دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 188

الصخرة ولا تجعلها في البناء لئلا تسرق ، وكلما جاء أحد يطلعونه عليها (1)، وهي من الرخام ، يميل لونها إلى الصفرة ، مربعة الشكل بحجم 18 × 18 سانتيمتراً وكتابتها بثلاثة أسطر (2) .
وقد بنوا عليه قبة صغيرة ثم شيد المرقد في أواخر العهد العثماني في العراق (3)، ثم وسع المرقد عام 1387 هـ وشيد من جديد فبنوا عليه قبة أكبر من الطابوق ارتفاعها بحدود تسعة أمتار ومساحة حرمه يبلغ خمسة أمتار في خمسة أمتار وعلى قبره شباك من الخشب علي بردة خضراء وكانت على قبره لوحة كتب عليها : « هذا قبر بكر بن علي بن أبي طالب ، أمه ليلى بنت مسعود بن خالد التميمية » (4) .
وينقل البراقي (5)عن الحلي (6)بعض الكرامات للمرقد فيقول : « إن على نهر التاجية في طريق الحلة على ذي الكفل (7) على مسافة سبعة أميال عن الحلة قبر عليه قبة صغيرة قديمة وله أرض زراعية وقف عليه بيد قوامه ، واتفق أن رجلاً حلياً التزم هذه الأرض الوقف من حكومة الأتراك واغتصبها

(1) راجع هامش مراقد المعراف : 1/ 196ـ 199 عن ما جاء في « هامش النفحة العنبرية » .
(2) هامش مراقد المعارف : 1/ 197 من مشاهداته ويقول إن الصخرة عند سدنة المقام .
(3) إنتهت السيطرة العثمانية على العراق بسقوط بغداد على يد الجنرال مود الإنكليزي عام 1335 هـ .
(4) هامش مراقد المعارف : 1/ 198 تحقيق محمد حسين حرز الدين من مشاهدته .
(5) البراقي : هو حسين بن أحمد بن إسماعيل الحسني النجفي ولد في النجف سنة 1261 هـ مؤرخ نسب إليه العديد من المؤلفات منها تاريخ الكوفة ، توفي بتاريخ 1332 هـ في قرية اللهيبات إحدى قرى الحيرة .
(6) الحلي : هو محمد حسين ، هناك حسينان حليان أحدهما الشيخ حسين بن علي الحلي البصير المعروف بابن زكوم المتوفى عام 1329 هـ وهو أديب بارع ، والثاني هو الشيخ حسين بن علي الحلي النجفي المتوفى سنة 1394 هـ وهو من أعلام النجف وكان إماماً للجماعة في الصحن العلوي الشريف ، ويظهر من وصف البراقي له بعالم ثقة يحتمل انه أراد الثاني .
(7) ذو الكفل : إختلف في اسمه ، منهم من قال إن اسمه عويدايا بن إدريم ، ومنهم من قال إنه بشر بن أيوب النبي المبتلى ، وقيل يهوذا بن يعقوب بن أسحاق النبي ، ورد ذكره في القرآن .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 189

من قوامه وزرعها فأصيب بنكبة عظيمة ، ثم صار كل من يلتزم هذه الأرض العائدة للقبر يصاب بنكبة فتجنبها الناس وحكومة الأتراك (1).
وسدانة هذا المرقد بيد قبيلة عزة (2) والتي تسكن الشمال الغربي من مدينة الحلة (3).
وأما من احتواه القبر بهذا الاسم لم نعثر عليه في كتب السير والتاريخ والتراجم ، ولعله أراد ببكر أبا بكر بن علي بن أبي طالب المختلف في اسمه ، فقيل اسمه عبد الله (4) وقيل اسمه محمد (5)وقيل عبيد الله (6) وقيل لم يعرف اسمه (7) ، كما اختلف في امه فقيل : امه ليلى بنت مسعود بن خالد الدارمية (8) ، وقيل ان امه أم ولد (9) ، كما ولقب بالأصغر على القولين في اسمه محمد (10)أو عبد الله (11) فالأول في قبال محمد بن الحنيفة ، والثاني في قبال عبد الله أخ العباس ابن أم البنين ، وقد فصلنا القول في ترجمة الانصار ، وتوصلنا إلى أن أبا بكر هو عبد الله الأصغر والذي أمه ليلى بنت مسعود النهشلية (12) ، وقد ذكرنا أنه حضر كربلاء واستشهد مع الإمام الحسين عليه السلام .
هذا وجاء في اللوحة التي كانت على القبر عدة أمور :

