دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 19

المهتمون بشعر الإمام

اهتم مجموعة من الفضلاء والأدباء بجمع الشعر المنسوب إلى الإمام الحسين عليه السلام بل إن بعضهم علق عليه وشرحه منذ القرون الأولى وحتى يومنا الحاضر وهؤلاء يصنفون إلى أكثر من أربعة طوائف : طائفة استقلت بجمع شعر الإمام الحسين عليه السلام وحده ، وطائفة أوردت شعره ضمن ما صدر عنه من خطب وكلمات ، وطائفة اخرى استقلت بشعره ضمن فصل من فصول شعر المعصومين الأربعة عشر عليهم السلام أو الأئمة الاثني عشر عليهم السلام ، وطائفة أعطته حيزاً من كتاباتهم لدى عرضهم لسيرة الإمام نفسه أو ضمن سيرة المعصومين عليهم السلام ، وإلى جانب هؤلاء فإن آخرين أوردوا أشعاره في مؤلفاتهم ومصنفاتهم بالمناسبة ونحن هنا سنبرز ثلاث طوائف منهم ، الأولى : ما استقل شعره عليه السلام بكتاب ، والثانية : ما ذكر ضمن أدبه العام من خطب وكلمات ، والثالثة : ما استقل شعره في فصل من فصول شعر المعصومين عليهم السلام أو الأئمة عليهم السلام ، إذ الطائفة الرابعة يصعب حصرها لأن كل من تعرض لسيرة أبي عبد الله الحسين عليه السلام في الغالب تطرق إلى شيء من أشعاره ، والطائفة الخامسة يصعب استقصاءها ، هذا من جهة وأما من جهة أخرى فإن هذا لايرتبط بموضوعنا هنا بل إنه من اختصاص معجم المصنفات ومعجم الكتابات ، ولايجدي ذكرها هنا نفعاً إلا التكرار وهذا ما لانتوخاه ، فإلى الطائفة الأولى :

نظرة إلى الدواوين المنسوبة إلى الإمام :

هناك العديد من المؤرخين والأدباء جمعوا أشعار الإمام أبي عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام كما يظهر من طيات كلماتهم ومجمل قوالهم ، ونحاول أن نستعرض ما توفرنا عليها منها حسب التسلسل التاريخي :

دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 20

1ـ ديوان أبي عبد الله الحسين :
والذي جمعه أبو مخنف لوط بن يحيى بن سعيد الازدي المتوفى عام 157هـ (1) ، ومن المؤسف أن هذا الديوان لم يصلنا ، وذلك للاضطهاد الذي عاناه الموالون لأهل البيت عليهم السلام في العهد الأموي بالذات ، فلم يسلم في عهدهم الكاتب والمكتوب .
ومما يرشدنا إلى هذا الديوان قول الأربلي (2) لدى عثوره على مخطوطة فيها شعر الإمام الحسين عليه السلام ، وجاء فيها : قال أبو مخنف لوط

(1) لوط بن يحيى الأزدي : هو حفيد سعيد بن مخنف بن سليم أو سالم بن حارث بن عوف بن ثعلبة بن سعد بن مناة الغامدي ، وأبو مخنف هو كنيته ، وكان من الكوفة ومؤرخيها ومحدثيها ، يعد من أعلام الإمامية ، له صحبة مع الإمام الصادق عليه السلام ، بل تتلمذ عليه وأدرك عهد إمامته كاملة (114ـ 148 هـ ) ، ولم يذكر أنه روى أو صاحب الإمام الكاظم عليه السلام ، وذكر أنه صاحب بعض الأئمة قبل الصادق عليه السلام إلا أنه لم يثبت ، نعم أن مخنف جده أسلم وصحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما وصحب أمير المؤمنين عليه السلام وسكن الكوفة وتوفي عام 80 هـ ، والظاهر أنه اشترك مع علي عليه السلام في حروبه الثلاثة ، وله ذكر في أخبار البصرة من يوم الجمل ، كما له ذكر في حرب صفين وكان عم أبيه ـ أي محمد بن مخنف ـ على ما رواه أبو مخنف نفسه أنه كان مع أبيه مخنف يوم صفين ( عام 37 هـ ) وله من العمر سبع عشرة سنة ، ويعني ذلك أن ولادة محمد ـ عم أبيه ـ كانت عام 20 هـ ولابد أن جده سعيد من أترابه ، بل إن سعيداً كان أصغر من أخيه محمد ـ وكان من أصحاب علي عليه السلام ، هذا وقد تولى مخنف ولاية اصفهان وهمدان بعد رجوعه من حرب الجمل ، ويذكر ان ابا مخنف لوط ألف كتابه مقتل الحسين عليه السلام في حدود عام 130 هـ ، وعلى أية حال فلعل أباه كانت له صحبة مع السجاد والباقر عليهما السلام ، وأما عن مصنفات أبي مخنف فقد بلغ ما وصلنا خبره منها إلى 27 مصنفاً أكثرها في أخبار الإمامية وما يرتبط بها ، وأكثر من تحدث عنها النجاشي في رجاله حيث ذكر منها 26 مصنفاً وزاد الطوسي في الفهرست كتاباً آخر ألا وهو خطبة الزهراء فأصبحت 27 كتاباً ، وهذا الأربلي أضاف ديوان أبي عبد الله الحسين عليه السلام فأصبحت 28 كتاباً ، ويعد أبو مخنف من الموثوقين في الرواية كما في رجال النجاشي والطوسي .
(2) الأربلي : هو علي بن عيسى بن أبي الفتح المتوفى ببغداد عام 693 هـ ، أصله من إربل شمال العراق ، سكن بغداد ، كان منشئاً في إربل ، وعمل في بغداد بديوان الإنشاء ، كان أديباً شاعراً ، من علماء الإمامية ، له من المؤلفات : طيف الإنشاء ، حياة الإمامين زين العابدين ومحمد الباقر .
دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 21

