دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 249


عرفت الله في نبض القـلـوب وفي صمت المساء لدى الغروب
وفـي الأنسـام(1) تنفحـي حياة إذا انهلت من الأفـق الرحيـب
عرفت الله يحضر في ضميري بسـاعـات الخطيئة والذنـوب
وفي الماء الذي أحسوه(2) طهراً فيطـفـئ ما بصدري من لهيب
عرفت الله في إشراق شـمـس وفي قمر يميل إلـى المغـيـب
عـرفـت الله فـي عينيك لما أحدق في عيـونك يا حبيـبـي
فـألمح في سوادهـمـا حنانـاً وأنسـامـاً تهب من الجنـوب
ولست أرى بشخصك أي عيب لأنك قد سمـوت عن العيـوب
عـرفـت الله إشراقاً بأفـقـي يبدد ظلمـة اليـأس الـرهيـب
أسير عـلـى الدروب فـالتقيـه بجنبـي إذ أسير على الـدروب
عرفت الله حين سمعت عيسـى يكلمه علـى خشب الصلـيـب
إلـهـي كيـف تتركني غريبـاً وأنت أبو المـعـذَّب والغـريب
عـرفـت الله من آيـات طـه تهـل عليـه مـن لدن الغيوب
تكلمنـا فننصت في خـشـوع لنبـرة ذلك الصـوت الحبيـب
عـرفـت الله إيـمـاناً وحبـاً وطهراً ذاب مـن مهج القلوب(3)

وله من قصيدة أخرى ـ من البسيط ـ تحت عنوان : «وداع» يقول فيها :
ربيته فـوق مهد العـمـر زنبقة هل يذكر الطـفـل مهداً كان رباه
قد كنت بالأمس أرعاه وأحرسـه واليوم أمست صروف الدهر ترعاه
وكنـت أخشـى أكف البين تأخذه مـنّـي وها قد أتى ما كنت أخشاه
ما غاب عني ولا أخباره انقطعت فـفـي حنـايـاي رجع من حناياه
وذي حـكـاياه ما زالت تغرد في بيتـي الحـزيـن وما أشهى حكاياه
كـم مـرة جاء يشكو لي ظلامته مـن الزمـان وكم عـالجت شكواه
كـانت خطاياه تأتيـنـي فأغفرها حتـى استحلتُ شغـوفاً في خطاياه


(1) الانسام : جمع النسم مصدر النسيم وهي الريح اللينة ، الروح .
(2) الحسو : الشرب شيئاً بعد شيء .
(3) من هنا أشرقت الشمس : 50 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 250


وكـنـت أخلق أعذاراً له وأرى طهر البراءة تهـمـي فيه عيناه
غداً ترف علـى الدنيا أزاهـره وينشق الكون عطراً من سجاياه
غداً تضيء شموع المكرمات به ومن قـرى الغيب تأتيني هداياه
وسوف يخصب في أفياء غرته زرعي وتشرق في دنياي دنياه(1)

وله قصيدة ـ من الخفيف ـ أنشأها بمناسبة يوم الغدير يقول في أولها مخاطباً الإمام أمير المؤمنين عليه السلام :
هب لي النطـق يا إمام البـيـانِ فعسى الحرفُ ينجلي عن لساني
هب لي النطق كي يصير قصيدي طيّـب اللفظ مستساغ المعانـي
إن في لفظـك الفصـيـح عقوداً تـزدري بـالعقيـق والمرجان
وحـروف عـلـى شفاهك سالت أيـن منـهـا أزاهر الأقحوان
بعضـهـا يشبه اللجين(2) وبعض يخجل الماس في رقاب الحسان
يا عـلـي البيـان نهجك أمسـى لغة النطق في فم الإنـسـان(3)

