دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 211


اصبر من ذي ضاغط عركرك الفى بواني ذوره للمبرك(1)

فضربه ثانياً :
فقال ـ من الرجز ـ :
اصبر من عود بجنبه جلب قد أثر البطان فيه الحقب(2)

فقال المنصور : قد أمرت لك بعشرة آلاف درهم وخلعة ، وأحلقتك بنظرائك من طريح بن إسماعيل(3) ورؤبة بن العجاج(4) ، ولئن بلغني عنك ما أكره لأقتلنك ، قال ابن هرمة : نعم .
فأتى المدينة فأتاه رجل من الطالبيين فسلم عليه ، فقال : تنح عنّي لا تشط(5) بدمي(6 .
ومن غرر أقواله ـ من المنسرح ـ :
مـا رغبة النفس في الحياة وإن عاشت طويلاً فالموت لاحقها
يـوشـك مـَنْ فـر مِنْ منيته في بعض غراتـه(7) يوافقها
من لم يمت عبطة(8) يمت هرماً الموت كأس والمرء ذائقهـا

وله أيضاً ـ من الطويل ـ :

(1) الضاغط : انفتاق في ابط البعير ، والعركرك : الجمل الغليظ ، والبواني : الشعب .
(2) العود : المسن من الابل ، والجلب : بريء الجرح ويبس ، والبطان : حزام البطن ، والحقب : الحزام يلي حقو البعير أو حبل يشد به الرحل في بطنه .
(3) ابن إسماعيل : هو أبو الصلت طريح بن إسماعيل بن عبيد بن أسيد الثقفي ، شاعر الوليد بن يزيد الأموي ، وانتقل إلى العباسيين وعاش إلى أيام الهادي العباسي ، مات عام 165هـ .
(4) العجاج : أبو الجحاف رؤبة بن العجاج التميمي السعدي ، ولد عام 66هـ ومات عام 145هـ ، وهو شاعر رجّاز من مخضرمي الدولة الأموية والعباسية .
(5) شط : جار عليه .
(6) اعيان الشيعة : 2 / 194 .
(7) الغرة : الغرور .
(8) العبطة : يقال اعتبط الرجل إذا مات شاباً من غير مرض وأصل العبيط الطري من كل شيء .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 212


وإني وإن كانت مراضاً(1) صدوركم لملتمـس البقيـا سليم لكـم صدري
وإن ابـن عـم المـرء من شد أزره وأصبح يحمي غيبه وهو لا يدري(2)

وكان ابن هرمة جواداً كريماً(3) متلافاً(4)، وكانت له كلاب إذا أبصرت الأضياف لم تنبح عليهم وبصبصت(5) بأذنابها بين أيديهم فقال يمدحها ـ من الكامل ـ :
ويدل ضيفي في الظلام على القرى(6) أشراق ناري أو نبيح كلابي


