دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 262


الأدبية وخلقت فيه مشاعر الحنين إلى الوطن إلى جانب الغربة التي قد تكون مدعاة لبناء شخصيته المعطاءة ، ويحدثنا عن تلك الغربة ويقول ـ من الخفيف ـ :
تائهاً في مجاهل الأرض دوماً نازحاً عن ذويـه مثل الشريد
يتـغـنـى لسـانـه بنشيـد كـان سلـواهُ وهو خير نشيد
نحن قوم لنا المهاجر مـأوى وَدْنانا(1) في الكـون كل بعيد
نحن بالجسم في المهاجر لكن تخفق الروح في ربوع الجدود

إذاً اغترب كغيره من أبناء عاملة إلى السنغال بأفريقيا وبدأ حياته الثانية هناك إلا أنه لم يفترق عن الشعر طول حياته حتى كوّن ديواناً كبيراً سماه ديوان لوافح ونوافح باعتبار أن قسماً منه كان من وحي الاغتراب والذي عبر عنه باللوافح ، والقسم الآخر كان من وحي الوطن فسماه بالنوافح ، والملاحظ من شعره أنه بين لفحة(2) الغربة ونفحة(3) الوطن وفيها الكثير من القصائد والمقطوعات التي يحن فيها إلى وطنه ويتذكر بيته المطل على البحر من جهة وعلى الوادي من جهة أخرى ويصفه وصفا رائعاً ويقول ـ من الكامل ـ :
بيتي المعمر فوق كتف الواد بيت الهوى والشعر والإنشاد
ملئت زواياه الدواري ضجّة ما بين زقـزاق وطير شاد
ولقد تخيّر وحدةً عن جيرة فغدا مَمَراً للنسيم الهـادي(4)

ويقول من قصيدة ـ من الوافر ـ تحت عنوان : افتش عن شبابي :
رأتني ذات يـوم في اكتئاب أهرول في الذهاب وفي الإياب
فقالت : ما دعاك لمثل هذا فقلـت لها افتش عـن شبابي
افتش عن شباب مَـرَّ حلماً وعمـر طولُه مَـرَّ السحـاب


(1) الدندانة : ما اسود من نباتٍ أو غيره لقدمه ، كناية عن الأصالة والقدم .
(2) اللفح : هبَّة ريح حارّة .
(3) النفح ِ: هبّة ريح باردة .
(4) راجع مقدمة ديوان لوافح ونوافح : 7 ـ 12 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 263


أفتش عن زمان كنت فيه وديعاً ساذجاً غض الاهاب(1)
أُفتش عن ليال كنت فيها غريراً لا أبالي بالصـعـاب
فيسعدني من الأيام قوتٌ يقيتُ وفي سواه لست عـابي
وأحلام وآمالٍ عـراضٍ أعيش بـهـا بظاهرة السَّراب
كـذلك لذّةُ الدنيا دوامـاً تـحـسُّ بها لحيظاتِ الغياب
ألا مِـن مُرجع أيام عُمرٍ ذهبن وباللُيَيْلات(2) العِذاب(3)

وله قصيدة ـ من الوافر ـ أنشأها عام 1377هـ في دعاة الرمز في الشعر الحداثي من :
دعـاة الرمز ما هذا العـراك وما هذا الكـلام المستـلاكُ
فهل هذا الذي تنـشـون شعراً أم الشعر الـذي فيه انفكـاك
وهذا النثر إذ سميـت شعـراً أليس لحرمة الشعـر انتهـاك
تعالى الشعر عن سخف وهذر وقول في مـعـانيه ارتبـاك
فأين الفن في سبك الـقـوافي إذا ما الشعر أعوزه انسبـاك
واين العزة المثـلـى لـروح تهيم بفـنِّ قـافيـة تـحـاك
وأين الوزن في سحر المعاني له قِدماً مع الروح اشـتـراك
عـجـزتم عن مواتاة القوافي فـخـابت بين أيديكم شبـاك
فتهتم في محـاكاة الفرنجـي ولكـن غيـر قشر لم تحاكوا
لشعر من طرازك يا رميـزي فـإن مصيـره حتمـاً هلاك
عدمت قريضك الخاوي قريضاً سخيف القصـد فحواه المحاك
فروض الشعـر أطيار وأيـك وروضك لا طيور ولا أراك(4)

