دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 353

كما جاء عند بعضهم(1) .
2 ـ فَعْلُن متفاعلن فعولن فعِلُنْ
/./. ///.//. //./. ///.

كما يمكن تقطيعها على الشكل التالي :
1 ـ فَعْلُن متفاعلْ متفاعلْ فَعْلان
/./. ///./. ///./. /./..
2 ـ فَعْلن متفاعلن مفاعلْ فعِلُن
/./. ///.//. //./. ///.

وكل هذه التقطيعات لا تؤدي إلى توحيد التفعيلات رغم إعمال الجوازات فيها ، نعم لعلها تقترب قليلاً من وزن الرمل إلا أن تطبيق جميع التفعيلات عليه أمر مستحيل حتى مع التكلف لأن بعضها كـ (متفاعلن) ///.//. من تفعيلات الكامل وهي تفعيلة مستقلة .
وإذا أمكن إرجاع فع (/.) أو فاع (/..) أو فعلن (/./.) إلى فاعلاتن (/.//./.) إلا أنه لا يمكن إرجاع فعلن (///.) أو متفاعلن (///.//.) إليه ، وعليه فيتعين علينا القول بأن هذين الوزنين قريبان من الهزج : (مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن) وقد لاحظت ما فيه من التكلف في بعض الأحيان وهنا يطرح السؤال التالي لماذا الإصرار على إرجاع كل وزن مستحدث إلى أوزان الخليل لنرتكب هذا العناء غير المرضي ؟
ولعل الجواب يأتي في تعليق الشيبي على كلام الصفدي السابق الذكر ، والذي يذكر بأنه عز على الصفدي أن يكون وزن الدوبيت مبتدعاً(2) ، ولكن لسيروس شميسا رأي آخر حيث عزاه إلى التعصب(3) ، ولعلنا لو التزمنا بأن للدوبيت وزناً مستقلاً خاصاً به ، وللرباعي وزناً قريباً منه بل قلنا بأن الدوبيت من مولدات الرباعي لكان أكثر واقعية .

(1) راجع سير رباعي : 264 .
(2) ديوان الدوبيت في الشعر العربي : 60 .
(3) سير رباعي : 39 .
دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 354

ورغم الخلاف في اصالة وزن الدوبيت أو عدمه إلا أن الذي لا خلاف فيه أن وزنه استقر في الأدب العربي بشكل عام على الشكل التالي :
مفعولُ مفاعلن فعولن فعِلُن
/././//.//.//././//.

تركيبة الدوبيت

لقد أدخل علماء العروض الفرس على وزن الدوبيت بعض الزحافات والعلل مما بلغ صورها أربعاً وعشرين صورة ، الأمر الذي يدلنا على استقلال وزن الدوبيت وإلا فكيف يصح إدخال هذه الزحافات والعلل عليها مرتين ، وعلى كل فقد رسم قيس شمس(1) قائمتين لوزن الدوبيت بعد دخول الزحافات والعلل ، الأولى سميت بشجرة الأخرم ، والثانية بشجرة الأخرب . فالخرم هو حذف أول متحرك من الوتد المجموع (//.) ليصبح سبباً خفيفاً (/.) والتفعيلة التي يدخلها الخرم تسمى أخرم ، والخرب هو دخول الكف مع الخرم ، فالكف هو إسقاط السابع الساكن ، وهذا يصح على القول بأن وزن الدوبيت مأخوذ من الهزج فخرم بعض تفاعيله أو خرب .
ومجموع القائمتين أربعة وعشرون حالة ، الأولى تبدأ بـ « مفعولن » /././. التي أصلها مفاعيلن //././. فخرم الوتد المجموع (//.) فأصبح /././. مفعولن ، والقائمة الثانية تبدأ بـ « مفعول » /././ التي أصلها مفاعيلن //././. فدخلها الكف فأصبح //././ مفاعيل ثم الخرم فأصبح فاعيلُ (/././) فقلب إلى مفعول (/././) ولأجل ذلك سمي الأول بالأخرم والثاني بالأخرب(2) .

