علي الاكبر 142

الزيارة

غير خاف ان لنشر مآثر الرجال دخلاً في تقديم خطتهم واقتصاص أثرهم وإكبار مقامهم ومهما كان الانسان أقرب الى أوج العظمة يكون مبدؤه أدعا للتمسك به وغايته الزم في التفاني لأجلها وأحكم في الأفئدة وأمزج في النفوس .
ومن ذلك تأبين رجالات كل امة نظماً ونثراُ ومدحاً ورثاءً وعقد الحفلات لادكار مزاياهم حتى كأن الفقيد ماثل في القلوب بفضله شاخص نصب أعين السامعين بنفسه فلا يتناسى منه العهد مهما تليت مآثره وتذاكروا في أمره .
وان في تأليف ألفاظ الزيارة المتلوة في مراقد الأنبياء وأئمة الدين عليهم السلام وفي مشاهد الأولياء توطيداً لنجاح دعوتهم ونشراً لتعليمهم وأنها تأخذ بالعامل إلى أرقى سنام للانسانية وتسلك به الى ألحب طريق للقاء « الحق تعالى شأنه »

علي الاكبر 143

الزيارة وان كانت حقيقتها الحضور عند المزور والسلام عليه بأي لفظ كان ولا دخل للألفاظ الخاصة في حقيقتها كما يشهد به خبر ابن ظبيان عن الصادق عليه السلام وفيه :
إذا أتيت الفرات فاغتسل والبس ثويقك ثم أئت البر وقل :
صلى عليك ياأبا عبد الله فقد تمت زيارتك (1) .
وفي حديثه الآخر عن الصادق عليه السلام:
جعلت فداك إني كثيراً ماأذكر الحسين عليه السلام فأي شيء أقول قال :
قل السلام عليك ياأبا عبد الله تعيد ذلك ثلاثاً فان السلام يصل إليه من قريب ومن بعيد (2) .
لكن مما لاريب فيه ان مساعي الرجال مختلفة ومقادير أعمالهم متفاوتة ولا شك أن الأنبياء والأوصياء أرقى البشر في فضلهم الظاهر وورعهم الموصوف وعلومهم الجمة ومعاجزهم الخارجة عن حد الاحصاء فيكون المثول حول مراقدهم

(1) أسرار الشهادة ص 146 .
(2) مزار البحار ص 151 عن كامل الزيارة .
علي الاكبر 144

المقدسة بداعي الزلفى الى المهيمن سبحانه مزيداً لهاتيك العقيدة ورسوخها .
والخطابات الخاصة ادخل في تحقيق تلك الغاية من غيرها وحيث ان الأئمة المعصومين عليهم السلام أدلاءعلى الخير وأعرف الامة بنفسيات الرجال وما يحق لهم من إكبار وتجليل لأن الفضل لايعرفه إلا أهله .
كان اللازم التمسك بأقوالهم الخاصة الحافلة بما يناسب مقام المزور وفضله وأعماله وما افتا به من فوادح وكوارث بما لايعرفها غيرهم .
ومن هنا ورد النهي عن أختراع الكلام في الدعاء والسر فيه ان مثول العبد أمام المولى سبحانه والتوسل إليه بانجاح مآربه بلوغ غاياته يستدعي الخطاب معه بما يليق بذلك المقام الأقدس والأئمة من آل الرسول هم الواقفون على أسرار ذلك المحل الأرفع العالمون بما يحق ويليق به .
وحديث الصادق عليه السلام مع عبد الرحمن القصير يشهد له قال له عبد الرحمن : إني أخترعت دعاء فقال عليه السلام دعني من أختراعك فاذا نزل بك أمر فقل وذكر الدعاء .
وقال الامام الرضا عليه السلام لمقاتل : إذا نزل بك أمر