ابن يحيى ، أكثر مايرويه الناس من شعر سيدنا أبي عبد الله الحسين بن علي عليه السلام إنما هو ما تمثل به ، وقد أخذت شعره من مواضعه ، واستخرجته من مظانه وأماكنه ، ورويته عن ثقات الرجال ، منهم عبد الرحمان بن نخبة الخزاعي (1) وكان عارفاً بأمر أهل البيت عليهم السلام ومنهم المسيب بن رافع المخزومي (2) وغيره كثير (3) .
وكان أبو مخنف حريصاً على جمع شعر الإمام الحسين عليه السلام ملماً به يبذل الكثير للوصول إلى هدفه المنشود حيث يقول : ولقد أنشدني يوماً رجل من ساكني سلع (4)هذه الأبيات ... ، فقال لي : ما أحسن رداءك هذا ؟ وكنت قد اشتريته يومي ذاك بعشرة دنانير فطرحته عليه فاكتبنيها (5) .
والأبيات هي المقطوعة التي أولها :
ذهـب الـذين أحبهم وبقيت فيمن لا أحبه (6)

وبما أن أبا مخنف كان مؤرخاً فكان يهمه المعلومة التاريخية أو الأدبية أو مافي فلكهما وبالأخص إذا كانت محرمة التداول من قبل

(1) عبد الرحمن بن نخبة الخزاعي : لم نعثر على مثل هذه الشخصية في كتب التاريخ والرجال والرواة ، ويتضح من عبارة أبي مخنف أنه كان من الثقات ومن المتصلين بأهل البيت عليهم السلام ، ونحتمل والله العالم أن اسم أبيه اختلط مع صاحبه المسيب بن رافع ولعل الصحيح فيها عبد الرحمان بن أبي رافع الراوي عن عبد الله بن جعفر ، والمسيب بن نجبة الفزاري الكوفي المقتول عام 65 هـ في وقعة عين الوردة صاحب سليمان بن صرد .
(2) المسيب بن رافع المخزومي: لم نعثر على هذه الشخصية كصاحبه وسبق واحتملنا أن يكون هومسيب بن نجبة الفزاري ، نعم هناك شخصية كالتالي : المسيب بن رافع الأسدي الكاهلي الكوفي المتوفى عام 105 هـ كان مكفوفاً روى عن البراء بن عازب وروى عنه الأعمش .
(3) كشف الغمة : 2/ 245 .
(4) سلع : بفتح السين وسكون اللام ، موضع بالقرب من المدينة المنورة ، أوحصن بوادي موسى عليه السلام بقرب بيت المقدس .
(5) كشف الغمة : 2/ 246 .
(6) ستأتي المقطوعة تحت رقم 8 من هذا الديوان إن شاء الله تعالى .
دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 22

السلطات الحاكمة حيث كان يعرف قدرهها خصوصاً وهي ترتبط بمثل الإمام الحسين عليه السلام ، فلذلك يهون عليه دفع ما يعادل عشرة دنانير للحصول عليها .
ومما يدلنا أيضاً على أن أبا مخنف جمع أشعار أبي عبد الله الحسين عليه السلام قول الأربلي ثانية عند نهاية الحديث عن ذلك : « قلت : الأبيات النونية التي أولها :
غدر القـوم وقدما رغبوا عن ثواب الله رب الثقلين (1)

