دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 144


في رسالة وجهها إلى الأفندي(1) بعد عودته إلى مسقط رأسه ـ وهو من الكامل ـ :
قلبي يحن إلـى العراق ولـم أكن لا من رصافتـه ولا من كرخه(2)
لكـنَّ فـي بغداد لي مـن قربـه أشهـى إلـي من الشباب وشرخه
بأبي الذي شوقي لـه شوق السقيـ ـم إلى الشفاء أو الظليم(3) لفرخه
أو شـوق أعرابـيـة حنت إلـى طلـل بنجد فـارقتـه ومرخه(4)
قلبـي أسيـر عنـده دنف(5) فقل إن لم يحـل أسيره فليـرخـه(6)

واستظهر في هامش الأعيان أنها ليست له ولم يفصح عن ذلك .
وله بتشوق إلى جبع(7) من جبل عام ـ من البسيط ـ :
يـا حبـذا زمـن بـالوصـل مرَّ فمـا قد كـان أحـلاه بل يا حبذا جبع
فـكـم كريمـة أصل فـي الكروم لنـا بالوصل جادت ولكن صدّني ورع
وكم رعى الطرف بين الطرف بدر دجى شوقاً إلى منيتي والناس قد هجعوا
وكـم غـدا لـي نديمـاً والمدامة مـن فيه وفيه عذولـي لـيـس يرتدع
وكـم لثمـت ثنـايـاه وليس على التـ ـقبيـل والـضـم غير الله يطلع
فهـل يجـود زمـانـي بـالتواصل أو تضمنـا بعـض يوم تلكـم البقع
مـع البـدور اللـواتـي فـي بـراقعها عنا تخفت وفي أفق الحشا طلعوا
هيهـات ذلك مـن دهـر جـوانحـنـا فيه بنار الجـوى والبعد يلتـذع


(1) الأفندي : هو الشيخ عبيد الله بن صبغة الله الأشعري ، أحد علماء العامة في بغداد وكان بينه وبين المترجم صداقة أيام تواجده في العراق .
(2) الرصافة والكرخ إليهما تنقسم بغداد بفعل وجود نهر دجلة الذي يشقها .
(3) الظليم : الذكر من النعام .
(4) المرخ : وادٍ بين فدك والوابشية ، خضر نضر كثير الشجر .
(5) الدنف : من لازمه المرض ، والمريض ثقل مرضه ودنا من الموت ، والشمس دنت للغروب واصفرت .
(6) أعيان الشيعة : 2/160 ، عن ديوان الشعر العاملي المنسي .
(7) جبع : بالجيم المضمومة والباء الموحدة المفتوحة والعين المهملة ويقال جباع بالمد وتعرف بجبع الحلاوة تمييزاً لها عن جبع الشوف في جبل لبنان وجبع بنيامين في فلسطين ، وهي من اعمال الشومر في جهات صيدا .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 145


فما استهلت بروق من جهاتهم إلا وعيني دماً أجفانها(1) همعوا(2)

وقد أنشأ الشاعر بطرس كرامة(3) قصيدة خاليّة في مدح والي بغداد داود باشا(4) وأرسلها إلى أدباء بغداد وطلب منهم معارضتها فأبى الشيخ صالح التميمي(5) واستجاب الشاعر عبد الباقي العمري فعارضها بخالية أخرى كما عارضها المترجم إلا أنه جعلها في مدح الشيخ حسن بن جعفر كاشف الغطاء مطلعها ـ من الطويل ـ :
أشاقك من إطلال مية بالخال(6) رباع تعفى رسمها راجف الخال(7)

وهي تسعة وثلاثون بيتاً استخدم في قافيتها أربعون خالاً بأربعين معنى ومن أراد الاطلاع عليها فليراجع الأعيان(8) .
وله في البعد والهجران ـ من الطويل ـ :
أحبة قلبـي لم أجد قـط مخبـراً يطارحني أخبـاركـم وأطارحه
بعيـد النـوى إلا النسيـم وأنـه بكم يستفر القلب لا شـك نافحه
فهل يا ترى من عودة ينطفي بها لهيب اشتياق أحرق الجسم لافحه