(1) قيس شمس : هو شمس الدين محمد بن قيس الرازي المتوفى بعد عام 628 هـ كان من أهل ري ـ طهران ـ عاش في بلاد ما وراء النهر وخراسان وبخارى ومرو ، كما سافر إلى العراق ، وكان أديباً عروضياً ، من مؤلفاته : المعجم في معايير أشعار العرب ، حدائق المعجم ، المعجم في معايير أشعار العجم .
(2) راجع المعجم في معايير أشعار العجم : 122 ـ 123 .
دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 355

هذا وقد أجازوا في تركيبه أن تقع كل واحدة منها في الأشطر الأربعة من الدوبيت فعليه يكون حاصل ضرب 24 في نفسه أربع مرات :
24 × 24 × 24 × 24 = 331776 نموذجاً إلا أن الالتزام بتوحيد القافية في الشطر الأول والثاني والرابع اختزل العدد ليصل إلى 5184 ، وذلك لأن هناك أربعة تفاعيل متكررة لكل منها ستة مواقع ومع شرط اتحاد القوافي في الأشطر الثلاثة يقتصر على ستة مواقع فإذا ضرب الستة في نفسها ثلاث مرات ثم ضربت في 24 حالة للشطر الثالث غير المقيد بالقافية يكون كالتالي 6 × 6 × 6 × 24 = 5184 ، وعليه فإن تفاعيل قوافي الأشطر الثلاثة يكون على الشكل التالي :
1 ـ فعلان /./..
2 ـ فَعْلُن /./.
3 ـ فَعُلُنْ ///.
4 ـ فعول //./
وسيأتي تفاصيل ذلك في محله(1) أعرضنا عنها لأن الوزن المستخدم عند أدباء العرب والذي هو « مفعول مفاعلن فعولن فعلن » لا يخضع لكل هذه العمليات فيشترط فيه اتحاد الوزن في كل أشطرها الأربعة بالإضافة إلى الالتزام بقافية الأشطر الثلاثة .
ولكن هناك بعداً آخر يمكن الحديث عنه على فرض كون وزن الدوبيت مستقلاً غير مولد من الهزج ، وهو أن يرسم هذا الوزن بأوتاده وأسبابه ضمن دائرة عروضية وعندها يتولد عندنا سبعة أوزان بدلاً من الوزن الواحد بعد حذف المكررات نذكرها بشكل عابر تاركين تفاصيل ذلك إلى محله(2) .

(1) راجع مقدمة باب الحسين في الشعر الفارسي من هذه الموسوعة ، كما اوردناها في كتاب الأوزان الشعرية .
(2) سيأتي الحديث عنه في هذا الفصل إن شاء الله تعالى ضمن الأوزان المستحدثة .
دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 356


وصورتها على الشكل التالي :
1 2 3 4 5 6 7
1 ـ /././//.//.//././//.
مفعول مفاعلن فعولن فعلن
2 3 4 5 6 7 1
2 ـ /. ///. //. //. /. ///. /.
فاعل فاعلن فعولن متفاعلن
3 4 5 6 7 1 2
3 ـ ///. //. //. /. ///. /. /.
فعلن مفاعلن فاعلتن فعلن
4 5 6 7 1 2 3
4 ـ //. //. /. ///. /. /. ///.
مفاعلن فاعلتن فعْلن فعِلن
5 6 7 1 2 3 4
5 ـ //. /. ///. /. /. ///. //.

دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 357

مفاعلن فِعلن مفعول فاعلن
6 7 1 2 3 4 5
6 ـ /. ///. /. /. ///. //. //.
فاعلن فعْلن فِعلُن مفاعلن
7 1 2 3 4 5 6
7 ـ ///. /. /. ///. //. //. /.
فعِلن فَعْلن متفاعلن فعولن(1)

ولنعد إلى وزن الدوبيت والمتغيرات التي تطرأ عليه ، ومن تلك مجيء الدوبيت مجزوءاً ، فمن الغريب أن الصفدي بعدما كلّف نفسه في إرجاع وزن الدوبيت إلى الوافر ذكر أن الدوبيت يأتي مجزوءاً ومثّل لذلك بقصيدة البهاء زهير(2) التي مطلعها :
يا مَنْ لَعِبَتْ به شمولُ ما ألْطفَ هذه الشمائل(3)
مفعولُ مفاعلنْ فعولن مفعولُ مفاعلنْ فعولنْ
يا مَنْلَ عِبَتْبهي شمولو ما ألْطَ فَها ذِهِلْ شمائلْ
/././ //.//. //./. /././ //.//. //./.

ومجيئه مجزوءاً (حيث حذفت التفعيلة الأخيرة فعلن) يدلنا على أن وزنه ليس مولداً من الوافر بل مستقل بنفسه وإلا فكيف يمكن عد البيت السابق مجزوءاً وهو مركب من ستة تفعيلات بينما أصلها مركب من ثماني تفعيلات ، مع العلم بأن الوافر لا تتجاوز تفعيلاته ستاً ، فلو كان أصله الوافر للزم عد البيت السابق من الوافر التام الذي دخل على تفعيلته الأولى العقص ، وعلى التفعيلة الثانية العقل ، وأما التفعيلة الثالثة والتي دخلها

(1) الأوزان الشعرية للمؤلف (مخطوط) .
(2) البهاء زهير : هو زهير بن محمد بن علي بن يحيى الأزدي المهلبي (581 ـ 656 هـ) ولد بوادي النخلة على مقربة من مكة ، ونشأ بصعيد مصر ، وتوفي بمصر ، من الشعراء المشهورين ، له ديوان شعر .
(3) شرح لامية العجم : 1/47 .
دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 358

القطف والذي يدخل عادة على عروض وضرب الوافر ويلتزم به عادة .
هذا ولم يعهد أن عوامل الزحاف إذا دخلت على أية تفعيلة من الحشو التزم الشاعر بها إلى نهاية المطاف من قصيدته ، والقول بأنه من باب لزوم ما لا يلزم لا دليل على إرادة الشعراء كلهم له عند نظمهم للدوبيت ، وعلى فرضه فهو تعبير آخر عن استقلالية وزن الدوبيت .
ومن إنشاء البهاء زهير يتبين أنه أصبح للدوبيت قالبٌ عروضي بعدما كان له قالب شعري يجوز تفكيكهما فينظم قصيدة كاملة على هذا الوزن دون التقيد بأربعة أشطر واتحاد قافية الأول والثاني والرابع منه كما هو الحال في القالب الشعري كما تقدمت الإشارة إلى ذلك .

أقوال شاذة في وزن الدوبيت :

جرت محاولات لمعرفة وزن الدوبيت فخلفت أقوالاً شاذة في ذلك وهي كالتالي :

1 ـ السلسلة .

ذكر مصطفى جواد(1) أن الدوبيت من بحر السلسلة واستدل بشعر حمزة العين زربي(2) المتوفى عام 556 هـ(3) الذي أورده ياقوت الحموي(4) في ترجمة الشاعر حيث قال : ومن شعره هذه القصيدة وهي من بحر السلسلة :
هل تأمنُ يُبقي لك الخليط إذا بان لِلْهَمِّ فؤادا وللمدامع أجفانْ
أتطمع في سلوةٍ وجسمك حالٍ بالسقم ومن حبهم فؤادك ملآنْ

