دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 274


يا نديمي همت قبل اليـ ـوم بالتحصيل شوقا
كنت للأوهـام كالعـبـ ـد أسيـراً مسترقـا
وإذا بـي أتـلـقــى نبأ ضمـخ(1) حقـا
يا أسيـر الـوهم حتـى م بهذا الأمـر تبـقى

* * *

ولقـد بادرت إذ ذا ك فـودعـت الكتابــا
ولحقت الركب استر وح عـيشـاً مستطابـا
فاتخذت الحان والقر قـف(2) والكأس صحابا
دون أن أحسب للبا قي مـن الـعمر حسابا

* * *

يا نديمي جرعة من قـرقف تنعش نفسـي
أفتـديهـا بكتابـي وبما يحـويـه درسي
آن كـم ضيعت أيا ماً لعمري بالتعسّي(3)
بيـد أنـي لو تبصر ت لما ضيعت أمس(4)

وكتب إليه الشاعر مهدي جاسم(5) قصيدة بعنوان دار ليلى وأرسلها إلى المترجم له فأجابه مداعباً بقصيدة من مجزوء الرمل على ذات القافية وذات الروي :
كان يوماً في سماء الـ ـسحب مرموقاً مجلّى
هائماً طـوّف فـي دنـ ـيا الهوى نجداً وسهلا
ثـم شـاءت نـدب الأ يام أن تصميه نـصلا


(1) ضمخ : لطخ جسده بالطيب ، والضِمخة : المرأة ، وكذلك تطلق على الناقة السمينة .
(2) القرقف : الخمر ، وكذلك الماء البارد ، وهنا يريد الأول .
(3) التعسي : الإكثار من قول عسى .
(4) شعراء كربلاء : 17 .
(5) مهدي : بن جاسم بن محمد آل نور الدين الشماسي ، ولد في كربلاء المقدسة عام 1338هـ ، امتهن الخطابة والتعليم وكان شاعراً موهوباً ، مات عام 1399هـ ، ودفن في النجف الأشرف .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 275


فانطوت صفحات ذيّا ك الهوى فصلا ففصلا
وجفتـه الغـيد لـما بات لا يـملك حـولا
ومتى تعـرف هاتيـ ـك الدمى عهداً وإلاّ(1)

إلى أن يقول في آخرها :
يا رفـيقـي رابـني قو ل بــه تـسـتـر فـعـلا
شاعر أنت وهل يصـ ـدقـك الـشـاعـر قـولا
لا تـقل إنـي تـنسـ ـكـت فـأيـامـك حـبلى
وأحابيلك قد عـالـجـ ـتـهـا حـبـلاً فـحبـلا
إنمـا راهـب «تايـيـ ـس»(2) هدى العهر وضلا(3)

هذا وللشاعر شعر ملمع بالفارسية حيث ينظم بالفارسية أيضاً كما أنه نظم في الإمام الحسين عليه السلام فأودعناه في ديوان القرن الخامس عشر .

(1) الإل : العهد .
(2) تاييس : هي بطلة قصة معروفة .
(3) شعراء كربلاء : 1/14 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 276


(31)
إبراهيم بن محمد الحمّار
1311 ـ 1391هـ = 1893 ـ 1971م

هو الملا إبراهيم بن محمد بن حسين الحمّار الكويكبي القطيفي .
ولد في الرابع عشر من شهر محرم الحرام عام 1311هـ في قرية الكويكب التابعة للقطيف(1) ، ونشأ في بيئة دينية وكريمة بين أبوين كريمين ، أخذ المبادئ الأولية للعلوم العربية والإسلامية من فضلاء منطقته وامتهن الخطابة ، وكان ذا أدب رفيع حيث قام بنظم الشعر مما كوّن ديواناً غنيّاً فيه قصائد عن الإمام الحسين عليه السلام نقلناها في باب الشعر من هذه الموسوعة .
وقال عنه الشيخ المرهون(2) : «كان معروفاً بالخير والصلاح والتقى والورع والمحافظة على أوامر المولى جلّ اسمه ، وأسرته (آل حمّار) بالتشديد من أكرم الأسر القطيفية ذات السمعة الطيبة والصيت الطائر احتلت مكاناً هاماً في دنيا التجارة ومارست كثيراً من الأعمال الحيوية واياديها البيضاء في أفعال الخير معروفة ، وقد تعرفت على الكثير من رجالها فوجدت منهم الأماثل الذين يسارعون في الخيرات»(3) .
وقال المرجاني(4) : «إنه شاعر له ديوان شعر في مراثي أهل

