دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 313


(38)
إبراهيم بن محمد الوائلي
1332 ـ 1408هـ = 1914 ـ 1988م

هو الشاعر إبراهيم بن محمد بن حرج الوائلي وعرف بآل حرج(1) أو حرج الوائلي .
ولدعام 1332هـ في البصرة ونشأ عند أخواله من بني حطيط(2) ، وتعلم مبادئ العربية والإسلامية بها ثم صاحب والده(3) إلى النجف ودرس عنده الكثير من العلوم العربية ، وارعاه والده ونمّى فيه قدراته حتى نظم الشعر وهو ابن عشرين عاماً ، ونشر بعض شعره في الصحف فاشتهر في الأوساط الأدبية ، واشتغل بالتعليم في المدارس الأهلية ببغداد عام 1359هـ ، وفي عام 1364هـ التحق بكلية دار العلوم بجامعة فؤاد الأول في القاهرة وتخرج منها عام 1368هـ ، ثم تخرج من قسم الدراسات العليا في الآداب ، ولم ينقطع عن قرض الشعر أيام دراسته بالقاهرة بل نظم هناك ما يزيد على الألف بيت(4) ، وبعدما رجع إلى

(1) آل حرج : ينتسبون إلى قبائل غزة من بكر بن وائل يقطن الكثير منهم في الغرّاف جنوب العراق وقد نزح جدهم الأعلى حرج من الغرّاف إلى النجف في النصف الأول من القرن 12هـ .
(2) بني حطيط : عشيرة عراقية تعد من حجام ، إحدى عشائر بني مالك بالعراق وأكثرهم يسكنون في منطقة الحمّار التابعة لناحية الچبايش وأراضيها معروفة باسمها (أراضي بني حطيط) وفي العمارة والبصرة في ناحية المهارشة والعشار وغيرها .
(3) والده : هو الشيخ محمد بن حرج يصل نسبه إلى قبائل غزة من بكر بن وائل ، وكان من فضلاء النجف وهو معروف بالنخوة والشجاعة .
(4) شعراء الغري : 1/152 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 314


بغداد عمل كأستاذ مساعد في كلية الآداب ببغداد ، وكان يقوم بتدريس النحو(1) توفي في 25 رمضان(2) عام 1408هـ شارك بنظمه في المناسبات الاجتماعية والدينية(3) .
ومن شعره قصيدة نظمها في القاهرة عام 1368هـ وهو يحن بها إلى وطنه وهي بعنوان «بغداد» يقول في أولها ـ من الكامل ـ :
بغداد إن طال الفـراق وشفّني ظـمـأ فحسـب تعلتي ذكراك
أنا إن بعدت فلي خيال هـائم عبر الفضاء يطوف في مغناك
وجوانح لم تحـو في أعماقها ما يستجيـب لـه الهـوى إلاّك
روح تهيم على شواطئ دجلة وتحوم فوق جمـالها الضحـاك
وتعود يحملها الجوى خفـاقة لتصيـخ منـي للنشيـد الباكـي

إلى أن يقول :
بغـداد يا طيف المهـوّم إن دجـا ليل ويا ألف الشعور الذاكي
كم في صباحك قد بعثت خواطري شعراً ورحت أبثه لمسـاك
وكم احتـوتني والليـالـي سمحة لحظات صفو لم ترق لولاك

ثم يقول في أواخرها :
بغداد والألم الـدفـيـن يهزني فإذا شكوت فلست أول شاكي
لـي مثل ما للشـاعرين تعتب لو تستجيب لعـاتب أذنـاك
أتبيـت دنيـاك الضحوك مدلةٌ وعلـى مـآسيها تبيت قراك
فتذكري الريف الحزين ومن به والقـاطنيـن صوامع النساك
الحاصدين مـن السهول رمالها و النائمين على الطوى الفتاك
والـلابسين مـن الشتاء عراءه في حين طاب لسامر مشتاك
والزارعين ودون ما جهدوا وذا رصـد يبث لهم من الأشراك
ريـف لو ادركـت حياتك أنها ضيـف عليه لساءها مجراك


(1) هامش فلسطين في الشعر النجفي المعاصر : 147 .
(2) الموافق (15/نيسان/1988م) .
(3) هكذا عرفتهم : 1/15 و2/71 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 315


