أنظر فمـاذا ترى ياأيهـا الـرجـل |
|
وكن على حذر من قـبـل تنتقـل |
و قدم الـزاد من خـيـر تسـر بـه |
|
فكل سـاكن دار سـوف يرتـحـل |
و انظر إلى معشر باتـوا على دعـة |
|
فأصبحوا في الثرى رهناً بما عملوا |
بنـوا فلم ينفع الـبنيـان وادخـروا |
|
مالاً فلم يغنهم لـما انقضى الأجـل |
باتـوا على قلل الأجبـال تحرسهم |
|
غلب الـرجال فـلم تنفعهم القـلل (3) |
واستنزلـوا بعد عـز عن معاقـلهم |
|
وأودعـوا حفراً يا بئس مـا نزلـوا |
ناداهم صارخ من بعـدما رحلـوا |
|
أين الأسـرة والتيجـان والحـلل |
أين الـوجـوه التي كانت منعمـة |
|
من دونها تضرب الأستار والكلل (4) |
فأفصح القبر عنهم حين سـاءلهم |
|
تلك الـوجـوه عليها الدود يقتتل |
ياطالما أكلـوا يـوماً و قد شربوا |
|
فأصبحوا بعد ذاك الأكل قد أكلوا |
و طـالما عمروا دوراً لـتسكنهم |
|
ففارقوا الدور والأهلين وانتقلـوا |
و طالما كنزوا الأمـوال وادخروا |
|
ففرقـوها على الأعداء وارتحلوا |
أضحـت منازلهم قفراً معطـلـة |
|
وساكنوها إلى الأجداث قد نزلوا |
سل الخليفـة إذ وافت مـنيـتـه |
|
أين الجنود وأين الخيل والخول (1) |
أين الكـنوز التي كانت مفاتحهـا |
|
تنوء بالعصبة المقوين لو حملوا |
أين العبيد الـتي أرصدتهم عـدداًَ |
|
أين الحديث وأين البيض والأسل (2) |
أين الفوارس و الغلمان ما صنعوا |
|
أين الصـوارم والخطيـة الذبل (3) |
أين الكفاة ألم يكفـوا خلـيفتهم |
|
لما رأوه صريعاً و هـو مبتهـل |
أين الكماة التي ماجوا لما غضبوا |
|
أين الحماة التي تحمى بها الدول (4) |
أين الرمـاة التي تمنع بأسهمهـا |
|
لما أتتك سهام الـمـوت تنتصل |
هيهات ما منعوا ضيماً ولا دفعوا |
|
عنك المنيـة إذ وافـاك الأجـل |
ولا الرشا دفعتهـا عنك لو بذلوا |
|
و لا الرقى نفعت فيها و لا الحيل (5) |
ما ساعدوك و لا واساك أقربهم |
|
بل سلمـوك لها يا قبـح ما فعلوا |
ما بـال قبرك لايأتي بـه أحد |
|
و لا يطـوف به من بينهم رجل |
ما بال ذكرك منسياً ومطرحـاً |
|
و كلهم باقتسام المال قد شغلـوا |
ما بال قصرك وحشاً لا أنيس به |
|
يغشاك من كنفيه الروع والأهل (6) |
لاتنكـرن فما دامت على مـلك |
|
إلا أناخ عليه المـوت والـرحل (7) |
وكيف يرجو دوام العيش متصلاً |
|
و روحـه بحبال الموت متصل |
وجسمـه لبنيات الردى عرض |
|
وملكه زائـل عنـه ومنتقـل (8) |