(1) القطيف : من مدن المنطقة الشرقية في السعودية .
(2) المرهون : علي بن منصور بن علي آل مرهون ، ولد عام 1334هـ ، له مصنفات عديدة منها (لقمان الحكيم) ، (أعمال الحرمين) وله ديوان شعر باسم (المرهونيات) .
(3) شعراء القطيف المعاصرين : 90 .
(4) المرجاني : هو حيدر بن صالح الكاتب المعاصر الذي تولى الأمانة العامة لجميعة
=
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 277


البيت عليهم السلام ومدائحهم وإن شعره رقيق قوي امتاز بالرقة والقوة»(1) يحتوي على شعره القريض والدارج ويغلب عليه الشعر الدارج(2) .
هذا وقد جرت محاولات واتصالات عديدة جداً مع أبناء وأحقاد وأصدقاء الشاعر في القطيف إلا أنهم أخبرونا بأنهم لم يحتفظوا بشعره وذكر لنا بعض أحفاده أن ديوانه قد أرسل إلى النجف للتنقيح والطباعة منذ سنوات ولم نعلم عنه شيئاً .

= التوجيه الديني في النجف كما كان عضواً في اتحاد المؤلفين والكتاب العراقيين وله مؤلفات عديدة منها : جولة في شواطئ الخليج ، تراث النجف ، خطباء المنبر الحسيني .
(1) خطباء المنبر الحسيني : 1/86 .
(2) نقلاً عن الشيخ حسن بن موسى الصفّار والذي مضت ترجمته .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 278


(32)
إبراهيم بن محمد الحنفي
1054 ـ 1120هـ = 1645 ـ 1708م

هو السيد إبراهيم بن محمد بن محمد بن أحمد بن حسين بن حمزة الحسيني الحنفي(1) الدمشقي .
ولد في دمشق عام 1054هـ ونشأ على أبيه(2) الذي كان من الأعلام وتخرج عليه وعلى شقيقه السيد عبدالرحمان(3) ، واستكثر من الشيوخ حضوراً عليهم واستجازة منهم وبلغ عدد شيوخه ثمانين شيخاً ، واشتهر بابن حمزة ، أخذ عن الشيخ شهاب الدين(4) بعضاً من صحيح البخاري(5) .
سافر إلى مصر وأخذ عن علمائها وتولى نقابة الأشراف فيها عام 1093هـ ، كما تولى بدمشق نيابة محكمة الباب الكبرى والقسمة العسكرية ، وتولى النقابة بدمشق عدة مرات .
كما سافر إلى الروم وإلى غيرها وسافر إلى بيت الله الحرام وبعد

(1) نفحة الريحانة : 2/88 .
(2) أوه : قال عنه كحالة في معجم المؤلفين : 11/163،ولد (محمد) سنة 1024هـ في دمشق وتوفي بها عام 1085هـ ، وكان محدثاً ، مفسراً،فقيهاً،أديباً،نحوياً وشاعراً، تولى نقابة الاشراف بدمشق .
(3) عبدالرحمان : ولد سنة 1048هـ في دمشق ومات فيها سنة 1081هـ ، أديب دمشق في عصره ، له كتاب (الحدائق والغرف) .
(4) شهاب الدين : هو أحمد بن علي بن مفلح من علماء دمشق في القرن الحادي عشر .
(5ِ) البخاري : محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة ، ولد في بخارى سنة 194هـ ، جمع أحاديث النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم من نحو ألف شيخ ، مات سنة 256هـ .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 279