يشقى ليحرس منك ليلاً باسماً و يعيش في غـلس(1)لكي يرعاك
بغداد هذا اللحن نجوى شاعر ما إهتاجه في الـذكريات سـواك
أنات قلـب إن أثارك شجوها أو لـم يثـرك فإنــها ذكـراك(2)

وله في المنتدى الأدبي الذي كان يقام أيام الأربعاء في النجف وهي من قصيدة في رثاء السيد مير علي أبو الطبيخ(3) ـ من الخفيف ـ :
منتدى العلم فـي الغـريين أخفى الموت رمز الفخار من أعضائه
شاعر مرهف الأحاسيس ليس الـ ـبعض من نده ومـن أكفائـه
حدث الناس عـن سواه فصـولاً وحديث الزمـان عن أربعائـه(4)

ومن نظمه وهو في القاهرة عام 1369هـ موشحة عن فلسطين واحتلال اليهود لها وممارستها اللاإنسانية وهي بعنوان : «نهاية الملحمة» حيث يذكّر الشعوب بنهاية مصير أرض فلسطين وقد ألقاها في احتفال أقيم لذكرى شهداء فلسطين في نادي المحامين بالقاهرة وقال في أولها ـ من الرمل ـ :
يا شعوباً نسيت أمجادها واحتواها عالم الوهم الذميم
اسألي القبة من ذا شادها فأضاءت حلك الليل البهيم

إلى أن يقول :
علمتني الحقد والحقـد مشين أمم تسعى لتهويد العرب
فتنفست عن الحقـد الـدفين ثورة تزكو بأنفاس اللهب
وأسأبقى ثائراً في كـل حين كلما أبصرت عباد الذهب
والعصابات بوادي أورشليم(5) تتغـنى بأناشيـد الظفـر


(1) الغَلس : ظلمة آخر الليل .
(2) شعراء الغري : 1/167 ـ 169 .
(3) أبو الطبيخ : هو ابن عباس بن راضي الموسوي ، ولد في النجف عام 1308هـ ، درس على أخواله من آل الشيخ راضي ، وهو من شعراء النجف وأدبائها ، له ديوان شعر باسم (الأنواء) مات ودفن في النجف سنة 1361هـ .
(4) هكذا عرفتهم : 1/15 .
(5) أورشليم : الاسم العبري لمدينة القدس المحتلة .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 316


وحواليها من الغرب الأثيم بشَر ينكـر تأريخ البشر

* * *

ثم يقول :
يا شعـوباً سجلـت خذلانهـا وتناست ثورة الأمس القـريب
قد أطاعـت في الدجى ربّانها وهـو بين الموج يطفو ويغيب
أيّ صبـح فتحـت أجفانهـا بنـت إسرائـيل في تـل أبيب(1)
وأفقـنــا فـإذا بالحائـرين في صحاري البيد في دنيا القفار
إيه يا من سيروا هـذا السفين أنتـم أولـى بأمـواج الـبحار

* * *

روعـت حيفا(2) بأشتات الطغام(3) فانحنى يبكي عليها الكرمل(4)
وانطوت يافا(5) على الداء الجسام فشكا القدس و ناح المجدل(6)
وعـلى الرمـلة(7) واللد(8) السلام يا شعـوباً خاب فيها الأمل
لا وربـي ما لـها تـيك الشعوب أي ذنـب لا ولا ثـم عتاب
أنـمـا يعـرف أسـرار الذنـوب مازج العلقم بالشهد المـذاب

* * *



(1) تل أبيب : مدينة حديثة ومرفأ قرب يافا في فلسطين المحتلة ، اتخذها اليهود عاصمة لكيانهم .
(2) حيفا : من مدن فلسطين تقع على ساحل بحر الشام أو البحر الأبيض .
(3) الطغام : والواحدة طغامة ، أوغاد الناس للواحد والجمع ، والعامة تقول أوباش ، والطغامة : الأحمق .
(4) الكرمل : بكسر الكاف وسكون الراء وكسر الميم ، قرية في آخر حدود الخليل من ناحية فلسطين .
(5) يافا : مدينة على ساحل البحر الأبيض بين قيسارية وعكّا من اعمال فلسطين .
(6) المجدل : مجدل جاد أو مجدل عسقلان ، بلدة جنوبي القدس هجرها أهلها بعد الاحتلال الإسرائيلي .
(7) الرملة : من مدن فلسطين ، قام سليمان بن عبد الملك بتمصيرها .
(8) اللّد : قرية قرب بيت المقدس من نواحي فلسطين ، يقال أن ببابها يُدرك عيسى ابن مريم الدجّال فيقتله .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 317