علي الاكبر 145

فالبس أنظف ثيابك وقل وذكر الدعاء (1) .
وجاء رجل الى الصادق عليه السلام وسأله أن يعلمه دعاء لمهمات فقال عليه السلام قل كما أقول وأن كان الله مقلب القلوب والابصار .
والنهي عن الاتيان بهذه الزيادة في الدعاء يدلنا على معرفة الامام بما في التأليف الخاص من السبب الموجب لاستنزال الرحمات الإلهية بحيث يكون الزائد على تأليفه موجباً للخلل في تحقق الغاية المتوخاة .
على أن المقتدي بأقوال أهل البيت عليهم السلام والعامل بالمأثور من خطابهم لايفوت الاجر الزائد على ما قرر لأصل الزيارة كما يشهد به حديث جابر الجعفي عن الصادق قال إذا وقفت على باب الحائر فقل هذه الكلمات فان لك بكل كلمة كفلاً من رحمة الله ثم ذكر الزيارة (2) .
وإلى القارىء الكريم نرفع ماورد عن الأئمة الهداة من الألفاظ الخاصة في زيارة علي الأكبر فان منها نعرف مقامه عندهم الذي استحق به افراده عن الشهداء بالسلام عليه

(1) ذكر الكليني الدعائين في فروع الكافي في صلاة الحوائج ص 477 .
(2) مستدرك الوسائل ج 2 ص 212 .
علي الاكبر 146

وحده مع ان الأئمة ذكروا لهم أجمع زيارة تعمهم .
الأولى : ما رواه الشيخ الجليل ابن قولويه في كامل الزيارة ص 239 بسند صحيح عن أبي حمزة الثمالي ان الصادق عليه السلام علمه كيف يزور الحسين عليه السلام إلى أن قال له : ثم صر إلى علي بن الحسين فهو عند رجلي الحسين فإذا وقفت عليه فقل :
السلام عليك ياابن رسول الله ورحمة الله وبركاته وابن خليفة رسول الله وابن بنت رسول الله ورحمة الله وبركاته مضاعفة كلما طلعت الشمس أو غربت السلام عليك ورحمة الله وبركاته .
بأبي أنت وامي من مذبوح ومقتول من غير جرم بأبي أنت وأمي دمك المرتقى به الى حبيب الله بأبي أنت وامي من مقدم بين يدي أبيك يحتسبك ويبكي عليك محترقاً عليك قلبه يرفع دمك الى عنان السماء لايرجع منه قطرة ولا تسكن عليك من أبيك زفرة حين ودعك للفراق فمكانكما عند الله مع آبائك الماضين ومع امهاتك في الجنان منعمين ابرأ إلى الله ممن قتلك وذبحك .
ثم انكب على القبر وضع يدك عليه وقل :

علي الاكبر 147

سلام الله وسلام ملائكته المقربين وأنبيائه المرسلين وعباده الصالحين عليك يامولاي وابن مولاي ورحمة الله وبركاته .
صلى الله عليك وعلى عترتك وأهل بيتك وأبائك وأبنائك وامهاتك الأخيار الابرار الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
السلام عليك ياابن رسول الله وابن أمير المؤمنين وابن الحسين بن علي ورحمة اله وبركاته .
لعن الله قاتلك ولعن الله من استخف بحقكم وقتلكم ولعن من بقي منهم ومن مضى نفسي فداؤكم ولمضجعكم صلى الله عليكم وسلم تسليماً كثيراً .
ثم ضع خدك على القبر وقل :
صلى الله عليك ياأبا الحسن ثلاثاً .
بأبي أنت وأمي أتيتك زائراً وافداً عائذاً مما جنيت على نفسي واحتطبت على ظهري أسأل اله وليك ووليي أن يجعل حظي من زيارتك عتق رقبتي من النار .
الثانية : رواها الشيخ الطوسي في التهذيب عن جماعة منهم يونس بن ظبيان ان الصادق قال في زيارة الحسين ثم