لم يذكرها أبو مخنف في هذا الديوان الذي جمعه وهي مشهورة ، والله أعلم » (2) ، كل هذا يدلنا على أن أبا مخنف قد جمع على ما عثر عليه من شعر الإمام الحسين عليه السلام مما اطمأنت إليه نفسه حيث سبق وأشار إلى أن معظم ما نقل عنه كان مما تمثل به الإمام عليه السلام ولذلك جاءت محاولته على فرز ما أنشأه عما أنشده ليضع الأول منهما في ديوان خاص به .
كما يظهر أيضاً أنه لم يكتف بالجمع بل قام بالتعليق عليها حيث ينقل الأربلي بعد نقل الأبيات التي أولها :
إذا استنصر المرء امرءاً لايدي له فنـاصـره و الخاذلـون سـواء (3)

قال أبو مخنف : كان مولانا الحسين بن علي صلوات الله عليهما يظهر الكراهية لما كان من أمر (4) أخيه الحسن عليه السلام مع معاوية (5) ويقول :

(1) ستأتي القصيدة في حرف النون ( الجزء الثاني من هذا الديوان ) .
(2)كشف الغمة : 2/ 250 .
(3) ستأتي المقطوعة تحت رقم 2 من هذا الديوان .
(4) الأمر : هو صلح الإمام الحسن عليه السلام مع معاوية بسبب عدم وجود الناصر والمحافظة على شيعة أمير المؤمنين عليه السلام من الاضطهاد ـ لقد تحدثنا عن ذلك بشيء من التفصيل في باب السيرة من هذه الموسوعة فليراجع .
(5) معاوية : هو ابن ابي سفيان ( صخر ) بن حرب الأموي (20 ق . هـ ـ 60 هـ ) أول من أسس النظام الملكي في الإسلام ، ومؤسس الدولة الأموية الانفصالية ، وقد أوصى بالملك إلى ابنه يزيد .
اسم الكتاب 23

لو حز أنفي بموسى (1) لكان أحب إلي مما فعله أخي » (2) .
ومن الملاحظ أنه كان يذكر مع الأشعار سبب الإنشاء وتاريخها والغرض منها وهو بحد ذاته يوجب توثيق النص المنقول ، حيث يزيد من قيمته التاريخية والأدبية ، وهذا ما لايفعله الكثير ممن جمع الشعر لأعلام الأمة وشعرائها .
وهذا ومن الغريب أن الأربلي لم ينقل لنا الديوان بكامله ، وإنما نقل منه مختارات من شعره عليه السلام ، وقد بذلنا جهدنا في الحصول على هذا الديوان دون جدوى ، نسأل المولى جل شأنه أن يوفقنا للحصول على هذا السفر القيم من تراثنا الجامع بين الأدب والاجتماع ، والعظة والإرشاد .
إلا أن الأربلي لم يفته أن يذكر معالم هذا الديوان باختصار حيث يفهم من كلامه أنه بدء الديوان بقوله : « قال أبو مخنف لوط بن يحيى أكثر ما يرويه الناس من شعر ... » المتقدم الذكر ، وأنهاه بقوله : « تم شعر مولانا الشهيد أبي عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام وهوعزيز الوجود » (3) .
ويبدو أن الأربلي هو الوحيد الذي ذكر لأبي مخنف هذا الديوان حيث لم نعثر على ذكر له في مظانه ممن ترجمه أو ذكر مثل هذه المصنفات أمثال الذريعة إلى تصانيف الشيعة للطهراني (4) وكشف الظنون لحاجي خليفة (5) ، وقد فصلنا الحديث عن هذا في محله (6) .

(1) موسى : آلة حادة كالسكين والتي يحلق بها الرأس عادة .
(2) كشف الغمة : 2/ 247 ، وقد سبق وأوردنا كلماته في باب الكلمات من هذه الموسوعة فليراجع وذكرنا بأن هذا النص من النصوص الموضوعة عليه عليه السلام .
(3) راجع كشف الغمة : 2/ 250 .
(4) الطهراني : هو محسن ( محمد محسن ) بن علي المعروف بآقا بزرك ( 1293 ـ 1389 هـ ) من علماء الإمامية ، نذر وقته لمتابعة تراث أتباع أهل البيت عليهم السلام من علماء ومصنفات فألف موسوعة الطبقات وموسوعة الذريعة .
(5) حاجي خليفة : هو مصطفى بن عبد الله القسطنطيني الرومي المشهور بالملا كاتب الجلبي (1017 ـ 1067هـ ) اشتهر بكتابه كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون وله إلى جانب ذلك مؤلفات أخرى منها تقويم التواريخ .
(6) راجع معجم المصنفات ـ حرف الدال ـ من هذه الموسوعة .
اسم الكتاب 24