(1) مصطفى جواد : التركماني الأصل البغدادي المولد (1322 ـ 1389 هـ) مؤرخ كاتب ، مارس مهنة التعليم والتربية ، كان عضواً في عدة مجامع علمية ، من آثاره : سيدات البلاط العباسي ، المباحث اللغوية ، دراسات في فلسفة النحو والصرف .
(2) حمزة العين زربي : هو ابن علي ، المكنى بأبي يعلى ، ولد في عين زربى ، قتل في المعركة ، ذكرهُ ياقوت الحموي في معجم الأدباء : 6/5 .
(3) ديوان الدوبيت في الشعر العربي : 60 عن الرباعيات في الأدب العربي .
(4) ياقوت الحموي : هو ابن عبد الله الرومي (574 ـ 626 هـ) أديب شاعر ، مشارك في عدد من العلوم ، ولد في بلاد الروم ، رحل إلى عدد من البلاد الإسلامية إلى أن توفي في حلب ، من آثاره : معجم البلدان ، جمهرة النسب ، أخبار المتنبي .
دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 359

إلى آخر القصيدة التي تحتوى على أحد عشر بيتاً .
وعلق الرفاعي(1) في الهامش على بحر السلسلة قائلاً : بحر السلسلة تقطيعه : « مستفعلن فاعلن مفاعلتن فل » وهو أحد الأوزان السبعة(2) التي حدثت في أوزان الشعر(3) .
وعلى غراره عرّف دهخدا بحر السلسلة(4) فلم يتجاوز أكثر من بيان وزنه .
وذكر بعضهم أن وزنه على الشكل التالي :
فعْـلن فعـلاتن مفاعـلن فعـلاتان
/./. ///./. //.//. ///./..

ومثل له بقول الشاعر :
السحر بعينيك ما تحرّك أو جالْ إلا ورماني من الغرام بأوجالْ(5)

وأما الأبياري فقد ذكر أن وزنها :
فَعْلـنْ فعـلاتُن مستفعـلن فعـلاتن
/./. ///./. /././/. ///./.

ومثل له بقول منجك اليوسفي(6) :

(1) الرفاعي : هو أحمد فريد محقق كتاب معجم الأدباء لياقوت الحموي ، والذي جاء تأريخ تحقيقه 26/2/1355 هـ كان كاتباً صحفياً ، عين مديراً للصحافة والنشر ، انتدب لبلاده لبعض المهمات ، له مؤلفات منها : عصر المأمون ، الشخصيات البارزة التاريخية ، توفي في القاهرة عام 1376 هـ .
(2) الأوزان السبعة : أراد بها الموشح ، الدوبيت ، الزجل ، المواليا ، الكان وكان ، قوما ، والسلسلة .
(3) معجم الأدباء : 11/5 .
(4) لغت نامه دهخدا : 28/588 .
(5) الأوزان الشعرية : فصل البحور المستحدثة (مخطوط للمؤلف) .
(6) اليوسفي : هو الأمير منجك بن محمد الدمشقي اليوسفي الناصري (1007 ـ 1080 هـ) كان أميراً جباراً يعرف بمنجك الكبير ، كان في خدمة محمد بن قلاوون ثم حاجبا ثم ولي الوزارة بمصر ، ولي حلب ، توفي بالقاهرة .
دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 360

يا مبتدع العَذل إنّ عذلك إشراكْ عذراً لعذار رميتَ به لا شراكْ(1)

وهذه الصور لا تختلف بعضها عن البعض الآخر إلا قليلاً وبالأخص إذا أعدنا تقطيع ما أورده الرفاعي إلى :
فعلـن فعـولن مفاعلـن فعـلاتن
/./. //./. //.//. ///./.

وإذا ما قورنت هذه الأوزان الثلاثة بعضها ببعض لأمكن القول بأن أصل جميعها هو ما اختاره الأبياري وهي الصورة التالية :
فعـلن فعـلاتن مستفعـلن فعـلاتن
/./. ///./. /././/. ///./.

دخل على التفعيلة الثانية فعلاتن (///./.) الوقص وهو حذف الثاني المتحرك فأصبح فعولن (//./.) ودخل على التفعيلة الثالثة . مستفعلن (/././/.) الخبن وهو حذف الثاني الساكن فأصبح مفاعلن (//.//.) فكونت الصورة التالية التي اختارها الرفاعي وهي :
فعلـن فعـولن مفاعلـن فعـلاتن
/./. //./. //.//. ///./.

