البالغون الفتح في كربلاء 234

بأهل هذا البيت فأتيتك لتقبض هذا المال وتدلني على صاحبك فأبايعه وإن شئت أخذت البيعة له قبل لقائه) وقد عبر له عوسجة رحمه ألله عن إستيائه لسرعة تعرفه عليه بقوله ( .. ولقد أساءتني معرفتك إياي بهذا ألأمر من قبل أن ينمى مخافة هذا الطاغية وسطوته ..) ثم إن إبن عوسجة رحمه ألله أخر معقلا أياما قبل طلب ألإذن له وكان يجتمع معه في منزله كل تلك ألأيام (إختلف إلي أياما في منزلي فإني طالب لك ألإذن على صاحبك) ثم لم يدخله على مسلم بن عقيل رضي ألله عنه حتى طلب له ألإذن له ولا شك أن أخذ ألإذن يتم بعد شرح ظاهر الحال الذي تظاهر به معقل ومن الدلائل على مهارة إبن زياد ومعقل في فن التجسس أن إبن زياد أوصى معقلا أن يتظاهر بأنه رجل من أهل الشام ومن أهل حمص بالذات ذلك لا يكون بإمكان مسلم بن عوسجة أن يسأل ويستفسر عن حقيقة حاله في قبائل الكوفة كما أن أهل حمص آنذاك على ما يبدو قد عُرف عنهم حبهم لأهل البيت عليه السلام أو عرف أن فيهم من يحب أهل البيت عليهم السلام فيكون ذلك مدعاة لإطمئنان من يتخذه معقل منفذا لإختراق حركة مسلم رضي ألله عنه من داخلها كما أن معقلا قد إدعى أمام إبن عوسجة رحمه ألله أنه مولى لذي الكلاع الحميري هناك في الشام والمعروف عن جل الموالي حبهم لأهل البيت عليهم السلام (1).
الخلاصة :


إن معقلا كان أحكم خطته وأتقن تمثيل دوره المرسوم وبرع في ذلك لكن في حضوره يوميا عند مسلم بن عقيل رضي ألله عنه ودخوله عليه في أول الناس وخروجه عنه آخرهم فيكون نهاره كله عنده ما يدعو إلى الريبة والشك فيه فلماذا لم يرتب ولم يشك فيه مسلم رضي ألله عنه وأصحابه !؟ إن في هذا ما يدعو إلى ألإستغراب والحيرة فعلا ! لكننا حيث لا نملك معرفة

(1) محمد جواد الطبسي : ج3 ص 93 ـ 94 .
البالغون الفتح في كربلاء 235

تفاصيل جريان حركة أحداث تلك ألأيام بشكل كاف وحيث لم يأتنا التاريخ إلا بنزر قليل منها لا ينفعنا إلا في رسم صورة عامة عن مجرى حركة تلك ألأحداث وحيث نعلم أن مسلم بن عقيل رضي ألله عنه ومسلم بن عوسجة رحمه ألله وأصحابهما هم من أهل الخبرة ألإجتماعية والسياسية والعسكرية فلا يسعنا أن نتعرض باللوم عليهم أو أن نتهمهم بالسذاجة . بل علينا أن نتأدب بين يدي تلك الشخصيات ألإسلامية الفذة وأن ننزه ساحاتهم المقدسة عن كل ما لا يليق بها وأن نقف عند حدود معرفتنا التاريخية القاصرة لا نتعداها إلى إستنتاجات وإتهامات غير صائبة ولائقة خصوصة إذا تذكرنا حقيقة أن عمليات ألإختراق من الداخل من خلال دس الجواسيس المتظاهرين بغير حقيقتهم كانت أمرا مألوفا منذ قديم ألأيام ولم تزل حتى يومنا الحاضر وتبقى إلى ما شاء ألله وشذ وندر أن يجد ألإنسان حركة سياسية تغييرية تعمل لقلب ألأوضاع سلمت من ألإختراق من داخلها من قبل أعدائها بل قد لا يجد ألإنسان حركة سياسية تغييرية غير مخترقة وهذا لا يعني أن قيادتها ساذجة ولا تتمتع بالحكمة !