(1) المرض : الجمع مراض : مَن به مرض .
(2) أعيان الشيعة : 2/195 عن مجموعة الأمثال الشعرية ، وهذه الأبيات لم يذكرها جامع ديوانه ولعل ذلك لأنها تنسب إلى أمية بن أبي الصلت أيضاً .
(3) الكنى والألقاب : 1/450 ، وأورد الأمين في أعيان الشيعة : 2/194 عن كرمه ما موجزه : أن رجلاً مرّ بمنزل ابن هرمة ولم يجد إلا ابنته تلعب فقال : أين أبوك ؟ قالت : وفد إلى بعض الملوك ، فطلب منها أن تنحر له ناقة ، فلم تجدها ثم طلب شاة فلم تجدها فطلب دجاجة فلم تجدها ، وأخيراً سألها بيضة قالت : والله ما عندنا ، فقال : فباطل ما قال أبوك ـ من المنسرح ـ :
كم ناقة وجأت منحرها بمستهل الشبوب أو جمل
قالت : فذلك الذي أصارنا إلى أن ليس عندنا شيء .
وفي الأغاني : 5/270 أن ابن أذينة قال لها : هل من قرى ؟ قالت : لا والله فقال : فأين قول أبيك ـ من المنسرح ـ :
لا أمتع العود بالفصال ولا ابتاع إلا قريبة الأجل
قالت : بذاك والله أفناها ، فلما أخبر أباها ضمها إليه وقال : بأبي أنت وأمي ، انتِ والله ابنتي حقاً ، الدار والمزرعة لك .
(4) المتلاف : الشديد الإتلاف ، ويذكر مرقع قال : كنت مع ابن هرمة في سقيفة أم أذينة ، فجاءه راع بقطيعة من غنم يشاوره فيما يبيع منها ، فقلت له : يا أبا إسحاق أين غرب عنك قولك ـ من المنسرح ـ :
لا غنمي مدّ في الحياة لها إلا لدرك القرى ولا إبلي
وقولك ـ من المنسرح ـ :
لا أمتع العوذ بالفصال ولا ابتاع إلاّ قريبة الأجل
فقال لي : مالك أخزاك الله ، من أخذ منها شيئاً فهو له ، فانتهبناها حتى وقف الراعي وما معه منها شيء «الأغاني : 5/271» .
(5) بصبص الكلب : إذا حرّك ذيله .
(6) القِرَى : ما يُقدَّم للضيف .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 213


حتـى إذا واجهنه وعرفنه فدينه ببـصـابص الأذنـاب
وجعلن مما قد عرفن يقدنه ويكدن أن ينطقن بالترحاب(1)


(1) أعيان الشيعة : 2/194 وفي شعر أبي هرمة : 70 جاء قبله بيتان ـ من الكامل ـ :
بالله ربك إن دخلتَ فقل لهـا هذا ابن هرمة واقفاً بالباب
ومكاشح لولاك أصبح جانحاً للسلم يرقى حيتي وضبابي
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 214


(23)
إبراهيم بن علي الكفعمي
أوائل قرن 9 ـ 905هـ = أواخر قرن 14 ـ 1499م

هو تقي الدين إبراهيم بن علي بن الحسن بن محمد بن صالح بن إسماعيل الحارثي الهمداني الخارفي العاملي الكفعمي اللويزي الجبعي الحائري المتوفى حدود عام 900هـ .
ولد في كفرعيما(1) في أوائل القرن التاسع(2) ونشأ بها وهاجر إلى اللويزة(3) وغيرها ثم هبط كربلاء ، متعلماً ومستجيراً بأبي عبدالله الحسين عليه السلام حياً وميتاً ، كما يظهر من أبياته ووصيته ، وجاء في الشعر العاملي الحديث(4) أنه توفي سنة 905هـ ، ودفن بكربلاء(5) .

(1) كفرعيما : بعين مهملة ساكنة وميم وألف ، قرية خراب من ناحية الشقيف قرب جبشيت في جنوب لبنان .
(2) ولا يصح قول الأمين في أعيان الشيعة : 2/184 ان ولادته سنة 840هـ حيث أنه فرغ من تأليف كتابه حياة الأرواح سنة 843هـ ، وله مجموعة كبيرة فرغ من بعضها عام 848هـ وبعضها الآخر سنة 849هـ وبعضها في سنة 852هـ ، ولعله عندما يقول في أبياته الغديرية ـ من المتقارب ـ :
بشيخ كبير له لمّة كساها التعمّر ثوب القتير
إنه كان هرماً وكان تأليف كتابه المصباح والذي هذه القصيدة من جملتها كان سنة 894هـ فالظاهر أن قول الأمين ولادته سنة 840هـ تصحيف ، والله العالم ـ راجع الغدير : 11/216 .
(3) اللويزة : بلفظ تصغير لوزة ، قرية من قرى جبل لبنان من أعمال ناحية الريحان ، وإليها ينسب بعض العلماء ومنهم المترجم له .
(4) الشعر العاملي الحديث : 73 .
(5) الغدير : 11/215 ، عن كشف الظنون : 2/617 أنه توفي بكربلاء ودفن بها وذلك عام 905هـ .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 215


