دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 106


وبعـد فـإن النحـو علـمٌ مُبَيـِّنٌ لكيفية التركيـب فـي العربيـة
وغايتـه صون اللسـان عـن الذي يخالفُـهُ تركيبُ أهـل السليقـةِ(1)
وموضوعه الألفاظ من حيث ركبت لتأديـة المعنـى بغيـر مزيـّة(2)
وذلك إمـا مُـفـردٌ أو مـركـبٌ بـالإسناد أو بالمزج أو بالإضافة
فمفـرده الموضـوع سُمـي كلمـة كقايمـة والتـاء حـرف الزيادةِ
ومـا فيـه تركيـب يـُراد لذاتـه بـالإسنـاد يُدعـى بالكلام كثبتِ
وأقسـامهـا اسـم وفعل وحرفهـم حروف المعاني لا الهجا والزيادةِ
وأقسامـه اسمـان واسـمٌ وفعلُـه واسـمٌ وفعـل الغيـر بالسببيـةِ
وكـل كـلام جملـةٌ دون عكسـه كشرطيـة والجملـة القسمـيـةِ

ويقول في خاتمتها :
فـرغتُ وقـد أبـدى المحرم غرةً لتسـعٍ مئيـنٍ هـجـرة نبـويـةِ
فَثَـمّ بتلك النظـم عقـدٌ تـوشحتُ(3) جيـاد الأمـانـي منه بعد عطالةِ(4)
وإنـي وإن لم يـُرض تثبيط همتي ببيـداء قُفـرٍ بالمكـاره حُـفـتِ
ونحـوي محوي فـي طرق مودتي وصرفي فيها صرف كأس تصفتِ
ولكننـي دون ارتوائـي بمشربـي بنهـر علـوم الـرسم حلّت بليتي
وما هو إلاّ مثـل نهـرٍ بـه ابتلت فريـق عَـدَتنـا حالهـم فتعـدّتِ
فطوبى لذي حدس(5) وسطوة جدبة(6) يـجـوز بـه ريـان لـم يتلفـت
وتعسـاً لمستسقٍ اكتب عليـه مـا يـزيـد بـه إلا غليل(7) حلويَّـةِ


(1) السليقة : الطبيعة .
(2) المزية : الزيادة ، الفضيلة .
(3) توشح به : تقلد به ولبسه .
(4) العطالة : القصور ، خاصة في الأجسام تشير إلى أن الأجسام قاصرة عن تغيير حركتها أو سكونها من نفسها ومبدأ العطالة أن الجسم إذا كان ساكناً أو في حركة منتظمة مستقيمة ولم تفصل به قوة ما ، فإنه يبقى على ما هو عليه .
(5) الحدس : سرعة الانتقال في الفهم والاستنتاج ، وحدس في الأرض : أسرع ، أو ذهب على غير هداية .
(6) الجدب : ضد الخصب .
(7) الغليل : العطش الشديد .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 107