الرجوع منها توفي في شهر صفر وهو في منزل يسمى ذات الحج(1) ودفن بها وذلك عام 1120هـ .
له من الؤلفات : البيان والتعريف في أسباب ورود الحديث الشريف في جزأين(2) ، وحاشية على شرح الألفية لابن الناظم(3) .
وكان من أعلام دمشق وعلمائها وكان يدرّس صحيح البخاري في داره لمدة ثلاثة أشهر ثم درس في المدرسة الماردانية بالصالحية والمدرسة الأمجدية على الشرف القبلي وبالمدرسة الجوزية(4) .
وذكروا أن له نظماً جيداً ، وله أرجوزة إلا أننا لم نتمكن من استحصالها رغم تكليف طرفنا في دمشق للتفتيش عنها في مكتبات الشام وبالأخص في المكتبة الظاهرية التي قيل إنها موجودة فيها .

(1) ذات الحج : عين ماء في الطريق ما بين مكة والشام .
(2) طبع في جزأين في حلب ، ويقع الجزء الأول منه في 327 صفحة ، والثاني في 312 صفحة وقد لخص فيه وصنف أبي البقاء العكبري وزاد عليه .
(3) لم تمهله المنية لإكماله .
(4) راجع معجم المطبوعات العربية والمعربة : 1/88 عن خلاصة الأثر : 2/105 . الأعلام للزركلي : 1/68 عن سلك الدرر : 1/22 والأزهرية : 1/323 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 280


(33)
إبراهيم بن محمد شرارة
1341 ـ 1403هـ = 1922 ـ 1983م

هو الشاعر إبراهيم بن محمد بن عبدالله شرارة العاملي .
ولد في بنت جبيل(1) عام 1341هـ وفيها دفن ، نشأ بها والتحق بمدارسها وتتلمذ في العلوم العربية على الشيخ علي شرارة(2) ، وفي مطلع شبابه هاجر من مسقط رأسه إلى أفريقيا الغربية للعمل إلا أن إقامته بها لم تطل فرجع وسكن بيروت وتعاطى التجارة إلى أن توفي بها .
شارك مجتمعه في مناسباتهم الدينية واحتفالاتهم الثقافية والأدبية ، قال عنه الأستاذ عباس بيضون(3) في تأبينه لقد قام إبراهيم وآخرون بنقل الأدب العاملي من سلفية مفرقة إلى نفحة معاصرة كانت تهب من حواضر الأدب يومذاك في مصر ولبنان والمهجر ، ولعل صدى الرومانطيقية(4) في لبنان

(1) بنت جبيل : مركبة من أنثى الابن ومصغر جبل ، وهي اليوم قضاء مستقل ، وهي من أمهات بلاد جبل عامل بلبنان وعلى حدود فلسطين ألحقت سابقاً بمرجعيون وثم بصور .
(2) شرارة : هو علي بن أحمد بن أمين (1302 ـ 1375هـ) تتلمذ على السيد نجيب فضل الله والشيخ موسى مغنية ، ثم تولى مهنة التعليم في المدارس الرسمية نظم الشعر ومارسه .
(3) بيضون : هو الدكتور عباس أديب لبنان معاصر وشاعر صحفي مارس مهنة التعليم في بداية الأمر .
(4) الرومانطيقية : رومنطيقية أو رومانسية ، وهي حركة أدبية وفنية عرفتها أوروبا ، دعت إلى تغليب مبادئ الحرية والذاتية على القواعد الكلاسيكية والعقلانية الفلسفية ، بشّر بها في فرنسا شاتوبريان ، وازدهرت مع لامارتين وهوغو ودي موسّه .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 281


ومصر تسلل إلى أدباء جبل عامل الشبان آنذاك ليؤثر في كلامهم ونتاجهم وتؤثر الرقة الوافدة في اللغة العريقة الموروثة من شيوخ تشربوا الشعر من منابعه الأولى وسلكوه من أعرق مسالكه وأوغلها في الزمن وأشركوا فيه مشاغل أخرى تشمل المكتبة العربية القديمة بشتى فروعها ، والأغلب أن شعر إبراهيم ينضم إلى تراث واسع لم يكتب له أن ينتظم في التراث اللبناني بكليته ، فقد كان هذا الأدب يتداول بين عائلات ثقافية ومنتديات أبرزها المنتدى الحسيني وأماسي سمر ومجالس أدب ، وكان مكتفياً بتداوله هذا متآلفاً معه(1) .
وقد صدرت له مجموعة شعرية صغيرة عام 1386هـ بعنوان «في قرانا» ، أما بقية شعره فقد ظل مخطوطاً .
ومن شعره قصيدة في رثاء السيد محسن الأمين المتوفى عام 1371هـ يقول في مطلعها ـ من الخفيف ـ :
أي رزء دهى وخطب دهاهم حل في موطني فهدّ الدعائم(2)

