البالغون الفتح في كربلاء 202

فسمرها إلى جبهته ، وما إستطاع أن يزيلها ، فقال (أللهم إنهم إستقلونا ، وإستذلونا ، فأقتلهم كما قتلونا) .
وبينا هو على هذا الحال إذ حمل عليه أسيد بن مالك الحضرمي برمحه فطعنه في قلبه ففارقت روحه الدنيا فجاء إليه يزيد بن الرقاد وأخرج السهم من جبهته وبقي النصل وهو ميت .
جاء في المجموعة الموضوعية نقلا عن البلاذري (ورمى عمرو بن صبيح الصيداوي عبدألله بن مسلم بن عقيل رضي ألله عنه ، وإعتوره الناس فقتلوه ، ويقال أن رقاد الجنبي كان يقول : رميت فتى من آل الحسين عليه السلام ويده على جبهته فأثبتها فيها وجعلت أنضنض (حركته وأقلقته) سهمي حتى نزعته من جبهته وبقي النصل فيها (1) ولكن أغلب المؤرخين ينصون على أن عمرو بن صبيح الصيداوي هو الذي قتله وعمرو هذا من ضمن العشرة الذين إنتدبوا لوطئ جسد ألإمام عليه السلام بالخيل وإن المختار طلبه فآتوه به وهو على صدحه بعدما هدأت العيون وسيفه تحت رأسه فأخذوه وسيفه فقال قبحك ألله من سيف ما أبعدك على قربك فجيء به إلى المختار فلما كان من الغداة طعنوه بالرماح حتى مات .

2 ـ محمد بن مسلم بن عقيل رضي ألله عنه :

روي لما قتل عبدألله بن مسلم حمل آل أبي طالب حملة واحدة . فصاح بهم الحسين عليه السلام صبرا على الموت يا بني عمومتي وألله لا رأيتم هوانا بعد هذا اليوم . فإندفعت الرجال والفتية الطيبة من آل عقيل إلى النصرة مستهزئة بالموت فنظر إليهم الحسين عليه السلام وقال (أللهم أقتل قاتل آل عقيل) وكان يقول : (صبرا آل عقيل إن موعدكم الجنة)(2) وكان ألإمام

(1) المجموعة الموضوعية : ج4 ص 368 .
(2) السماوي : ألإبصار ص 67 .
البالغون الفتح في كربلاء 203

زين العابدن عليه السلام كما نقل ذلك الشيخ الحجة القريشي من بحار الأنوار يميل أشد الميل لآل عقيل ويقدمهم على غيرهم من آل جعفر فقيل له في ذلك فقال : (إني لأذكر يومهم مع أبي عبدألله فأرق لهم) وغير خاف على أحد أن سبعة من آل عقيل إستشهدوا يوم الطف وبذلك يقول الشاعر :
يا عين جودي بعبرة وعويل وإندبي إن ندبت آل الرسول
تسعة كلهم لصلب علي قد أصيبوا وسبعة لعقيل

وفي بحار ألأنوار والعوالم :
وأندبي تسعة لصلب علي قد أصيبوا وخمسة لعقيل

وهذا العدد مطابق لما ذكره الطبري في تاريخه من أن المستشهدين من آل عقيل خمسة وينقل الشيخ الحجة القرشي فيقول وفي أنساب ألأشراف :
خمسة منهم لصلب علي قد أصيبوا وسبعة لعقيل

وفي المعارف :
سبعة كلهم لصلب علي قد اصيبوا وتسعة لعقيل

وبرز محمد بن مسلم وأمه أم ولد فقاتل حتى قتله أبو مريم ألأزدي ولقيط بن أياس الجهني ولمحمد بن مسلم محاورة مع عمه ألإمام الحسين عليه السلام يوم تاسوعاء عندما طلب ألإمام عليه السلام من بني هاشم وألأصحاب التفرق عنه والذهاب فأجابه محمد بن مسلم (فما يقول الناس وما نقول لهم ، إنا تركنا شيخنا ، وسيدنا ، وبني عمومتنا خير ألأعمام ، ولم نرم معهم بسهم ، ولم نطعن برمح ، ولم نضرب بسيف ولا ندري ما صنعوا ، لا وألله لا نفعل ولكن نفديك بأنفسنا وأموالنا وأهلينا نقاتل معك حتى نرد موردك فقبح ألله العيش بعدك)(1).