ومـا إن أرى منه ارتوائـي سائغاً وهـذا الذي منـه اغترفْتُ بغرفةٍ
وكان لعلـم النحـو بالحفظ حاجـة فادرجْتُـه فـي سلكِ تلك القَصيدةِ
عليـك بـه يـا طالب النحو إنـه كفيـل بمـا يغنيـك فـي العربية
ويـا ناظراً فيـه اعتبر غير عابر كخطفـة بـرق أو كهبـة نسمـة
ولا تنظرن بالسخط وامنن بنظـرة بعيـن رضىً عن كل عيب كليلة(1)
وأحمـد ربـي للفـراغ مصلـيـا علـى أحمـد المختـار خير البريةِ
حـوى القلـم المملي نهاية بهجـة بما ذاق مـن سلسال هذي القصيدةِ
وحلـى قراطيسـاً تخلت بنسخهـا بتعليقها الموجود عـن أصل نسخةِ
قصيد جـرت كالسلسبيل(2) سلاسلا سبـيـل بساتـيـن العلـوم الجليلة
لآلٍ رمـاهـا مـوج بحـر فضائل إلـى ساحـل النظـم القويم بقـوة
سـديـدٌ معـانيهـا بديـع بيانهـا إلى نحوها قد أوجبتْ صرف همتي
نسخـتُ لمخـدوم خدمتُ لدرسـه عـزيـز مخـاديـم سليـم غريزة
وقـرة عيـن السعـد سيد عصره ومـولـى مواليـه بفضـل ورتبة
حبا لطفه ربي أولي الفضل والنهى فمـن ذا ربـوا قدراً بربوة رفعـة
وظل ذلـولا عايـذ المجـد عنـده وضـل ذليـلاً عائـذٌ بتعـنــتِ
مُـر بي مليك الأرض شرقاً ومغربا معلـم سلطـان الملـوك بسطـوة
مراد العُلـى والتاج والسيف والعطا سرور سرير الملك كامـلُ دولة
أدام إلهي ملكه مع عمر من بتدبيره أركان ذا الملك شدة
بـه أسعـد الأيـام أسـعـد جـَده وَجَـدّلـه أثـواب مجـد وَعـزةِ
وعُمّرَ ذا المخدوم مع إخـوة رمـَوا مـراقـي فضلٍ نائلي كـل نعمةِ
وبنفعـه ربـي بهـذي وحفظـهـا ويـوتيـه فضلاً منـه كل فضيلةِ
وأني من العُبدان(3) في باب سعدهم مـلازم دعـواتٍ لـيـوم وليلـةِ
ربيـب عطـايـاهم ومنظورُ لطفهم بتسليـم مخدومين أشرف خدمـةِ
وداعيهُـمُ المدعوّ بالمصطفى أنتمي إلـى الصادق المقرئ أُنيل لرحمةِ
ويكرمـه فـي مقعد الصدق ربنـا ويغفـر لـي مـَعْ والـديَّ برأفةِ


(1) الكليل : الضعيف ، يقال بصر كليل إذا كان ضعيفاً ، وسيف كليل إذا لم يقطع .
(2) السلسبيل : اللين ، الخمر ، الماء العذب السهل المساغ .
(3) العبدان : مفرده العبد .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 108


ولما انتهى نسخي دعوتُ مؤرخا(1) فقلت ألا فابهج نهاية بهجةِ(2)


(1) مجموعة الجملة بعد مؤرخاً يصبح 899 فيما إذا اعتبر نهاية النهاية والبهجة هاءً .
(2) نهاية بهجة : الورقة 1 ـ 2 و 22 ـ 23 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 109


(8)
إبراهيم بن حسون ياس
1333 ـ 1402هـ = 1915 ـ 1982م

هو الشاعر إبراهيم بن حسون الشيخ حمزة آل ياس الهنداوي الزبيدي ولد عام 1333هـ في قضاء الهندية(1) (طويريج) في محلة الشيخ حمزة من عائلة كريمة المحتد ، أخذ مبادئ العربية والإسلامية عن فضلاء بلدته والذي منهم والده(2)، ثم تتلمذ على السيد محيي الدين(3) القزويني وأخيه السيد مهدي(4) القزويني .
منذ صباه برزت عليه علائم الذكاء وما أن شبَّ حتى ولع بالأدب والشعر ، واللغة وأصولها فاتصل بفضلاء مدينته وحضر مجالسهم حتى صقلت مواهبه فأخذ ينظم الشعر بعدما أكثر من ممارسته قراءة وحفظاً ، وبذل جهوداً حثيثة وسعى جاهداً من أجل تحصيل العلوم العصرية بنفسه أو ما يمسى بالتعليم الذاتي فدخل دورات عديدة للاستفادة والاغتراف من معين الثقافة حتى تأهل للعمل في مدارس التعليم الابتدائي .