(1) هامش كتاب مراقد المعارف : 1/ 198 عن هامش النفحة العنبرية للبراقي .
(2) عزة : عشيرة عربية إستوطنت العراق وانتشرت في ديالى وكركوك والحلة وبغداد والكوت والعمارة ، أصلها من أرض ( السراة ) بين الحجاز واليمن ، وهم أولاد عمرو ابن معدي كرب الزبيدي الصحابي ، فعزة من زبيد الأصغر .
(3) هامش مراقد المعارف : 1/ 197 .
(4) مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 28 كما في أنصار الحسين : 135 .
(5) مقتل الحسين للمقرم : 263 .
(6) بحار الأنوار : 42 / 74 عن كتاب العدد القوية .
(7) مقاتل الطالبيين : 91 .
(8) أنصار الحسين : 135 .
(9) هامش مقتل الحسين للمقرم : 263 عن صفوة الصفوة : 1/ 119 .
(10) في بحار الانوار ج 42 / 74 ، عن العدد القوية وصفوة الصفوة كونه محمد الأصغر .
(11) ناسخ التواريخ من حياة الإمام الحسين : 2/ 332 ـ 337 كونه عبد الله الأصغر .
(12) راجع ترجمة عبيد الله وعبد الله الأكبر وعبد الله الأصغر ومحمد الأصغر وأبي بكر أبناء علي عليه السلام في ترجمة الأنصار الهاشميين من هذه الموسوعة .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 190

1ـ كتب باسم « بكر » .
2ـ لقب بالهاشمي وهو غير متعارف عليه .
3ـ ذكر أنه مات ، والغالب أن يقال عنه « قتل » .
4ـ أنه مات عام ستين للهجرة .
ويتبين من هذا كله أنه ليس بأبي بكر بن علي بن أبي طالب عليه السلام ولعل احتمال التصحيف في كل هذا جار ، أما الأول فيحتمل سقوط كلمة « أبو » من أوله لكثرة الاستعمال كماهو متعارف ، وأما تلقيبه بالهاشمي فليس بخطأ وإن كان المتعارف لدى القول عنهم بني هاشم أو آل أبي طالب ، وأما أنه استعمل كلمة مات فإنه يستخدم في المقتول والمتوفى بالموت الطبيعي ، وأما كونه قد مات في سنة ستين للهجرة والذي لا يطابق حادثة الطف التي وقعت عام 61 هـ فلعله من الخلاف الواقع في سنة استشهاد الإمام الحسين عليه السلام بين 60 و 61 هـ والذي يعزى سببه إلى كونهم حديثي العهد بالتأريخ بالسنة الهجرية على تفصيل مر في محله (1).
ومع هذا فلا يمكن البت بأنه هو أبو بكر ابن الإمام أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السلام .
وقد احتمل حرز الدين أنه كان مع الإمام الحسين عليه السلام وقاتل حتى جرح وهو على فرسه فأخذه الفرس إلى هذا المكان ، ولكنه ألقى الاحتمال بصورة الترديد والاستفهام حيث قال : « هل من الممكن أن ذهب به فرسه جريحاً من الميدان في طف كربلاء وسقط قتيلاً هنا واقبر في هذه البقعة » (2).
وهذا الاحتمال غير وارد إطلاقاً حيث لم يذكره أرباب المقاتل ولم يرد له ذكر بل انهم أكدوا استشهاده في واقعة الطف ، ولو كان لبان عند دفن الإمام زين العابدين عليه السلام بمعاونة بني أسد الجثث الطاهرة ولحدده الإمام السجاد عليه السلام كما حدد غيره .
ولعل المرقد لغيره من الصلحاء والأولياء فوقع خطأ في تاريخ الوفاة فأحدث هذا اللبس والله العالم .