علي الاكبر 148

تأتي الى علي بن الحسين وهوعند رجلي الحسين فتقول :
السلام عليك ياابن رسول الله السلام عليك ياابن أمير المؤمنين السلام عليك ياابن الحسن (1) والحسين السلام عليك ياابن خديجة الكبرى وفاطمة الزهراء صلى الله عليك ثلاثاً .
لعن الله من قتلك ثلاثاً .
أنا أبرأ الى الله منهم ثلاثاً .
الثالثة : رواها الشيخ الكليني في الكافي عن يوسف الكناني عن الصادق عليه السلام قال :
وتحول عند رأس علي بن الحسين فتقول :
سلام الله وسلام ملائكته المقربين وأنبيائه المرسلين عليك يامولاي وابن مولاي ورحمة الله وبركاته صلى الله

(1) يحتمل أن يكون ذكر الحسن من زيادة النساخ سهواً ويحتمل أن يكون الغرض من ذكره الاشارة الى نكته دقيقة وهي لياقة الأكبر لتحمل الأسرار الإلهية كالأئمة المعصومين لكن الارادة الأزلية قضت بحصر الخلافة في الاثني عشر الذين نصت الصحف المكرمة النازلة من رب العالمين على أسمائهم وأسماء آبائهم وكناهم والقابهم .
علي الاكبر 149

عليك وعلى أهل بيتك وعترة آبائك الاخيار الابرار الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
الرابعة : في مصباح المتهجد للشيخ الطوسي ان صفوان الجمال استأذن الصادق عليه السلام في زيارة الحسين وسأله ان يعلمه مايقول الى أن قال له ثم صر إلى رجلي الحسين وقف عند رأس علي بن الحسين وقل :
السلام عليك ياابن رسول الله السلام عليك ياابن نبي الله السلام عليك ياابن أمير المؤمنين السلام عليك ياابن الحسين الشهيد السلام عليك ياابن الشهيد وابن الشهيد السلام عليك أيها المظلوم وابن المظلوم لعن الله أمة قتلتك ولعن الله أمة ظلمتك ولعن الله أمة سمعت بذلك فرضيت به .
ثم انكب على القبر وقبله وقل :
السلام عليك ياولي الله وابن وليه لقد عظمت المصيبة وجلت الرزية بك علينا وعلى جميع المسلمين فلعن الله امة قتلتك وأبرأ إلى الله وإليك منهم .
الخامسة : البحار عن المزار الكبير ان صفوان الجمال علمه أبو عبد الله الصادق عليه السلام كيفية زيارة الحسين

علي الاكبر 150

وفيها قال : ثم تأتي الى قبر علي بن الحسين فتقبله وتقول :
السلام عليك ياولي الله وابن وليه السلام عليك ياحبيب الله وابن حبيبه السلام عليك ياخليل الله وابن خليله عشت سعيداً ومت فقيداً وقتلت مظلوماً ياشهيد ابن الشهيد عليك من الله السلام .
السادسة : في مصباح الزائر لابن طاووس قال : وتأتي إلى رجلي الحسين فتقف عند علي بن الحسين وتقول :
السلام عليك أيها الصديق الطيب الطاهر والزكي الحبيب المقرب وابن ريحانة رسول الله السلام عليك من شهيد محتسب ورحمة الله وبركاته ما أكرم مقامك واشرف منقلبك اشهد لقد شكر الله سعيك واجزل ثوابك وألحقك بالذروة العالية حيث الشرف كل الشرف وفي الغرف السامية في الجنة فوق الغرف كمامن عليك من قبل وجعلك من أهل البيت الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا .
والله ماضرك القوم بما نالوا منك ومن أبيك الطاهر صلوات الله عليكما ولاثلموا منزلتكما من البيت المقدس ولا وهنتما بما أصابكما في سبيل الله ولا ملتما الى العيش في الدنيا ولاتكرهتما مباشرة المنايا إذ كنتما قد رإيتما منازلكما في الجنة قبل أن تصيرا إليها فاخترتماها قبل أن تنتقلا إليها