(1) الهندية : من توابع محافظة الحلة (بابل) سابقاً ، وكربلاء المقدسة لاحقاً ، تقع وسط العراق ، تبعد عن كربلاء حدود 20 كيلومتراً شرقاً .
(2) كان والده من رجال الدين المعروفين على صعيد مدينة الهندية .
(3) محيي الدين : هو ابن هادي بن صالح بن مهدي الحسيني الحلي ، ولد في طويريج الهندية ، وانتقل إلى النجف الأشرف للدراسة ، تتلمذ على العلمين الكاظمين الخراساني واليزدي .
(4) مهدي : هو ابن هادي بن صالح بن مهدي الحسيني الحلي (1307 ـ 1366هـ) ولد في قضاء طويريج (الهندية) درس على أخويه الباقر والجواد في الهندية ، ثم على السيد كاظم اليزدي والشيخ هادي كاشف الغطاء في النجف ، توفي في طويريج ودفن في النجف ، وكان عالماً وأديباً .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 110


وما أن أتيحت له الفرصة حتى حاضر في الثانوية الهندية في مادة اللغة العربية ، وفي عام 1379هـ انخرط مع غيره بدوره رجال الدين التي أنشأتها وزارة المعارف أيام العهد القاسمي(1) فعين مدرساً(2) للدين والعربية في مدينة الكوت(3) وبما أنه كان عضواً في حزب الاستقلال(4) ذو النزعة القومية فقد شارك احتفالاتهم بشعره السياسي .
وأخيراً سكن بغداد إلى أن وافته المنية ونقل جثمانه إلى النجف .
قال عنه القزويني(5) : إضافة لشموخه بالصناعتين(6) كان جليساً لا يُمَّلُ حديثه ظريف مستطاب النكتة ، ملِمٌّ بالشواهد الشعرية واسع الاطلاع ، محبوب لدى جميع عارفي مكانته(7) .
وذكر لي السيد جودت القزويني(8) أنه كان ينظم بالقريض وبالدارج

(1) العهد القاسمي في (14/7/1958م) 26/12/1377هـ قاد عبد الكريم قاسم انقلاباً على النظام الملكي في العراق وأعلنها جمهورية ، أطيح به بتاريخ (8/2/1963م) 14/9/1383هـ .
(2) وذلك في متوسطة الشرقية في الكوت ثم انتقل إلى إعدادية الكوت .
(3) الكوت : مركز محافظة واسط ، تقع جنوب العراق .
(4) حزب الاستقلال : تأسس في (2/4/1946م) 29/4/1365هـ في بغداد وضمت هيئته المؤسسة كلاً من محمد مهدي كبة ، داود السعدي ، خليل كنه ، إسماعيل غانم ، فاضل معلّه ، علي القزويني ، عبد المحسن الدوري ، رزوق شماس وعبد الرزاق الظاهر ، وكان مقره في شارع الكيلاني ، راجع الأحزاب السياسية في العراق : 144 ، تاريخ العراق السياسي المعاصر : 1/115 .
(5) القزويني : هو السيد أحمد بن عبد الحميد بن أحمد (1347 ـ 1412هـ) أديب شاعر ، ولد في الهندية انتمى إلى حزب الإستقلال العراقي ، لقب بشاعر حزب الإستقلال ، تولى رئاسة بلدية الهندية عام 1373هـ ، من مؤلفاته : الإمام الحسن ، جناية السياسة على الادب ، ديوان شعر باسم تراث الأديب .
(6) الصناعتان : القريض والدارج .
(7) طرف وظرف أدبية (مخطوط) .
(8) القزويني : جودت بن كاظم الحسيني ، ولد في بغداد عام 1372هـ ، تخرج في كلية الآداب من جامعة بغداد عام 1395هـ ، حصل على الشهادة العليا (دكتوراه) من جامعة سوَس في لندن عام 1417هـ ، أديب شاعر وكاتب معاصر ، له العديد من المؤلفات منها أعلام العراق بأقلامهم ، المجموعة الشعرية .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 111