(1) همعت العين : أسالت الدمع .
(2) التحفة الناصرية : 302 .
(3) بطرس : هو ابن إبراهيم كرامة ، من شعراء سورية واستامبول ، ولد في حمص سنة 1188هـ ، وأقام في استامبول إلى أن توفي فيها سنة 1267هـ ، له ديوان شعر ومجموعة من الموشحات الأندلسية .
(4) داوود باشا : كرجيّ الأصل ، مستعرب اشتراه الوالي سليمان باشا ، ولد سنة 1188هـ وعظم شأنه في العراق ، وخافه السلطان فعزله ثم أرسله شيخاً إلى الحرم النبوي ومات هناك سنة 1267هـ .
(5) التميمي : هو ابن درويش بن زيني ، شاعر ومؤرخ ولد في الكاظمية سنة 1190هـ ، ولَهُ ديوان شعر ، ومن مصنفاته : شرك العقول وغريب النقول ، مات سنة 1261هـ .
(6) الخال : اسم لعدد من المواضع ولعله أراد بها خال بني غطفان الذي أنشد فيه ـ من الطويل ـ :
أهاجك بالخال الحمول الدوافع فأنت لمهواها من الأرض نازع
(7) الخال : السحاب .
(8) أعيان الشيعة : 2/155 ونقلها عنه شعراء الغري : 1/99 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 146


ويهجـع طـرف لـم يجد لذة الكرى ويجمـد دمع خد في الخد سافحـه
ومـا الـدهـر إلا غـادر بي وقادر علـي ومـا عنـدي جنود تكافحه
فشـن عـلـى المشتاق غارات غدره وصاحت بـه من كل فجٍ صوائحه
هنيئـا لصـبّ لـم تذق حرقة النوى ولا ألم الهجـران يـومـاً جوانحه
ولا بات يوماً شاحط(1) الدار بل غدا يماسيه من يهوى إذا لم يصاحبه(2)

ومن شعره ـ من الطويل ـ :
تجنب رياض الغور من أرض بابل(3) فثم قدود(4) يـانعـات وأحداق(5)
وإيـاك إيـاك الـغـويـر(6) وقربه وقلبك فاحفظ إن طرفك سرّاق(7)

ويقول ـ من الكامل ـ :
يا ملبسي ثوب الهوان بهجـره لولا جمالك ما تجلببت الهوى
أشكو إليك جوانحاً تطوى على نار الصبابة آه من نار الجوى

وقال أيضاً في هذا المعنى :
زعمـت بثينـة(8) والعجائب جمة أنـي وصلـت بغيرها حبل الهوى
سنحت جآذر(9) رامة(10) فرمقتها فتوهمت أني جنحت إلى السوى(11)


(1) الشاحط : البعيد .
(2) التحفة الناصرية : 301 .
(3) بابل : مدينة تاريخية وسط العراق ومركزها الحلّة ، ويجري وسطها نهر متفرع من نهر الفرات .
(4) القدود : مفردها القد وهي القامة أو القوام .
(5) الأحداق : مفردها الحدق وهو جمع حدقة العين ، كناية عن جمال نسائها .
(6) الغوير : تصغير الغار : الجحر الذي يأوي إليه الوحشي ، والظاهر أنه اسم موضع على الفرات قالت الزباء : «عسى الغوير بؤساً» .
(7) التكملة : 74 .
(8) بثينة : إشارة إلى بثينة بنت حبا بن ثعلبة العذرية ، شاعرة من بني عذرة من قضاعة ، اشتهرت بأخبارها مع جميل بن معمر العذري ، ماتت بعد جميل سنة 82هـ .
(9) الجوْذر : ولد البقرة الوحشية .
(10) رامة : موضع ما بين البصرة ومكة ، بينها وبين البصرة 12 مرحلة .
(11) أعيان الشيعة : 2/159 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 147