ينتهي نسبه إلى التابعي العظيم الحارث بن عبدالله الأعور الهمداني(1)، العلوي المذهب ، كما أن الشيخ البهائي من أحفاد أخيه الشيخ شمس الدين محمد المتوفى سنة 886هـ(2)، وقد تتلمذ المترجم له على والده الشيخ زين الدين علي والسيد حسين بن مساعد الحسيني الحائري(3)، والسيد علي بن عبدالحسين الموسوي(4)، والشيخ علي بن يونس النباطي البياضي(5) .
وكان إلى جانب فقاهته وروعه شاعراً بارعاً له مجموعة كبيرة من الشعر في الأعمال والمدح والرثاء لأهل البيت عليهم السلام وفي علم البديع وغيره .
وقد نقلنا أشعاره الحيسنية في باب الأشعار ، وهذه نماذج أخرى من شعره ، فقد نقل عنه بيتان إن قُرئا طرداً كان مدحاً وإن قرِئا عكساً كان ذماً وهما ـ من الكامل الأخذّ ـ :
شكروا وما نكـثـت لهم ذمم ستـروا ومـا هتكت لهم حرم
صبروا وما كملت لهم قمم(6) نصروا وما وهنت لهم همم(7)

هذا هو المدح وأما الذم فكالتالي مقلوباً .
نكثوا وما شكرت لهم ذمم هتكوا وما سترت لهم حرم


(1) الهمداني : هو أبو زهير الكوفي ، كان من أصحاب الإمام علي عليه السلام ومن الرواة مات سنة 65هـ .
(2) الغدير : 11/213 عن رياض العلماء : 3/414 .
(3) ابن مساعد : صاحب كتاب تحفة الأبرار في مناقب أبي الأئمة الأطهار عليهم السلام ولد في كربلاء المقدسة وهو من مشاهير النسّابة ، كان حياً إلى عام 917هـ .
(4) الموسوي : صاحب كتاب رفع الملامة عن علي عليه السلام في ترك الإمامة ، ويلقب أيضاً بسلطان الموسوي الحسيني .
(5) البياضي : وهو عاملي صاحب كتاب الصراط المستقيم في إمامة علي عليه السلام ، واللمعة في المنطق ، وغيرهما توفي سنة 877هـ .
(6) في الأعيان : «وما كلّت لهم» .
(7) أدب الطف : 4/338 عن شعراء من كربلاء لسلمان هادي آل طعمة : 16 ، عن مجموعة خطية للسيد عبدالحسين آل طعمة الكليدار ، وذكرها الأمين في أعيان الشيعة : 2/188 وجاء الشطر الأخير هكذا «وهنوا وما نصرت لهم همم» .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 216


كملوا وما صبرت لهم قمم وهنوا وما نصرت لهم همم(1)

جاء في هامش كتابه المصباح تعليقاً من المؤلف نفسه على سبعة أبيات من قصيدته الغديرية الرائية التي أورد في نهايتها ذكر الإمام الحسين عليه السلام ونقلناها في بابه ، أولاً نذكر الأبيات السبعة ثم تعليق الناظم المؤلف ـ من المتقارب ـ :
زكـيّ سنـّي سريّ وفـيّ ولـيّ بهيّ علـيّ خبيـر
شفيع سنيع(2) سميع مطيـع ربيـع منيـع رفيع وقور
شهيـد سديد سعـيـد شديد رشيد حميد فريد حصـور
حبيب لبيب حسيب نسيـب أديب أريب نجيب ذكـور
عظيـم عليـم حكيـم حليم كريم صميم رحيم شكـور
جليـل جميـل كفيل نبيـل أثيل(3) أميـل دليل صبور
خليف شريف ظريف لطيف حصيف منيف عفيف غيور

ثم يقول :
وهذي الصفات وهذي النعوت لحامي الغري الإمام الأمير(4)

