دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 34


عن الأنساب وارتفع شأن الأول في العصر الأموي ، بينما انحسر شأن الثاني لأسباب سياسية ، وكان لمعاوية(1) بن أبي سفيان اليد الطولى في تحريف مسار الأول وطمس معالم الثاني فاتخذ من الأول مطية لنشر ما يقوي شوكته فبذل المال لهذا الشأن وأمر بتدوين ما يحلو له وإسقاط ما لا يرتضيه بل وتحريفه، وبذل محاولة جادة للتخلص من الأنساب باعتباره الأداة الهدامة لتاريخه وتاريخ بني قومه،واعتبر المراقبون بأن عملية إلحاقه ابن زياد بأبيه أبي سفيان كانت وثيقة بعدم الاعتراف بالأنساب، وقد تحدثنا عن علم الأنساب وعلم التاريخ وتطورهما في محله(2) .
وأخذ علم الأنساب يتقلص شيئاً فشيئاً من ناحية وأخذ يتمحور في بيان النسب دون غيره إلى أن نعاه السيد شهاب الدين المرعشي(3) بقوله : «إن علماء هذا الفن الجليل قد نفذوا وذهبوا إلى رحمة الله تعالى وكنت ممن أدركت أواخر علماء النسب واستفدت من قدسيّ أنفاسهم فيا أسفاً على فقدان أعلام النسب ورجالاته»(4) .
ولا يخفى أن عقيل بن أبي طالب(5) كان أقدم الناس وأبرزهم بأخبار

(1) معاوية : هو ابن صخر بن حرب ، ولد سنة 20 قبل الهجرة ، مؤسس الدولة الأموية خاض حرباً ضد أمير المؤمنين عليه السلام عرفت بحرب صفين ، توفي سنة 60هـ في دمشق وفيها دفن .
(2) راجع مقدمة باب السيرة الحسينية ، ومقدمة باب الحسين نسبه ونسله من هذه الموسوعة .
(3) المرعشي : هو أبو المعالي شهاب الدين بن محمود المرعشي النجفي المولود عام 1315هـ في النجف الأشرف والمتوفى عام 1411هـ في قم المقدسة وهو النسابة الفقيه ، تولى المرجعية في إيران بعد وفاة السيد حسين البروجردي عام 1380هـ إلى جانب أقرانه .
(4) لباب الأنساب : 7 .
(5) عقيل : هو أبو زيد عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم المولود عام 43ق.هـ والمتوفى عام 60هـ ، قال عنه الصفدي في نكت الهميان : إنه كانت لعقيل طنفسة (بساط) تطرح في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويجتمع إليه في علم النسب وأيام العرب وكان أسرع الناس جواباً وأخطرهم مراجعة في القول وأبلغهم في ذلك «لباب الأنساب : 9» .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 35


العرب وأنسابهم في صدر الإسلام حيث كان من المخضرمين في ذلك وكان المرجع الأول في هذا العلم .
هذا وقد ظهر إلى جانب هذا العلم ـ إثر وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وتراكم الأحاديث المنقولة عنه والصراع حول صحة النسبة إليه ـ علم الرجال الذي يبحث عن الأعلام أيضاً إلا أنه من ناحية الوثاقة والاعتماد في النقل ، ويعتبر عبد الله الكناني(1) هو المؤسس لهذا العلم وهو أول من صنف فيه(2) .
ومن المعلوم أن هذه العلوم والفنون أخذت تتميز بعضها عن الآخر وتتولد منها علوم أخرى وتتطور حسب الحاجة حتى أصبح لكل منها اختصاص وعلماء وأرباب ، وفي خضم هذه انبثق علم الترجمة ليستقل بنفسه باعتباره فناً يجمع بين ذكر مشخصات الرجل كتاريخ الولادة والوفاة والنشأة وبين تاريخ الرجل ونشاطه العلمي والثقافي والاجتماعي والسياسي ، وسرد مؤلفاته أو بعض أشعاره وما إلى ذلك من الأمور التي لها علاقة بالرجل ، فمن هنا جاء فن الترجمة وتبعته فكرة المعاجم .

