دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 119


بجسـرة تـذرع البيـدا بعجـرفـة وللركائب آسـاد(1) وتـوخيـد(2)
وشاذن(3) أخذت منه المها(4) حوراً وأغيـد أطرقت منـه الظبـا الغيد
إذا مشى اهتـز مـن فرع إلـى قدم كأنـه غصن بـالريح(5) مخضود
مرنـح مـرح مستـعـذب عـذب مخصر ناعـم الأطراف أملـود(6)
مستغـرق بميـاه الحسن عـارضه قـد زان منـه بياض الخـد توريد
يـا فاضح البـدر مـن لألاء طلعته وساتر الـوجه إن الوجـه مشهود
لي منك في حالتي سخط وعين رضا وعـد تقربـه عيـنـي وتوعيـد
واعـدتمونا وأخلفـتـم وعـودكـم فمـا مللنا وملّتنـا المـواعيـد(7)

ومن ذلك أيضاً قوله ـ من الوافر ـ :
أتحضني الصدود ولسـت أدري مـلالا كـان صـدك أم دلالا
أذاع الحب فيـك مصون سري فاسـبـل مقلتيّ دمـاً مـذالا
فدى لك يـا غزال الرمل صب يبيت الليـل يفتـرش الرمـالا
بخلت بيقظـة بـالوصل فامنن بطيف منـك يطرقني خـيـالا
وحسبـي أن لـي بهواك قلبـاً يكابـد بعـدك الـداء العضالا
وكـم واش لحـاه الله يسعـى ليقـطـع مـن مودتنـا حبالا
ولين معـاطف مـا مسـن إلا سلبن الغصـن لينـاً واعتـدالا
وعذب مراشف لعس(8) شربنا على نعغـم بهـا الخمر الحلالا


(1) آساد : جمع أسد .
(2) توخيد : من وَخَدَ وَخْداً : ضرب من سير الإبل ، هو سعة الخَطْو في المشي .
(3) شادن : ولد الظبية (الغزال) .
(4) المها : البقرة الوحشية يُشَبهُ بها في حسن العينين .
(5) في العجز سقط أدى إلى اضطراب الوزن ، ولعل الصحيح «كأنه الغصن بالأرياح مخضود» .
(6) الأملود : الناعم اللين من الناس أو الغصون ، ويقال امرأة أملودة أي ناعمة .
(7) أعيان الشيعة : 2/132 .
(8) لَعِسَ : كان في شفته لَعَسَ ، أي سواد مُستحسن .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 120


فـمـا القمـر المنير لدي أبهـى وأسنـى مـن محاسنـه جمالا
ولا الماذي(1) أحلى من شمول(2) يطوف بهـا يميناً أو شمالا(3)

وله في وصف جبل عامل وأهله ومدحه ومدحهم قصيدة ـ من الرجز ـ يقول :
أين السهـول مـن جبال عامل حكـت منـاط الشهب بـالكواهل
أخـاشبٌ(4) رواسبٌ شـوامـخٌ بــواذخٌ فــوارعٌ مــواثـلُ
عاديـة بـل قبل عـاد رسخت معـاقلاً للفضـل والفـواضـل
لـو رام اسكندر(5) سـد شعبها لاشنعبـث بـالملك الحـلاحـل
يحجب قرن الشمس مشمخرهـا حتـى تـرى الهجيـر كالأصائل
مـن كـل طود شامخ عطود(6) خوى على العيوق(7) بالكلاكل(8)
كالكوكب الشرقـي في شروقه بـالجانب الغربـي فـي المناهل
كأن مـن بطنانهـا ظهرانهـا تحدر سيـلاً عـرمـاً للسائـل
إذا النسيم استن فـي ربوعهـا صـح سقيم الروض في الخمائل
أجيل طرفـي بمجال وشحهـا كأنهـا ذات الـوشـاح الجائـل
أصغـي ولا يرن لـي خلخالها مـا بـال ذات الخال والخلاخل


