دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 337


عنى به الحارث بن الأعور الهمدا ني(1) ومن خير أنصار وأخيار

إلى أن يقول :
مات الرسـول فماتت كل كـائنة وكـدرت صفـوة الدنيـا بأكدار
وأصبحت حركات الكـون ساكنة والأرض مـؤذنـة منـه بتسيار
وأظلمت صفحات الجو وانطبقت دوائر الأفق واصطكت بأعصار(2)

ولا يخفى أن والده توفي عام 1330هـ فكفله أخوه الشيخ محمد حسين ، ثم ماتت امه عام 1334هـ فعاش يتيم الأبوين وإلى ذلك يشير بقوله ـ من الطويل ـ :
أرواح من يتم لفقر لغـربة تمض الحشايا من مغبتهـا مضّا
تطفلت في أهلي فلم أرَ منهم سوى كبد حرى وأفئدة مرضى(3)

توفي في بلدة عالي التي استوطنها قبل أن يسافر إلى النجف ، ليلة الرابع من شهر رجب بالسكتة القلبية(4) .
وكان إلى جانب علمه وفقاهته وأدبه وشعره ، ينظم باللهجة الدارجة أيضاً .

=
يا حار همدان من يمت يرني من مؤمن أو منـافـق قبلا
يعـرفنـي طرفه وأعـرفه بعينه واسمـه ومـا فعـلا
أقول للنـار وهي توقد للعر ض ذَريه لا تقربي الرجلا
ذريه لا تقـريبـه إن لـه حبلاً بحبل الوصي متصلا
(1) الهمداني : هو ابن عبدالله بن كعب الخارفي الحوتي ويقال له الحارث بن عبيد ، مات سنة 65هـ ، وكان شديد الولاء للإمام علي عليه السلام ومن رواة حديثه .
(2) موسوعة شعراء البحرين : 1/151 .
(3) ديوان المرائي للشاعر .
(4) أخذنا ترجمته من نجله الشيخ علي المبارك .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 338


(41)
إبراهيم بن نصر الموصلي
النصف الأول من القرن 6 ـ 610هـ = النصف الأول من القرن 12 ـ 1213م .

هو الشيخ أبو إسحاق إبراهيم ظهير الدين بن نصر بن عسكر الشافعي الموصلي المعروف بقاضي السلامية .
المولود بالسندية(1) ـ العراق ـ في النصف الأول من القرن السادس الهجري والمتوفى بالسلامية(2) ـ العراق ـ يوم الخميس ثالث ربيع الثاني عام 610 هجرية .
درس في بغداد في المدرسة النظامية(3) على الوزير عون الدين يحيى ابن محمد الحنبلي(4) ودرس في الموصل على القاضي أبي عبدالله الحسين بن نصر بن خميس الموصلي(5) حتى أصبح فقيهاً بارعاً وأديباً

(1) السَّنديَّة : بكسر أوّله ، وسكون ثانيه ، بلفظ نسبة المؤنث إلى السند : قرية من قرى بغداد على نهر عيسى بين بغداد والأنبار .
(2) السلامية : من نواحي الموصل كانت تقع على نهر الموصل من الجانب الشرقي أسفل الموصل بينهما مسافة يوم ، فالموصل كانت تقع على الجانب الغربي منها ، وقد خربت السلامية القديمة التي كان الشيخ أبي إسحاق قاضياً بها وأنشأت بالقرب منها بلدة أخرى سموها باسمها أيضاً ، قال الدكتور مصطفى جواد تبعد عن الموصل 5 فراسخ أي زهاء 27 كيلومتراً .
(3) النظامية : تم الانتهاء من بناء المدرسة عام 459هـ ببغداد ، وقام بإنشائها خواجه نظام الملك الطوسي أحد أشهر وزراء العهد السلجوقي ، وقد صرف عليها مائتي ألف دينار من ماله الخاص ، وكان يدرس فيها نحو ستة آلاف طالب .
(4) الحنبلي : هو ابن محمد بن هبيرة بن سعد المكنّى بأبي مظفر المتوفى عام 555هـ .
(5) الموصلي : ويقال له الكعبي الجهني ، من فقهاء الشافعية ، ولد بالموصل عام 460هـ وسكن بغداد ثم عاد إلى الموصل وتوفي فيها عام 552هـ .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 339


