هو عبدألرحمن بن عبدألله بن الكدن بن أرحب بن دعام بن مالك إبن معاوية بن صعب بن رومان بن بكير الهمداني ألأرحبي وبنو أرحب : قبيلة كبيرة من همدان من القحطانية . (يمن ، عرب الجنوب).
كان عبدالرحمن وجها تابعيا شجاعا مقداما . قال أهل السير : أوفده أهل الكوفة إلى الحسين عليه السلام في مكة مع قيس بن مسهر ومعهما كتب نحو من ثلاث وخمسين صحيفة يدعونه فيها كل صحيفة من جماعة . وكانت وفادته ثانية الوفادات ، فإن وفادة عبدألله بن سبع وعبدألله بن وال ألأولى ، ووفادة قيس وعبدالرحمن ، ووفادة سعيد بن عبدألله الحنفي وهانئ بن بن هانئ السبيعي الثالثة .
قال : فدخل مكة عبدالرحمن لإثنتي عشرة ليلة خلت من شهر رمضان وتلاقت الرسل ثمة(1).
قال أبو مخنف : لما بلغ اهل الكوفة هلاك معاوية إجتمعت الشيعة في منزل سليمان بن صرد الخزاعي قال : فذكرنا هلاك معاوية ، فحمدنا ألله عليه ، فقال لنا سليمان بن صرد : إن معاوية قد هلك ، وإن حسينا قد تقبض على القوم ببيعته ، وقد خرج إلى مكة ، وأنتم شيعته وشيعة ابيه ، فإن كنتم تعلمون أنكم ناصروه ومجاهدو عدوه فإكتبوا إليه ، وإن خفتم الوهل والفشل فلا تغروا الرجل من نفسه : لا ، بل نقاتل عدوه ونقتل دونه (2)، قال : فأكتبوا إليه فكتبوا إليه :
(1) ألإبصار : ص 102 .
(2) الطبري : ج4 ص 559 .
البالغون الفتح في كربلاء
350
بسم ألله الرحمن الرحيم
للحسين بن علي من سليمان بن صرد والمسيب بن نجبة ورفاعة بن شداد وحبيب بن مظاهر ألأسدي وشيعته من المؤمنين والمسلمين من أهل الكوفة . سلام عليك ، فإنا نحمد إليك ألله الذي لا إله إلا هو ، أما بعد فالحمد لله الذي قصم عدوك الجبار العنيد الذي إنتزى على هذه ألأمة فإبتزها أمرها ، وغصبها فيأها ، وتأمر عليها بغير رضا منها ، ثم قتل خيارها ، وإستبقى شرارها وجعل مال ألله دولة بين جبابرتها وأغنيائها ، فبعدا له كما بعدت ثمود أنه ليس علينا إمام ، فأقبل لعل ألله أن يجمعنا بك على الحق . والنعمان بن بشير في قصر ألإمارة لسنا نجتمع معه في جمعة ، ولا نخرج معه إلى عيد ، ولو قد بلغنا أنك قد أقبلت إلينا أخرجناه حتى نلحقه بالشام إن شاء ألله ، والسلام ورحمة ألله عليك (1). قال : ثم سرحنا بالكتاب مع عبدألله بن سبع الهمداني وعبدألله بن وال ، وأمرناهما بالنجاء ، فخرج الرجلان مسرعين حتى قدما على حسين لعشر مضين من شهر رمضان بمكة ، ثم لبثنا يومين ، ثم سرحنا إليه قيس بن مسهر الصيداوي وعبدالرحمن بن عبدألله بن الكدن ألأرحبي وعمارة بن عبيد السلولي فحملوا معهم نحوا من ثلاثة وخمسين صحيفة ، الصحيفة من الرجل وألإثنين وألأربعة (2). ثم عاد عبدالرحمن مع الحسين عليه السلام وكان من جملة أصحابه وهذا ما أشار إليه المامقاني في تنقيح المقال بقوله ( وهو أحدالنفر الذين وجههم الحسين عليه السلام مع مسلم ، فلما خُذلوا أهل الكوفة وقُتل مسلم رد عبدالرحمن هذا إلى الحسين عليه السلام من الكوفة ولازمه حتى نال شرف الشهادة ، وتسليم ألإمام عليه السلام في زيارتي الناحية
(1) المصدر السابق : ص 560 .
