دائرة المعارف الحسينية ـ الحسين والتشريع الإسلامي ـ 1 65

موسى عليه السلام وما فيها فقال صلى الله عليه وآله وسلم كانت عبراً كلها وفيها : عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح ، ولمن أيقن بالنار كيف يضحك ، ولمن يرى الدنيا وتقلبها بأهلها لِمَ يطمئن إليها ، ولمن يؤمن بالقدر كيف ينصِّب(1) نفسه في طلب الرزق ، ولمن أيقن بالحساب لِمَ لا يعمل... الحديث(2) .
وعرفت اليهودية بأسباطها الاثني عشر نسبة إلى أبناء النبي يعقوب عليه السلام(3) الاثني عشر حيث عرف أحفاده من كل ابن له باسمه وهم :
1 ـ راوبين(4) ، 2 ـ شمعون(5) ، 3 ـ لاوي(6) ، 4 ـ يهوذا(7) ، 5 ـ ريالون(8) ، 6 ـ يشجب(9) .
وهؤلاء الستة من أم واحدة تسمي ليّا(10) وهناك من ذكر بأن يهوذا

(1) النصب : التعب .
(2) الأنبياء حياتهم وقصصهم : 131 .
(3) يعقوب : هو ابن اسحاق بن إبراهيم (2139 ـ 1992 ق.هـ) توفي بمصر ودفن بأرض كنعان . وهو أحد البكائين الخمسة : آدم عليه السلام ، يوسف عليه السلام ، فاطمة بنت محمد عليها السلام ، وعلي بن الحسين السجاد عليه السلام .
(4) راوبين : بن يعقوب بن إسحاق ويقال له رأوبين أو روبيل وهو من الأسباط ، وهو : أكبر أولاد يعقوب عليه السلام ولد في العراق في قرية فلدان أرام .
(5) شمعون : ابن يعقوب بن إسحاق ، وهو من الأسباط ، ولد في قرية فدان أرام بالعراق .
(6) لاوي : ابن يعقوب بن إسحاق ، وهو من الأسباط ، وفيه جعل الله النبوة والملك ، ولد بالعراق في قرية فدان أرام .
(7) يهوذا : ابن يعقوب بن إسحاق ويقال (يهودا) ، وهو من الأسباط ، وفيه جعل الله النبوة والملك ، ولد في قرية فدان أرام بالعراق ، وهو الذي حمل قميص يوسف إلى أبيه في الحالتين عند تغييبه وعند عودته .
(8) ريالون : ابن يعقوب ويقال له : (زبولون أو بولون) ، وهو من الأسباط ، ولد بالعراق في قرية فدان أرام .
(9) يشجب : ابن يعقوب ، ويقال له (يساخر أو يساكر) ، وهو من الأسباط ، ولد في قرية فدان أرام بالعراق .
(10) ليّا : ابنة لابان بن بتوئيل بن تارح بن ناحور ، ويقال لها (لايا) أيضاً ، وهي ابنة خاله وتسمى ليئة ، ماتت في قرية فدان أرام .
دائرة المعارف الحسينية ـ الحسين والتشريع الإسلامي ـ 1 66

ويشجب من أم أخرى تسمى لينة(1) والظاهر أنه من التصحيف كما أن هناك من لم يذكر لاوي وذكر بدله جاد ولكن سيأتي ان جاد هو ابن زلفا(2) .
7 ـ يوسف(3) ، 8 ـ بنيامين(4) وهذان من أم واحدة تسمى راحيل(5) وهناك من لم يذكر يوسف وذكر بدلاً عنه وعن لاوي اثنين من أبناء يوسف وهما افرايم(6) ومنسى(7) .
9 ـ دان(8) ، 10 ـ بفتال(9) ، وهذان من أم واحدة تسمى بلهة(10) .
11 ـ جاد(11) ، 12 ـ اشير(12) وهذان من أم واحدة تسمى زلفا .
ولا يخفى أن هؤلاء الأسباط بقوا حتى زمان النبي موسى بن عمران عليه السلام وتعامل مع هذا الواقع في عهده ، وقد أسست فرقتا السبطين