وله في الجنوب اللبناني قصيدة ـ من السريع ـ تحت عنوان بنت الجنوب :
أحببت فيها من مزايا الصِّبا عذوبة اللفظ وسحرَ العيون


(1) الإهاب : الجلد .
(2) اللييلات : جمع لييلة تصغير ليلة .
(3) ديوان لوافح ونوافح : 304 .
(4) ديوان لوافح ونوافح : 204 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 264


وبسمة ظلت على ثغـرها ترمز بالوعد لمن يعشقـون
حتـى إذا أغرتهم أنشـأتْ هيهات هيهاتَ لما توعدون(1)
أحببت فيها من مزايا الصِّبا رشاقةَ القدِّ وثنْـيَ الغصون

ثم ينتقل إلى المتقارب فيقول :
وروحاً تشفُّ عن المغريـات لمـن يفقهـون لمـن يُبصرون
ووجهاً به جاذب المغنطيس(2) لقلـب المتيـم فـيـه الشجـون
وأحببـت فيها مزايا الصِّبـا وداعـة قلـب الجنـوب الحنون
وفتنـةَ كحـلاء ريـفـيـةٍ تُخـلّـي الفؤاد أسيـر الجفـون
أحـبُّ الجنـوب وأبـنـاءَه وجنـات غـزلانـه والعـيـون
أحـب الجـنـوب ووديانـه و تلعـات هضبـاتـه الحـزون
وأهـوى جبالاً به شامخـات واغرق في الحب حتى الجنـون(3)

ويتحدث عن الاغتراب في قصيدة ـ من الوافر ـ وهو في السنغال عام 1382هـ :
اقض بمضجعي ونفى رقادي حديث للتغرب عن بـلادي
فقمت أشدّ للترحـال عزمـاً بعيد القصد في نيل المـراد
ركبت البحر معسول الأماني وبـالإيمـان معموراً فؤادي
وآمالي العريضة رأس مالـي وعوني همَّتي والصبر زادي
هناك وفـي بلاد صرت فيها قليل الصحب موفور الأعادي
حططت بساحة الأبطال رَحلي واشحـذتُ العزيمـة للجهـاد
فقاومت الطبيعة وهـي خصم له بـأس مُلـحُّ فـي العنـاد
وفي حالاتـهـا كيّفتُ حالـي و همتُ لعيشهـا في كـلِّ واد
فعمَّرتُ القصور بفضل جـدّي وشدتُ بأرضهـا ذات العمـاد
ولـي وطـن يعاودنـي هواه و يكثر من تذكـرة سُـهـادي


(1) استعارة قرآنية من : سورة المؤمنون ، آية : 23 .
(2) المغنطيس : لغة في المغناطيس (يونانية) معدن فيه قوة تجذب الحديد وبعض المعادن الأخرى .
(3) ديوان لوافح ونوافح : 310 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 265


اتخذت هدى أمانيه سبيلاً لكشف ملمة ولدفع عادي

إلى أن يقول في آخرها :
وإني مـن بلاد العرب جزءٌ وبضعتها متى نادى المنادي
سأبقى مـا حييت فتىً كريماً حميد الذكر مشكورالأيـادي
سأترك سيرة الأخلاق تروى لمـن بعدي وتعمر كل نادي
سـأرفـع عالياً بالفخر رأسي إذا ذكـرتْ أنـاسٌ بـالسداد
طـريقـاً عبَّدْتـه لي جـدود سـأجعلـه سبيـلاً للرشاد(1)

وله بيتان ـ من السريع ـ عن فتاة معجبة بجمالها :
قالت وقد راحت بإعجابها تنظر في المرآةِ أحلى الصُورْ
أحسب أنّ الله ما صاغني إلا لأبقـى فـتـنـة للبشرْ(2)

وله مقطوعة ـ من البسيط ـ تحت عنوان : من ذكريات الصبا :
حبيبتي هل ذكرت نشوة العيد يوماً و هل غبت عن تلك المواعيد
أيام كُنّا وسـفـح الواد يجمعنا رغماً عن الناس من حب وموجود
وللربيع ثغور الزهر قد بسمت تفـتـرُّ عـن كل منثور ومنضود
وللنسيم على الإغصان هينمةٌ(3) يتلـو حـديث التصابـي بالأسانيد
وللعصافير في الغابات زغردة تطيح بالسمع عن ناي وعـن عود
نهيم والبلبل الصَّداح(4) ينشدنا لحـن الطبيعـة في مزمـار داود
فننتشي وعُقار(5) الإنس يتركنا صرعـى الترنح من تلك الأناشيد
ونجتني قبلاتٍ من حرارتـهـا يثير في القلب وجد غير محدود(6)

