشى بن ميمون فكان من أهل الكتاب حيث كان يهودياً ووصل به قربه إلى الإسلام أن نظم قصيدة في مدح الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ووفد بها إلى الحجاز فخاف مشركو قريش أن يزيد مدحه للرسول صلى الله عليه وآله وسلم في سرعة انتشار الإسلام فساومه أبو سفيان بأن يدفع إليه مئة جمل إذا هو ترك إنشاد القصيدة بين يدي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فقبل عرضه ولم يوفق فمات من سنته وبداية قصيدته التي من الطويل هي :
    ألم تغتمض عينـاك ليلـة أرمدا وبت كما بات السليم مسهدا
    ولكن أرى الدهر الذي هو خائن إذا أصلحت كفاي عاد فاقدا (3)

    وأما رابعهم وهو دريد معاوية فلم يتشرف باعتناق الإسلام ورغم أنه لم يكن قادراً على المبارزة إلا أن قومه اصطحبوه إلى معركة حنين فقتل فيمن قتل ولم يكن في شعره حكمة ومات مشركاً .
    وأما لبيد فإنه أسلم على يد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضمن وفد بني عامر إلى المدينة ومن شعره قصيدة من ـ البسيط ـ مطلعها :
    الـحمد لله إذ لـم يـأت أجـلـي حتى أكتسيت من الإسلام سربالا (4)

    (1) تاريخ الأدب العربي لفروخ : 1/ 218 .
    (2) تاريخ الأدب العربي لفروخ : 1/ 221 .
    (3) تاريخ الأدب العربي لفروخ : 1/ 227 .
    (4) تاريخ الأدب العربي لفروخ : 1/ 232 .
    دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 14

    ورغم ذلك فلم يعدوه ممن حسن إسلامه بل عدوه في المؤلفة قلوبهم .
    وعلى أية حال ففي هؤلاء الخمسة اثنان من أصحاب المعلقات : الأعشى ولبيد وهما من فحول شعراء الجاهلية وفي عهدهم ولد الإمام الحسين عليه السلام .
    وقد التقى الإمام الحسين عليه السلام منذ نعومة أظفاره بعدد كبير من الشعراء المخضرمين ممن كانوا يفدون على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وينشدون شعرهم أو لاينشدونه ، فقد نشأ الإمام عليه السلام في أجواء ما بعد التوقف عن إنشاء الشعر ليتحول إلى شعر ذي طابع إسلامي يحمل المفاهيم التي نشرها جده الرسول صلى الله عليه وآله وسلم .
    ولا يخفى أنه عاش في أسرة كان أفرادها جميعاً ينظمون الشعر فهذا أبوه علي أمير المؤمنين عليه السلام وذاك جده أبو طالب هو الآخر كان ينظم الشعر، وتلك أمه السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام وذاك أخوه الإمام الحسن عليه السلام وأولئك أعمامه وأخواته وغيرهم كلهم كان ينظم الشعر ، فقد عاش الإمام في بيئة تستذوق الشعر وتمارسه إنشاء وإنشاداً وعايش احداثاً وحروباً كان للشعر فيها دور كبير سواء الفخر منه أو الحماسة أو السياسة ، وقد ترك فحول الشعراء مساجلاتهم كما انتشر الشعر العقائدي والديني بشكل واسع فكان في تلك الفترة أمثال حسان بن ثابت (1) المتوفى عام 54 هـ ، والحطيئة (2) المتوفى عام 59 هـ ، والمتوكل الليثي (3) المتوفى عام 64 هـ ، والنابغة الجعدي (4) المتوفى

    (1) حسان بن ثابت : هو حفيد المنذر من بني مالك النجار ، اشتهر بالأنصاري ولد عام 60 ق . هـ ، أسلم وتوجه بشعره إلى المفاهيم الإسلامية ، إلا أنه عاد إلى العصبية الجاهلية في عهد عثمان كما ذكر فروخ .
    (2) الحطيئة : هو جرول بن أوس بن مالك العبسي ، عاش أكثر عمره في الإسلام ولكنه كان مسناً . اشترك في الجاهلية في حرب دامس والغبراء ، أسلم ووفد على الرسول وأنشده .
    (3) المتوكل الليثي : هو ابن عبد الله بن نهشل العوفي العامري من أهل الكوفة . وهو شاعر وجداني جمع بين الإطالة مع الرقة والمتانة ، وكان شعره يغنى .
    (4) النابغة الجعدي : هو حسان بن قيس بن عبد الله بن جعدة العامري ، كان في الجاهلية من الذين انكروا الخمر وهجروا الازلام وعبادة الأوثان ، أسلم ووفد على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأنشده شعره .
    دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 15

    عام 65 هـ ، وأبو الأسود الدؤلي (1) المتوفى عام 69 هـ ، ويزيد بن مفرغ (2) المتوفى عام 69 هـ ، وعبيد الله بن قيس الرقيات (3) المتوفى عام 75 هـ ، وأعشى همدان (4) المتوفى عام 83 ، وأعشى أبن أبي ربيعة (5) المتوفى عام 93 هـ ، والأخطل التغلبي (6) المتوفى عام 95 هـ ، والفرزدق (7) المتوفى عام 114 هـ ، وجرير (8) المتوفى عام 114 هـ ، فالتقى ببعضهم وسمع لبعضهم الآخر ، وحاور قسماً منهم وعايش آخرون ومدحته مجموعة منهم ورثته طائفة أخرى ، وللكثير من هؤلاء أخبار معه بشكل خاص أو بشكل عام أوردناها في باب السيرة ، فمن شاء فليراجع .