ويمكن أن يقال أنه دخل التفعيلة الثالثة الخبن فأصبح مستفعلن (/././/.) فأصبح مفاعلن (//.//.) ثم أدخل على الضرب والعروض إحدى علل الزيادة وهو التسبيغ أي زيادة حرف ساكن على ما آخره سبب خفيف فأصبح فعلاتن (///./.) فعلاتان (///./..) فكونت الصورة التالية الأخرى .
فعلـن فعـلاتن مستفعلن فعـلاتـان
/./. ///./. /././/. ///./..

أو يقال إن أصلها :

(1) سعود الطالع : 1/383 .
دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 361

مستفعلـن فعـلاتن مستفعـلن فعـلاتن
/././/. ///./. /././/. ///./.

فدخل على التفعيلة الأولى ما يشبه الخدد وهو حذف الوتد المجموع من آخر التفعيلة فأصبح مستفعلن (/././/.) فعلن (/./.) ، ثم انحدرت منه بقيت الصور ، ولكن الخدد هي من علل الضرب والعروض وليس من الزحاف الذي يدخل الحشو .
وإذا ما قلنا إن وزن السلسلة « مستفعلن فعلاتن مستفعلن فعلاتن » يمكن القول بأنها من مولدات الكامل والذي وزنه مركب من تفعيلة متفاعلن (///.//.) وعليه فقد دخل على التفعيلة الأولى والثالثة الإضمار وهو تسكين الثاني فأصبح مستفعلن (/././/.) ، بينما دخل على التفعيلة الثانية والرابعة القطع وهو حذف ساكن الوتد المجموع وإسكان ما قبله فأصبح فعلاتن (///./.) أو دخل عليهما العقل وهو حذف الخامس المتحرك فأصبح فعلاتن (///./.) ومن الجدير ذكره أن القطع من العلل المختصة بالعروض والضرب ، والعقل من الزحاف الذي غلب دخوله على الحشو .
ولكن يرد على ذلك بأن بيت الوافر يتركب من ستة تفاعيل وهذا يحتوي على ثمانية تفاعيل ، ويمكن الإجابة عن ذلك بإمكانية عدة من الأوزان المستحدثة التي يمكن تسميتها بالمتكامل أو مستزاد الكامل ، كما يمكن القول إن كل شطر من السلسلة هو في الحقيقة بيت من الكامل المجزوء الذي دخلت عليه بعض الزحافات والعلل .
ورغم كل ما قلناه فإننا إذا ما رجعنا إلى تلك الأوزان الثلاثة التي أوردناها للسلسلة وطبقناها مع الأمثلة الممثلة لها نجد أن كل الأبيات تأتي على وزن واحد وإنما الاختلاف جاء من التقطيع .
فالأول :
هَل تَأمَنُ يُبْقي لكَ الخليطُ إذا بانْ لِلْهَمِّ فُـؤاداً وللـمدامعِ أجفانْ
هَلْتأْ مَنُيُبْقـي لَكَلْخلـي طُئِذابـانْ لِلْهَمْ مِفُـؤادَنْ وَلِلْمَدا مِعِأجْفانْ

دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 362

فَعْلُن فعلاتن مفاعلن فعلاتان فَعْلُن فعلاتن مفاعلن فعلاتان
/./. ///./. //.//. ///./.. /./. ///./. //.//. ///./..

والثاني :
ألْسحرُ بِعَيْنَيك ما تَحَرّكَ أوْ جالْ إلا ورماني مِن الغرامِ بأوجالْ
ألْسِحْ رُبِعَيني كِما تَحرْ رَكَأوْجالْ إلْلا ورماني مِنَلْغِرا مِبِأوجالْ
فَعْلُنْ فعـلاتن مفاعلن فعـلاتان فَعْلُن فعلاتن مفاعلن فعلاتانْ
/./. ///./. //.//. ///./. /./. ///./. //.//. ///./.