شاعراً ومحدثاً فاضلاً ، تولى القضاء في السلامية(1) بموصل العراق ولذلك اشتهر بقاضي السلامية .
ورثى الإمام الحسين عليه السلام رغم كونه على المذهب الشافعي بأبيات ذكرناها في قسم الأشعار .
ومن شعره الذي يصف نفسه فيه ـ من السريع ـ :
لا تنسبونـي يا ثقاتي إلى غدر فليس الغدر من شيمتي
أقسمت بالذاهب من عيشنا وبـالمسـرات التـي ولّت
إني على عهدكـم لم أحل وعقدة الميثـاق ما حلّت(2)

وينصح مكي(3) شيخ زاوية في بلدة البوازيج(4) بالموصل ـ من المتقارب ـ :
ألا قـل لمكي قول النصوح فحـق النصحيـة أن تُستَمع
متـى سمع الناس في دينهم بـأن الغِـنـا سُنـَّةٌ تتبـع
وأن يأكل المرء أكل البعير ويرقص في الجمع حتى يقع
ولو كان طاوي الحشا جائعاً لما دار من طرب واستمـع
وقـالـوا سكرنا بحب الإله وما اسكر القوم إلا القِصَع(5)
كـذاك الحمير إذا أخصبت ينقزها(6) ريّها(7) والشبع(8)


(1) مجلة البلاغ : العدد 2/السنة/1/ الصفحة : 7/ التاريخ : ربيع الأول 1386هـ .
(2) أدب الطف : 24/4 .
(3) مكي : قال ابن خلكان كان في البوازيج زواية لجماعة من الفقراء اسم شيخهم مكي ويظهر من غيره أن هؤلاء كانوا من المتصوفة الذين يستخدمون الدف والغناء وما إلى ذلك في طقوسهم الدينية .
(4) البوازيج : بلدة صغيرة كانت بالقرب من انلسلامية من نواحي الموصل ـ العراق ـ تقع على فم الزاب الأسفل حيث يصب في دجلة .
(5) القصع : بكسر القاف وفتح الصاد ، وكذلك بفتح القاف وسكون الصاد ، ابتلاع جُرَع الماء والجِرّة .
(6) نقزَت الدابة : قفزت ووثبت ، والنُّقاز : داء يأخذ الغنم فتثغو الشاة منه ثغوة واحدة وتنزو وتنقز فتموت .
(7) الري : الشرب التام للماء .
(8) الوافي بالوفيات : 6/155 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 340


ومن حكيم شعره ـ من البسيط ـ :
جود الكـريـم إذا ما كان عن عـدة وقد تأخر لم يسلم من الـكـدر
إن السحـائـب لا تجـدي بوارقهـا نفعاً إذا هي لم تمطر على الأثر
ومـاطل الوعـد مذموم وإن سمحت يداه من بعد طول المطل بالبُدر(1)
يا دوحة(2) الجود لا عتب على رجل يهزهـا وهو محتاج إلى الثمر(3)

ونقل من شعره أيضاً في هذا الباب ـ من الطويل ـ :
أقول له صلنـي فيصرف وجهه كـأنـي أدعوه لفعل محرّم
فإن كان خوف الإثم يكره وصلتي فمن أعظم الآُثام قتلة مسلم(4)

ذكره ابن خلكان(5) في الوفيات وابن الدميثي(6) في تاريخه ، وابن المستوفي في تاريخه(7) ، والشافعي(8) في الطبقات ، والصفدي(9) في الوافي والعماد(10) في الخريدة ، ودهخدا(11) في لغت نامه ، وشبر في الأدب ،