(1) راجع تحقيقات تاريخية في النهضة الحسينية من هذه الموسوعة .
(2) مراقد المعارف : 1/ 200 .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 191

وعلى كل فقد جدد بناء الحرم عام 1412 هـ وأضيف إليه عدد من الأروقة ، كما بني له إيوان عام 1416 هـ وأصبح على الشكل التالي :
1ـ يقع الضريح على الجانب الشمالي من الحرم وعليه شباك مصنوع من الحديد المطعم بالألمنيوم (1)ومساحته تبلغ 5 ، 1 × 2 متراً بارتفاع 5 , 2 متراً ، واجهته مؤلفة من ثلاثة شبابيك كتب عليها سورة الحمد ، وقد خصص الشباك الغربي منها كمدخل للضريح ، وعلى زاويتي الضريح رمانتان من الابرونز الأصفر ، كما تعلو الضريح مقصورة أصغر حجماً منه ، وعلى زواياها رمانات من الابرونز الأصفر أيضاً ، وتطل على الضريح ثريا عادية ، وأما الجدار المحيط بالضريح فهو من الطابوق المطلي بالإسمنت كتبت عليه أسماء الأئمة الأطهار ، كما تحيط بالقبر ستة أعمدة من الطابوق .


(1) الالمنيوم : ( Aluminum) منها رمزه بالاجنبي ( AL) وهو معدن ابيض خفيف مّوصل جيد للحرارة والكهرباء ، كثير الاستعمال في الاواني المنزلية والابواب والشبابيك وغيرها وهو جسم بسيط .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 192

2ـ بلغت مساحة الحرم بعد إضافة الأروقة الثلاثة إليه 16م × 16م .


3 ـ استحدثت الاروقة الثلاثة كما سبق وذكرنا عام 1412 هـ ، خصص اثنان منها للنساء وواحد منها للرجال وهي محيطة بالجهات الثلاث من الحرم ، أما رواق ـ أو مسجد ـ الرجال فيقع على يمين المرقد وهو مؤثث بالطنافس وفيه محراب ، وأما الذي على اليسار فقد خصص للنساء ، وأما الثالث منها فيقع على جهة الشمال .

دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 193


4ـ تتقدم المرقد طارمة ( إيوان ) صغيرة تقع بني مسجدي الرجال والنساء ومنها يدخل الزائرون إلى الحرم ، ولكن مساحتها أقل من مساحة الأروقة ( المساجد الثلاثة ) ، ومدخل الطارمة إلى الحرم عن طريق باب خشبي طوله متران وعرضه متران ونصف ، وتعلو هذا الباب آية قرآنية كتبت على القاشاني الكربلائـي وهي : « بسم الله الرحمن الرحيم ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون »1417 هـ ، السلام عليك يا من فدى لأخيه الحسين بنفسه ، السلام عليك أيها الشهيد أبو بكر بن علي بن أبي طالب » ، وقد كتبت على جانبي هذا الباب زيارة لصاحب المرقد على القاشاني الكربلائي تبرع بالتي على اليمين الحاج جابر بن كاظم الرماحي ، وبالتي على اليسار الحاج حسين .

دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 194


5ـ يحيط بالروضة صحن طوله 60 متراً وعرضه 40 متراً ليكون مجموع مساحة المرقد بما فيه الروضة والأروقة والأيوان ( 240 ) متراً مربعاً ، وفي الصحن غرفتان إحداهما لسادن المرقد والأخرى اتخذت مخزناً للأثاث تقعان في شمال الصحن ، وأرضية الصحن قسم منها مبلط بالموزائيك (1) والقسم الآخر بالكونكريت (2) المسلح ، وفي جهة الغرب ( يسار المرقد ) طارمة كبيرة لجلوس واستراحة الزائرين للمراقد ، كما يقع في شمال الصحن

(1) موزاييك : معربة كلمة ( Mosaic WorIk) الإنكليزية ومعناها فسيفساء ، وهي قطع صغيرة من الزجاج والحجر الملون تثبت بعضها إلى جانب بعض فوق الجص أو الإسمنت بحيث تشكل رونقاً معيناً ، وكان للإغريق ثم الرومان شهرة خاصة به ، إستخدم في العراق في صناعة بلاطات الأرضيات الإسمنتية .
(2) الكونكريت : (Concrete) كلمة إنكليزية وتعني خليط من مواد متعددة ومتصلبة وترجمتها العربية الخرسانة وهي خلطة من الماء والحصى والرمل والإسمنت ، وإذا ماوصف بالمسلح فيعني إستخدام شبكة حديدية بغرض استحكامه .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 195

المرافق الصحية ، والداخل إلى الصحن من الشارع يمر عبر مدخل مبني من الطابوق ، كما يحيط بالمرقد من الداخل كتيبة من الآيات القرآنية على القاشاني الكربلائي المعروف .

