عبقٌ يفـوح بجوهـا و سماها |
|
وسناً يذوب بسهلـهـا وذراها |
هذا يعطر بالأريج شعـابـهـا |
|
و بذا تـلألأ روعة عليـاهـا |
فتسيـر أنفـاس النسيـم بليلة |
|
همساتها خلف الهضاب تناهى |
وتسيل من رئة الصباح يسوقها |
|
شــوق لتلثم للورود و شفاهها |
وتذوب في وهج العنـاق بقبلةٍ |
|
كعروس صـبّ عانقت لفتاها |
وترين أوراد الخميل بسكـرها |
|
وشـافهـا حَبَبُ الندى يغشاها |
وكـأنمـا موجٌ النسيم سحائب |
|
تشكو لصاديه الغصون هواها |
وكـأنمـا الأوراق أشرعةٌ بها |
|
قـد أبحرت جذلاً بكـل حباها |
بوركت مكة إيـهِ منتجع الهدى |
|
وحمى الفضيلة بل معينُ سقاها |
أيّ الولائد يوم سعـدكِ أنجبتْ |
|
خيـر الأنـام محمّداً و بنـاها |
ليحرر العقلَ الضليل من الأذى |
|
و الرق طًُرّاً في القيود عمـاها |
ويحيل من شعبٍ تطـاول ليلُه |
|
شعباً يـطـاول بالعلاء علاها |
يا عيد غادرتِ الفضيلة أهلهـا |
|
والشعب أدرج في سجل شقاها |
وتبـدلـت تلك المفـاخر جلة |
|
والنـاس تخبط في أشد بلاهـا |
عذراً إليك رسـالـة مفتـوحة |
|
وعظيـم عذري لا أقلُّ لطـاها |
غمـائمَ النور هلّي وامـطـري أدباً |
|
في موسم الشعر في ذكرى الهدى ذهبا |
وحـوّلـي الحـرف في دنيا مآثرِهِ |
|
نمـوذجـاً من فريد الشعـر ما كتبـا |
فثورة الشعر في مدح الهدى عصفت |
|
تـزجـي الغرائبَ والإبـداعَ و العجبا |
ومـارد الشعر أضـحـى يوم مولده |
|
مـن قمقم الحرف في الأجواء منتصبا |
يغدو القوافي ويُذْكـي نـارهـا أبدا |
|
ويُطْلـِق النَّغَمَ العِـرفـانَ ملتـهـبـا |
ويـوقـظ الوترَ المشدودَ يـرسلـه |
|
معزوفـة تذهب التغمام(1) والنَّصبـا(2) |
عكـاظ(3) ماذا وشعر السوق سلعتُه |
|
قُبِّحْـتَ سـوقـاً يبيع الشعـر والأدبا |
هنا القـريـض هنا نفـح الشذا أبداً |
|
هنا المعـانـي هنا رِيّ الصـَّدا عَذُبا |
هنا الجمـال هنا الإبداع قد شـربت |
|
منـه القـوافي كـؤوساً والهوى شربا |
قيـامة الشعـر قـامـت يوم مولده |
|
في كل صقـع فهبّ الكون و اضطربا |
وأَقبلـت تمـلأ الـدنيـا بشـائـره |
|
مـدائحـاً تخـرق الآفـاق و الحجبـا |
فـالـدين في فَرحٍ والكفر في ترحٍ |
|
والطير في مرح في الغصن قـد طربا |
والـروض رحَّب مزهـوّاً بمقدمـه |
|
و النهـرُ أوشـك من واديه أن يثـبـا |
أشرق البيتُ واستطال الضياءُ |
|
وبدا الأفق مشرقـاً والفضاء |
وزها الركن فرحة والمصلى |
|
وصفا الجو واستطاب الهواء |
وبـدا واجـم الحطيم جذولا |
|
بشـرهُ اليـوم بَيِّنٌ و الرجاءُ |
يوم جاد الزمـان بخير طفلٍ |
|
بعـد طاها وبـاركتهُ السماءُ |
بوليدٍ لم تعرف الأرض مثلاً |
|
له لا لا ولا وَلَـدْنَ النسـاءُ |
لِعلـيٍ ومَنْ كمثـل عَـلـي |
|
لا يسامى جرى بهذا القضاءُ |
بـإمام ما أنجب الدهر عِدْلاً |
|
لـه زوجـاً فكانتِ الزهراءُ |
هـذي الخمـائـلُ في ذكراه تَأْتَلِقُ |
|
والغصن رحَّب والأزهارُ و الورقُ |
والطير شادٍ على الأفنان(4) مغتبطٌ |
|
مرفرفٌ راقـصٌ لاهٍ بهـا نـَزِقُ |