ومن حكمياته ـ من الكامل الأخذّ ـ :

(1) ديوان لوافح ونوافح : 96 ـ 97 .
(2) ديوان لوافح ونوافح : 306 .
(3) الهينمة : الصوت الخفيف .
(4) صدح الرجل : رفع صوته بالغناء .
(5) العُقار : الخمرة .
(6) ديوان لوافح ونوافح : 147 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 266


يـا حـامـل السلم بالعرض شـذذت يا هذا عن الفـرض
خالفت عرف الناس عن عمدٍ فأنت لا ترضى ولا ترضي(1)

وله قصيدة ـ من الكامل ـ فازت بالجائزة الثانية في إذاعة لندن عام 1365هـ(2) تحت عنوان : «أمل الفلاح» يقول في أولها وهو في كولك(3) :
لا الهـم يصـرفنـي ولا التنكيد عمّا أروم من العـلا وأريد
فالأرض أرضي والخلائق عيلتي فأنا أمـُنّ عليهـم وأجـود
ما قام ركنٌ للحضـارة شامـخ إلا وكنت مع البنـاة أشيـد
فالصبر درعي والقناعـة عُدّتي وعليّ من نسج الجهاد بُرود

إلى أن يقول :
في كل يوم من حياتـي منظر لي مثل هذا لا يـزال يعودُ
وهناك حيث أرى الحياة سكينة والبـرُّ ليـس لبعـده تحديد
وهناك حيث أرى الطبيعة طلقة وتحوطني بين الحقول ورود

ويقول في آخرها :
يا أيها الأقـوام إني عـامل والمجد دأبي فاعملوا لتسودوا
وتقدموا ليشدَّ بعضاً بعضكم بالصف إذ بأس العَـدوِّ شديد
وتوحّدوا جمعـاً فإنّا لم نسدْ ما لم يُمتِّنْ صفَّنا التـوحيد(4)

وله هذه الأبيات الثلاثة ـ من البسيط ـ :
بين الدفـاتر والأوراق والكتـب أعيش مغتعبطـاً في أرفع الرُتب
أجني ثمـار العلى بالجد مجتهداً ولا اقـول إذا فـاخرتُ كان أبي
فالفل(5) لي طلب والدين حسب ويا لسعْدي لو إنّ العلم من نسبي(6)


(1) ديوان لوافح ونوافح : 35 .
(2) الموافق لعام 1946م .
(3) كولك : مدينة سنغالية سكن فيها المترجم له .
(4) ديوان لوافح ونوافح : 148 ـ 149 .
(5) الفُل : ثلمة السيف ، كناية عن الشجاعة .
(6) ديوان لوافح ونوافح : 306 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 267


وله في الحكمة ـ من السريع ـ :
قل للفتـى الفذ أبي حازمِ إن جزت مأجوراً على ربعه
لا يستوي في صنعة شاعر وشاعـر يُنشـئُ من طبعه
ولا فتـى يمتح من جمعه مثل الذي يغرف من نبعه(1)

وله قصائد في الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم منها قصيدته ـ من الكامل ـ التي أنشأها بمناسبة ذكرى ميلاده يقول في أولها :
أي الفضائل من خصالك أذكـر يا أيها الهـادي البشير المـنـذر
عـرفتـك أقـوام فقالوا مرسل وجفـاك أقـوام فقـالـوا يسحر
وكلاهما جهلوا علاك ومـا دروا أي الحقـائـق في صفاتك تجدر
ضلت فلاسفة الزمان وما اهتدتْ للكشف عما في صفاتك مضمر(2)

وله أخرى وهي ـ من الكامل ـ نظمها عام 1386هـ وأولها :
ما أطيب الدنيا وما أحلاها ماذا جرى يا قوم في مجراها(3)

وأخرى وهي ـ من الكامل ـ أنشأها عام 1367هـ مطلعها :
قالوا النبوة أن تكون مؤيداً بالله عبر الوحي والتنزيل(4)

وله قصائد في سبطه الإمام الحسين عليه السلام وبعض أنصاره أوردناها في محله .