(1) لينة : إحدى زوجات يعقوب عليه السلام .
(2) زلفا : أو زلفة جارية ليا ، زوجة يعقوب عليه السلام الأولى .
(3) يوسف : هو ابن يعقوب بن إسحاق (2078 ـ 1968 ق.هـ) ، ولد في قرية فدان أرام بالعراق ، وفيه جعل الله النبوة والملك .
(4) بنيامين : هو ابن يعقوب بن إسحاق ، ولد في أرض كنعان عام 2075 ق.هـ وفيه جعل الله النبوة والملك ، وقيل أنه ولد في قرية فدان أرام بالعراق .
(5) راحيل : هي ابنة لابان بن بتوئيل ابنة خالة يعقوب عليه السلام ، وهي صغرى ابنتي لايان والزوجة الثانية ليعقوب عليه السلام ، وقيل أنها ماتت في بلاد كنعان .
(6) افرايم : وهو ابن يوسف بن يعقوب وهو توأم منسى ، ولد في عهد جده يعقوب المتوفى عام 1992ق.هـ .
(7) منسى : هو ابن يوسف بن يعقوب وقيل ميشا وهو توأم افرايم ، ولد في عهد جده يعقوب المتوفى عام 1992 ق.هـ ، واختهما اسمها رحمة زوجة النبي أيوب عليه السلام .
(8) دان : هو ابن يعقوب بن إسحاق ، وهو من الأسباط ، ولد في العراق بقرية فدان أرام .
(9) بفتال : ابن يعقوب ويقال له : (نفتالي) ، وهو من الأسباط ، ولد بالعراق بقرية فدان أرام .
(10) بلهة : كانت جارية لدى راحيل زوجة يعقوب الثانية .
(11) جاد : هو ابن يعقوب بن إسحاق ، وهو من الأسباط ، ولد في قرية فدان أرام بالعراق .
(12) اشير : هو ابن يعقوب ويقال له (اشار) ، وهو من الأسباط ، ولد في قرية فدان أرام بالعراق .
دائرة المعارف الحسينية ـ الحسين والتشريع الإسلامي ـ 1 67

يهوذا وبنيامين مملكة يهوذا بينما أنشأت الفرق الباقية (الأسباط الأخرى) مملكة إسرائيل وكانت الحرب قائمة بينهما(1) .
وأما بالنسبة إلى النبي موسى عليه السلام وأوصيائه وخلفائه فقد كان له وصياً واحداً في حياته وهو أخوه هارون(2) الذي توفي قبله ، ولكن خلف بعده اثني عشر خليفة(3) وأوصياء قاموا بتقويم بني إسرائيل وهم :

1 ـ يوشع بن نون

بن افرانيم بن يوسف بن يعقوب
ولد عام 5342 من الهبوط (1537 ق.هـ) حيث عاش 126 عاماً .
استخلفه النبي موسى عليه السلام على بني إسرائيل حيث وافته منيته ، وأعطاه الألواح والتوراة عام 5468 من الهبوط (1411 ق.هـ) حيث عاش بعد موسى عليه السلام 30 سنة ، تمكن من توحيد الصف اليهودي وحارب الخارجين عليه وأعاد شوكة المؤمنين ، وكانت صفراء(4) زوجة موسى عليه السلام تقود الجيوش ضده فلما انتصر عليها عفى عنها(5) ، دفن في المعرة(6) .

2 ـ كالب(7) بن يوفنا

كان ختن(8) موسى عليه السلام استخلفه يوشع عندما أراد مفارقة الحياة ،

(1) راجع المجتمع اليهودي : 28 ـ 37 ، الأنبياء حياتهم وقصصهم : 175 ـ 176 .
(2) هارون : هو ابن عمران بن وهيب بن لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليه السلام ، ولد بمصر سنة 1569 ق.هـ ، مات في التيه قبل موسى المتوفى سنة 1442 ق.هـ على بعض الروايات ، ودفن في جبل مران .
(3) راجع تواريخ الأنبياء : 250 .
(4) صفراء : هي ابنة النبي شعيب عليه السلام الذي ورد عنها في القرآن الكريم : « قال إني أريد أن انكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن اتممت عشراً فمن عندك وما أريد أن أشق عليك... » [القصص : 27] .
(5) راجع تواريخ الأنبياء : 246 وفي قصته شبه بقصة علي عليه السلام وعائشة .
(6) راجع دوائر المعارف : 120 ، وهي معرة النعمان بن بشير الصحابي من بلاد الشام ، وقيل دفن في كفر خارس .
(7) كالب : ورد اسم أبيه يوقنا راجع : مجمع البيان للطبرسي : المجلد الأول 2/604 .
(8) الخَتَن : بفتحتين كل من كان من قبل المرأة من الأقارب ، وهو صهر موسى عليه السلام على أخته مريم بنت عمران .
دائرة المعارف الحسينية ـ الحسين والتشريع الإسلامي ـ 1 68

فأحسن الخلافة في بني إسرائيل ، حسن السيرة ، ثم إنه لما دنت منيته وصى ابنه يوشاقوس(1) ، وبعده تولى حزقيل .