وله قصائد في الإمام الحسين عليه السلام ، وفي الحقيقة فإن الفضل في الحصول على ترجمته رغم اختصارها يعود له .
ومن شعره وهو ـ من الكامل ـ :
الشعـر سلَّـمُ كـُلِّ معنى راقي تجـري بـه الأفكارُ جَري عتاق
مضماره لُغةُ البيان فإنْ جـرى روَّى الظِمـا كالسلسـل الرقراق
لـكّنـه لا يستجيـبُ لـدعـوةٍ قـسـراً بـلا أمـلٍ ولا أشـواق
لم أدّع قَـدْ جِلتُ مـن فرسانه يومـاً ، وإن أعيى الحسود لحاقي
لـكننـي مـا قُلتـُه مُتَملـقـاً يـومـاً ولا ا ستعملـتـه لنفـاقِ
مـرآة نفسي بـل نتيجةُ فكرتي إنـي لهـا مـمـا يشيـن لـواقِ

ويظهر من أبياته أنه لم يمدح أحداً ولم يستخدم شعره وسيلة لمآربه ، ويقول في أخرى ـ من الكامل ـ عن معالي الأخلاق :
الصدق والإخلاص والإيمان تنبيـك كيـف يُخلَّدُ الإنسـانُ
وَتُريكَ أن الحيّ ليس بجسمه يحيا وإن طالتْ به الأزمـان
وبـأنّ مفهـوم الحياة عقيدةٌ ضَمنَ الخلودَ لأهلها الإيمـانُ
كـم ميـّتٍ ونراه حيّاً ماثلا لعيوننـا لـم تُخْفِهِ الأكفـانُ
وهناكَ أحيـاءٌ لسوء فعالهم قبل المماتِ طواهُمُ النسيان(1)

كما ذكر لي الشيخ محمد تقي الموصلي(2) بأن له ديواناً كبيراً باللهجة الدارجة أكثره في الإمام الحسين عليه السلام .
وكتب إلى السيد سلمان طعمة(3) عنه قائلاً : «استهواه الأدب عامة

(1) طرف وظرف أدبية (مخطوط) عند السيد جودت القزويني .
(2) الموصلي : هو الشيخ محمد تقي بن محمد باقر الموصلي من فضلاء النجف الذين سجنوا في ظل النظام الحاكم وأخيراً هرب من العراق ، وسكن بيروت وقد صاهره ابن المترجم الدكتور عبد السلام ، توفي في طهران لدى زيارته إلى إيران في 13/شوال/1418هـ .
(3) سلمان : ابن هادي آل طعمة بن محمد مهدي الموسوي ، ولد في كربلاء المقدسة سنة 1353هـ ، مؤرخ وأديب معاصر لَهُ مصنفات كثيرة منها : (كربلاء في الذاكرة) ، (تراث كربلاء) .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 112


والأدب الشعبي وشعره خاصة فبرع في كتابة القصائد الشعبية وتناول فيها مختلف الأغراض فاشتهر بها وذاع صيته ، ولقد دأب شاعرنا منذ مطلع الستينات (الثمانينات الهجرية) على نظم المراثي الحسينية الجميلة ليلة العاشر من محرم من كل سنة ولم يطبع للشاعر ديوان بعد ، رغم انتشار قصائده»(1) .
لقد اتصلنا كراراً بابن المترجم وصهره ، ومجموعة من أصدقائه ، دون جدوى ، حيث لم يكن ميسوراً لهم إمدادنا بنماذج من أشعاره لظروف خاصة ، ولا زلنا بانتظار أن يسعفونا ريثما تحين فرصة مناسبة ، وعندها سوف نستدرك ذلك إن شاء الله .