علي الاكبر 151

فسررتم وسررتم فهنيئاً لكم يابني عبد المطلب التمسك بالنبي وبالسيد السابق حمزة بن عبد المطلب إذ قدمتما عليه وقد لحقتما بأوثق عروة وأقوى سبب صلى الله عليك أيها الصديق الشهيد المكرم والسيد المقدم الذي عاش سعيداً ومات شهيداً وذهب فقيداً فلم تتمتع من الدنيا إلا بالعمل الصالح ولم تتشاغل إلا بالمتجر الرابح .
أشهد انك من الفرحين بما أتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ان لا خوف عليهم ولاهم يحزنون وتلك منزلة كل شهيد فكيف منزلة الحبيب الى الله القريب الى رسول الله صلى الله عليه وآله .
زادك الله من فضله في كل لفظة ولحظة وسكون وحركة مزيداً يغبطه ويسعد به اهل عليين ياكريم الاب ياكريم الجد الى أن يتناهى رفعكم الله من أن يقال رحمكم الله وافتقر الى ذلك غيركم من كل من خلق الله .
صلوات الله عليكم ورضوانه ورحمة الله وبركاته فاشفع لي أيها السيد الطاهر الى ربك في حط الاثقال عن ظهري وتخفيفها عني وارحم ذلي وخضوعي لك وللسيد أبيك صلى الله عليكما .
ثم انكب على القبر وقل :

علي الاكبر 152

زاد الله في شرفكم في الآخرة كما شرفكم في الدنيا وأسعدكم أسعد بكم واشهد انكم اعلام الدين ونجوم العالمين .
السابعة : في مصباح الزائر في زيارة أول رجب وليلته وليلة النصف من شعبان تقف على قبر علي بن الحسين وتقول :
السلام على أول قتيل من نسل خير سليل من سلالة إبراهيم الخليل صلى الله عليك وعلى أبيك إذ قال فيك قتل الله قوماً قتلوك يابني مااجرأهم على الرحمن وعلى انتهاك حرمة الرسول على الدنيا بعدك العفا .
أشهد انك ابن حجة الله وابن امينه حكم الله لك على قاتليك واصلاهم جهنم وساءت مصيرا وجعلنا يوم القيامة من ملاقيك ومرافقيك ومرافقي جدك وأبيك وعمك وأخيك وامك المظلومة الطاهرة المطهرة .
أبرأ الى الله ممن قتلك وقاتلك واسأل الله من مرافقتكم في دار الخلود والسلام عليك ورحمة الله وبركاته (1)
.
(1) هذه الفقرة من الزيارة وردت في زيارة الناحية لشيهداء اجمع وهنا يقول ابن طاووس انها خالفت ماورد في يوم عاشوراء من =
علي الاكبر 153

الثامنة : عن مزار الشيخ المفيد في النصف من رجب توجه إلى علي بن الحسين وقل :
السلام عليك يامولاي وابن مولاي لعن الله قاتليك ولعن الله ظالميك اني أتقرب الى الله بزيارتكم وبمحبتكم وابرأ الى الله من اعدائكم السلام عليك يامولاي ورحمة الله وبركاته .
التاسعة : عن الشيخ المفيد وابن طاووس والشهيد الأول في عيدي الفطر والاضحى تقف على علي بن الحسين وتقول :
السلام عليك ياابن رسول الله السلام عليك ياابن خاتم انبين السلام عليك ياابن فاطمة سيدة نساء العالمين السلام عليك ياابن أمير المؤمنين السلام عليك أيها المظلوم الشهيد بأبي أنت وامي عشت سعيداً وقتلت مظلوماً شهيداً .
العاشرة : قالوا جميعاً في عرفة تقف عند علي بن الحسين وتقول :
السلام عليك ياابن رسول الله السلام عليك ياابن نبي الله السلام عليك ياابن أمير المؤمنين السلام عليك ياابن