ويقول من قصيدة أخرى ـ من الخفيف ـ في الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم :
وانبرت دعوة النبوة تطوي مهجة الأرض فدفداً(4) اثر فدفدْ
معجزات تزفهـا معجزاتٌ إن هـذا الفتـى رسـول مؤكدْ
الجماهير ظلُّـه أين يمضي والهاتفات بـاسمـه حيث يوجد
يلمس الداء في العليل فيبرا والجراحـات في يديـه تضمّد
سفّه اللات واستخف بعزّى وبـديـن الأوثـان لم يتقـيـد
ونراه على التراب يُصلـّي وبـآلاء ربــه يـتـهـجـد
وبقـرآنـه الـبـلاغة تتلو سـوراً تخلـب الجمان المنضد
كل آي بها يفيض بيـانـاً يـالبيـت الأُمـيّ أصبح معهد
تتآخى جحافل العرب فيـه وعلى عهـده الخناصر(5) تعقد


(1) من هنا أشرقت الشمس : 72 .
(2) اللُجَيْن : الفضّة .
(3) للنبي وآله : 94 .
(4) الفدفد : الفلاة ، المكان المرتفع .
(5) الخناصر : واحدها خنصر وهي الأصبع الصغرى ، و«الخناصر تعقد» وهو من باب
=
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 251


لا قوي له امتلاك ضعيف لا ولا الطفلة البريـئـة توأد
وإذا روَع القبـائـل ثـأرٌ بثّه المصطفى برأي مسدد(1)

وعن الله يقول في قصيدته ـ من مجزوء الكامل ـ تحت عنوان : «الله» :
الله يا صوت الرجاء في موكب حلـو الحداء
يا زارع الدنـيـا بأز هار المحبـة والإخـاء
يا نور أجفـان الصبا ح وضوء قنديل المساء
يا ساكب الخيرات من كَـفٍ تذوب مع العطاء
يا مرشد النجم المحيَّـ ـرِ في متاهات الفضاء
يا سـاهراً والناس تر قَدُ بين أحضان الرخاء(2)

وله قصائد في الإمام الحسين أوردناها في محله .
وقد توفي في لبنان في شهر ذي الحجة من عام 1417هـ(3) .

= ضرب الأمثال أي أن العقد معتبر ومصان وموثق ، فيقال : (هذا أمر تُعقد عليه الخناصر) .
(1) مارد النيل : 171 .
(2) للنبي وآله : 7 .
(3) الموافق لشهر نيسان عام 1997م .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 252


(27)
إبراهيم بن محمد التبريزي
1313 ـ 1381هـ = 1895 ـ 1961مِ

هو السيد إبراهيم بن محمد(1) بن عبدالكريم الموسوي الدروازئي التبريزي ولد في النجف عام 1313هـ حيث كان والده هاجر إليها مع أهله قبل عام ، ونشأ على أبيه وترعرع في بيت علم وفضيلة عرف بالزهد والتقى، وفيها بدأ بتعلم القراءة والكتابة فلما بلغ عمره ثمان سنوات كان والده قد عزم على الرجوع إلى بلاده حيث نال قسطاً وافراً من العلم والمعرفة .
فلما وصل أرض الآباء والأجداد تبريز ، اشتغل بالعلوم العربية والإسلامية على فضلائها ثم على علمائها ، ولمكانة والده العلمية والاجتماعية فقد تولى تدريسه جمع من علماء تبريز إلى جانب والده ، ومن أولئك الشيخ أبو الحسن الأنگجي(2) ، ثم هاجر إلى النجف وحضر على الشيخ محمد حسين الغروي(3) والشيخ ضياء الدين العراقي(4) إلا أنه لم

(1) محمد ولعله جاء مركباً (محمد مهدي) ويلقب أباه بمولانا التبريزي ، وكان من علماء تبريز ولد عام 1293 وتوفي في 18/5/1363هـ من مؤلفاته براهين الحق ، طريق الهداية ، مصباح الوسائل .
(2) أبو الحسن الأنگجي : هو ابن محمد بن محمد علي الحسيني المتوفى عام 1357هـ ، كان من علماء الإمامية ومدرسيها ، له من المصنفات : إزاحة الالتباس ، كتاب الحج ، حاشية على رسال الشيخ الأنصاري .
(3) محمد حسين الغروي : هو ابن محمد حسن معين التجار النجواني الأصفهاني (1296 ـ 1361هـ) من أعلام الإمامية ، كان فقيهاً أصولياً ، أديباً شاعراً ، وفيلسوفاً متكلماً من مؤلفاته : الأنوار القدسية ، كتاب صلاة الجماعة ، نهاية الدراية .
(4) ضياء الدين العراقي : هو ابن محمد المولد في اراك إيران ، المتوفى في النجف
=
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 253


