دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 203

وفاطمة والحسن والحسين » (1).
إذاً فباب بيت علي وفاطمة كان شارعاً إلى المسجد وهذا لا ينافي ما سبق وذكرنا نقلاً عن السمهودي أن لبيت علي وفاطمة باباً من جهة الجنوب شارع إلى الخوخة ، والجمع بين القولين أن لبيتهما بابين ولابد من القول بأن الخوخة لم تكن شارعة إلى غير المسجد كي يتحقق أنه لم يكن لبيتهما باب شارع إلى غير المسجد (2).
وأما ما عرف من باب فاطمة من جهة الشرق والموجود إلى يومنا هذا فهو الباب الشرقي للمقصورة النبوية الشريفة وإنما سمي فيما بعد بباب فاطمة لجواره لبيت فاطمة .
ولعل الباب الجنوبي لبيت فاطمة كان باباَ داخلياً تطل منه إلى بيت أبيها هو البيت الذي خصصه صلى الله عليه وآله وسلم لزوجته عائشة .
وأما الباب الرئيسي لبيت علي وفاطمة وهو الباب الغربي المطل على المسجد (3)فكان موقعه قرب الزاوية الجنوبية الغربية للبيت حيث حدد أن باب بيتهما يقع عند مربعة القبر والتي فيها أسطوانة جبرئيل عليه السلام (4)ـ وهي في الحائز الذي أقامه عمر بن عبد العزيز عند منحرف الصفحة الغربية (5)ـ ويقال لها ايضا : اسطوانة مربعة القبر لأنها في ركن المربعة الغربية الشمالية عند منحرف الصفحة الغربية من الحائز الذي بناه عمر بن عبد العزيز إلى جهة الشمال في صف أسطوانة الوفود بينهما الأسطوانة اللاصقة بالشباك التي

(1) فضائل الخمسة : 2/ 174 عن سنن البيهقي : 7 / 65 .
(2) وهذا لا يعني أن البيت النبوي لم يكن له باب شرقي وإنما الخوخة لم يكن لها باب شرقي ، حيث يقول حمد الجاسر في كتابه المناسك : 376 كما نقله محمد إلياس في كتابه تاريخ المسجد النبوي الشريف : 169 عند تحدثه عن هدم عمر بن عبد العزيز الأموي لبيت عائشة : « ثم أمر عمر بباب بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم الشرقي فبني ثم جعل حول ذلك سوراً وجعله مزوراً لئلا يصلى إليه » .
(3) وهذا الباب هو الذي أخذ منه علي عليه السلام للبيعة والتجأت إليه فاطمة عليها السلام للستر .
(4) قال ابن جبير في رحلته : 151 عن سبب تسميته بإسطوانة جبرئيل : إنه كان مهبط جبرئيل ، وقال : وعليه ستر مسبل ، ولعله كان مكان التقائه بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم .
(5) راجع بيوت الصحابة : 93 عن وفاء الوفا : 2/ 469 .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 204

شرقي أسطوانة الوفود (1).
والحاصل أن الباب المطل على المسجد كان يقع على بعد 75 سم تقريباً إلى جهة الشمال من الزاوية الجنوبية الغربية للبيت .


(1) راجع تاريخ المسجد النبوي الشريف : 133 عن وفاء الوفا : 2/ 450 .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 205

حدود البيت :
وأما عن حدود بيت علي وفاطمة فقال السمهودي : إن بيت فاطمة عليها السلام كان فيما بين مربعة القبر(1)واسطوانة التهجد(2) ، وقالوا أيضاً : شمالي بيت السيدة عائشة (3) ، وذكرت الروايات السابقة : أن باب بيت علي عليه السلام كان شارعاً في المسجد ، وقيل أن حجرة أم سلمة كانت على جهة الشـرق من بيت علي وفاطمة (4) ، فعلم من هذا كله أن بيت علي وفاطمة يحده من الغرب المسجد النبوي ، ومن الشرق حجرة أم سلمة ، ومن الشمال الخوهة الفاصلة بينه وبين حجرة عائشة (5) ، ومن الشمال الطريق المؤدي إلى باب جبرائيل ، وينتهي جدار بيتهما عند أسطوانة التهجد وهو المحراب الذي كان يتهجد ويصلي النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيه .
ومن ناحية أخرى فإن الزاوية الجنوبية الغربية من هذا البيت تقع عند أسطوانة مقام جبرئيل ، كما أن البيت من جهة الشرق يوازي الباب الثاني للمسجد والذي أحدثه عمر بن عبد العزيز عام 91 هـ وسمي بباب علي (6) ثم أبدل فيما بعد بشباك وهو الآن أول شباك على يمين الخارج من باب جبرئيل (7). تركيبة البيت :
بيت علي وفاطمة على ما يظهر من الروايات والتاريخ كان على الشكل التالي :

