دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 246

البطحاء يكون علماً لأهل الحق وسبباً للمؤمنين إلى الفوز » (1) ثم إنه تحقق ذلك حيث قال ابن طاووس (2) : « إنهم أقاموا رسماً لقبر سيد الشهداء بتلك البطحاء يكون علماً لأهل الحق » (3).
ولعل القبر الشريف كان في بداية الأمر مرتفعاً وبارزاً قليلاً عن الأرض س، كما يظهر من كلام جابر الأنصاري (4)حين زار القبر الشريف في الأربعين الأول (5)حيث قال : « ألمسوني القبر » (6)، بل يؤيد ذلك ما يروى من أن السيدة سكينة ضمت قبر أبيها الحسين عليه السلام عند رجوعها من الشام (7) ، وإلى هذا يشير السماوي (8)في أرجوزته حيث يقول :
جاءت بنو غاضرة إلى الجثث بعد ثلاث لتواريهـا الـجدث
وأربأت عينـاً علـى الطريق ينظر من خوف على الغريق
فحـفرت ازاه كـي تواريـه حفيـرة ثـم أتـت بباريـه
فـوضعتـه فوقهـا وانـزلا لمهبط الروح ومعراج العـلا
إلى أن يقول :
دلالـة من عالـم خبير به وبالأصحاب ذي تدبير

(1) كامل الزيارات : 262 ـ 265.
(2) ابن طاووس : علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن احمد بن محمد بن طاووس الحسني ( بالرضاعة ) الحسيني المتوفى سنة 664 هـ ، من أعلام الإمامية له عدة مؤلفات وتصانيف منها : كشف المحجة ، اللهوف في قتلى الطفوف ، الاقبال .
(3) مدينة الحسين : 1/ 19 ، أعيان الشيعة : 1 627 عن إقبال الأعمال .
(4) الانصاري : هو جابر بن عبد الله بن عمرو بن حزام الخزرجي المتوفى عام 78 هـ تشرف بصحبة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والامام امير المؤمنين وابنائه المعصومين عليهم السلام حتى الامام الباقر عليه السلام ، كان من كبار الرواة وحواري الائمة .
(5)راجع باب تحقيقات تاريخية في النهضة الحسينية من هذه الموسوعة .
(6) مدينة الحسين : 1/ 19 عن القمقام الزاخر : فإن ظاهر ألمسوني القبر وجود شيء بارز ، ولا يقال عادة للقبر المستوي مع الأرض ألمسوني وإن لم يستحل ذلك خصوصاَ مع الاخذ بعين الاعتبار ان جابراً كان مكفوفاً . (7) معالي السبطين : 2/ 198 .
(8) السماوي : هو محمد بن طاهر ( 1292 ـ 1371 هـ ) اشتغل بالقضاء والتأليف ، تولى القضاء بكربلاء والنجف ، له كتاب : ابصار العين ، والطليعة ، ومناهج الاصول .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 247

قد علم القبور في علائـم لم تندرس إلى ظهور القائم
وجاء جابر له والعوفي (1) عطية ولم يبل بالخوف (2)

وعلى ضوء ما قدمناه جاء الرسم التخطيطي التالي :



(1) العوفي : هو عطية بن سعد ( سعيد ) بن جنادة القيسي المتوفى عام 111 هـ كان من كبار الرواة الموالين لاهل البيت عليهم السلام له تفسير في خمسة اجزاء عرضه على ابن عباس .
(2) مجالي اللطف : 18 .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 248

وقيل إن بني أسد حددوا له مسجداً وبنوا على قبره الشريف سقيفة (1)، وقيل إنهم وضعوا على القبور الرسوم (2)التي لا تبلى (3)ولعل المرقد كان يحمل الصورة التالية :



(1) تاريخچه كربلاء : 56 وفيه لعل بني أسد بنوا السقيفة والمسجد من الخشب والطين ثم لما تولى المختار بناء المراقد بناه من الآجر والطين .
(2) ولعل الرسوم المعبر عنها بالتي لا تبلى كانت من لوائح الفخار التي عرفتها المنطقة من العهود الغابرة ، أو من الصخور الكلسية التي كانت متوافرة في تلك المنطقة ، أو من الحصاة المتناثرة في الصحراء القريبة منها ، أو لعلها كانت من جذع النخل التي لا تبلى سريعاً .
(3) تاريخ الروضة الحسينية المصور لعبد الحميد الخياط : 9 .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 249