ويقول ـ من الطويل ـ :
خذوا حذركم من طرفها فهو ساحر فليـس بنـاجٍ مـن دهتـه المحـاجر
فـإنَّ العيون الـسـُّودَ وهي فواترُ تفـل السيـوف البيـض و هـي بواتر
ولا تخدعوا من رقة في كلامهـا فـإن الحُـمـيّا(1) للعقـول تخـامـِرُ
مُنعَّمةٌ لـو صـافـح الوردُ خَدّها بَـكَـتْ وجـَرَتْ من مقلتيهـا بـوادر
فلو في الكرى مَرّ النسيم بطيفهـا سـرى أبـداً من طيفهـا وهـو عاطرُ
بعيدةُ ما بين المُخلل(2) والطِلا(3) ترى الطرف عنها ينثني وهو حاسر(4)

ومن أوائل ما نظمه وهو في الغزل قوله ـ من الخفيف ـ :
أيهـا الراكـب المجن غراماً أيـنـقـاً(5) نحو بارق تترامى
وعـوال شوازب(6) كقسي(7) تـركتهـا يد المغـذ سهـامـا
تتحامى إلى السرى وبها مـن قبـس الوجد لاهب يتحـامـى
حي عني الأحياء من آل ودي وأقرأن من عرفت مني السلاما
وبسلع سل عـن فؤاد مضاع لـم يزل فـي رباعها مستهاما
وإذا مـا بـدت لعينـك نجد أو تراءت لـديك دار أمـامـا
وعهود اللوى(8) فثم مغان(9) كـنّ للغيـد مرتعـاً و مقامـا
وبجيرون(10) جائرون أباحوا مـن دم المستهـام شيئاً حراما


(1) الحُميّا : بُلوغ الخمر من شاربها ، وقيل : إسكارها وحدَّتُها وأخذها بالرأس .
(2) المخلل : خلَّل العصير ، حَمضَ وفسد ، وخِلاها : ما حُمض من العصير أو الخمر .
(3) الطلاء : الشراب ، شُبِّه بطلاء الابل وهو الهِناءَ ، والطلاءُ : ما طُبخَ من عصير العِنَب حتى ذهب ثُلثاه وبعض العرب يسمي الخمر الطِّلاء .
(4) التحفة الناصرية : 299 ، وجاء في شعراء الغري : 1/91 معلقاً على هذه الأبيات والذي أتخطره إن هذه الأبيات قديمة اما لابن النبيه أو الشاب الظريف أو غيرهما .
(5) الأيناق : الإعجاب .
(6) الشازب : الضامر ، اليابس ، الخشن ، الشزيب : العود قبل أن يصلح .
(7) القسي : مفردها القوس وهي آلة ترمى بها السهام .
(8) اللوى : ما التوى وانعطف من الرمل أو مسترقه ، ويضرب به المثل .
(9) المغن : الوادي الذي كثر شجره .
(10) جيرون : الباب الشرقي لمدينة دمشق القديمة ، ويقال إن النبي سليمان بن
=
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 148


وأضـاعـوا حـق امرء وزعتـه لفتـات الـمـهـا عراقـاً وشـامـا
فعـلامـا هـذا التجـافـي علاما وإلـى مـا هـذا التنـائـي إلـى ما
ليس من شرعة الهوى أن أرى في حلبـات الهـوان مضنـى مضـامـا
يـا خليلـي للهـوى عـطـفـات تـورث الصـب لـوعـة وسقـامـا
علـلانـي بـذكـر سالـف عهد وأديـرا سـلافــه(1) أو مـدامــا
وانشـرا خـاطـري بنشر حديث طالما ضاع(2) منه نشر(3) الخزامى(4)

وله أيضاً ـ من الطويل ـ :
على الصب قد ضاقت لعمري مذاهبه وبان عزاه حين بانت حبائبه
ومـا هجعـت منـه العيون ولم يكن يسامره فـي الليل إلا كواكبه

إلى أن يقول في آخرها :
وقد عجبت في ربع عنه مسائلاً وصوتي به غير الصدى لا يجاوبه
(وقفت على ربع لميّة(5) ناقتي فمـا زلت أبكي عنده وأخاطبه)(6)
وأسقيـه حـتـى كاد مما أبثه تكلمنـي أحجـاره وملاعـبـه(7)