(1) جاء في بيوت الصحابة : 93 نقلاً من وفاء الوفا : 2/ 469 .
(2) وفاء الوفا : 2/ 469 .
(3) بيوت الصحابة : 93 عن التعريف بما آنست الهجرة : 30 .
(4) راجع بيوت الصحابة : 16 عن كتاب المناسك : 373 كما في رواية محمد بن إسحاق .
(5) ويلي حجرة عائشة حجرة سودة شرقاً .
(6) إنما سمي بباب علي عليه السلام لموازاته لبيته .
(7) بيوت الصحابة : 94 .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 206

1ـ يوجد عند الحائط الجنوبي للبيت محراب فاطمة وعنده أسطوانة وذلك لقول ابن النجار (1) : وبيتها اليوم حوله مقصورة وفيه محراب وهو خلف حجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم (2) ويضيف غيره قائلاً : ويوجد محراب فاطمة أمام محراب التهجد داخل المقصورة ، وهو مبني على الأسطوانة مجوف مرخم شبه محراب النبي صلى الله عليه وآله وسلم (3)، وذلك على بعد أقل من خمسة أمتار من الزاوية الجنوبية الغربية إلى جهة الشرق .
2ـ وتقع خلف بيتهما إلى جهة الشمال على الطريق المؤدي إلى باب جبرئيل أسطوانة التهجد وتسمى محراب التهجد لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يصلي ويتهجد عندها وهو يوازي محراب فاطمة عليها السلام .
3ـ ونستظهر أن بيت علي وفاطمة كان مقسماً إلى قسمين الأول الساحة والثاني الحجرة ، وعادة ما تكون الساحة أمام الحجرة ، وعليه فالداخل من المسجد إلى بيت فاطمة إنما يدخل الساحة أولاً ثم يدخل حجرتها التي نستظهر أنها كانت إلى جهة الشرق من البيت (4) .
4ـ كما نستظهر أن الكوّة كانت تقع إلى جهة الجنوب بعد منتصف البيت في الحجرة (5).
5ـ وربما كان جزء من الساحة مسقفاً لغرض الطحن والخبز ولعله كان إلى جهة الشمال أي في الزاوية الشمالية الغربية والله العالم .
6ـ كما يظهر أن باب بيتها كان مؤلفاً من مصراع مصنوع من خشب العرعر .

(1) ابن النجار : هو محمد بن محمود بن الحسن البغدادي المتوفى عام 643 هـ مؤرخ كاتب له مؤلفات منها : تذييل تاريخ بغداد ، القمر المنير ، الكمال في معرفة الرجال .
(2) أخبار مدينة الرسول: 76 .
(3) مرآة الحرمين : 1/ 470 .
(4) راجع كتاب إنها فاطمة الزهراء : 170 حيث يقول : « كانت حجرتها ـ فاطمة ـ خلف بيت السيدة عائشة في ناحية الباب الذي يقع امام باب جبرائيل وعليه المفتاح ( صورة الغلاف ) » والمراد بالباب هو باب فاطمة الموجود حالياً والذي يقع على جهة الشرق .
(5) راجع كتاب إنها فاطمة الزهراء : 171 .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 207

7ـ كما أن الظاهر أن جدران داخل البيت كانت مكسوة بخشب العرعر .

دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 208

ثم إن أول من بنى مرقد الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم كان عمر بن الخطاب عام 17 هـ عندما وسع المسجد النبوي ورقمه (1)فبنى حجرة عائشة وأبدل الجريد بجدار من لبن ولم يغير شيئاً ، فكانت قائمة على أربعة أضلاع (2)ولم يدخل شيئاً من بيت علي وفاطمة في المسجد ولا في بناء قبر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وكان الجدار الذي بناه قصيراً (3)فـزاد عليه عـبد الله بن الزبير عام 65 هـ (4) .


(1) الترقيم : رقم ، كتب ، ورقم الثوب خططه .
(2) مدينة شناسي 81 .
(3) تاريخ المسجد النبوي الشريف : 168 .
(4) الطبقات الكبرى : 2/ 494 .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 209

ثم إن الوليد بن عبد الملك لما وسع المسجد النبوي ( 88 ـ 91 هـ ) عبر واليه على المدينة عمر بن عبد العزيز ضم (1) بيوت بنات الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وزوجاته ومنها بيت عائشة (2)إلى المسجد وأحاط المرقد النبوي الشريف بأربعة جدران من أحجار سوداء ثم أحاطه بجدار مخمس الشكل (3) كراهة أن يشبه بناء الكعبة (4) ، ووصف السمهودي أبعاد الحائز المخمس بقوله : إن ارتفاع الدائر المخمس من أرض المسجد ثلاثة عشر ذراعاَ وثلثاً (5)، وبين جدار الحجرة والدائر المخمس من جهة الشمال فضاء ، شكله مثلث ، ومساحته نحو ثمانية أذرع (6)وبين جدار البيت الشرقي والجدار الظاهر الشرقي فضاء ، فعند ابتدائه من جهة الشمال نحو ذراع اليد فإذا قرب إلى القبلة يضيق إلى شبر ، وهكذا بين جدار البيت القبلي والجدار الظاهر القبلي فضاء ، أوله من جهة المشرق ذراع ثم أقل من ذلك إلى ملتقى الحائطين في جهة المغرب بحيث يصير نحو شبر ، ولا يوجد فضاء بين الجدار الخارج والداخل من جهة المغرب (7) أما طول جدران الحائز الظاهر من كل زاوية إلى الأخرى من خارجه فطول الجدار القبلي سبعة عشر ذراعاً (8) ، وطول الجدار الغربي من القبلة إلى طرف مقام جبرائيل ستة عشر ذراعاً ونصف ذراع (9) ، وذرع المنعطف من مقام جبرئيل إلى الزاوية الشمالية اثنا عشر ذراعاً ونصف ذراع (10) وطول الجدار الشرقي من القبلة إلى الزاوية التي ينحرف منه

(1) المراد بالضم ان التوسعة للمسجد النبوي في هذه المرة شملت بالاضافة الى الجهات الثلاثة الاخرى الجهة الشرقية بحيث أصبح حدود المسجد من هذه الجهة بعد بيت فاطمة عليها السلام كما هو عليه اليوم .
(2) مدينة شناسي : 82 عن المناسك وأماكن طرق الحج ومعالم الجزيرة : 375 .
(3) مدينة شناسي : 81.
(4) مدينة شناسي : 82 عن الروضة الفردوسية للأقشهري : 376 .
(5) ثلاثة عشر ذراعاً وثلثاً يعادل : 5و6 متراً تقريباً .
(6) ثمانية أذرع يعادل : نحو أربعة أمتار .
(7) وفاء الوفا : 2/ 563 ، مرآة الحرمين : 1/ 473 .
(8) سبعة عشر ذراعاً يعادل : حوالي 5و8 متراَ .
(9) ستة عشر ذراعاَ ونصفاً يعادل : حوالي ثمانية أمتار .
(10) إثنا عشر ذراعاَ ونصف يعادل : حوالي ستة أمتار .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 210

إلى جهة الشمال اثنا عشر ذراعاً ونصف ذراع ، وطول الجدار المنعطف من الجدار المذكور إلى الزاوية الشمالية نحو أربعة عشر (1) ذراعاً (2).
وبعد بناء هذا الحائز الخماسي يكون قد أدخل الجزء الجنوبي الغربي من بيت علي وفاطمة فيه وبقيت بقية البيت من جهة الشمال والشرق خارج الحائز (3).
ولا يخفى أن بيتها اليوم داخل المقصورة كما صرح بذلك ابن النجار وغيره (4).