3 ـ حَزقيل بن بورى ابن العجوز

وهو ثالث(2) خلفاء موسى عليه السلام وكانت أمه عجوزاً طلبت من الله أن يرزقها ولداً فاستجاب الله لها ، تشرف بالنبوة وقام بهداية بني إسرائيل على الشريعة اليهودية ، ولما دنت منيته أوصى إلى ابنه إسماعيل .

4 ـ إسماعيل بن حزقيل صادق الوعد

عاش بعد أبيه مدة طويلة ، وكان والده قد اختاره خليفة له على بني إسرائيل وبعثه الله نبياً ، وقد ورد ذكره في القرآن(3) موصوفاً بصادق الوعد لقصة معروفة(4) .
5 ـ إلياس (5)

بن يس بن فنحاص بن عيزار بن هارون بن عمران
عينه يوشع بن نون على إحدى أسباط بني إسرائيل الذين سكنوا

(1) يوشاقوس : هو ابن كالب بن يوفنا .
(2) جاء في تفسير قوله تعالى : « ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون » [البقرة : 243] . أنها نزلت في حزقيل عليه السلام ، ذلك أن هؤلاء أهل مدينة من مدائن الشام من بني إسرائيل ، وكانوا سبعين ألف بيت ، وكان الطاعون يقع فيهم في كل أوان ، فكانوا إذا أحسّوا به خرج من المدينة الأغنياء ، وبقي فيها الفقراء لضعفهم ، فكان الموت يكثر في الذين أقاموا ، ويقل في الذين خرجوا ، فصاروا رميماً عظاماً ، فمرَّ بهم نبي من الأنبياء يقال له حزقيل فرآهم وبكى وقال : يا رب لو شئت أحييتهم الساعة ، فأحياهم الله . بحار الأنوار : 13/382 .
(3) قال تعالى : « واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبياً وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضياً » [مريم : 54 و55] .
(4) جاء في علل الشرائع : 1/98 ، وبحار الأنوار : 13/389 ، كان إسماعيل عليه السلام قد سلّط عليه قومه ، فقشروا جلدة وجهه وفروة رأسه فأتاه رسول من رب العالمين ، فقال له : ربك يقرئك السلام ، ويقول : قد رأيت ما صنع بك وقد أمرني بطاعتك فمرني بما شئت ، فقال : يكون لي بالحسين بن علي عليه السلام أُسوة .
(5) قال المجلسي : لا يبعد اتحاد إلياس وإليا لتشابه الاسمين والقصص المشتملة عليهما بحار الأنوار : 13/400 .
دائرة المعارف الحسينية ـ الحسين والتشريع الإسلامي ـ 1 69

بعلبك(1) ، وبما أنه كان عابداً تقياً وزاهداً ورعاً بعثه الله نبياً ، قام ينهاهم عن عبادة الأصنام(2) وأمرهم بالتعاليم اليهودية .

6 ـ اليسع

بن اخطوب(3) بن فنحاس بن عيزار
تتلمذ على النبي إلياس ، وعندما أراد إلياس أن يودع الدنيا(4) جعل اليسع وصياً له على قومه ، واختاره الله نبياً(5) .

7 ـ إليّا

خلف النبي اليسع ولم يؤمن به إلا أربعمائة شخص من بني إسرائيل وقد اختاره الله نبياً ودعى قومه إلى عبادة الله وبعث فيهم تعاليم النبي موسى عليه السلام .

