|
| روعـت حيفا(2) بأشتات الطغام(3) | فانحنى يبكي عليها الكرمل(4) | |
| وانطوت يافا(5) على الداء الجسام | فشكا القدس و ناح المجدل(6) | |
| وعـلى الرمـلة(7) واللد(8) السلام | يا شعـوباً خاب فيها الأمل | |
| لا وربـي ما لـها تـيك الشعوب | أي ذنـب لا ولا ثـم عتاب | |
| أنـمـا يعـرف أسـرار الذنـوب | مازج العلقم بالشهد المـذاب |
|
(1) تل أبيب : مدينة حديثة ومرفأ قرب يافا في فلسطين المحتلة ، اتخذها اليهود عاصمة لكيانهم . (2) حيفا : من مدن فلسطين تقع على ساحل بحر الشام أو البحر الأبيض . (3) الطغام : والواحدة طغامة ، أوغاد الناس للواحد والجمع ، والعامة تقول أوباش ، والطغامة : الأحمق . (4) الكرمل : بكسر الكاف وسكون الراء وكسر الميم ، قرية في آخر حدود الخليل من ناحية فلسطين . (5) يافا : مدينة على ساحل البحر الأبيض بين قيسارية وعكّا من اعمال فلسطين . (6) المجدل : مجدل جاد أو مجدل عسقلان ، بلدة جنوبي القدس هجرها أهلها بعد الاحتلال الإسرائيلي . (7) الرملة : من مدن فلسطين ، قام سليمان بن عبد الملك بتمصيرها . (8) اللّد : قرية قرب بيت المقدس من نواحي فلسطين ، يقال أن ببابها يُدرك عيسى ابن مريم الدجّال فيقتله . |
|
| ألف وعد لم يف الخصم به | ولبلفور(1) بـوعد قـد وفى | |
| فـتغاضينـا ولـم ننتبـه | لشباك نصبت طـي الخفـا | |
| يا بلاداً لم نـجد من مشبه | لك في ظل ركاب الحلفا !!! | |
| أنت آمنت بمن لـم يؤمنوا | بسوى الدّس وفَـرِق تَسُـدِ(2) | |
| فـإذا دنيـاك لـيل أدكـن | ليس للـفجر بـه من موعد |
| نبعة قـد غرست في لـندن | و تلقت من نـيويورك الـظلال | |
| وسقـتهـا بـصبيب نتـن | يد جنبول(3) وعاشت في الرمال | |
| ثم ألقـت ظلها في الأردن | وترامـى شوكهـا حـول القنال | |
| وأراها في غد أو بعد غـد | سـوف تـمـتد بشرّ مستطـير | |
| وبنو قومي في صمت الأبد | لا يبالون وإن سـاء الـمصير(4) |
وله موشحة تحت عنوان الأندلس الثانية عن فلسطين والتي نظمها في القاهرة عقب النكبة عام 1367هـ (1948م) وهو يخاطب الجيوش العربية ويقول ـ من السريع ـ :
| مواكـب النصر ودنيا الـظفر | كـيف تلاشى الأملُ المنتظرْ | |
| أيستنيـم الـشرق مستخذيـاً | وفـي زواياه يـدبّ الخطرْ | |
| بالأمس كنا نتـحدى الـورى | لما زحفنا زحفـة واحـدهْ | |
| فاصطبغتْ بالدم تلك الـذرى | تشهـد أنـا أمـةٌ خالـدهْ |
|
(1) بلفور : هو أرثر بن جيمس ، ولد سنة 1264هـ ، وهو وزير خارجية بريطانية : أعطى عام 1335هـ وعداً لليهود بإنشاء وطن قومي لهم ، مات عام 1349هـ . (2) فرق تسد وهي سياسة اتبعتها بريطانيا في بلاد المسلمين ، وهي سياسة معاوية بن أبي سفيان . (3) جنبول : أوجون بول ، جاء في المنجد في الأعلام : لقب سخري يُطلق على كل إنكليزي دلالة على بلادته . (4) شعراء الغري : 1/164 ـ 166 ، فلسطين في الشعر النجفي المعاصر : 149 ، مجلة الرسالة القاهرية عام 1950م . |
|
| واليوم قد عادت بنا القهقرى | سياسـة موتـورةٌ حاقـدهْ |
ثم يقول مستعرضاً أمجاد المسلمين في الفروسية والانتصار ويربط ذلك بأطماع الصهاينة من اليهود الذين كانوا يحلمون بأرض فلسطين أرض الميعاد فيقول :
| بالأمس كـنا وصهيلُ الجيادْ | تـرنّ في الآفاق أصـداؤهُ | |
| وحلم صهيون بأرض المعادْ | طارت على الساحل أشلاؤه | |
| واليوم عدنا وحديـث الجهادْ | طـيف وفي الرملة أنبـاؤه(1) |
وكان الشاعر في عنفوان شبابه يقف مع زملائه في صف المتجددين المنددين لمواقف الشيوخ وقال في ذلك عام 1352هـ ـ من الكامل ـ :
| قالوا اللحى قلت احلقوها إنها | هي للمدلس صـارم وسنان |
فقال السيد مهدي الأعرجي(2) المتوفى عام 1358هـ قصيدة مطلعها :
| بذمة التـمدن الـكاذب | حلقك للحية والشارب(3) |
وقال السيد صالح(4) بحر العلوم مجيباً للأعرجي على الفور بقوله ـ من السريع ـ :
| بذمـة التقدس الكـاذب | إبقاءك اللحية والشارب |
وانتهت معركة الشباب والشيوخ إلى انتصار الشيوخ(5) .