(1) وتأتي ترجمته في معجم الشعراء الخاص بالشعر الدارج (الشعبي) إن شاء الله .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 113


(9)
إبراهيم بن حسين بحر العلوم
1248 ـ 1319هـ = 1832 ـ 1901م

هو السيد إبراهيم بن حسين بن رضا بن محمد بن مهدي بن مرتضى الطباطبائي الحسني ، ولد في النجف عام 1248هـ ونشأ بها على أبيه وفي أسرته العلمية وترعرع في مجلس العلم والأدب ، تتلمذ على علماء أسرته ومدينته ، وكان أكثر تتلمذه على أبيه(1) في كافة العلوم .
قال عنه الشرقي(2) : نشأ وفيه ميل فطري للآداب فعكف عليها في أبان شبابه وكان مغرى بغريب اللغة وشواردها ذو حافظة قوية للغاية مفضلاً لأسلوب الطبقة الأولى طبقة البداوة على الأساليب الصناعية الحادثة(3) .
أخذ الأدب والشعر عن أبيه وما أن بلغ العشرين إلا وبرع في العلوم الأدبية وبدأ بنظم الشعر .

(1) أبوه : هو حسين بن رضا بن محمد مهدي الشهير ببحر العلوم ، ولد في النجف عام 1221هـ تتلمذ على الشيخ صاحب الجواهر ، هاجر من النجف وسكن كربلاء ثم سافر إلى إيران وعاد إلى النجف وفيها مات سنة 1306هـ ، وكان من مشاهير الإمامية وعلمائها .
(2) الشرقي : هو علي بن جعفر بن محمد حسن (1308 ـ 1384هـ) ولد في النجف وتوفي في بغداد ، أديب شاعر ، وكاتب سياسي ، سكن بغداد وتولى رئاسة المجلس التمييز الجعفري ، وعضوية ومجلس الأعيان ، فوزيراً ، من مؤلفاته البطائح ، الألواح التاريخية ، ذكرى سعدون .
(3) شعراء الغري : 1/115 عن مقدمة ديوان السيد إبراهيم الطباطبائي حيث قدم عليه الشيخ علي الشرقي .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 114


عده الخاقاني(1) من أشهر مشاهير شعراء عصره ومن شيوخ الأدب(2) وعبر عنه السماوي(3) : فتىً يترنم بشعره إذا أنشده وقال : فأنشد يوماً قصيدته التي يرثي بها الشيخ جعفر الشوشتري(4) وجعل يترنم بقوله فيها ـ من الكامل ـ :
فمن استنزل النجم من أبراجها واستنزل الأقمـار مـن هالاتها

وكان في محفل من الأدباء وفيهم السيد جعفر الحلي(5) فطلب الحلي سيگارة من بعض الجالسين وقال معرضاً للمترجم ـ من الهزج ـ :
ألا مـن يقتل البق فإن الـبـق آذانـي
إذا طنطن في الجو يصم الصوت آذاني

ففطن لذلك المترجم وقطع الإنشاد وقال :
فقـل زمـجـرة الليث بـهـا وقـر(6) آذانـي
ودع طنطنـة الـبـق لكابي(7) الشعر خزيان(8)