(1) أربعة عشر ذراعاً يعادل : سبعة أمتار .
(2) وفاء الوفا : 2/ 566 .
(3) راجع التعريف بما آنست الهجرة : 30 .
(4) راجع أخبار مدينة الرسول : 76.
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 211

هذا ونستبعد أن تكون إحاطة عمر بن عبد العزيز للمرقد النبوي بأربعة جدران أن يكون مدارها حجرة عائشة التي دفن فيها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأبو بكر وعمر بل أن مدارها هو بيت عائشة بما فيها الحجرة وذلك لتطابق مساحة هذه الإحاطة المستطيلة الشكل مع مساحة بيت عائشة ، وإلا للزم أن يكون التخطيط على الشكل التالي :


مربعة القبر النبوي الشريف مع الحائز العزيزي المخمس ومعالم من بيت فاطمة (88-91هـ) -668هـ .
حسب القول بإلتقاء الزاوية الجنوبية الغربية لبيت فاطمة مع الزاوية الغربية الشمالية المنحرفة للحائز العزيزي والملتقى مع اسطوانة جبرائيل ، وتوسط حجرة عائشة

دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 212

وعلى كل فالجمع بين الأبعاد المذكورة للحائز العزيزي وبيت عائشة والفواصل بين جداريهما وأبعاد بيت فاطمة عليها السلام ، والقول بأن زاويتها الجنوبية الغربية تلتقي بالزاوية الغربية الشمالية المنحرفة للحائز العزيزي والذي يقع عند أسطوانة ( مقام ) جبرائيل لا يمكن إلا إذا قدر عرض خوخة علي عليه السلام بثلاثة أمتار ونصف المتر ، وهذا وإن كان مستبعداً من دلالة اللفظ « خوخة » أولاً ، وعدم تطابقه مع القول بأن كل بيت فاطمة عليها السلام يقع في المقصورة ثانياً اللهم إلا إذا عدت الدكة الشمالية من المقصورة ، أو أنها كانت من جملتها ثم انفصلت عنها في التعميرات ويؤيد ذلك وضع السياج حولها وعليه فيكون التخطيط كالتالي :


دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 213

ولا يخفى أن بعض المصادر تشير إلى أن جزءاً قليلاً وربما حوالي المترين أو أكثر (1) ـ والذي هو اليوم ممر في داخل المقصورة ـ كان من المسجد وأدخل في المقصورة الحالية ، ولعل وجود الخصرة على جهة الشرق يؤيد ذلك والقول به لا يخلو من وجه وعليه فإذا أخذ بعين الاعتبار الكلام السابق في خوخة علي عليه السلام يكون التخطيط كالتالي : ( ولكن لا تصل الفاصلة أكثر من متر ونصف )


(1) جاء في تاريخ المسجد النبوي : 116 نقلاَ عن السمهودي وابن زبالة أن المسافة بين صفحة المنبر القبلية إلى طرف الحجرة القبلية 53 ذراعاً ـ نحو 5و 26 متراَ ـ وقد حجب السور النحاسي الأصفر الدائر حول الحجرة الشريفة جزءاً من الروضة ، فبقي طول الروضة من المنبر الشريف إلى هذا السور النحاسي 22 متراَ .
راجع أيضاً الدر الثمين : 75 ، وجاء في الرحلة الحجازية : 315 أن بين قبر الرسول ومنبره 22 متراً .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 214

وفي عام 668هـ قام السلطان بيبرس (1)بتطويق المرقد النبوي الشريف بما فيه بيت عائشة وبيت فاطمة والحائز العبد العزيزي بطوق من الخشب بارتفاع قامتين وبطول ستة عشر متراَ من جهة الشمال والجنوب وخمسة عشر متراً من جهة الشرق والغرب (2).