دوره في كربلاء :


قالوا : ثم أن مسلم بن عوسجة بعد أن قُبض على مسلم وهانئ وقتلا إختفى مدة ثم فر بأهله إلى ألإمام الحسين عليه السلام فوافاه بكربلاء وفداه بنفسه .
قال السيد إبن طاوُس أن ألإمام الحسين عليه السلام جمع أصحابه ليلا وخطب فيهم وقال (أما بعد فإني لا أعلم اصحابا خيرا منكم ولا أهل بيت أفضل وأبر من أهل بيتي فجزاكم ألله عني جميعا خيرا وهذا الليل قد غشيكم فإتخذوه جملا وليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي وتفرقوا في سواد الليل وذروني وهؤلاء القوم فإنهم لا يريدون غيري )

البالغون الفتح في كربلاء 236
وبعد أن أجابه أخوه العباس عليه السلام وأهل بيته عليهم السلام قام مسلم بن عوسجة وقال (نحن نخليك هكذا وننصرف عنك وقد أحاط بك هذا العدو لا وألله لا يراني ألله وأنا افعل ذلك حتى أكسر في صدروهم رمحي وأضربهم بسيفي ما ثبت قائمه بيدي ولو لم يكن لي سلاح أقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة ولم أفارقك أو أموت دونك)(1) ولمسلم موقف آخر ذكره الشيخ السماوي إذ ذكر : لما أضرم الحسين عليه السلام القصب في الخندق الذي عمله خلف البيوت مر الشمر فنادى : يا حسين ! تعجلت بالنار قبل يوم القيامة . فقال الحسين عليه السلام : يا بن راعية المعزى ! أنت أولى بها صليا .
فرام مسلم بن عوسجة أن يرميه فمنعه الحسين عليه السلام عن ذلك فقال له مسلم : إن الفاسق من أعداء ألله وعظماء الجبارين وقد أمكن ألله منه .
فقال الحسين عليه السلام : لا ترمه فإني أكره أن أبدأهم في القتال (2).

إستشهاد مسلم بن عوسجة :


قال أبو مخنف : حدثني الحسين بن عقبة المرادي قال الزبيدي : إنه سمع عمرو بن الحجاج حين دنا من أصحاب الحسين عليه السلام يقول يا أهل الكوفة إلزموا طاعتكم وجماعتكم ولا ترتابوا في قتل من مرق من الدين وخالف ألإمام فقال له الحسين عليه السلام : يا عمرو بن الحجاج أعليّ تحرض الناس ؟ أ نحن مرقنا عن الدين وأنتم ثبتم عليه ؟ أما وألله لتعلمن لو قد قبضت أرواحكم ومتم على أعمالكم أينا مرق من الدين ومن هو أولى بصلي النار !(3) قال : ثم أن عمرو بن

(1) الملهوف : ص 151 .
(2) إبصار العين : ص 83 .
(3) تاريخ الطبري : ج4 ص 633 .
البالغون الفتح في كربلاء 237

الحجاج حمل على الحسين عليه السلام في ميمنة عمر بن سعد (لع) من نحو الفرات فإضطربوا ساعة (1). وكان مسلم بن عوسجة في الميسرة فقاتل قتالا شديدا وبالغ في القتال على كبر سنه وصبر على أهوال البلاء فكان يحمل على القوم وسيفه مصلت بيمينه وينشد :
إن تسألوا عني فإني ذو لبد من فرع قوم في ذرى بني أسد
فمن بغاني حائد عن الرشد وكافر بدين جبار صمد