(1) الخاقاني : هو علي بن عبد علي بن علي الحميري (1330 ـ 1398هـ) ولد في النجف وتوفي في بغداد ، أديب كاتب وصحفي ماهر ، أنشأ مجلة البيان ، ومن مؤلفاته شعراء كربلاء ، وشعراء الموصل ، وشعراء البصرة .
(2) شعراء الغري : 1/114 .
(3) السماوي : هو محمد بن طاهر بن حبيب (1292 ـ 1370هـ) ولد في السماوة وتوفي في النجف ، سكن كربلاء وتولى قضائها كما سكن غيرها ، مؤلف باحث وشاعر أديب له كتاب إبصار العين ، مجالي اللطف .
(4) الشوشتري : هو جعفر بن حسين التستسري (الشوشتري) من بني النجار ، من فقهاء الإمامية وأعلامها ، درس في النجف وكربلاء والكاظمية توفي عام 1303هـ ، له مؤلفات اشتهر منها الخصائص الحسينية وله ترجمة في أعلام كربلاء وفي معجم من ألف في الحسين ، من هذه الموسوعة .
(5) الحلي : هو أبو يحيى جعفر بن محمد بن محمد حسن ، ويرجع نسبه إلى الإمام علي ابن أبي طالب عليه السلام ولد في الحلة سنة 1277هـ ، وهو من أدباء الإمامية المبرزين ، له ديوان شعر بعنوان (سحر بابل وسجع البلابل) وتوفي سنة 1315هـ ودفن في النجف الأشرف .
(6) وقر أذنه : ثقلت أو ذهب سمعه كله وصمّت أذنه فهي موقورة .
(7) الكابي : هو الذي خمدت ناره فكبى ، أي خلى من النار ، أراد عدم قدرته على نظم الشعر .
(8) خزيان : المستحي ، المفتضح ، والمؤنث خزيى ، مثل عطشان عطشى .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 115


وقبض على يد الحلي وأراد صفعه فارتجل الحلي معتذراً ـ من السريع ـ :
رأيت إبراهيم رؤيـا بهـا أضحى كاسماعيلها(1) جعفـر
هـا أنذا جئتك مستسلمـاً يا أبـت افعل بي ما تؤمر(2)

فضحك المترجم لحسن اعتذار الحلي وسري(3) عنه(4) .
ولا يخفى أن الشيخ محمد السماوي تخرج عليه كما تخرج عليه الشيخ عبد الحسين الحويزي(5) الحائري(6) والشيخ عبد المحسن(7) الكاظمي(8) .
وقال عنه كاشف الغطاء : كان فاضلاً كاملاً أديباً شاعراً وماهراً وله الشعر الرائق في الفنون المختلفة من المديح والرثاء والغزل والنسيب وكان يحذو في شعره حذو السيد الرضي(9) والأبيوردي الأموي(10)، وقد جمع

(1) إسماعيل : تشبيه بالنبي إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليه السلام في قصة الذبح .
(2) إشارة إلى قوله تعالى في سورة الصافات ، الآية : 102 : «قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين» .
(3) سري عنه : انجلى عنه الغم أو الغضب .
(4) أعيان الشيعة : 2/130عن الطليعة : 1/5 ، وشعراء الغري : 1/117 عن الحصون المنيعة : 9/177 .
(5) الحويزي : هو عبد الحسين بن عمران ، ولد في النجف الأشرف حدود 1289هـ ، من فحول الشعراء ، له ديوان شعر باسم (ديوان الحويزي) سكن كربلاء المقدسة وبها مات سنة 1376هـ .
(6) شعراء الغري : 1/117 .
(7) عبد المحسن : هو ابن محمد بن علي ، ولد سنة 1288هـ في بغداد ، وهو من شعراء العراق المبرزين ، طاف البلدان واستقر في مصر ومات فيها سنة 1354هـ ودفن في القاهرة .
(8) أعيان الشيعة : 2/130 .
(9) الرضي : هو أبو الحسن محمد بن الحسين بن موسى ، ولد سنة 359هـ من أئمة الأدب والفقه ، جمع نهج البلاغة للإمام علي عليه السلام توفي سنة 406هـ .
(10) الأموي : هو محمد بن أحمد بن محمد القرشي ولد في أبيورد بخراسان ، وله مصنفات عديدة منها (طبقات العلماء في كل فن) إضافة إلى ديوان شعره ، مات مسموماً في أصفهان سنة 507هـ
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 116