وأخرى في رثاء السيد عبدالمطلب(3) الأمين المتوفى عام 1394هـ يقول في أولها ـ من البسيط ـ :
بحـور شعـرك ما الشطآن والجـزر هل عند شقراء(4) من أخبارها خبر
تـريدني أن أرود الـشمس أحـملهـا علـى خيوط سراج زيتـه عكـر
مَـنْ عاذري وذبالات(5) المنى نضبت وليس يـنبت فـي بستاني الـعذر
أنا المنهنـه(6) ما خمري وما قـدحي أنا المغرد ما غصني وما الشجـر


(1) مستدرك أعيان الشيعة : 1/6 .
(2) أعيان الشيعة : 10/445 .
(3) عبدالمطلب : هو ابن محسن بن عبدالكريم بن علي الأمين الحسيني العاملي ولد في دمشق عام 1333هـ ، اشتغل بالسلك الدبلوماسي ، جمع شعره في ديوان صغير باسم شعر عبدالمطلب الأمين ، ودفن في مدينة شقراء .
(4) شقراء : من توابع مدينة مرجعيون بجبل عامل .
(5) الذُبالة : الفتيلة التي تُسرج .
(6) النهنهةُ : الكفُّ والمنع والزجر .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 282


عشقت حـتى كـأن العشق أتلفني وذبت فالوجد لا يبقي(1) ولا يذر(2)

ومن روائعه ـ من السريع ـ :
يا دفقـة النـور صبـاح الغـد أنت وآمالي علـى موعـد
مقامنـا عنـد احتضار النـدى بين الضحى والليل والفرقد
حشــائشُ مـفروشـةٌ ههنـا وههنا ، فحيث شئت اقعدي
والروض حضن دافئٌ والهـوى وسادةٌ من مهجتي فارقـدي
ما أطـول اللـيل الـذي بيننـا أُواه ، من مفرقـه الأسـود
لو أنني أملكُ ركـب الضحـى و لو تناولتُ الدجى في يدي
قـذفـت باللـيل و سـاعاتـه حتى يوارى من طريق الغد
كم موعد لي منك في خـاطري يضيق كالسقـم به عـوّدي
والموعد الحلـو ، على مُــرِّه يحسدني في مـره حسـدي
ألـيس بعـد الملتقـى فرقــة و هل يكون الملتقى مسعدي
كيف أروّي العمـر من لحظـة يتيمـةٍ كـالأبعـد الأبعـد
النار فـي قلبي شـبوب اللظى أنت لها بردٌ فـلا تبعـدي
إن نبترد فاثنـان فـي بردهـا أو نحترق فاثنان في الموقد
فاقـبلي فالعمـر وقفٌ علـى لقياك يا أحلى من الموعد(3)

ويقول عنه ناصر(4) شرارة لدى تحدثه عن الشعر العاملي : إن إبراهيم شرارة طائر غرد داخل سربه العاملي ، لكن هذا لم يجعله بالضرورة واحداً في جوقة كنيسية تردد نفس الكلام وذات اللحن ، لقد كان طائراً عاملياً بحق ولكن كان لصوته صدى مميز ولرفيف جناحه اختلاجات لا تشبه اختلاجات قلبه ، ولعل مقدرة إبراهيم شرارة على انتزاع تمايزه الفني من دون أن يترتب على ذلك خروجه من المؤسسة العاملية الشعرية القديمة لعل هذا بحد ذاته