6ـ توجد إلى جوار المرقد أربعة دور سكنية لخدام المرقد .
7 ـ سدانة المرقد الآن (1)بيد السادن جاسم بن زيدان بن حسان العزة خلف أخاه السادن قاسم وهو بدوره خلف أباه زيدان .
8ـ نص الزيارة كالتالي :
بسم الله الرحمان الرحيم ، السلام على آدم صفوة الله ، السلام على نوح نبي الله ، السلام على إبراهيم خليل الله ، السلام على عيسى روح الله ، السلام على إسماعيل ذبيح الله ، السلام على محمد صلى الله عليه وآله وسلم حبيب الله ، السلام على علي أمير المؤمنين وصي رسول الله ، السلام على فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين بنت رسول الله ، السلام عليكما يا سبطي الرحمة وإمامي الهدى الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة ، السلام عليك يا علي بن الحسين زين

(1) أي حتى عام 1418 هـ .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 196

العابدين ، السلام عليك يا محمد الباقر ، السلام عليك يا جعفر الصادق ، السلام عليك يا موسى الكاظم ، السلام ياعلي الرضا ، السلام عليك يا محمد الجواد ، السلام عليك يا علي الهادي ، السلام عليك أيها الحسن العسكري ، السلام عليك أيها (1)الحجة المهدي المنتظر عجل الله فرجه ، السلام عليك أيها السيد الزكي الطاهر الصفي يابن علي المرتضى ، السلام عليك أيها العبد الصالح المطيع لربك ولرسوله ولأبيك أمير المؤمنين ، السلام عليك يا بكر (2)بن علي أشهد أنك سقطت شهيداً مضرجاً بدمك الطاهر (3)مع أخيك الحسين بيوم كربلاء ، عرف الله بيننا وبينك بالجنة وحشرنا معكم أهل البيت صلواته عليكم ورحمة الله وبركاته » (4).
وجاء في آخر اللوحة اليمنى : « المتبرع المحروس الحاج جابر كاظم الرماحي » بينما جاء في آخر اللوحة اليسرى : « الفاتحة على روح المرحوم حجي (5) حسين مؤنس ... » .

(1) في لوحة الرماحي : « السلام على الحجة المهدي ... »
(2) في لوحة الرماحي : « يا أبو بكر ... »
(3) في لوحة الرماحي : لا توجد كلمة « الطاهر » .
(4) ويبدو أن من صاغ هذه الزيارة اخذ مقاطع منها من زيارة الوارث وسائر الزيارات الاخرى واضاف اليها ما يناسب المقام .
(5) حجي : مخففة حاجي لهجة دارجة في العراق تستخدم بدل « الحاج » .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 197

(6)
بيت فاطمة
(مولد الحسين)

عندما بنى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم المسجد النبوي في نهاية العام الأول للهجرة (1)في المدينة بنى على زاويته الشرقية الجنوبية بيته ، ثم بنى فيما يليه وإلى جهة الشمال بيتاً يؤوي علياً وفاطمة عليه السلام ، وكانت مساحته على ما ذكره البتنوني (2) كالتالي : طوله الجنوبي 5, 14 متراً والشمالي 14 متراً وعرضه من جهتي الغرب والشرق حوالي 7,5 متراً (3)، ولكنه حدد بيتها في تخطيطه بعرض 25 و 7 متراً وبطول تسعة أمتار ، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتهجد خلف بيت فاطمة عليها السلام من جهة الشمال عند الأسطوانة التي سميت باسطوانة التهجد (4) ، وما بين البيتين خوخة (5) وفي هذا البيت