(1) البدرة : عشرة آلاف ، ومن المال الكمية العظيمة منه .
(2) الدوحة : الشجرة العظيمة .
(3) أدب الطف : 4/25 .
(4) الوافي بالوفيات : 6/155 .
(5) ابن خلكان : هو أبو العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر بن خلكان (608 ـ 681هـ) . صاحب كتاب وفيات الأعيان .
(6) ابن الدبيثي : أبو عبدالله محمد بن سعيد بن محمد ، (558 ـ 632هـ) مؤرخ بغدادي له كتاب : ذيل تاريخ بغداد .
(7) ابن المستوفي : هو شرف الدين المبارك بن أبي الفتح أحمد بن المبارك اللخمي الأربلي ، له تاريخ أربل في أربع مجلدات ، كما له ديون شعر ، توفي في الموصل عام 637هـ .
(8) الشافعي : هو عثمان بن عبدالرحمن الموصلي (577هـ ـ 643هـ) كان من أهل الإفتاء ، له مؤلفات منها : الفتاوى وكتاب الطبقات ويسمى بطبقات الشافعية أيضاً .
(9) الصفدي : هو صلاح الدين خليل بن أيبك بن عبدالله الصفدي (696 ـ 746هـ) مؤرخ فلسطيني اشتهر بكتابه الوافي بالوفيات .
(10) الأصفهاني : أبو عبدالله عماد الدين محمد بن محمد صفي الدين بن نفيس الدين حامد ، ولد في أصفهان سنة 519هـ وهو أديب وكاتب ، ويلقب بعماد الدين له مصنفات عديدة منها البرق الشامي ، نصرة الفترة وحضرة الفطرة ، خريدة القصر ، ديوان الرسائل ، مات سنة 597هـ .
(11) دهخدا : هو علي أكبر بن خان بابا الطهراني (1297 ـ 1375هـ) مؤرخ ولغوي
=
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 341


والخاقاني في شعراء الموصل ، وجواد في مجلة البلاغ وأثنوا عليه .
قالوا ابن الدبيثي : روى بإربل(1) عن أبي البركات عبدالرحمان بن محمد الأنباري النحوي(2) شيئاً من مصنفاته ، سُمِع منه ببغداد ، وسمع منه جماعة من أهلها(3) .
ووصفه عماد الدين الأصفهاني بالشاب الفاضل(4) .
وأورد ابن المستوفي ما جرى بينهما من المكاتبات والشعر(5) .
ووصفه ابن خلكان بالفقيه الفاضل ، وقال : وغلب عليه النظم ونظمه رائق ، وكان له ولد(6) ، اجتمعت به في حلب وأنشدني من شعره وشعر أبيه كثيراً وكان شعره جيداً ويقع له المعاني الحسنة(7) .
وقال عنه دهخدا : أبو إسحاق السلامي هو من علماء الموصل وقضاتها درس الفقه في الموصل ثم هاجر إلى بغداد وتوقف بها مدة ثم رجع إلى السلامية وتولى القضاء بها وكان شاعراً بارعاً ورد شعره كثيراً في المجاميع(8) .
وأما شبر : فإنه نقل عن ابن خلكان وغيره وظاهر نقله جاء بشكل يتصور أن رؤية ابنه في حلب كانت مع عماد الدين الأصفهاني الكاتب المتوفى عام 597هـ(9) ، ولكن الصحيح أن ابن خلكان المتوفى عام 681هـ

= إيراني ، له مؤلفات أشهرها لغت نامه أبو ريحان ريحاني ، ترجمة روح القوانين .
(1) إربل : مدينة تقع بين الزابين في شمال العراق وتعد من أعمال الموصل .
(2) النحوي : يلقب كمال الدين ويكنى بأبي البركات عبدالرحمان بن محمد بن أبي الوفاء المتوفى في بغداد عام 577هـ ، قرأ الأدب على أبي منصور الجواليقي وغيره .
(3) وفيات الأعيان : 1/37 عن ذيل تاريخ بغداد لابن الدميثي .
(4) خريدة القصر :
(5) وفيات الأعيان : 1/38 .
(6) ابن قاضي السلامية كان شاعراً كما يظهر من نقل ابن خلكان وكان بحلب إلا أننا لم نتمكن من الحصول على اسمه وترجمته .
(7) وفيات الأعيان : 1/37 ـ 38 .
(8) لغت نامه دهدخدا : 1/368 .
(9) أدب الطف : 4/25 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 342


هو الذي رأى ابنه في حلب حيث أن عصره هو المناسب لأن يلتقي به .
عنونه عدد من مترجميه بقاضي السلامية كالصفدي(1) ، وأما ابن خلكان فقد عنونه بابن عسكر الموصلي ، بينما عنونه دهخدا تارة بقاضي السلامية وأخرى بأبي إسحاق السلامي ، ورغم التصريح بأن له شعراً كثيراً إلا أننا لم نتمكن من الحصول عليه .