2ـ شعر مولانا الشهيد أبي عبد الله :
كذا ورد بخط عبد الله بن أحمد بن الخشاب المتوفى عام 567 هـ (1) في المجموعة الشعرية التي نقل الأربلي قسماً منها في كتابه حيث قال : « قال : تم شعر مولانا الشهيد أبي عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام وهو عزيز الوجود » (2) .
ومما لاشك فيه أن ابن الخشاب كان من المهتمين بالشعر المنسوب إلى الإمام الحسين عليه السلام ولكن هل جمع شعر الإمام عليه السلام أم أنه خط ماجمعه أبو مخنف فقط ، فالظاهر من كلام الأربلي والذي مع الأسف فيه شيء من الغموض أن دوره كان دور الخطاط والكاتب ، ولكن عدم إفصاح الأربلي في بعض الأحيان وإقحام تعليقاته من جهة ضيع علينا الحقيقة حيث لم يعد مفهوماً هل التعليقات التي أوردها هي من كلامه أو كلام أبي مخنف أم كلام ابن الخشاب إذ يقول مثلاً : وقال : « وإن تكن الدنيا تعد نفيسة » وقد تقدم ذكرها ، ثم يذكر أبياتاً وبعدها مباشرة يقول : وهي طويلة ، وتارة يحدد قوله بكلمة « قلت » وأخرى لايسبق كلامه ما يشير إلى ذلك .
وعلى أية حال فلننقل بعض ما يرتبط بابن الخشاب ، قال الأربلي : « فأما شعره عليه السلام فقد ذكر الرواة له شعراً ووقع إلي شعره عليه السلام بخط الشيخ عبد الله أحمد بن أحمد بن أحمد بن الخشاب النحوي رحمة الله

(1) ابن الخشاب : هو عبد الله بن أحمد بن محمد ( أحمد ) بن أحمد المعروف بابن الخشاب البغدادي المكنى بأبي محمد ولد عام 492 هـ ، كان من أهل بغداد ومن أعلامها المشهورين في الأدب والنحو والتفسير والحديث والنسب والفرائض والحساب وحفظ الكتاب بالقراءات الكثيرة ، وكان ضليعاً في العلوم وله فيها اليد الطولى وكان خطه في غاية الحسن ، كما أنه كان شاعراً إلا أنه كان مقلاً ، قيل أنه كان يؤدب أولاد العباسيين ، توفي في بغداد ، له مؤلفات جليلة عد منها : مواليد الأئمة ، حاشية درة الغواص للحريري ، الرد على بابشاذ في شرح الجمل ، الرد على تهذيب الاصلاح للتبريزي ، الرد على الحريري في مقاماته ، شرح مقامات الحريري ، شرح مقدمة النحو لابن هبيرة ، اللامع في النحو ، المجمل في شرح الجمل الصغيرة ، المرتجل في شرح الجمل الكبيرة للجرجاني ، راجع وفيات الأعيان : 3/ 102 ، الأعلام للزركلي : 4 / 67 ، الثقات العيون : 161 .
(2) كشف الغمة : 2 / 250 .
اسم الكتاب 25

عليه وفيه قال : أبو مخنف ... » (1) .
وفي موضع آخر يقول : « كذا بخط ابن الخشاب ـ شره بالإضافة (2) ـ وأظنه وهماً منه ... » (3) وأخيراً يقول : « قال : تم شعر مولانا الشهيد أبي عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام وهو عزيز الوجود » .
والحاصل أن ما كتبه ابن الخشاب إن كان مستقلاً عما جمعه أبو مخنف فإنه أورد في كتابه كل ما جمعه أبو مخنف ، ولاشك أن ثلاث قصائد منها جاءت مبتورة ولانعلم أهي من عمل الأول ( أبو مخنف ) أو الثاني ( ابن الخشاب ) أو الثالث ( الأربلي ) احداهما الهمزية التي أولها :
إذا استنصر المرء امرءاً لايدي له فناصره و الخاذلـون سـواء (4)

والثانية : اللامية التي مطلعها :
أبي علي وجدي خـاتم الـرسـل والمرتضون لدين الله من قبلي (5)

والثالثة النونية التي أولها :
مايحفظ الله يصن مـايصنع الله يهن (6)

وعلى أية حال فإن كتب المعاجم والتراجم خالية عن مثل هذا المصنف سواء الديوان الذي جمعه أبو مخنف والذي يصرح به الأربلي في آخر حديثه عن شعر الإمام الحسين عليه السلام ، أو ما خطه ابن شهاب بيراعه من شعر الإمام الحسين عليه السلام ، ولعل المستقبل يكشف لنا الكثير من الحقائق التاريخية والتراثية التي غابت عنا .