(1) الماذيّ : بتشديد الياء ، العسل ، والماذيَّة : الخمرة السهلة في الحلق ، شبّهت بالعسل للينها .
(2) الشمول : الخمر ، أو الباردة منها سُمِّيت بذلك لأنها تجمع شمل شاربيها أو لأنّها تشتمل على العقل فتملكه وتذهب به .
(3) أعيان الشيعة : 2/133 .
(4) أخاشب : جمع أخشب : الغليظ والطويل .
(5) الاسكندر : هو ابن فيليبس ملك مقدونيا ولد عام 1009 ق.هـ (356ق.م) من أشهر الغزاة لقب بذي القرنين ، بني الاسكندرية في مصر ، مات عام 975ق.هـ (323 ، ق.م) .
(6) العطود : من الجبال الطويل .
(7) العيوق : نجم أحمر مضيء في طرف المجرّة الأيمن يتلو الثريا ولا يتقدمها ، سُمِّي بذلك لأنه يعوق الدَبران عن لقاء الثريا .
(8) الكلاكل : واحدها الكلكل وهو الصدر أو ما بين الترقوتين ، ومن الفرس : ما بين مخرمه إلى ما ماسَّ الأرض منه إذا ربض ، والكلاكل : الجماعات .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 121


سقيـاً لهـا مـن أربع مربعة بكـل ربعي النـدى مـن عامل
كـالبحر إلا أنـه مغلولـب(1) طاغي العباب(2) ماله من ساحل
يا هل ترى مساجلاً(3) له وهل للبحر ذي التيار من مساجـل(4)

وسمع أن الشيخ باقر بن حيدر(5) يذم العرب فكتب إليه يمدح العرب ويذكّره بصفاتهم ـ من الخفيف ـ :
نقلوا عن أخي المكارم نقلاً مـا أرى أن يصـح حاشا وكلا
كيف من صح أصله عربياً يجـحـد العرب والمكارم أصلا
إنما العرب في القديم طراز أينمـا حـل بالنـضـار محلى
بـاقر العلـم لا جهلت تعلم كـرم العرب قدح فضـل معلى
أيهاذ الجليل بل مـن تعدى بعـلاه الفتـى الأجـل الأجـلا
والكريم النبيل أصلاً وفرعاً والعـديـم المثيل قـولاً وفعـلا
لست أدري وليت أني أدري قلـت جـداً أخـي أم قلت هزلا
أنت ذاك الفتى المشار إليـه مفرد فـي الزمان قـد عز مثلا
بل فتى حيدر المرشح ليثـاً إن يكن رشح الغضنفـر(6) شبلا
كل من كان حائزاً للمساعي حاز بعضاً وأنت مـن حاز كلا
طال مـا أخطأ المكثر قولاً إنمـا القـول كلمـا قـل دلا(7)

وله قصائد كثيرة في أهل البيت عليهم السلام وبالأخصّ في الإمام الحسين عليه السلام نقلناها في بابه .

(1) المغلَوْلَب : الكثير الملتف حول الشيء من الكثرة .
(2) العباب : البحر كَثُر موجه وارتفع ، والسيل ارتفاعه .
(3) سَجَلَ الماء : صبه وساجلَه ، باراه وفاخره وعارضه في الجري أو قول شعر .
(4) أعيان الشيعة : 2/134 .
(5) ابن حيدر : هو باقر بن علي بن محمد البطايحي ، ولد في سوق الشيوخ في جنوب العراق ، تتلمذ على يد السيد محمد حسن الشيرازي صاحب ثورة التنباك ، ويُعد من أدباء الإمامية وأعلامها مات سنة 1333هـ ودفن في النجف .
(6) الغضنفر : الأسد الغليظ الجثَة ، دلالة على الشّدة والقوة .
(7) أعيان الشيعة : 2/133 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 122