(1) الوافي بالوفايت : 6/154 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 343


(42)
إبراهيم بن يحيى الطيبي
1154 ـ 1214هـ = 1741 ـ 1799م

هو الشيخ إبراهيم بن يحيى(1) بن محمد بن سليمان(2) المخزومي القرشي(3) العاملي الطيبي .
ولد بطيبة(4) عام 1154هـ ونشأ بها وقرأ على علمائها وهاجر إلى شقراء ودرس بمدرستها(5) عند السيد موسى بن حيدر بن أحمد الحسيني إلى أن توفي عام 1194هـ ، ولما استولى الجزار(6) على جبل عامل بعد قتل الأمير ناصيف هرب المترجم له عام 1195هـ مع من هرب من قبضة الجزار إلى بعلبك فظل بها عشرين يوماً ثم تردد بينها وبين دمشق لفترة ، وبعدها سافر إلى العراق وتتلمذ على السيد مهدي بحر العلوم والشيخ جعفر

(1) توفي والده عام 1302هـ وكان من الأعلام الأدباء .
(2) جاء نسبه في الكرام البررة : 1/25 هكذا «إبراهيم بن يحيى بن الشيخ فياض بن عطوة المخزومي القرشي الطيبي العاملي» .
(3) كذا في علماء دمشق وأعيانها : 1/86 .
(4) طيبة : بلدة تقع في جنوب لبنان على الحدود مع فلسطين المحتلة ، تخرج منها الكثير من علماء الإمامية .
(5) كانت بشقراء مدرسة يتولى شؤونها السيد موسى بن حيدر الأمين جد السادة الأمين وكان بها يومذاك أكثر من ثلاثمائة طالب منهم السيد جواد العاملي مؤلف كتاب مفتاح الكرامة .
(6) الجزار : هو أحمد باشا ، ولد نحو منتصف القرن الثاني عشر الهجري في البوسنة ، في أول أمره التحق بمماليك مصر ، ثم تعاون مع العثمانيين ، فأوكلت إليه عدد من الولايات منها عكا وصيدا وبيروت ، لقب بالجزار لأنه كان سفاكاً ، مات في دمشق 1219هـ .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 344


صاحب كشف الغطاء ، ثم توجه إلى مشهد الإمام الرضا عليه السلام(1) إلا أنه عاد بعدها ليهبط دمشق ويستوطنها ، وكان يتردد على بعلبك ، ومات بدمشق ودفن بمقبرة باب الصغير(2) .
يقول الأمين : لقد ضاع شعره الذي نظمه قبل هروبه من جبل عامل ولعل أقدم أشعاره بعد ذلك هو ما جاء في تأريخ قتل الأمير ناصيف على يد عسكر الجزار عام 1195هـ حيث يقول ـ من الكامل ـ :
قـتـل ابن نصار فيا لله من مولى شهيد بالدماء مضرج
وتداولتنـا بعده أيدي العدى من فاجر أو غادر أو أهوج
هي دولة عم البلاد الظلم في تـاريخهـا الله خير مفرج

وأقدم منه تأريخه حجه إلى بيت الله الحرام 1192هـ ـ من مجزوء الكامل ـ :
يا من حباني حجة تستوجب الشكر الجميلا
راجيك إبراهيم في تأريخها يبغي القبـولا

نعم لقد عثر على بعض قصائده في مدح الأمير الشيخ علي الفارس الصعبي عام 1180هـ وعام 1183هـ و1184هـ .
ولما وصل بعلبك نظم قصيدة خلال العشرين يوماً التي قضاها بها ذكر فيها المحن التي لاقاها خلال هروبه من عسكر الجزار ويتشوق إلى الأهل والأوطان ويقول في أولها ـ من الطويل ـ :
غريب يمد الطرف نحـو بلاده فيرجع بالحرمان وهـو همول
إذا ذكر الأوطان فاضت دموعه كما استبقت يوم الرهان خيول
وإن ذكر الأحبـاب حن إليهـم كما حن من بعد الفطام فصيل
هم الأهل لا برق المودة خلب(3) لديـهـم ولا ربع الوداد محيل


(1) الرضا : هو الإمام الثامن من أئمة الشيعة الإمامية علي بن موسى بن جعفر ولد سنة 148هـ ، ومات مسموماً بأرض طوس بإيران سنة 203هـ على يد المأمون العباسي .
(2) جاء في تكملة أمل الآمل : 85 «أنه وجد بخط بعض البغداديين أنه توفي عام 1220هـ» .
(3) الخُلّب : السحاب لا مطر فيه فكأنه يخدع والبرق الخُلّب الذي يكون في سحاب غير ممطر .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 345


مسـاميـح أما ما حوته أكفهم فنزر وأما جودهم فـجـزيل
فيا روضة فيحاء لي من لبابها ولا فخر فرع طيب وأصول