وأما تعليقه عليها فهي كالآتي : هذه الأبيات السبعة يتفق في كل بيت منها بحسب التقديم والتأخير أربعين ألف بيت وثلاثمائة وعشرين بيتاً مع صحة الوزن والمعنى والروي إلا في القافية الأخيرة وذلك لأن اللفظين الأولين لهما صورتان فهما في مخروج(5) الثالث ستة ، وهي في الرابع أربعة وعشرون وهي في الخامس مائة وعشرون وهي في السادس

(1) جاء العكس في الأعيان كما ذكرناه ومن الممكن عكسه كلياً هكذا دون أن يختل الوزن والمعنى :
حرم لهم هتكت وما ستروا ذمم لهم نكثت وما شكروا
همم لهم وهنت ما نصروا قمم لهم كملت وما صبروا
(2) السنيع : الحسن الأخلاق والجمال .
(3) الأثيل : الأصيل وصاحب النسب الشريف .
(4) مصباح الكفعمي : 710 .
(5) مخروج : أي حاصل ضرب .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 217


سبعمائة وعشرون ، وهي في السابع خمسة آلاف وأربعون ، وهي في الثامن أربعون ألفاً وثلثمائة وعشرون بيتاً ، ومن هنا اعلم أن صور النكس في الوضوء مائة وعشرون وإن أعدنا الترتيب بين الرجلين فسبعمائة وعشرون مسألة فقهية .
وقال : رأيت بعض علمائنا متعجباً من كثرة صور النكس وكونها تبلغ إلى العدد المذكور فامرني بإيضاح ذلك فبادرت إلى امتثال أمره ورقمت في قسم عدم الترتيب بين الرجلين مائة وعشرين مسألة فقهية ، وفي قسم اعتبار الترتيب سبعمائة وعشرين مسألة ، وجعلت كل مسألة من القسمين سطراً واحداً ليحصل سرعة إدراك الفرق بين المسألة وما يليها ، وذكر الشهيد(1) قدس سره لنفسه في هذا المعنى هذا البيت وهو ـ من المتقارب ـ :
لقلبي حبيب مليح(2) ظريف بديع جميل رشيق لطيف

ولغيره في المعنى ـ من المتقارب ـ :
علي إمام جليل عظيم فريد شجاع كريم عليم

فإن في كل بيت من هذين يتفق فيه بحسب التقديم والتأخير أربعون ألفاً وثلاثمائة وعشرون بيتاً .
وقال : وهذان البيتان والقصيدة وأبياتها في البحر المتقارب هو فعول فعول ثماني مرات ، فبيت الشهيد ثمان قوافي تخص كل قافية منها من العدد المذكور بخمسة آلاف وأربعين بيتاً إلا أن قافيتي ظريف ونظيف متفقتان من العدد المذكور بعشرة آلاف وثمانين بيتاً ، والبيت الثاني كذلك إلا أن قافية كريم وعظيم وعليم متفقة فيه بخلاف الثاني ، فيختص المتفقة بخمسة عشر ألفاً ومائة وعشرين بيتاً .
وأما أبيات القصيدة السبعة ففي كل بيت سبع قواف متفقة فيكون في

(1) الشهيد : هو أبو عبدالله شمس الدين محمد بن مكي بن محمد النباطي الجزيني العاملي المعروف بالشهيد الأول صاحب كتاب اللمعة الدمشقية ، ولد عام 734هـ ، واستشهد بدمشق على التشيع عام 786هـ .
(2) المليح : الحسن .

دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 218


كل بيت من السبعة خمسة وثلاثون ألف بيت ومائتان وثمانون بيتاً متفقة كلها في المعنى والوزن والروي .
وأما القافية الأخيرة من الأبيات السبعة ففي كل قافية منها ما قلناه وهوخمسة آلاف وأربعون واستخراج هذا العدد يعسر على كثير من الناس(1) .
ومن مناجاته قصيدة من مئة وعشرة أبيات ـ من الطويل ـ جاء أولها :
إلهـي لك الحمـد الـذي لا نهـاية لـه ويُـرى كـل الأحانين(2) باقيا
وشكراً يفوت العدَّ والرمل والحصى ونجم السما والقطر ثم(3) الأواديا(4)

