دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 110

وهنا أود الإشارة إلى عينة قريبة من هذا المعنى بعيداً عن الموضوع إلا أنها قريبة من الفكرة فإن البعض ترجم مادة الخمر إلى الكحول في المصطلح الأجنبي وعليه أخذ يبحث عن حكمه الشرعي ويضم إليه مبدأ القياس فيحلل ويحرم على أساسه مع العلم أنه لا تخصص له باللغة ولا بالكيمياء ويتساءل عن عينة يوجد فيها الكحول هل هي نجسة أم طاهرة ويريد أن يقارنها بقشر الليمون ليحكم عليها بالطهارة أو بالخمر ليتجنبها ويفلسف ذلك بالنسبة إلى ما كانت نسبته عالية فهي كالخمر وما كانت نسبته قليلة فهي كقشر الليمون ، غافلاً على أن الخطأ جاء من تجاوزه لمورد النص وهو كلمة الخمر وليس المحور ـ في الأساس ـ هو كلمة الكحول .
وهذا الأمر أيضاً قادني إلى الحديث عن الموسيقي فقد حللها بعضهم مطلقاً وحرمها البعض الآخر مطلقاً وأجاز بعض ثالث قسماً منها وحرم القسم الآخر غفلة عن أن المعيار ليست التسمية الأجنبية بل لا بد من مراجعة مورد النص ، وكل هذه جاءت من الكلمات الدخيلة الأجنبية كالكحول والموسيقي ، وهكذا فلو تجنبنا لك لاستغنينا عن العديد من المسائل ، وأقول إن في اللغة العربية من المطاطية والمرونة في اشتقاقاتها ما يكفي لأن يضاف إليها أضعاف مضاعفة من مفردات اللغة ولا تخرج من كونها عربية ولكن لا بد وأن يكون الاختيار بدقة .
وهنا أدعو إلى الانفتاح في باب الشعر والأدب وأتساءل لماذا الجمود على الأغراض القديمة بعد تطور العالم ولماذا الالتزام بالأوراق القديمة ، أكرر أنني لست من دعاة الشعر الحر ولكن أيضاً لست من دعاة الجمود بل أدعو إلى الانفتاح فلنأخذ الجيد الذي يناسب الموازين والأصول والأعراف ذات الأسس المتينة في إطار اللغة والشروط الضرورية ، وندع ما ليس بجيد ، فلو أن وزناً من الأوزان أخذناه من الفارسية أو الهندية أو الإنكليزية ونظمنا عليه بالمقاييس الشعرية التي لدينا أتضر العربية والأدب العربي بشيء ؟ ، أو إذا اقتبسنا معنىً جميلاً ، وغرضاً جديراً بالاهتمام أنكون قد خرجنا من جادة الصواب ؟ ، كلا إن التطور يفرض علينا أن نجدد الأساليب ونتمسك بالحقائق .

دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 111

وفي النهاية فللجمهور نصيب في القرار ، فلو أنك اقتبست معنى غير مطروق فالمجتمع الذي تعايشه له رأيه في ذلك فلو تقبله منك بقبول حسن فهو الحسن ، شرط أن يكون العرض على الشريحة المختصة ، وأن لا يستعجل بالرد إذ ربما استهجن لمجرد كونه جديداً فإذا ألفه استحسنه .

دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 112

تاريخ الشعر وتطوره

ليس من اختصاص هذه الموسوعة البحث في تاريخ الشعر وتطوره ولكنه يرتبط به من بعيد حيث إن من مقومات هذه الموسوعة الشعر الحسيني منذ القرن الأول الهجري وحتى القرن الخامس عشر ـ المعاصر ـ والذي لا بد من البحث فيه عن الحركة الشعرية خلال هذه القرون وذكر طبقات الشعراء وهذا يستوجب أن نذكر شيئاً موجزاً عن تاريخ الشعر وتطوره بشكل لا يخرجنا عن إطار عملنا الحسيني ، ومن المعلوم أن الحديث عن تاريخ الشعر يتداخل مع تاريخ الكثير من الظروف والأحداث وذلك لأن الشعر والشاعر هما محور الحديث في هذا البحث ، ومن المعروف أن الشعر بل الشاعر هو ابن البيئة والظرف والحدث الذي يعايشه ، ويؤثر فيه الطبيعة كما يتأثر بالتاريخ والتيارات ، فكل ما يدور حوله له تأثير في صنع شخصيته وصقل قريحته ، فلذلك نجد أن الحديث قد يتطرق إلى بعض الأحداث وذلك للترابط الوثيق بينها وبين حركة الشعر والأدب .
ويتوزع البحث على عصور ثلاثة : الجاهلي والإسلامي والحسيني(1) .