(2) المصدر السابق .
البالغون الفتح في كربلاء
351
المقدسة والرجبية رضوان ألله عليه.
أما التستري في قاموس الرجال كما نقل عنه نجم الدين الطبسي ذكر أنه لم يقف على تاريخ رجوع عبدالرحمن ألأرحبي (رضوان ألله عليه) إلى ألإمام الحسين عليه السلام في كونه قبل أو بعد قتل مسلم رضي ألله عنه وعلى كل حال يكون لعبدألرحمن ألأرحبي إلتحاقان بالإمام عليه السلام ألأول في مكة عندما كان ضمن الوفد الحامل لرسائل أهل الكوفة والثاني بعد خروجه من مكة لأن مقتل مسلم رضي ألله عنه كان عند أوائل خروج ألإمام عليه السلام منها (1).
قال ابو مخنف : إن الحسين عليه السلام دعا مسلم بن عقيل فسرحه مع قيس بن مسهر الصيداوي وعبدالرحمن بن عبدألله بن الكدن ألأرحبي وعمارة بن عبدألله السلولي ، فأمره بتقوى ألله وكتمان أمره ، واللطف ، فإن رأى الناس مجتمعين مستوسقين عجل إليه بذلك (2).
أما الشيخ المفيد فقد ذكر أن الذين بعثهم أهل الكوفة إلى ألإمام الحسين عليه السلام في ثاني وفادة هم : قيس بن مسهر الصيداوي وعبدالرحمن ألأرحبي وعمارة بن عبدألله السلولي ثم ذكر أن ألإمام عليه السلام دعا مسلما رضي ألله عنه وأمره بالسير إلى الكوفة مع المذكورين(3).
إستشهاده:
جاء في المجموعة الموضوعية : عن إبن شهر آشوب في المناقب والزنجاني في وسيلة الدارين ذكر أن عبدالرحمن بن عبدألله ألأرحبي إستأذن ألإمام الحسين عليه السلام في البراز بعد صلاة الظهر فأذن له ألإمام عليه السلام فبرز وهو يرتجز قائلا :
ولم يزل يقاتل حتى قتل جماعة ثم قُتل . وذكر ايضا نقلا عن إبن شهر آشوب في المناقب أن عبدالرحمن ألأرحبي برز إليهم وهو يرتجز بالشعر المتقدم واضاف إليه :
وحور عين ناعمات هنه
يا نفس للراحة فإجهدنه
وفي طلاب الخير فأغلبنه
قال البلاذري : وجعل عبدالرحمن بن عبدألله بن الكدن يقول :
إني لمن ينكرني إبن الكدن
إني على دين حسين وحسن
وقاتل حتى قُتل (رضوان ألله عليه ) . وقد ورد في زيارة الناحية المقدسة (السلام على عبدألرحمن بن الكدن ألأرحبي ) أما في الزيارة الرجبية فقد ذكر (السلام على عبدألرحمن بن عبدألله ألأزدي)(2).
يقول الشيخ نجم الدين الطبسي : والظاهر إتحادهما لأنه ليس في شهداء الطف إلا رجل واحد إسمه عبدالرحمن بن عبدألله (2).
(1) المجموعة الموضوعية : ج3 ص 284 .
(2) المصدر السابق : ج2 ص 386 .
البالغون الفتح في كربلاء
353
والمجتهدين السيد الخوئي (عليه الرحمة) في معجم رجال الحديث ج3 ص 266 (بدر بن رقيد)(1).
كان يزيد من الشيعة ومن أصحاب أبي ألأسود الدؤلي ، وكان شريفا في قومه وأحد الذين حضروا المؤتمر السري الشيعي في بيت مارية بنت منقذ العبدية(2).
عن أبي مخنف قال : وذكر أبو المخارق الراسبي ، قال : إجتمع ناس من الشيعة بالبصرة في منزل إمرأة من عبدالقيس يقال لها مارية إبنة سعد ـ أو منقذ ـ أياما ، وكانت تتشيع وكان منزلها لهم مألفا يتحدثون فيه ، وقد بلغ إبن زياد إقبال الحسين عليه السلام ، فكتب إلى عامله بالبصرة أن يضع المناظر ويأخذ الطريق .