8 ـ عويديا (ذو الكفل)(6) بن ادريم

تولى النبوة بعد النبي إليّا(7) ، وقد اختلفوا في ذي الكفل فمنهم من قال بأنه متحد مع النبي إلياس(8) ومنهم من قال إنه متحد مع اليسع ومنهم

(1) بعلبك : مدينة لبنانية تقع في البقاع : فيها مواقع أثرية كهيكل باخس والأعمدة الستة .
(2) وكان صنم أهل بعلبك يسمى بعل وذلك قوله : « وإنّ إلياس لمن المرسلين * إذ قال لقومه ألا تتقون * أتدعون بعلاً وتذرون أحسن الخالقين * الله ربكم ورب آبائكم الأولين * فكذبوه فإنهم لمحضرون » [الصافات : 123 ـ 127] ، بحار الأنوار : 13/393 .
(3) اخطوب : ورد اسمه بحذف الألف : بحار الأنوار : 13/409 .
(4) ويروى أن إلياس كالخضر هما في الأرض وأنهما يلتقيان في كل موسم ـ بحار الأنوار : 13/399 عن تفسير الإمام العسكري : 6 .
(5) ورد ذكره في القرآن منها في قوله تعالى : « وإسماعيل واليسع ويونس ولوطاً » [الأنعام : 86] وفي قوله جل وعلا : « واذكر إسماعيل واليسع وذا الكفل وكل من الأخيار » [ص : 48] .
(6) ورد ذكره في القرآن الكريم في موضعين ، (الأنبياء : 85) و(ص : 48) .
(7) إنه كان بعد سليمان بن داود عليه السلام وكان يقضي بين الناس كما يقضي داوود ، ولم يغضب إلا لله عزّ وجل ـ بحار الأنوار : 13/405 ، الأنبياء حياتهم ـ قصصهم : 390 .
(8) راجع بحار الأنوار : 13/406 .
دائرة المعارف الحسينية ـ الحسين والتشريع الإسلامي ـ 1 70

من قال باتحاده مع زكريا(1) .
9 ـ اشموئيل (2)
بن بالي بن علقمة بن ماجد بن عموصا بن النهر بن ضون ابن علقمة الهاروني(3)
بعثه الله بعد يوشع بن نون بـ 460 سنة أي في عام 5928 من الهبوط (951 ق.هـ) بعدما أصيب المؤمنون من بني إسرائيل بأنواع الفتن ، وكانت أمه عجوزاً عاقراً فأنعم الله عليها باشموئيل ، ودعى بني إسرائيل بالعمل بالتوراة ، وكان في عهد الملك جالوت فكان يظلم المؤمنين فاختار إشمويل(4) عليه السلام طالوت(5) ملكاً على بني إسرائيل ليقاوم جالوت(6) .

10 ـ داود

بن ايشا بن عوفيد بن يوعز بن سلمون بن يخشون بن عمينوذب ابن رم بن حصرون بن بارض بن يهوذا
ولد عام 971 ق.هـ على المختار من تسلسل الأحداث ولما كان عمره ستون سنة تولى الملك في بني إسرائيل بعد وفاة الملك طالوت ،

(1) راجع دوائر المعارف : 13 ، ومنهم من قال أنه حزقيل بن بورى ابن العجوز ، وبعضهم قال إن ذا الكفل هو بشر بن النبي أيوب المبتلى الصابر عليه السلام بعثه الله تعالى بعد أبيه رسولاً إلى أرض الروم فآمنوا به ، وقد مات في الشام عن 95 عاماً .
(2) ويقال أن الكلمة عبرانية وبالعبرية هو إسماعيل وعليه فإن هناك ثلاثة أنبياء باسم إسماعيل ، إسماعيل بن إبراهيم ، إسماعيل صادق الوعد ، وهذا ، ويقال له شموئيل .
(3) الهاروني : نسبة إلى هارون بن عمران عليه السلام .
(4) وذكره الله تعالى بقوله : « ألم تر إلى الملإ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكاً نقاتل في سبيل الله قال هل عسيتم أن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا... » [البقرة : 246] .
(5) طالوت : وهو من ولد بنيامين بن يعقوب ، جعله الله ملكاً على بني إسرائيل توفي سنة 911 ق.هـ ، وقال اليعقوبي : 1/49 أن اسم طالوت هو شاول .
وفي قاموس التوراة أنه شاؤل بن قيس من سبط بنيامين .
(6) جالوت : وهو من الأقباط قاد جيوش الأقباط والعمالقة لحرب بني إسرائيل ، وقال اليعقوبي : 1/49 أن اسم جالوت غلياث ، وفي قاموس التوراة ان اسمه جليات .
دائرة المعارف الحسينية ـ الحسين والتشريع الإسلامي ـ 1 71