(1) هذا ما وزعناه حسب عملنا الحسيني ولكن الدارسين والنقاد وزعوها على الشكل التالي :
1 ـ العصر الجاهلي (أي قبل الإسلام) ، 2 ـ عصر المخضرمين (أي منذ ظهور الإسلام إلى آخر خلافة الإمام علي عليه السلام) ، 3 ـ العصر الأموي . 4ـ العصر العباسي (بأحقابه الثلاث البغدادية والدويلات والسلاجقة) . 5 ـ العصر الأندلسي . 6 ـ العصر المغولي . 7 ـ العصر العثماني . 8 ـ العصر الحديث بحقيبه أدب النهضة العربية والأدب المعاصر .
ولكن توزيعنا في العمل موزع على القرون الهجرية منذ بدايتها وحتى عصرنا المعاصر .
دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 113

فالعصر الجاهلي(1) المعبر عنه بعصر ما قبل الإسلام والذي يبدأ منذ أن بدأت الحضارة العربية(2)

(1) التعبير بالعصر الجاهلي هو من التعابير الإسلامية التي استخدمت منذ ظهور الإسلام .
(2) أما بدء العربية والتكلم بها فقد نسب تارة إلى يعرب بن قحطان الذي ملك اليمن والذي ينتمي إليه ملوك حمير والذي يطلق عليهم العرب العاربة والقحطانيين وعرب الجنوب لكونهم في اليمن جنوب الجزيرة العربية ، وتارة ينسب إلى إسماعيل بن إبراهيم الخليل (القرن 15 ق . م) والذي يطلق عليهم العرب المستعربة والعدنانيين وعرب الشمال لكونهم في الحجاز شمال الجزيرة العربية « المنجد في الأعلام : 750 ومجمع البحرين : 2/117 » . جاء في كتاب الأوائل للتستري : 670 عن التنبيه للمسعودي قيل إن أول من تكلم بالعبرانية إبراهيم عليه السلام بعد أن خرج من اقليم بابل وصار إلى حران من أرض الجزيرة وعبر الفرات في من كان معه إلى الشام فتكلم بها فسميت العبرانية بحدوثها عند عبوره إضافة إلى العبر وبها نزلت التوراة ولا خلاف بين الإسماعيلية والإسرائيلية إن إسماعيل أو من نطق بالعربية وتكلم بها وأن إبراهيم لم يكن عربياً ولا إسحاق ، وقال وأكثر نسابة اليمانية يذهبون إلى أن أول من تكلم بالعربية يعرب بن قحطان وإن قحطان لم يكن عربياً بل كان على لسان سام بن نوح وأن إسماعيل إنما تكلم بالعربية حين نشأ في العماليق » .
وفي الأوائل أيضاً : 62 عن كتاب الأدب للصولي : روى محمد بن علي بن الحسن ابن علي عليه السلام إن أول من تكلم بالعربية إسماعيل عليه السلام فإنما يغني اللسان الفصيح الذي نزل به القرآن ... » .
وفيه أيضاً : 82 عن الطبقات إن عمليق أول من تكلم بالعربية حين ظعنوا من بابل وكان لهم ولجرهم العرب العارية .
ويقال إن العرب ينقسمون إلى قسمين البائدة والتي كانت منهم قبيلة ثمود وقبيلة عاد وجديس وطسم والعمالقة وجرهم الأولى ، وعرف الحاضرة (الباقية) الذين سكنوا الجزيرة العربية بعدما هاجروا بابل وهؤلاء قسموا إلى قسمين عرب الشمال وعرب الجنوب « كتاب العرب من معين إلى الأمويين : 8 » راجع هامش ترجمة أنس بن مالك في باب الأنصار من هذه الموسوعة .
وجاء في تاريخ الأدب العربي لعمر فروخ : 1/35 : « واكتسبت اللغة العربية اسمها من الإعراب أو العروبة أو العروبية أي الفصاحة والوضوح والبيان من أجل ذلك سمى العرب أنفسهم عرباً وسمّوا سائر الأمم عجما ـ أي لا يفهم عنهم ما يقولون ـ واللغة العربية أقدم اللغات الحية فليس ثمة في العالم لغة محكية أقدم منها ، ولا تزال اللغة العربية تحتفظ بالإعراب تاماً كاملاً كما كان شأن جميع اللغات القديمة ،=
دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 114