    (1) أبو الأسود الدؤلي : هو ظالم بن عمرو بن جندل الكناني ولد قبيل الهجرة أسلم وحسن إسلامه وصاحب علياً عليه السلام في حروبه وكانت شهرته في عهده عليه السلام كان له الفضل في عدد من العلوم توفي في البصرة .
    (2) يزيد بن مفرغ : المفرغ لقب اشتهر به ربيعة الحميري والذي كان من أهل اليمن ، هجا بني زياد فاضطهد في عهدهم أشد أنواع الاضطهاد من التعذيب وبيع ممتلكاته وحبس إلى أن توفي .
    (3) عبيد الله بن قيس الرقيات : ابن شريح العامري ، ولد عام 12 هـ في مكة وكانت نشأته بها وسكن الجزيرة في شمال العراق وسكن فلسطين والعراق ، وقف مع المعارضين للحكم الأموي .
    (4) أعشى همدان : هو عبد الرحمن بن عبد الله الهمداني كان من فحول الشعراء طويل النفس في النظم إلا أنه التزم الجودة والمتانة ، وكان شاعر أهل اليمن في الكوفة وكانت له مشاركات في العلوم .
    (5) أعشى ابن أبي ريبعة : هو عبد الله بن خارجة بن حبيب الشيباني ، سكن الكوفة ، كان شاعراً مجيداً ، في شعره سلاسة ومتانة ، وكان متقدماً جداً في السن .
    (6) الأخطل التغلبي : هو غياث بن غوث العمري ، ولد عام 20 للهجرة في الحيرة وبها نشأ ولأنه كان جريئاً على الناس سفه اللسان لقب بالأخطل ، وكان نصراني العقيدة منعته حرمة الخمر من أن يسلم .
    (7) الفرزدق : هو همام بن غالب بن صعصعة المجاشعي ولد عام 20 هـ ، وسيأتي أن له صحبة مع الإمام الحسين عليه السلام .
    (8) جرير : هو ابن عطية بن الخطفي التميمي ولد سنة 30 هـ نشأ فقيراً ، وهذا أصغر شاعر كان على عهد الإمام الحسين عليه السلام حيث قتل الإمام الحسين عليه السلام ولجرير من العمر عشرون عاماً .
    دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 16

    اهتمام الإمام بالشعر

    إن المتتبع لسيرة إمام الإباء أبي عبد الله الحسين عليه السلام يرى أنه كان يعير اهتمامه للشعر بل للشعراء أيضاً .
    فأما بالنسبة إلى الأمر الأول فيكفي إلقاء نظرة على القسم الثاني من هذا الديوان الذي اوردنا فيه عدداً من الأبيات التي استشهد الإمام عليه السلام بها في خطبه وكلامه وحواراته ، كما هو الحال في استشهاده بالآيات القرآنية الكريمة والأحاديث الشريفة ، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أمرين :
    الأول : اهتمام الإمام بالشعر وتذوقه للأدب الرفيع الذي حملته هذه الأبيات من الحكمة والمعاني السامية .
    الثاني : إن المجتمع كان ذواقاً للشعر ، وللشعر تأثير في تقبله للمفاهيم التي استهدفها الإمام عليه السلام من خلال كلامه وإنشاده ، والشعر كان وما يزال أكثر التصاقاً بالذاكرة من النثر خاصة إذا كان هذا الشعر من عيونه .
    وبغض النظر عن صحة نسبة إنشاء الشعر إلى الإمام الحسين عليه السلام فإن إنشاده للشعر هو الوجه الآخر لاهتمامه بهذا الجانب الأدبي .
    وقد تقدم الحديث عن شعر الإمام الحسين عليه السلام بشكل جانبي في مقدمة باب الدواوين « المدخل إلى الشعر العربي القريض »(1) .
    وأما الظاهرة الثانية فهي اهتمامه بالشعراء ، فقد ذكر المؤرخون موارد متعددة لحوار الإمام عليه السلام مع عدد من فحول الشعراء نذكر ما تيسر منها :

    (1) راجع فصل جواز الشعر من المدخل إلى الشعر من هذه الموسوعة .
    دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 17

    1ـ مع النابغة الجعدي حسان بن قيس المضري : (1)

    فلقد روى الجوهري (2) بإسناده (3) أنه أراد الرجوع إلى ديرته فدخل أيام عثمان (4)على الحسن والحسين ابني علي عليهم السلام فودعهما ، فقالا له : أنشدنا من شعرك يا أبا ليلى فأنشدهما قصيدته من المنسرح : والتي يذكر فيها ضروب التوحيد والإقرار بالبعث والجزاء والجنة والنار ومطلعها :
    الحمد لله لاشـريك له من لم يقلها فنفسه ظلما

    فقالا : يا أبا ليلى ما كنا نروي هذا الشعر إلا لأمية ابن أبي الصلت (5) .
    فقال : يابني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إني لصاحب هذا الشعر وأول من قاله ، وأن السروق لمن سرق شعر أمية(6) .