توفي عام 871 ق.هـ(1) وله من العمر مئة سنة(2) ، ودفن في بيت المقدس . جمع الله له الملك والنبوة وأنزل عليه الزبور باللغة العبرية وهي عبارة عن 150 سورة أكثرها في الأمور الأخلاقية والنصائح الربانية وفيها قليل من الأحكام وبما أنها لم تتجاوز الديانة اليهودية فلذلك لا يعد له شريعة مستقلة حيث أنها جاءت في إطار الشريعة الموسوية ومما جاء فيه(3) :
«أيها الناس لا تغفلوا عن الآخرة ، ولا تغرنكم الحياة الدنيا لبهجتها ونضارتها لو تفكرتم في منقلبكم ومعادكم ، وفي خشونة الثرى ووحشة القبر وظلمته ، وذكرتم القيامة وما أعددت فيها للعاصي ، لقل كلامكم وضحككم ولكثر بكائكم وذكركم واشتغالكم ، ولكنكم غفلتم عن الموت ونبذتم عهدي وراء ظهوركم واستخففتم بحقي كأنكم لستم بمسيئين ولا محاسبين ، وكأنكم لا تموتون وكأن دنياكم باقية لا تزول ولا تنقطع...»(4) فهو على هذا النمط من الوعظ والحكم .

11 ـ سليمان بن داود

ولد سنة 884 ق.هـ تولى الأمر بعد أبيه داود بوصية من أبيه واختيار من الله تعالى ، كان كأبيه تولى النبوة والملك ، يقال إنه ملك وله من العمر 13 سنة وملك أربعون سنة وتوفي سنة 831 ق.هـ وله من العمر 53 سنة(5) .

(1) وما جاء في المدخل إلى دراسة الأديان والمذاهب : 1/148 أنه توفي حوالي عام 1015 ق.م لا يصح مع حساباتنا حيث أنه يعادل عام 1689 ق.هـ لأنه كان بعد موسى وموسى كانت ولادته قبل الميلاد بـ 899 ، وقبل الهجرة 1568 عاماً ، وقد ذكر صاحب المدخل بأن خروج موسى من مصر عام (1440) ق.م والله العالم .
(2) النور المبين : 338 .
(3) السورة العاشرة من زبور داوود : بحار الأنوار : 14/44 .
(4) راجع تواريخ الأنبياء : 282 .
(5) دائرة المعارف : 13 ، وحدد في الأنبياء حياتهم وقصصهم : 424 أن وفاة سليمان كان في حدود عام 1609 ق.هـ حيث قال : «إن المدة بيننا وبين سليمان بن داود عليه السلام ثلاثة آلاف سنة إلى عهدنا هذا وهو سنة 1391هـ = 1971م» إلا أنه مستبعد وهو أقل منه بكثير .
دائرة المعارف الحسينية ـ الحسين والتشريع الإسلامي ـ 1 72


12 ـ زكريا (1)
بن برخيا بن نشوا(2) بن نحرائيل بن سهلون بن ارسوا بن شويل بن يعود(3) بن موسى بن عمران(4)
بعثه الله نبياً(5) ولد عام 762 ق.هـ وتوفي عام 645 ق.هـ .
وكان النبي يحيى بن زكريا بن برخياء واسم أمه اليصابات (اليسبع) قد بعثه الله نبياً وله من العمر ثلاث سنوات . ولد عام 642 ق.هـ عام ولادة السيد المسيح عليه السلام وتوفي عام 610 ق.هـ(6) وهؤلاء لم يأتوا بدين جديد بل كانوا مبشرين جاؤوا لترسيخ الشريعة اليهودية في نفوس الناس وتقويم أعمالهم عندما انحرف اليهود .
هذا إلى جانب عدد من الأنبياء أمثال شعيا وحيقيوق ، حنظلة ويونس إلى غيرهم ولم يثبت أن جميعهم كانوا من أوصياء النبي موسى عليه السلام وخلفائه بل إنهم من أبرز من جاؤوا بعد موسى عليه السلام .
هذا وقد افترقت اليهودية إلى اثنين وسبعين فرقة(7) اندحر قسم منها وانحسر ولكن أشهر هذه الفرق هي كالتالي :
1 ـ الفريسيون وتعني الكلمة بالعربية (المميزون) ، ويعتقدون بأنهم مميزون عن سائر الشعوب(8) كما يرون أنهم أدرى بأحكام الشريعة ، وقد اشتهرت بهذه التسمية في أواخر القرن الثامن قبل الهجرة (الثاني قبل