في القرون الغابرة(1) وحتى عام 13 ق . هـ حيث بعث الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم فإن أغلبية الشعوب العربية آنذاك كانت بأصالتها مذواقة للشعر ، ولعل الشعر كان ملازماً للبداوة وذلك لأن أبناء البادية لهم قريحة شعرية أعمق من غيرهم فالشعر عندهم بديهة من البديهات حيث كانوا ينشؤونه من دون تكلف وينشدونه في محاوراتهم الخاصة والعامة .
وهناك رعيل من الشعراء وصلتنا أخبارهم وأشعارهم وقد سطع نجمهم في أوائل القرن الأول قبل الهجرة (السادس الميلادي)(2)

= أما معظم اللغات الأخرى فقد فقدت الإعراب . ولكننا نجد الإعراب شبه تام في اللغة الألمانية والأيسلندية ونجد بعض الإعراب في اللغة الدنمركية واللغة الروسية وهناك آثار للإعراب في عدد من اللغات الباقية ويبدو أن اللغة العربية انفصلت مع اخوتها الشماليات من اللغة السامية الأم منذ زمن بعيد جداً ، ثم عادت فانفصلت من المجموعة الشمالية أيضاً منذ زمن بعيد » .
(1) يحتمل الدكتور عمر فروخ في كتابه تاريخ الأدب العربي : 1/73 أن الحياة الأدبية عند العرب نشأت قبل ظهور الإسلام بألفي سنة تقريباً ويضيف قائلاً : إنه لم يصل إلينا من ذلك الشعر الأول شيء .
(2) ولا يخفى أن هناك عدداً من الشعراء ورد اسمهم قبل القرن السادس الميلادي ولم يذكر غيرهم ، منهم : العنبر بن عمرو بن تميم المرتجز :
قد رابني من دلوها اضطرابها
والنأي في بهراءَ واغترابُها
إلا تجيء ملأى يجيء قِرابُها
ومنه سعد بن زيد مناة بن تميم وأخوه مالك الذي ـ قال في أخيه سعد ـ من الكامل ـ :
أوردها سعدٌ ، وسعد مشتملْ ما هكذا تورد ، يا سعد ، الابلْ
ومنهم دريد بن زيد بن نهد القضاعي الذي قال حيث حضرته الوفاة ـ من الرجز ـ :
اليوم يُبنى لدريد بيتْ لو كان للدهر بلىً ابليته ...
ومنهم حجر بن معاوية آكل المرار ـ وهو الجد الثالث لامرئ القيس ـ القائل من الخفيف :
إن مَـنْ غرّه النساء بشيء بعـد هند لجاهـل مغرور
حلوة العين واللسان ، ومرٌّ كل شيء يُجَن منه الضمير
كل أنثى وإن بدتْ لك منها آيـة الحـب حُبها خيثعور
والخيثعور : هو المتلون الذي لا يثبت على حال . « راجع كتاب تاريخ الأدب العربي لفروخ : 1/92 » .=
دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 115

والمهلهل عدي بن ربيعة المتوفى عام 94 ق . هـ(1) وثابت بن أوس الأزدي(2) المتوفى سنة 92 ق . هـ ، ثم خلفهم أصحاب المعلقات السبع امرؤ القيس الكندي المتوفى حدود عام 82 ق . هـ القائل في مطلع معلقته ـ من الطويل ـ :
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل بسقط اللوى بين الدخول فحومل(3)