يتمكن من مواصلة البقاء فيها ، وذلك لأن والده قد رحل من الدنيا في 18 من شهر جمادي الأولى عام 1363هـ ، وطلب منه أهالي تبريز ملء الفراغ الذي خلفه رحيل والده ، فرجع إلى بلاده ملبياً طلب المؤمنين واشتغل بالمهام الاجتماعية والدينية ومارس التدريس بها ، فكان يدرس الفقه والأصول والعقائد والتفسير وعلوم الأدب ، حيث كان ضليعاً باللغة العربية وآدابها ، كان كثير الحفظ للأشعار العربية والفارسية ، كما كان حافظاً لمقامات الحريري ، وكانت له مقدرة هائلة في الاستشهاد بالشعر والنصوص الأدبية ، وكان ينظم الشعر بالعربية حتى كون ديواناً ولم يذكر مترجموه أنه نظم بالفارسية ، وله العديد من المؤلفات منها في الفقه كما له كتاب تحفة الأخبار في علائم آخر الأعصار إلى جانب حاشية على كتاب المطول(1) وكتاب المغني(2) ، ومن مؤلفاته أيضاً كتاب التفسير الوجيز ، وكتاب اللطائف الأدبية .
انحرفت صحته فنقل إلى العاصمة طهران ، إلا أنه توفي بها بنوبة قلبية في التاسع من شهر رجب عام 1381هـ ، ونقل جثمانه إلى مدينة قم فدفن بها ورثاه جمع من الشعراء باللغتين العربية والفارسية ومن القصائد العربية التي رثي بها قوله ـ من الكامل ـ :
جزعاً لقد أبت الخطوب هدونا وعد الدموع تفيض منك شجونا

إلى أن يقول :
من للإمامة والصلاح وللتقى وغدا الإمام لدى المنون(3) رهينا


= عام 1361هـ ، من أعلام الإمامية وفقهائها البارزين من مؤلفاته : مقالات الأصول ، شرح التبصرة .
(1) كتاب المطول في البلاغة والمعاني والبيان وصفه مسعود بن عمر بن عبدالله التفتازاني (712 ـ 791هـ) وهو شرح على تلخيص المفتاح لمحمد بن عبدالرحمان القزويني الدمشقي (666 ـ 739هـ) .
(2) كتاب مغني اللبيب عن كتب الأعاريب في النحو وضعه عبدالله بن يوسف بن أحمد بن عبدالله بن هشام الأنصاري (708 ـ 761هـ) .
(3) المنون : الموت .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 254


من للمساكين العفاة وقد غدى رهن الردى(1) من لم يخب مسكينا
من ذا يداني في السيادة معشرا ورثوا العلـى عن جدهم ياسينا(2)
دفنـوا وأيّ يتيم دُرٍّ غـادروا تحت الجنـادل(3) مطبقاً محزونا
هيهـات يأتيك الزمـان بمثله أنـى وجدت به الزمان ضنينا(4)

وقد أقيمت له مجالس التأبين في كل من قم وطهران وتبريز تخليداً لذكره وأبّنه العلماء ورثاه الخطباء والشعراء .
ومما وصلنا من شعر قصيدة ـ من الكامل ـ يستنهض الإمام المهدي عليه السلام ويتوسل به إلى الله سبحانه وتعالى في أحداث تبريز وأذربيجان :
يا حجة الرحمـان يابن العسكـري يا من بيُمْنِ وجوده رزق الورى
يـا مـن به السبع الشداد(5) تشيّدت والأرض قـد قرت وما تحت الثرى
والله قد طال النوى(6) بعد المدى(7) ضـاق الصدر وغـار صَبرٌ يُصبرا
من للشريـعـة والهدى ومـن الذي نشكـو إليه سـواك يا خير الـورى
العروة الوثقـى قد انفصمت وحبـ ـل الدين منقطع وما اعتصم العرى
أحكـام ديـن الله فيـنـا عطلـت شـرع النبـي محمـد قـد غيـرا
قُـرآنـكـم قـد ضيعتْ أحكـامه ويُبـدَّل المعـروف مـنـه منكـرا
أركان دين المصطـفـى هُدمت فلا عيـن بقـتْ مـنـه ولا أثـر يُرى
وجه البسيطة(8) مُمْتـلـي ظلما وقد بـانَ اغبـرار الأفق مما قـد نرى


