دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 325

وأمثال هذه الأبيات ، ولا يخفى أن البيتين للوليد بن المغيرة أو ابن رواحة(1) .
ولكن من الواضح أن الله أراد أن ينفي عن رسوله كونه شاعراً لدفع شبهة المشركين حول القرآن ، وهذا لا ينافي إنشاده أو إنشاءه بيتاً أو بيتين من الشعر إذ من الغباء القول بعدم قدرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على ذلك هو النبي العربي الذي عاش في جزيرة الشعر والأدب ، وقوله تعالى : «وما علمناه وما ينبغي» يؤكد ما قلناه من أن المقصود إنا لم نعلمه الشعر بل علمناه قرآناً عربياً وما ينبغي أن يكون شاعراً ، بل انه أكبر من أن يكون كذلك حيث أنه نبي مرسل ، وبهذا المعنى نبتعد عن التكلف فيما قالوه بهذا الشأن .

مميزاته :

ولخفة وزنه بسبب الحركات التي يتخللها السكون المتعاقب لها تقريباً سهل نظمه والتحكم فيه واستخدامه في الأغراض العلمية كما جعله سلس الإنشاد وزاده إقبالاً كثرة الجوازات فيه من المجزوء ذي التفعيلات الخمس(2) أو الأربع(3) والمشطور ذي التفعيلات الثلاث(4) والمنهوك ذي

(1) الرجز نشأته ، أشهر شعرائه : 44 .
(2) ذو خمسة تفعيلات الشطر الأول ثلاث تفعيلات والشطر الثاني تفعيلتان ويقال له الرجز المخمس :
دار متى ما أضحكت في يومها أبكـت غـدا تبّـاً لـهـا
(3) ذو أربعة تفعيلات :
حسبي بعلمي أن نفعْ ما الذُل إلا في الطمعْ
(4) ذو ثلاث تفعيلات :
« الحمد لله الوهوب المجزل » وهناك شكل آخر من ثلاث تفعيلات الصدر ذو تفعيلتين والعجز ذو تفعيلة واحدة ولكنها تُعَدُّ من أنواع المجزوء وربما قيل له الرجز المثلث مثل :
أفـديـك دار الأحباب كـل فــدى
ففيك يشفي الأوصابْ عـذبُ اللمـى
دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 326

التفعيلتين(1) والمقطع ذي التفعيلة الواحدة(2) فلذا أصبح يلائم كل الأهواء ويناسب جميع الأغراض تقريباً ، مضافاً إلى جواز استخدام التصريع(3) فيه مما يزيده عذوبة ويكون أشد وقعاً في السمع ، واستخدامه مزودجاً والذي اصطلح على تسميته أرجوزة(4) ، وللرجز وقعة موسيقية خفيفة تناسب أغلب الأصوات الصادرة عن حركة الإنسان كالركل بالاقدام والتصفيق باليد ونقر العصا وترقيص الأطفال(5) وطقطقة النساء بأحذيتهن حين المشي إلى غيرها من الأصوات البسيطة وغير المركبة .
ولا يخفى ما فيه من المرونة بحيث يمكن فيه السرعة والبطء فحسب الحالة النفسية ولأجل كل هذه الخصائص والسمات تميز عن سائر الأوزان والبحور ، واستخدم للإثارة في الحروب ، واما عن جوازاته فهي كثيرة ولا

(1) ذو التفعيلتين (المنهوك) مثل :
« أعيـذه بالأعلـى »
« من كل شر يخشى »
(2) ويذكر أن أول من ابتدعه هو سلم الخاسر في قصيدته التي مدح بها موسى الهادي العباسي وهي :
موسى المطر غيث بكـر ثـم انهمر الوى المرر كم اعتسر ثم ايتسـر
وكـم قـدر ثـم غفـر عدل السير باقي الأثـر خير وشر نفع وضر
خيـر البشر فرع مضر بـدر بدر والمفتخـر لمن غبر .
« العمدة لابن رشيق : 1/184 » .
(3) التصريع جعل القافية موجودة في كل أشطر القصيدة كما في :
تباً له مـن حاذق ممـاذق أصفر ذي وجهين كالمنافق
يبدو بوصفين لعين الوامق زينة معشوق ولون عاشـق
« الرجز نشأته ، أشهر شعرائه : 58 » .
(4) الأرجوزة هو ما التزم فيه قافية العروض والضرب في كل بيت كقول ابن مالك :
قال محمـد هـو ابن مالك أحمد ربي الله خير مالك
مصلياً على النبي المصطفى واله المستكمليـن الشرفا
ولا يخفى أن هناك الرجز المخمس وهو الذي تتفق قافية خمسة أشطر منه وكل شطر منه ذو ثلاث تفعيلات وهذا في قبال المزدوج وكان بشار ينظم المخمسات لقول ابن رشيق في العمدة : 1/182 « وبشار بن يرقان يصنع المخمسات والمزدوجات » .
(5) ألوان الكلام : 210 عن العروض تهذيبه وإعادة تدوينه : 486 .
دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 327