ولم يزل يضرب فيهم حتى شد عليه مسلم بن عبدألله الضبابي وعبدألله بن خشكارة البجلي فإشتركا في قتله وثارت لشدة الجلاد غبرة شديدة وما إنجلت الغبرة إلا ومسلم بن عوسجة صريع وبه رمق فمشى إليه الإمام الحسين عليه السلام فقال له رحمك ألله يا مسلم وقرأ «فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً»(2) ودنا منه حبيب وقال : عز علي مصرعك يا مسلم إبشر بالجنة . فقال له مسلم رضي ألله عنه بصوت ضعيف (بشرك ألله بخير ) فقال حبيب : لولا أعلم إني في ألأثر لاحق بك لأحببت أن توصيني بكل ما أهمك . قال مسلم : أوصيك بهذا وأشار إلى الحسين عليه السلام أن تموت دونه قال حبيب : أفعل ورب الكعبة ولأنعمنك عينا . فما كان بأسرع من أن فاضت نفسه بينهما وكان أول قتيل من أنصار الحسين عليه السلام بعد الحملة ألأولى كما ذكرته عامة المصادر التاريخية . فصاحت جارية له : يا سيداه ! يابن عوسجتاه ! فنادى أصحاب عمر بن سعد (لع) مستبشرين قتلنا مسلم بن عوسجة فقال شبث بن ربعي لبعض من حوله : ثكلتكم أمهاتكم أما أنكم تقتلون أنفسكم بأيديكم وتذلون عزكم (وفي رواية إبن ألأثير : وتذلون أنفسكم لغيركم) اتفرحون

(1) المصدر السابق .
(2) سورة ألأحزاب ، ألآية : 23 .
البالغون الفتح في كربلاء 238

لأن يقتل مثل مسلم بن عوسجة ؟! أما والذي أسلمت له لرُبَّ موقف له في المسلمين كريم وألله لقد رأيته يوم (سلق أذربيجان)(1)قتل ستة من المشركين قبل أن تلتئم خيول المسلمين ، أفيقتل مثله وتفرحون ؟! وفي مسلم بن عوسجة قال المرحوم الشيخ محمد السماوي طاب ثراه ألأبيات التالية :
إن إمرإ يمشي لمصرعه سبط النبي لفاقد الترب
أوصى حبيبا أن يجود له بالنفس من مقة ومن حب
أعزز علينا يا بن عوسجة من أن تفارق ساحة الحرب
عانقت بيضهم وسمرهم ورجعت بعد معانق الترب
أبكي عليك وما يفيد بكا عيني وقد أكل ألأسى قلبي (2)


5 ـ كنانة بن عتيق التغلبي :

قال أبو علي في رجاله كنانة بن عتيق التغلبي من أصحاب الحسين عليه السلام قتل معه في كربلاء (3). وقال العسقلاني في ألإصابة : هو كنانة بن عتيق بن معاوية بن الصامت بن قيس التغلبي ، الكوفي شهد

(1) سلق أذربيجان (بالتحريك) : ألأرض الصفصف : أذربيجان قطر معروف ، فتحه حذيفة بن اليمان سنة عشرين من الهجرة ، بعد فتح نهاوند على قول بعض المؤرخين منهم أحمد بن داود في كتاب ألأخبار الطوال : 136 و 156 : والحموي في معجم البلدان ، 1 : 129 ، قال : وكان مع حذيفة مسلم بن عوسجة وشبث بن ربعي اللعين وكثير من أهل الكوفة ، لأن مغازي أهل الكوفة ، كانت ألري وأذربيجان ، وكان بالثغرين عشرة آلاف مقاتل من أهل الكوفة ، ستة آلاف بأذربيجان واربعة آلاف بالري وكان بالكوفة إ ذاك أربعون ألف مقاتل وكان يغزو هذين الثغرين منهم عشرة آلاف في كل سنة ، فكان الرجل يصيبه في كل أربعة سنين غزوة .
(2) السماوي : إبصار العين ص 81 .
(3) صاحب المجموعة : ج 4 ص 170 .
البالغون الفتح في كربلاء 239