ألف وعد لم يف الخصم به ولبلفور(1) بـوعد قـد وفى
فـتغاضينـا ولـم ننتبـه لشباك نصبت طـي الخفـا
يا بلاداً لم نـجد من مشبه لك في ظل ركاب الحلفا !!!
أنت آمنت بمن لـم يؤمنوا بسوى الدّس وفَـرِق تَسُـدِ(2)
فـإذا دنيـاك لـيل أدكـن ليس للـفجر بـه من موعد

* * *

نبعة قـد غرست في لـندن و تلقت من نـيويورك الـظلال
وسقـتهـا بـصبيب نتـن يد جنبول(3) وعاشت في الرمال
ثم ألقـت ظلها في الأردن وترامـى شوكهـا حـول القنال
وأراها في غد أو بعد غـد سـوف تـمـتد بشرّ مستطـير
وبنو قومي في صمت الأبد لا يبالون وإن سـاء الـمصير(4)

* * *


وله موشحة تحت عنوان الأندلس الثانية عن فلسطين والتي نظمها في القاهرة عقب النكبة عام 1367هـ (1948م) وهو يخاطب الجيوش العربية ويقول ـ من السريع ـ :
مواكـب النصر ودنيا الـظفر كـيف تلاشى الأملُ المنتظرْ
أيستنيـم الـشرق مستخذيـاً وفـي زواياه يـدبّ الخطرْ
بالأمس كنا نتـحدى الـورى لما زحفنا زحفـة واحـدهْ
فاصطبغتْ بالدم تلك الـذرى تشهـد أنـا أمـةٌ خالـدهْ


(1) بلفور : هو أرثر بن جيمس ، ولد سنة 1264هـ ، وهو وزير خارجية بريطانية : أعطى عام 1335هـ وعداً لليهود بإنشاء وطن قومي لهم ، مات عام 1349هـ .
(2) فرق تسد وهي سياسة اتبعتها بريطانيا في بلاد المسلمين ، وهي سياسة معاوية بن أبي سفيان .
(3) جنبول : أوجون بول ، جاء في المنجد في الأعلام : لقب سخري يُطلق على كل إنكليزي دلالة على بلادته .
(4) شعراء الغري : 1/164 ـ 166 ، فلسطين في الشعر النجفي المعاصر : 149 ، مجلة الرسالة القاهرية عام 1950م .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 318


واليوم قد عادت بنا القهقرى سياسـة موتـورةٌ حاقـدهْ

ثم يقول مستعرضاً أمجاد المسلمين في الفروسية والانتصار ويربط ذلك بأطماع الصهاينة من اليهود الذين كانوا يحلمون بأرض فلسطين أرض الميعاد فيقول :
بالأمس كـنا وصهيلُ الجيادْ تـرنّ في الآفاق أصـداؤهُ
وحلم صهيون بأرض المعادْ طارت على الساحل أشلاؤه
واليوم عدنا وحديـث الجهادْ طـيف وفي الرملة أنبـاؤه(1)

وكان الشاعر في عنفوان شبابه يقف مع زملائه في صف المتجددين المنددين لمواقف الشيوخ وقال في ذلك عام 1352هـ ـ من الكامل ـ :
قالوا اللحى قلت احلقوها إنها هي للمدلس صـارم وسنان

فقال السيد مهدي الأعرجي(2) المتوفى عام 1358هـ قصيدة مطلعها :
بذمة التـمدن الـكاذب حلقك للحية والشارب(3)

وقال السيد صالح(4) بحر العلوم مجيباً للأعرجي على الفور بقوله ـ من السريع ـ :
بذمـة التقدس الكـاذب إبقاءك اللحية والشارب

وانتهت معركة الشباب والشيوخ إلى انتصار الشيوخ(5) .