|
(1) فلسطين في الشعر النجفي المعاصر : 147 عن ديوان إبراهيم الوائلي ـ مخطوط ـ . (2) الأعوجي : هو عبد المهدي بن راضي بن حسين ، ويرجع نسبه إلى الحسين الأصغر ابن الإمام زين العابدين ، ولد في النجف سنة 1322هـ ، وله مصنفات عديدة ، منها مجموعته الشعرية ، مات غرقاً في نهر الحلة . (3) تمام القصيدة في شعراء الغري : 12/259 ، وفي آخرها يقول :
(5) شعراء الغري : 1/153 . |
|
وفي عام 1359هـ كان الشاعر مهدي الجواهري(1) متأثراً بحالة نفسية فنظم قصيدته التي عنونت بـ(اجب أيها القلب) والتي مطلعها ـ من الطويل ـ :
| أعيذ القوافي زاهيات المطالع | مزاميرَ عزّاف أغاريد ساجع |
ِإلى أن يقول :
| أجب أيها القلب الذي لستُت ناطقاً | إذا لم أُشاورْهُ ولست بسامعِ(2) |
وقد نشرت القصيدة في جريدة الرأي العام(3) فأثار نشرها قرائح عدد من الشعراء للجواب عنها منهم الرصافي(4) الذي واسى الجواهري بقصيدته التي مطلعها ـ من الطويل ـ :
| أقول لرب الشعر مهدي الجواهري | إلى كم تناغي بالقوافي السواحر |
وأدلى المترجم بدلوه فنظم قصيدة على الوزن والقافية وقال :
| زهت بالقوافي الغر منك المجامع | فرتل ضروب الشعر فالدهر سامع | |
| شدوت فحركت القلوب بنغـمـة | مـلأت بهـا الآفاق و هي شواسع | |
| فللـه قـلـب بـالأناشيد طافح | ومنبـع وحـي قدّستـه المنـابـع | |
| يفـيـض على الدنيا حناناً ونقمة | ويطفـح مهما حركتـه الزعـازع |
إلى أن يقول في آخرها :
| أعيذ لأرباب القوافي بأن ترى | جزوعاً وهل يحظى بما رام جاذع | |
| فدع مثقلات الهم عنك ولا تكن | على القلب عوناً إن دهتـه الفواجع |
|
(1) الجواهري : هو محمد مهدي بن عبدالحسين بن عبد علي ابن الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر ولد سنة 1317هـ ، من مشاهير نظم القريض في القرن الرابع عشر والخامس عشر ، مات في دمشق سنة 1418هـ ، ودفن في ضاحية السيدة زينب عليها السلام . (2) ديوان الجواهري : 2/152 . (3) وذلك في تاريخ 28/1/1941م العدد : 454 ـ البغدادية ـ . (4) الرصافي : هو معروف بن عبد الغني آل جبارة ، من كبار الشعراء ولد ببغداد سنة 1294هـ ، له مصنفات عديدة منها ديوان شعره (ديوان الرصافي) ، مات ببغداد سنة 1364هـ . |
|
| واشفق على بقيا حشاك فربما | تغيّر مجرى الحادثات الطبايع | |
| ستقرؤك الأجيال مهما تعاقبت | ويعرفك التأريخ والدهر يافع(1) |
ومن شعره الديني موشحة في مدح النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد نظمها عام 1368هـ بالقاهرة بعنوان : «في رمال التيه» بمناسبة المولد النبوي(2) الشريف ويقول في أولها ـ من مجزوء الرمل ـ :
| أي حلم طـاف بالأمـ | ـس على جفن الزمان | |
| ورحيـق عاطر التحـ | ـفة من كرم الجنـان | |
| خضـل الأنسام واشـ | ـتف(3) نداه المشرفان | |
| غـيـر أن الحلم الرفـ | ـاف(4) ولى غير وان | |
| والرحيق العذب قد جـ | ـفّ على ثغـر الأماني | |
| أتـرى يرجع بعـد الـ | ـيوم طيـف قد توارى |
وفي نهايتها يستعرض محنة الشرق والمشاكل السياسية فيها فيقول ـ من مجزوء الرمل ـ :
| محنة الـشـرق وما أفـ | ـظع ما يشـكـو ويلقى | |