أُحدا هو وأبوه عتيق فارس رسول ألله صلى الله عليه وآله وسلم ، وقد ذكره إبن مندة في تاريخه . وقال العلامة في الخلاصة : كنانة بن عتيق بن معاوية بن الصامت ، فارس رسول ألله صلى ألله عليه وآله وسلم . قال علماء السير والمقاتل : كان كنانة إبن عتيق بطلا من أبطال الكوفة ، عابدا من عُبادها ، وقارئا من قرائها ، جاء إلى الحسين عليه السلام من الطف أيام المهادنة ، وجاهد بين يديه حتى قتل . وقال صاحب الحدائق عن أحمد بن محمد السروي قال : قتل كنانة بن عتيق في الحملة ألأولى مع من قتل . وقال غيره : قتل مبارزة بين الحملة الأولى والظهر (1)..


6 ـ عمار الدالاني :

هو عمار بن سلامة بن عمران بن دالان أبو سلامة الهمداني الدالاني وبنو دالان بطن من همدان من القحطانية (يمن ، عرب الجنوب) من سكنة الكوفة (2). كان ابو سلامة عمار صحابيا ، أدرك النبي صلى الله عليه وآله وسلم ورآه رؤية ، كما ذكره الكلبي وإبن حجر . قال أبو جعفر الطبري : وكان من أصحاب علي عليه السلام ومن المجاهدين بين يديه في حروبه الثلاث وهو الذي سأل أمير المؤمنين عليه السلام عندما سار من ذي قار إلى البصرة فقال : يا أمير المؤمنين إذا قدمت عليهم فماذا تصنع ؟ فقال عليه السلام : أدعوهم إلى ألله وطاعته فإن أبوا أقاتلهم . فقال أبو سلامة : إذن لن يغلبوا داعي ألله . إلتحق بألإمام الحسين عليه السلام عند وصوله كربلاء ( وجعل عبيدألله بن زياد (لع) زجر بن قيس الجعفي على مسلحة في خمسمائة فارس وأمره أن يقيم بجسر الصراة يمنع من يخرج من الكوفة يريد الحسين عليه السلام فمر به عمار بن أبي سلامة بن عبدألله بن عرار الدالاني فقال له زجر : قد

(1) إبصار العين : ص 151 .
(2) ألإبصار : ص 104 .
البالغون الفتح في كربلاء 240

عرفت حيث تريد فإرجع ، فحمل عليه وعلى أصحابه فهزمهم ومضى وليس أحد منهم يطمع في الدنو منه فوصل كربلاء ولحق بالحسين عليه السلام حتى قتل معه وكان قد شهد المشاهد مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام(1) . وذكر صاحب الحدائق والسروي : إنه قتل في الحملة ألأولى حيث قتل جملة من أصحاب الحسين عليه السلام (2). وجاء في ألأنصار : ذكره إبن شهر آشوب في عداد الحملة ألأولى والزيارة ، إلا أن فيها (الهمداني)(3).


7 ـ الحرث بن نبهان مولى حمزة بن عبدألمطلب :

كان والده نبهان رحمه ألله ، عبداً لحمزة بن عبدالمطلب ، وقد مات والده بعد شهادة حمزة بسنتين ، وهذا يعني أن الحرث قد أدرك زمان النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وبما أن الحرث قد ترعرع ونشأ في كنف أمير المؤمنين علي عليه السلام فلا بد أن يكون قد رأى رسول ألله صلى الله عليه وآله وسلم عن قرب مرارا كثيرة (4).
قال أهل السير : إن نبهان كان عبداً لحمزة ، شجاعا فارسا ، مات بعد شهادة حمزة بسنتين ، وإنضم إبنه الحرث إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، ثم بعده إلى الحسن عليه السلام ، ثم بعده إلى الحسين عليه السلام فلما خرج الحسين عليه السلام من المدينة إلى مكة خرج الحارث معه ، ولازمه حتى وردوا كربلاء ، فلما شبت الحرب تقدم أمام الحسين عليه السلام ففاز بالشهادة رضي الله عنه (5).