(1) الردى : الهلاك .
(2) ياسين (يس) : من أسماء الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، ومنه قوله تعالى : «يس * والقرآن الحكيم * إنك لمن المرسلين» [يس : 1 ـ 3] .
(3) الجندل : الصخر العظيم .
(4) الضنين : البخيل .
(5) السبع الشداد : هي السماوات السبع ، ومن قوله تعالى : «وبنينا فوقكم سبعاً شداداً» [النبأ : 12] .
(6) النوى : البعد .
(7) المدى : الغاية والمنتهى .
(8) البسيطة : الأرض .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 255


يا أيها الملك العزيز المقتدر عجل بنا ضاق القضاء فما جرى
الله أكبـر أيُّ أمرٍ قد جلا سبـحـان ربي من قضـاء قدرا

إلى آخر القصيدة(1) .
هذا وله قصائد في الإمام الحسين عليه السلام أوردناها في محله .

(1) راجع كنجينة دانشمندان : 6/52 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 256


(28)
إبراهيم بن محمد جواد
1356 ـ ....هـ = 1937 ِـ ....م

هو الشاعر إبراهيم بن محمد آل جواد .
ولد في الفوعة(1) عام 1356هـ ونشأ بها والتحق بالمدارس الرسمية وأكمل الثانوية الصناعية عام 1377هـ(2) والثانوية العامة الفرع الأدبي عام 1382هـ وتخرج في كلية الشريعة ـ جامعة دمشق ـ عام 1388هـ ، ومنذ عام 1381هـ توظف في شركة المحروقات .
أما عن علاقته بالشعر فيقول الشاعر : «كنت منذ الصغر مغرماً بسماعه مولعاً بإنشاده ، ومهما نسيت فلن أنسى ذلك اليوم وجدت نفسي فيه على منبر عال ألقي قصيدة ترحيبية صغيرة من نظم أخي الأكبر الأديب الشاعر الشيج جواد(3) محمد جواد بين يدي الشيخ حبيب آل إبراهيم(4) الذي استحسن إلقائي ورباطة جأشي فتقدم إلي وصافحني واحتضنني مقبلاً وجنتي»(5) .

(1) الفوعة : قرية تابعة لمحافظة ادلب السورية .
(2) الموافق لعام 1957م .
(3) جواد : الشيخ من مواليد قرية الفوعة عام 1341هـ ، درس على يد أستاذه الشاعر أحمد رشيد مندو ، والسيد حسن اللواساني والشيخ حبيب آل إبراهيم والسيد عبدالصاحب العاملي ، وهو إمام وواعظ مسجد الحي الشرقي في الفوعة .
(4) آل إبراهيم : هو ابن محمد بن الحسن المهاجر العاملي ، ولد في قرية حنوية من توابع صور ، من علماء الإمامية وأدبائها ، كان مفتي الديار البعلبكية ، له مصنفات منها (منهج الحق) مات سنة 1384هـ .
(5) رسالة الشاعر إلى المؤلف .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 257