هذا وقد خمس قصيدة للشيخ عبد الحسين محيي الدين(8) ـ من

= داوود عليه السلام هو الذي تعهد ببنائها ، وقد أدخلت سبايا واقعة الطف من أهل البيت الرسول صلى الله عليه وآله وسلم منها على عهد يزيد بن معاوية ، وهي قائمة إلى يومنا هذا .
(1) السلافة : كل شيء عصرته ، والسلاف : أفضل الخمر .
(2) ضاعَ المسك : انتشرت رائحته .
(3) الخزامى : جنس زهر من فصيلة الزنبقيات ، له بصلة وأزهاره متعددة الألوان .
(4) شعراء الغري : 1/102 .
(5) ميَّة : من أسماء النساء ، ويقال : ميّ أيضاً ، وأراد بها الكناية عن المرأة ويقول النابغة الذبياني ـ من البسيط ـ :
يا دار ميّة بالعلياء فالسند أقوتْ وطال عليها سالف الأبدِ
«ديوان النابغة الذبياني : 19» .
(6) هذا البيت لغيره ضمنه في قصيدته .
(7) التحفة الناصرية : 300 .
(8) عبد الحسين : هو ابن قاسم آل محيي الدين النجفي ، ولد في النجف ، وكان من علمائها وشعرائها ، ومن آثاره منظومة في النحو ، مات سنة 1271هـ .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 149


البسيط ـ منها المقطوعة التالية :
بني علي(1) نرى الأفضال مجملها فيكم وعنكم بكم نروي مفصلها
يا أبحراً يمم العافون منهلها
إن الريـاسـة أنتم أهلها ولـهـا همتم بهـا مثلما هامت بكم ولها(2)


(1) بنو علي : إشارة إلى أولاد الشيخ علي بن جعفر بن خضر الجناجي المالكي آل كاشف الغطاء ، وهم مهدي ، محمد ، جعفر ، حبيب ، وعباس .
(2) شعراء الغري : 1/110 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 150


(14)
إبراهيم بن العباس الصولي
176 ـ 243هـ = 792 ـ 857م

هو أبو إسحاق إبراهيم بن العباس بن محمد(1) بن صول(2) تكين الصولي .
ولد في خراسان أو بغداد عام 176(3)هـ ونشأ ببغداد وتأدب بها وقرّبه المعتصم(4) والواثق(5) والمتوكل العباسي(6)، قال عنه ابن خلكان :

(1) كان محمد من رجال الدولة العباسية ودعاتها «معجم الأدباء : 1/166» .
(2) في معجم الأدباء : 1/165 ان صول كان مولى يزيد بن المهلب وكان تركياً مجوسياً ، وفي الأنساب للسمعاني : 3/567 . إن صول كان من ملوك جرجان ، ثم رأس أولاده من بعده في الكتبة وتقلد الأعمال السلطانية ، و«صول» و«فيروز» أخوان تركيان ملكان بجرجان يدينان المجوسية ، فلما دخل يزيد بن المهلب جُرجان أمَّتها فأسلم صول على يده ، ولم يزل معه حتى قتل يوم العقر .
(3) جاء في معجم الأدباء : 1/165 «وقيل سنة 167هـ» .
(4) المعتصم : هو المعتصم بالله محمد بن هارون الرشيد وهو ثامن حكام بني العباس ولد عام 179هـ وكان أُميّاً ، وحكم من عام 218هـ حتى عام 227هـ ، بنى مدينة سر من رأى واتخذها عاصمة له .
(5) الواثق : هو هارون بن محمد المعصتم بالله ، وهو تاسع حكام بني العباس ولد في بغداد عام 200هـ ومات في سامراء عام 232هـ بمرض الاستسقاء ، حكم في الفترة ما بين 227 و232هـ .
(6) المتوكل : هو المتوكل على الله جعفر بن محمد المعتصم بالله ، هو عاشر حكام بني العباس ، ولد عام 206هـ وتولى الحكم عام 232هـ ، واغتاله ابنه الأكبر المنتصر عام 247هـ ، حاول نقل عاصمته إلى دمشق لكنه عاد إلى سامراء ، وله جولات في محاربة أهل البيت عليهم السلام ومطاردة شيعتهم ، وحاول محو قبر الإمام الحسين عليه السلام مرات عديدة وللمزيد راجع فصل تاريخ المرقد الحسيني من باب تاريخ المراقد من هذه الموسوعة .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 151