وما بين عامي 61 ـ 63 هـ يذكر المدرس (1): « أنهم بنو في العهد الأموي مسجداً عند رأس الحسين ... ثم شيد القبر من قبل الموالين » (2).
وعن عام 64 هـ يقول الرحالة الهندي محمد هارون (3): « اول من بنى صندوق الضريح بهيئة حسنة وشكل منيح بنو نضير ونبو قينقاع (4) » (5) ولعله كان على الشكل التالي :



(1) المدرس : محمد باقر بن عبد الحسين ولد عام 1345 هـ في بستان أباد شمال إيران ، تتلمذ على الحكيم ، البروجردي ، الشريعتمداري والخوئي ، له عدة مؤلفات بلغت 12 مؤلفاَ منها شهر حسين اي ( مدينة الحسين عليه السلام ) .
(2) شهر حسين : 160 عن جغرافيائي كربلاء : 176 .
(3) محمد هارون : الملقب بلزنكي پوري ، رحالة هندي زار العراق عام 1328 هـ .
(4) بنو النضير وبنو القينقاع : قبيلتان عربيتان سكنتا في البقاع القريبة من مرقد الأمام الحسين عليه السلام ولعلهما من أفخاذ القبائل التي كانت في المدينة على عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ودخل قسم منها في الاسلام على عهده صلى الله عليه وآله وسلم حيث نقل ياقوت الحموي في معجم البلدان : 5/ 290 عن الواقدي أن مخيريق أحد بني النضير كان عالماًَ فآمن برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأوصى بأمواله لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وجعلها صدقة ، راجع الأنساب للسمعاني في مادة النضيري ، أيضاً راجع سيرة ابن هشام : 2/ 174 فيمن اسلم من بني قينقاع .
(5) رحلة عراقية : 99 ، راجع مجلة الموسم الهولندية العدد : 14 / الصفحة : 329 السنة : 1413 هـ .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 250

ويظهر أن التوابين عندما قصدوا زيارة قبر الحسين عليه السلام في ربيع الأول من عام 65هـ قبل رحيلهم إلى عين الوردة طافوا حول هذا الصندوق وكان عددهم يقارب أربعة آلاف رجل فازدحموا حول القبر أكثر من ازدحام الحجاج على الحجر الأسود عند لثمه ، ثم أنهم لما انتهوا إلى قبر الحسين عليه السلام بكو بأجمعهم وكانوا قد تمنوا الشهادة معه ، فقام سليمان بن الصرد (1)فتوجه إلى القبر قائلاً : « اللهم ارحم حسيناً الشهيد ابن الشهيد ، المهدي ابن المهدي ، الصديق ابن الصديق ، اللهم إنا نشهدك أنا على دينهم وسبيلهم ، وأعداء قاتليهم ، وأولياء محبيهم » ثم انصرف وانصرف معه القوم بعدما اقاموا عنده يوماً وليلة (2) .
وفي سنة 66 هـ وعندما استولى المختار بن أبي عبيدة الثقفي على الكوفة عمر على مرقده الشريف قبة من الجص والآجر (3)، وقد تولى ذلك محمد بن إبراهيم بن مالك الأشتر (4)، واتخذ قرية من حوله (5) ، وكان للمرقد بابان شرقي وغربي وبقي ـ على ما قيل ـ حتى عهد هارون الرشيد (6) .
ويقول السيد محمد بن أبي طالب (7): « وقد كان بني على قبر الحسين عليه السلام مسجد ولم يزل كذلك بعد بني أمية وفي زمن بني العباس