يجاريه بحر من البحور ، ولذا سمي بحمار الشعراء أو حمار الشعر(1) لسهولة النظم على زنته أو لسهولة التلاعب مع تفعيلاته ورويه .

تاريخ الرجز وتطوره :

ذهب أكثر المتحدثين عن الشعر أنه بدأ بالرجز ، فعلى هذا يكون تاريخه من تاريخ الشعر وإذا قلنا أن الشعر بدوي الأصل كما سبق الحديث عنه وأنه مرتبط بالغريزة الإنسانية فلعل تاريخه يعود إلى تاريخ اللغة العربية ، هذا إن لم نقل أنه أقدم منه باعتباره مرتبطاً بالإنسان لا بلغته كما ادعى بعضهم أنه هو الوزن اليوناني المعروف باسم أيامبي والذي يتألف المصراع فيه من أوتاد(2) ، هذا وقد ذهب الجاحظ إلى أن تاريخ ظهور الشعر يعود إلى مأتي عام قبل الإسلام(3) ويعتبره حديث الميلاد صغير السن ويستدل على ذلك بقول امرئ القيس بن حجر :
إن بني عـوف ابتنوا حسنا ضبعـه الـداخلون إذ غـدوا
ادوا إلى جارهـم خفارتـه ولم يضع بالمغيب من نصروا(4)

ويرى العبيدي(5) : إن ما ذهب إليه الجاحظ هو محض الشعر الناضح الكامل المطول الذي عملت فيه يد التنقيح وأثرت فيه روح الحضارة والتقدم(6) ، ولكن القرشي يروي بإسناد له عن أبي إسحاق من أن قيس بن

(1) الرجز نشأته ، أشهر شعرائه : 64 .
(2) تاريخ الأدب العربي لفروخ : 1/85 .
(3) وجاء في الشعر الشعبي العربي لحسين نصار : 75 أن المؤرخ سوزمن قال : « أن العرب عندما انتصروا على الرومان في القرن الرابع الميلادي (القرن الثالث قبل الهجرة) احت فلوا بهذا الانتصار وملأوا به سماء بواديهم شعراً وغناءً » .
(4) الحيوان للجاحظ : 1/54 .
(5) العبيدي : هو جمال بن نجم .
(6) الرجز نشأته أشهر شعرائه لجمال نجم العبيدي : 66 .
دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 328

عاصم التميمي قدم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال يوماً وهو عنده أتدري يا رسول الله من أول من رجز ؟
قال : لا ، قال : أبوك مضر كان يسوق بأهله ليلة فضرب يد عبد له فصاح وايداه فاستوثقت الإبل ونزلت فرجز على ذلك(1) .
ومضر هذا هو الجد السابع عشر للرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وهذا هو الحداء الذي سيأتي أنه لون من ألوان الرجز .
وأما عن تطوره فربما قالوا إنه بدأ بالسجع ثم انتقل إلى الرجز وذلك ان متغنياً بسجع وقع له سجعتان متوازيتان وزناً سهلاً ـ وهو الرجز ـ فأعجبه ذلك ومضى فيه وتمت له قطعة راقت من سمعها وحاكوه فيها وتفننوا بها فكان من ذلك المقطعات والأراجيز الصغيرة(2) .
الحداء : وهو في اللغة سوق الإبل والغناء لها(3) ، وحدى الإبل حداءً أي زجرها خلفها وساقها(4) ، والاسم منه حدي(5) ، وتحادت الإبل إذا ساق بعضها بعضاً(6) ، وهو لون من ألوان الرجز وأغراضه ، كانت العرب تستخدمه لسرعة سير الإبل ، ويذكر أن أول من سنّها للإبل هو مضر بن نزار ابن معد بن عدنان والذي كان من أحسن الناس صوتاً(7) ، ويذكر في سبب اختراعه الحداء أنه سقط من بعيره فانكسرت يده فجعل يقول : « يا يداه يا يداه » فأتته الإبل من المرعى ، فلما صلح وركب حدا(8) ، ويذكر أنه كان ذا فطانة وذكاء خارقين ، ثم إن الناس زادوا عليه فشاع بينهم .