(1) عمارة المساجد : 28 .
(2) البتنوني : هو محمد لبيب ، أديب ومؤرخ ورحالة مصري توفي في القاهرة عام 1357 هـ ( 1938 م ) من آثاره : الرحلة الحجازية ، رحلة الصيف إلى أوروبا ، الرحلة إلى أمريكا ، ورحلة الأندلس .
(3) مدينة شناسي: 81 عن الرحلة الحجازية للبتنوني : 327 حيث يقول : فطولها أي مقصورة فاطمة الزهراء من الجنوب 14 متراً ونصفاً ومن الشمال 14 متراً فقط ومن الشرق و الغرب سبعة أمتار ونصف ، وهي تتصل بالمقصورة الكبرى من الداخل ببابين وجاء في وفاء الوفا : 2/ 466 عن ابن أبي مريم : « إن عرض بيت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الأسطوانة التي خلف الأسطوانة المواجهة ( الزور ) ، قال وكان بابه في المربعة التي في القبر » .
(4) وفاء الوفا : 2/ 467 وكان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يأتي خلف بيت فاطمة ويتهجد عند هذه الأسطوانة ، راجع نزهة الناظرين : 148 .
(5) وفاء الرفا : 2/ 466 وقد روى باسناده عن عيسى بن عبد الله عن أبيه ان بيت فاطمة رضي الله عنها في الزور الذي في القبر بينه وبين بيت النبي صلى الله عليه آله وسلم خوخة ، وسماها =
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 198

عرس (1)علي عليه السلام (2) عند الأسطوانة والتي عند محرابها عليها السلام (3) وذلك في نهاية عام اثنين عام اثنين للهجرة (4) ، وفيه ولد السبطان الحسن والحسين عليهم السلام وزينب عليها السلام وأم كلثوم عليها السلام ، وبين بيت فاطمة عليها السلام وبيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم كوة (5) سألت فاطمة عليها السلام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أن يسدها بعدما علمت أن عائشة اطلعت على أخبار بيتها من خلالها ، فسدها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم (6) تلبية لرغبتها ، وكان لبيت علي وفاطمة منفذ إلى

= غالي الشنقـيطي بخـوخة علي علـيه السلام ، راجـع بيوت الصحابـة : 178 ، والخوخة كـما في القاموس : 1/ 512 « مخترق ما بين كل دارين » والمراد هنا هو الفاصلة بين البيتين كالممر فكان باب دارها منه ، ويؤيد أن المراد بالخوخة الممر ما جاء في كتاب البينات للشيخ عبد القادر المغربي في وصفه لقصور الفاطميين بالقاهرة ، حيث يقول : « وبين باب الديلم ( جامع الحسين ) وتربة الزعفران (خان الخليلي ) الخوخ السبع التي يتوصل منها الخليفة إلى الجامع الأزهر في ليالي الوقدات فيجلس بمنظرة الجامع ومعه حرمه ، فيشرف منها على الجموع المحتشدة ، ويشاهد الوقيد والزينة » وقال : « الخوخ جمع خوخة وهي مخترق ما بين دارين لم ينصب عليه باب فقد كان موضع جامع الحسين باباً للقصر ، وخان الخليلي باباً آخر وكان بين البابين منافذ ومسالك سبعة ـ هي الخوخ ـ ينفذ الخليفة إلى الجامع الأزهر من أيها شاء » مجلة الزهراء القاهرية العدد : 1 السنة : 2 الصحفة : 27 ألتاريخ : 15 محرم هـ .
(1) جاء في كتاب فاطمة الزهراء من المهد إلى اللحد : 188 « إن علياً عرس بفاطمة عليها السلام في بيت حارثة بن النعمان ثم بنى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لهما بيتاً ملاصقاً لمسجده » .
(2) وفاء الوفا : 2/ 466 .
(3) وفاء الوفا : 2/ 469 ، وعبر اليماني في كتابه انها فاطمة : 172 « انه عرس بها الى الاسطوان الذي إليه المحراب الموجود اليوم في بيتها » ، ويظن من التخطيط المرفق به ان مكان التعريس كان ما بين محراب فاطمة ومحراب التهجد ، فإذا ما قلنا بأن بيت فاطمة يشمل الدكة التي الى جهة الشمال فمعنى ذلك ان مكان التعريس هو خلف محراب التهجد الذي هو موجود الآن في هذه الدكة والله العالم .
(4) ولعل بناء البيت كان في السنة الثالثة من الهجرة ، وقد اختلف الرواة في تاريخ زواجهما ، أشهرها ثلاثة أقوال : 1ـ 21 محرم 3هـ ، 2 ـ أول ذي الحجة أو السادس منه ، 3ـ بعد رجوعه من بدر بأيام وذلك في شهر شوال من السنة الثانية .
(5) الكوة : الخرق في الحائط وهو بمنزلة الشباك والفتحة التي يأتي منها الضوء .
(6) جاء في وفاء الوفا : 2/ 466 بالإسناد إلى عمر بن علي بن عمر بن علي بن=
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 199