وله في رثاء أحد أعلام كربلاء ألسيد علي نقي الطباطبائي(1) المتوفى عام 1289هـ معزياً السيد علي(2) ابن رضا الطباطبائي بحر العلوم للقرابة التي بينهما ـ من الكامل ـ :
مـن للـمـدارس بعـده فلـقـد أمسـت بهـا تتنـاوب النوب
ذهـب الـذي تـزهـو العلوم به فـامتـاز عما دونـهُ الـذهب
قـل للـريـاسـة بعـده احتجبي فلقـد تـسـاوى الرأس والذنب
مـيـت لـه العلـيـاء نـادبـة دون الـورى والمجـد ينتحب
لـم يـجـر ذكـر حديثـه بفمي إلا انثنيـت ومـدمعـي سرب
أبكـل يـوم ظـفـر نـائـبـة فـي مهجـة العليـاء ينتشـب
قـم بـي نعـزي مـن بني مضر حبـراً لـه بحـر العلـوم أب
طـود رسـا فـي يعرب فغـدت تأوي إليـه العجـم والعـرب
شمخـت إلى الشرف الأشـم بـه شم(3) المعاطس(4) معشر نجب
يـتـهللـون بـأوجـه شـرقـت لولا رضا الرحمان ما غضبوا
تلقـى الأماني البيض إن نـزلـوا وترى المنايـا السود إن ركبوا
إن طـاولـوا طالـوا بمجدهــم أو غـالبـوا بنوالهـم غلبـوا
يـتـذاكـرون بكـل منـقـبـة حتى إذا ذكـر النـدى طربـوا
طلبـوا بجِـدِّهــم العلـوم وقد نـالـوا لعمري فوق ما طلبوا
ضربوا بمدرجـة العلـى قبـبـاً أطنـابهـا المعـروف والأدب
سـارت بـأفـق سمائهـا شهب عثـرت بلمـع سنائها الشهب


(1) الطباطبائي : هو ابن حسن بن محمد المجاهد ، ولد في كربلاء عام 1226هـ ، تتلمذ على السيد مهدي الطباطبائي والشيخ محمد حسين الأصفهاني ، ومن تلامذته الشيخ محمد تقي الشيرازي قائد ثورة العشرين في العراق ، ولَه مؤلفات عديدة مشهورة منها «كتاب القضاء» و«مزيج الاحتياج ـ شعر ـ» توفي في كربلاء المقدسة .
(2) علي الطباطبائي : هو حفيد السيد محمد مهدي المشهور ببحر العلوم ، ولد حدود عام 1224هـ ، وله كتاب (البرهان القاطع) مات سنة 1298هـ .
(3) شُمّ : جمع شمّاء : السيد ذو الأنفة والكريم .
(4) المعاطس : واحده المعطس بفتح الطاء وكسرها الأنف ، وشُم المعاطس دلالة على الرفعة والمنزلة العالية .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 123


يابن الأُلى لبس الزمان بهم أبراد عـز كلهـا قشب
إن غاب بدر عنك محتجب وافاك بدر ليس يحتجب(1)

وكتب إلى أخيه السيد محسن(2) قصيدة رقيقة ـ من الطويل ـ أيام إقامته في الكاظمية(3) يقول فيها :
عرضت ألوك الود ذا مدمع يجري إلى ابن أبي العليا أخي الكوكب الدري
أكفـكـف دمعي واليراع(4) بأنملي يحبّـر أسنـى مـا يجود بـه فكري
فـأنثر فـي الطرس الدموع لئالئا وأمـزج نظـم الشعـر بـاللؤلؤ النثر
فرائد في الأوراق سمط(5) نظامها يـروق كـأمثـال العقود على النحـر
ومـن نـكـد الأيام أن صروفهـا تـرامت بـذي فخر سما كل ذي فخر
أغـرٌّ نمـتـه للمـكـارم سـادة بسـؤددهـا تنمـى إلـى السادة الغـر
مناقبـه لـم يحص بالحصر عدها ـ لعمر أبي ـ جلت عن العدّ والحصر
فـلا غرو إن أمست تلوح زواهراً بـأفـق سمـاء المجـد كالأنجم الزهر
مليـك يعيـد العسـر يسراً بجوده فـلا زلـت مـن جداوه أرفل باليسـر
هو الغيـث إلا أن يظن بصـوبـه هو الليـث إلا أن ينهـنـه(6) بالزجر
يرنـح عطفيـه ارتياحاً متى جرى حديث العلـى والسيـف والفيلق المجر
ترامت به النزل الرواسم في السرى ألا رميـت منهـا القوائـم بـالعـقـر
وطارت به تحت القطيـع مروعة تـرف هـواديـه كقـادمـة النـسـر
فسر العدى ضيم عرانـي إذ غـدا سري بني فهـر(7) على نصب يسري