(1) السيد المقرم : المقتل ص 199 .
(2) ألإبصار : ص 104 .
(3) محمد مهدي شمس الدين : ص 101 .
(4) المجموعة الموضوعية : ج4 ص 204 .
(5) المصدر ج1 ص 409 .
البالغون الفتح في كربلاء 241

الفصل الرابع

ألأصحاب ممن أدرك النبي صلى ألله عليه وآله وسلم


1 ـ زياد بن عريب أبو عمرة رضي ألله عنه

هو زياد بن عريب بن حنظلة بن دارم بن عبدألله بن كعب الصائدي بن شرحبيل بن شراحيل بن عمرو بن جشم بن حاشد بن جشم إبن حيزون بن عوف بن همدان أبو عمرة الهمداني الصائدي . وبنو الصائد بطن من همدان .
كان عريب صحابيا ولده زياد له إدراك ذكره جملة من أهل الطبقات والتراجم()ذكر صاحب المجموعة : عن الزنجاني في الوسيلة قال ذكره جماعة من الطبقات والتراجم عز الدين الجزري في أسد الغابة وإبن عبدالبر في ألإستيعاب والعسقلاني في ألإصابة وذكر المامقاني أن زياد كان من أهل التقوى والصلاح وكان يسهر الليل إلى الصبح () .
جاء في ألإبصار : قال صاحب ألإصابة : أنه حضر وقتل مع الحسين عليه السلام . وروى الشيخ إبن نما عم مهران الكاهلي مولى لهم قال :

(1) الشيخ السماوي : ألإبصار ص 105 .
(2) المجموعة الموضوعية ص 171 .
البالغون الفتح في كربلاء 242

شهدت كربلاء فرأيت رجلا يقاتل قتالا شديدا لا يحمل على قوم إلا كشفهم (1)ثم يرجع إلى الحسين عليه السلام فيقول له :
أبشر هديت الرشد يا بن أحمدا في جنة الفردوس تعلو صعدا

فقلت : من هذا ؟
قالوا : أبو عمرة الحنظلي . فإعترضه عامر بن نهشل أحد بني تيم أللات بن ثعلبة فقتله وإحتز رأسه . قال : وكان مجتهدا .


2 ـ عمرو بن ضبعة بن قيس بن ثعلبة الضبعي التميمي :

قال العسقلاني في ألإصابة : هو عمرو بن ضبعة بن قيس بن ثعلبة الضبعي التميمي . قال الشيخ شمس الدين . ضبع من وبرة ، بطن من قضاعة من القحطانية (يمن ، عرب الجنوب) عده إبن شهر آشوب من شهداء الحملة ألأولى بعنوان (عمران بن مشيعة) مصحفا وفي الزيارة الرجبية بإسم (ضبيعة بن عمر) مقلوبا (2). قال العسقلاني كان عمرو بن ضبيعة فارسا شجاعا له ذكر في المغازي والحروب له إدراك مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم (3). قال أبو مخنف : حدثني فضيل بن خديج الكندي أن عمرو بن ضبعة بن قيس كان ممن خرج مع عمر بن سعد (لع) إلى حرب الحسين عليه السلام ، فلما ردوا الشروط على الحسين عليه السلام مال إليه ، ثم دخل في أنصار الحسين عليه السلام فيمن دخل ، وقاتل بين يديه حتى قتل في الحملة ألأولى مع من قتل رضوان ألله عليه(4).