وطرفة بن عبد البكر المتوفى سنة 62 ق .هـ القائل في مطلع معلقته من الطويل :
لخولة إطلال ببرقة ثَمهدِ تلوحُ كباقي الوشم في ظاهر اليدِ(4)

= وعد ابن سلام في طبقاته : 11 ـ 12 عدداً من شعراء الجاهلية وفيهم أعصر بن سعد ابن قيس وذكر من قوله ـ من الكامل ـ :
قالت عميرة ما لرأسك بعدما نفذ الزمان أتى بلـون منكـر
اعميـر إن أباك شيّب رأسَه كَرُّ الليالي واختلاف الأعصر
ومنهم المستوغر عمرو بن ربيعة بن كعب ومن شعره ـ من الكامل ـ :
ولقد سئمت من الحياة وطولها وازددت من عدد السنين مئينا
مائة أتت من بعدما مائتان لي وازددتُ من عدد الشهور سنينا
هـل ما بقى إلا كما قد فاتنا يـوم يكـُرّ وليلـة تحدونـا
وهناك من حدد ظهور الشعر بمئتي عام قبل الإسلام كالجاحظ في كتابه الحيوان : 1/54 .
(1)حيث توفي عام 531 م أو (94 ق . هـ) ومن شعره في رثاء أخيه كليب قوله من الوافر :
يعيش المـرء عنـد بني أبيـه ويوشك أن يصبر بحيث صاروا
كأني إذ نـص الناعـي كـليبا تطايـر بيـن جنـبيّ الشـرّارُ
فدُرت ، وقد غَشي بصري عليه كمـا دارت بشاربهـا العُقـارُ
(2) الذي كان من الشعراء الصعاليك والذي كان منهم تأبط شراً (ثابت بن جابر الفهري) المتوفى حوالي عام 92 ق . هـ ومن شعره قبيل موته كما في ديوانه : 331 ـ من الوافر ـ :
لعلـي ميـتٌ كمداً ولمـّا اطالعْ أهل ضيم فالكراب
وإن لم آتِ جمع بني خثيم وكاهلها برجل كالضباب
إذا وقعت بكسب أو قُرَيْم وسيّار فقد ساغ الشرابِ
(3) شرح المعلقات السبع للزوزني : 10 .
(4) شرح المعلقات السبع للزوزني : 64 .
دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 116

والحارث بن حلّزة اليشكري المتوفى في حدود سنة 52 ق . هـ(1) القائل في مطلع قصيدته المعلقة من الخفيف :
آذَنَتْنا بِبَيْنهـا أسمـاء رُبَّ ثاوٍ يُملُّ منه الثواء(2)

وعمرو بن كلثوم التغلبي المتوفى في حدود سنة 38 ق . هـ وهو الذي يقول في أول معلقته من الوافر :
ألا هُبّي بِصَحنك فاصبحينا ولا تبقي خمور الأندرينا(3)

وزهير بن أبي سلمى المازني المتوفى حدود عام 12 ق . هـ(4) وهو القائل في مطلع معلقته من الطويل :
أمِنْ أمِّ أوفى دُمْنَةُ لم تكلَّمِ بحومانةٍ الدرّاج فالمُتَثَلِّم(5)

وعنترة بن شداد العبسي المتوفى عام 8 ق . هـ الذي استهل قصيدته المعلقة بقوله من الكامل :
هل غادر الشعراء من مُتردَّم أم هل عَرِفْتَ الدار بَعدَ تَوهم(6)

ولبيد بن ربيعة العامري المتوفى عام 8 هـ وجاء مطلع قصيدته المعلقة من الكامل :
عفت الديار محلّها فمقامها بمنى تأبّد غولها فرجامها(7)

وما هذه المعلقات السبع إلا دليل على انتشار الشعر وقوته في العصر الجاهلي ، ومدى سيطرته على ذلك المجتمع رغم أنه غير حضاري .
وقد نبغ إلى جانب هؤلاء السبعة عبيد بن الأبرص الأسدي المتوفى