وله أرجوزة تبلغ مائة وخمسة وعشرين بيتا جاء أولها :
الحمد لله الذي هداني إلى الطريق الرشد وألإيمان
ثم صلاة ألله ذي الجلال على النبي المصطفى وألآل(5)

وله قصيدة في مدح النبي صلى الله عليه وآله وسلم تجمع أسماء سور القرآن تبلغ أربعين بيتاً ـ من الكامل ـ منها :
يا خاتماً فلق الصباح كوجهه والناس منه مكبر ومهلل
أبياتها ميقات(6) موسى عدة والكفعمي بمدحه يتعجل

ويقول عنه الأمين : بما أنه التزم إيراد جميع أسماء سور القرآن فأصبحت ركيكة من حيث النظم(7) .

(1) هامش المصباح : 710 .
(2) حين : جمعها أحيان ، وجمع الجموع أحانين .
(3) الأوادي : جمع الجموع لوادي .
(4) المصباح : 379 .
(5) المصباح : 466 وفيه بيتين يذكر فيهما الإمام الحسين عليه السلام في مولده واستحباب صومه ذكرناهما في باب الأشعار .
(6) الميقات : الموعد المحدد بزمن وقد يُستعار للموضع الذي جُعل وقت للاجتماع فيه وفي ميقات موسى قال تعالى : «وواعدنا موسى ثلاثين ليلةً وأتممناها بعشرٍ فتمَّ ميقات ربّه أربعين ليلة...» [الأعراف : 142] .
(7) أعيان الشيعة : 2/187 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 219


وله جمع فيه أسماء الكتب المعروفة ـ من الخفيف ـ منها :
و فصـاح الألفـاظ فيه تلقى وشذور العقـود والمرجان
وهو قوت القلوب نهج الجنان وكنـوز النجـاح والبرهان(1)

وله رسالة كتب بها إلى قاضي القضاة أبي العباس القرقوري(2) في شأن أستاذ دار قاضي القضاة الأمير علاء الدين(3)، ولو جمع بعض كلماتها متسلسلة لكانت قصيدة تذكر مقطوعة منها ليكمل بيتاً فقط .
كتب إليه : يقبل الأرض وينهي «سلام» عبد لكم «محب» وعلى المقة منكب «لو بدا» للناظرين«عشر» معشار«شوقه» وغرامه «لطبق» ذلك «ما بين» آفاق «السماوات»السبع «والأرض»إلى آخر كلامه،فلو جمعت الكلمات التي بين الأقواس لكان البيت التالي ـ من الطويل ـ :
سلام محب لو بدا عشر شوقه لطبق ما بين السماوات والأرض

ولقد أورد الأمين في الأعيان مقطوعة من رسالته نستخرج منها عشرة أبيات فقط على الشكل الذي ذكرناه(4) ـ من الطويل ـ :
وله :
وقائلة ما الحال قلت لها ارحمي قتيـل الهوى فالوجه أصفر فاقع
فقالت وصالـي لا يليق بناقص فهل لك فضل قلت كالشمس شائع
فقالـت وعلم قلت كالبدر ظاهر فقالـت وذكـر قلت كالمسك ذائع
فقالت وعز قلت كالحصن مانع فقالت ومـال قلت كالبحر واسـع
فقالت وفكر قلت كالسهم صائب فقالت وسيف قلت كالبين(5) قاطع
فقالت وجند قلت أي وهـو آفل فقالـت وجـد قلت بالسعد طالـع
فـأضحت تفديني وبت منعمـاً بحبـي وعيشي باللذاذة جامـع(6)


(1) أعيان الشيعة : 2/187 .
(2) القرقوري :
(3) علاء الدين :
(4) أعيان الشيعة : 2/187 .
(5) البَيْن : الفراق ، ومن أظهر مصاديقه الموت .
(6) أعيان الشيعة : 2/188 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 220

وله أيضاً ـ من الطويل ـ :
وقائلة عظ خلف سوء أجبتهـا فكـيـف وأنى ينجح الوعظ في الخلف
جماعات سوء قد وقفن بلا خفا على السبع والخمسين من سورة الكهف