(1) سليمان بن الصرد : بن الجون السلولي الخزاعي ( 28 ق هـ ـ 65 هـ ) صحابي جليل وزعيم إمامي كبير شهد الجمل وصفين مع أمير المؤمنين علي عليه السلام قاد حركة التوابين ضد الأمويين لأخذ الثأر للإمام الحسين عليه السلام ، قتل في معركة عين الوردة في شمال العراق .
(2) راجع تاريخ الأمم والملوك : 3/ 411 ، قمقام زاخر : 2/ 690 ، مدينة الحسين : 1/ 20 .
(3) تاريخچه كربلاء : 56 ، تاريخ مدينة الحسين : 1/ 20 عن نزهة أهل الحرمين : 25 .
(4) تاريخچه كربلاء : 56 عن تاريخ مدينة الحسين : 20 ، عن كتاب إيران وعراق لعلي خان المؤلف باللغة الهندية ، رحلة عراقية لمحمد هارون : 99 .
(5) تاريخ كربلاء وحائر الحسين لعبد الجواد الكليدار : 160 ، عن نزهة أهل الحرمين : 14 ، عن كنز المصائب .
(6) تاريخ الروضة الحسينية المصور لعبد الحميد الخياط : 9 .
(7) محمد بن أبي طالب : بن أحمد الحسيني الحائري من اعلام الامامية في القرن العاشر الهجري ، صاحب كتاب مقتل الحسين المسمى بتسلية المجالس وزينة المجالس .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 251

إلا على زمن هارون الرشيد فإنه خربه وقطع السدرة (1)التي كانت نابتة عنده وكرب موضع القبر » (2) .



(1) السدرة : شجرة النبق ، استخدم ورقه مطحوناً كمادة لغسل الأجسام قبل صناعة الصابون ، كما يستخدم في غسل الأموات كفريضة شرعية.
(2) تاريخ كربلاء وحائر الحسين : 35 عن تسلية المجالس .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 252

وإلى هذا يشير السماوي في أرجوزته :
وجـاء بعـد ذلك المختـار حـين دعاه والجـنود الثـار
وعـمر المسجد فوق الجدث فهـو إذاً أول شيء محـدث
وبقي المسجد حول المرقـد إذ كان قـد أسـس للـتعبـد
ولـم يـزل يزار في جناح حتى أتى الملك إلى السفاح (1)

ونقل سركيس (2): « أن المختار أحاط القبر الشريف بحائط المسجد وبنى عليه قبة بالآجر والجص ذات بابين » (3) .



(1) مجالي اللطف : 2/ 18 .
(2) سركيس : هو يعقوب بن نعوم كاتب ومحقق عراقي له العديد من المقالات والأبحاث نشرت في مجلة لغة العرب البغدادية التي توقفت عام 1350هـ وفي مجلة الشهباء الحلبية .
(3) صحيفة البديل الاسلامي الدمشقية العدد : 62 السنة : 5 الصفحة : 8 التاريخ 25 / 7 / 1991 الموافق 14 / 1/ 1412 هـ .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 253

ويتصور عبد الجواد الكليدار مرقد الإمام الحسين عليه السلام خلال هذه الفترة ـ ومن خلال الأخبار والأحاديث التي ذكرناها في باب الأحاديث والزيارات وأوردنا بعضها في القرن الثاني بالمناسبة ـ فيقول : « هو بناء مربع الشكل يتراوح كل ضلع منه بين عشرين أو خمسة وعشرين متراً ، يستقر بناؤه على قاعدة مستوية ترتفع بعض الشيء عن سطح الأرض تبعاً للأصول المتبعة منذ القديم في هذا القسم الجنوبي من العراق خشية تسرب الرطوبة إلى أسس البناء وتعلو من جوانبه الجدران المرتفعة ، الهندسية الشكل ، والمنظمة الهيئة ، وهي مطلية من خارجها بالكلس الأبيض الناصع ، فيلمع للناظر عن بعيد كبيضة نعامة في وسط الصحراء ، وفوق هذا البناء الجميل البسيط تستقر سقيفة تعلوها قبة هي أول قبة (1) من قباب الإسلام الخالدة التي خيمت لأول مرة في الجانب الشرقي من الجزيرة العربية بين ضفة الفرات وحافة الصحراء في الاتجاه الشمالي ، وتخرج من وسط جدران الحائر ثغرتان ، إحداهما نحو الجنوب وهي المدخل الرئيس للحائر المقدس كماهو لحد اليوم ، والأخرى من جهة الشرق وهي المدخل الذي يصل بين الحائر والمدينة إلى حيث مرقد أخيه العباس عليه السلام على مشرعة الفرات ، وقد زين حول كل مدخل منهما بالخطوط والنقوش البارزة تحمل الآيات القرآنية العظيمة بالكتابة الكوفية القديمة ، ولعل من بينها بل في مقدمتها تلك الناطقة بفضل الشهادة وخلود الشهداء« ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون» (2) » (3). ورسم هذا التخطيط حسبما تصوره الكليدار :