(1) فلسطين في الشعر النجفي المعاصر : 147 عن ديوان إبراهيم الوائلي ـ مخطوط ـ .
(2) الأعوجي : هو عبد المهدي بن راضي بن حسين ، ويرجع نسبه إلى الحسين الأصغر ابن الإمام زين العابدين ، ولد في النجف سنة 1322هـ ، وله مصنفات عديدة ، منها مجموعته الشعرية ، مات غرقاً في نهر الحلة .
(3) تمام القصيدة في شعراء الغري : 12/259 ، وفي آخرها يقول :
وأنت ما عندك من همة إلا إلى الكرسي والراتب
(4) صالح : هو محمد صالح بن مهدي بن محسن بحر العلوم الطباطبائي (1328 ـ 1412هـ) لقب بشاعر الشعب لكثرة قصائده الوطنية ومن تلك القصيدة المعنونة بـ«يا شعب سجل» .
(5) شعراء الغري : 1/153 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 319


وفي عام 1359هـ كان الشاعر مهدي الجواهري(1) متأثراً بحالة نفسية فنظم قصيدته التي عنونت بـ(اجب أيها القلب) والتي مطلعها ـ من الطويل ـ :
أعيذ القوافي زاهيات المطالع مزاميرَ عزّاف أغاريد ساجع

ِإلى أن يقول :
أجب أيها القلب الذي لستُت ناطقاً إذا لم أُشاورْهُ ولست بسامعِ(2)

وقد نشرت القصيدة في جريدة الرأي العام(3) فأثار نشرها قرائح عدد من الشعراء للجواب عنها منهم الرصافي(4) الذي واسى الجواهري بقصيدته التي مطلعها ـ من الطويل ـ :
أقول لرب الشعر مهدي الجواهري إلى كم تناغي بالقوافي السواحر

وأدلى المترجم بدلوه فنظم قصيدة على الوزن والقافية وقال :
زهت بالقوافي الغر منك المجامع فرتل ضروب الشعر فالدهر سامع
شدوت فحركت القلوب بنغـمـة مـلأت بهـا الآفاق و هي شواسع
فللـه قـلـب بـالأناشيد طافح ومنبـع وحـي قدّستـه المنـابـع
يفـيـض على الدنيا حناناً ونقمة ويطفـح مهما حركتـه الزعـازع

إلى أن يقول في آخرها :
أعيذ لأرباب القوافي بأن ترى جزوعاً وهل يحظى بما رام جاذع
فدع مثقلات الهم عنك ولا تكن على القلب عوناً إن دهتـه الفواجع


(1) الجواهري : هو محمد مهدي بن عبدالحسين بن عبد علي ابن الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر ولد سنة 1317هـ ، من مشاهير نظم القريض في القرن الرابع عشر والخامس عشر ، مات في دمشق سنة 1418هـ ، ودفن في ضاحية السيدة زينب عليها السلام .
(2) ديوان الجواهري : 2/152 .
(3) وذلك في تاريخ 28/1/1941م العدد : 454 ـ البغدادية ـ .
(4) الرصافي : هو معروف بن عبد الغني آل جبارة ، من كبار الشعراء ولد ببغداد سنة 1294هـ ، له مصنفات عديدة منها ديوان شعره (ديوان الرصافي) ، مات ببغداد سنة 1364هـ .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 320


واشفق على بقيا حشاك فربما تغيّر مجرى الحادثات الطبايع
ستقرؤك الأجيال مهما تعاقبت ويعرفك التأريخ والدهر يافع(1)

ومن شعره الديني موشحة في مدح النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد نظمها عام 1368هـ بالقاهرة بعنوان : «في رمال التيه» بمناسبة المولد النبوي(2) الشريف ويقول في أولها ـ من مجزوء الرمل ـ :
أي حلم طـاف بالأمـ ـس على جفن الزمان
ورحيـق عاطر التحـ ـفة من كرم الجنـان
خضـل الأنسام واشـ ـتف(3) نداه المشرفان
غـيـر أن الحلم الرفـ ـاف(4) ولى غير وان
والرحيق العذب قد جـ ـفّ على ثغـر الأماني
أتـرى يرجع بعـد الـ ـيوم طيـف قد توارى

وفي نهايتها يستعرض محنة الشرق والمشاكل السياسية فيها فيقول ـ من مجزوء الرمل ـ :
محنة الـشـرق وما أفـ ـظع ما يشـكـو ويلقى
مـن خطـوب كالحـات لم تـذر عـدلاً ورفقـا
يرقص الغرب على الأشـ لاء مـزهـواً وتشقـى
مثلـمـا ينـدفـع الـمـ ـوج على أجساد غرقى
قـد مللنـا العـيـش ذلاً يـتـغـشـانـا ورقـاً
أتـرى يـشـرق بعد اليـ ـوم فجر قـد توارى(5)