(1) الرجز نشأته أشهر شعرائه : 89 عن جمهرة أشعار العرب لأبي زيد القرشي : 34 .
(2) الرجز نشأته أشهر شعرائه : 84 عن الوسيط في الأدب العربي للاسكندري والعاني : 44 (الطبعة الثانية) .
(3) مختار الصحاح : 143 .
(4) القاموس المحيط : 4/457 .
(5) لسان العرب : 3/89 .
(6) أقرب الموارد : 1/173 .
(7) الاعلام للزركلي : 7/249 .
(8) سلسلة آباء النبي : 191 ، وفيه وقيل : إنه انكسرت يد مولى له فصاح فاجتمعت الإبل فوضع مضر الحداء ثم زاد الناس فيه فشاع .
دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 329

إذاً فالحداء ، هو أساس الشعر عند العرب ثم تطور إلى سائر ألوان الرجز ومن ثم إلى غيره من الأوزان والبحور ، ولعل في كلام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إشارة واضحة إلى أن أصل الشعر عند العرب هو الحدي حيث روي عنه أنه قال : « لا تدع العرب الشعر حتى تدع الإبل الحنين »(1) .
ومن الجدير بالذكر أنهم في البداية لم يلتزموا بنظام القافية الواحدة فيه ، وقد أورد ابن قتيبة مجموعة من ذلك في باب ما أبدل من القوافي منها :
إذا رَجلتُ فاجعلوني وسطا إني كبير لا أطيق العُنّدا(2)

ومنها قولهم :
كان أصوات القطا المنقضِّ بالليل أصواتُ الحصا المنقزِّ(3)

وحتى رؤبة بن العجاج المتوفى عام 145 هـ قال :
أزهرُ لم يولد بنجم الشح مييَّمُ البيتِ كريم السِّنْخِ(4)

ثم أنهم التزموا بالقافية ومنها قولهم :
دع المطايا تنسم الجنـوبا إنّ لهـا لنبـأ عجيبـا
ما حملـت إلا فتـى كئيبا يُسّر مما أعلنت نصيبا

ولعلهم قالوا إن الأغلب العجلي الذي كان من المخضرمين المقتول عام 21 هـ بوقعة نهاوند هو الذي طول الرجز وجعله مقفى وإلى ذلك يشير العجاج بن عبد الله التميمي المتوفى عام 97 هـ بقوله :
وإن يكن أمسى شبابي قد حسرْ
وفتـرتْ مني البـواني وفتـرْ

(1) العمدة لابن رشيق : 1/30 .
(2) أدب الكاتب : 380 .
(3) أدب الكاتب : 379 .
(4) أدب الكاتب : 380 (راجع ألوان الكلام : 210) .
دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 330

إني أنا الأغلب أضحى قد نشرْ(1)

وقد ذهـب إلى هذا ابن قتيبة حيث قال : هو أول من شبه الرجز بالقصيد وأطاله(2) ، ثم نهج العجاج منهجه وسلك الناس طريقته ، ثم تطور الرجز بعد ذلك في اتجاهين الأول : ما سمي بالأرجوزة ، والثاني : ما سمي بالقصيد .

الأرجوزة :

وهي أن يلتزم الشاعر بالقافية الموحدة في كل من الصدر والعجز دون غيرهما ، وكان أول من وضع الأرجوزة وسماه بهذا الاسم هو الراجز المعروف العجاج المتوفى عام 97 هـ لكنه التزم بالقافية في الصدر والعجز لكل القصيدة وهو ما يقال له التصريع ، وسماه أرجوزة حيث قال : « قلت : أرجوزتي التي أولها (بكيت والمحتزن البكي) وأنا بالرمل في ليلة واحدة فانثالت عليّ قوافيها انثيالاً »(3) ثم نهج ابنه رؤبة .
ويظهر من متابعة تاريخ الشعر أن الأرجوزة تأخرت عن القصيد بفترة زمنية غير قصيرة ، كما عزا بعضهم الموشح الذي ألهم الأندلسيون صنعه أنه كان نتيجة لتصريع الرجز(4) .
وأما الأرجوزة(5) التي تسمى بالمزدوج أو ما يسمى بالفارسية مثوني(6) ، وهو البيت ذو المصرعين بقافية واحدة كما هو المتداول تسميته اليوم بالأرجوزة والمستخدم في المنظومات العلمية كمنظومة(7) .