(1) وبهذا يتأكد لدينا عدم صحة ما ذهب إليه طه الولي في كتابه المساجد في الإسلام من أن أول قبة في الإسلام هي قبة الصخرة في القدس الشريف .
(2) سورة آل عمران الآية : 169 .
(3) تاريخ كربلاء وحائر الحسين : 81 .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 254




دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 255

القرن الثاني
( 24 / 7/ 719 ـ 29 / 7 / 816 م )

يبدو أن القبة التي شيدت في عهد المختار ظلت قائمة لحين زيارة الإمام الصادق عليه السلام لقبر جده الحسين عليه السلام حوالي عام 132 هـ (1)حيث روى صفوان الجمال(2)عن الصادق عليه السلام : « إذا أردت قبر الحسين عليه السلام في كربلاء قف خارج القبة وارم بطرفك نحو القبر ، ثم ادخل الروضة وقم بحذائها من حيث يلي الرأس ، ثم اخرج من الباب الذي عند رجلي علي بن الحسين عليه السلام ، تم توجه إلى الشهداء ، ثم امش حتى تأتي مشهد أبي الفضل العباس فقف على باب السقيفة وسلم » (3).
وفي حديث آخر عن الثمالي (4)عن الصادق عليه السلام : « ثم امش قليلاً وعليك السكينة والوقار بالتكبير والتهليل والتمجيد والتحميد والتعظيم لله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم وقصر خطاك ، فإذا أتيت الباب الذي يلي المشرق فقف على

(1) حيث انقرضت الدولة الأموية ، عام 132 هـ ، ولم يك بعد للعباسيين دولة بمعنى الكلمة .
(2) الجمال : هو صفوان بن مروان بن المغيرة الكوفي مولى بني أسد ، سكن محلة بني حرام بالكوفة هو وأخواه حسين ومسكين ، كان يكري الجمال فلقب بالجمال ، من الرواة الثقات ، ومن أصحاب الإمامين الصادق عليه السلام ( 83 ـ 148 هـ ) والكاظم عليه السلام ( 128 ـ 183 هـ ) .
(3) بحار الأنوار : 98 / 259 .
(4) الثمالي : أبو حمزة ثابت بن دينار المتوفى عام 150 هـ ، صاحب الدعاء المعروف في أسحار شهر رمضان ، كان من زهاد أهل الكوفة ومشايخها ، ويكفيه فخراً أن يكون كسلمان الفارسي كما قال عنه الإمام الرضا عليه السلام ، كان من حواريي الإمام زين العابدين عليه السلام .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 256

الباب وقل ... واجتهد في الدعاء ما قدرت عليه وأكثر منه إن شاء الله ، ثم تخرج من السقيفة وتقف بحذاء قبور الشهداء » (1).
وفي حديث آخر لصفوان عن الصادق عليه السلام : « فإذا أتيت باب الحائر فقف وقل ... ثم تأتي باب القبة وقف من حيث يلي الرأس ... » (2).
وفي حديث جابر الجعفي (3) عن الصادق عليه السلام : « فإذا أتيت إلى قبر الحسين عليه السلام قمت على الباب وقلت هذه الكلمات ... » (4) .
ويروي صفوان أيضاً عن الصادق عليه السلام : « فإذا أتيت الباب فقف خارج القبة وارم بطرفك نحو القبر ـ إلى أن يقول ـ ثم أدخل رجلك اليمنى القبة وأخر اليسرى » (5).
ويظهر من هذه الروايات أن في عصر الإمام الصادق عليه السلام (6) كان لمرقد الإمام الحسين عليه السلام قبة وسقيفة وباب بل وأكثر من باب ، باب من جهة الشرق وباب من ناحية ثانية ، ولعلها كانت من جهة الغرب (7) .
ويقول الكرباسي (8) : إن مجموع السقيفة والمسجد كان يشكل مساحة