(1) وقيل هو من ولد هارون بن عمران ، ويقرأ زكريا أيضاً .
(2) الأصل بلا نقط .
(3) الأصل بلا نقط .
(4) راجع تاريخ اليعقوبي : 1/68 .
(5) كان رئيساً للأحبار والرهبان وكان يتولى أمر النذور والهدايا التي ترد إلى بيت المقدس وإلى الهيكل ويستلمها . الأنبياء قصصهم ـ حياتهم : 461 .
(6) الموافق لسنة 31م .
(7) أديان ومذاهب جهان : 2/939 .
(8) ويرون أنهم المعنيون بما ورد في التوراة : «وقد ميزتكم من الشعوب لتكونوا لي» ـ سَفر اللاويين : 20/26 .
دائرة المعارف الحسينية ـ الحسين والتشريع الإسلامي ـ 1 73

الميلاد) وذلك على عهد يوحنا هركانس(1) إلا أنه انضم فيما بعد إلى الصدوقيين ثم قضى عليهم ابنه اسكندر(2) ثم قويت شوكتهم عام 732 ق.هـ (87 ق.م) عندما تولت اسكندرة(3) زوجة اسكندر الحكم ، ورغم تكبرهم لأنهم مميزون إلا أنهم تظاهروا بالزهد والورع ، وقد اهتموا بالفقه والقضاء .
2 ـ الصدوقيون : نسبة إلى صديق بن أخيطوب(4) الذي انفرد بالكهنوت الأعظم في عهد النبي والملك سليمان عليه السلام وهم طبقة في غاية الثراء والنفوذ وكانت روابطهم حسنة مع الأنظمة الحاكمة ، وكانوا على خلاف مع الفريسيين إلى درجة العداء ، وكانوا يحافظون على استقرار وضعهم السياسي والاقتصادي فلذلك كانوا يعقدون المعاهدات مع الأنظمة أيّاً كانت ، كما تأُثروا ببعض الفلسفات اليونانية وكانوا ينكرون الآخرة والعقاب والجزاء .
3 ـ الكتبة وهم نساخ الشريعة اليهودية وفقهاؤها ومفسروها وقضاتها ، وعرفوا بالناموسيين أي علماء الناموس وأرادوا بالناموس الشريعة ، وقد نشأت هذه الطائفة في الأصل عندما كانوا كتبة ونساخاً عند ملوك العهد القديم ، ثم في أثناء سبي اليهود إلى بابل عام 1247 ق.هـ (586 ق.م)

(1) يوحنا : هو ابن شمعون من سلالة المكابيين اليهود ، حكم بعد السلطان يوناتان عام 135 ق.م فغير المبادئ الأساسية للسلالة المكابية ، ثم حكم بعده ابنه اسكندر ، والمكابيون يقال لهم أيضاً «الحشمويون» أو بالسين .
(2) اسكندر : هو ابن يوحنا هركانس بن شمعون المكابي تولى حكم اليهود بعد أبيه ، وممن حكم بعده من هذه السلالة هركانس انتيگونيس ثم ابنه ارستبولس ، وفي عهدهم استقلت اليهود بالحكم .
(3) اسكندرة : ويبدو أن التسمية جاءت تبعاً لزوجها وبما أنها كانت من الساسة تمكنت من الحكم بعد وفاة زوجها ، ولعلها حكمت قبل هركانس انتيگونيس الذي توفي عام 40 ق.م .
(4) صديق : يصل نسبه إلى اليعازر بن هارون ، وكان صديق أحد الكاهنين العظيمين في عهد النبي والملك داود عليه السلام ثم انفرد بالكهنوت في عهد النبي والملك سليمان عليه السلام وقد احتفظت سلالته برئاسة الكهنوت حتى عصر المكابيين .
دائرة المعارف الحسينية ـ الحسين والتشريع الإسلامي ـ 1 74