قال : فأجمع يزيد بن ثبيط الخروج ـ وهو من عبدالقيس ـ إلى الحسين عليه السلام ، وكان له بنون عشرة ، فقال : أيكم يخرج معي ؟ فإنتدب معه إبنان له : عبدألله وعبيدألله ، فقال لأصحابه في بيت تلك المرأة : إني قد أزمعت على الخروج ، وأنا خارج ، فقالوا له : إنا نخاف عليك أصحاب إبن زياد ، فقال : إني والله لو قد إستوت أخفافهما بالجدد لهان علي طلب من طلبني (3). قال : ثم خرج فأسرع في الطريق حتى إنتهى إلى حسين عليه السلام ، فدخل في رحله بألأبطح ، وبلغ الحسين عليه السلام مجيئه ، فجعل يطلبه ، وجاء الرجل إلى رحل الحسين عليه السلام ، فقيل له : قد خرج إلى منزلك ، فأقبل في أثره ، ولما لم يجده الحسين عليه السلام جلس في رحله ينتظره ، وجاء البصري فوجده في
(1) ألأنصار : ص 112 .
(2) الطبري : ج4 ص 561 .
(3) المصدر السابق .
البالغون الفتح في كربلاء
354
رحله جالسا ، فقال «قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ»(1).
قال : فسلم عليه ، وجلس إليه ، فخبره بالذي جاء له ،فدعا له بخير . ثم ضم رحله إلى رحله ، وما زال معه حتى قتل بين يديه في الطف مبارزة ، وقتل إبناه في الحملة ألأولى (2).
وفي رثاء ولديه يقول ولده عامر بن يزيد (3):
أما الشيخ هادي القرشي فينسب ألأبيات إلى أبي العباس الحميري(4):
(1) سورة يونس ، ألآية : 58 .
(2) ألإبصار : ص 146 .
(3) المصدر السابق .
(4) ألإمام الحسين عليه السلام والمسيرة الكربلائية : ص 237 .
البالغون الفتح في كربلاء
355
الشجاعة والعبادة فيهم ومن أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام الذين شهدوا معه حروبه الثلاثة ، وكان من المعارضين لبيعة ألإمام الحسن عليه السلام وتنازله لمعاوية في بداية ألأمر(1).
قال أبو مخنف : لما بلغ أهل الكوفة هلاك معاوية إجتمعت الشيعة في منزل سليمان بن صرد الخزاعي قال : فذكرنا هلاك معاوية ، فحمدنا ألله عليه ، فقال لنا سليمان بن صرد : إن معاوية قد هلك ، وإن حسينا قد تقبض على القوم ببيعته ، وقد خرج إلى مكة ، وأنتم شيعته وشيعة أبيه ، فإن كنتم تلعمون إنكم ناصروه ومجاهدو عدوه فأكتبوا إليه ، وإن خفتم الوهل والفشل فلا تغروا الرجل من نفسه ، قالوا : لا ، بل نقاتل عدوه ونقتل دونه ، قال : فأكتبوا إليه فكتبوا إليه : بسم ألله الرحمن الرحيم : للحسين بن علي من سليمان بن صرد والمسيب بن نجبة ورفاعة بن شداد وحبيب بن مظاهر ألأسدي وشيعته من المؤمنين والمسلمين من أهل الكوفة . سلام عليك ، فإنا نحمد إليك ألله الذي لا إله إلا هو ، أما بعد فالحمد لله الذي قصم عدوك الجبار العنيد الذي إنتزى على هذه ألأمة فإبتزها أمرها ، وغصبها فيأها ، وتأمر عليها بغير رضا منها ، ثم قتل خيارها ، وإستبقى شرارها ، وجعل مال ألله دولة بين جبابرتها وأغنيائها ، فبعدا له كما بعدت ثمود إنه ليس علينا إمام فأقبل لعل ألله أن يجمعنا بك على الحق . والنعمان بن بشير في قصر ألإمارة لسنا نجتمع معه في جمعة ، ولا نخرج معه إلى عيد ، ولو قد بلغنا إنك قد أقبلت إلينا أخرجناه حتى نلحقه بالشام إن شاء ألله ، والسلام ورحمة ألله عليك (2).