| مـن خطـوب كالحـات | لم تـذر عـدلاً ورفقـا | |
| يرقص الغرب على الأشـ | لاء مـزهـواً وتشقـى | |
| مثلـمـا ينـدفـع الـمـ | ـوج على أجساد غرقى | |
| قـد مللنـا العـيـش ذلاً | يـتـغـشـانـا ورقـاً | |
| أتـرى يـشـرق بعد اليـ | ـوم فجر قـد توارى(5) |
وله قصيدة ـ من البسيط ـ في الإمام أمير المؤمنين عليه السلام نظمها عام
|
(1) شعراء الغري : 1/159 ـ 161 . (2) ولد النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم في عام الفيل سنة 57ق.هـ في يوم 17 ربيع الأول وقيل 12 ربيع الأول . (3) اشتف : شرب كل ما في الإناء . (4) الرفاف : ما تحطّم من التبن ، إشارة إلى تحطم وتبخر الأحلام . (5) شعراء الغري : 1/161 ـ 163 . |
|
| صهر النبوة حسبي منك إيحاء | دنياك صوت ودنيا الناس أصداء(2) |
وللشاعر قصائد أخرى منها في الإمام الحسين عليه السلام وقد أثبتناها في محله .
هذا وقد وصفه الخاقاني بقوله : «امتاز الوائلي في شعره بظواهر كانت تبدو عليه من الصغر منها رصانة التعبير وقوة الديباجة وفخامة اللفظ وتصوير الفكرة الجديدة»(3) .
وقال عنه الصغير(4) : «شاعر كبير وأديب إنساني لامع ، ضليع في النحو واللغة والأدب له عدة مؤلفات خطية ومقالات نقدية طبع له الشعر السياسي العراقي في القرن التاسع عشر ، كما له ديوان مخطوط»(5) .
وله قصيدة ـ من البسيط ـ تحت عنوان روعة الفن نختم ترجمته بأبيات من أولها :
| في معقل وجـمـال الفن يزدحم | كم وقفة لي عنها يعجـز الكلم | |
| نبهت فيه أحـاسيسي وقد رقدت | ورضت فكري فيه وهو منهزم | |
| وعدت رغم الليالي السود مبتسماً | فكل شيءٍ بـه جذلان مبتسم(6) |
|
(1) ولد الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام في 13 رجب عام 23ق.هـ . (2) شعراء الغري : 1/155 . (3) شعراء الغري : 1/155 . (4) الصغير : هو محمد حسين بن علي بن حسين آل جويبر الخاقاني ولد في النجف سنة 1359هـ له مؤلفات عديدة منها (الشيوعية دراسة مقارنة في ضوء الإسلام والفلسفات الحديثة) . (5) فلسطين في الشعر النجفي المعاصر : 147 . (6) شعراء الغري : 1/169 . |
|
| إبراهيم بن مهدي إبراهيم |
هو الشاعر السيد إبراهيم بن مهدي إبراهيم الحسيني العاملي .
ولد عام 1334هـ في بلدة الدوير(1) ونشأ بها يتيم الأم إلا أن أباه عوضه بحنانه وعنايته ورعايته فلقنه مبادئ العلوم وبالأخص الصرف والنحو والبلاغة والأدب . وكان بيته بيت علم وأدب ، وقد مارس الأدب منذ نعومة أظافره وكانت له بالطبع محاولات شعرية فلما بلغ من العمر خمسة عشر عاماً نظم عن وطنه لبنان مقطوعته العينية التي سنذكرها .
وبعد أن أتم تعليمه مارس مهنة التعليم وظل ينتقل بين المدارس الخاصة والرسمية نحو أربعين عاماً ولكنه لم يفارق الأدب والشعر بل ظل يمارس الشعر مطالعةً وحفظاً ونظماً ، ويشارك مجتمعه بنشاطه الأدبي خمسين عاماً حتى كون ديوانه الخماسيات وقصائد أخرى .
عاش كل حياته تواقاً إلى التغيير ناقماً على الوضعين السياسي والاجتماعي اللذين جعلا من أبناء جبل عامل على هامش الحياة السياسية في لبنان إلى أن توفي بها في 1/12/1406هـ(2) .