وله قصيدة ـ من البسيط ـ في الإمام أمير المؤمنين عليه السلام نظمها عام

(1) شعراء الغري : 1/159 ـ 161 .
(2) ولد النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم في عام الفيل سنة 57ق.هـ في يوم 17 ربيع الأول وقيل 12 ربيع الأول .
(3) اشتف : شرب كل ما في الإناء .
(4) الرفاف : ما تحطّم من التبن ، إشارة إلى تحطم وتبخر الأحلام .
(5) شعراء الغري : 1/161 ـ 163 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 321


1364هـ بمناسبة مولده(1) تحت عنوان : «من وحي الإمام» مطلعها :
صهر النبوة حسبي منك إيحاء دنياك صوت ودنيا الناس أصداء(2)

وللشاعر قصائد أخرى منها في الإمام الحسين عليه السلام وقد أثبتناها في محله .
هذا وقد وصفه الخاقاني بقوله : «امتاز الوائلي في شعره بظواهر كانت تبدو عليه من الصغر منها رصانة التعبير وقوة الديباجة وفخامة اللفظ وتصوير الفكرة الجديدة»(3) .
وقال عنه الصغير(4) : «شاعر كبير وأديب إنساني لامع ، ضليع في النحو واللغة والأدب له عدة مؤلفات خطية ومقالات نقدية طبع له الشعر السياسي العراقي في القرن التاسع عشر ، كما له ديوان مخطوط»(5) .
وله قصيدة ـ من البسيط ـ تحت عنوان روعة الفن نختم ترجمته بأبيات من أولها :
في معقل وجـمـال الفن يزدحم كم وقفة لي عنها يعجـز الكلم
نبهت فيه أحـاسيسي وقد رقدت ورضت فكري فيه وهو منهزم
وعدت رغم الليالي السود مبتسماً فكل شيءٍ بـه جذلان مبتسم(6)


(1) ولد الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام في 13 رجب عام 23ق.هـ .
(2) شعراء الغري : 1/155 .
(3) شعراء الغري : 1/155 .
(4) الصغير : هو محمد حسين بن علي بن حسين آل جويبر الخاقاني ولد في النجف سنة 1359هـ له مؤلفات عديدة منها (الشيوعية دراسة مقارنة في ضوء الإسلام والفلسفات الحديثة) .
(5) فلسطين في الشعر النجفي المعاصر : 147 .
(6) شعراء الغري : 1/169 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 322


(39)
إبراهيم بن مهدي إبراهيم
1334 ـ 1406هـ = 1916 ـ 1986م

هو الشاعر السيد إبراهيم بن مهدي إبراهيم الحسيني العاملي .
ولد عام 1334هـ في بلدة الدوير(1) ونشأ بها يتيم الأم إلا أن أباه عوضه بحنانه وعنايته ورعايته فلقنه مبادئ العلوم وبالأخص الصرف والنحو والبلاغة والأدب . وكان بيته بيت علم وأدب ، وقد مارس الأدب منذ نعومة أظافره وكانت له بالطبع محاولات شعرية فلما بلغ من العمر خمسة عشر عاماً نظم عن وطنه لبنان مقطوعته العينية التي سنذكرها .
وبعد أن أتم تعليمه مارس مهنة التعليم وظل ينتقل بين المدارس الخاصة والرسمية نحو أربعين عاماً ولكنه لم يفارق الأدب والشعر بل ظل يمارس الشعر مطالعةً وحفظاً ونظماً ، ويشارك مجتمعه بنشاطه الأدبي خمسين عاماً حتى كون ديوانه الخماسيات وقصائد أخرى .
عاش كل حياته تواقاً إلى التغيير ناقماً على الوضعين السياسي والاجتماعي اللذين جعلا من أبناء جبل عامل على هامش الحياة السياسية في لبنان إلى أن توفي بها في 1/12/1406هـ(2) .
وأول مقطوعة نظمها كانت في جبل عامل ـ هي ـ من الكامل ـ :
خفف شكاتك واستهـل الأدمعا يا عـامـل قد آن أن تتفجعـا
قضت السياسة أن تعيش بعزلة وقضى الدخيل بأن تظل موزعا
ويظل نشؤوك واهياً مستضعفاً بين الأنام وتـائهـاً ومضيعـا