كان أحد الشعراء المجيدين وله ديوان شعر كله نُخَبٌ(1)، وهو صغير وله نثر بديع فمن ذلك(2) «أما بعد فإن لأمير المؤمنين أناة(3)، فإن لم تغن عَقَّب بعدها وعيداً ، فإن لم يغن أغنت عزائمه والسلام» وهذا الكلام ينشأ فيه بيت شعر له أوله ـ من الطويل ـ :
أناةٌ فإن لم تغن عَقَّبَ بعدها وعيداً فإن لم يُغنِ أغنَت عزائمه(4)

وقال الزركلي(5) : كاتب العراق في عصره ، وأصله من خراسان ، وكان جدّه محمد من رجال الدولة العباسية ودعاتها ، تنقل في الأعمال والدواوين إلى أن مات متقلداً ديوان الضياع والنفقات بسامراء .
قال المسعودي : «لا يعلم فيمن تقدم وتأخر من الكتاب أشعر منه»(6) .
وقال القمي(7) : هو ابن أخت العباس بن الأحنف(8) وكان كاتباً بليغاً وشاعراً مجيداً ، وكان يكتسب في حداثته(9) بشعره ، ورحل إلى الملوك

(1) النخب : المختار من كل شيء .
(2) كتب الكتاب إلى بعض الخارجين على الخليفة العباسي يتهددهم ويتوعدهم .
(3) الأناة : الحلم والوقار .
(4) وفيات الأعيان : 1/44 .
(5) الزركلي : هو خير الدين بن محمود بن محمد الدمشقي ، ولد في دمشق عام 1310هـ ، ساهم في إنشاء المملكة الأردنية الهاشمية ، تقلب في المناصب الرسمية والدبلوماسية ، له مصنفات منها عامان في عمان ، وموسوعة الاعلام ، توفي في القاهرة ، عام 1396هـ .
(6) الأعلام : 1/45 .
(7) القمي : هو عباس بن محمد رضا بن أبي القاسم ، من علماء الإمامية ومحدثيها ومؤرخيها ، ولد في قم المقدسة عام 1294هـ ، له مصنفات عديدة منها سفينة بحار الأنوار ، الكنى والألقاب ، ومنتهى الآمال توفي في النجف الأشرف عام 1359هـ ودفن بها .
(8) الأحنف : هو العباس بن الأحنف بن الأسود بن طلحة الحنفي اليمامي شاعر غزل رقيق نشأ في بغداد ومات خارج البصرة عام 192هـ .
(9) الحداثة : أول الأمر وابتداؤه ، مقتبل الحياة ، وأيام الشباب .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 152


والأمراء ومدحهم طلباً لجدواهم(1)، وله مكاتبات قد دونت وفصول حسان من كلامه قد جمعت ، ومن كلامه : «مثل أصحاب السلطان مثل قوم علوا جبلاً ثم وقعوا منه فكان أقربهم إلى التلف أبعدهم في الارتقاء» ، يروي عن الإمام(2) الرضا عليه السلام(3) .
قال الحموي(4) : كان إبراهيم وأخوه عبد الله(5) من وجوه الكتاب وكان عبد الله أسنهما(6) وأشدهما تقدماً وكان إبراهيم آدبهما وأحسنهما شعراً وكان إذا قال شعراً اختاره وأسقط رذله(7) وأثبت نُخبته(8) .
ومن شعره ـ من البسيط ـ :
سقياً ورعياً لايام لنا سلفت بكيـت منهـا فصرت اليـوم أبكيهـا
كذاك أيامنا لا شك نندبها(9) إذا تقضّت(10) ونحن اليوم نشكوها(11)

وقال ابن خلكان(12) ومن رقيق شعره ـ من الطويل ـ :