(1) وقيل عام 42 ق . هـ .
(2) شرح المعلقات السبع للزوزني : 190 .
(3) شرح المعلقات السبع للزوزني : 163 .
(4) وقيل عام 5 هـ .
(5) شرح المعلقات السبع للزوزني : 135 .
(6) شرح المعلقات السبع للزوزني : 107 .
(7) شرح المعلقات السبع للزوزني : 216 .
دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 117

حدود عام 68 ق . هـ(1) والنابغة الذبياني المتوفى عام 18 ق . هـ والأعشى الأكبر القيسي(2) المتوفى عام 83 هـ(3) حيث عدهم البعض من أصحاب المعلقات ليتم عشرة معلقات(4) .
وهناك رعيل من الشعراء(5) عاشوا فترة ما قبل الإسلام فمنهم المشرك ومنهم الموحد كعبد المطلب بن هاشم المتوفى عام 45 ق . هـ

(1) وقيل توفي عام 77 ق . هـ .
(2) هو الميمون بن قيس الذي أعدّ قصيدة في مدح الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ولم ينشدها بين يديه والتي يقول في مطلعها من الطويل :
ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا وَبِتْ كما بات السليم مُسَهّداً
تاريخ الأدب العربي لفروخ : 1/227 .
(3) وقد غلب على امرئ القيس الغزل وعلى عنترة الحماسة وعلى زهير المديح وعلى النابغة الاعتذار وعلى ابن كلثوم الفخر وهكذا .
(4) تاريخ الأدب العربي لعمر فروخ : 1/75 .
(5) أحصيناهم فكانوا أربعة وثلاثين شاعراً نذكرهم وتواريخ وفياتهم بالتقريب : 1 ـ الفند الزماني : 92 ق . هـ ، 2 ـ سعد بن مالك البكري 92 ق . هـ ، 3 ـ تأبط شراً 92 ق . هـ ، 4 ـ عمرو بن قميئة 84 ق . هـ ، 5 ـ أبو دؤاد الأيادي ... ، 6 ـ الحارث ابن عباد البكري 72 ق . هـ ، 7 ـ المرقش الأكبر 70 ق . هـ ، 8 ـ الأفوه الأودي 68 ق . هـ ، 9 ـ المرقش الأصغر 52 ق . هـ ، 10 ـ الخرنق بنت بدر 42 ق . هـ ، 11 ـ المسيب بن علس 42 ق . هـ ، 12 ـ المتلمس 42 ق . هـ ، 13 ـ الأسود بن يعفر 37 ق . هـ ، 14 ـ المثقب العبدي 35 ق . هـ ، 15 ـ بشر بن أبي خازم 32 ق . هـ ، 16 ـ ذو الأصبع العدواني 25 ق . هـ ، 17 ـ صخر بن عمرو الشريد 24 ق . هـ ، 18 ـ المنخل اليشكري 23 ق . هـ ، 19 ـ أوس بن حجر 23 ق . هـ ، 20 ـ قس بن ساعدة الأيادي 22 ق . هـ ، 21 ـ حاجب بن زرارة 21 ق . هـ ، 22 ـ طفيل الغنوي 20 ق . هـ ، 23 ـ عدي بن زيد 18 ق . هـ ، 24 ـ حاتم الطائي 15 ق . هـ ، 25 ـ جران العود النمري 14 ق . هـ ، 26 ـ عبد قيس بن خفاف البرجمي 14 ق . هـ ، 27 ـ قيس بن الخطيم 10 ق . هـ ، 28 ـ عبد يغوث الحارثي 10 ق . هـ ، 29 ـ عروة بن الورد 7 ق . هـ ، 30 ـ علقمة بن عبدة 7 ق . هـ ، 31 ـ أمية بن أبي الصلت 7 ق . هـ ، 32 ـ أبو طالب بن عبد المطلب 3 ق . هـ ، 33 ـ دريد بن الصمة 80 هـ ، 34 ـ عامر بن الطفيل 8 هـ . والاثنان الأخيران وإن كان وفاتهما بعد الهجرة إلا أنهما الحقا بعصر ما قبل الهجرة . ويضاف إليهم ورقة بن نوفل القرشي 12 ق . هـ . سلسلة آباء النبي 288 . وتاريخ الأدب العربي لعمر فروخ : 1/151 .
دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 118