(1) كشف الغمة : 2/ 245 .
(2) قوله : شره بالإضافة : تعليق على ماورد في البيت « شره من خيره » فقال شره بالإضافة .
(3) كشف الغمة : 2/ 247 .
(4) راجع المقطوعة الثانية من هذه الديوان .
(5) سيأتي في حرف اللام ( الجزء الثاني من هذه الديوان ) .
(6) راجع حرف النون من الجزء الثاني من هذا الديوان .
اسم الكتاب 26

3ـ نصح الأبرار :
ديوان شعر منسوب إلى الإمام الحسين عليه السلام عثرعليه الشيخ أحمد الصابري (1) أيام تحمله مسؤولية التبليغ في اسطنبول بمكتبة بايزيد ونترك الكلام له :
« من نعم الله تعالى وفضله علي في سفري إلى استانبول ( القسطنطينية القديمة ) وإقامتي بها سبع سنين لإدارة شؤون الطائفة الجعفرية ، من الجهات الدينية الارتباط برجال العلم والدين ، والشركة معهم في محافلهم العلمية ، والأنس بالمكتبات العظيمة ، المملوءة بالآثار النفيسة ، المشحونة بالذخائر الدينية والأدبية ، المخطوطة والمطبوعة ، القديمة والجديدة كمكتبة السليمانية ، وراغب باشا ، وكوبر ولو ، ومكتبة أيا صوفية وبايزيد ، ونور عثماني ، ومكتبة البلدية ودار الفنون ، وغيرها من المكتبات العظيمة » .
ويتابع كلامه قائلاً : « ومن تلك الدرر الثمينة ديوان منسوب إلى الإمام الشهيد سيد الأباء والشهداء الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهما ، عثرت عليه في مكتبة بايزيد بإستانبول قرب جامع بايزيد في ضمن رسائل مخطوطة يقرب تاريخ أكثرها من القرن الثامن الهجري ، لكن النسخة لم تكن مؤرخة ولامقيدة باسم الناسخ والجامع ، إلا أن أسلوب الخط كان يشهد بقدمه وعنوان الديوان للإمام الحسين بن علي ولكن في فهرست المكتبة ذكر باسم نصح الأبرار » (2) .
وقد اتصلنا به للحصول على نسخة من الكتاب فذكر لنا أنه لا يملك صورتها وإنما استنسخها حيث لم تسمح له الإدارة المسؤولة عن المكتبة بتصويره ، وذكر لنا : أنه ليس لديه أكثر مما أودعه في كتابه أدب الحسين وحماسته (3) ، وحاولنا الحصول عليه من اسطنبول فما حالفنا الحظ . هذا

(1) هو الشيخ أحمد الصابري الهمداني أحمد فضلاء قم المعاصرين ، أقام باستامبول كمبلغ إسلامي في فترات مختلفة زرته بإيران وباسطنبول ، وأطول فترة قضاها هناك هي قبل عام 1391 هـ .
(2) أدب الحسين وحماسته : 7ـ 8 .
(3) كما لا يوجد لديه أي من المصادر التي ذكرها مثل ديوان الإمام السجاد عليه السلام أو التحفة السجادية .
اسم الكتاب 27

ولم نجد له ذكر في المعاجم الخاصة بالمؤلفات .
وعلى العموم فإن الديوان يحتوي على تسع وعشرين مقطوعة شعرية خماسية على جميع القوافي نظمت أبياتها على بحر الوافر وهي في الوعظ والحكمة وهي نفسها التي نسبت إلى الإمام علي بن الحسين عليه السلام وسنأتي على ذكرها إن شاء الله تعالى .
4ـ كتاب المخمسات :
وهذا الكتاب هو الآخر الذي أورده الشيخ الصابري السابق الذكر في كتابه أدب الحسين وحماسته ولنترك الحديث له ليوضح الأمر إذ يقول : « وبعد مضي مدة وقفت على نسخة أخرى من الديوان وعنوانها بعد البسملة كتاب المخمسات من تصنيف السعيد الشهيد المرحوم المغفور له بالرحمة الواسعة والكرامة الجامعة حسين بن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ورضي الله عنهما مرتبة على حروف الهجاء بالقوافي وفي آخر النسخة رباعية باللغة التركية (1) ـ من الرمل ـ (2) :
حق تعـالـى رحمتي گلسـون أكـا بـويـازان مسكيني دعادن أكـا
فاعـلات فـاعـلات فـاعـلـون نفس ألندن گورنجه أولدوق زبون (3)

ويتابع الشيخ الصابري كلامه عن النسختين قائلاَ : فاستنسخت النسخة الأولى وأشرت إلى اختلاف النسختين(4) .