بمثل هذه التشجيعات تمكن الشاعر أن يبرز بين أقرانه ليكون شاعراً ومؤلفاً . ويضيف الشاعر عن تاريخ بدايات نظمه وانطلاقه الأدبية قائلاً : «إنني لم أحاول جاداً أن أجرب حظي مع نظم في مراحل الشباب التي تلت ، وفي المرات القليلة التي حاولت فيها بعد ذلك ـ خلال دراستي الجامعية وبعدها ـ كان الفشل حليفي في كل مرة غلى أن تفجر هذا النبع فجأة ودون توقع وبلا بذل جهد كبير ، ليس من شك في تعدد وقدم العوامل التي لعبت الدور الأساسي ومنها المطالعة المستمرة الهادفة التي كونت المخزن الفكري والأدبي ومنها التعلق الشديد بقراءة الشعر بشكل مبكر» .
كانت انطلاقته هذه بعد عام 1409هـ ، وكوّن خلال هذه الفترة ثلاثة مجاميع شعرية تحت العناوين التالية : 1 ـ عرس الشهادة ، 2 ـ واستمر النشيد ، 3 ـ قيثارة الولاء ، مضافاً إلى ديوان شعر حر باسم : من خارج الشعر .
وله من المؤلفات كتاب خطوط رئيسية في الاقتصاد الإسلامي(1) وكتاب فاطمة الزهراء صوت الحق و صرخة الصدق ، وكتاب زينب بنت الرسالة ولسان الثورة ، وله مقالات في عدد من المجلات مثل الثقافة الإسلامية(2) وجريدة كيهان العربي(3) ، ومن بدايات نظمه قصيدة تحت عنوان : وكذلك الدنيا ـ من الكامل ـ :
حسنـاء زانتها دواعـج(4) لُمَّعُ وبمقلتيهـا نظرة تـتـمـنـَّعُ
برزت تجرب داءهـا ودواءهـا وتموجت فـي الخافقين الأدمعُ
والـبـارقـات الموعدات بثغرها يوحين لي أن تستجيب الأضلعُ
أعرضت عنها إذ عرفت خصالها فهـي الدَّنيَّـةُ والوباء الأشنـعُ
وكـذلك الدنيـا زعـافٌ ناقـعٌ ويتوج الأخرى الدواء الأنجـعُ

إلى أن يقول :

(1) مجلة الموسم : 13/379 .
(2) مجلة الثقافة الإسلامية : تصدر عن الملحقية الثقافية في سفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في دمشق .
(3) جريدة كيهان العربي : تصدر في طهران عن مؤسسة كيهان للمطبوعات .
(4) دعجت العين : صارت شديدة السواد مع سعتها فصاحبها أدعج .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 258


فـاقنع من الدنيا أخيُّ بِبُلْغـةٍ تروي الأصول فتستقيم الأفرعُ
واعمل لذاك اليوم دون تهاونٍ تحصد به ما كنت فيها تزرع(1)
حتى إذا قام الحساب فنعم ما مـهـدَتْ لنفسك خاشعاتٌ رُكَّعُ
ونَعِمْتَ في جنات عدنٍ خالداً فيـهـا وقد طاب النعيم الأوسع

وفي ختامها يقول :
فـالقـلـب ينظر للجليل مكبراً والـروح في أحـلـى صلاةٍ تَشْرَعُ
وتذوب في الوجه الكريم تخشعاً وتروح تسبح في الجمال(2) وتَمْرَعُ(3)

وله قصيدة في المرأة وحجابها تحت عنوان : الحسناء والجلباب يقول فيها ـ من الوافر ـ :
عروسٌ قد تهادت في بهاها وفاقت في الحلاوة منتهاها
غطاها صانها من كل عين وسرُّ الصون للأنثى غطاها
وأخفـى من مفاتنها رموزاً تُتَيِّمُ كـلَّ قـِسٍّ لـو يراها
وللصُّيّاغ في دهري حصونٌ لإخفاء الجواهر فـي حماها
وصندوقٌ عن السُّرّاق أخفى بـأقفـال يواقيـتـاً حَواها
ليحميهـا من الأشرار فينـا وعن أخيارنا حجزتْ لظاها

إلى أن يقول :
ورغم الحجب والأستار طرّاً تعدّى الوامقون(4) إلى صباها
وأنظار المراهق طامـحـاتٌ لكـل صبيـة بـانت يداهـا
وللعـشـاق فـي ظُلم الليالي خـيـالاتٌ تحيل الجبَّ فـاها
وللشـعـراء إن بانت سعادُ(5) مقـولات عجيبـاتٌ وراهـا