الذي يقول حين توجه أبرهة إلى هدم الكعبة فأخذ بحلقتي باب الكعبة من مجزوء الكامل :
لا هـم أن المرء يمـ ـنع رحلة فامنع حلالكْ
لا يغـلبـن صليـهـم ومحالهـم عدواً محالكْ
وانصر على آل العليـ ـب وعابديه اليوم آلك
إن كنت تاركهم وكعـ ـبتنا فامر ما بـدا لَكْ

وهذا الكم والنوع من الشعر والشعراء في هذه الفترة الزمنية لا يمكن أن يتحقق من لا شيء يدل على أن الشعر كان راسخاً لفترة طويلة سبقت هذه الفترة الزمنية القريبة من العهد الإسلامي ، وقد ذكر سوزومينوس(1) : أن للعرب شعراً وذلك عند انتصار الملكة معاوية(2) على جيوش الروم عام 281 ق . هـ (350 م)(3) كما ذكر نيلوس(4) : أن العرب كانوا قد اعتادوا التغني بأشعارهم عند ورودهم الماء(5) .
ومن أقدم ما وصلنا هو شعر لقيط بن يعمر الذي كتبه إلى قبيلة أياد ابن نزار وهو في سجن سابور يعلمهم بهجوم سابور الثاني ذي الأكتاف(6) عام 338 ق . هـ على العراق والذي ملكها الحارث بن الأعز الأيادي ، فكان كالتالي ـ من الوافر ـ :

(1) سوزومينوس (Sozomenos) مؤلف كتاب تاريخ الكنيسة المؤلف بين عامي 185 ـ 187 ق . هـ (443 ـ 450 م) .
(2) معاوية .
(3) تاريخ التراث العربي (قسم الشعر) : 1/13 .
(4) نيلوس (Nilus) المتوفى عام 198 ق . هـ (430 م) ، قديس مسيحي .
(5) تاريخ التراث العربي : 1/14 .
(6) سابور الثاني : بن هرمز بن نرسي ولد عام 322 ق . هـ (310 م) وتوفي عام 251 ق . هـ (379 م) ورث الملك عن أبيه وهو حمل فتولى الوزراء أمر المللكة فغلب العرب على سواد العراق ولما بلغ من العمر ست عشرة سنة اعدّ العدة للخروج إليهم فعلم لقيط بذلك وهو في سجنهم فاخبر بني أياد بذلك والذي كانوا يحكمون العراق آنذاك .
دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 119

سلام في الصحيفة مـن لقيط على من في الجزيرة(1) من إيادِ
بـأن اللـيـث يأتيكـم دلاقاً فـلا يحسبكـم شـوك القتـاد
أتاكـم منهـم سبعـون ألفـاً يجـرّون الكتـائـب كالجـراد
علـى خيـل ستأتيكم فهـذا أوانُ هلاككـم كهـلاك عـاد(2)

هذا وقد ذكر المسعودي(3) في ترجمة أسعد أبو كرب الحميري(4) أبياتاً يمدح فيها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قبل أن يبعث بسبعمائة عام أي سنة 713 ق . هـ يقول فيها ـ من المتقارب ـ :
سهـدت علـى أحمـد أنـه رسـول مـن الله بـاري النّسم
فلو حلّ عمري إلى عمـره لكنـت وزيـراً له وابـن عـم
وَالـزِمُ طاعتـه كـلّ مـن على الأرض من عرب أو عجم(5)

ومما قدمناه يتضح حال الشعر المنسوب إلى النبي آدم عليه السلام في مقتل ابنه هابيل عام 6745 ق . هـ(6) ـ من الوافر ـ :
تغيرت البلاد ومن عليها فوجه الأرض مغبر قبيح

حيث إن اللغة العربية بدأت من النبي إسماعيل عليه السلام (2167 ـ 2037 ق . هـ) ، وللبستاني تخريجة لطيفة ولعلها مروية ولا بأس ببيان بعض التفاصيل :
إن قابيل لما قتل هابيل رثاه آدم بقوله :
تغيرت البلاد ومن عليها فوجه الأرض مغبرٌّ قبيحُ