(1) استعارة قرآنية من قوله تعالى في سورة المدثر : 26 ، 27 ، 28 «سأصليه سقر * وما أدراك ما سقر * لا تُبقي ولا تَذَرُ» .
(2) أعيان الشيعة : 8/112 .
(3) مستدرك أعيان الشيعة : 1/9 .
(4) ناصر : كاتب وصحفي لبناني معاصر .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 283


هو واحد من أهم خصائص الشاعر ومميزاته(1) .
هذا وقد طرق الشاعر أبواباً أخرى من الشعر إلا أنه لم يتخط دائرة الالتزام بالوزن ، حيث جاء من مجزوء الرمل قصيدته المعروفة بـ «قُرانا»(2) : ـ
في قرانـا يورق النـو رُ اشـتهـاءً لـقرانـا
كدَّسته الشمس أكــوا مـاً عـلى صحو ذرانا
كعروسٍ غرقـت بالنـ ـورِ في جدول فضـه
وعلى خطواتهـا تشـ ـهق في الأضلع نبضه
و الـفتى نيسان يحتـ ـلُّ على السهل مكانـا
ورجال في سفوح الـ ـمجدِ يـبنون الزمـانا

في قرانا !
في قرانا أزهـر اللَّـ ـوز وفـاح البيلسان(3)
واللهيب الأبيض المـ ـزهو عرسٌ في الجنان
أشعلتـه أنمـل الخـا لـقِ زهـراً يـتـلالا
والندى يشربه ، الفـ ـجر ويسقيـه حـلالا

والفتى نيسان !
ضيفنا نيسان بالبـا ب ربيع مـن جديـد
فافتحوا الأبواب للـ ـقادم في موكب عيد
إنـه يـحمل أزهـا راً وشمسـاً وظـلالا
وقوارير مـن العـ ـطـر ورزقاً وغلالا

والفتى الإنسان !
الإله المنتضي معـ ـوله في كل تلة


(1) مستدرك أعيان الشيعة : 1/6 .
(2) قرانا : يقصد بها قرى جبل عامل .
(3) البيلسان : وهو الخَمان وهو شجر أزهاره صغيرة بيضاء عطرية الرائحة يستعمل في الأدوية .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 284


دمـه الـمعروق ينـ ـساب شذىً من كل أفلة(1)

يقول الشاعر محمد علي شمس الدين(2) عن ديوان المترجم «في قرانا» : «إن الشاعر حين يستنطق الريف يدخل معه في خطاب رومانسي ، وينتقل به من العين إلى الوجدان ، من الوصف إلى العلن»(3) .
وقال محمد فرحات(4) عن هذا الديوان : «تبدو قصائد إبراهيم شرارة ناتجة عن تراث بيئته اللغوي العريق ـ جبل عامل ـ وتراث التحديث العربي في صورته اللبنانية شعر ما بين الحربين(5) العالميتين»(6) .
ومن شعره في الحب يقول من قصيدة ـ من الخفيف ـ :
نحـن والحـب ظامـئٌ وكـؤوسٌ سكر الحب أو صحا المخمور
و لد الحب خفقـة تعصـر الضلـ ـعَ وتهفـو تتلـظى وتـثور
يا هـوىً ناشئاً عـلى شرفات الـ ـفجر أوطانه الندى والزهور
دافـئاً كـالسماح ريـان كـالأفـ ـياء نُعمى غلالــه وسرور
ضاق عنه المدى الفسيحُ وضج الـ ـعمر فيه فالعمر فيه دهـور
حـلّ أضلاعنـا فأيـنـع شـوقاً و لـهيفاً وباح عـنه الـزفير
و طـمعنـاه مـن لـبان أمـانيـ ـنا أمانيّ رزقهـا مـوفـور
وحـرقـنـا لـه البخـور لينـمو فنما الحب وافـتدانا البخـور
مَهدُهُ في اختلاجـة النبضة الـحرّ ى وسكناه في الزمان الضمير