إلى أن يقول :
ومما شجا قلبي وأجرى مدامعي وألقى علي الهم وهـو ثقيل
نزولي وقد فارقتكم في عصابة سواء لديهم عالم وجهـول
وكيف يطيب العيش بين معاشر جوادهم بالأبيضين(1) بخيل
سواسية لا يأمن الجور جارهم ولـو أنـه للنيـرين سليل

إلى أن يذكر نزوله ببعلبك :
وأنـزلـنـي في بعلبك وقلما أقـام بها لولا القضـاء نبيل
تراب لها من بلدة لو وردتها سقتك بكأس الهم وهو قتول(2)

قال عنه حافظ وأباظة(3) : شاعر فاضل ، أديب مطبوع ، نظم فأكثر حتى اشتهر بالشعر وورث أولاده وأحفاده عنه شاعريته ، لا يخلو شعره من نكتة بديعة أو كناية لطيفة أو إشارة إلى واقعة ، اهتم بالتخميس فخمس جملة من القصائد المشهورة كالبردة(4) ، ورائية أبي فراس الحمداني(5) في الفخر ، وعينية ابن زريق البغدادي(6) ، وكافية السيد

(1) الأبيضان : الكلمة تطلق تارة على اللبن والماء ، أو الخبز والماء .
(2) أعيان الشيعة : 2/248 .
(3) حافظ وأباظة : هما محمد مطيع الحافظ ونزار أباظة ، من مؤرخي سوريا المعاصرين ولهما كتاب (تاريخ علماء دمشق في القرن الرابع الهجري) .
(4) إشارة إلى لامية كعب بن زهير بن أبي سلمى المازني المتوفى سنة 26هـ في مدح النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم والتي يقول فيها ـ من الطويل ـ :
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول متيم إثرها لم يفد مكبول
(5) الحمداني : هو الحارث بن سعيد بن حمدان التغلبي الربعي ، ولد سنة 320هـ ، كان فارساً وشاعراً ، اشتهر برومياته في الأسر ، له ديوان شعر ، قتل سنة 357هـ وأما رائيته التي من الطويل فمطلعها :
لعلَّ خيال العامريةِ زائرُ فيُسعَدَ مهجورٌ ويُسعَدَ هاجرُ
(6) البغدادي : هو أبو علي الحسن بن زريق الكاتب الكوفي ، كان كاتباً في ديوان الرسائل ، سكن الكرخ من بغداد ، مات في الأندلس نحو عام 420هـ ، اشتهر
=
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 346


الرضي(1) المكسورة ، وزاد عليها مخمساً وجعلها في مدح النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ورائية ابن منير(2) المعروفة بالتترية ، وقيل خمس أكثر قصائد الشريف الرضي المشهورة ، وديوان أبي فراس كله ، ونظم محبوكات عارض بها ارتقيات(3) الصفي الحلي(4) في مدح الشيخ علي بن أحمد فارس الصعبي من أمراء جبل عامل(5) .
ومن قصائده التي يتشوق إلى طيبة وجبل عامل قصيدته التائية التي يقول فيها ـ من الكامل ـ :
مـن لي بردِّ مواسم اللـذات والعيش بين فتـى وبين فتاة
ورجـوع أيام مضين بعامل بين الجبال الشم والهضبـات
عهدي بهاتيك المعاهد والدمى فيهن مثل الحور فـي الجنات
والروض أقبح والجناب ممنع والورد صاف والزمان مواتي
والشمل مجتمع وأخوان الصفا أحـنـى مـن الآباء والأمات