(1) كانت أياد تصيف بالجزيرة وتشتو في العراق .
(2) مروج الذهب : 1/279 .
(3) كما ذكر المسعودي في مروج الذهب : 1/339 « إن اغسطس الملقب لأول مرة بقيصر وهو ثاني ملوك الروم عندما اغتيل بالسم انشأ أشعاراً بالرومية يذكر حاله وما نزل به وقصته مع قلبطرة آخر ملوك اليونانيين .
(4) الحميري :
(5) مروج الذهب : 1/82 .
(6) الموافق لعام 235 من الهبوط وعام 5824 قبل الميلاد .
دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 120

وقابيل أذاق المـوت هابل فـواحزناً لقد فقد المليحُ(1)
ومالي لا أجود بسكب دمع وهابيل تضمنه الضريح
وجادت شعلة ولهـا رنين لهابلهـا وقابلها يصيح
لقتل ابن النبي بغير جـرم فقلبي عنـد قتله جريحُ
وجاورنا لعيـن ليس يغني عدوٌ لا يموت فنستريحُ

فقالت حواء ـ من الوافر ـ :
دع الشكوى فقد هلكا جميعـاً يمـوت ليس باليُمـنِ الـريح
وما يغني البكاء عن البواكي إذا ما المرء غيب في الضريح
فَبَكِّ النفس وانزل عن هواها فلسـت مخلـداً بعـد الـذبيح

فأجابها إبليس من الوافر :
تنح عـن البـلاد وساكنيهـا ففي الجنات ضاق بك الفَسيحُ
وكنتَ بها وزوجك في رخاء وقلبك مـن أذى الدنيا مريحُ
فمـا زالت مكايدتي ومكري إلى أن فاتـك الثمـنُ الريحُ
فلـولا رحمة الجبار أضحى بكفك من جنان الخلـد ريحُ(2)

« قيل فهذه أول أشعار قيلت على الأرض ... ولكن لما قتل قابيل هابيل رثاه آدم وهو سرياني وإنما يقول الشعر من تكلم العربية فلما قال آدم مرثية نقلت في ولده من جيل إلى جيل حتى اتصلت بيعرب بن قحطان(3)

(1) جاء في بحار الأنوار : 76/290 عن عيون أخبار الرضا : 2/242 بيتان الأول كما هو هنا والثاني :
تغير كل ذي لون مطعم وكل بشاشة الوجه المليح
(2) ورد في بحار الأنوار : 76/290 نقلاً عن علل الشرائع : 2/281 باختلاف .
(3) جاء في دائرة المعارف الشيعية العامة : 18/592 « أن يَعرُب بالفتح ثم السكون وضم الراء ، هو ابن قحطان بن عابر بن شالخ من ارفخشد بن سام بن نوح » وإليه انتسب القحطانيون العرب ، وقيل أنه كان سلطاناً من سلاطين اليمن وجد ملوك حمير ، وقيل أنه أول من تكلم باللغة العربية ، وهو أول من حياه ولده تحية الملوك وهي « ابيت اللعن وانعم صباحاً » ـ راجع سبائك الذهب : 16 ، وعابر جد يعرب هو النبي هود عليه السلام ، الذي سكن اليمن وقومه كانوا من بني عاد بن عوص بن ارم بن=
دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 121