إشارة إلى آية : « وَمَنْ أَظلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْها وَنَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ إنّا جَعَلْنا على قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً(1) أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفي آذانِهِمْ وَقْراً(2) وإنْ تَدْعُهُمْ إلى الهُدى فَلَنْ يَهْتَدوا إذاً أبَداً»(3) .
وله معارضاً هذين البيتين ـ من الكامل ـ :
وإذا السعـادة لاحظتـك عيونهـا نـم فـالمخـاوف كلهن أمـان
فاصطد بها العنقاء(4) فهي حبالة(5) واقتد بها الجوزاء(6) فهي عنان

فأما ما قاله المترجم له في ذلك :
وإذا السعـادة ألبستك قشيبهـا(7) فـاهجم فإن لظى الجحيم جنـان
فاصرع بها الأعداء فهي ذوابل(8) واقطع بها البيداء(9) فهي حصان

وقال أيضاً :
وإذا السعــادة لفعتـك(10) ثيابها نـم فـالتـعازي كـلـهـن هـناء
فاذبـح بهـا الأعـداء فهي مهنـد وامتح(11) بها الآبار فهي(12) رشاء(13)


(1) الأكنة : ومفردها كنان وهو ستر الشيء ووقاؤه .
(2) الوقر : الصُمّ .
(3) سورة الكهف ، الآية : 57 .
(4) العنقاء : طائر أسطوري .
(5) الحبالة : والجمع حبائل وهي المصائد .
(6) الجوزاء : ويراد به برج الجوزاء .
(7) القشيب : الجديد .
(8) الذوابل : جمع ذابلة ومذكرها ذابل وهو الهزبل والدقيق .
(9) البيداء : الصحراء .
(10) لفع الثوب : اشتمل به وتغطى .
(11) مَتَحَ : استخرجَ .
(12) الرشاء : الحبل عموماً ، أو حبل الدلو بالخصوص .
(13) أعيان الشيعة : 2/189 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 221


وله من قصيدة ضمنها بعض الآيات القرآنية من سورة الإنسان ـ من الخفيف ـ منها :
جنة الوصـل لا تنال لصب إن يكن عند صبه مذكورا(1)
فلقاكم(2) يعـد جنـة عـدن وجفاكم سلاسلا وسعـيرا(3)
أولني الوصل يا حبيب فؤادي إنني شاكر ولست كفـورا(4)
إن يـوم الفراق يوم عصيب كان حقاً بشره(5) مستطيرا(6)

ومن أشعاره ـ من البسيط ـ :
صد الحبيب ومنعي عن مجالسه مـران مـران(7) أو مـران مـران
ولثمـه ولماه(8) القند(9) طعمهما حلوان حلوان أو حلوان(10) حلوان(11)

وله أيضاً ـ من البسيط ـ :
قالت لجارتها والقول توضحه قـرنت زوجك والقرنان تفضحه
قالت أخليه حملاً لا قرون لـه يلقاه زوجك بعض الدرب ينطحه


(1) إشارة إلى قوله تعالى : «هل أتى على الإنسان حينٌ من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً» [سورة الإنسان : 1] .
(2) إشارة إلى قوله تعالى : «فوقاهم الله شرَّ ذلك اليوم ولقّاهم نضرةً وسروراً» [الإنسان : 11] .
(3) إشارة إلى قوله تعالى : «إنّا أعتدنا للكافرين سلاسلاً وأغلالاً وسعيراً» [الإنسان : 4] .
(4) إشارة إلى قوله تعالى : «إنّا هديناه السبيل إمّا شاكراً وإمّا كفوراً» [الإنسان : 3] .
(5) إشارة إلى قوله تعالى : «يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شرُّهُ مستطيراً» [الإنسان ، الآية : 7] .
(6) أعيان الشيعة : 2/188 .
(7) مرّان : تثنية المرّ خلاف الحلو ، ومر الأمر : إذا جاز ومضى ، والمرّان أيضاً : الشر والأمر العظيم ، ومرّان : شجر الرماح .
(8) اللُّميُ : الشفاه السود .
(9) قند : عسل قصب السكّر إذا جمد ، وهي فارسية الأصل .
(10) الحلوان : بالضم ، العظاء ، مهر المرأة ، الرشوة ، والحلوان : مصدر الحلاء والحلو ضد المر .
(11) أعيان الشيعة : 2/189 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 222