(1) الكناني : هو أبو محمد عبد الله بن جبلة بن حيان بن الحرّ المتوفى عام 219هـ ، ذكره النجاشي في رجاله : 150 وقال عنه كان فقيهاً ثقة مشهوراً له كتب منها كتاب الرجال وبيت جبلة بيت مشهور بالكوفة .
(2) تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام : 233 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 36


المعجم

المعجم : مصدر ميمي من عجّم أو أعجم الكتاب إذا أزال عجمته وإبهامه بوضع النقاط والحركات أو فسره وبيَّنه ، وهي من كلمات الضد ، استخدم في كل ما من شأنه الإفصاح عن شيء سواء كان عِلْماً أو شخصاً أو ما إلى ذلك فإذا قلت : معجم اللغة اردت بيان معاني كلماته ، وإذا قلت معجم الشعراء أردت بيان حالهم ، والجمع منه معاجم ، وقد سبق الكلام عنه بشيء من التفصيل(1) .
ولا يخفى أن فكرة وضع المعاجم جاءت في أواخر القرن الثاني وأوائل القرن الثالث الهجريين ، ولكن التسمية بالمعجم بدأت على ما يظهر في النصف الأول من القرن الرابع الهجري حين قام أبو عمرو الزاهد محمد بن عبد الواحد المعروف بغلام ثعلب والمتوفى عام 345هـ باستخدام كلمة المعجم كإسم لمصنفه في تراجم الشعراء فسماه معجم الشعراء(2) ، وتبعه بعد ذلك عدد من أعلام القرن الرابع المتأخرين عنه فأخذوا منه فكرة التسمية وطبقوها على مؤلفاتهم ومنهم النقاش(3) والطبراني(4)

(1) راجع الجزء الأول من هذه الموسوعة المسمى بـ(البداية) .
(2) غلام ثعلب : لقب اشتهر به محمد بن عبد الواحد بن أبي هاشم المطر الباوردي الامامي المولود عام 261هـ ، أحد أئمة اللغة المكثرين في التصنيف ، كانت ولادته في أبيورد من نواحي خراسان وكانت صناعته تطريز الثياب ، صحب ثعلباً النحوي زماناً حتى لقب بغلام ثعلب ، توفي في بغداد ، أملى من حفظه في اللغة نحو ثلاثين ألف ورقة «الأعلام للزركلي : 6/254» .
(3) النقاش : هو أبو بكر محمد بن الحسن الموصلي المتوفى عام 351هـ والذي له ثلاثة معاجم 1 ـ المعجم الكبير ، 2 ـ المعجم الأوسط ، 3 ـ المعجم الصغير ، وكلها في القراءات القرآنية «كشف الظنون : 2/1737» .
(4) الطبراني : هو أبو القاسم سليمان بن أحمد المتوفى عام 360هـ صاحب المعاجم
=
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 37


والإسماعيلي(1) والمرزباني(2) والهمداني(3) والقناني(4) ثم شاع استعماله إلى يومنا هذا(5) .
وعلى أية حال فإن الغرض من وراء وضع المعاجم عن الشخصيات هو معرفة أخبارهم وإحياء ذكراهم وتكريم ذواتهم ، وفي هذا المضمار يقول الشاعر ـ من الطويل ـ :
إذا عرف الإنسان أخبار من مضى تخيلته قـد عاش حيناً من الدهـر
وقد عاش كل الدهر من كان عالماً كريماً حليمـاً فاغتنم أطول العمر(6)