وكان يتكلم بالسريانية والعربية وكان يقول الشعر فنظر في المرثية فإذا هي كلام مسجع فقال : إن هذا يقوم شعراً فزاد المقدم إلى المؤخر والمؤخر إلى المقدم ووزنه شعراً فما زاد فيه ولا نقص »(1) أو لعله قيل عن لسان حاله(2) .
ولعله من هذا الباب ما ينسب إلى معاوية بن بكر(3) حين وفد إليه بنو عاد من قوم هود من اليمن في قحط أصابهم فأكرمهم غاية الإكرام وطاب بهم المقام فنسوا ما جاء بهم حيث أقاموا عنده شهراً التهوا بشرب الخمر والخمير ، وكان معاوية يصعب عليه حال بني قوم أمه في اليمن ويستحي من إخبار القوم على ضرورة الرجوع بالميرة إلى أهلهم فدبر حيلة فأشار إلى جاريتين مغنيتين كانتا عنده ، ولقنهما شعراً تغنيان به وتسمعانه القوم فأقبلتا إلى مجمع القوم تغنيان ما أنشده معاوية ـ من الوافر ـ :
ألا يا قيـل ويحك قُم فَهَينَم(4) لعـل الله يسقينـا غمـامـا
فيسقي أرض عاد إن عاداً قـد أمسوا ما يبينون الكلاما
وإن الـوحش يأتيهم جهاراً ولا تخشى لعـادي سهامـا
وأنتم هـا هنا فيما اشتهيتم نهـاركـم وليلكـم التمامـا
فقبـح وفدكم من وفد قومٍ ولا لقوا التحيـة والسلامـا

فلما سمعوا ذلك أفاقوا من سكرتهم فاستسقوا لهم وعادوا إليهم(5) .
ولعله من الشعر على لسان قائله ما ينسب إلى أرغو بن فالغ(6) حيث

= سام بن نوح عليه السلام وقد ولد هود عام 3856 من الهبوط وتوفي عام 4330 من الهبوط .
(1) دائرة المعارف للبستاني : 10/489 .
(2) تواريخ الأنبياء : 17 .
(3) معاوية : كان من العمالقة ، من ولد عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح وأمه من بني عاد وكان سيد العمالقة وشريفهم يسكن بظاهر مكة خارج الحرم .
(4) فهينم : أي فهيا إلى النوم .
(5) تواريخ الأنبياء : 46 .
(6) ارغو بن فالغ : ابن عابر (النبي هود عليه السلام) بن شالخ بن ارفخشد بن سام بن نوح .
دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 122

وجد في قبره أيام معاوية بن أبي سفيان صخرة عليها هذه الأبيات ـ من الخفيف ـ :
أنا أرغـو بن فالـغ المعتاص(1) مـن ظلام الإشراك بالإخلاصِ
كنـت بـالله مؤمناً رب إدريـ ـسَ ونوح ومؤمناً بالقصاصِ
قــائــلاً لا إلــه إلا الله إلهـي ومـن إليـه مناصـي
فاراد الضحاك ذو الكفـر مني(2) أن أضاهيه بالعمى والحياصي(3)
وسكنـت الكهوف دهراً طويلاً خائفاً هارباً من أهل المعاصي
وبنيـت الذي ترون بعون الله ذي المن من صفاح الرصاص
وأمـرت البنين أن يقبرونـي جوفها في ملاحفي وقماصي
سوف يأتي بعدي بدهر رسول من بني هاشم الذرّي للأقاصي(4)
عابـدٌ قانـتٌ رؤوف رحيـم باليتامى والبائسين الخماصي(5)
ليتنـي عمّـرت حتـى أراه لانال الحساد فضل الخواص(6)

والظاهر أن هذه الأبيات وأمثالها إنما تنظم من قبلهم في عهود بعد عهد المنسوب إليهم حيث كان ديدن الشعراء أن ينظم نثر العظماء ومقولاتهم شعراً حتى لا تنسى .
هذا ويبدو أن الشعر في الجاهلية كان له الأثر الفاعل في نفوس الناس فلذلك لما بدأ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالدعوة إلى الإسلام في مكة وتلى القرآن على أهاليها وصفوا كلامه بالشعر كما وصفوه بالشاعر ، وفي هذا المجال يقول الله عز وجل : «بل قالوا ... هو شاعر فليأتنا بآية»(7) ، «ويقولون

(1) المعتاص : الممتنع .
(2) الضحاك : هو ابن علوان كان ابن أخت جمشيد ملك الأقاليم السبعة آنذاك ، كان الضحاك ملكاً جباراً يفتك بالناس .
(3) الحياص : كناية عن التغاضي .
(4) الذرّي : الملجأ .
(5) الخماصي : الجائعين .
(6) سلسلة آباء النبي : 105 .
(7) سورة الأنبياء ، الآية : 5 .

السابق السابق الفهرس التالي التالي