    (1) النابغة الجعدي : ولد عام 170 ق . هـ وتوفي نحو عام 50 هـ أسلم على أيام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وحسن إسلامه ، شهد مع علي عليه السلام صفين ، كان من المعمرين ، وهو شاعر مخضرم لم يشرب الخمر في الجاهلية وقيل له النابغة لأنه أقام ثلاثين سنة ولم ينظم شعراً ثم نبغ فنظم ، ومنهم من سماه قيس ، وقيل غير ذلك .
    (2) الجوهري : هو أحمد بن عبد العزيز : المكنى بأبي بكر ، كان حياً في شهر ربيع الثاني عام 322هـ حيث قرء عليه نسخة من كتابه السقيفة وفدك ، وبما أنه روى عن محمد بن زكريا بن دينار الغلابي المتوفى عام 298 هـ فيقتضي أن تكون ولادته قبل عام 280 هـ ، قال عنه القمي في الكنى والألقاب : 2/ 163 « كان عالما محدثا كثير الادب ثقة ورعا اثنى عليه المحدثون ورووا عنه مصنفاته ، وكان ابن أبي الحديد كثير النقل عنه ».
    (3) إسناده : فقد روى الجوهري عن عمر بن شبة عن مسلمة بن محارب .
    (4) ولي عثمان بن عفان الأموي بعد عمر بن الخطاب عام 33 هـ وقتل عام 35 هـ بعد أن نقم عليه المسلمون من تولي أقاربه من بني أمية مقاليد الأمور ، وفضلهم بل خصهم بالهبات وكانت ولادته عام 47 ق . هـ .
    (5) أمية : هو ابن عبد الله بن أبي الصلت بن أبي ربيعة بن عوف الثقفي المتوفى عام 5 للهجرة ، شاعر جاهلي حكيم من أهل الطائف ، قدم دمشق قبل الإسلام ، كان ممن حرم على نفسه الخمر وعبادة الأوثان ـ كاد ان يسلم إلا أنه لم يوفق .
    (6) راجع الأغاني : 5/ 14 ، تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام : 184 .
    دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 18

    2ـ الفرزدق : همام بن غالب بن صعصعة (1) التميمي :

    كان على صلة بالإمام الحسين عليه السلام وكانت له مكانة عنده ، ويروى (2) :
    « أن آخر لقاء للفرزدق بالإمام الحسين عليه السلام كان في التنعيم (3)يوم السادس من ذي الحجة عام 60 هـ فقال له الحسين عليه السلام ما وراءك ؟
    قال : يابن رسول الله ، أنفس الناس معك ، وأيديهم عليك .
    قال عليه السلام : ويحك ، معي وقر (4) بعير من كتبهم يدعونني ، ويناشدونني الله .
    ووقع بينهما حوار وسأله عن مسائل شرعية ثم افترقا ولما قتل الحسين عليه السلام قال الفرزدق : انظروا فإن غضبت العرب لابن سيدها وخيرها فاعلموا أنه سيدوم عزها ، وتبقى هيبتها ، وان صبرت عليه ، ولم تتغير لم يزدها الله إلا ذلاً إلى آخر الدهر (5) ، وأنشد في ذلك من الطويل :
    فـإن أنتم لم تثـأروا لابن خيركم فألقوا السلاح واغزلوا بالمغازل (6)

    (1) الفرزدق : ولد عام 38هـ وتوفي عام 110 هـ بالبصرة ، كان من فحول الشعراء ومن الموالين لأهل البيت النبوي ، وقيل عن شعره لولا شعر الفرزدق لذهب ثلث لغة العرب ، ولولا شعره لذهب نصف أخبار الناس ، وكان من عزة نفسه أنه لا ينشد الشعر بين يدي الحكام إلا قاعداً ، وقد جمع أخباره وأدبه في كتاب نقائض جرير والفرزدق ، وله ديوان عرف باسمه .
    (2) روى أبو الفرج الأصفهاني عن عبد الله بن مالك عن محمد بن موسى عن القحذمي .
    (3) التنعيم : موضع على مقربة من مكة المكرمة ، وهو أدنى الحل إليها وتقع في طريق المدينة على بعد أربعة فراسخ أي 22 كيلومتراً تقريباً .
    (4) الوقر : الحمل .
    (5) ويبدو أن كلام الفرزدق قد تحقق وصح تنبأه ، فالذل الذي أصاب العرب جاء من يوم مقتل الإمام الحسين عليه السلام .
    (6) راجع الأغاني : 21 / 361 ، وأعيان الشيعة : 1 / 594 و : 10/ 268 ، ديوان القرن الثاني : 148 .

    السابق السابق الفهرس التالي التالي