وأول مقطوعة نظمها كانت في جبل عامل ـ هي ـ من الكامل ـ :
| خفف شكاتك واستهـل الأدمعا | يا عـامـل قد آن أن تتفجعـا | |
| قضت السياسة أن تعيش بعزلة | وقضى الدخيل بأن تظل موزعا | |
| ويظل نشؤوك واهياً مستضعفاً | بين الأنام وتـائهـاً ومضيعـا |
|
(1) الدوير : بلدة تابعة لقضاء النبطية في جنوب لبنان . (2) الموافق لـ 8/7/1986م . |
|
| كم ذا سـألـت الشام رغم تألمـي | مـاذا فعلـت بعـامـل وبنـا معـا | |
| أتركتني أغضي الجفون على القذى | وبغير حضنك ما استطبت المضجعا(1) |
ومن خماسياته ـ من مجزوء الرمل ـ قوله :
| ودعيـنـي زهرة العمر | فلا أخـشـى الوداعـا | |
| قبلينـي قبـلـة الــوا | جـد للقلـب أطـاعـا | |
| روض بستانـي يـذوي | فاتركي الروض مشاعا | |
| واصطفي الغير يجاريـ | ـك حنينـاً و التيـاعا | |
| لسـت أدري كيف ولّى | ذلك العمـر ضياعـا(2) |
وأيضاً من خماسياته ـ من مجزوء الرمل ـ قوله :
| أيها البـاحث عنـّي | أنت لا تدري مصيري | |
| تنـهـك الذات وأنى | تعرف الذات مسيـري | |
| لست في دنياك أبدو | فـوق أجـواء الأثيـر | |
| لا ولا أنـت ترانتي | بين أربـاب القصـور | |
| أنا في دنياك صوت | يتراءى في السطـور(3) |
وله في الحزن من قصيدة ـ من البسيط ـ رثى بها أخيه السيد محمد علي :
| إن كان حزني في الأحشاء مستعراً | هيهات تفلح في إظهاره المقل | |
| أو كـان شعـري موقوفاً على ألم | لا ، لا إلام نداء القلب امتثـل | |
| عياً وقفت وأشعاري غدت صوراً | للجسم فهي على الأنات تشتمل | |
| لم ينسني زمـنـي المشؤوم كارثة | منها النهار سواد الليل يكتحـل | |
| لا تحسبوا الدهر تغربني مباهجـه | فالدهر عندي سمّ شـابه عسل(4) |
ومن شعره قصيدة ـ من مجزوء الكامل ـ يخاطب بها الثائر بوجه
|
(1) الخماسيات : 7 . (2) الخماسيات : 34 . (3) الخماسيات : 13 . (4) الخماسيات : 129 وكان تاريخ إنشائها 28/9/1985م (1405هـ) . |
|
| جفف دموع الثـاكـلات | بأخذ ثأرك من عدانا | |
| وتخـل عن عمر الزهور | ولب داعيـة الحزانى | |
| وامسح عن الوطن السليب | كآبة غطت سمـانـا | |
| واسـق بـالكـأس التـي | جرعتها هوناً هوانـا | |
| وابـح لنفسـك ما أبـاح | الغير و استعد الزمانا | |
| واسبـح على هام الأثيـر | محلقـاً فوق حمانـا | |
| واصـرع بوقفتـك العدو | ولا تدعـه حيث كانا(1) |
وله من قصيدة ـ من مجزوء الكامل ـ كتبها إلى أخيه في الغضب يقول فيها :
| يا عضبة مـن سيد | منـهـا الجبال تصدع | |
| فتكت بأحشاء النهى | وهوت لديـهـا الأريع | |
| فبكى الرضيع لهولها | وبكتـه أم مـرضـع | |
| يا ثورة من مفـلـس | وجه المعـارف تسفع(2) | |
| يا وثـبـة من فارس | فيهـا يـلام ويقـرع | |
| أنا في الحقائق لا أزا | لُ وحـق حبك أصدع | |
| أبهفـوة قـد خـانها | عقـل سـديـد يردع | |
| تمشي وتصبح جازعاً | لا خيـر فيمن يجزع | |
| هي في الحقيقة نزوة | فيهـا الشبيبة تشفـع | |
| هب أن زلته طغـت | ذره فحلمـك أوسـع | |
| فغـدوت رغم شبابه | للـرأس مه تصفـع | |
| وغداً يصيح وصوته | يدمي القلوب فتدمـع | |
| سددت سهمك نحـوه | فأتـى يلوذ ويفـزع | |
| فـاغفر لزلة من غدا | نحو المنـى يتطلـع | |
| فلأنت أولى من تدبـ | ـر أمر مـن يتوجع |
|
(1) الخماسيات : 133 . (2) سفَعَ : ضربَه ولطمه . |
| السابق | الفهرس |
التالي |