(1) البيت إشارة إلى قول الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام العالم من عرف قدره ، وكفى بالمرء جهلاً أن لا يعرف قدره وأن أبغض الرجال إلى الله العبد وكّله الله إلى نفسه جائراً عن قصد السبيل سائراً ، إن دُعي إلى حرث الدنيا عمل ، وإلى حرث الآخرة كسل ، كان ما عمل له واجب عليه ، وكأنّ ما ونى فيه ساقط عنه .
(2) مَرِعَ الرجل ، تنعَّم ، والمكان أخصَبَ .
(3) واستمر النشيد : 69 .
(4) الوامقون : المحبّون .
(5) قوله «بانت سعاد» : إشارة إلى بردة كعب بن زهير بن أبي سلمى ومطلعها (بانت سعاد فقلبي اليوم متبول) .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 259


فنـظـرة عينهـا شمسٌ أضاءت شموع الوجد في قلب رآها
وضَوْعُ(1) العطرِ من أعطاف ليلى رمى قيساً وإن لم يُبْدِ آهـا
بسهـم من سهـام الحـب أدمـى شـرايينـاً وأكباداً فراهـا

إلى أن يقول في آخرها :
فما غرَّ المليحة شعر قيس ولكن شرعُ طه قد براهـا
تسبَّـحُ ربَّها سراً وجهراً وتشكرُ خالقاً نِعماً عطـاها
فـإن الله ألهمـهـا هداها وبالإيمـان والتقوى حباها(2)

وله قصيدة ـ من الكامل ـ أنشأها في ذكرى ميلاد الإمام الصادق عليه السلام(3) يقول فيها :
زكت البطون وطابت الأصلاب إذ لـم تخالط طهرها الأوشابُ(4)
مـن قبل آدم شعشعت أنـواركم وبفضلهـا اكتحلتْ لـه أهدابُ(5)
لتمجِّـد الله العظـيـم حفـيـّةً والعرس منتصباً هو المحـرابُ
يـا آل طـه قـد رنوتُ لمدحكم عجـز البيانُ وقصر الاعـرابُ
هل في الكواكب من سما لمكانكم هل طـأطـأت لسواكم الأقطابُ
يا آل بـيـت(6) محمد من مثلكم والفضل ما شهدت به الأغراب(7)


(1) ضاع المسك : انتشرت رائحته .
(2) واستمر النشيد : 15 .
(3) الصادق : جعفر بن محمد بن علي عليهم السلام وهو الإمام السادس من أئمة أهل البيت الاثني عشر عليهم السلام ، ولد سنة 83هـ ، واستشهد سنة 148هـ ، دفن في البقيع .
(4) الأوشاب : وأحدها الوِشْب : أخلاط الناس وأوباشهم .
(5) في فضائل الخمسة من الصحاح الستّة للفيروز آبادي : 1/203 ، عن الرياض النضرة : 2/164 روى سلمان قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله تعالى قبل أن يخلق آدم عليه السلام بِأربعة عشر ألف عام ، فلما خلق الله آدم عليه السلام قسم ذلك النور جزأين ، فجزء أنا وجزء علي ، وفيه قال : أخرجه أحمد في المناقب (أقول) وذكره الذهبي في ميزان الاعتدال : 1/235 نقلاً عن ابن عساكر في تاريخه مسنداً عن سلمان .
(6) من الأغلاط الشائعة آل البيت عليهم السلام والصحيح أهل البيت ، وآل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، لأن للبيت أهلاً وللرجل آل .
(7) وفي المثل : «والفضل ما شهدت به الأعداء» .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 260