(1) ديون لوافح ونوافح : 93 .
(2) ديوان لوافح ونوافح : 179 .
(3) ديوان لوافح ونوافح : 228 .
(4) ديوان لوافح ونوافح : 201 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 268


(30)
إبراهيم بن محمد حسن النصار
1348 ـ ....هـ = 1929 ـ ....م

هو الشاعر إبراهيم بن محمد حسن بن جاسم بن حسن بن علي بن محسن بن راشد نصار الأخباري .
ولد عام 1348هـ في كربلاء ونشأ بها في أسرة محافظة والتحق بالمدارس الحديثة ولما أنهى الابتدائية التحق بالحوزة العلمية ودرس مبادئ العربية والإسلامية على جمع من الأفاضل منهم الشيخ علي فليح(1) والشيخ علي الأحسائي(2) والشيخ جعفر العتابي(3) ثم انتقل إلى النجف والتحق بمدرسة كاشف الغطاء وعاد بعدها إلى كربلاء لمواصلة دراسته الدينية والعلمية ولكن سرعان ما انصرف إلى مزاولة التجارة والأعمال الحرة وانتقل بعدها إلى بغداد ، وكان في كربلاء يشارك الأدباء والشعراء محافلهم الأدبية وندواتهم الشعرية حتى قوي عوده وأخذ ينشأ القصيدة تلو الأخرى حتى كوّن ديواناً لا زال مخطوطاً إلا أنه نشر العديد من قصائده في مجلة الثقافة الجديدة البغدادية ، ومجلة الورود اللبنانية ، وهو لا زال يواكب حركة التجديد للأدب العربي ، وهو إلى جانب ذلك له اطلاع بالأدب الفارسي حيث ترجم بعض القصائد الفارسية إلى العربية .

(1) فليح : كان من فضلاء كربلاء لعله من أحفاد الشيخ فليح المتوفى سنة 1296هـ الذي كان نجله محمد شاعراً قتل سنة 1295هـ .
(2) الإحسائي : ولعلّه علي بن محمد بن عبدالله العيثان المتوفى عام 1401هـ من أعلام كربلاء .
(3) العتابي : كان من منطقة الجنوب العراقي سكن كربلاء ، ويذكر أنه كان يمارس التدريس في مدرسة المهدية ، ومدرسة الخطيب .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 269


ومن شعره المترجم من الفارسية تحت عنوان : أيها الزاهد ـ البيتان الأولان من السريع والباقي من مجزوء الرمل ـ :
ورب كأس صيغ من عسجد(1) يصـدعه السقط من الجلمد(2)
فالكأس لا ينـقـص إبريزه(3) والحجب الـتـافـه لم يزدد

* * *

أيهـا الـزاهـد لا نـر جو كما ترجو ثوابا
إنـنــا مــرآة ذات لحبيب عنـك غابا
إن تكن جئت من المعبـ ـدِ ترتـادُ نـزالا
فمـن الحـانـة شَمـَّرْ نا للقيـاك الثيـابا

* * *

كنت بالأمس أعاني مـن تباريح(4) السيـاق(5)
فتشابكت وروحـي أبتـغـي منهـا فراقـي
وبقـاء الروح يعني إن سـوء الحظ بــاقي(6)

وقد أهدت فتاة تدعى سناء للشاعر مطرفاً(7) من نسج يديها فكتب إليها ـ من الكامل ـ هذه الأبيات :
سَلمت يـدٌ موهوبة تحكي عطا ياها سوابـغ ديمة(8) وطفاء(9)
نسجت مفوف(9) مطرف رقت حواشيـه كرقة وارف الأفياء

(1) العسجد : الذهب ، أو الجوهر كالدر والياقوت .
(2) الجلمد : الصخر .
(3) الإبريز : الذهب الخالص والكلمة يونانية الأصل .
(4) التبريح : الشدة ، المشقة ، كلفة المعيشة ، والجمع تباريح .
(5) السياق : ما يساق في مهر المرأة .
(6) شعراء كربلاء : 1/18 .
(7) المطرف : بكسر الميم وضمها : رداء من حرير أو صوف .
(8) الديمة : مطر دائم في سكون بلا رعد وبرق .
(9) وطفاء : وطف المطر : انهمر ، وسحابة وطفاء : مسترخية لكثرة مائها .
(10) المفوَّف : الرقيق أو الثوب فيه خطوط بيض على الطول .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 270