المسجد النبوي كما وردت بذلك الأحاديث المتواترة (1) وكان لبيتها باب إلى الجنوب في الخوخة التي بين بيت الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وبيتها ، وكانت فاطمة تستر الباب في بعض الأحيان بساتر (2) .
وكانت مواد البيت الفاطمي العلوي وهندسته بسيطة كالبيت النبوي حيث بني من اللبن والجريد ومسوح (3) الشعر وذلك لرواية داود بن قيس (4)قال : رأيت الحجرات من جريد النخل مغشى من خارج بمسوح الشعر وأظن عرض البيت ـ النبوي ـ من باب الحجرة إلى باب البيت نحواً من ست أو سبع أذرع (5) وأحرز (6) البيت الداخل عشر أذرع (7) وأظن سمكه بين الثمان (8)

= الحسين عليه السلام قال : كان بيت فاطمة في موضع الزور مخرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكانت فيه كوة إلى بيت عائشة فكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا قام إلى المخرج اطلع من الكوة إلى فاطمة فعلم خبرهم وإن فاطمة رضي الله عنها قالت لعلي : إن ابنيّ أمسيا عليلين فلو نظرت لنا ادماً «أرادت زيتاً » نستصبح به « يستضاء به » فخرج علي الى السوق فأشترى لهم أدماً ، وجاء به الى فاطمة فاستصبحت ، فدخلت عائشة المخرج في جوف الليل فأبصرت المصباح عندهم وذكرت كلاماً وقع بينهما فلما أصبحوا سألت فاطمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يسد الكوة فسدها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
(1) راجع فضائل الخمسة من الصحاح الستة : 2/ 167 .
(2) وفاء الوفا : 2/ 467 وهذا هوالباب الذي كان يقع على الخوخة أي من جهة الجنوب وكان يأتي الرسول صلى الله عليه واله وسلم عند صلاة الصبح ويأخذ بعضادتي الباب ويقول: السلام عليكم يا أهل البيت أو يقول : الصلاة الصلاة الصلاة إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا « راجع وفاء الوفا » .
(3) المسوح : الكساء من الشعر .
(4) داود بن قيس : الفراء الدباغ المدني مولى قريش روى عن مجموعة من الرواة منهم زيد بن أسلم ، كما روى عنه مجموعة منهم أبو داود الطيلساني ، مات في ولاية أبي جعفر المنصور ( 136 ـ 158 هـ ) .
(5) أي ما يقرب من ثلاثة أمتار ونصف .
(6) أحرز : متكلم من حزر الشيء إذا قّدره بالحدس .
(7) أي طوله ما يقرب من خمسة أمتار .
(8) أي أن عرضه ما يقرب من أربعة أمتار ، وجاء في نزهة الناظرين : 183 نقلاً عن ابن النجار ان ضلع الحجرة مما يلي القبلة من الغرب الى الشرق عشرة اذرع وثلثي ذراع ومما يلـي الشام أحـد عشرة ذراعاً وربـع وسدس ، ومن الجانبين الشرقي والغربي سبعة اذرع ، وجاء في مرآة الحرمين : 1/ 473 كما في وفاء الوفا : 2/ 561 =
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 200