(1) التركية القديمة : حيث تحولت كتابة اللغة التركية إلى الحروف اللاتينية . وهذا من فعل الاستعمار الذي يريد إبعاد المسلمين عن اللغة العربية مهما أمكن من أجل إبعادهم عن مصادر معرفته ألا وهي الكتاب والسنة.
(2) ومن الجدير ذكره أن الواو في « گلسون » وفي « گورنجه » لاتلفظان بل حكمهما حكم الضمة ، وأما « اكا » فالكاف يقرء نوناً عند الأتراك والكلمة للإشارة إلى البعيد .
(3) والتي تعني : « الله تعالى يرسل رحمته إلى ذلك » ، « المسكين كاتب الشعر فلا تنسوه من الدعا » ، « فاعلاتن فاعلاتن فاعلات » ، « فقد فارقت روحه الدنيا » ، وفي الشطر الثالث حدد وزنه ومن المؤسف أنه لم يحدد اسم الكاتب ولاشك أنه من الشعراء الأتراك .
(4) أدب الحسين وحماسته : 7 .
اسم الكتاب 28

وقد نقل الديوان بكامله في كتابه أدب الحسين وحماسته وهو مرتب على الحروف الهجائية .
5ـ ديوان الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب :
لقد أورد الشيخ الطهراني في كتابه الذريعة إلى تصانيف الشيعة تحت رقم 507 (1) كتاباً بالعنوان المتقدم وذكر أنه للشيخ محمد حسين بن محمد باقر (2) البيرجندي القائني والذي كان هو وأبوه من معاصري الشيخ الطهراني وقد عاش والده مابين عامي ( 1276 ـ 1352 هـ ) ما يعني أن ولادة جامع الديوان كانت على الظاهر في أوائل القرن الرابع عشر الهجري ، ويظهر من كلام الطهراني : أن صاحب الديوان كان أديباً شاعراً حيث يقول: فإنه يتخلص في شعره بـ « ضيائي » .
هذا ويبدو أن الديوان كان في متناول يد الخياباني(3) حيث ذكر الطهراني قائلاً : « ذكره الخياباني في هامش وقائع الأيام » (4) حيث هو الآخر جمع شعر الإمام الحسين عليه السلام ضمن أشعار المعصومين عليهم السلام ، والآتي ذكره إن شاء الله تعالى .
ويظهر أيضاً من حديث الطهراني عن الديوان انه مجرد جمع للأشعار دون شرح أو تعليق حيث لم يذكر عن ذلك شيئاً ، رغم أن ديدنه ذكر هذه التفاصيل ، ولعله لم يشاهده لأنه أحجم أيضاً عن ذكر سائر التفاصيل كعدد الصفحات وما ورد في بدايته وما أختتم به .
هذا وقد حاولنا الحصول على نسخة منه من مظانه في إيران دون جدوى ، كما أنه لم يرد له ذكر في فهارس المكتبات العامة في إيران

(1) الذريعة : القسم الأول من الجزء التاسع : 249 .
(2) محمد باقر : هو ابن محمد حسن بن أسد الله بن عبد الله بن علي محمد الشريف ، كان من الفضلاء العلماء ، له كتاب : بغية الطالب فيمن رأى الإمام الغائب .
(3) الخياباني : هو محمد علي المدرس ابن محمد طاهر سنأتي على ترجمته .
(4) وقائع الأيام : من مؤلفات الخياباني يقع في خمسة أجزاء طبع في إيران طبعة قديمة .
اسم الكتاب 29

كالمكتبة الرضوية (1) في مشهد ، ومكتبة المرعشي (2) في قم ، ومكتبة المجلس (3) في طهران ، ولا في المجاميع التي نشرت عبر المجلات الخاصة بذلك ، مما يبدو أنه لازال في أيدي أبناء جامعه ولم يظهر بشكل واسع ليكون بمتناول عامة الناس .
6ـ شرح أشعار الإمام الحسين :
حصلت على نسخة مصورة من مخطوطة بمكتبة الشيخ المؤيد (4) في قم ، وقد تفضل علي بها صاحبها عام 1418 هـ وهي تحتوي على 94 صفحة (47 ورقة ) بالحجم المتوسط 21×14 سم خطه غير جميل ، وعدد أسطره متفاوت حيث جاءت صفحات البداية محتوية على 18 سطراً بينما احتوت صفحات النهاية على 25 سطراً ، حجم الكتابة في الصفحات الأولى هي بقياس 11.5 × 16 سم وأما الصفحات الأخيرة فهي بقياس 12 ×17 سم .
أوله : « بسم الله الرحمان الرحيم وبه نستعين قافية الألف قال حسين ابن علي رضي الله عنهما » وهو شرح لهذه المخمسات التي نظمت على القوافي جميعها ، وليس في المتن ما يرشدنا إلى اسم الشارح ولا الكاتب ، ولكن يظهر أنه لم يكن من الإمامية حيث استخدم كلمة « رضي الله عنهما » و« صلى الله عليه وسلم » .