(1) الجدوى : العطية .
(2) الإمام الرضا : هو علي بن موسى بن جعفر ، الثامن من أئمة أهل البيت عليهم السلام ، ولد سنة 148هـ ومات في خراسان بالسم سنة 203هـ وفيها دفن .
(3) الكنى والألقاب : 2/432 .
(4) الحموي : هو ياقوت بن عبد الله ، وهو رومي الجنس ، ولد في مدينة حماة سنة 574هـ ، له مصنفات عديدة منها إرشاد الألبّاء إلى معرفة الأدباء ، ومعجم الأدباء ، مات في حلب سنة 626هـ .
(5) عبد الله : هو ابن عباس بن محمد بن صول ، ولد قبل سنة 176هـ وكان من الكتاب ، مات في القرن الثالث الهجري ، وهو جد الأديب أبو بكر محمد بن يحيى ابن عبدالله الصولي .
(6) أسنَّ الرجل : شاخ .
(7) الرَذْل : الجمع منه أرذال ورُذال ورذول ورَذلون ، وهو ما قبح من الشيء .
(8) معجم الأدباء : 1/166 .
(9) ندَبَ : عدّد محاسن الميت ، ومنه أيضاً البكاء على الفقيد .
(10) تقضّى الشيء : انصرم وفني وزال .
(11) الكنى والألقاب : 2/432 .
(12) ابن خلكان : هو أحمد بن محمد بن إبراهيم الأربلي الشافعي ، ولد في مدينة إربل (ما بين الزابين قرب الموصل) سنة 608هـ ، تولى مناصب حكومية عديدة ، مات في دمشق سنة 681هـ .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 153


دَنت(1) بأناس عن تناءٍ(2) زيارةٌ وشط(3) بليلـي عـن دُنـوٍّ مـزارُهـا
وإن مقيـمـاتٍ بمنعرج اللّوى(4) لا قربُ من ليلى(5) وهاتيك(6) دارُها(7)

وقال في الأخوة والصداقة ـ من الخفيف ـ :
يا صديقي الذي بذلت له الْو دَّ وأنـزلتـه عـلـى أحشائي
إن عيناً أقذيتها(8) لتراعيـ ـك على ما بها من الأقذاءِ(9)
مـا بهـا حاجةٌ إليك ولكنْ هي معقودةٌ بحبلِ الوفـاءِ(10)

وقال الحموي : وتعجب دعبل الخزاعي من قوله ـ من السريع ـ :
إن امرءاً ضنَّ(11) بمعروفه عَنّـي لمـبـذولٌ لـه عـذري
مـا أنـا بالراغب في خيره إن كان لا يرغبُ في شكري(12)

وقال في رثاء ابنه ـ من مجزوء الكامل ـ :
كنت السواد لناظري(13) فبكـى عليـك الناظر


(1) دنا : قرب .
(2) ناء : بَعد .
(3) شطَّ : بَعُد .
(4) اللّوى : اسم موضع ، وهو واد من أودية بني سليم ، ويُضرب به المثل .
(5) ليلى : إشارة إلى أم مالك ليلى العامرية . صاحبة المجنون قيس بن الملوح .
(6) هات : اسم فعل بمعنى أعطني ، وهنا بمعنى ان الدار في متناول اليد .
(7) وفيات الأعيان : 1/44 .
(8) أقذى العين : جعل فيها القذى وهو التبن ونحوه .
(9) الاقذاء : ما يقع في العين من أذى .
(10) العقد الفريد : 2/230 .
(11) ضنَّ : بخل .
(12) معجم الأدباء : 1/168 .
(13) وفي وفيات الأعيان : 1/47 «كنت السواد لمقلتي» . وقد سبقه إلى هذا أحد الثلاثة ، الإمام علي عليه السلام ، أو السيدة فاطمة عليها السلام أو حسان بن ثابت في رثائهم للرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، حيث نسب المجلسي إلى الإمام علي عليه السلام في البحار : 22/548 قوله :
كنت السواد لناظري فبكى عليك الناظر
كما نسب ابن شهر آشوب إلى السيدة فاطمة عليها السلام في المناقب : 1/243 قوله :
=
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 154


من شاء بعدك فليمت فعليك كنتُ أحاذر(1)

وله أيضاً في الصديق ـ من البسيط ـ :
أولى البرية طراً(2) أن تواسيه عند السرور لمن واساك في الحزن
إن الكرام إذا ما أسهلوا ذكروا من كان يألفهم في المنزل الخشن(3)