(1) ألإبصار : ص 165 .
(2) الطبري : ج4 ص 559 .
البالغون الفتح في كربلاء
356
قال : ثم سرحنا بالكتاب مع عبدألله بن سبع الهمداني وعبدألله بن وال ، وأمرناهما بالنجاء ، فخرج الرجلان مسرعين حتى قدما على حسين لعشر مضين من شهر رمضان بمكة ، ثم لبثنا يومين ، ثم سرحنا إليه قيس بن مسهر الصيداوي وعبدالرحمن بن عبدألله بن الكدن ألأرحبي وعمارة بن عبيد السلولي ، فحملوا معهم نحوا من ثلاثة وخمسين صحيفة ، الصحيفة من الرجل وألإثنين وألأربعة(1). يسألونه القدوم عليهم قال : ثم لبثنا يومين آخرين ، ثم سرحنا إليه هانئ بن هانئ السبيعي وسعيد بن عبدألله الحنفي ، وكتبنا معهما :
بسم ألله الرحمن الرحيم ، لحسين بن علي من شيعته من المؤمنين والمسلمين ، أما بعد فحيهلا ، فإن الناس ينتظرونك ، ولا رأي لهم في غيرك ، فالعجل العجل ، والسلام عليك . وكتب شبث بن ربعي وحجار بن إبجر ويزيد بن الحارث بن يزيد بن رويم وعزرة بن قيس بن الحجاج الزبيدي ومحمد بن عمير التميمي : أما بعد ، فقد إخضر الجناب ، وأينعت الثمار ، وطمت الجمام ، فإذا شئت فأقدم على جند لك مجندة ، والسلام عليك .
وتلاقت الرسل كلها عنده ، فقرأ الكتب ، وسأل الرسل عن أمر الناس ، ثم كتب مع هانئ بن هانئ السبيعي وسعيد بن عبدالله الحنفي ، وكانا آخر الرسل :
بسم ألله الرحمن الرحيم ، من الحسين بن علي إلى الملأ من المؤمنين والمسلمين ، أما بعد ، فإن هانئا وسعيدا قدما عليّ بكتبكم ، وكانا آخر من قدم عليّ من رسلكم ، وقد فهمت كل الذي إقتصصتم وذكرتم ، ومقالة جُلّكم : إنه ليس علينا إمام ، فأقبل لعل ألله أن يجمعنا
(1) المصدر السابق : ص 560 .
البالغون الفتح في كربلاء
357
بك على الهدى والحق . وقد بعثت إليكم أخي وإبن عمي وثقتي من أهل بيتي ، وأمرته أن يكتب إلي بحالكم وأمركم ورأيكم ، ما قدمت عليّ به رسلكم ، وقرأت في كتبكم ، أقدم عليكم وشيكا إن شاء ألله ، فلعمري ما ألإمام إلا العامل بالكتاب ، وألآخذ بالقسط ، والدائن بالحق ، والحابس نفسه على ذات ألله والسلام(1).
(1) المصدر السابق : ص 561 .
(2) إبصار العين : ص 166 .
(3) السيد إبن طاوُس : الملهوف ص 151 .
البالغون الفتح في كربلاء
358
إستشهاده :
قال السيد إبن طاوُس : لما حضرت صلاة الظهر ، أمر الحسين عليه السلام زهير بن القين وسعيد بن عبدألله الحنفي أن يتقدما أمامه بنصف من تخلف معه ، ثم صلى بهم صلاة الخوف . إقتتلوا بعد الظهر فإشتد القتال ، ولما قرب ألأعداء من الحسين عليه السلام وهو قائم بمكانه إستقدم سعيد الحنفي أمام الحسين عليه السلام فإستهدف لهم يرمونه بالنبل يمينا وشمالا وهو قائم بين يدي الحسين عليه السلام يقيه السهام طورا بوجهه وطورا بصدره وطورا بجنبه ، فلم يكد يصل إلى الحسين عليه السلام شيء من ذلك ، حتى سقط الحنفي إلى ألأرض وهو يقول : أللهم إلعنهم لعن عاد وثمود ، أللهم أبلغ نبيك عني السلام ، وابلغه ما لقيت من ألم الجراح ، فإني أردت ثوابك في نصرة نبيك(1)، ثم ألتفت إلى الحسين عليه السلام فقال : أ وفيت يا بن رسول ألله صلى الله عليه وآله وسلم ؟ قال : نعم ، أنت أمامي بالجنة ، ثم فاضت نفسه النفيسة (2).