= زيارة الشهداء في زيارة الأسماء ونقصانها إلا انا اتبعنا ما رأيناه ورويناه .
علي الاكبر 154

الحسين الشهيد السلام عليك أيها الشهيد بن الشهيد السلام عليك أيها المظلوم لعن الله امة قتلتك ولعن الله امة ظلمتك ولعن الله امة سمعت بذلك فرضيت به السلام عليك ياولي الله وابن وليه لقد عظمت الرزية وجلت المصيبة بك علينا وإليك منهم في الدنيا والآخرة .
هذا ما وقفنا عليه من الألفاظ الخاصة الواردة عن الأئمة الهداة عليهم السلام في زيارة« علي الأكبر » والمتأمل في مضامينها الجليلة يتجلى له منزلة الشهيد الأكبر السامية التي لايحلق الى تصويرها طائر الفكر وانه امتاز عن اولئك الصفوة سادة الشهداء بمزايا تؤهله للأمامة لولا الحكم الإلهي الأبدي بحصر خلفاء الرسول الأعظم في الاثني عشر النازلة بأسمائهم وألقابهم وكناهم وأسماء آبائهم صحف مكرمة من رب العالمين .
ولا بدع في أن يوجد المهيمن سبحانه وتعالى ذواتاً قدسية منزهة عن شوائب هذه العوارض الدنيوية وقد اتصلت نفوسهم بالمبدأ الأعلى فلا يرون كياناً يجلب النظر إلا ذات المولى جل شأنه وليس هناك مايوجب اللفتة إليه عدى الجمال الإلهي القدسي

علي الاكبر 155

صلاة الزيارة

ينص الحديث عن الامام الصادق الوارد في زيارة الحسين عليه السلام المشتملة على المقدمات والمقارنات الكثيرة على رجحان صلاة الزيارة فان فيه :
فإذا فرغت فصل ماأحببت إلا أن ركعتي الزيارة لابد منهما عند كل قبر (1) .
فأثبت بعمومه رجحان صلاة الزيارة عند كل مزور وليس هناك مخصص يدفع العموم وخلو بعض الزيارات الواردة في غير المعصومين من التعرض لركعتي الزيارة لاينهض لمصادمة العموم فالعام محكم في موارده حتى يأتي المخصص المخرج كما ان التنصيص في زيارة المعصومين لايدل على عدم المشروعية في غيرهم .

(1) كامل الزيارة لابن قولويه ص 240 .
علي الاكبر 156

فما حكي عن بعض معاصري شيخنا المجلسي من منع صلاة الزيارة لغير المعصومين مستدلاً بخلوالاخبار الواردة في زيارتهم عنها في غيرمحلة أولأً ان ذلك العموم يشهد بخلافه وثانياً ان المحكي عن مزار الشيخ المفيد (1) ومزار ابن المشهدي وورد الامر بها في زيارة العباس وينص ابن طاووس في مصباح الزائر على رجحانهما بالنسبة الى العباس وفي اخر مصباح الزائر يقول ان ماوقع اختياره عليه في كتابه قد وصل على الوجه الذي اعتمد عليه من جهة الرواية .
ويقول ابن المشهدي في أول مزاره ان ما أودعته في الكتاب هو ما حصل لدي من الروايات الواردة عن أئمة الهدى عليهم السلام .
وحينئذ فلا يسع كل أحد نسبة ماأودعوه في كتبهم الى محض آرائهم من دون تخريج عن أهل البيت .
ومن ذلك ما ذكره مؤلف المزار الكبير وشيخنا الشيهد الأول في المزار من رجحان صلاة الزيارة لمسلم بن عقيل وهاني بن عروة فما ذكره العلماء في كتبهم من استحباب