(1) أعيان الشيعة : 2/131 .
(2) محسن : هو ابن حسين بن محمد رضا الطباطبائي بحر العلوم ، من علماء الإمامية وأدبائها توفي في النجف سنة 1318هـ عن اثنين وسبعين سنة ، من أساتذته الشيخ مرتضى الأنصاري .
(3) سكن الكاظمية بعد وفاة عمه السيد علي بن رضا بحر العلوم عام 1304هـ .
(4) اليراع : القلم ، والقلم المصنوع من القصب .
(5) السِمْط : بكسر السين وسكون الميم : الخيط ما دام الخرز أو اللؤلؤ منتظماً فيه .
(6) النَّهنَهَة : الكفَّ ، وتقول : نهنهت فلاناً إذا زجرته فتنهنَهُ أي كففته ، ونهنَهَهُ عن الشيء : زَجَرهُ .
(7) بني فهر : نسبة إلى قبيلة فهر وهي أصل قريش ، وهو فهر بن غالب بن النَّضْر بن كنانة ، وقريش كلهم ينسبون إليه .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 124


وما هـو إلا الصقر صادف فرصة ليكسـر فـي فتـخـا(1) فحلق عن وكر
فجد ـ رعاك الله ـ في طلب العلى فخيـر بنـي الدنيـا امـرؤ فـاز بالخير
ولا تـن عـن نيل الأماني فربمـا يكـون ـ فديت الصبـر ـ عاقبة الصبر
ومـن شيـم الضرغام يظفر بالمنى ولـو حـلَّ مـا بيـن النـواجـذ والظفر
حطمـت من الخطب الملـم فقـاره فما زال ـ طول الدهر ـ محدودب الظهر
ومثلك يدعـى للخطـوب إذا انبرت بقـارعـة تـوري وحـاسـمـة تبـري
فيابن الكماة(2) الصيد حلوا من العلى مقـامـاً كبـا مـن دونه كوكب الغـفـر
طلبت اقتناء المجد مـن غير أهلـه ورمت مـرام الـعـز من مطلـب وعـر
فـلا تـرع للأوباش سمعـاً بمعوز فتـزداد فـي الآفـاق ضـراً عـلى ضر
وحـد عـن قبيـح حسنته بمكرهـا فـأبنـاء هـذا الدهـر تبطش بـالمكـر
تغربـت والأيـام شيـمـة غدرها تبيـت مـع الأمـجـاد فـاقـدة الـبـر
ولابرحت تقصي غطارفة(3) الورى كمـا قد غـدت تـدني زعانفـة الدهـر
رحلـت فخلفت الغـروب دوامـيا علـى الخـد تجـري والقلـوب على جمر
فـدينـاك كـم للعـود نرقب طلعة يفـوق طـلـوع البـدر بـالمنظر النضر
وبيـض ليـال كلمـا عنّ ذكرهـا تـشـوب سواد العيـن بالأدمـع الحمـر
إلـى كـم أخـا العلياء تترك حسداً مـن الغـي لـم تبرح تفتـش عـن سري
عداها الحجى(4) هل كيف تنكر إنني أخـو الصخـرة الصماء في الحادث النكر
يطول وجيز الشعر فيك فهـل ترى أقصـر عـن مـدح يطول بـه شعري(5)


(1) فتخا أصابعه : ثناها ولينها ، مفاصله استرخت ولانت وضعفت ، والفتخاء : العُقاب اللّينة الجناح .
(2) الكماة : واحدها الكمي ، الشجاع ، ولابس السلاح لأنه يكمي نفسه أي يسترها بالدرع والبيضة .
(3) الغطارفة : واحدها الغطريف وهو الشاب الظريف ، السخي ، السيد ، الشريف ، الحَسَن ، السَّري .
(4) الحجى : العقل والفطنة .
(5) شعراء الغري : 1/123 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 125


توفي في النجف يوم الثلاثاء السادس من محرم عام 1319هـ(1) ودفن مع أبيه وجده قرب مقبرة الشيخ الطوسي(2) .