(1) الشيخ السماوي : ألإبصار ص 105 .
(2) ألأنصار : ص 102 .
(3) المجموعة الموضوعية : ج4 ص 168 .
(4) المصدر السابق .
البالغون الفتح في كربلاء 243


3 ـ مسلم بن كثير ألأعرج ألأزدي أزدشنوءة الكوفي :

ورد ذكره في الزيارة القائمية مصحفا (أسلم بن كثير ألأزدي) وفي الرجبية (سليمان بن كثير) ويرجح الشيخ محمد مهدي شمس الدين إتحاده مع مسلم بن كثير ألأزدي ألأعرج . أزدي (يمن ، عرب الجنوب)(1)، قال المرحوم السماوي رحمه ألله كان مسلم تابعيا كوفيا صحب أمير المؤمنين عليه السلام وأصيبت رجله في بعض حروبه (2). قال الزنجاني في وسيلة الدارين والعسقلاني في ألإصابة : هو أسلم بن كثير بن قليب الصدفي ألأزدي الكوفي ، له إدراك مع النبي صلى ألله عليه وىله وسلم وذكره إبن يونس وقال : شهد فتح مصر في زمان عمر بن الخطاب.
قال النمازي في مستدركات علم الرجال : أسلم بن كثير ألأعرج : من أصحاب الرسول وأمير المؤمنين صلوات ألله عليهما . وعده من شهداء الحملة الأولى .
قال أهل السير : أنه خرج إلى الحسين عليه السلام من الكوفة فإلتقاه لدى نزوله في كربلاء .
قال السروي : أنه قتل في الحملة ألأولى .
قال المامقاني : أنه ممن إستشهد بين يدي ريحانة رسول ألله صلى ألله عليه وآله وسلم الحسين إبن أمير المؤمنين صلوات ألله وسلامه عليهما ، وجاء التسليم عليه من الناحية المقدسة في الزيارة : السلام على أسلم بن كثير ألأزدي(3).. وقد تقدم ـ أسلم بن عمرو مولى الحسين عليه السلام ـ وظن بعض إتحاده مع أسلم بن كثير ولا دليل عليه ، وعلى هذا ففي المستشهدين يوم

(1) ألأنصار : ص 109 .
(2) ألإبصار : ص 143 .
(3) تنقيح المقال ج9 ص 334 .
البالغون الفتح في كربلاء 244

الطف من الموالي أسلم بن عمرو ، ومن غيرهم أسلم بن كثير ألأزدي .
وجاء في ألإقبال لإبن طاوُس : 577 فصل فيما نذكره من زيارة سيد الشهداء في يوم عاشوراء وفيه : السلام على أسلم بن كثير ألأزدي ألأعرج(1).
إتحد أسلم أم تعدد فإن إستشهاده بين يدي حجة ألله وإمام زمانه لخير دليل على وثاقته وجلالته ، حشرنا ألله في زمرته ، إذ المستشهدون بين يدي ريحانة رسول ألله صلى الله عليه وآله وسلم والباذلون مهجتهم في الدفاع عن إمام زمانهم أغنياء عن التوثيق بل هم أجل من ذلك (2).


4 ـ زاهر بن عمر ألأسلمي الكندي مولى عمرو بن الحمق

قال صاحب المجموعة الموضوعية قال النمازي رحمه ألله قال العلامة المامقاني : هو زاهر بن عمر ألأسلمي الكندي ، من أصحاب الشجرة ، وروى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وشهد الحديبية وخيبر ، وكان من أصحاب عمرو إبن الحمق الخزاعي ، كما نص على ذلك أهل السير ، وقالوا : أنه كان بطلا مجربا ، شجاعا ، ومشهورا محبا لأهل البيت ، معروفا ، وحج سنة ستين ، فإلتقى مع الحسين عليه السلام فصحبه ، وكان ملازما له حتى حضر معه كربلاء ، وإستشهد بين يديه(3).
وقال المحقق السماوي : كان بطلا مجربا و شجاعا مشهورا ومحبا لأهل البيت معروفا . قال أهل السير : إن عمرو بن الحمق لما قام على زياد قام زاهر معه وكان صاحبه في القول والفعل ، ولما طلب معاوية عَمرا طلب معه زاهرا ، فقَتَل عَمرا وأفلت زاهر ، فحج سنة ستين فإلتقى