أنيط إليهم تعليم الشريعة ، ولصعوبة الجمع بين المسؤوليتين تفرغوا لتدوين الشريعة وتعليمها وتفسيرها ، وفي أواسط القرن التاسع قبل الهجرة (الثالث قبل الميلاد) أصبح الكهنة هم الكتبة ثم اصبحت الكتبة طائفة مستقلة .
4 ـ النثينيم : وتعني المكرس حيث كرسهم وخصصهم النبي الملك داود عليه السلام في بداية الأمر كخدمة للهيكل والكهنة فكانوا يجلبون الحطب للمذبح والماء للذبائح وما إلى ذلك ، ولما قام الآشوريون والبابليون بسبي اليهود سبوا هؤلاء الخدمة (النثينيم) أيضاً ، ولا يخفى أن هؤلاء الخدم لم يكونوا من أصل يهودي بل كانوا عبيداً أسروا في الحروب ، ثم لما سمح لهم الملك كورش(1) بعودتهم إلى بلادهم سامرة ورجعوا مع عزرا(2) وعددهم كان آنذاك لم يتجاوز المئتين أو الثلاث إلا قليلاً فأعادوا بناء هيكلهم عام 1174 ق.هـ (516 ق.م) وحلفوا على خدمة الهيكل وعلى أن يسيروا جميعهم على الشريعة اليهودية وعلى هذا الأساس أعفوا عن كل الضرائب .
5 ـ الأسينيون : انفصلت عن الفريسيين في القرن التاسع قبل الهجرة (الثالث قبل الميلاد) ، إلا أنها ظهرت في أواخر القرن الثامن قبل الهجرة (الثاني قبل الميلاد) وهي طائفة صغيرة جداً لم يتعرف عليها الكثير من الناس وهي متطرفة ذهبت إلى الزهد في الحياة ودعت إلى الرهبنة وعدم

(1) الملك كورش الأول : ويلقب بالكبير وهو ابن كبوجية (1219 ـ 1188 ق.هـ) مؤسس الدولة الهخامنشية في إيران ، حكم بعده ابنه كمبوجية ، وقد غزى كورش بابل عاصمة الكلدانيين عام 1198 ق.هـ (539هـ) وقضى على ملكهم ونصب عزرا أميراً عليهم من قبله وفك أسر اليهود وأجاز لهم بأن يدونوا توراة أخرى لهم ويقيموا معابد لهم .
(2) عزرا : كان كاهناً وكاتباً يعد من أحبار اليهود ومن المقربين لدى كورش وقد أذن له أن يهاجر واليهود إلى فلسطين ، عاصر من ملوك الفرس كورش وكيخسرو ، لهراسب ، اسفنديار ، واردشير وكان مقرباً لديهم ، وفي عام 1114 ق.هـ (457 ق.م) ترأس اليهود الذين قادهم من بابل إلى فلسطين والذين كاد عددهم آنذاك 1775 نسمة ، وذلك في عهد اردشير الأول (466 ـ 424 ق.م) ، له سفر في العهد القديم وهو من تدوينه ، قيل هو النبي عزير الذي ذكره الله في القرآن .
دائرة المعارف الحسينية ـ الحسين والتشريع الإسلامي ـ 1 75

الزواج(1) وواظبت على الاغتسال والتطهير وامتنعت عن أكل اللحوم والحليب ومشتقاتها الحيوانية ، وعلى أثره قاطعت الدخول على الهياكل لأنهم يقدمون القرابين لها وسكنت البراري ، كما لم يرد ذكرها في التوراة بل ورد ذكرها في التلمود ، إلا أنها لم تتمكن من الاستمرارية في الاستقلال عن الفريسيين فترة طويلة بل عادت واندمجت ثانية معها وذلك في أواخر القرن السابع قبل الهجرة (قبيل الميلاد) .
6 ـ السامريون : نسبة إلى مدينة السامرة(2) بفلسطين وذلك قبل سبي اليهود وبعده وقد اختلف أهالي سامرة مع بقية طوائف اليهود واشتدت العداوة بينهم منذ عام 1087 ق.هـ (432 ق.م) فطرد على أثره الكاهن منسى(3) من أورشليم (القدس) فبنى لنفسه هيكلاً على جبل جرزيم(4) نحو عام 1055 ق.هـ (400 ق.م) لينافس به هيكل أورشليم فأصبح الهيكل خاصاً بالسامريين ، وهم لا يعترفون بأسفار العهد القديم إلا بأسفار موسى الخمسة المعروفة بالأسفار الخمسة السامرية وهي مكتوبة بالعبرية المدونة بالحروف الفينيقية القديمة ولا زالوا يتواجدون في مدينة نابلس (السامرة) ، وهناك من عدهم من طوائف اليهود قبل السبي .