(1) بحار الأنوار : 98 / 177 ـ 178 .
(2) بحار الأنوار : 98 / 198.
(3) الجعفي : هو جابر بن يزيد بن الحارث الكوفي المتوفى عام 128 هـ تابعي جليل من أصحاب الإمامين الباقر عليه السلام ( 57 ـ 114 هـ ) والصادق عليه السلام والراوي عنهما .
(4) بحار الأنوا ر: 98 / 229 ، ويذكر صاحب كتاب شهر حسين : 171 « إن احداث مثل هذا السور الذي له أبواب إنما انشأ في أواخر القرن الأول حيث أحيط السور بمبنى المختار والمسجد الذي شيد في عهد الأمويين ولذلك سمي بالحائر ، ويعتقد أن بناء السور من فعل بني أمية ، حيث شيدوا السور لأجل مزيد من الرقابة على الزائرين وأوصدوا السور بأبواب حتى يمكنهم من منع الزوار » ولكن هذا الإعتقاد بعيد عن الصحة لأن من يريد المنع يقضي على أثر القبر لا أن يضيف إلى بنائه .
(5) بحار الأنوار 98 : 259 .
(6) إمتدت فترة إمامة الصادق عليه السلام من 114 إلى 148 هـ .
(7) تاريخچه كربلاء : 56 .
(8) الكرباسي : هو محمد بن أبي تراب ( علي ) ( 1324 ـ 1399 هـ ) ينتهي نسبه الى مالك الأشتر فقيه اصولي له تعليقات في الفقه واخرى في الاصول وله كتاب السعة والرزق .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 257

ذات أربعة أضلاع حول مرقد الإمام الحسين عليه السلام وابنه علي الأكبر عليه السلام وكان للمرقد بابان أحدهما من جهة المشرق عند قدمي علي الأكبر عليه السلام وكانت مراقد الشهداء عليهم السلام خارجة عن إطار هذه المساحة (1).
ويقول المدرس : ان البابين الخارجيين كان احدهما من جهة الشرق والأخر من جهة الجنوب ( القبلة ) كما يظهر من رواية قائد (2)أبي بصير (3)



(1) تاريخچه كربلاء : 56 .
(2) جاءفي المصدر ، رواية أبي بصير والظاهر انه تصحيف ، وما أثبتناه هوالصحيح أي قائد أبي بصير كما ورد ذلك في كامل الزيارات ، وبما أن أبا بصير كان مكفوفاَ فكان يستعين بقائد وهو سعدان بن مسلم الكوفي مولى أبي العلاء كرزين جعيد العامري ، من الرواة الثقات ، روى عن الإمامين الصادق عليه السلام والكاظم عليه السلام وكان من المعمرين .
(3) أبو بصير : هو قاسم بن يحيى الأسدي المتوفى عام 150 هـ كان من الرواة الثقات من أصحاب الإمامين الصادق عليه السلام والكاظم عليه السلام ( 28 ـ 182هـ ) له كتاب يوم وليلة .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 258

عمن يرويه عن الصادق عليه السلام إذ يقول : « ثم امش قليلاً ثم تستقبل القبر والقبلة بين كتفيك » (1)، ويضيف : « ان هنالك باباً داخلياً آخر من جهة الغرب يربط بين القبة ( المرقد ) والمسجد كما يظهر من كلام المفيد (2)حيث يقول (3): ( ثم ادخل وقف مما يلي الرأس ) (4)» .



(1) كامل الزيارات : 216 .
(2) المفيد : هو محمد بن محمد العكبري البغدادي ( 336 ـ 413 هـ ) من أعلام الإمامية وفقهائهم ، له مؤلفات جليلة منها الإرشاد ، الإختصاص، والمقنعة .
(3) بحار الأنوار : 98 / 260 عن مزار المفيد .
(4) شهر حسين : 162 .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 259