فكـأنـه ألـق الربيع يزف أضوا ع(1) الأقاح لروضة غنـاء
وعليه من عرف الخزامى(2) نفحة رفت رفيف سوانـح الأنداء
سلمـت أنـامـلك الـرقيقـة من أنامل ثروةٍ بالبذل والإنشـاء
أهديتنيهـا تحفة تجلـو برونقهـا النضيـر غيـاهب الظلمـاء
يزهو مطـرزهـا كزهو الجلنـار ووشيهـا كـالبسمة الغـرّاء
ويزينـهـا الأرج المُحِضُّ فمن هنا عبـق ومـن هذا سناء سناء
أنّـى يـوازيـه ومـا أهـديتنـي نظم القصيد بمدحة وثنـاء(3)

وله قصيدة من المتدارك يعارض فيها قصيدة ليل الصب(4) لأحمد شوقي(5) : يقول في أولها :
يضنينـي الهجـر ويسعده وأصون الـود ويجحده
نـزق يغـريـك تـودده لكـن الـصـدَّ تعـوده
كم مـن وعدٍ كم من عهدٍ أعـطـى والمطل يفنّده
أمـلٌ كـالصرح يشيـده و ريـاح النقض تبـدّده
غـر لا يعبـأ بالميعـاد ولا الميـثـاق يقـيـده
تعـذيب الأنفـس ديدنـه أبداً والجـفـوة تسعـده
يتنازعـه طيش وحجىً(6) فيـذيـب الـرأي تردده
هـذا يـدنيـه لغـايتـه ويسـارع ذاك فيـبعـده
ومتيمـه رغم التسويـف ورغـم المطـل يعـوده


(1) الضوع : المسك .
(2) الخزامي : جنس زهر من فصيلة الزنبقيات ، له بصلة وأزهاره متعددة الألوان ، يستعمل للعطور .
(3) شعراء كربلاء : 1/20 .
(4) قصيدة «ليل الصب» لأحمد شوقي مطلعها :
مضناك جفاه مرقده وبكاه ورحّمَ عُوّدُه
(5) أحمد شوقي : هو ابن علي بن أحمد (1285 ـ 1351هـ) ولد في القاهرة ودرس الحقوق في فرنسا ، شاعر معروف ، له ديوان الشوقيات ، كما له عدة مسرحيات من أشهرها مصرع كيلوبترا .
(6) الحجى : العقل .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 271


عانٍ والشـوق يبرّحه أسـوان جفـاه تجلده
مسلوب الرشد مضيّعه محبوس الرأي مصفده

إلى أن يقول :
فيـض الأشـجـان روافـده وفـؤاد الـعـاشق مورده
يتعـهـد عـمـلاق الـفـن ولمـن للـفـن مخـلـده
ما لحن الدشت(1) وما السيـ ـگاه(2) وما البيان ومنشده
وسـوى هاتيـك وما أبقـى زريـاب(3) و خلد معبـده
لا لحن هنـاك يضـارعـه أو مـن يـرقـى ويقلـده
أهـات الصـب تـحـرره ووجيـب القلـب(4) يردده
وأمـيـر اللـحـن ورائـده يصبو للشـوق وينشـده(5)

وله قصيدة من المتقارب في تقريظ ديوان مرافئ الأشواق للشاعر عبد الخالق فريد(6) يقول في أولها :
مـرافـئ أشواقك الـهـائمه أتاحت لنا رحلة حالمـه
أطفنـا بـهـا في ذرى عبقر يـعـانق عـالمنا عالمه
بروض نديّ خضيل(7) الأقاح وزهو سواجعه الباغمه(8)
فنعصـر مـن كـرمه خمرة نطوح أوهامنا الجاهمه(9)

(1) لحن الدشت : لحن أهل الصحراء والبادية ، دشت : كلمة فارسية بمعنى الصحراء ، وبمعنى موطن من مواطن عرب إيران في خوزستان .
(2) السيگاه : من ألحان الموسيقى الفارسية .
(3) زرياب : هو أبو الحسن علي بن نافع ، كان موسيقاراً وشاعراً في البلاط العباسي ، ولد في الجزيرة سنة 172هـ ، ومات بقرطبة سنة 230هـ .
(4) وجيب القلب : خففته ورجفته .
(5) شعراء كربلاء : 1/15 .
(6) عبدالخالق فريد :
(7) الخضيل : فصيل من الخضل وهو الندى والبلل .
(8) باغمه : حادثه بصوت رخيم .
(9) الجهمة : أول مآخير الليل ، وأراد بالجاهمة المظلمة .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 272