(1) هناك من ذكر أنه توفي عام 1313هـ راجع ديوان القرن الرابع عشر من هذه الموسوعة .
(2) راجع أدب الطف : 8/164 ، وأعيان الشيعة : 2/129 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 126


(10)
إبراهيم بن حسين العلوي
1342 ـ 1381هـ = 1923 ـ 1962م

هو الشاعر إبراهيم بن حسين(1) بن محمد علي بن مهدي بن جواد بن هاشم(2) الموسوي العلوي ، ولد في كربلاء عام 1342هـ(3) ونشأ بها نشأة صالحة في بيت عرف بالفضل والأدب ، التحق بالمدارس الحديثة وتدرج بها حتى أنهى المرحلة المتوسطة ، ثم توظَّف في قسم الشؤون المالية بعين التمر(4)، ثم انتقل إلى وظيفة أخرى بكربلاء ثم بغداد إلى أن استوطنها حيث تولى وظيفة بوزارة التربية ، وخلال هذه الفترة لم يفارق كتب الأدب والشعر بل ولع بمطالعتها وراح يقرأ للشعراء القدامى والمحدثين ويتابع إبداعاتهم وظل يعشق الأدب والشعر ويحفظ الكثير من عيون الشعر العربي مما صقلت نفسه وبرزت مع الأيام قريحته الأدبية فنظم الشعر وأجاد .
قال عنه طعمة : «وقد عوض الشاعر انقطاعه عن استكمال تعليمه بالمدارس الحكومية وذلك بانكبابه على ذخائر الكتب الأدبية يعبّ منها ما يشبع نهمه وظمأه ، لقد أظهر اهتماماً واضحاً في عالم الفكر والأدب فكان الشاعر المطبوع والكاتب المبدع في أسلوبه الكتابي ، وقد صدم صدمة عاطفية مؤلمة في موطنه فتركت على محيّاه سمة حزنٍ لا تزول»(5) .

(1) حسين العلوي : كان شاعراً ينظم باللهجتين الفصحى والدارجة توفي عام 1364هـ ، ولد وتوفي في كربلاء ، وكان له التأثير المباشر في صقل موهبة ابنه المترجم له .
(2) وتعرف أسرته أيضاً بآل سيد جواد السيد هاشم .
(3) جاء في أعلام العراق الحديث : 34 أن ولادته عام 1341هـ .
(4) عين التمر : منطقة تقع على بعد 86 كلم جنوبي غربي كربلاء وهي منطقة سياحية وزراعية وعلى مقربة منها موضع يقال له : شفاثا ، ولها تاريخ قديم ، وفيها عيون ماء عذبة .
(5) شعراء كربلاء : 1/3 (مخطوط) .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 127


وعن شاعريته يضيف طعمة قائلاً : «شاعر مطبوع ولكنّه مقل في النظم وكان قد قام بجمع شعره في كراس صغير دوّنه بخط يده إلا أن شظف العيش الذي كان يعاني منه حال دون تحقيق رغبته بطبع مجموعته الشعرية في حياته فتركها أثراً مخطوطاً لدى أسرته ، يتميز شعره بالتهاب المشاعر واتقاد العواطف ورهافة الحس وجمال الصورة» .
وللشاعر قصائد ومقطوعات نظمها في شتى المناسبات والأغراض الدينية والاجتماعية ويقول عنها طعمة : «بيد قلتها نتذوق منها حلاوة البت لطف الأداء وسلامة الذوق وحسن الاختيار والتلاعب بالألفاظ ، فشعره نابع من الأعماق ، متدفق مليء بالقدرات الإيمائية»(1) .
هذا وله مضافاً إلى مجموعته الشعرية تلك ، كتاب مع الرصافي الثائر(2)، وكتاب : نظرة إجمالية في حياة المتنبي(3) وغيرها(4)، وله مساهمات أدبية أخرى من تقريظ وتقديم على بعض الدواوين وكتب الأدب ، كما حقق كتاب ما يقرأ من آخره كما يقرأ من أوله(5)، ونشرت له الصحف العراقية بعض قصائده ومقالاته الأدبية .
ومن شعره في الغزل ـ من مجزوء الكامل ـ :
كـفـا الملامة عاذليّه مافي الحشا قلب لديه
بالله عـني خـلـيـّا فاللوم للمضـنى أذيه
قسماً بمن خلق الجمال فقدّر المهج الضحـيّه
فلأهتكن عـن الهوى ستر الحيا بين البريّـه
إنّ الصراحـة مذهبي ولئن نشأت على التقيّه
يا عـاذلـيّ تـرفّقـا بي واعطفا يـا عاذليّه