والثالث :
يا مُبتدِع العَذْلِ إنَّ عَذْلَك أشْراكْ عُذْراً لِعذارٍ رُميتَ به لإشْراكْ
يا مبْ تَدِعَلْعَذْ لِئِنْنَعَذْ لَكَأَ شْراكْ عُذْرن لِعِذارِنْ رُميتَبي هِلِئِشْراكْ
فَعْلن فعلاتن مفاعلن فعـلاتان فَعْلن فعلاتن مفاعلن فعـلاتان
/./. ///./. //.//. ///./.. /./. ///./. //.//. ///./..

وعليه فهو أقرب إلى وزن الرمل ذي التفعيلات الست « فاعلاتن » من غيره ، وأما إمكانية القول بأنه من مولداته ضعيف جداً ، أي القول بأن فاعلاتن (/.//./.) دخلها البتر (القطع + الحذف) فالقطع هو حذف ساكن الوتد المجموع وإسكان ما قبله ليصبح مفعولن (/././.) والحذف هو إسقاط السبب الخفيف من آخر التفعيلة ليصبح مفعولا (/./.) ويقلب إلى فَعْلن (/./.) ، إلا أن القطع يعد من العلل الخاصة بالعروض والضرب .
والقول بأن فاعلاتن (/.//./.) دخل عليها الخبن وهو حذف الثاني الساكن فأصبح فعلاتن (///./.) .
والقول بأن فاعلاتن (/.//./.) دخل عليها بعد الخبن (فعلاتن ///./.) التسبيغ وهو زيادة حرف ساكن على ما آخره سبب خفيف ليصبح فعلاتان (///./..) .
والقول بأن فاعلاتن (/.//./.) دخلها الخبن ثم الوقص ثم التسبيغ ثم القبض فأصبح مفاعلن (//.//.) إلا أنه في غاية التكليف .

دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 363

وهو كما ترى مجرد تهرب من القول باستقلالية وزن السلسلة لا غير وهذا ما نرفضه ، وعلى فرض القبول فإن الرمل ذو ستة تفعيلات وهذا يحتوي على ثمانية تفعيلات والواقع يملي علينا القول بأن وزن السلسلة من الأوزان المستحدثة .
ومن كل ما قدمناه يتضح عدم ترابط وزن الدوبيت بالسلسلة ومجرد التشابه في بعض التفعيلات لا يوجب القول بالاتحاد فتأمل .

2 ـ الرجز :

لقد ذهب أحد الكتاب(1) إلى أبعد من ذلك حين حدد وزن الدوبيت بالرجز بعدما أكد أنه يأتي على « فعْلن متفاعلن فعولن فعْلن » والذي يعادل :
مفعـولُ مفاعلن فعـولن فعـلن
/././ //.//. //./. /./.

وأما كيف أرجعه إلى الرجز فهو ما يدعو إلى الغرابة حيث قال : « فلو أننا تجاوزنا المقطع الأول من كل شطر لكانت البقية على زنة الرجز ، فلو أجرينا التقطيع والوزن على النحو التالي في قول الشاعر :
أصبحت متيمـاً حزيناً بالِ
(فع) مستفعلن متفعلن مفعولن

فبدون المقطع الأول (اص) يكون لدينا ثلاث تفعيلات محوّرة تحويراً مقبولاً من وزن الرجز أصلها مستفعلن مستفعلن مستفعلن (/././/.) وهنا لا بد أن نتساءل : فما شأن هذا المقطع الأول الذي أسقطناه من الميزان ؟ هذا المقطع ظاهرة عروضية معروفة في العروض العربي في باب العلل التي تجري مجرى الزحاف وتسمى خزماً ... »(2) .
ويرد عليه أمور :
1 ـ إن تقطيعه للشطر غير صحيح فإنه جاء كالآتي :