والنهر سار وسار الخيـر يصحبهُ |
|
جذلان يسرع في الـوادي وينطلقُ |
والكون رحَّبَ كل الكون في فرحٍ |
|
والنور فاض وفاض الوهج والأَلْقُ |
فـي كـل سـاح وناحٍ ذاب لؤلؤهُ |
|
والجـو أشـرف والأرجاء والأفق |
فـي مـولـد وارف الأفياء يغمرهُ |
|
عطر الـولاء لآل البيـت و العبق |
فـي مقـدم القائـم المهدي ومولده |
|
هذي الحناجر بالترحـاب تنطلـق |
تغـيـرُ تزحـفُ في صبحٍ وفي غسقٍ |
|
سيّان ذاك لديها الصبح و الغـسق |
فيها الليوث رجال(1) الحرب من حضر |
|
فيها الأشـاوس فيها من لها خُلقوا |
يمضـون حتـى يكـون الفتح غايتهم |
|
والأرض تفتح(2) والآمال تصطفقُ |
ويورثُ العيشُ بعد الجذب(3) في رغدٍ |
|
ويمحي الـخـوف والبأساءُ والقَلَقُ |
ويُطلـقُ الكـونُ من أسْرٍ أضَرَّ به(4) |
|
وتعتـقُ النفـس والأرواح تنعتـق |
وينشـر الـعـدل في الأرجـاء رايتَهُ |
|
ويأمن البحر والأجواء والطرقُ(5) |
عَـجِّـلْ فديتكُ يا ابن الأكـرمين فها |
|
كل الأراذل قد طـالـت لهم عنقُ |
حيث استقرت عيون الشمس تلقانا |
|
إنا رفعـنـا إلـى العليـاء لبنانا |
تجثو المفـاخـر إجلالاً وتكرمةً |
|
أمـامَ تـاريخنـا الزاهي ودنيانا |
وتستـريـح المنى تهوى خمائلنا |
|
وتستظل العلـى في ظل عليـانا |
وفي خطـانـا يسيرُ العلمُ يتبعنا |
|
أنّى ارتحلنـا ويسعـى أينما كانا |
تهوى المكارم فـي شوق مرابعَنا |
|
والفضـل يبسمُ في الآفاق جذلانا |
والعزُّ يزهرُ مزهوّاً ومـزدهـرا |
|
والفخر يورق في الأنحـاء ريّانا |
والمجـد يدرج في أعلى مدارجنا |
|
والكـون يرمقنـا سِراً وإعـلانا |
حُسنُ المآثر بعضٌ من صنائعنـا |
|
كذا الشجـاعة بعض من سجايانا |
سلْ مَنْ سألتَ تجد تـاريخنا أبداً |
|
يزكـو وينشرُ أطيابا وريحـانـا |
سَل الوفاء إلى الأوطان كيف غدا |
|
في أرض لبنان بعضاً من شظايانا |
سَلْ الجـنـوبَ سَلِ الأرض التي بَذَلَتْ |
|
دَمَ الشهـادة حتى فـاض طوفانا |
سل البقـاع الـذي أعـطـى بلا كلل |
|
والجـوُّ يمطرُ أشـلاءً و نيرانـا |
سَـلِ المعـارك عـنـّا عـن بسالتنـا |
|
فالمـوت يُحجمُ حين الموت يلقانا |
نُفجِّـر الأرضَ يوم الرَّوع نَنْسـفـهـا |
|
تحت الطغاة فتغدو الأرض بركانا |
وتخـرج الصِّيـدُ من آجامها(1) غضباً |
|
و تجعـل البيد كـل البيد مَيْدانـا |
نحمي المثاب(2) نصونُ العرض نحفظهُ |
|
مـن كل باغٍ وطاغٍ رام عُـدوانا |
نستنبـتُ الأرضَ أحـْراراً مـسـاورةً |
|
ونبـذل النفـس للـرحمان قربانا |
هـي الحقـائـق تـبـدو فـي تَأَلّقهـا |
|
و ذي الوقـائِعُ تنبي عن مزايانـا |
شـواهـدٌ حـيـَّةٌ للعـيـن مـاثـلـةٌ |
|
تحكـي و تنطـقُ إسراراً وإعلانا |
حييت لبـنـان حييـت الأُلـى ركبـوا |
|
ظهرََ المنايا وصاروا من ضحايانا |
ماتوا فداءً عن الأرض التـي عَشِقـوا |
|
أرض النبوَّةِ و التشـريـع مُذْ كانا |
أرض المسيـح مسيـر الله صفـوتـه |
|
فأحمد الخلـق خير الخلـق ميزانا |
لبنـان لبنـان أرض العـِزِّ مـن قِـدَم |
|
وغابُ أسدٍ حَوَتْ صيداً وشجعـانا(3) |