= الثلاثة : 1 ـ المعجم الكبير ، 2 ـ المعجم الأوسط ، 3 ـ المعجم الصغير ، وكلها في الحديث «كشف الظنون : 2/1737» .
(1) الإسماعيلي : هو أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل المتوفى عام 371هـ له معجم الشيوخ «كشف الظنون : 2/1735» .
(2) المرزباني : هو أبو عبد الله محمد بن عمران الخراساني البغدادي المتوفى عام 384هـ صاحب معجم الشعراء «الذريعة : 21/217» .
(3) الهمداني : هو أبو بكر أحمد بن علي بن أحمد بن الفرج بن بلال المولود عام 307هـ والمتوفى عام 398هـ ، له معجم الصحابة «معجم المؤلفين : 1/318» .
(4) القناني : هو أبو الفرج محمد بن علي بن يعقوب بن إسحاق بن أبي قرة الكاتب ـ من أعلام القرن الرابع ـ له كتاب معجم رجال أبي المفضل «رجال النجاشي : 283» .
(5) هذا وقد فصلنا الكلام عن هذا الموضوع في الجزء الأول من دائرة المعارف الحسينية المسمى بالبداية .
(6) النور السافر : 2 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 38


هذا المعجم

لقد قمنا بدراسة واسعة لعدد كبير من المعاجم التي تولت عملية ترجمة الشعراء قبل أن نضع هذا المعجم لمحاولة القيام بالأفضل في هذا الحقل وكان كالتالي :
1 ـ إن الحد الأوسط والذي يمكن من خلاله إعطاء فكرة غير مجحفة في حق الشاعر لا يتم عادة إلا من خلال عشر صفات ليتسنى استعراض جوانب مختلفة من نتاجه الأدبي وهذا ما حدى بنا أن نلتزم بهذا المقدار(1) حد الإمكان ، ولكن هناك فوارق وتجاوزات لا بد من الإشارة إليها هنا وهي :
أ ـ قد يبخل التاريخ في إعطاء صورة واضحة عن الشعراء بسبب الاضطهادات المتكررة التي أعدمت الكثير من نتاجهم الأدبي وصادرت عيون أشعارهم بل وسترت جميع الوثائق التاريخية أو بعضها بستائر الحقد والجهل ، وعندها نضطر إلى ثبت كل ما بحوزتنا من المعلومات لملأ الخلاء الذي واجهناه في مسيرة الترجمة ، وهذا بحد ذاته يعتبر تجاوزاً لما ألزمنا به أنفسنا من البحث عن جانب الشعر دون غيره ، وفي هذه الحالة نفضل البحث عن حياته الأدبية ـ في جانب النثر ـ بالدرجة الأولى إن وجد ، ثم التطرق إلى سيرته الذاتية وغيرها ، وهذا لا يعد خرقاً في الحقيقة بل محاولة لمعرفة شخصية الشاعر والخروج به من دائرة الجهل بالقدر الممكن .
وقد لا نوفق للحصول على هذا القدر من المعلومات عن شخصيته أو

(1) ومن الجدير ذكره : أننا التزمنا بالعشر صفحات بغض النظر عن الهوامش فلا ينتقض بما إذا جاء التعليق في الهامش على ترجمة أحدهم وتسبب بزيادة عدد الصفحات إذ العبرة بالمتن حسب صفحاتنا قبل الطبع وقبل التعليق .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 39