(1) تاريخ الأدب العربي لفروخ : 1/85 عن تاريخ آداب اللغة العربية لزيدان : 1/65 .
(2) الشعر والشعراء : 2/511 .
(3) الرجز نشأته ، أشهر شعرائه : 98 عن شرح شواهد المغني للسيوطي : 18 .
(4) الرجز نشأته ، أشهر شعرائه : 104 عن تاريخ الأدب العربي لضيف : 2/404 .
(5) لقد استخدم كلمة المثنوي عند بعض أدباء العرب أيضاً ، وهناك من لم يحسن استخدامه فأطلقه على الرباعي أو الدوبيت .
(6) الأرجوزة : أساساً كانت قصيدة الرجز ثم استخدمت في المزدوجات .
(7) وهناك العشرات بل المئات من الأراجيز التي خصصت بالعلوم المختلفة كالفقه والأصول والمنطق والحكمة والفلسفة والطب والعروض والدراية وغيرها فليراجع مظانها كالذريعة وكشف الظنون .
دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 331

التهذيب(1) والسبزواري(2) وابن مالك(3) ، فقد ظهر لأول مرة على لسان الوليد بن يزيد الأموي(4) حينما خرج وكان مع أصحابه على شراب فقيل له : إن اليوم الجمعة فقال : والله لأخطبنهم اليوم بشعر فصعد المنبر فخطب قائلاً :
الحـمـد لله ولـي الحمـد أحمـد في يسرنا والجهد
وهو الذي في الكرب أستعين وهو الذي ليس له قرين
أشهـد في الدنيا وما سواها أنّ لا إلـه غيـر إلهـا(5)

ولأبي العتاهية أيضاً ارجوزة (مزدوجة) في الحكمة تحتوي على أربعة آلاف مثل سماها ذات الأمثال يقول فيها :
حسبُـك مما تبتغيـه القـوتُ مـا أكثر القـوتَ لمـن يَموتُ
الفقُـر فيما جـاوزَ الكفـافا مـنِ اتقى الله رجـا وخـافـا
هـي المقاديـر فلمنى أو فَذَرْ إن كنت أخطأتُ فما أخطأ القدرْ(6)

وأما القصيد : فهو ما يقابل الرجز من الأوزان الأخرى فقد كان أول تطوره أن قاموا بتطويل شعر الرجز فنتج عن ذلك القصيد ، وقد اختلفوا في

(1) منظمة التهذيب في المنطق وهو المسمى بـ « تهذيب المنطق والكلام » لمسعود بن عمر بن عبد الله التفتازاني (722 ـ 793 هـ) كان من أعلام الشافعية ، من مؤلفاته : التلويح ، شرح التصريف ، ضابطة إنتاج الأشكال .
(2) منظومة السبزواري في الفلسفة ، تسمى بـ « غرر الفرائد » وهي لأحد أعلام الإمامية هادي بن مهدي الشيرازي (1212 ـ 1289 هـ) هو الفيلسوف المتأله ، وربما يُطلق منظومة السبزواري على منظومتيه غرر الفرائد مع شرح اللآلئ في المنطق .
(3) منظومة ابن مالك في النحو وهو المسمى بـ « الخلاصة » من تأليفات محمد بن عبد الله بن مالك الجياني الطائي (600 ـ 672 هـ) ولد في جيان بالأندلس ، وتوفي في دمشق ، امام النحاة ، من مؤلفاته : إكمال الأعلام ، سبك المنظوم ، الألفاظ المختلفة .
(4) الوليد : الحاكم الحادي عشر الأموي حكم ما بين عام 125 ـ 126 هـ .
(5) الأغاني : 7/68 .
(6) ميزان الذهب : 135 .
دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 332