(1) المصدر السابق .
البالغون الفتح في كربلاء 204


3 ـ جعفر بن عقيل :

وأمه الحوصاء أو الخوصاء أم الثغر بنت عامر بن الهصان العامري من بني كلاب العامري وأمها أوده بنت حنظلة بن خالد بن كعب بن عبد إبن أبي بكر المذكور وأمها ريطة بنت عبد بن ابي بكر المذكور ، وأمها أم البنين بنت معاوية بن خالد بن ربيعة بن عامر بن صعصعة وأمها حميدة بنت عتبة بن سمرة بن عتبة بن عامر ، وفي الطبري وإبن ألأثير أمه أم البنين إبنة الشقر بن الهضباب (1) تقدم للقتال وهو يرتجز :
أنا الغلام ألأبطحي الطالبي من معشر في هاشم من غالب
ونحن حقا سادة الذوائب فينا حسين أطيب ألأطائب

فنازل الفرسان حتى قتل منهم خمسة عشر فارسا ويذكر ألأصفهاني أن قاتله عروة بن عبدألله الخثعمي نقلا عن أبي جعفر محمد بن علي بن علي بن حسين عن حميد بن مسلم (2). وقيل بشر بن حوط الهمداني كما في مقتل بحر العلوم وألأبصار وعمره يوم ذاك ثلاث وعشرون سنة (3).


4 ـ عبدالرحمن بن عقيل :

أمه أم ولد ، إنبرى إلى ساحة القتال وهو يرتجز :
أبي عقيل فإعرفوا مكاني من هاشم وهاشم إخواني
فينا حسين سيد ألأقران وسيد الشباب في الجنان

ونقل البيت الثاني على النحو التالي :
كهول صدق سادة القرآن هذا حسين شامخ البنيان


(1) السماوي : ألإبصار ص 68 .
(2) مقاتل الطالبيين : ص 62 .
(3) مقتل بحر العلوم ص 352 ، ألإبصار ص 68 .
البالغون الفتح في كربلاء 205

فقاتل قتالا شديدا حتى قتل سبعة عشر من جيش الكفر قيل أن قاتله عثمان بن خالد الجهني وبشر بن حوط الهمداني (1) وفي مقاتل الطالبيين قتله عثمان بن خالد بن أسيد الجهني وبشير بن حوط القابضي وفي المجموعة الموضوعية : قتله عثمان بن خالد بن أسير الجهني وبشر إبن حرب الهمداني ، ويضيف ثم قتل عبدألرحمن بن عقيل بن أبي طالب رماه عبدألله بن عروة الخثعمي بسهم فقتله (2).
وفي أنساب ألأشراف ج3 ص 406 وشد بشر بن شوط العثماني وعثمان بن خالد الجهني على عبدألرحمن بن عقيل فقتلاه وفي تسلية المجالس ج2 ص 303 والمناقب ج4 ص 105 أنه قتل سبعة عشر فارسا وقال موسى بن عامر فأول من بدأ أي المختار به من الذين وطأوا جسد الحسين عليه السلام بخيلهم وأنامهم على ظهرهم ، وضرب سكك الحديد في أيديهم وأرجلهم وأجرى الخيل عليهم حتى قطعتهم وحرقهم بالنار ثم أخذ رجلين إشتركا في دم عبدالرحمن بن عقيل بن أبي طالب وفي سلبه كانا في الجبانة فضرب أعناقهما ثم احرقهما بالنار ثم احضر مالك بن بشير فقتله في السوق . وكان عمر عبدالرحمن يوم عاشوراء خمسا وثلاثين سنة (3).


5 ـ عبدألله ألأكبر بن عقيل :

أمه أم ولد وقد أورد السيد بحر العلوم أن السماوي ذكره وقال أنه كان متزوجا بميمونة بنت أمير المؤمنين عليه السلام (4) وفي الحقيقة لم

(1) المصدر السابق : ص 353 نقلا عن نهاية النويري ج 20 ص 456 .
(2) المجموعة الموضوعية : ج4 ص 370 نقلا عن كتاب تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام ص 151 وفي ألأخبار الطوال ص 257 .
(3) المصدر السابق .
(4) مقتل بحر العلوم : ص 353 .
البالغون الفتح في كربلاء 206