(1) وربما إلى هذه الفرقة أشارت الآية التالية : « فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات احلت لهم » [ النساء : 160] على بعض التفاسير وذلك بتقرير أن الحرمة جاءت من عمل أنفسهم ، وهناك من يرى بأنهم هم الذين حرموا أنفسهم منها ـ راجع الميزان : 3/347 .
(2) السامرة : كانت عاصمة مملكة يهودا غزاها سرجون الثاني ملك آشور عام 1387 ق.هـ (722 ق.م) وسبى أغلب سكانها ولها تاريخ وأحداث ومسميات حيث هدمت مراراً وبنيت مراراً وآخر أسمائها نابلس والتي ظلت إلى يومنا هذا .
(3) منسى : هو ابن يهوياداع بن الياشيب كان رئيسياً لكهنة اليهود وقد تزوج من ابنة سنبلط الحوروني الذي تزعم السامريين في معاداة اليهود حين رفضوا أن يشاركوهم في ترميم هيكل أورشليم (القدس) فطرده لخميا زعيم اليهود من الكهنوت فاستقل لنفسه .
(4) جرزيم : جبل يقع شمال مدينة شكيم (نابلس) في أرض سبط أفرايم ، ويقال أن قوماً من الجُرزيين أقاموا فيه فسمى بهم ، يقع على 3850 قدماً فوق مستوى البحر .
دائرة المعارف الحسينية ـ الحسين والتشريع الإسلامي ـ 1 76


التقويم العبري :

يذكر أن مبدأ تاريخهم هو من الخلقة(1) ، والأشهر عندهم قمرية(2) ، بينما حساب السنين شمسية ولذلك فإنهم يضيفون كل ثلاثة سنوات شهراً واحداً على السنة لتكون تلك السنة كبيسة وتسمى بآذار الثاني .

الكتاب المقدس :

اليهود بشكل عام يعتمدون على التوراة والتلمود ، أما التوراة فأساسه كتاب سماوي أنزل على النبي موسى عليه السلام ثم سرعان ما وصلت إليه يد التحريف ولم يعد للكتاب المنزل من قبل الله أثر بين الناس(3) .
وأما التوراة التي بين أيدينا فهي تحتوي على الأسفار التالية :
1 ـ أسفار موسى : وهي تضم خمسة أسفار وهي : التكوين والخروج واللاويين والعدد والتثنية ، فأما سفر التكوين فيتحدث عن كيفية خلق الله ، وأما سفر الخروج فيتحدث عن حياة النبي موسى وبعثته ، وأما سفر اللاويين فقد خصص لبيان الأحكام الشرعية والطقوس العبادية من تقديم القرابين والبخور ، وأما سفر العدد فيتحدث عن رحلة اليهود في صحراء سيناء ، وأما سفر التثنية فيتحدث عن سائر الأحداث التي وقعت لليهود

(1) حيث يبدؤوون تاريخهم من عام 3760 قبل الميلاد ـ راجع التقويم : 40 ، وهذا يعني أن عام 2000 ميلادية سيعادل عام 5760 عبرية ، وبداية سنتهم في 7 تشرين الأول .
(2) وعددها اثنا عشر شهراً وهي : تشري ، مرحشوان ، كسلا ، طابات ، شباط ، آذار ، نيسان ، أيار ، سيوان ، تموز ، آب ، أيلول .
(3) جاء في المدخل إلى دراسة الأديان والمذاهب : 1/156 «الثابت أن التوراة كتبت بعد إبراهيم الخليل بـ 1300 عام ، وبعد عهد موسى بأكثر من 700 عام وهي بالطبع غير التي نزلت على موسى» ، وجاء في الصفحة 157 : «ويقول علماء البروتستانت أن اليهود حرفوا النسخة العبرانية ، وتوجد شواهد كثيرة على الاختلافات البينة بين النسخ الثلاث ، يقول داكتركني : كانت نسخ العهد القديم التي هي موجودة قد كتبت ما بين (1000 ـ 1400) واستدل من هذا قائلاً أن جميع النسخ التي كانت كتبت في المائة السابعة أو الثامنة اعدمت بأمر محفل الشورى اليهودي لأنها كانت تخالف مخالفة كثيرة للنسخ التي كانت معتمدة عندهم» .

السابق السابق الفهرس التالي التالي