قد يتفق إننا قد تطرقنا إليها في مجال آخر فلا نود إعادة تلك المعلومات وثبتها في حقلين تجنباً من التكرار الممل والمعيب معاً ، فعندها نخضع للأمر الواقع وننتظر أن يكشف لنا المستقبل ما يمكن كشفه ، وإذا ما اتفق أن المترجم له وردت ترجمته في أكثر من مجال في هذه الموسوعة كالشاعر الخطيب والشاعر المؤلف ، والشاعر من أنصار الحسين عليه السلام فهذا بالطبع يترجم في كل هذه الحقول ولكن نوعية الترجمة تختلف اختلافاً كلياً ، فترجمة الشاعر تخصص بالجانب الأدبي من الشعر دون غيره وترجمة الخطيب تقتصر على الجانب الخطابي وهكذا ، ومع هذا فإن هناك بعض المعلومات لا بد وأن تتكرر لأنها ملازمة لمعرفة تلك الشخصية كالاسم والنسب وتاريخ الولادة وبلدها والنشأة وتاريخ الوفاة وهذا هو القاسم المشترك بين التراجم كلها .
ب ـ هناك شخصيات تأخذ مساحة أكبر من الذي حددناه للجدل القائم في الشخص مثلاً أو في نتاجه الأدبي ونسبته إليه أو في معتقده فيما إذا ساعدنا ذلك على كشف الغموض عن حياته الادبية وعندها نترك العنان لحد التواصل إلى المقصود مع مراعاة عدم الإسهاب في ذلك .
2 ـ من خلال دراستنا للمعاجم الأخرى لفت انتباهنا أن بعض أصحاب المعاجم أخذتهم الحمية في ترجمة بني قومه أو طائفته أو بلدته أو قوميته أو ما إلى ذلك ، فأسهب إلى حد الإفراط وتحدث عن الواحد منهم بعشرات الصفحات حتى كادت ترجمته تكوّن مجلداً مستقلاً ، بينما أجحف في حق غيره دون أن يقدم سبباً مقنعاً لذلك ، وقد لاحظت من أحدهم كيف يميز بين المترجمين ويجعلهم في درجات مختلفة حسب الترتيب التالي : بنو قومه ، بنو بلدته ، بنو قوميته ، بنو المهجر ، ولا يتورع من الطعن في غيره .
وقد زاد استغرابي حين قرأت لبعضهم عن شخصية ليست من بني قوميته فتعرض لأمور أقلها أنها لا تطابق وقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : ليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتقوى(1)، وهذا لا اختصاص بقومية دون أخرى بل

(1) بحار الأنوار : 73/350 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 40


وجدته عند أكثر الأطرف من الرجال لا يليق بهم ذلك .
والأغرب من ذلك أنه كثيراً ما وجدت المترجم يمدح المترجم له في نتاجه الأدبي ورغم ذلك يطعن فيه وفي نتاجه من جهة كونه من أبناء طائفة أخرى ويختلف معه عقائدياً ، وقد نسي قول الله تبارك وتعالى : «إنَّ أكْرَمَكُم عِنْدَ اللهِ أتْقاكُم»(1) وهناك من يذكر أبناء مدينته فيطيل الكلام في مدحه ويكرر الألفاظ الفضفاضة دون جدوي ، ولما يصل إلى آخر من غير مدينته فيأتيه العسر والبخل والشح معاً فتتكرم أنامله بتحرير بعض الأسطر الجافة فتأتي ترجمة الشخص مقتضبة جداً قد لا تتجاوز في بعض الأحيان حتى نصف الصفحة ، وقد نسي قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، «الناس سواء كأسنان المشط»(2) .
وهذا ما جعلني أن أخذ جانب الحياد وأنظر إلى الشاعر من زاوية الادب ومن منطلق الشعر لأقف موقفاً يصدق معه «لا تأخذني فيه لومة لائم» .
3 ـ امتنعت عن نقل أية معلومة من شأنها التنقيص بحق المترجم لأنني لست في صدد دراسة سيرته الذاتية لألقي الضوء الكاشف على كل جوانب حياته حتى السلبية منها ، وإنما اقتصر على دارسة حياته الأدبية ـ جانب الشعر ـ فقط ، وقد امتعضت مما شاهدته في بعض المعاجم القديمة والحديثة على حد سواء من التطرق إلى ما لا يرتضيه ذو الفكر السليم ، والأولى بنا أن نستر ماستره الله تعالى .
نعم هناك بعض الاستثناءات لا بد لي من الإشارة إليها ولعلها تنحصر في مَنْ شاع ظلمه وأصبح طاغية بل أصبح الظلم بعينه ، أصاب ظلمه العباد والبلاد ، أو أنه أخذ يسيء ويهجو رمزاً عقائدياً كالرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم أو أهل بيته الذين فرض الله علينا مودتهم وطهرهم تطهيراً فعندها نجوز لأنفسنا كشف سجله المليء بالظلم والانحراف وحنيئذ تنقلب الآية فلا يغتفر لمن يكتم ذلك ، كما هو الحال في يزيد البارحة واليوم ، قال