والسبع (1).
ويقول الحسن البصري (2): كنت أدخل بيوت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنا غلام مراهق وأنال السقف بيدي وكان لكل بيت حجرة وكانت حجره من أكيسة (3) من خشب عرعر (4) (5) .
وقال الهذلي (6) : رأيت منازل أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم حيث هدمها عمر بن عبد العزيز (7)وهو أمير المدينة في خلافة الوليد بن عبد الملك (8) وزادها في المسجد ، كانت بيوتاً مبنية باللبن ولها حجر من جريد عددت تسعة أبيات بحجرها (9)ورأيت أم سلمة وحجرتها من لبن .
وقال عطاء الخراساني (10) : أدركت حجر أزواج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من جريد النخل على أبوابها المسوح من شعر (11) .

= ان ضلع الحجرة الجنوبية من الداخل 3/1 ,10 اذرع وضلعها الشمالية 12/ 5 , 11 اذرع ، وطول كل من الضلعين الشرقية والغربية 8/ 5 , 7 اذرع .
(1) بيوت الصحابة : 22 عن الأدب المفرد للبخاري باب التطاول في البنيان : 45 .
(2) الحسن البصري : هو ابن يسار مولى زيد بن ثابت الأنصاري ولد في المدينة سنة 21 هـ ، كان من علماء البصرة ورواتهم ، تتلمذ على ابن أبي العوجاء ، إستكتبه الربيع ابن زياد والي خراسان في عهد معاوية ، توفي في البصرة سنة 110 هـ .
(3) اكيسة : جمع كساء وهو ما يغطي الشيء ، ومنه سمي الثوب كساء حيث يغطي الجسم .
(4) عرعر : خشب شجرة السماسم والتي تسميها الفرس بالسرو وهي نوع من الصنوبريات تصلح للزينة والأحراج ـ خشب التابوت ـ .
(5) بيوت الصحابة : 22 عن خلاصة الوفاء : 278 .
(6) الهذلي : هو عبد العزيز بن يزيد ويكنى بابن قنطس .
(7) عمر بن عبد العزيز : بن مروان بن الحكم الأموي تولى الامارة في ربيع الأول سنة 87هـ في زمن الوليد بن عبد الملك وهو ابن خمس وعشرين سنة وعزل سنة 93 هـ ، تولى الحكم سنة 99 هـ وتوفي سنة 101 هـ .
(8) الوليد بن عبد الملك : سادس من حكم من بني أمية ، ولد سنة 48 هـ ، حكم ما بين سنة 86 ـ 96 هـ ، جدد بناء الجامع الأموي ، مات بغوطة دمشق .
(9) الوفا بأحوال المصطفى : 1/ 406 .
(10) عطاء : هو ابن أبي مسلم الخراساني مولى المهلب بن أبي صفرة الأزدي ، سكن الشام ، من الرواة ، ولد سنة 50 هـ وتوفي سنة 135 هـ .
(11) الوفا بأحوال المصطفى : 1/ 406 .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 201

ومن كل ما قدمناه تبين أن الأبعاد التقريبية لبيت فاطمة وعلي عليهم السلام كانت على الشكل التالي الضلع الجنوبي 5 , 14 متراً والضلع الشمالي14 متراً وكل من الضلع الشرقي والغربي 5 , 7 متراً ، وارتفاعه متران (1) او أن طوله تسعة امتار وعرضه 25 , 7 متراَ وبنيت حيطانه من الجريد أو اللبنة المطلية بالطين (2)ومسوح الشعر ، وسقفه من جريد النخل (3)وكان مقسماً إلى ساحة وحجرة .
والظاهر أن الحيطان كانت مبنية من الجريد وما نقل من أن حجرة عائشة والتي فيها قبر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كانت مبنية من اللبن فإنه من عمل ابن الزبير (4) أو عمر بن الخطاب حيث أبدل الجريد باللبن .
ويظهر أيضاً ـ مما يذكر بأن باب حجرة عائشة كان مصنوعاً من العرعر(5) وله مصراع واحد (6)ـ ان باب بيت فاطمة عليها السلام كان أيضاً من العرعر وربما كان مؤلفاَ من مصراع واحد أيضاً ، ولعل الجدران من الخارج كانت مطلية بالطين ومسوح الشعر ومن الداخل مكسوة بخشب العرعر .