تاريخ نشأته والشخصية التي قصّده ، فقيل إن أول مـن عمل ذلك هو الأفوه الأودي(1) ، بينما زعم آخرون أن القصيد قُصِّدَ على عهد هاشم بن عبد مناف(2) ، وكان أول من قصّده مهلهل وامرءُ القيس(3) وقيل إن الذي قصّده هو ابن حذام الذي أشار إليه بقوله :
عرجـا علـى الطـلل لـعلـنا نبكي الديار كما بكى ابنُ حذام(4)

ومن الجدير بالذكر ان للرجز قيمة أدبية ولغوية كبيرة بحيث أن النحويين وأهل اللغة استشهدوا به في تحقيقاتهم العلمية والأدبية(5) ، وكان الرجز قبل الإسلام وفي العصر الأول الإسلامي أكثر انتشاراً من القصيد بحيث أصبح ديواناً للعرب في الجاهلية ثم الإسلام حتى أن العجاج لما أنشد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قوله :
ساقا بخنداة وكعبا ادرما وكفلا وعثا وكشحا أهظما

يقـول عجاج : كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعجبـه نحو هـذا من الشعر(6) .
ولسهولته وعذوبته استخدمه عامة الناس فأصبح شعبياً كما استخدموه في أغراضهم كافة بلا استثناء فاستخدم في الغزل(7)

(1) الرجز نشأته أشهر شعرائه : 90 عن المزهر للسيوطي : 2/477 .
(2) هاشم بن عبد مناف : حفيد قصي بن كلاب بن مرة القريشي ، جد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وإليه تنتهي نسبة الهاشميين ، حدود (127 ـ 102 ق.هـ) قيل أن اسمه عمرو وإنما عرف بهاشم لأنه أول من هشم الثريد لقومة بمكة .
(3) الرجز نشأته أشهر شعرائه : 90 عن العمدة لابن رشيق : 1/189 .
(4) الرجز نشأته أشهر شعرائه : 92 عن المزهر السيوطي : 2/477 عن كتاب ليس لابن خالويه .
(5) راجع كتاب مغني اللبيب لابن هشام ولسان العرب لابن منظور .
(6) الرجز نشأته أشهر شعرائه : 127 .
(7) الغزل كقوله ذو الرمة .
ضُمَّن كل طفلة مكسال
ريّا وعثة التوالي
لفاء في لين وفي اعتدال
دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 333

والمدح(1) والسياسة(2) كما استخدم في الرثاء(3) والهجاء(4)

=
كأن بين القرط والخلخال
منها نقا نطق بالـرمال
« أراجيز العرب : 44 » .
(1) المدح كقول الشماخ بن ضرار في عبد الله بن جعفر بن أبي طالب :
إنك يابن جعفـر خـير فتى
وخـيرهـم لـطارق إذا أتى
وربَّ نضو طرق الحيّ سرى
صادف زادا وحـديثاً اشتهـى
ان الحـديث جـانب من القرى
« البيان والتبيين للجاحظ : 10 / 10 » .
(2) السياسة كقول الاقيبل القيني في عبد العزيز بن عبد الملك الأموي حين طلب منه عبد العزيز ذلك :
إن وليّ العهد لابن أمه
ثم ابنه ولي عهد عمـه
قد رضي الناس به فسمه
فهو يضم الملك في مضمه
يا ليتها قد خرجت من فمه
« العقد الفريد : 5/171 » .
(3) الرثاء : كقول بشار بن برد في بنته :
يا بنتَ من لم يكُ يهوى بنتا
ما كـنت إلا خمسةً أو ستا
حتى حللت في الحشى وحتى
فتت قلبي مـن جـوى فانفتا
لانت خـيرٌ مـن غـلام بتا
يصبح سكـرات ويسمي بهـتا
« الأغاني : 3/227 » .
(4) الهجاء : كقول جرير بن عطية في خصومه :
لا تحسبني عن سليط غافلا
أن تعيش ليلا بسليط نازلا
لا تلق أقراناً ولا صواهلا
ولا قرى للنازلين عاجلا
ابلغ سليط اللؤم خبلا خابلا
أبلغ أبا قيس وأبلغ سابلا
والصلع من ثمامة الحواقلا
أني لمهـدٍ لهـم مساحـلا
=
دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 334

والفخر(1) وغيرها(2) .
ولكن هناك أغراضاً قصّر العرب استعمالها على الرجز كالحداء(3) والاستقاء(4) والصيد(5) ورقص ....................