(1) مستدرك أعيان الشيعة : 1/9 عن ديوان «في قرانا» .
(2) شمس الدين : شاعر لبناني ولد في قرية بيت ياحون سنة 1361هـ ، له ترجمة في الموسوعة في باب تراجم الشعراء .
(3) مستدرك أعيان الشيعة : 1/6 .
(4) فرحات : هو ابن رضا فرحات ولد في النجف سنة 1356هـ ، له ديوان شعر اسمه (جراح جنوبية) ومسرحية شعرية بعنوان (سلام للعصافير) ، راجع الموسوعة باب تراجم الشعراء .
(5) نشبت الحرب العالمية الاولى عام 1332هـ (1914م) وانتهت عام 1377هـ (1918م) . كما نشبت الثانية عام 1358هـ (1939م) وانتهت عام 1364هـ (1945م) .
(6) مستدرك أعيان الشيعة : 1/6 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 285


أي حب هذا الذي زرع الدُنـ ـيا رجاءً فهو الرجاء النضير(1)

وله من قصيدة أخرى ـ من المتقارب ـ :
عطورك وانساب نبعُ الشروقْ ورفَّ رفيفَ الجناح الطليقْ
فللخطـو ترنيـمةٌ كالصـلاة وللدرب ضلـعٌ ينزُ الخفوقْ
صديـقك نيسان ما لاحَ بـعدُ فأين تخلف ركـب الصديقْ
و سابقت فينا ربيـع الكـروم وعانقت قبل الصباح البريقْ

إلى أن يقول :
وأنتِ وعطـرك لاذت بـه حياتي فـما فيك دربٌ تضيق
تمـنيتُ لـو أننـي قطـرةٌ بـعطركِ أغـفو ولا أسـتفيقْ
فإن هـدهدتني يـدٌ بضـةٌ وأهـرقني مـنك مس رفيـق
وفيتُ النذور حرقت البخور وأشعلت زيت دمي في الحريق
لأولـدَ فـي فـم قـارورةٍ وأفنـى بمنعطفات الطريـق(2)

وأما آخر ما نظمه فهذه الأبيات وقد وضعها تحت وسادته وهو في المستشفى على فراش المرض ـ من السريع ـ :
بيتي علـى الرابيـة الحالمـة اشتاقه في اللحظة الحاسمة
وانتشـي من ذكـر أحجـاره كأنني فـي سكـرة دائمـة
حين رمانـي الـداء فـي كوة مظلمـة كـالليلـة القاتمـة
اشـتاق أن أنـشـر أخـباره على ضفاف الموجة العائمة
اشتاق أن توقد شمس الضحى على جناح الشرفة النائمـة
فـقبـلـوا أذيـال أذيالـهـا ما قام في خاطركم قائمة(3)

توفي في بيروت عام 1403هـ على تلك الأشواق التي حملت جثمانه إلى مسقط رأسه ببنت جبيل ليدفن بها ومعه صك الخلاص في قصيدة رائية يتجلى فيها ولاؤه لأمير المؤمنين عليه السلام ومنها قوله ـ من الخفيف ـ :

(1) مستدرك أعيان الشيعة : 1/8 .
(2) مستدرك أعيان الشيعة : 1/8 .
(3) مستدرك أعيان الشيعة : 1/7 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 286