وفي عام 678 هـ شيد السلطان منصور قلاوون (3)القبة النبوية وهي القبة الظاهرية الكبيرة التي تسمى الآن بالقبة الخضراء فكانت قبة مربعة من

(1) بيبرس : هو ركن الدين بيبرس بن البندقداري ( 620 ـ 676 هـ ) حكم عام 258 هـ .
(2) راجع تاريخ المسجد النبوي الشريف : 185 .
(3) قلاوون : هو منصور الالفي الصالحي ( 620 ـ 689 هـ ) اول ملوك الدولة القلاوونية بمصر والشام من اصل تركي حكم منذ عام 678هـ حتى وفاته .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 215

أسفلها مثمنة من أعلاها ، وجددت أيام السلطان ناصر (1)الصالحي (2).



(1) الناصر : هو محمد بن قلاوون الصالحي ثالث سلاطين القلاوونية حكم ما بين ( 693 ـ 741 هـ ) .
(2) راجع تاريخ المسجد النبوي الشريف : 189 .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 216

ولما كان عام 694 هـ زاد السلطان كتبغا (1)على ارتفاع السور بشبك حتى أوصله إلى السقف (2).
وفي عام 765هـ جدد بناء القبة أيام السلطان الأشرف (3)وكان ذلك في شهر شعبان (4) .
وفي عام 881 هـ وبالتحديد في الرابع عشر من شعبان قام السلطان قايتباي (5)بهدم جدار الحجرة النبوية التي كانت قد تصدعت ليجددها ففرغ من ذلك في السابع من شهر شوال من العام نفسه (6) .
ولما كان عام 886 هـ قام السلطان قايتباي أيضاَ بتجديد البناء بعدما احترقت القبة فشيد قبة عالية من الآجر بدلاً من الخشب والرصاص اللذين كانت سابقتها عليهما فأرسى دعامتين إحداهما من يمين المثلث والأخرى من شماله ، كما أرسل شبابيك نحاسية وحديدية من مصر لتنصب مكان السور الخشبي المحروق للمقصورة فوضعت النحاسية من جهة الجنوب والحديدية من الجهات الثلاث الأخرى (7)وهي المقصورة المعروفة .
كما أقام قبة أخرى على حجرة السيدة فاطمة (8)وأحدث حاجزاً بشبكة

(1) كتبغا : هو زين الدين كتبغا بن عبد الله المزموري ( 639 ـ 702 هـ ) من ملوك المماليك البحرية ، حكم مصر منذ عام 694 هـ إلى أن توفاه الله .
(2) راجع تاريخ المسجد النبوي الشريف : 185 عن خلاصة الوفا : 301 .
(3) الأشرف : الثاني هو شعبان بن حسين بـن محمد بن قلاوون الثاني عـشر من سلاطين القلاوونية حكم ما بين ( 764 ـ 778 هـ ) .
(4) وفاء الوفا : 2/ 608 ، خلاصة الوفا : 304 .
(5) قايتباي : هو سيف الدين من سلاطين المماليك حكم مصر ما بين ( 873 ـ 901 هـ ) .
(6) كانت البداية في صبحية الرابع عشر من شعبان وكانت النهاية في يوم الخميس من اليوم السابع من شوال كما في تاريخ المسجد النبوي الشريف : 170 عن وفاء الوفا : 2/ 617 .
(7) راجع تاريخ المسجد النبوي الشريف : 186 ، خلاصة الوفا : 301 ، مرآة الحرمين : 1/ 475 .
(8) مدينة شناسي : 84 ، سفر نامه ميرزا حسن فراهاني : 278 .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 217

حديد داخل المقصورة بين بيت السيدة فاطمة الزهراء وبين السيدة عائشة فصارت الرحبة التي عند مثلث الحجرة الشريفة من الجهة الشمالية كأنها مقصورة مستقلة طولها من الضلع الجنوبي 14 متراَ ، ومن الشرق والغرب 7 أمتار ولها بابان على يمين المثلث ويساره (1).