(1) شعراء كربلاء : 1/4 .
(2) طبع بمطبعة المعارف ببغداد عام 1959م في 94 صفحة .
(3) طبع بمطبعة المعارف ببغداد عام 1959م .
(4) شعراء من كربلاء : 2/108 .
(5) لمؤلفه يحيى بن علي التبريزي .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 128


أنا في الهـوى قـد صرت قيساً(1) وهي ليلى(2) العامريه

وله مساجلات مع شعراء عصره منها مع الطالقاني محمد حسن(3) واليعقوبي محمد علي(4)، فقد كتب إلى الطالقاني عام 1378هـ منه أن يلتقي اليعقوبي ويبلغه عتابه لهجره له ـ من الكامل ـ :
مـولاي يـا حسـن الفعال ومـن غدا نـبـراس رشدٍ للورى ودليلا
أبـلـغ أبـا مـوسى(5) السلام وقل له ماذا الجفاء وكنت قبـل خليلا
قد ضنّ(6) وهو أخو السحاب بزورةٍ(7) تطفي من المتعطشين غليـلا
فعسـى تعـود لروضنـا بسـمـاتـه وعساه يشفي بالوصال عليلا
وعليكمـا منـي الـسـلام فعنكـمـا لا أبتغـي أبـد الزمان بديلا

فأجابه الطالقاني معرضاً باليعقوبي ومداعباً على نفس القافية والوزن :
يـا صاحب الأدب الرفيع تحيـة تزجى لشخصك بكرة وأصيلا
وافـى كتابـك فابتهجت به ولم أك مستحقـاً ذلك التبجـيـلا
ولقد عجبت من اشتياقك صاحباً متقلباً لـم يغـن عنك فتيلا(8)


(1) قيس : هو ابن الملوح بن مزاحم العامري ، وهو من شعراء نجد ، كان هائماً بحب ليلى ، فسُمي بالمجنون ، مات وحيداً سنة 68هـ .
(2) ليلى : هي أم مالك بنت سعد بن مهدي بن ربيعة العامرية من بني كعب بن ربيعة ، توفيت نحو عام 68هـ .
(3) الطالقاني : هو ابن عبد الرسول بن مشكور القاضي الحسيني ، ولد في النجف سنة 1350هـ ، وهو من أدباء النجف ، وقد حقق ديوان السيد موسى الطالقاني .
(4) اليعقوبي : هو ابن يعقوب التبريزي الشهير باليعقوبي ، ولد في النجف عام 1313هـ وتوفي بها عام 1387هـ ، كان أديباً شاعراً وخطيباً مؤلفاً ، عمل عميداً لجمعية الرابطة الأدبية أكثر من ثلاثين عاماً ، له عدة مؤلفات منها ديوان اليعقوبي والبابليات وغيرهما .
(5) أبو موسى : كنية اليعقوبي محمد علي .
(6) ضنّ : بَخَل .
(7) الزَورَة : المرة من زار .
(8) فتيلا : وهو من الأمثال أي : شيئاً بقدر الفتيل ، والفتيل : ما فتلته بين أصابعك من الوسخ .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 129


تهوى أبا موسى(1) وتعلم أنّه يرضى معاوي(2) عن أبيك(3) بديلا
أتراك يـا علوي تنسى موقفاً سيظـل يـودي الحق جـيـلاً جيلا
فاتركه إن شئت السلامة إنه هيهـات يخلص أو يكـون خليـلا

فأرسلها العلوي لليعقوبي بغية مشاركته في المساجلة فكتب إليه اليعقوبي بهذه الأبيات على نفس القافية ولكنها ـ من الوافر ـ :
أبا الأزهار جاءتك القوافـي تحيي فيك معدنك الأصيلا
لقد وافى العتاب وكان حقـاً ولكن ساء صاحبنا الجليلا
تجنّى ابن الكرام عليّ ظلمـاً وشبّهني بمن ضل السبيلا
رضيت بشتمه بل سوف أبقى له رغم الجفا خلا خليـلا
واصبر يا أخـا العلياء دوماً على عدوانه صبراً جميلا