إلى أن يقول :
يا سـادس الأمنـاء أنت وليَّنـا وأمامُ وحدتـنـا وفيك نثابُ
لولا جهادك ما استقامت شرعةٌ لولا جوابك ما استقام جوابُ
لولا بيانك ما سمت أفـهـامنـا لولا لسـانـك سدت الأبواب
لولا عزائمك الكريمة ما ازدهت أمـجـادنا و تزاحم الخُطّاب
أنت الـذي أبقيت دين محـمـد حيّـاً فلا نُصُبٌ ولا أربـاب
فلطـالمـا ناديت فيهم قـائمـاً ولطالما قعدوا و كـان عتاب
ولطـالـمـا هاديتَ فيهم قاعداً و لطالما قاموا فكان شغـابُ(1)
طرب الذين تَثَفَنَتْ(2) جبهاتهـم وتحررت أفهـامهـم فأجابوا
أمـا العبيدُ فليـس يطربهم ندى إن العبيد فقـاعةٌ(3) و هبابُ(4)
لا زال صوتُكَ هاتفاً مستهضـاً همم الرجـال لينقذ المحرابُ
يـا أمـة الإسـلام أنتم قـدوةٌ الخـيـر في أعطافكم وثابُ

إلى أن يقول في خاتمتها :
تلكم ترانيم النبوة صاغهـا للشعـر قلبٌ ملؤه استعـذاب
يا رب آجرني على إنشادها ولمـن يؤمِّنْ أجـره و ثوابُ
يا رب جللني بسترك إنني يا ربَّ جعفرَ(5) عبدُك الأوّاب
واقبل دعائي يـا إلهي تائباً وارحم مشيبي فاسمك التواب(6)

هذا كل ما تمكنا اختياره من شعره وذلك لأن أكثر نظمه جاء في المناسبات الخاصة التي نتجنبها عادة .

(1) شغب العَوم : هيج الشر عليهم .
(2) تَثَفَّنت : غلظت من كثرة السجود .
(3) الفقاعة : نفّاخ تعلو الماء أو الخمر ، والجمع فقاقيع .
(4) الهباب : الريح السريعة والزائلة ، ولعله تصحيف عن الحباب : وهي الفقاقيع التي تعلو الماء والخمر .
(5) إشارة إلى الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام .
(6) مجلة الثقافة الإسلامية ، العدد : 45/ الصحفة : 68/ التاريخ 1413هـ .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 261


(29)
إبراهيم بن محمد حسن حاوي
1330 ـ ....هـ = 1912 ـ ....م

هو الشاعر إبراهيم بن محمد حسن حاوي العاملي .
ولد في مزرعة مشرف(1) عام 1330هـ(2) ، جبل على الطيب ونشأ بها على حب الأدب والشعر ثم دخل الكتّاب بمسقط رأسه وتلقى دروسه الأولى بها ولم يتمكن من الالتحاق بالمدارس الحديثة إلا أنه تمكن بفطانته أن يبني مستقبله الأدبي ، ويذكر المباني الأولى لتعليمه في قوله ـ من الكامل ـ :
يا سائلاً عني وعن شعري وعن علمي وما أحـرزتُ من آداب
علمـي الحياة وطولها و مراسها وثقافتـي الأولى مـن الكتّاب

ولا ننسى هنا الحاج علي وزني(3) الذي زرع فيه حب الأدب والشعر الذي دعمه وواكب مسيرته الأدبية إلى أن تمكن وهو في الخامسة عشرة من النظم وبدأت قريحته منذ ذلك الوقت تنفتح ، فأنشأ عن الطبيعة ونظم في المناسبات .
عاش الشاعر حياتين حياة الوطن وحياة الاغتراب التي صقلت نفسيته

(1) مَزرعةُ مُشْرف : قرية في ساحل صور شمالي وادي عاشور على قمة الجبل منسوبة إلى الشيخ مشرف من أمراء آل علي الصغير الذي كان في زمن الأمير بشير الشهابي .
(2) حيث يذكر الأستاذ محمد كامل سليمان في مقدمة ديوان الشاعر «لوافح ونوافح» المؤرخة في 15/8/1982م أن عمره بلغ السبعين ـ ديوان لوافح ونوافح : 12 .
(3) علي الوزني أحدُ أعيان مسقط رأسه ، كان على علاقة بالشاعر .

السابق السابق الفهرس التالي التالي