(1) هو عز الدين إسماعيل (القرن 15 هـ) مؤلف كتاب الشعر القومي في السودان .
(2) الشعر القومي في السودان : 160 .
دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 364

(اص) بَحْتو مُتَيْيمَنْ حَزينَنْ بالي
(/.) /./. //.//. //./. /./.
(فا) فعلن مفاعلن فعولن فعلن

2 ـ إن بعد حذف السبب الخفيف من أول مستفعلن (/././/.) يصبح تفعْلن (/.//.) فينقلب الى فاعلن (/.//.) وليس مستعلن (/.///.).
3 ـ إن الخزم وهو إضافة سبب خفيف (/.) على صدر الشطر كما استخدمه عدد من الشعراء القدامى لا يلزم الشاعر الإتيان به في تمام القصيدة كما هو الحال في الدوبيت حتى يعتبر شيئاً طارئاً .
4 ـ إن أي وزن من الأوزان لا بد وأن يكون لبعض تفعيلاته ـ على الأقل ـ ظهور في البيت ، فلو كان من الرجز لسلم بعض تفعيلاته من الزحاف والعلة ولكننا لم نجد لتفعيلة (مستفعلن) ظهوراً في الدوبيت ، وهذا ينافي القول بأنه من أوزان الرجز .
5 ـ إن قوله حور تحويراً قليلاً لا يصدق على دخول مثل هذه الزحافات والعلل على كل تفعيلاته .
والحقيقة أن التهرب من الواقع وعدم القول بأنه الدوبيت وزن مستقل عن أوزان الخليل استحدث بعده هو الذي جعل العديد من المتحدثين عنه يتكلفون بما لا يرضى النفس .

أنواع الدوبيت وتطوره :

إن أدباء العرب وشعراءهم تفننوا في القالب الشعري من الدوبيت وطوروه حتى أصبحت له أنواعٌ مختلفة أورد الهاشمي خمسة منها وهي : الدوبيت المعرج : وهو القالب الشعري الطبيعي للدوبيت حيث تتحد فيه قوافي الشطر الأول والثاني والرابع ويترك الثالث منفرداً كالأعرج ومثل لذلك بقول الشاعر :
يا من هجا المحبَ عمداً وسلا
ورماه على اللظى قتيلا وسلا

دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 365

ما القول إذا سُئِلت عن قتله
يا قاتلـه بأي ذنب قتـلا

والأنواع الأربعة هي : الخالص ، الممنطق ، المرفل ، والمردوف(1) .
وأما الشيبي فقد توسع في ذلك وزعها على شكل آخر نذكرها كما أوردها ولكن بالإجمال دون الدخول في التفاصيل لأنها خارجة عن موضوعنا :
1 ـ أشكال القوافي التقليدية :
أ ـ السليم .
ب ـ السلم الدائر .
جـ ـ السليم الدائر المحشو .
د ـ السليم التام التجنيس .
هـ ـ السليم المزدوج التجنيس (الخاص) .
و ـ الأعرج .
2 ـ أشكال مما تصرف في مصاريعها :
أ ـ الممنطق .
ب ـ المرفل .
جـ ـ المردون .
د ـ المستزاد (الطويل) .
3 ـ أشكال الدوبيت باعتبار البحر :
أـ القصيد الدوبيتي .
ب ـ القصيد الدوبيتي المستزاد .
جـ ـ المرشح الدوبيتي .