= « النقائض لأبي عبيدة : 1/3 » .
(1) الفخر : كقول لبيد بن ربيعة :
نحن بـنو ام الـبنين الأربـعة
ونحن خير عامر بن صعصعة
الـمطعمون الـجفنة الـدعدعة
والضاربون الهام تحت الخيضعة
« شرح ديوان لبيد لإحسان عباس : 340 » .
(2) وغيرها كالحماس في الحرب ووصف الطبيعة وأمثالهما .
(3) الحداء : كقول عبد الله بن رواحة حين أخذ بخطام ناقة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حين دخل مكة للعمرة التي قام بها بعد صلح الحديبية بعام :
خلوا بني الكفـار عـن سبيله
أني شهـيد أنـه رسـولــه
خلـوا فكل الخير في رسولـه
يـا رب أنّـي مؤمـن بقيلـه
أعـرف حـق الله فـي قبولـه
نحـن قـتلـناكـم على تأويلـه
كـما قـتلناكـم علـى تنزيلـه
« تاريخ الطبري : 2/309 » .
(4) الاستقاء : استقى أحد الحجاج من بئر العجول الذي حفرها قصي بن كلاب وكان يقول لدى استسقائه :
نروي على العجول ثم ننطلق
قبل صدور الحاج من كل أفق
إن قصيّا قد وفى وقد صدق
بالشبـع للناس وري مغتـبق
« فتوح البلدان للبلاذري : 1/64 » .
(5) الصيد : كقول طرفة بن العبد :
يـا لك مـن قـبرة بمعمـر
خلا لك الجو فبيضي واصفري
ونقـري ما شـئت أن تنقري
قد رحل الصياد عنك فابشري
قد رفع الـفخ فماذا تحـذري
دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 335

الأطفال(1) فكانوا يتغنون بها في حالة سوق جمالهم وصيد فريستهم وحفر آبارهم ورقص أولادهم ويوازنون نغماتهم مع وقع سير الجمال وحركتهم للصغار خفة وسرعة مما يزيدهم طرباً وحركة .
ومن القدامى الذين يشار إليهم بالبنان في الرجز الأغلب بن جشم العجلي(2) المتوفى عام 21 هـ(3) والعجاج(4) عبد الله التميمي المتوفى عام 97 هـ(5) وأبو النجم الفضل بن قدامة العجلي(6) المتوفى عام 120

=
لا بد يوماً أن تصادي فاصبري
« ديوان طرفة : 63 » .
(1) الرقص : لقد ورد أن السيدة الزهراء عليها السلام كانت تداعب ابنها الحسين عليه السلام من منهوك الرجز وتقول :
انت شبيه بأبـي
لست شبيهاً بعلي
(2) الأغلب بن جشم العجلي : هو الأغلب بن عمرو العلي المتقدم ذكره .
(3) ومن رجز الأغلب قوله :
نحن بنو عجل إذا احمر الحدق
ولـبس الأبطال ما ذيّ الحلـق
وثار للحـربْ عجـاجٌ فسمـق
نحمي الذمار حين لا يحمي الفرق
« تاريخ الأدب العربي لفروخ : 1/275 » .
(4) العجاج : هو عبد الله بن رؤبة بن لبيد بن صخر السعدي المولد في أواخر العصر الجاهلي ، أسلم وكان قد نظم الشعر في العصرين الجاهلي والإسلامي ، فلج وأقعد حتى مات ، له ديوان شعر .
(5) ومن رجز العجاج قوله :
إن الغواني قد غنين عنّي
وقلـن لي عليك بالتغني
عنا فقـلت للغواني إني
على الغنى وأنا كالمظن
لما لبسن الحق بالتجنـي
غنين واستبدلن زيداً مني
« تاريخ الأدب العربي لفروخ : 1/571 » .
(6) الفضل بن قدامة العجلي : من بني بكر بن وائل ، من أكبر الرجاز ولد في حدود منتصف القرن الأول الهجري نبغ في الشعر ، كان ينزل سواد الكوفة ، يقال إنه كان
=
دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 336

هـ(1) ورؤبة بن العجاج التميمي(2) المتوفى عام 145 هـ(3) وأبو نخيلة يعمر بن زائدة السعدي(4) المتوفى قبيل عام 150 هـ(5) ولتخصصهم بهذا النوع من الشعر وتحلقهم فيه وصفوا كل منهم بالراجز .
بينما يذكر ابن رشيق(6) أن الجاحظ(7) أنشد أول مزدوجة لبشر بن