ونصحو على خلجات القلوب ودر أشعتهـا البـاسـمه
فتهفـو جـوانحنا للـوجيب ودفـة أصدائـه الآثمـه
لنطوي الوجود وحرّ الصدود برعشة نشوته العـارمه(1)

وله قصيدة من البسيط في الحزن والرثاء(2) يقول في أولها :
بين الحنايا شواظ جاحم الضـرم أربى عن الوصف واستعصى على الكلم
وفي الفؤاد كلوم(3) من قوارعها زاغ الـرشاد وأوهـى مـوطن الهمـم
لا درّ درّ صروف الحادثات وهل طالت لنا غيـر صاع الحتـف والنقـم

إلى أن يقول :
هيهات يسلو شجي هيض(4) جانبه وإن بدا غير شجـو وذي بـرم
فـكـم هـنالك مـن آه مـنغمـة أو زفـرة مرّة فـي ثغر مبتسم
الدرب موحشة ، والنفس جازعـة و ليس لي بعد من ردء ومعتصم
أنى اتجـهت أراني شائمـاً أثـراً يروي حكايات مسرانا بألف فـم
زهـو الحياة ومـا حارت سحائبها من وابل الصفو أو من فاتر النعم
ونكـدها إذ يدوس الـبغي مربعـنا درس الحصيد بما يفتات من تهم
وإذ يذال خـنـوع النـفس يبهـره وهج النضار ليجني حسرة الـندم

وفي آخرها يقول :
آه على وطرٍ(5) ما كنت أحسبه يمر كالطيف أو ينساب كالحلم
خـمر تزق وأقـداح مهـشمة وثم قيثارة أغفـت بلا نغـم(6)

وله قصيدة من مجزوء الرمل ترجمها من الفارسية يستعرض فيها مسيرة الحياة فيقول :

(1) شعراء كربلاء : 1/19 .
(2) يرثي الأستاذ محمد حسن الوائلي في ذكراه السنوية الأولى .
(3) الكلْم : بفتح أوله وسكون ثانيه الجرح والجمع كلوم .
(4) الهيض : كسر العظم بعد الانجبار ، اللين ، النكس في المرض .
(5) الوطر : الحاجة والبغية .
(6) شعراء كربلاء : 1/19 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 273


يا نديمي ضاع رأس الـ ـمال والعمـر تولـى
فـدع الأهـام أو كـنـ ـت بأوهامـك تصلى
أنت إن كنت تـروم الـر اي أو تنشـد فضـلا
تجـتلـيـه خـلل الأقـ ـداح في الحانة جزلا

* * *

يا نديمـي إنـني مثـ ـلك أنفقت الليالـي
بين لغو غيـر مجـد ي وخصام وجـدال
حيث زالت ورجيع الـ ـقول أدعى للزوال
وتـبقت ضـحكة سـا خـرة فوق قذالي(1)

* * *

آه كـم أذويـت وقـتاً بـين بحثي وكتابـي
تائهاً في طخمة(2) عميا ء أو سيـل عباب(3)
غير أني بعـد أن مـز قت عن عيني حجابي
رحـت أبغي زمناً ضا ع بـه عـز شبابـي

* * *

يا نـديـمي كنت أصغي لـدروس الـشيخ سـمعـا
عن أمور قاءها(4) الكهـ ـان حتى ضقـت ذرعـا
وسألـت الشيـخ ما جـد وى تعـالـيمـك نـفعـا
إن خيـراً منـك سكـيـ ـرون في الحانة صرعى

* * *



(1) القذال : ما بين الأذنين من مؤخر الرأس .
(2) ولعل الصحيح طخية بمعنى الظلمة الشديدة ، والليلة المظلمة ، والقطعة من السحاب .
(3) العُباب : السيل إذا ارتفع ، والبحر موجه .
(4) قاءَ : ومنها تقيأ : أخرج الطعام من فمه ، وهنا تعبير عن التململ والتذمر .

السابق السابق الفهرس التالي التالي