(1) مزار البحار ص 165 .
علي الاكبر 157

ركعتي الزيارة لافذاذ من رجالات أهل بيت العصمة لاينبغي الوقفة فيه وان لم نعثر على نفس الرواية الحاكمة به فلعله كان واصلاً إليهم من طريق جهلناه ولو بالمشافهة من إمام العصر عجل الله فرجه وجهلنا بالطريق لايكون موجباً لعدم الرجحان .
وان كلمة شيخ المحققين الشيخ أسد الله الكاظمي في« كشف القناع »ص 230 تفيدنا بصيرة في تأكيده وحاصل ما ذكره : ان من الجائز أن يحصل لبعض حملة أسرار الائمة العلم بقول الامام الغائب عن الابصار اما بنقل احد سفرائه سراً على وجه يفيد اليقين واما بتوقيعه ومكاتبته كذلك واما بالسماع منه عليه السلام مشافهة على وجه لاينافي الرؤية في زمن الغيبة فلا يسعه التصريح بما حصله من الحكم على هذه الوجوه وان لم يوجد في الأدلة مايدل عليه ولم يكن هذا المشافه مخصوصاً بالحكم ولاممنوعاً من إظهاره لسائر الناس فلا مندوحة حينئذ من إظهار هذا الذي اطلع عليه بصورة الاتفاق عليه والتسالم .
وهذا هوالأصل في كثير من الزيارات والآداب والأعمال المعروفة التي تداولت بين الإمامية ولامستند مظاهر من أخبارهم ولامن كتب قدمائهم الواقفين على آثار الأئمة وأسرارهم .

علي الاكبر 158

ومن ذلك ما رواه والد العلامة الحلي والسيد ابن طاووس عن السيد الكبير العابد رضي الدين محمد بن محمد الأزدي الحسيني المجاور بالمشهد الغروي الأقدس عن صاحب الزمان أرواحنا له الفداء في طريق الاستخارة بالسبحة وكما سمعه منه صلوات الله عليه ابن طاووس في السرداب من الدعاء لشيعته وكدعاء العلوي المصري المعروف الذي علمه محمد بن علي العلوي الحسني المصري في حائر الحسين وقد أتاه في خمس ليال حتى تعلمه .
وهذا هوالأصل في كثير من الاقوال المجهولة القائل فيكون المطلع على قول الامام لما وجده مخالفاً لما عليه الامامية او معظمهم ولم يتمكن من إظهاره على وجهه وخشي أن يضيع الحق جعله قولاً من أقوالهم واعتمدعليه وأفتى به من دون تصريح بدليله.
فتحصل من كلامه ان العلماء لم يودعوا في كتبهم حكماً من الاحكام من دون يعثروا عليه عن أئمتهم .
وهذا كله كاف في دعوى رجحان صلاة ركعتين بعد الفراغ من زيارة علي الأكبر الذي نحن بصدد إثباته على ان الشيخ الجليل الكفعمي روى في البلد الامين عن الامام الصادق عليه السلام زيارة الحسين وفيه يقول :

علي الاكبر 159

ثم زر علي بن الحسين والشهداء والعباس وتصلي ركعات الزيارة ثمان (1) .
وانما تتحقق الثمان ركعات باضافة الركعتين لزيارة الحسين ومؤلف المزار الكبير بعد أن روى عن الصادق زيارة الحسين وصلاة ركعتين لها .
قال ثم زر علي بن الحسين وصلي ركعتين وأكثر بعدهما من الصلاة علي النبي محمد وآله وتسأل حاجتك (2) .
وفي هذا مقنع لمن يتطلب النص بالخصوص على رجحان صلاة الزيارة لعلي الأكبر وفقناالله للقيام بهذه الوظائف المقربة من المولى الجليل عز شأنه .

(1 ) مزار البحار ص 169 .
(2) مزار البحار ص 180 .

السابق السابق الفهرس التالي التالي