أجد له ترجمة عند الشيخ السماوي رحمه ألله(1).
نزل عبدألله ألأكبر إلى ساحة القتال وهو يرتجز :
خلوا عن المصحر دون الغيل خلوا عن الواضح من عقيل
يمنع عن صريخة الرسول بسيفه المهند المصقول

وقاتل قتالا شديدا فقتل رجالا وفرسانا حتى أثخن بالجراح فشد عليه عثمان بن خالد الجهني ورجل من همدان فقتله (2) أما الشيخ العلامة محمد مهدي شمس الدين فقال ورد ذكره في الزيارة وهو (أبو عبدألله إبن مسلم بن عقيل رضي ألله عنه ورجحنا أن ألإسم ورد في الزيارة بهذه الصورة خطأ لإنفراد الزيارة بهذا ألإسم من بين المصادر ولإتفاق الزيارة مع الطبري في أن القاتل هو عمرو بن صبيح الصيداوي أو الصدائي (3). وذكر في المجموعة الموضوعية نقلا عن سبط إبن الجوزي أن قاتله هو عمرو بن صبيح وكذلك تذكرة الخواص وكان عمره يوم الطف ثلاثا وثلاثين سنة (4).


6 ـ محمد بن ابي سعيد بن عقيل رضي ألله عنه :

هو محمد بن ابي سعيد ألأحول بن عقيل بن أبي طالب رضي ألله عنه ذكره ألأصفهاني وقال أن أمه أم ولد وهو آخر من قتل من آل عقيل خرج من الخيام بعد المعركة بعد مصرع ألإمام الحسين عليه السلام (5) قال السيد المقرم : كان عليه إزار وقميص وفي أذنه درتان وبيده عمود من تلك ألأبنية وبرز

(1) إبصار العين : مطبعة شريعت إنتشارات المكتبة الحيدرية 1423 هـ ط ألأولى .
(2) مقاتل الطالبيين : ص 63 .
(3) أنصار الحسين عليه السلام ص 134 .
(4) المجموعة الموضوعية : ج 4 ص 372 .
(5) مقاتل الطالبيين : ص 63 .
البالغون الفتح في كربلاء 207

إلى ساحة الحرب فشد عليه فارس فضربه فسألت عن الغلام قيل محمد إبن سعيد وعن الفارس فقيل لقيط بن أياس الجهني (1) . قال السماوي : عن هشام الكلبي حدث هانئ بن ثبيت الحضرمي قال : كنت ممن شهد قتل الحسين عليه السلام فوألله إني لواقف عاشر عشرة ليس منا رجل إلى على فرس وقد جالت الخيل وتصعصعت إذ خرج غلام من آل الحسين عليه السلام وهو ممسك بعمود من تلك ألأبنية عليه إزار وقميص وهو مذعور يتلفت يمينا وشمالا فكأني أنظر إلى درتين في أذنه يتذبذبان كلما إلتفت . إذ أقبل رجل يركض حتى دنا منه مال عن فرسه ثم إقتصد الغلام فقطعه بالسيف قال هشام الكلبي : إن هانئ بن ثبيت الحضرمي هو صاحب الغلام وكنى عن نفسه إستحياء أو خوفا وكانت أمه تنظر إليه وهي مدهوشة(2)أما العلامة محمد مهدي شمس الدين قال : مع شكنا في كونه ممن رزق الشهادة مع ألإمام الحسين عليه السلام (3)وينفي السيد المقرم من أن محمد بن أبي سعيد كان متزوجا من فاطمة بنت علي بن أبي طالب وأنها ولدت له حميدة بالتصغير (4) . أقول هذا لا يصح لأن محمد بن أبي سعيد كان صغيرا وعمره يوم الطف سبع سنين وبهذا يكون محمد بن أبي سعيد ألذي إستشهد بعد المعركة آخر شهداء آل عقيل الذين بلغ عددهم ستة وهم الذين إستشهدوا يوم عاشوراء ويكون عددهم سبعة مع مسلم بن عقيل رضي ألله عنه . وهذا ما وصلت إليه تحقيقاتنا وألله العالم .