مداعبات ومساجلات لطيفة كان الشعراء ولا زالوا يمارسونها فيما بينهم وتظهر من خلالها قوتهم الأدبية وإبداعهم الفنّي وكانوا يرون في ذلك تسلية ممتعة يحاولون فيها التفاخر والتعريض بالآخرين وهي في الحقيقة مسابقة أدبية جميلة قد يشترك فيها أكثر من اثنين وربما تجاوز الثلاثة والأربعة .
وكتب أيضاً إلى الطالقاني عام وفاته 1381هـ ولعلها كانت الأخيرة حيث توفي بعدها بقليل وهو من مجزوء الكامل :
أمحمد الحسن الـذي ثنت العلوم له الوسادة


(1) أبو موسى : تعريض لليعقوبي ، حيث شبهه بأبي موسى عبد الله بن قيس بن سليم الأشعري الذي كان يأمر أهل الكوفة بعدم الخروج مع الإمام علي عليه السلام في حرب الجمل ، وقصته معروفة في قضية التحكيم مع عمرو بن العاص في واقعة صفين ، ولد سنة 21 قبل الهجرة في اليمن ومات بالكوفة 44هـ .
(2) معاوي : أراد معاوية بن صخر (أبو سفيان) بن حرب الأموي ، ولد سنة 20 قبل الهجرة ، ناصبَ العدى للإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ، مات سنة 60هـ .
(3) أبيك : إشارة إلى الإمام علي بن أبي طالب بن عبد المطلب ، المولود سنة 23 قبل الهجرة والمستشهد بمحراب الكوفة سنة 40هـ ، وهو الإمام الأول من الأئمة الاثني عشر .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 130


وغـدا علـى رغـم الـعـدا كـالبدر فـي فلك الإفـادة
مـاذا الجـفـاء أبـا الـوفاء ولـم يكـن لك قبل عـادة
أنـسـيـت خـلا لـن يـرى فـي غيـر لقياك السعـادة
مـضـت اللـيالي كالسنـيـن بطـولهـا دون اسـتـزادة
هـل جـفّ بحـر اللطف منـ ـك فلـم تعد فيه استفـادة
أو انّـك اسـتـبـدلـت بـي وبـأخـوتي عظمـاً وسادة
حـاشـا فـلـطـفـك شامـل مـا اختص فيه ذوو السيادة
ذرنـا فـكـل المخلـصـيـن هنـا علـى وشك الشهـادة
وَلِـوا الـمـحـبـة لا يـزال عليـك ينتـظـر انعـقـادة

فأجابه الطالقاني وهو على فراش المرض بقصيدة على نسقها وزناً وقافية وقال في أولها :
أأخا الفضيلة والكمال ومن بني مجدا وشاده
وسعى لنيل المكرمات فنال بالمسعـى مراده
ومـن البيـان بعرشه ألقـى له طوعاً قياده
وافـى كتابك حامـلاً بالودّ أكثر من شهاده

إلى أن يقول في آخرها :
فاحمل لاخوان الصفا أشواق من يشكو بعاده
واقبل رسالة مخلص فيها أبان لكم وداده(1)

وأبدى العلوي حزنه في المقطوعة المقطوعة التالية ـ من الطويل ـ :
أيا عين سحّي الدمع قد خانني دهري ويا قلب ذب وجداً على من هم فخري
فخـار الفتـى فـي جـدّه وآبائـه وإلا فـإن المـوت أولـى من العمر
فمن مات في شرع الإبا قط لم يمت ومن عاش في ذلّ فقد عاش في خسر
فـلا غرو لـو أجريت دمعي تلهفاً عليهم وأبدي الحزن مهما يطل عمري
أحبـاي عطفـاً بالمسـيـر ترفقوا فقلبي وراء الركـب يقفو على الإثر
تحيّـرتُ لمـّا سرتـمُ بظعونكـم أودّع قلبـي أم لروحـي أم صبـري


(1) شعراء كربلاء : 1/7 ـ 8 .

السابق السابق الفهرس التالي التالي