(1) المصدر السابق .
(2) المصدر السابق .
(3) محمد جواد الطبسي : ج3 ، ص 294 .
البالغون الفتح في كربلاء 245

مع الحسين عليه السلام فصحبه وحضر معه كربلاء . وقال السروي : قتل في الحملة ألأولى . وقال الشيخ الطوسي وغيره : إن من أحفاده محمد بن سنان الزاهري صاحب الرواية عن الرضا والجواد عليهما السلام المتوفى سنة مائتين وعشرين (1).
قال المحقق المرحوم الشيخ شمس الدين : ذكره الشيخ وإبن شهر آشوب في عداد الحملة ألأولى وذكر في الرجبية وذكر في الزيارة في إحدى نسختيها مصحفا : (زاهد مولى عمرو بن الحمق الخزاعي ) وذكر في النسخة ألأخرى (زاهر ..) (2).
ذكره سيدنا ألأستاذ في (معجم رجال الحديث : 7/ 215) وقال نقلا عن النجاشي في ترجمة محمد بن سنان أن زاهدا هذا هو جد محمد بن سنان . وهو من أصحاب ألإمامين موسى الكاظم وعلي بن موسى الرضا وهو ضعيف جدا . وقد ذكر في المصادر خطأ بإسم (زاهر بن عمرو الكندي) من الكوفة . من شخصيات الكوفة ، شيخ كبير السن من موالي كندة(3).


5 ـ سعد بن الحرث مولى علي بن أبي طالب عليه السلام :

هو سعد بن الحرث بن سارية بن مرة بن عمران بن رباح بن سالم إبن غاضرة بن حبشه بن كنجب الخزاعي ، قال إبن حجر العسقلاني في ألإصابة : له إدراك وكان على شرطة علي وولاه أذربيجان . وللماقاني في تنقيح المقال الرأي نفسه (4) ، أما صاحب المجموعة فقال : لكن

(1) ألإبصار : ص 135 .
(2) ألأنصار : ص 86 .
(3) المصدر السابق .
(4) علي الشاوي : المجموعة الموضوعية : ج1 ص 408 .
البالغون الفتح في كربلاء 246

التستري رد قول المامقاني قائلا : (اقول : لم يذكر مستندا له ، وكيف يجتمع كونه خزاعيا ومولاه علي عليه السلام ؟ ولو كان صحابيا ، كيف لم تعنونه الكتب الصحابية !؟ ..) (1)
كان سعد مولى لعلي عليه السلام فإنضم بعده إلى الحسن عليه السلام ثم إلى الحسين عليه السلام فلما خرج من المدينة خرج معه إلى مكة ثم إلى كربلاء فقتل بها في الحملة ألأولى ، ذكره إبن شهر آشوب في المناقب وغيره من المؤرخين(2).


6 ـ يزيد بن مغفل الجعفي

كان يزيد بن مغفل أحد الشجعان من الشيعة والشعراء المجيدين وكان من خاصة ألإمام علي عليه السلام وشهد معه صفين (3) كما بعثه ألإمام علي عليه السلام في حرب الخريت بن راشد الناجي من بني ناجية بأرض ألأهواز مع الخوارج فكان على ميمنة معقل بن قيس عندما قتل الخريت . وكان معقل أميرا على الفريقين من أهل البصرة والكوفة فكان على الميمنة يزيد إبن مغفل وعلى ميسرته منجاب بن راشد الضبي من أهل البصرة وإنتهت المعركة بمقتل الخريت وأصحابه الذين كانوا معه ويقدر عددهم بنحو ثلاثمائة من العلوج وألأكراد ما بين راكب وراجل (4). قال المزرباني في معجم الشعراء : كان من التابعين وأبوه من الصحابة . قال المامقاني (أنه أدرك النبي صلى ألله عليه وآله وسلم وشهد القادسية في عهد عمر وكان من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام يوم صفين ، ثم بعثه في وقعة الخوارج تحت إمارة معقل بن

(1) المصدر السابق .
(2) المحقق السماوي : ألإبصار ص 72 .
(3) المصدر السابق : ص 120 .
(4) المصدر السابق .
البالغون الفتح في كربلاء 247

قيس (1) وروى صاحب الخزانة أنه كان مع الحسين عليه السلام في مجيئه من مكة وأرسله مع الحجاج الجعفي إلى عبيدألله بن الحر الجعفي عند قصر بني مقاتل .