شعره بعد وفاته ولده السيد حسن(1) في ديوان بعد أن ذهب الكثير منه(2) .
وقال عنه أبو المجد : أكثر شعره في الغزل والنسيب لا مليح إلا وله من تشبيه أوفر نصيب ، لكنه يسلك في شعره الحزن ويستعمل حوشي(3) الكلام ويتنكب السهل ولا يستعذب منهل العذوبة والانسجام ، وربما استعمل من نكات البديع أحسن أجناسه وهو الجناس .
كان قوي الحافظة جزل الأداء يرتجل الشعر وربما دعي لمناسبة مفاجأة فيقول القصيدة بطولها ويمليها بعد حين على كاتبه الخاص باسترسال(4) ومن شعره في الغزل قصيدة ـ من الكامل ـ يقول فيها :
للعـاشقيـن مـذاهـب لكنـمـا ما لي سواك من المذاهب مذهب
ولقـد شكوت عليك عنـدك عاتباً لـو كان للعشاق عندك معتـب
وكان جعدك(5) فوق خدك مرسلاً ليل احـم(6) البردتين(7) مكوكب
إنـي ليطربنـي قوامك إن خطـا يهتز كالخطّـي(8) وهـو مذرب
ينسـاب فـوق كثيب ردفك أرقـم و تدب فـوق شقيق خدك عقرب
لـدغـت وريـقك قـات لسمامها والريـق دريـاق(9) بفيك مجرب
و إذا استمـالك عن هـواي مؤنب لـم يستملني عـن هـواك مؤنب


(1) السيد حسن : ولد في النجف عام 1282هـ وتوفي بها عام 1355هـ ، كان من العلماء والأدباء .
(2) الحصون المنيعة : 7/140 ، وفي معارف الرجال : 1/33 «ان له ديوان شعر» .
(3) الحوشي من الكلام : الوحشي الغريب .
(4) حلي الدهر العاطل لمحمد رضا بن محمد حسين الأصفهاني المتوفى عام 1362هـ كما في أدب الطف : 8/163 ، وشعراء الغري : 1/118 .
(5) الجعد : والجمع جعاد ، من الشعر ، خلاف المسترسل .
(6) أحمَّ الشيء : جعله أسوداً .
(7) البردتان : واحدها بردة : كساء من الصوف الأسود يلتحف به .
(8) الخطي : الرمح .
(9) درياق : لغة في ترياق المعرّبة من ترياق الفارسية ، وهي مادة مخدرة تستخرج من نبتة الخشخاش وتستعمل دواء للسموم ، والعرب تسمّي الخمر ترياقاً وترياقة لأنها تغيّب الإنسان عن واقعه .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 117


لك حيـن تبدو مـن جمالك هيبـة ومـن المـلاحة حيـن تقبـل موكب
امعذبـي بهواك أقسـم والـهـوى لـولاك لا يحلـو النسيـم ويـعـذب
تصـف العذاب العذب منك ثلاثـة ريـق وسـالـفـة(1) وثغر أشنب(2)
ان يمس وادي الجزع ملعب سربهم فلهـم مـراح فـي القلوب وملعـب
ويشـوقني منـك الجبيـن كأنـه طـرس(3) بمحلول النضار(4) مذهَّب
فإذا طلعـت فكـل شـيء مطلـعٍ وإذا غـربـت فكـل شـيء مغرب
ومجـرد لحظـاً لحتفـي مرهفـاً عضب(5) المضارب من دمي يتحلب
ومصـرف بـالتبـر بيض أنامل مثـل اللجيـن(6) تجـدّ فيـه وتلعب
نـاديتـه والقلـب منـي واجـب يـا من يصوغ القُلْب(7) قلبك قُلَّب(8)

يقول الخاقاني عن ديوانه : إنه لم يكفل كل شعره ومن ذلك قوله ـ من الرمل ـ :
طابت الفيحا(9) بمثواكم وفاحت وغدت بالعنبر الوردي وراحت
يـا بروحـي أفتـدي أرواحكم لجنان الخلد راحت فاستراحت

ويضيف الخاقاني قائلاً : يوجد عند حفيده السيد حسين بحر العلوم(10) نسخة من ديوانه المخطوط وفيها زيادات منها التشطير التالي ـ من الرمل ـ :