(1) الدوير : بلدة تابعة لقضاء النبطية في جنوب لبنان .
(2) الموافق لـ 8/7/1986م .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 323


كم ذا سـألـت الشام رغم تألمـي مـاذا فعلـت بعـامـل وبنـا معـا
أتركتني أغضي الجفون على القذى وبغير حضنك ما استطبت المضجعا(1)

ومن خماسياته ـ من مجزوء الرمل ـ قوله :
ودعيـنـي زهرة العمر فلا أخـشـى الوداعـا
قبلينـي قبـلـة الــوا جـد للقلـب أطـاعـا
روض بستانـي يـذوي فاتركي الروض مشاعا
واصطفي الغير يجاريـ ـك حنينـاً و التيـاعا
لسـت أدري كيف ولّى ذلك العمـر ضياعـا(2)

وأيضاً من خماسياته ـ من مجزوء الرمل ـ قوله :
أيها البـاحث عنـّي أنت لا تدري مصيري
تنـهـك الذات وأنى تعرف الذات مسيـري
لست في دنياك أبدو فـوق أجـواء الأثيـر
لا ولا أنـت ترانتي بين أربـاب القصـور
أنا في دنياك صوت يتراءى في السطـور(3)

وله في الحزن من قصيدة ـ من البسيط ـ رثى بها أخيه السيد محمد علي :
إن كان حزني في الأحشاء مستعراً هيهات تفلح في إظهاره المقل
أو كـان شعـري موقوفاً على ألم لا ، لا إلام نداء القلب امتثـل
عياً وقفت وأشعاري غدت صوراً للجسم فهي على الأنات تشتمل
لم ينسني زمـنـي المشؤوم كارثة منها النهار سواد الليل يكتحـل
لا تحسبوا الدهر تغربني مباهجـه فالدهر عندي سمّ شـابه عسل(4)

ومن شعره قصيدة ـ من مجزوء الكامل ـ يخاطب بها الثائر بوجه

(1) الخماسيات : 7 .
(2) الخماسيات : 34 .
(3) الخماسيات : 13 .
(4) الخماسيات : 129 وكان تاريخ إنشائها 28/9/1985م (1405هـ) .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 324


إسرائيل نظمها عام 1390هـ يقول فيها :
جفف دموع الثـاكـلات بأخذ ثأرك من عدانا
وتخـل عن عمر الزهور ولب داعيـة الحزانى
وامسح عن الوطن السليب كآبة غطت سمـانـا
واسـق بـالكـأس التـي جرعتها هوناً هوانـا
وابـح لنفسـك ما أبـاح الغير و استعد الزمانا
واسبـح على هام الأثيـر محلقـاً فوق حمانـا
واصـرع بوقفتـك العدو ولا تدعـه حيث كانا(1)

وله من قصيدة ـ من مجزوء الكامل ـ كتبها إلى أخيه في الغضب يقول فيها :
يا عضبة مـن سيد منـهـا الجبال تصدع
فتكت بأحشاء النهى وهوت لديـهـا الأريع
فبكى الرضيع لهولها وبكتـه أم مـرضـع
يا ثورة من مفـلـس وجه المعـارف تسفع(2)
يا وثـبـة من فارس فيهـا يـلام ويقـرع
أنا في الحقائق لا أزا لُ وحـق حبك أصدع
أبهفـوة قـد خـانها عقـل سـديـد يردع
تمشي وتصبح جازعاً لا خيـر فيمن يجزع
هي في الحقيقة نزوة فيهـا الشبيبة تشفـع
هب أن زلته طغـت ذره فحلمـك أوسـع
فغـدوت رغم شبابه للـرأس مه تصفـع
وغداً يصيح وصوته يدمي القلوب فتدمـع
سددت سهمك نحـوه فأتـى يلوذ ويفـزع
فـاغفر لزلة من غدا نحو المنـى يتطلـع
فلأنت أولى من تدبـ ـر أمر مـن يتوجع


(1) الخماسيات : 133 .
(2) سفَعَ : ضربَه ولطمه .

السابق السابق الفهرس التالي التالي