= أحسن الناس إنشاءً في عصره .
(1) ومن رجز أبي النجم قوله :
الحمد لله الوهوب المجزلِ
أعطى ، فلم يبخل ولم يبخل
كوم الذرى من خول المخول
تـبقلـتْ مـن أول التبقـل
« الشعر والشعراء لابن قتيبة : 381 » .
(2) رؤبة بن العجاج التميمي : هو ابن عبد الله العجاج بن رؤبة السعدي المولود في النصف الثاني من القرن الأول الهجري ، كان أكثر مقامه بالبصرة ، إمام في اللغة ، له ديوان رجز ، قال الخليل عند دفنه ، دفن الشعر واللغة والفصاحة .
(3) ومن رجز رؤبة قوله :
من كان ذا بت فهذا بتّي
مـقيّظ مصيّف مشتّى
أخذته من نعجات ستِ
« تاريخ الأدب العربي لفروخ : 2/63 » .
(4) يعمر بن زائدة السعدي : وقيل هو ابن عدن بن زائدة ، وجاءت كنيته بأبي نخيلة من أن ولادته كانت عند نخلة ، ويكنى أيضاً أبو الجنيد وأبو العرماس ، شاعر مكثر غلب عليه الرجز .
(5) ومن رجز أبي نخيلة قوله :
ليس ولي عهدنا بالأسعد
عيسى فزحلقها إلى محمد
فقد رضينا بالغلام الأمرد
وقد فرغنا غير أن لم نُشهد
وغير أن العقد لم يـؤكـد
« تاريخ الأدب العربي : 2/71 » .
(6) راجع العمدة ، لابن رشيق : 1/338 .
(7) الجاحظ : مضت ترجمته .
دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 337

المعتمر(1) المتوفى عام 210 هـ في قوله :
يا عجباً والدهر ذو عجائب من شاهـد وقلبـه كالغائـب
وحاطـب يحطب في بجاده في ظلمة اللـيل وفي سـواده
يخطب في بجادة الايم الذكر والأسود السالخ مكروه النظر(2)

ومما يجدر ذكره أن الأرجوزة لم ينظم إلا على بحر الرجز وربما يتأتى من ينظم على غيرها وتكون مقبولة عند الأدباء المتذوقين .
ومن ذلك على سبيل المثال قول الشاعر جابر الكاظمي من الرمل :
لي حبيبُ غالبٌ في كلِّ حالْ أُخِـذَتْ مِن غَينِهِ غَينُ الغَزالْ
ولـه في الألفِ آلافُ السِّهامْ لا تَفي اللامات واللحـدُ بِلامْ
خَـتَمَ الـباءُ وبالـباء وبـاءْ وبه عِشْتُ وإن مُـتُّ سَـواءْ

شعر الحرب :

لقد راج عند العرب قديماً أن يرتجر بطلهم في حومة الحرب بأبيات من الرجز وعادة لا يزيد على خمسة أو ستة أبيات ، ولعل ابتداع الرجز وزناً واستعمالاً جاء من مشية الناقة وكان أول ما ابتدعوه من الأوزان الشعر على ما رواه لنا الأدب القديم وسبق وذكرنا ذلك ، وفي لغتهم الناقة الرجزاء هي التي تمشي الرجز ، فهو سهل على اللسان فلذلك تناولوه في الحروب حين المبارزة والمناجزة فكان على شبا السيوف وأطراف الأسنة فلم تشغلهم عنه فجائع القتال ولا مواجهة الهلاك فكانوا إذا هجموا على العدو ارتجزوا والخيل تهوي بهم نحوه وكانوا يهدهـدون جراحهم بلحونه(3) .

(1) بشر بن المعتمر البغدادي المعتزلي الهلالي ، كان من أهل الكوفة ، كان زعيم المعتزلة في العراق وإليه تنسب الطائفة البشرية ، له مصنفات في الاعتزال منها : المذهب ، وله قصيدة من أربعين ألف بيت ، توفي في بغداد .
(2) الحيوان للجاحظ : 2/95 .
(3) شعر الحرب : 133 بتغيير .

السابق السابق الفهرس التالي التالي