(1) السالفة : جانب العنق .
(2) أشنب : الرجل أبيض الأسنان حسنة .
(3) الطرس : الصحيفة بكسر الطاء وسكون الراء ، وطرَسَ الكتاب : كتبه ، ومنه أيضاً محاه .
(4) النضار : الذهب والفضة ، وغلب في الأول .
(5) عَضَبَ : قطع ، والمرض أقعده عن الحركة ، وبالرمح : طعنه ، وبالعصا ضربه ، وبلسانه : شتمه .
(6) اللجين : الفضة .
(7) القُلْب : بضم القاف ، وسكون اللام : السوار .
(8) أعيان الشيعة : 2/131 .
(9) الفيحا : تخفيف الفيحاء : الواسعة من الدور .
(10) بحر العلوم : هو حسين بن محمد تقي بن حسن بن إبراهيم ، ولد في النجف سنة 1347هـ ، درس على والده والسيد أبو القاسم الخوئي ، من علماء الإمامية له ديوان شعر .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 118


قـل لمن والى علي المرتضى بولـي الله قـد نلت النجـاة
أيهـا الخـائـف مـن سيئـة لا تخـافن عظيـم السيئـات
حبـه الاكسير(1) لـو ذرّ على ميـت حلت بـه روح الحياة
سـره المخفـي لـو يظهر في سيئات الخلق صارت حسنات

وذكر له أيضاً مقطوعة في وصف الفرس ـ من المديد ـ :
مذ حكت غرّة سعدى الصباحا شمت من طلعتها السعد لاحـا
خلت سعدى إذ تهادت عروساً مـن شذا أردانها المسك فاحـا
قعرت فـي العـدو عنها جياد إن عدت يوماً تبارى الرياحـا
في رهان السبق حدت جناهـا فاستعار الطيـر منهـا جناحا
وامتطـت صهوتهـا ذو معال مدرك فـيهـا العلى والنجاحا
لـو بها رام يجوز الضراحا(2) لغدت فـيه تجوز الضراحا(3)

وله متغزلاً ـ من البسيط ـ :
يـا أجـود الناس إلا في مسامحتي البخـل أجـود ممـا ضيَّع الجـود
أخيّ مـا الحسن مودود لذي كـرم وإنمـا الحسـن بـالإحسان مودودُ
عـد للتخلـق إن الخلـق مجمـرة لـولا التخلـق لم يسطع بهـا عود
يـا حبذا الحب لو تبقـى حلاوتـه لكنـه بالذعـاف(4) المـر مقصود
والحـب كالرزق مقسـوم ومحتبس والنـاس قسمـان محروم ومسعود
أجد والكور(5) لي ردف على اجد(6) والليل فـي لهوات(7) البيـد مكدود


(1) الإكسير : يونانية الأصل ، مادة كيمياوية مصنعة عرفت عند أهل الكيمياء القدامى ، قيل إنها إذا احتكت بالزئبق حولته فضة ، وإذا احتكت بالنحاس حولته ذهباً ، ثم استخدمت الكلمة لكل جسم من شأنه تكميل الأجسام ألأخرى .
(2) الضراح : لغة في الضروح وهي الفرس النفوح برجله ، أي السريعة ، والضراح أيضاً بيت في السماء الرابعة وضع بإزاء العرش .
(3) شعراء الغري : 1/119 .
(4) الذعاف : الطعام جعل فيه السم ، ويقال موت ذُعاف : سريع .
(5) الكور : رحل البعير أو الرحل بأداته ، وهو مما يذلل به البعير ويُوَطَأ ، ومنه أيضاً بفتح الكاف وسكون الواو ، الطبيعة والسجية .
(6) أُجُدُ : بضم الألف والجيم والدال : وهي الناقة التي فقار ظهرها متصل .
(7) اللهوات : واحدها لهاة ، اللحمة المشرفة على الحلق ، إشارة إلى حلول الليل في الصحراء .

السابق السابق الفهرس التالي التالي