(1) المقرم : المقتل ص 280 .
(2) إبصار العين : ص 67 .
(3) أنصار الحسين عليه السلام : ص 134 .
(4) المقتل : هامش ص 280 نقلا عن إبن حبيب في المحبر وكذلك ما جاء في نسب قريش لمصعب الزبيري ص 46 .
البالغون الفتح في كربلاء 208




البالغون الفتح في كربلاء 209

الشهداء من أولاد
عبدألله بن جعفر رضي ألله عنه

عبدألله بن جعفر بن أبي طالب رضي ألله عنه ولد بأرض الحبشة أيام هجرة أبيه إليها وهو أول مولود ولد في ألإسلام في الحبشة وأمه أسماء بنت عميس وقال الذهبي عبدألله بن جعفر السيد العالم كفله النبي صلى الله عليه وآله وسلم ونشأ في حجره كان كريما جوادا حتى سمي ببحر الجود وقطب السخاء جليل القدر عظيم الشأن آية في الحلم وهو من أصحاب رسول ألله صلى ألله عليه وآله وسلم وقد دعا النبي له قائلا (أللهم بارك له في تجارته)وبفضل دعوة النبي كان من أيسر بني هاشم وأغناهم كما صحب أمير المؤمنين عليه السلام ، والحسنين وشهد صفين والجمل والنهروان وكان على الخيل وفي سير أعلام النبلاء أنه كان على قريش وأسد وكنانة وقد وردت في مدحه روايات من طريق الفريقين وهو من رواة حديث الغدير وكان عبدألله بن جعفر جريئا في قول الحق فقد روي أن عمرو بن العاص نال من علي بن أبي طالب عليه السلام في مجلس معاوية بمحضر عبدألله بن جعفر فإلتمع لونه وإعتراه أفكل حتى أرعدت خصائله ثم نزل عن السرير وحسر عن ذراعيه وقال يا معاوية حتام نتجرع غيظك ؟ وإلى كم الصبر على مكروه قولك وسيئ أدبك وذميم أخلاقك هبلتك الهبول أما يزجرك ذمام المجال عن القذع لجليسك أما وألله لو عطفتك أواصر ألأرحام أو حاميت سهمك في ألإسلام لما أرعيت بني ألإماء أعراض قومك فلا يدعونك تصويب ما
البالغون الفتح في كربلاء 210

فرط من خطئك في سفك دماء المسلمين ومحاربة أمير المؤمنين إلى التمادي فيما قد وضح لك الصواب في خلافه فأقسم عليه معاوية وجعل يترضاه ويسكن غضبه وقال له فيما قال أنت إبن ذي الجناحين وسيد بني هاشم فقال عبدألله : كلا بل سيدا بني هاشم الحسن والحسين عليهما السلام لا ينازعهم في ذلك أحد(1). كما أشار زعيم الطائفة ومحققها السيد الخوئي عليه الرحمة بقوله إن جلالة عبدألله بن جعفر الطيار بن ابي طالب بمرتبة لا حاجة معها إلى ألإطراء ومما يدلل على جلالته أن أمير المؤمنين عليه السلام كان يتحفظ عليه من القتل كما كان يتحفظ على الحسن والحسين عليهما السلام (2) وتوفي سنة 80 هـ عام العجاف في المدينة وأميرها أبان بن عثمان لعبد الملك بن مروان وقيل عام 84 أو 85 عن عمر ناهز التسعين أو يزيد والعلة في عدم خروجه مع الحسين عليه السلام هو ما روي أن بصره كان مكفوفا يومئذ وخلف عبدألله عدة أولاد قال سبط إبن الجوزي (3): منهم جعفر ألأكبر ، ومحمد وعباس ، وأم كلثوم ، وأمهم زينب بنت علي عليه السلام وأمها فاطمة بنت رسول ألله صلى ألله عليه وآله وسلم وحسن درج وعون ألأصغر قتل مع الحسين عليه السلام يوم الطفوف ولا بقية له وهناك رأي يقول أن المقتول مع الحسين عليه السلام يوم الطفوف هو عون ألأكبر الذي أمه زينب بنت علي عليه السلام كما هو الصحيح الثابت وذهب إليه جمع من المؤرخين وارباب المقاتل منهم الشيخ المفيد في ألإرشاد وأما عون ألأصغر الذي أمه جمانة بنت المسيب بن نجبة الفزازي فإنه قتل في وقعة الحرة كما ذكره جمع من المؤرخين في حياة السيدة زينب عليها السلام (4).