= بقصيدته العينية ـ من البسيط ـ التي مدح فيها ملك الأندلس ، ومنها :
لا تعذليه فإن العذلَ يـولِعـُهُ ! قد قلتُ حقّاً ، ولكن ليس يَسمَعَهُ
جاوزْتِ في لومه حدّاً أضرَّ به من حيث قدّرتِ أنْ اللومَ يَنفعَهُ
(1) الرضي : هو أبو الحسن محمد بن الحسين بن موسى العلوي الحسيني ولد في بغداد 359هـ ، له ديوان شعر ، مات في بغداد سنة 406هـ ، ومطلع قصيدته الكافية المكسورة ـ من الطويل ـ وكان قد نظمها وله من العمر خمس عشرة سنة :
لقد جَثَمَتْ تعبيسَةٌ في المضاحِكِ تمُدّ بأضْباعِ الدُّموع السّوافِكِ
(2) ابن منير : هو أبو الحسين أحمد بن منير الطرابلسي ، ولد بطرابلس سنة 473هـ ، وهو من مشاهير شعراء طرابلس ، له ديوان شعر ، مات بحلب سنة 548هـ ، ومطلع قصيدته التترية ـ من مجزوء الكامل ـ :
عذبت طرفي بالسهر وأذبتَ قلبي بالفكر
(3) الأرتقيات : وهي 29 قصيدة على عدد حروف الهجاء محبوكة الطرفين حروف أوائل أبياتها كحروف رويها ، فالقصيدة الهمزية مثلاً يبدأ في كل بيت منها بالهمزة ويختم بها وهكذا إلى آخر الحروف ، وتسمى قصيدة (الروضة) أيضاً .
(4) الحلي : هو صفي الدين عبدالعزيز بن سرايا بن أبي الحسن علي الطائي السُنبسي ، ولد في الحلة سنة 677هـ ، وهو من أعلام الإمامية وأدبائها ، له ديوان شعر ، مات ببغداد سنة 750هـ وقيل 752هـ .
(5) علماء دمشق وأعيانها : 1/87 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 347


إذ لا ترى إلا كريما كفه والوجه عين حيا وعين حياة

إلى أن يتألم ويأمل أن يرى تلك الديار ويقول :
لهفـي عـلـى تلك الديار وأهلهـا لـو كـان تنفـع غلتـي لهفاتي
يا ليت شعري هل أرى ذاك الحمى حـال مـن الفتيـان والفتيـات
سرعـان مـا درجت أويقات اللقا إن البـروق سـريعـة الخطوات
أشكـو إلـى الرحـمـان بعد أحبة عصف الزمان بهـم وقرب عداة
خطب دعـاني للخروج من الحمى فخـرجـت بـعـد تلوم وأنـاة
وتركتـه خـوف الهـوان وربمـا ألقي الغريب عصاه بين عصاة(1)

قال عنه الطهراني : هو من مشاهير عصره في العلم والأدب اتصل بالسيد مهدي بحر العلوم ، والشيخ جعفر كاشف الغطاء وغيرهما ودرس الفقه والأصول وبرع في الأدب والشعر وله ديوان جليل رأيت عدة نسخ منه(2) ، وله منظومة في الكلام سماها الدرة المضيئة(3) تظهر منها براعته في علم الكلام(4) ، وله الصراط المستقيم في الفقه ، والجمانة النضدية ، وأما ديوانه كان يحتوي على سبعة آلاف وخمسمائة بيت ضاع أكثره(5) ، وله في شكوى الزمان قصيدة يقول في أولها ـ من الطويل ـ :
تذكرت والمحزون جـم التذكـر مسـرة أيـام مضيـن وأعـصـر
إذا الدهر سمح والشبيبة عودهـا رطيـب وصفـو العيش لـم يتكدر
ندير كؤوس الود تطفح بالصفـا ونأوي إلى روض من العيش أخضر
منازلـنـا مأوى الغريب و ظلنا تـرف حواشيـه علـى كل مصحر(6)

قال الصدر(7) : إنه فرّ من بلاده من ظلم الجزار وأقام بدمشق ، ولما

(1) أعيان الشيعة : 2/245 ، تكملة أمل الآمل : 87 .
(2) الذريعة : 9/16 .
(3) الذريعة : 1/492 ، 8/107 .
(4) الكرام البررة : 1/25 .
(5) علماء دمشق وأعيانها : 1/87 .
(6) أعيان الشيعة : 2/247 .
(7) الصدر : هو أبو محمد حسن بن هادي بن محمد علي الموسوي الكاظمي ، ولد في مدينة الكاظمية سنة 1272هـ ، وهو من علماء الإمامية ، مات سنة 1354هـ .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 348


غلب أحمد الجزار على دمشق تركها الشيخ فهاجر إلى العراق ، وكان سكن بغداد ، والرجل من أجلاء العلماء والمتكلمين والأدباء والمشاهير والشعراء المجيدين ، ومن منظومته في الكلام قوله ـ من الرجز ـ :
ولا نقل كـلامه قديم فإنه شـرك به عظيـم(1)
لأنه مركب من أحرف حادقة حروفها غير خفي
وكل ما يذكره الجمهور من الكلام فريـة وزور(2)