(1) سورة الحجرات ، الآية : 13 .
(2) بحار الأنوار : 75/251 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 41


تعالى : «لا يُحبُ اللهُ الجَهْرَ بالسُوءِ مِنَ القَولِ إلا مَنْ ظُلم»(1) .
4 ـ نحاول جهد الإمكان أن نتجنب نقل شعر الهجاء في ترجمة الشاعر إلا إذا جدبت المعلومات في حقه أو اقتضت الضرورة ، وكذا الحال في شعر المدح ، وبالاخص مدح الملوك والسلاطين إلا لحكمة أو ما شابه ذلك ، ويستثنى من ذلك مدح الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة عليهم السلام .
كما نحاول عدم نقل الشعر ذي الاتجاه الديني لاكتفائنا بما نقلناه في ديوان القرون ، والمهم التعرف على الشاعر من خلال بقية أغراضه إلا في حالة جدب المعلومات أو ضرورة ذلك .
5 ـ إن اختيار عينات من الشعر بغرض ثبتها في ترجمة الشاعر ليس بالأمر الهين ، وبالأخص فيما إذا كان الشاعر مكثراً فربما أخذ منّا يوماً كاملاً ، كما أن الحصول على شعر المقل في بعض الأحيان يكون كخرط القتاد(2) لأن المصادر شحيحة فلا بد من بقر بطون الكتب والمؤلفات للحصول على بعض الأبيات .
والأصعب من ذلك محاولة إعطاء صورة صحيحة وكاملة عن الشاعر من خلال قراءة مختارات من شعره ضمن عشرة صفحات وهذا ما يجعلنا أن نقول بأن الاختيار أمر شاق ، ويزيد في ذلك عدم إمكانية إرضاء القراء لاختلاف أذواقهم ، ولكنها تبقى محاولة في طريقها الصحيح إن شاء الله .
6 ـ لقد كان أمامنا خياران في ترتيب المعجم ، تنظيمه حسب سنة وفاة الشاعر أو تنظيمه حسب الحروف الهجائية وقد عدلنا عن الأول لأسباب(3)، أهمها أن الغالب في الناس عدم حفظ تاريخ وفاة الشاعر ، وهذا يسبب إرباكاً لهم لدى الحاجة إلى مراجعة ترجمته ، وإمكانية وضع

(1) سورة النساء ، الآية : 148 .
(2) مثل يُضرب للأمر دونه موانع ، والخرط : هو قشر الورق عن الشجر اجتذاباً بالكف . والقتاد شجر لَهُ شوك أمثال الأبر (المنجد : 984) .
(3) من تلك الأسباب عدم العثور على تاريخ وفاته ، أو وقوع الاختلاف في تاريخ وفاته .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 42


فهرس لذلك يخفف من الصعوبة هذه ، ولكنها لا تصل إلى حد السهولة المطلوبة حيث أن الباحث لا بد وأن يراجع الفهرس أولاً ليصل إلى موضع ترجمته في المعجم بينما عند الترتيب وفق الحروف الهجائية يمكنه الرجوع إلى المعجم مباشرة .
هذا وقد اعتمدنا في عنوان الترجمة على الاسم الثلاثي أي ذكر اسمه واسم أبيه ولقبه المعروف به مراعين في ذلك ترتيب الحروف الهجائية في الأسماء الثلاثة جميعاً ، وإذا خفي على الباحث اسم الشاعر وكان على معرفة بلقبه فعليه حينئذ مراجعة الفهرسة للحصول على اسمه الثلاثي .
7 ـ إن كثيراً من أسماء الأعلام تأتي مركبة وهو الذي أربك أصحاب التراجم في التعامل معها في ترتيب معاجمهم وكان سبباً لاختلافهم في موضع ثبتها لها .
وفي الحقيقة ان الاسم المركب على شكلين فقد يكون المضاف جزءاً حقيقياً لا يمكن فعله ، بل يتغير معناه فيما إذا جرّد عن المضاف إليه فهذا مما لا شك في عدم إمكان تجريده كما في عبد الله وما في فلكه كعبد الحسين .
ومن الجدير ذكره أن هناك من اشتهر بالمضاف إليه ولكن جاء في واقعه مركباً كعبد المجيد الذي قد يشتهر بمجيد تخفيفاً على اللسان وذلك لأن المجيد من أسماء الله التي لا تستخدم كعلم للإنسان ولذلك تبقى السجلات تحمل كلمة العبودية كجزء لا يتجزأ من علم تلك الشخصية ، وعليه الاعتماد في ترتيب المعجم .
وهناك من أسماء الله قد توضع علماً للإنسان باعتبار معناها اللغوي كالجواد مثلاً فعندها لا بد من مراعاة التسمية ثم الشهرة ، وفي مثل هذه التسميات مناقشة فقهية وعقائدية تطرقنا إليها بشيء من التفصيل في محله(1) .
وأما الشكل الآخر من الأسماء المركبة فهي التي لا يوجب تجريد