(1) تاريخ المسجد النبوي الشريف : 186عن نزهة الناظرين : 209 ، وصف المدينة المنورة : 67 ، الرحلة الحجازية : 246 .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 218


وما زالت المقصورة في هيكلها الخارجي على بنائها القديم منذ ذلك العهد إلى يومنا هذا .
هذا وقد قام السلطان سليمان العثماني (1)بترميم الحجرة النبوية الشريفة بالرخام وغيره أثناء حكومته ما بين عام 926 ـ 948 هـ (2) .

(1) سليمان : هو سليمان الاول القانوني ابن سليم الاول ، عاشر سلاطين العثمانيين .
(2) راجع تكملة عمدة الأخبار : 468 .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 219

ويظهر أن من جملة الترميمات التي قام بها السلطان سليمان القانوني هو هدم الحائز العزيزي وبناء القبور الثلاثة ووضع صناديق عليها من الخشب مسنمة قممها كما يظهر في الصورة التي التقطت قبيل عام 1344 هـ (1).


(1) لقد زيف محمد إلياس في كتابه تاريخ المسجد النبوي الشريف : 165 صحة هذه الصور التي تدل على أنها من إنشاء العثمانيين بأدلة واهية جداً كلها تعود إلى مشاهدات لما قبل عصر سليمان القانوني ، وغفل عن مشاهدات الناس لها في النصف الأول من القرن الرابع عشر الهجري ، ونتمنى أن يرفع الجدار الحاجز لتكشف عن الأضرحة .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 220

وكان من جملة ترميماته بناء قبر السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام .


دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 221


ثم إن القبور قد أحيطت من داخل المقصورة بجدار من جوانبها الأربع ليكون بذلك مبنى ذو أربعة أضلاع مثلومة زاويته الشمالية الشرقية لئلا يشبه الكعبة الشريفة ويبلغ طول ضلعها الجنوبي حوالي 12 متراَ وطول ضلعه الغربي نحو 5و 8 متراً ، والضلعين الآخرين على القياس نفسه إلا مقدار الثلم الذي قدرناه بحوالي المترين .
ولعل هذا التغيير حصل مع هدم قبة الزهراء عليها السلام ، وأضرحة أئمة البقيع في السابع من شوال عام 1344 هـ بأمر من قادة الفرقة الوهابية التي ترى حرمة بناء القبور .

دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 222


وفي آخر استطلاع لنا (1)عن داخل المقصورة تبين لنا أن هذه الثلمة ليست موجودة الآن وليست ظاهرة على أقل التقادير ، ولعلهم أجبروها بالبناء أو بالخشب ، أو لعلهم غطوها بالستار الأخضر الذي كُسي به الجدار بأكمله فوازى عندها الضلع الشرقي للضلع الغربي والضلع الشمالي للضلع الجنوبي .
ومن الجدير ذكره أن الباب الشرقي الرابط بين بيت فاطمة عليها السلام ومربعة القبر كان يقع في هذه الثلمة .

(1) أي في عام 1418 هـ .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 223


وأما عن داخل بيت فاطمة فالظاهر أنهم أسدلوا الستائر الخضراء على مقربة من الشباك فلا يظهر للمتطلع منها إلا الستار .
هذا وقد حاولنا جهد إمكاننا الحصول على معلومات أكثر دقة عن المقصورة النبوية الشريفة خلال هذه الفترة الزمنية وبالتحديد منذ عام 926 هـ وحتى يومنا هذا فلم نوفق بمؤلف أرخ ذلك ، كما لم نتمكن من استدراج كبار السن في الحديث عن ذلك بينما قمنا بالاتصال هاتفياً وتحريرياً بالجهة المسؤولة عن هذه القضايا في السفارة السعودية في لندن فواعدتنا خيراً إلا أنه لم تصلنا أية معلومة حتى طباعة هذا الجزء .
وللمقصورة أربعة أبواب :
1ـ باب على جهة الجنوب يسمى بباب التوجه وباب التوبة وعليه صفيحة فضية مرقوم عليها تاريخ صنعها عام 1026 هـ ، وهي من اهداء

السابق السابق الفهرس التالي التالي