يا عليـاً يا فيصـلاً فـي يمـين الله يـا وثـبـةً تـخـوض الغمـارا
أنت مـن زرع أمتي مـن عطايا وطـني تـنتخـي وتحـمي الذمـارا
هـات وحّـدْ صفوفنـا واجمـع الـعـرب سـبيـلاً وأمـة و ديـارا
لا حـدوداً لا ظلـمةً لا سجـوناً لا دخـيـلاً بـهـا و لا استعـمـارا
يـا ابن عـم النبي ، تقفو خطاهُ.. وعلى الـدرب ، حـيث طـه أنـارا
قـدَّر الله مـنـذ أن بـدأ الخلـق فـتـوحـاً ، لـدينـه ، وانتـشـارا
واصطفـى أحمـداً رسولاً أميناً.. صَــدَق الله فـيـه حـيـن اخـتارا
رفّـةٌ من جناح جبريلَ ، لولاهـا تـشـقّ الـسـمـا وتـنـزل غـارا
لـقرأنـا نهجـاً كقـرآن طـه.. وكـآي ابـن مـريـم للــنصـارى
غفر الله لي ، وحُبـّك أوحى لـي غـلـوّي ، وزيـّن الأفــكـــارا
يا إمام الأحرار . نوّرْ لنا الـدربَ فـأنـت اصـطـفـيـتـنا أحـرارا
كلَّ عـام لنا ، ببابـك ، طابـت.. وقـفـةٌ عـنـده وَ طـِبـت مـزارا
جئت للكون مـرّةً ، هـو يرجـو مـنكَ في الدهـر لـو أتـيتَ مـرارا
مرة والرجـاء أن يوغل في الدّنيا ولـن يـَـبْلـغَ الـرجـاء القــرارا
واحداً في الزمان.. وهـو مجيءٌ.. واحــدٌ ، مـا أَعـيـدَ دهـرٌ و دارا
يا إمــام الثـوار ، تنهَـدُ جباراً وفـي الله تــصـرع الــجـبـارا
كلَّ يـوم لنـا بـدربكَ زحـفٌ.. للمـعالـي تمـضـي لهـا إعصـارا
يا علياً ! وماج فـي حَبَك الصبح قــريـضــي... ولألأ الأنــوارا
اعطني مـن لدنكَ زهوَ القوافـي.. و عَـجيـبـاً إن لـم تـسـِلْ أنهـرا
اعطني من لدنكَ جمر المروءات.. فـألظـى ، و قـد عـصرتُ النـارا
أجـد الفيءَ مـن جناحيكَ يحويني فـآوي ، و قــد هــداتُ قــرارا
هات منكَ الرحيق.. نسكرُ صاحين علـى سكبـه.. ونـصحـو سكـارى
نشأ الشعـر في رياض معانـيكَ فـأعـطـى.. وِأطـعـم الأثـمـارا
خطرة من سناك تلهـم روحـي.. خطرةٌ من ضحاك.. تهدي الحيارى!(1)


(1) مستدرك أعيان الشيعة : 1/7 ـ 8 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 287


(34)
إبراهيم بن محمد صالح الخالصي
النصف الأخير من ق12 ـ 1246هـ = النصف الأخير من ق18 ـ 1830م .

هو الشيخ إبراهيم بن محمد صالح الخالصي(1) الكاظمي .
لسنا متأكدين بأن ولادته ونشأته كانتا في قرية الخالص إذ يحتمل أن تكونا في الكاظمية ، تتلمذ على السيد محسن الكاظمي(2) وغيره من أعلام الكاظمية حتى أصبح من أعلام الأمة وتخرج فقيهاً أصولياً ، له مؤلفات في الفقه والأصول وغيرهما .
ذكر الطهراني بأن آثاره قد ضاعت ، ثم يقول رأيت بعض مراثيه في آخر مقتل كبير في خزانة كتب شيخ الشريعة(3) الأصفهاني(4) .
توفي بمرض الطاعون الذي كان سارياً في تلك الأيام وذلك عام 1246هـ .
وقد حاولنا جهد الإمكان الحصول على ترجمته من المهتمين بأعلام ورجال الكاظمية ، فضلاً عن كتب التراجم ، ولم نجد مرادنا .

(1) الخالصي : ليس له ارتباط بعائلة الخالصي والذي اشتهر منهم الشيخ محمد مهدي الخالصي المتوفى عام 1343هـ والذي كان من زعماء ثورة العشرين .
(2) الكاظمي : هو السيد محسن بن حسن الحسيني الأعرجي (1130 ـ 1227هـ) من علماء الامامية له كتاب المحصول في شرح وافية الأصول ، المهذب الصافي ، المعتصم .
(3) شيخ الشريعة : هو الشيخ فتح الله بن محمد النمازي الشيرازي الملقب شريعة مدار ، ولد في مدينة أصفهان سنة 1266هـ ، من علماء الامامية ومراجعها تتلمذ على السيد حيدر الأصفهاني ، وعلى الشيخ أحمد السبزواري وغيرهما ، توفي سنة 1339هـ في النجف الأشرف ، من مؤلفاته : انارة الحالك ، ابانة المختار ، قاعدة الطهارة .
(4) الكرام البررة : 1/18 ، معجم المؤلفين : 1/97 .

السابق السابق الفهرس التالي التالي