ولكن كلام الصادق عليه السلام في رواية قائد أبي بصير لايدل على وجود باب من جهة الجنوب ( القبلة ) بل يدل قوله : « ثم تستقبل القبر والقبلة بين كتفيك » على أن الباب لم يكن باتجاه القبلة ( الجنوب ) ، وأما الباب الشرقي فلعله هو المشار إليه في رواية صفوان الجمال عن الصادق عليه السلام في قوله : « فإذا اتيت الباب فقف خارج القبة وارم بطرفك نحو القبر ـ إلى ان يقول ـ ثم ادخل رجلك اليمنى القبة واخر اليسرى » وربما اراد الصادق عليه السلام في قول آخر له : « فإذا أتيت باب الحائر فقف وقل (1)... ثم تأتي باب القبة وقف من حيث يلي الرأس » الباب الغربي للمرقد الذي يقع من جهة الرأس وفيه تأمل .
ويظهر أيضاً من قول الصادق عليه السلام : « فإذا أتيت باب الحائر ... ثم تأتي باب القبة » أنه كان للروضة الحسينية سور وله أبواب أيضاً حيث عبر الصادق عليه السلام عن المساحة المحيطة بالروضة بالحائر والتي نعبر عنها اليوم بالصحن (2)، ومن الجدير ذكره أن هذا الحائر ( الصحن ) لم يرد ذكره في عهد الإمام الباقر عليه السلام المتوفى عام 114 هـ بل جاء ذكره لأول مرة على لسان الإمام الصادق عليه السلام في تسعة عشر موقعاً مما يدلنا على أن هذا السور كان قد شيد في أواخر الربع الأول من القرن الثاني أو أوائل الربع الثاني من القرن الثاني .
كما جاء ذكره في رواية (3)الحسين بن أبي حمزة (4)الذي زار المرقد الحسيني في أواخر عهد الدولة المروانية ( الاموية ) التي سقطت عام 132 هـ حيث يقول : « خرجت في آخر زمن بني أمية وأنا أريد قبر الحسين عليه السلام فانتهيت إلى الغاضرية (5)حتى إذا نام الناس اغتسلت ثم أقبلت أريد القبر

(1) تراث كربلاء : 34 .
(2) وقد سبق وأشرنا إلى أن المدرس يرى أن مثل هذا السور كان من بناء الأمويين واحتمل أيضاً بأنه كان للمراقبة لاالحصانة .
(3) على نقل السيد ابن طاووس في الإقبال .
(4) الحسين بن أبي حمزة : هو الحسين بن حمزة الليثي ابن بنت أبي حمزة الثمالي الذي كان من أصحاب الباقر عليه السلام ( 114 هـ ) والصادق عليه السلام ( 148هـ ) .
(5) الغاضرية : نسبة إلى قبيلة غاضرة من بني أسد كانت قرية تقع في الشمال الشرقي =
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 260

حتى إذا كنت على باب الحائر خرج إلي .. » (1).
وقد تكررت الكلمتان ( باب الحائر ) من الإمام الصادق عليه السلام حيث ورد في رواية أبي الصامت (2)أيضاً عنه عليه السلام حيث يقول : « فإذا أتيت باب الحائر فكبر الله أربعاً .. » (3).
ويبدو واضحاً أن المراد بالحائر هو الصحن الشريف ، حيث ورد في رواية أبي حمزة الثمالي عن الصادق عليه السلام عند الانتهاء من الزيارة « ثم تخرج من السقيفة وتقف بحذاء قبور الشهداء وتومئ إليهم اجمعين ـ إلى أن يقول ـ ثم در في الحائر وأنت تقول ... » (4).
وبقي الحائر على شكله حتى عهد الإمام موسى بن جعفر عليه السلام ( 148 ـ 183 هـ ) حيث ورد في رواية الحسن بن راشد (5) عنه عليه السلام قال : « حتى يرد الحائر فإذا دخل باب الحائر وضع كفه ... » (6).
ويتبين أن مساحة الحائر كانت حوالي ( 25 × 25 ذراعاً ) من الخارج كما يفهم من روايتي الصادق عليه السلام بعد الجمع بينهما ، حيث ورد في إحداهما : « قبر الحسين عشرون ذراعاً في عشرين ذراعاً مكسراً روضة من رياض الجنة » (7) ، وفي ثانيهما قال: « امسح من موضع قبره اليوم ، فامسح خمسة وعشرين ذراعاً من رجليه وخمسة وعشرين ذراعاَ مما يلي وجهه

= من الحائر الحسيني وتبعد عن كربلاء القديمة بحوالي 500 متر ، وهي الآن جزء من مدينة كربلاء الحديثة .
(1) الإقبال : 568 .
(2) أبو الصامت : الحلواني من الرواة الثقات ، من أصحاب الإمام الباقر والصادق عليهما السلام .
(3) كامل الزيارات : 221 .
(4) كامل الزيارات : 242 ـ 243 .
(5) الحسن بن راشد : الكوفي ، مولى ،بني العباس من أحصاب الصادق والكاظم عليهما السلام إستوزره المهدي ( 169 هـ ) والهادي ( 170 هـ ) وهارون ( 193 هـ ) العباسيون ، سكن بغداد ، له كتاب : الراهب والراهبة .
(6) كامل الزيارات : 191 .
(7) كامل الزيارات : 272 ، ح : 5.
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 261