وقال أيضاً ـ من الوافر ـ :
وناري في الوفاء لها انتساب إلى نار(1) الخليل وليس تخفى
ويشهد بالوفاء كتاب ربّـي فـفيـه أن إبراهيـم وفـى(2)

وله أيضاً ـ من الكامل ـ :
يا أيها المولي الذي أفضاله كالقطر منهلاً على الفقـراء
أنت المؤمّل والرجاء أميرنا أبقاك رب الخلق في النعماء

وله أيضاً ـ من الخفيف ـ :
لا تلمني إذا وقيت(3) الأواقي(4) فالأواقي لماء وجهي أواقي(5)(6)

وكانت له أبيات في الإمام الحسين عليه السلام نقلناها في باب الأشعار من هذه الموسوعة .

(1) النار : استعار الشاعر قوله تعالى : «قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين * قلنا يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم» [الأنبياء : 68 ـ 69] .
(2) وفّى : استعار الشاعر قوله تعالى : «وإبراهيم الذي وفّى» [النجم : 37] .
(3) وقى : صان .
(4) الأواقي : جمع أوقية وهي زنة سبعة مثاقيل وزنة : أربعين درهماً ، ويعادل 80/158 غراماً .
(5) الأواقي : جمع واقية .
(6) نقلنا هذه الأبيات من أعيان الشيعة : 2/189 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 223


(24)
إبراهيم بن عيسى الحاريصي
أوائل قرن 12هـ ـ 1185هـ = أوائل قرن 18 ـ 1771م

هو الشيخ إبراهيم بن عيسى الحاريصي العاملي .
ولد في أوائل القرن الثاني عشر الهجري بحاريص(1) من قرى جبل عامل ونشأ بها وقرأ على فضلائها والتحق بمدرسة جويا(2) وإلى ذلك يشير في قوله ـ من الوافر ـ :
إليـك فريدة رقـت وراقت بجيد الدهر قـد أمست حليّا
هدية شـاعـر داع مـراع أجاد بك ابـن نصار الرويّا
فـتـى حاريص مغناة ولكن تلقـى العلم وفراً من جويّا
وكـان لـه بهـا شيخ جليل جميـل حـاز علماً أحمديّا
وفي تبنين(3) ما يرجو وأنتم له ذاك الرجا ما دام حيّا(4)

يقول عنه الأمين : عالم فاضل شاعر مجيد يعد في طليعة شعراء جبل عامل في ذلك العصر ، اختص بالشيخ ناصيف بن نصار(5) أمير أمراء جبل عامل ولد وله قصائد في أمراء الصعبية(6) بجبل عامل وهما الشيخ علي

(1) حاريص : قرية بقرب تبنين من منطقة جبل عامل .
(2) جويا : بجيم مضمومة وواو مفتوحة ، مدينة في ساحل صور من لبنان .
(3) تبنين : بكسر التاء وسكون الباء ، وهي من توابع مدينة صور اللبنانية .
(4) أعيان الشيعة : 2/116 ، خطط جبل عامل : 268 .
(5) ابن نصار : هو ابن الأحمد العاملي وهو شيخ مشايخ جبل عامل قتل سنة 1195هـ في الحرب التي جرت بينه وبني عسكر الجزار قرب قرية يارون ودفن فيها .
(6) كانت إمرة جبل عامل لثلاث طوائف ، إحداها آل صعبية حيث كانوا يشرفون على بلاد الشقيف من جبل عامل الواقعة شمال نهر الليطاني .

السابق السابق الفهرس التالي التالي