(1) الشيخ نجم الدين الطبسي : المجموعة الموضوعية ج2 هامش ص 266 .
(2) معجم رجال الحديث : ج10 ص 130 .
(3) الشيخ جعفر النقدي : زينب الكبرى ص 130 .
(4) المصدر السابق .
البالغون الفتح في كربلاء 211


1 ـ محمد بن عبدألله :

محمد بن عبدألله بن جعفر بن ابي طالب وأمه الخوصاء بنت حفصة بن ربيعة بن مائذ بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل وأمها هند بنت سالم بن عبدألله بن عبدألله بن مخزوم بن سنان بن مولة بن عامر بن مالك بن تميم اللات بن ثعلبة وأمها ميمونة بنت بشر إبن عمرو بن الحرث بن ذهل بن شيبان بن ثعلبة بن الحصين بن عكابة إبن حصب بن علي بن بكر بن وائب(1) . برز محمد إلى ساحة الميدان قبل أخيه عون وهو ينشد :
نشكو إلى ألله من العدوان فعال قوم في الردى عميان
قد تركوا معالم القرآن وأظهروا الكفر مع الطغيان

فقاتل حتى قتل عشر أنفس ثم شد عليه عامر بن نهشل التميمي فقتله وقد رثاه سليمان بن قتة بقوله :
وسمي النبي غودر فيهم قدعلوه بصارم مصقول
فإذا ما بكيت عيني فجودي بدموع تسيل كل مسيل (2)


2 ـ عون بن عبدألله بن جعفر :

وأمه عقيلة بني هاشم زينب الكبرى بنت أمير المؤمنين وامها فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين بنت رسول ألله صلى ألله عليه وآله وسلم . قال أهل السير : إنه لما خرج الحسين عليه السلام من مكة المكرمة كتب إليه عبدألله بن جعفر كتابا يسأله فيه الرجوع عن عزمه ، وارسل إليه إبنيه عونا ومحمدا فأتياه بوادي العقيق قبل أن يصل إلى المدينة .، ثم ذهب عبدألله إلى عمرو بن سعيد بن

(1) مقاتل الطالبيين : ص 61 .
(2) السماوي : ألإبصار ص 55 .
البالغون الفتح في كربلاء 212

العاص عامل المدينة فسأله أمانا للحسن فكتب وأرسله إليه مع أخيه يحيى وخرج معه عبدألله فلقيا الحسين عليه السلام بذات عرق فأقرأه الكتاب فأبى عليهما وقال : إني رأيت رسول ألله صلى ألله عليه وآله وسلم في منامي فأمرني بالمسير وأني منته إلى ما أمرني به وكتب جواب الكتاب إلى عمرو بن سعيد ففارقاه ورجعا وقد أوصى عبدألله ولديه بالحسين عليه السلام وإعتذر منه .قالوا : لما ورد نعي الحسين عليه السلام ونعيهما إلى المدينة كان عبدألله جالسا في بيته فدخل الناس يعزونه فقال غلامه أبو اللسلاس هذا ما لقينا ودخل علينا من الحسين عليه السلام فحذفه عبدألله بنعله وقال : يابن اللخناء ! أللحسين تقول هذا ؟ وألله لو شهدته لما فارقته حتى أُقتل معه . وألله إنهما لمما يسخي بالنفس عنهما ويهون عليّ المصاب بهما إنهما أُصيبا مع أخي وإبن عمي مواسين له صابرين معه ثم أقبل على الجلساء فقال : الحمد لله الذي أعزز علي بمصرع الحسين عليه السلام أن لا أكن آسيت حسينا بيدي فقد آسيته بولدي (1). وفي حقه قال سليمان بن قتة :
عيني جودي بعبرة وعويل وأندبي إن بكيت آل الرسول
ستة كلهم لصلب علي قد أصيبوا وسبعة لعقيل
وأندبي إن ندبت عونا أخاهم ليس فيما ينوبهم بخذول
فلعمري لقد أُصيب ذوو القر بى فإبكي على المصاب الطويل

خرج عون إلى ساحة الجهاد وهو ينشد:
إن تنكروني فأنا إبن جعفر شهيد صدق في الجنان أزهر
يطير فيها بجناح أخضر كفا بهذا ئفا في المحشر
وجعل يقاتل فقتل ثلاثة فوارس وثمانية عشر راجلا حتى حمل عليه