شهادته :


ذكر أهل المقاتل والسير أنه لما إلتحم القتال في اليوم العاشر من المحرم إستأذن يزيد بن مغفل الحسين عليه السلام في البراز فأذن له (2) فبرز للقتال وهو يرتجز :
أنا يزيد وأبي المغفل وفي يميني نصل سيف مصقل
أعلو به الهامات وسط القسطل عن الحسين الماجد المفضل
إبن رسول ألله خير مرسل

فقاتل حتى قتل من القوم نيفا وعشرين رجلا وقال العسقلاني في ألإصابة عن المرزباني : قال : إن يزيد بن المغفل الكوفي لما شب القتال تقدم بين يدي الحسين عليه السلام وهو يرتجز ويقول :
إن تنكروني فأنا إبن مغفل شاكٍ لدى الهيجاء غير أعزل
وفي يميني نصل سيف مصقل أعلو به الفارس وسط القسطل

قال : فقاتل قتالا لم ير مثله حتى قتل رضي ألله عنه .


7 ـ شبيب مولى الحرث بن سريع الهمداني الجابري :

جاء في المجموعة الموضوعية : ونقل الزنجاني تحت عنوان (شبيب إبن عبدألله مولى الحرث بن سريع الكوفي ) يقول : (.. قال العسقلاني

(1) نجم الدين الطبسي : المجموعة الموضوعية : ج2 ص 388 .
(2) المحقق السماوي : ص 120 .
البالغون الفتح في كربلاء 248

في ألإصابة هو شبيب بن عبدألله بن مشكل بن حي بن جديه (بفتح الجيم وسكون الدال بعدها ياء تحتانية) ، مولى الحرث بن سريع الهمداني الجابري ، وبنو جابر بطن من همدان ، وقال إبن الكلبي : شبيب إبن عبدألله كان صحابيا أدرك صحبة رسول ألله وشهد مع علي بن ابي طالب عليه السلام مشاهده كلها وعداده من الكوفيين ، وكان شبيب هذا بطلا شجاعا جاء مع سيف بن الحارث ومالك بن عبدألله بن سريع )(1).
عن ألإبصار : قال إبن شهر آشوب : قتل في الحملة ألأولى التي قتل فيها جملة من أصحاب الحسين وذلك قبل الظهر في اليوم العاشر (2).
وقد ورد السلام في زيارة الناحية المقدسة على من إسمه شبيب في موضعين : ألأول (السلام على شبيب بن عبدألله النهشلي ) وهذا من شهداء الطف أيضا ولكنه غير المقصود هنا . والثاني : (السلام على شبيب بن الحارث بن سريع ) ، والظاهر أن شبيب هنا تصحيف لسيف (3).


8 ـ جنادة بن الحرث السلماني :

هو جنادة بن الحرث بن عوف بن أمية بن قلع بن عبادة بن حذيق إبن عدي بن زيد بن عامر بن ثعلبة بن الحارث بن الحرث المذحجي المرادي السلماني الكوفي . ومراد بطن كبير من مذحج ومذحج من قبائل العرب المشهورة من القحطانية (يمن ، عرب الجنوب) . ويمكن كون السلماني فيمن لم ينتسب إلى البطن المذكور نسبة أما إلى سلمان ، منزل بين عين صيد وواقصة ، أو العقبة أو إلى سلمان ، ماء قديم جاهلي ،

(1) المجموعة الموضوعية : ج4 ص 176 .
(2) السماوي : ص 103 .
(3) المصدر السابق : أنظر ص 208 .
السابق السابق الفهرس التالي التالي