وفيه يقول عبيدألله بن عمرو البدي الكندي :
قال السروي : قتل في اول حملة مع من قتل من أصحاب الحسين عليه السلام وله في القائميات ذكر وسلام . وقد ورد السلام عليه في زيارة الناحية المقدسة (السلام على مولى بني المدينة الكلبي)(1).
محض ، ولا تساعد عليه سيرة مسعود بن عمرو ألأزدي المعادي لأهل البيت عليهم السلام ولعل مرد هذا ألإشتباه هو ظن الشيخ السماوي رحمه ألله أن الذين كتب إليهم ألإمام عليه السلام هم رؤساء ألأخماس لا سواهم ، وإنهم الذين ذكرهم الطبري فقط وألأمر ليس كذلك .
أولا :لأن عبارة الطبري صريحة في أن ألإمام الحسين عليه السلام بعث بنسخ من رسالته إلى أشراف في البصرة ليسوا من رؤساء ألأخماس ، حيث قال : (وكتب بنسخة إلى رؤوس ألأخماس وإلى ألأشراف ..)(تاريخ الطبري 3 : 280)(1).
ثانيا : لأن يزيد بن مسعود النهشلي كان من أشراف البصرة وكبار وجهائها وإن لم يكن من رؤساء ألأخماس فيها ، وقد ذكر مؤرخون في غاية ألإعتبار كالسيد إبن طاوُس رحمه ألله في كتابه (اللهوف : 110) وإبن نما رضي ألله عنه في كتابه (مثير ألأحزان : 27 ـ 29 ) إن يزيد بن مسعود النهشلي ممن كتب إليهم ألإمام الحسين عليه السلام .
وأما قول الشيخ رحمه ألله في ترجمته للشهيد الحجاج بن بدر التميمي السعدي : (كان الحجاج بصريا من بني سعد بن تميم ، جاء بكتاب مسعود بن عمرو إلى الحسين عليه السلام فبقي معه وقتل بين يديه) (إبصار العين : 212 ) فناشئ من نفس هذا ألإشتباه ، ولا دليل عليه ، بل كان الحجاج هذا رضي ألله عنه رسول يزيد بن مسعود النهشلي على ما ذكر بعض أهل المقاتل ، ولقد ذكر السماوي نفسه هذا في (إبصار العين 213) .
قال السيد الداودي : إن الحسين عليه السلام كتب إلى المنذر بن الجارود العبدي ، وإلى يزيد بن مسعود النهشلي ، وإلى ألأحنف بن قيس وغيرهم
(1) نجم الدين الطبسي : ج2 هامش ص 362 ـ 363 .
البالغون الفتح في كربلاء
362
من رؤساء ألأخماس وألأشراف ، فأما ألأحنف فكتب إلى الحسين عليه السلام يصبره ويرجيه وأما المنذر فأخذ الرسول إلى إبن زياد فقتله ، وأما مسعود فجمع قومه بني تميم وبني حنظلة وبني سعد وبني عامر وخطبهم فقال : يا بني تميم كيف ترون موضعي فيكم وحسبي منكم ؟
فقالوا : بخ بخ ، أنت وألله فقرة الظهر ورأس الفخر ، حللت في الشرف وسطا ، وتقدمت فيه فرطا .
قال : فإني جمعتكم لأمر أريد أن أشاوركم فيه ، وأستعين بكم عليه .
فقالوا : إنا وألله نمنحك النصيحة ونجهد لك الرأي ، فقل حتى نسمع .