(1) السماوي: ألإبصار ص 53 .
البالغون الفتح في كربلاء 213

عبدألله بن قطنة التيهاني أو النبهاني الطائي فقتله (1) ودفن مع الشهداء عند الحسين عليه السلام أما المرقد المنسوب إليه الذي يبعد عن مركز مدينة كربلاء بحدود (11 كم) على طريق مدينة بغداد ففيه كلام . يقول السيد سلمان آل طعمة : إن المرقد الواقع خارج المدينة هو لعون بن عبدألله بن جعفر بن مرعي بن علي بن الحسن البنفسج بن إدريس بن داود بن أحمد المسود بن عبدألله بن موسى الجون بن عبدألله المحض بن الحسن المثنى إبن ألإمام الحسن السبط إبن ألإمام علي بن أبي طالب (2)ويضيف بأنه كان سيدا جليلا مقيما في الحائر الحسيني وكانت له ضيعة على ثلاثة فراسخ من كربلاء خرج إليها وأدركه الموت فدفن في ضيعته وهو المزار الذي يقصده الزائرون اليوم وهو مشهور (3). أما السيد عبدالرزاق الحسني فيذهب إلى أن المرقد هو مرقد عون بن عبدألله بن جعفر وأمه زينب العقيلة فيقول وعلى مسافة 11 كيلومترا من المدينة شرقا ، بينها وبين المسيب ، تشاهد قبة من القاشاني الملون ، تلك هي قبة (عون بن عبدألله إبن جعفر الطيار) (4) وأمه زينب بنت علي عليه السلام وقيل الخوصاء ، ويروى عن سبب دفنه في هذا الصقع المنعزل ، أن خاله الحسين عليه السلام كان قد أرسله لإستثارة المسيب بن نجبة الفزاري وجماعة من بني أسد فإعترضه إسحاق إبن خويه الذي عهد إليه قائد جيش يزيد حراسة المشرعة ومنع أصحاب الحسين عليه السلام من أخذ الماء منها وقتله فدفن في محله (5).
من جانبنا نرى أن هذا الرأي غير ناهض وألله العالم .

(1) المصدر السابق .
(2) السيد سلمان هادي آل طعمة : تراث كربلاء ص 116 . نقلا عن مناهل الضرب في أنساب العرب للسيد جعفر الكاظمي .
(3) المصدر السابق .
(4) الحسني : تاريخ العراق قديما وحديثا ص 128 .
(5) المصدر السابق .
البالغون الفتح في كربلاء 214




البالغون الفتح في كربلاء 215

الفصل الثالث

ألأنصار من صحابة النبي صلى ألله عليه وآله وسلم


1 ـ أنس بن كاهل ألأسدي :

هو أنس بن الحرث بن نبيه بن كاهل بن عمرو بن صعب بن أسد إبن خزيمة ألأسدي ، الكاهلي من وجوه الكوفيين وفي تاريخ إبن عساكر : ومن الموالين والمحبين لأهل البيت عليهم السلام شيخ كبير وصحابي جليل رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسمع حديثه وشهد معه بدرا وحنينا ترجم ولاءه ومحبته لآل البيت النبوي صلى ألله عليه وآله وسلم بنصرته والتضحية بنفسه للإمام الحسين عليه السلام ذكر المامقاني : قال البخاري : ومن جملة ما رواه عن النبي صلى ألله عليه وآله وسلم أنه قال : سمعت رسول ألله صلى ألله عليه وآله وسلم يقول : والحسين عليه السلام في حجره : إن إبني هذا يقتل بأرض من أرض العراق ألا فمن شهده فلينصره (1)إلتقى ألإمام الحسين عليه السلام عند قدومه إلى كربلاء وإلقتى معه ليلا ، ذكره الشيخ محمد مهدي شمس الدين (2) . وذكره سدنا إستاذ الفقهاء السيد الخوئي رحمه ألله

(1) تنقيح المقال ج 11 ص 228 ـ السماوي : إبصار العين ص 74 نقلا عن الجزري في أسد الغابة وإبن حجر في ألإصابة وغيرهما .
(2) أنصار الحسين عليه السلام : ص 74 وقال : (ذكره الشيخ في الرجال في عداد صحابة رسول ألله صلى ألله عليه وآله وسلم ونص على أنه قتل مع الحسين عليه السلام . وذكره في عداد الذين إستشهدوا مع الحسين عليه السلام دون أن ينص على مقتله ) .
البالغون الفتح في كربلاء 216

ونرجح أنه متحد مع (أنس بن كاهل ألأسدي) الذي ذكر في الزيارة الرجبية وعده سيدنا عنوانا مستقلا فإن الكاهلي أسدي وإبن كاهل نسبة إلى العشيرة وذكره إبن شهر آشوب والخوارزمي مصحفا بـ (مالك بن أنس الكاهلي)وذكره في البحار مصحفا بـ (مالك بن أنس المالكي) وصحح بعد ذلك عن أبن نما الحلي (1). الكاهلي بنو كاهل من بني أسد بن خزيمة من عدنان عرب السمال . شيخ كبير السن : ذو منزلة إجتماعية عالية بحكم كونه صحابيا من الكوفة ، فقد ذكر إبن سعد أن منازل بني كاهل كانت في الكوفة .