وله في الشكوى من الأخوان(4) ـ من المجتث ـ :
لو قيل لي خذ أمانا من أعظم الحدثانِ(5)
لمـا أخـذتُ أمانا إلا مـن الخُـلاّنِ(6)

وقال في النفاق ـ من مجزوء الكامل ـ :
خَـلِّ النفـاقَ لأهـلـه وعليك فالتمس الطريقا
وارغب بنفسك أن تُرى إلا عَدُوّاً أو صديقـا(7)

وذكر الحموي له أيضاً في الصديق ـ من الوافر ـ :
أميل مع الصديق على ابن أمّي واقضي للصديق على الشقيق(8)
وافـرِق بيـن معروفي وَمَنّي واجمـع بيـن مالـي والحقوق
فإن ألفيتنـي حرّاً مطـاعـاً فـإنـك واجدي عبدَ الصديق(9)


=
كنت السواد لمقلتي يبكي عليك الناظر
وقد جاء البيت في ديوان حسان : 94 ، منسوباً إلى حسان كالتالي :
كنتَ السواد لناظري فعَمي عليكَ الناظرُ
وجاء البيت الثاني في جميع المصادر متحد اللفظ .
(1) تاريخ الأدب العربي : 2/280 .
(2) طرّاً : جميعاً .
(3) الكنى والألقاب : 2/432 ، وفيات الأعيان : 1/46 .
(4) تاريخ الأدب العربي لفروخ : 2/280 .
(5) الحدثان : النوائب والمصائب .
(6) الخلاّن : الاصدقاء .
(7) معجم الأدباء : 3/174 .
(8) الشقيق : الأخ من الأب والأم .
(9) معجم الأدباء : 1/174 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 155


وله أيضاً في الهم والحزن ـ من البسيط ـ :
كم قد تجرعت من حزن ومن غصص إذا تجـدد حـزن هـون الماضي
وكـم غضبـت فمـا بـاليتم غضبي حتى رجعت بقلب ساخط راضي(1)

وكان إذا نزلت به نازلة أنشد البيتين التاليين فيفرج الله عنه وهما ـ من الكامل ـ :
ولرب نازلة يضيق بها الفتى ذرعاً وعند الله منهـا المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكان يظنها لا تفرج(2)

ومن أخباره أنه كتب شفاعة لرجل إلى بعض أخوانه : «فلانٌ ممن يزكو(3) شكره ، ويعنيني أمره ، والصنيعةُ عندهُ واجدة موضعها ، وسالكة طريقها» ، فختمها بهذا البيت ـ من الطويل ـ :
وأفضل ما يأتيه ذو الدين والحجى إصابةُ شُكرٍ لم يصنعْ معه أجرُ(4)

وله في النسيب ـ من الطويل ـ :
وَنُبِّئتُ ليلى أرسلتْ بشفاعة إلـيّ فهـلاّ نفـس ليلـى شفيعها
أأكرَمُ من ليلى عليّ فتبتغي به الجاهَ أم كنتُ امرءاً لا أطيعها(5)

وقال في جارية بسامراء(6) يقال لها ساهر وكان يهواها ثم أنها دعيت في وليمة لبعض أهلها فغابت عنه ثلاثة ايام ثم جاءته ومعها جاريتان لمولاها ، وقالت له : قد أهديت صاحبتيَّ إليكَ عوضاً عن مغيبي عنك فقال ـ من البسيط ـ :

(1) الكنى والألقاب : 2/432 .
(2) تاريخ الأدب العربي : 1/280 وفيات الأعيان : 1/46 ، الكنى والألقاب : 2/433 .
(3) زكا : صلح .
(4) معجم الأدباء : 1/178 .
(5) وفيات الأعيان : 1/47 عن الحماسة لأبي تمام ، باب النسيب .
(6) سامراء : من مدن العراق تقع شمال غرب بغداد وفيها مثوى الإمامين علي بن محمد الهادي وابنه الحسن بن علي العسكري ، بناها المعتصم بالله العباسي (218 ـ 227هـ) .

السابق السابق الفهرس التالي التالي