فقال : إن معاوية قد مات فأهون به وألله هالكا ومفقودا ، إلا وأنه قد إنكسر باب الجور وألإثم ، وتضعضعت أركان الظلم ، وقد كان أحدث بيعة عقد بها أمرا ظن أنه قد أحكمه وهيهات الذي أراد ، إجتهد وألله ففشل ، وشاور فخذل ، وقد قام يزيد شارب الخمور ورأس الفجور يدعي الخلافة على المسلمين ويتأمر عليهم بغير رضا منهم ، مع قصر حلم وقلة علم ، لا يعرف من الحق موطئ قدمه ، فأقسم بألله قسما مبرورا على الدين أفضل من جهاد المشركين ، وهذا الحسين بن علي أمير المؤمنين عليه السلام وإبن رسول ألله صلى ألله عليه وآله وسلم ذو الشرف ألأصيل والرأي ألأثيل ، له فضل لا يوصف ، وعلم لا ينزف ، هو أولى بهذا ألأمر لسابقته وسنه وقدمه وقرابته ، يعطف على الصغير ، ويحنو على الكبير ، فأكرم به راعي رعية ، وإمام قوم ، وجبت لله به الحجة ، وبلغت به الموعظة ، فلا تعشوا عن نور الحق ، ولا تسكعوا في وهد الباطل ، فقد كان صخر بن قيس ـ يعني ألأحنف ـ إنخزل بكم يوم الجمل فإغسلوها بخروجكم إلى إبن
البالغون الفتح في كربلاء
363
رسول ألله صلى ألله عليه وآله وسلم ونصرته ، وألله لا يقصر أحد عن نصرته إلا أورثه ألله الذل في ولده والقلة في عشيرته ، وها أنا ذا قد لبست للحرب لامتها ، وأدرعت لها بدرعها ، من لم يقتل يمت ، ومن يهرب لم يفت ، فأحسنوا رحمكم ألله رد الجواب .
فقالت بنو حنظلة : يا أبا خالد ! نحن نبل كنانتك وفرسان عشيرتك ، إن رميت بنا أصبت ، وإن غزوت بنا فتحت ، لا تخوض غمرة إلا خضناها ، ولا تلقى وألله شدة إلا لقيناها ، ننصرك بأسيافنا ونقيك بأبداننا إذا شئت .
وقالت بنو أسد : يا أبا خالد ! إن أبغض ألأشياء إلينا خلافك ، والخروج من رأيك ، وقد كان صخر بن قيس أمرنا بترك القتال فحمدنا ما أمرنا به وبقي عزنا فينا فمهلنا نراجع المشورة ونأتك برأينا .
وقالت بنو عامر : نحن بنو أبيك وحلفاؤك ، لا نرض إن غضبت ، ولا نوطن إن ظعنت ، فأدعنا نجبك ، وأمرنا نطعك وألأمر إليك إذا شئت .
فإلتفت إلى بني سعد وقال : وألله يا بني سعد ! لئن فعلتموها لا رفع ألله السيف عنكم أبدا ، ولا زال فيكم سيفكم .
ثم كتب إلى الحسين عليه السلام ـ قال أهل المقاتل : مع الحجاج بن بدر السعدي ـ : أما بعد ، فقد وصل إلي كتابك وفهمت ما ندبتني إليه ودعوتني له من ألأخذ بحظي من طاعتك والفوز بنصيبي من نصرتك ، وإن ألله لم يخل ألأرض من عامل عليها بخير ، ودليل على سبيل نجاة ، وأنتم حجة ألله عل خلقه ، ووديعته في أرضه ، تفرعتم من زيتونة أحمدية هو أصلها وأنتم فرعها ، فأقدم سعدت بأسعد طائر فقد ذللت لك أعناق بني تميم وتركتهم أشد تتابعا في طاعتك من ألإبل الظماء لورود الماء يوم خمسها ، وقد ذللت لك بني سعد وغسلت درن قلوبها بماء سحابة مزن حين إستهل برقها فلمع .
البالغون الفتح في كربلاء
364
ثم أرسل الكتاب مع الحجاج وكان متهيأ للمسير إلى الحسين عليه السلام بعد ما سار إليه جماعة من العبديين ، فجاؤوا إليه بالطف ، فلما قرأ الكتاب قال : مالك ، آمنك ألله من الخوف وأعزك وأرواك يوم العطش ألأكبر .