(1) راجع مقدمة باب معجم من سمي بالحسين من هذه الموسوعة .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 43


الجزء الأول منها إلى تغيير في المعنى أو ما شابه ذلك فإنه على نوعين الأول ما شاع تسميته مركباً كمحمد علي فالاعتماد عليه ، والثاني الأسماء المركبة مثل محمد إبراهيم ومحمد حسين وأضرابهما فالاعتماد فيها على الحقيقة إن توصلنا إليها ثم على الشهرة فتوضعان في حرف الميم إن كانت حقيقة التسمية أو الشهرة مركباً وإلا فيوضع الأول في حرف الألف والثاني في حرف الحاء خلافاً لبعض المؤلفين حيث حذفوا المضاف من هذه الأسماء في ترتيب معاجمهم وأشاروا إليها لدى الحديث عن تلك الشخصية(1) .
وأما بالنسبة إلى الأعلام المركبة المشابهة للكنى فتثبت كما هي إذا ثبت علميتها خلافاً لبعض المؤلفين حيث اعتمد على الجزء الثاني منها وأثبت مثلاً أبو بكر وأبو القاسم في بكر والقاسم(2) ولكننا أثبتناهما في حرف الألف نعم إذا كانت كنية فالاعتماد حينئذ على الاسم دون الكنية .
كما أننا لا نراعي في ترتيب المعجم الاعتبارات الدينية التي سلك عليها بعض المؤلفين من تقديم ما شمل على العبودية لاسم الجلالة على غيرها من أسماء الله تعالى فيقدمون عبد الله على عبد الحميد مثلاً(3) وهنا من يقدم في حرف العين عبد الله وأمثال ذلك على عامر وأمثاله لاعتبارات دينية .
وهناك من يقدم من سمي بمحمد على كل الأسماء فيبدأ معجمه بهم(4) .
كما أن هناك من يقدم الأب على الابن باعتبار الرتبي(5) فيقدم أبو بكر على ابن بكر مثلاً .
وبما أن هذه الاعتبارات توجب إرباك المحقق والباحث أعرضنا عنها

(1) راجع طبقات أعلام الشيعة للطهراني .
(2) راجع الأعلام للزركلي .
(3) راجع تهذيب التهذيب .
(4) راجع الوافي بالوفيات .
(5) راجع الكنى والألقاب .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 44


ونتعامل مع العلم بترتيب الحروف الهجائية دون غيرها من الاعتبارات .
ولا يخفى أن هذا الأسلوب لا يختص بهذا المعجم فحسب بل يشمل كل المعاجم في هذه الموسوعة .

دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 45


لكل جواد كبوة

ويقال أيضاً : ألجواد قد يكبو ، هذا المثال صادق تماماً على الشاعر العبقري الذي يرتجل الشعر ارتجالاً ، فربما اصطدم بلحظة لا يقدر فيها على نظم الشعر بل قد يتوقف عند الصدر ويعجز عن إلحاق العجز به ، شأنه شأن الكاتب بل شأن كل محترف في عمله تأتيه ساعة يشعر بالعجز ، وفي ذلك يقول الفرزدق : أنا عند الناس أشعر الناس وربما مرت عليّ ساعة وزع(1) ضرس أهون عليّ من أنْ أقول بيتاً واحداً .
وقال العجاج (2): لقد قلت أرجوزتي التي أولها :
بكـيت و المحتـزن البكي(3)
وإنمـا يأتي الصبا(4) الصبي
أطـربـًا وأنـت قنسـري(5)
والـدهر بالإنسان دواري

وأنا بالرّمل(6) في ليلة واحدة ، فانثالت على قوافيها انثيالاً ، وإني لأريد اليوم دونها في الأيام الكثيرة فما أقدر عليه .

(1) الوزع : الزجر ، ويصح «وجع» أيضاً .
(2) العجاج : هو عبد اله بن رؤبة بن لبيد السعدي التميمي المتوفى عام 90هـ ولد في الجاهلية وقال الشعر فيها ثم أسلم ، وهو أول من رفع الرجز وشبهه بالقصيد وهو والد رؤبة الراجز المشهور ، وله ديوان شعر في جزأين .
(3) البكي : الكثير البكاء .
(4) الصِبا : بالكسر الشوق .
(5) القنسري : الكبير المسن .
(6) الرمل : اسم موضع .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 46


وقال أبو يعقوب الخريمي(1) : خرجت من منزلي أريد الشماسية(2) فابتدأت القول في مرثية لأبي التختاخ(3) فرجعت والله وما أمكنني بيت واحد .
ويقول الشاعر ـ من الطويل ـ :
وقـد يـقرض الشعر البكي(4) لسانه وتعيي القوافي المرء وهو خطيب(5)

8 ـ من الجدير ذكره أن المعجم يحتوي على أقسام مختلفة كل قسم تضمّن ترجمة مجموعة من الشعراء فلا بد من مراجعة القسم المطلوب وقد ميّزنا كلاً منها في بداية كل جزء من أجزاء المعاجم ، والأقسام هي كالآتي :
قسم من نظم بالعربية الفصحى .
قسم من نظم بالعربية الدارجة .
قسم من نظم بالفارسية .
قسم من نظم بألأوردو.
وهكذا...
والسبب لفصل الأقسام ، يعود إلى أن نمط الترجمة حيث يختلف الأمر بين الأقسام ، وحتى لا تتغير الموجة عند القارئ ولا يتأثر باختلاف سياق الترجمة ، وضع لكل قسم معجماً خاصاً به .
9 ـ ولا يخفى أن هذا المعجم خاص بمن نظم في الإمام الحسين عليه السلام ولو بنصف بيت ، ولا مجال لترجمة من لم ينظم في الإمام شيئاً ، فهو ضمن دائرة المعارف الحسينية ، وليس عاماً ليشمل كل الشعراء

(1) الخريمي : هو إسحاق بن حسان بن قوهي المتوفى عام 212هـ ، أصله من خراسان ولد في الجزيرة وسكن بغداد ، كان من شعراء الدولة العباسية .
(2) الشماسية : بفتح أوله وتشديد ثانيه ، صحراء كانت في أعلى بغداد .
(3) أبو التختاخ :
(4) البكي : المقل غير المعطاء .
(5) البيان والتبيين : 1/143 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 47