وقوله غلب الجزار على دمشق لا يصح بل أنه غلب على جبل عامل كما سبق وذكرنا .
وله من الإخوانيات قصيدة بعثها من أصفهان إلى دمشق يقول في أولها ـ من الطويل ـ :
غـرام وتشتيت وشـوق مبـرح فلـلـه ما يلـقـى الفـؤاد المـقـرح
أما والهوى يا مي(3) لولا معاهد لأحبـابـنـا فيهـن مسـرى ومسـرح
لما بت في نار من الوجد اصطلي لظـاهـا وفـي بحـر مـن الدمع أسبح
أما تتقيـن الله يا مي في فـتـى على سروات(4) النيب(5) يمسي و يصبح
يشيم(6) بروق الشام وهو بفارس لقـد بعـد المغـدى وشـط الـمـروح
ليسقيكـم يا جيرة الشـام وابـل مـن الـمـزن محلـول النطاقين مدلح(7)
وما زلت قد فـارقتكم في صبابة لـواعجهـا في حبـة القلـب تـقـدح
وتضطرب الأحشاء عند ادكاركم(8) كمـا اضطـرب المـذبوح ساعة يذبح(9)


(1) إشارة إلى خلق القرآن ، حيث افترقت المذاهب الإسلامية على أقوال ، وذهبت الإمامية إلى القول بخلق القرآن ورفضت دعوى قدمه .
(2) تكملة أمل الآمل : 86 .
(3) مي : من أسماء النساء يضرب بها مثلاً .
(4) السراة : يظهر .
(5) النيب : النوق المسنّة الهرمة .
(6) شام البرق : نظر إليه أين يتجه وأين يمطر .
(7) الدلوح : السحابة الكثيرة الماء كأنها تدلح من كثرة مائها .
(8) الدكر : الذكر ، قيل أنه ليس من كلام العرب وأن ربيعة تغلط في الذِّكر فتقول ذكر ، وقيل أن الدِّكر جاءت من إدغام اللام في الذال (الذكّر) .
(9) أعيان الشيعة : 2/243 ، علماء دمشق وأعيانها : 1/89 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 349


ويظهر أنه في سفره إلى إيران ذهب إلى أصفهان ومشهد ويزد ، وأما عن الأخير فيقول الطهراني : وقد شاهدت ـ كتاب ـ الكشاف الذي تملكه في يزد كان بتاريخ 1205هـ(1) .
وله في وقوع الطاعون في دمشق ونواحيها عام 1207هـ والذي بسببه تفرق أصحابه قصيدة يقول في أولها ـ من الطويل ـ :
خليـلـي إن شطت منازل من أهوى فلسـت أبـالـي والفؤاد لهم مثوى
ترامت بهم أ يدي النوى خيفة الردى فشنوا على رحب الفضا غارة شعوا
وطـار فـريـق للحجـاز تقلـهـم نجائب تطـوي كل فج ولا تطـوى
سروا يخبطـون البيد والحج قصدهم ونيتهـم والخيـر أفضل ما ينـوى(2)

وله في تأريخ انقضاء الغلاء من دمشق عام 1207هـ ـ من مجزوء الكامل ـ :
لـمـا حبـانـا ربـنـا برضاه من بعد الغضب
ذهـب الغـلاء فقلت في تـأريخــه شـر ذهب(3)

وقال أيضاً في عام 1207هـ في الغرض نفسه مؤرخاً ـ من البسيط ـ :
يا رب يا رب أنت المستعان على عـام شديد على الفجار والبررة
عـام كـأن على وجـه الفقير به من المجـاعة في تاريخه غبرة(4)

ويظهر أن التأريخ الثاني كان لحصول الغلاء والأول كان لانقضائه .
وله قصائد في مدح ورثاء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته ذكرها الأمين في الأعيان وقد حذفت من الطبعة الثانية بحجة غير مقبولة نص عليها الناشر بقوله : «نشر المؤلف في الطبعة الأولى معظم شعر المترجم حفظاً له من

(1) الكرام المبررة : 1/26 .
(2) أعيان الشيعة : 2/244 ، علماء دمشق وأعيانها : 1/89 .
(3) علماء دمشق وأعيانها : 1/90 ، أعيان الشيعة : 2/248 .
(4) أعيان الشيعة : 2/248 ، وهنا استخدام استعارة قرآنية من سورة عبس .

السابق السابق الفهرس التالي التالي