وخمسة وعشرين ذراعاً من خلفه وخمسة وعشرين ذراعاً من ناحية رأسه » (1) .
والظاهر أن الحائر الذي سمي فيها بعد بالصحن كان قطر سوره الخارجي خمسين ذراعاً ، وإلى هذا يشير ابن إدريس (2) في قوله : « والمراد بالحائر مادار سور المشهد والمسجد عليه » (3) . ويقول المفيد : « والحائر محيط بهم إلا العباس فإنه قتل على المسناة (4) » (5).
ومن المعلوم أن الذراع الواحد يعادل 83 و 45 سنتيمتراً تـقريباً ، وبذلك يكون قطـر الحائر 83 و 45 × 50 = 915 و 22 متراً ، وقد فصلنا القول عنه في محله (6).



(1) كامل الزيارات : 272 ، ح : 4.
(2) ابن إدريس : هو محمد بن منصور بن أحمد بن ادريس العجلي الحلي : ( 543 ـ 598 هـ ) من أعلام الإمامية ، فقيه محقق توفي في الحلة ومرقده معروف يزار ، وله كتاب السرائر ، ومختصر التبيان للطوسي .
(3) السرائر : 78 .
(4) المسناة : ما يبنى في وجه السيل .
(5) الإرشاد : 126.
(6) راجع باب اضواء على مدينة الحسين عليه السلام ، فصل التسمية والتاريخ ـ من هذه الموسوعة ـ .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 262

وتؤكد بعض المصادر بأنه كانت هناك شجرة سدرة أيام الحكم الاموي (1)يستظل بفيئها ويستدل بها على قبر الإمام الحسين عليه السلام ولذلك سمي الباب الواقع في الشمال الغربي من الصحن ـ فيما بعد ـ بباب السدرة (2) .
وامتد عمر هذا البناء المؤلف من المسجد والمرقد ذي القبة طوال العهد الأموي فلم يتعرض للهدم رغم العداء السافر تجاه أهل البيت عليهم السلام مع أنهم وضعوا المسالح (3)لمنع زيارة قبره عليه السلام ، إلا أن ضعف الدولة الأموية في أواخر عهدها كسر حاجز الخوف فتدفقت الأفواج إلى زيارته ولم يتمكنوا من منعهم بل أدركوا أن التعرض للمرقد أو المساس به بقصد تخريبه يشكل سابقة خطيرة ومشكلة هم في غنى عنها .
ولذا نجد أنه في عام 122 هـ وعلى عهد هشام المرواني (4)كان الزوار يتقاطرون على الضريح المقدس ويتبركون به (5)، وقد أنشئ على مرقده مسجد ، وفي ذلك يقول محمد بن أبي طالب عند ذكره لمشهد الحسين : « إنه أتخذ على الرمس الأقدس (6)في عهد الدولة المروانية مسجد » (7).

(1) تراث كربلاء : 34 .
(2) في موسوعة العتبات المقدسة قسم كربلاء : 257 نقلاً عن كتاب شيعة الهند : 64 للدكتور جون هوليستر : « إن إحدى الروايات الشيعية تنص على أن بعض المؤمنين المحبين لأهل البيت كان قد أشر على مكان القبر المطهر بزرع شجرة إجاص بالقرب منه ، ولكن هذه الشجرة قد أجتثت فيما بعد بأمر الخليفة هارون الرشيد وحرثت الأرض المحيطة بها غير أن بعض النازلين على مقربة من الموقع بادروا إلى وضع علامة غير ظاهرة فيه » .
(3) المسالح : نقاط مراقبة وتفتيش .
(4) هشام المرواني : هو ابن عبد الملك بن مروان الأموي ( 71 ـ 125 هـ ) أخو يزيد الثاني ، خلفه في الحكم ، عاشر من حكم من الامويين .
(5) موسوعة العتبات المقدسة قسم كربلاء : 257 .
(6) الرمس الأقدس : أراد به مرقد الإمام الحسين عليه السلام ، والرمس القبر الذي لا يعلو عن وجه الارض اوتراب القبر ، وأراد به هنا مطلق القبر .
(7) تراث كربلاء : 34 عن نزهة أهل الحرمين في عمارة المشهدين : 28 ، عن تسلية المجالس وزينة المجالس لمحمد بن أبي طالب .

السابق السابق الفهرس التالي التالي