(1) وقيل ارتفاعه حوالي 5 و 3 ـ 4 متراً .
(2) جاء في وفاء الوفا : 2/4 برواية عبد الله بن يزيد الهذلي قال : رأيت بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين هدمها عمر بن عبد العزيز كانت من لبن ولها حجر من جريد مطرورة بالطين .
(3) ويبدو ان مواد البيت النبوي والعلوي وهندستهما اخذتا من ذات المواد والهندسة التي شيد بها المسجد النبوي حيث يقول الصادق عليه السلام : بنى ـ النبي ـ مسجده بالسميط ـ الطوب ـ ثم ان المسلمين كثروا فقالوا يا رسول الله لو امرت بالمسجد نزيد فيه ؟ فقال نعم ، وامر به فزيد فيه وبنى جداره بالانثى والذكر ثم اشتد عليهم الحر فقالوا يا رسول الله لو امرت بالمسجد فظلك ؟ فقال نعم فأمر به ، واقيمت فيه سوار من جذوع النخل ، ثم طرحت عليها العوارض والخصص والاذخر .... الحديث ـ راجع عمدة الاخبار : 104 ـ .
(4) ابن الزبير : هو عبد الله بن الزبير بن العوام أمه أسماء بنت أبي بكر ، ولد سنة 1هـ ، حضر حرب الجمل إلى صف عائشة ، إستقل بالحجاز والعراق ، قضى عليه الحجاج ابن يوسف الثقفي والي الأمويين على العراق وبذلك عام 73 هـ .
(5) وفي بعض المصادر كان من الصاج .
(6) تاريخ المسجد النبوي الشريف : 167 عن وفاء الوفا : 2/ 542 ، مرآة الحرمين : 1/ 472 .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 202

هذا ويظهر من حديث سد الأبواب المتواتر عند الفريقين ، بالنسبة إلى باب بيت علي وفاطمة عليهما السلام :
1ـ أنه كان لبيتهما باب على جهة الغرب ينفتح على المسجد .
2ـ أن مرورهما وأولادهما كان من المسجد بمعنى أنه لم يكن لهما طريق إلى الخارج إلا عبر المسجد .
وسنختار بعض النصوص من أحاديث سد الأبواب التي فيها نوع من الصراحة بذلك مقتصرين على محل الحاجة :
1ـ « وسد الأبواب إلا بابه في المسجد » (1).
2ـ « سدوا أبواب المسجد كلها إلا باب علي » (2).
3ـ « فإنه سد أبوابنا في المسجد وأقر بابه » (3).
4ـ « سد أبواب المسجد وفتح باب علي » (4).
5ـ « أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بسد الأبواب الشارعة في المسجد وترك باب علي » (5).
6ـ « كان لنفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبواب شارعة في المسجد فقال يوماً : سدوا هذه الأبواب إلا باب علي » (6).
7ـ « سدوا أبواب المسجد غير باب علي فيخل المسجد جنباً وهو طريقه ليس له طريق غيره »(7).
8ـ « ألا لا يحل هذا المسجد لجنب ولا لحائض إلا لرسول الله وعلي

(1) فضائل الخمسة : 2/ 170 عن مسندا أحمد بن حنبل : 2/ 26 ، كنز العمال : 6/ 319 ، أسد الغابة : 3/ 214 .
(2) فضائل الخمسة : 2/ 170 ، حلية الأولياء : 4 / 153.
(3)فضائل الخمسة : 2/ 173 عن مجموع الزوائد : 9 / 115 .
(4)الغدير : 3/ 207 ، تاريخ ابن كثير : 7 / 273 .
(5)الغدير : 3/ 205 عن مجمع الزوائد : 9/ 114 ، وفي الغدير أيضاً : 3/ 206 عن مسند أحمد بن حنبل : 1/ 75 وفتح الباري : 7 / 11وغيرهما « أمرنا رسول الله ... » الحديث .
(6)الغدير : 3/ 202 عن مسند أحمد بن حنبل : 4 / 369 .
(7)فضائل الخمسة : 2/ 169عن مسند أحمد بن حنبل : 1/ 330 .

السابق السابق الفهرس التالي التالي