دوره في معركة الطف :


إستأذن الصحابي الجليل أنس بن الحرث رضي ألله عنه ألإمام الحسين عليه السلام لمبارزة ألأعداء فأذن له وبرز إلى القتال وقد شد وسطه بعمامته ، رافعا حاجبيه بالعصابة ولما نظر إليه ألإمام الحسين عليه السلام بهذه الحالة أرخى عينيه بالبكاء وقال : شكر ألله لك يا شيخ ، إقتحم حومة الميدان وهو يرتجز :
قد علمت كاهل ثم دودان والخندفيون وقيس عيلان
بأن قومي آفة للأقران وأنني سيد تلك الفرسان

فقاتل قتال ألأبطال حتى قتل على كبر سنه ثمانية عشر رجلا ثم فاضت روحه الطاهرة إلى بارئها لتستقر في الجنان مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا .


2 ـ عبدالرحمن بن عبد ربه ألأنصاري الخزرجي :

ونسبه يرجع إل قبيلة الخزرج (يمن من عرب الجنوب من الكوفة) . كان عبدألرحمن صحابيا ساميا صادقا في ولائه مخلصا في

(1) المصدر السابق .
البالغون الفتح في كربلاء 217

مشايعته عابدا ناسكا من ألأوفياء ، كان من خاصة ألإمام علي عليه السلام له ترجمة ورواية . ذكره العسقلاني في ألإصابة بقوله : ذكره إبن عقدة في كتاب الموالاة أنه أحد النفر الذين شهدوا بيعة الغدير في الرحبة وسمع رسول ألله صلى ألله عليه وآله وسلم يقول : (ألا أن ألله عز وجل وليي ، وأنا ولي المؤمنين ، ألا فمن كنت مولاه فعلي مولاه ، أللهم وال من موالاه ، وعاد من عاداه ، وأحب من أحبه ، وأبغض من أبغضه ، وأعن من أعانه ) لما نشد علي عليه السلام الناس في الرحبة من سمع النبي يقول يوم غدير خم ما قال فقام بضعة عشر رجلا منهم أبو أيوب ألأنصاري ، وابو عمرة بن عمرو بن محصن ، وأبو زينب ، وسهل بن حنيف ، وخزيمة بن ثابت ، وعبدألله بن ثابت ، وحبش بن جنادة السلولي ، وعبيد بن عازب ، والنعمان بن عجلان ألأنصاري ، وثابت بن وديعة ألأنصاري ، وابو فضالة ألأنصاري ، وعبدالرحمن بن عبد ربه ألأنصاري ، فقالوا : نشهد أنا سمعنا رسول ألله صلى ألله عليه وآله وسلم يقول (كما تقدم).
وقال في الحدائق : وكان علي بن أبي طالب عليه السلام هو الذي علم عبدألرحمن هذا القرآن ورباه وكان عبدالرحمن جاء معه فيمن جاء معه من مكة . ذكر السيد إبن طاوُس : إن برير بن حصين الهمداني وعبدالرحمن بن عبد ربه ألأنصاري وقفا على باب الفسطاط ليطليا بعده ، فجعل برير يضاحك عبدالرحمن . فقال له عبدالرحمن : يا برير أتضحك ! ما هذه ساعة ضحك ولا باطل . فقال برير : لقد علم قومي أني ما أحببت الباطل كهلا ولا شابا ، وإنما أفعل ذلك إستبشارا بما نصير إليه فوألله ما هو إلا أن نلقى هؤلاء القوم بأسيافنا نعالجهم بها ساعة ، ثم نعانق الحور العين ، ولما كان اليوم العاشر من المحرم تقدم أمام الحسين عليه السلام وإستأذن منه للقتال حتى قتل رحمه ألله (1).

(1) الملهوف : ص 154 .

السابق السابق الفهرس التالي التالي