(1) ميزان الذهب : 145 .
دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 366

د ـ مجزوء الدوبيت(1) .
وكل هذه الأنواع لا يهمنا هنا إلا القالب العروضي منه ، وأما القالب الشعري فسيأتي في محله(2) إن شاء الله تعالى .
وما يهمنا من هذه الأقسام هو القسم الثالث وهو أشكال الدوبيت باعتبار البحر ، فأما الموشح منه فموكول إلى محله(3) ، وأما القصيد الدوبيتي المستزاد فقد فصلنا الحديث عنه في مكان آخر(4) فلا نعيده ، ويبقى مجزوء الدوبيت الذي أشرنتا إليه فيما سبق من هذا الفصل وسنورد بعض العينات منه هنا إكمالاً للبحث ، وأخيراً القصيد الدوبيتي الذي هو موضوعنا الرئيسي الذي فتح هذا الفصل لأجله فقد تحدثنا بما فيه الكفاية فلا بد من سرد بعض عينات منه هنا ، وقبل ذكرها لا بأس بتعريفه بما يزل الغموض .
فالقصيد الدوبيتي : هو الذي نعبّر عنه وعن مجزوئه بالقالب العروضي للدوبيت فالقصيد الدوبيتي هي القصيدة التي التزمت من الدوبيت وزنها فقط ، ولم تنقاد لسائر الشروط المناطة في القالب الشعري والتي من أهمها الالتزام بكونها أربعة أشطر وباتحاد القوافي من الشطر الأول والثاني والرابع ليكون البيت الواحد منه ثمانية تفعيلات وتتحد القافية في كل القصيدة أي في التفعيلة الثامنة .
وأما مجزوءه فهو كالتام منه إلا أنه حذفت منه التفعيلتان الرابعة والثامنة ليصبح مركباً من ست تفعيلات ، والتزم باتحاد القافية في التفعيلة السادسة في كل القصيدة حاله حال كل مجزوء من الأوزان الخليلية .
ومن قصيد الدوبيت قول الشاشي(5) التزم فيها الجناس .
الدمع دماً يسـيل من أجفانـي إن عشتُ مع الفراق ما أجفاني

(1) راجع ديوان الدوبيت في الشعر العربي : 99 ـ 105 .
(2) راجع مقدمة باب ديوان الشعر الرباعي (المربع) من هذه الموسوعة .
(3) راجع مقدمة باب ديوان الموشحات من هذه الموسوعة .
(4) راجع مقدمة باب ديوان المتفرقات من هذه الموسوعة .
(5) الشاشي : هو عبد الله بن محمد بن أبي بكر (482 ـ 528 هـ) .
دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 367

قد ودّعني الحب وقد خلاني ما يـؤنسني أهلي ولا خلاني
سجني همّي وهمني سجّاني والعاذل بالملام قـد سجّـاني
والذكر لهم يزيد من أشجاني والنوح مع الحمام قد أشجاني
ضاقت ببعاد منيتي أعطاني والبينُ يدَ الهموم قد أعطاني(1)

ومثال المجزوء منه قول ابن القطان(2) :
يا مـن هُجرت ولا تبالي هل ترجع دولة الوصالِ
ما أطمع يا عـذاب قلبي أن ينعـم في هواك بالي
الطرفُ كما عهدت باكٍ والجسم كما تـرين بالٍ
مـا ضرّك أن تُـعلليني في الوصل بموعدٍ محالٍ
أهواك وأنت حظّ غيري يا قـاتلتي فما احتيالي(3)

وفي نهاية المطاف عن الدوبيت لا بد من الإشارة إلى أنه دخل الدوبيت في الأدب الحسيني منذ القرن السادس الهجري(4) أو قبله بقليل وسيأتي الحديث عن أثره في الأدب الحسيني(5) .

(1) ديوان الدوبيت في الشعر العربي : 102 .
(2) ابن القطان : هو أبو القاسم هبة الله بن الفضل بن عبد العزيز (478 ـ 558 هـ) . ولد في بغداد ، كان مغرم بهجاء المتعجرفين ، له ديوان شعر ؛ وله كتاب العروض ، وكان طبيباً .
(3) ديوان الدوبيت في الشعر العربي : 104 .
(4) راجع ديوان القرن السادس المقطوعة برقم : 122 .
(5) راجع خاتمة المطاف من ديوان القرون .

السابق السابق الفهرس التالي التالي