(1) مكتبة الرضوي : تقع في المشهد المقدس وتعتبر من إحدي المباني الملحقة بالصحن الرضوي الشريف وقد تأسست في القرن الثالث وفيها كتب ترجع وقفيتها إلى عام 421 هـ وتحتوي على ألوف مؤلفة من المخطوطات .
(2) مكتبة المرعشي : تقع في مدينة قم ، شارع صفائية ، أسسها أحد أعلام الإمامية السيد شهاب الدين المرعشي النجفي عام 1370 هـ وتحتوي على حوالى 83 ألف كتاب ، نحو 39 ألف منها مخطوطة .
(3) مكتبة المجلس : تقع في طهران العاصمة وهي تابعة للمجلس النيابي أساساً ، تأسست عام 1343 هـ بواسطة نائب طهران السيد نصر الله التقوي وذلك بدءاً بـ 1365 كتاباً .
(4) الشيخ المؤيد : هوعلي بن حيدر ولد في كربلاء عام 1368 هـ ، نشأ ودرس فيها وتخرج خطيباً فاضلاً ، له عدد من المؤسسات كما له عدد من المؤلفات منها : نبي ووصي ووصايا ، الألفين في حديث الحسن والحسين ، والحاج بين الحرمين .
اسم الكتاب 30

وحاشية الصفحة الأولى ضمنت ختم تمليك تظهر منه العبارة التالية : « شيخ محمد حسين بن أحمد » (1) ولايوجد عليه تاريخ التمليك .
وذكر لي الشيخ المؤيد أنه أهدى نسخة مصورة منه إلى مكتبة المرعشي بقم ، وأما النسخة الخطية فقد صودرت مع جميع مخطوطات مكتبته (2)من قبل السلطات الخاصة في إيران (3) .
هذا ويبدو ان كتابتها لاتعود إلى أكثر من قرن وليست بقديمة وليس فيها من سائر الشعر المنسوب إلى الإمام الحسين عليه السلام .
كما أنه سقط من آخره مقدار نصف صفحة حيث أنه شرح البيت الثالث من قافية الياء ولم يكمل إعرابه كما هو أسلوبه ، فجاء آخره : « والمعنى أميناً جنبه بمعنى أمن جاره منه سواء كان ذلك الجار قريباً منه أو بعيداً ، أو يقال ... » .
وقد جاء ذكره في فهرس مخطوطات مكتبة الشيخ المؤيد (4) .
7ـ ديوان الحسين بن علي :
بعدما جمعنا أشعار الإمام الحسين عليه السلام ورتبناها قرأنا في إحدى الصحف عن هذا العنوان فجرى السعي على حصوله فوجدناه من جمع الأستاذ محمد عبد الرحيم (5) حيث قام بجمع كل ما حصل عليه من شعر الإمام الحسين عليه السلام ورتبه على الحروف الهجائية حسب القوافي وشرح غريب كلماته وذكر في مقدمة كتابه هذا أن الديوان مقسم إلى عدة أبواب :
الأول : المقدمة ، الثاني : أحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في الحسين عليه السلام ،

(1) محمد حسين بن أحمد : مواصفات الرجل غير واضحة إلا أن احتمالات تشير إلى الشيخ محمد حسين بن أحمد التبريزي المتوفى بعد عام 1240 هـ كان في إيران ومن المتتبعين لأخبار أهل البيت عليهم السلام وكان حريصاَ على تراثهم فكان يكتب مالم يحصل عليه منها بخطه ، والله العالم .
(2) مكتبته كانت تحتوي على 1504 مخطوطة وكانت في داره .
(3) والتي عادة تودع في إحدى المكتبات العامة الرسمية .
(4) فهرس مخطوطات مكتبة الخطيب الشيخ علي حيدر المؤيد الخاصة : 3/ 529 .
(5) محمد بن عبد الرحيم : كاتب معاصر من سكنة دمشق .
اسم الكتاب 31