والناظمين ، ولكن قد نترجم شاعراً لم يرد شعره في الدواوين الموضوعة ضمن هذه الموسوعة وذلك لأن عدداً من الشعراء نظموا في الإمام الحسين عليه السلام أو نهضته المباركة أو أهل بيته أو أنصاره إلا أن أشعارهم اختفت ولم تصلنا سوى أخبارها فنقوم بترجمته رغم عدم العثور على شعره الحسيني ، على أمل اكتشافها في المستقبل .
10 ـ لم نتوقف عن ترجمة الأحياء من الشعراء كما جرى ديدن الكثير من المترجمين في هذا الحقل شأنه شأن الحقول الأخرى ، للصدمة التي أصابتهم من جراء ذلك ولعلها تكمن في التخوف من الأمور التالية :
أ ـ عدم إمكانية إرضاء صاحب الترجمة ، وربما أدى ذلك إلى القطيعة فيما إذا كانا على صلة مسبقة ، وقديماً قالوا : رضا الناس غاية لا تدرك(1) .
ب ـ عدم إمكانية استيفاء ترجمته لأنه لا زال على قيد الحياة فلم تكتمل سيرته وصورته ولم يتوقف عطاؤه ، فلربما واصل تطوره الأدبي وحاز قصب السبق فتظل ترجمته قاصرة وناقصة .
ج ـ قد تعوق المصالح السياسية أو الاجتماعية في إعطاء صورة واضحة عن سيرته وهو على قيد الحياة .
ولكننا تجاوزنا ذلك بروح رياضية عالية حيث وضعنا نصب أعيننا العديد من الأمور والتي منها :
أ ـ ضرورة تكريم الرجل في حياته ومواكبة سيرته طمعاً لمزيد من العطاء ، وحتى لا يشملنا هجاء الشاعر في قوله ـ من البسيط ـ
المرء ما دام حياً يستهان بـه ويعظم الرزء فيه حين يفتقد(2)

ب ـ ثبت المعلومات في أوانها حتى لا تصبح عرضة للنسيان .
ج ـ أخذ المعلومات من منابعها الصافية لترتفع نسبة وثاقتها نسبة

(1) وفي حديث الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام لعلقمة : يا علقمة إنّ رضا الناس لا يملك ، وألسنتهم لا تضبط (البحار : 67/2) .
(2) مقدمة ريحانة الأدب : 1/13 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 48


عالية ، كما عالجنا حد الإمكان تلك السلبيات التي قد تقف سداً لذلك بالشكل الآتي :
أ ـ تجنب السلبيات والاقتصار على الجانب الإيجابي في ظل الأدب .
ب ـ عدم اللجوء إلى استخدام أدوات المدح أو الذم لدى التعريف بالشاعر من ألقاب وصفات قد تؤدي إلى المزايدات ، بل نقتصر على بيان الحقائق وسرد الوقائع ولا نتعداهما .
ج ـ التحلي بسعة الصدر لقبول النقد البناء والإعراض عن غيره .
11 ـ من الشعراء من اختار لنفسه اسماً مستعاراً ليستر به شخصيته خوفاً على حياته أو حياة ذويه حيث لا زالت هناك سلطات تلاحق من نظم في الإمام الحسين عليه السلام باعتباره رمز الرفض والإباء ، فقد أعرضنا عن ترجمته تحت اسمه المستعار إلى أن تزول الغمة عن شخصه أو ينكشف لنا حقيقة اسمه ، وإلا فسنلحق ترجمته بآخر المعجم إن شاء الله تعالى .
ومن الجدير الإشارة إليه أيضاً أن هناك إرباكاً ربما سيحصل بالنسبة إلى بعض الأسماء المستعارة ولكنا قدر الإمكان سنحاول الوصول إلى حقيقتها أو إرجاءها على الأقل إلى آخر المطاف ، ومن تلك مثلاً «إبراهيم رفاعة» والذي نشر شعره في بعض الصحف العربية الصادرة في طهران(1) فبعد التحقيق تبين أن هذه الشخصية الأدبية انتحل هذا الاسم بشكل مؤقت لأسباب خاصة ، وقد رأينا أنه من الضروري الإشارة إلى ذلك كي لا يلتبس الأمر على القارئ الكريم أو الباحث النبيل .
وأخيراً لا بد من الإشارة إلى أننا نحتمل أن يكون قد سقطت ترجمة بعض الشعراء رغم كل المحاولات الحثيثة والاستقصاء الممكن ، ومع هذا نأمل الحصول على أسماء بعض الشخصيات التي فاتتنا ترجمتها من خلال التحقيق والتنقيب إلى جانب ظهور شخصيات أخرى جديدة على الساحة

(1) مجلة التوحيد العدد : 18/ السنة : 3/ الصفحة : 196 .

السابق السابق الفهرس التالي التالي