الثالث : موجز السيرة الذاتية للإمام الحسين عليه السلام ، الرابع : من أقوال الحسين عليه السلام ، الخامس : قصص لابد منها ، السادس : الديوان ( الأشعار ) ، السابع : الفهارس . وقد فرغ من تأليفه بمدينة دمشق بتاريخ 15 / جمادى الثانية / 1412 هـ (1) .
ويقول في المقدمة : « والذي شجعني على إنجاز هذا العمل ما وجدته من أشعار إمامنا الجليل المميزة في الكم والنوعية ، وما حوته من معان هادفة سامية ، فضلاَ عن أن هذا الديوان هو الكتاب البكر في المكتبة العربية الإسلامية » (2) .
والواقع أنه ليس أول ديوان جمع فيه أشعار الإمام الحسين عليه السلام كما لاحظت مما قدمناه ، ولعله أراد أنه لم يبرز إلى الوجود ديوان أشمل مما جمعه مع شرح الغريب من كلماته فجزاه الله عن الإسلام خير جزاء ، ومع هذا فإنه لم يحط بكل ما نسب إلى الإمام الحسين عليه السلام كما ستعلم من طيات هذا الديوان الذي لعله سيكون أشمل مما مضى .
ولا يخفى أن الديوان الدي جمعه الأستاذ محمد عبد الرحيم يحتوي على إحدى وخمسين مقطوعة شعرية وقد أثبتها بشكل حديث حيث رقم أبياتها ووضع عناوين لها مما زادها جمالية . ومن الطريف أن بعض ما اختاره من العناوين قد وافق ما اخترناه حيث يبدو أن كلانا اختار العنوان من وحي الأشعار ، فلذلك اتحد عدد من العناوين ولهذا الاتحاد ميزة لطيفة وهي عمومية التسمية كما في الأدعية مما يسهل على المحققين والأدباء ذكرها باسم محدد لها .
ويقع الديوان في 222 صفحة مع الفهارس بقياس 17 × 24 سم طبع عام 1412 هـ (3) .

(1) الموافق لـ 1/ 1 / 1991 م .
(2) ديوان الحسين بن علي : 20 .
(3) طبع بدار المختارات العربية ـ دمشق وبيروت .
دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 32

8ـ شرح قصيدة الحسين :
ويلحق بهذه الطائفة مصنف بعنوان : « شرح قصيدة الحسين » والذي هو شرح للقصيدة النونية ـ من الرمل ـ المنسوبة إلى الإمام الحسين عليه السلام ، والذي يذكر أنه مما ارتجزه الإمام عليه السلام يوم عاشوراء والتي سنأتي على ذكرها وأولها كما في هذا الشرح :
خيرة الله من الخلـق أبي بعد جدي وأنا ابن الخيرتين

تحدثت عنه مجلة تراثنا القمية (1) قائلة :
« والشارح لم يعرف ، أوله : ( الحمد لله لوليه ، والصلاة على نبيه .. أما بعد ، لقد التمس مني من لا يسعني رده ... ) وآخره : ( لكن الواجب على أهل الإسلام ) نسخة بخط الحسين بن محمد الحدادي (2) ، من 17 / أ إلى 19 / أ ، ضمن مجموعة كتبها خواجه زاده محمد وجيه الأزميري (3) في القرن الثاني عشر ، في مكتبة كوبرلي في اسطنبول ، رقم 7 ، ذكرت في فهرسها : 1 / 12 »(1).
والظاهر أنها ناقصة ، وسنحاول الحصول عليها قبل طبع الجزء الثاني من هذا الديوان والذي يحتوي على هذه القصيدة ، وسيجد القارئ عدداً من المؤلفات في هذا الاتجاه من خلال عرضنا للمؤلفات التي لها علاقة بالإمام الحسين عليه السلام ونهضته المباركة في معجم المصنفات .
والطائفة الثانية التي أوردت شعره عليه السلام ضمن أدبه العام حصلنا منها على مايلي :
1ـ أدب الحسين وحماسته :
قام الشيخ أحمد الصابري (4) بوضع كتابه حسب مايذكر بعدما اطلع

(1) مجلة تراثنا القمية : 14 / 44 ، وهو من مقال بعنوان أهل البيت في المكتبة العربية بقلم السيد عبد العزيز الطباطبائي المتوفى عام 1416 هـ .
(2) الحسين بن محمد الحدادي : لم نعثر على ترجمته .
(3) محمد وجيه الأزميري : لم نعثر على ترجمته إلا أن تلقيبه بالأزميري يدل على أن أصله من أزمير ـ بتركيا ـ .
(4) أحمد الصابري : مضت ترجمته .

السابق السابق الفهرس التالي التالي