الامام علي بن الحسين (ع) دراسة تحليلية 36

وإنّه كان بعيداً عنه ولم يكن الاِمام يعرف مكنون توجهاته ونواياه ، إلى قائل : إنّ المختار لم يتحرك إلاّ تحت إشارته وتلقّي الضوء الاَخضر منه ، وهكذا بين مشرّق ومغرّب ويمين ويسار.
أمام هذه المفارقات أو المفترقات لابدّ من القول أن الطريق الاَفضل لاَن يستكمل الاِمام كافة أهدافه ، كان عليه توزيع الاَدوار وعدم الانجرار إلى لعبة السياسة القذرة ، والاحتفاظ بالقدر المعقول من حلقاتها التي يستفيد منها القائد ، ولكن لا أن يقع في مستنقعها الآسن ، فتحسب عليه بعض شطحاتها والتواءاتها وتجاوزاتها...
هذه الموازنة الدقيقة أو المعادلة الصعبة ، لم يكن من السهل على الاِمام السجاد عليه السلام عبورها أو تمريرها ، لاسيّما وانه كان يمارس عمله تحت الاَضواء وفي الهواء الطلق وتحت رقابة العيون والجواسيس من جهة ، وبالتالي فلا ينبغي أن يوحي للسلطة أنّه معارض يبغي الحكم والسلطة ، ولكنه من جهة اُخرى يريد التأكيد على أنّه وصي ووريث ذلك الاِمام العظيم الذي ستبقى حرقة قتله تلتهب في نفس كلِّ شريف عرفه وعايشه وعاشره ، فضلاً عن كونه نجله وولده والمفجوع الاَول بقتله والمسؤول عن الثأر له ومواصلة طريقه ، فضلاً عن أنّه حامل رسالته ومؤدي أماناته وامتداده والاِمام المستخلف من بعده على البلاد والعباد...
هكذا كان الاِمام السجاد يحيا ، وهكذا كانت تمر أيام حياته وساعاته غصّة بعد غصّة ، وألماً بعد ألم ، والمهمة تكبر وتكبر ، وعليه إتمام المشوار وإكمال الشوط إلى النهاية.
فهو من جهة لا يريد المغامرة بتركةٍ ثقيلة عليه أداؤها في تبليغ الرسالة وحمل الاَمانة وبلورة أحكام الدين التي سفّهها حكام بني أمية وجعلوها

الامام علي بن الحسين (ع) دراسة تحليلية 37

مهزلة وحكاية ، ومن جهة اُخرى يريد تحريك أجواء الصراع ضد الظالمين واستثمار فضاءاته الحرّة لتطويق مساعي الحكام الاَمويين في الالتفاف على جريمتهم في تحريف الدين وخبثهم في احتواء غضب الاُمّة المقدس ضد قتلة الاِمام الحسين عليه السلام وأصحاب الحسين.
ومن جهة ثالثة : لا يريد أن يُتّهم أنه اعتزل التصدي تشبثاً بالحياة وحرصاً على حطامها ، بل انه كان يسعى إلى تسفيه تلك التهمة باعتباره أزهد الناس في حياة نتنة ( اغتالت حسين السبط واختارت يزيداً )...
وفوق ذلك كلّه أنّه عليه السلام لم يرد أن يعطي للمتقاعسين والمتخاذلين عذراً آخر لتبرير قعودهم وغدرهم واحتمائهم بعزلته وانطوائه ، أي اتخاذ ذلك ذريعةً وغطاءً لنكوصهم وجبنهم وتهافتهم على الدنيا وملذّاتها ، وبالتالي مواصلة طريق الانحراف الذي كان عليه السلام أصدق الناس في محاربته ، وأمضاهم في مناجزته ومناوءته...

الحصيلة :

كانت حصيلة هذا العمل الدؤوب والمنهج الحكيم ، والموازنة الدقيقة ، وبعد أن كان الناس قد ( ارتدوا إلاّ ثلاثة ) و( لم يبقَ في المدينة ومكة أكثر من عشرين شخصاً محباً لاَهل البيت ) ـ كما ذكرنا ـ ، وبعد انقطاع مفتعل موهم عن مسرح الاَحداث ، واستثمار موفّق لظروف الزمان والمكان ـ كما سيأتي ذكره ـ كانت الحصيلة أن استطاع الاِمام السجّاد عليه السلام وعدد قليل من المخلصين الذين تظافرت جهودهم على نصرته أن يحقق نتائج قياسية ويترك آثاراً عظيمة لا يقدر على تحقيقها أي زعيم أو قائد يمرُّ بظروفه وتعقيدات المقطع الزمني الحساس الذي عاشه أو تفاعل معه

الامام علي بن الحسين (ع) دراسة تحليلية 38

أو انفعل فيه.
وكان من هذه الآثار الاَرقام التالية :
* ( كان القرّاء لا يخرجون إلى مكة حتى يخرج علي بن الحسين ، ومعه ألف راكب ).
* ( كان القوم لا يخرجون من مكة حتى يخرج علي بن الحسين سيد العابدين ).
* ( قال الزهري : نعم.. لقيته وما لقيت أحداً أفضل منه ، والله ما علمتُ له صديقاً في السرِّ ، ولا عدّواً في العلانية ، فقيل : وكيف ذلك ؟ قال : لاَني لم أرَ أحداً وإن كان يحبه إلاّ وهو لشدّة معرفته بفضله يحسده ، ولا رأيت أحداً وإن كان يبغضه إلاّ وهو لشدّة مداراته له يداريه ... ) (1).
* ( ... حج هشام بن عبدالملك فلم يقدر على استلام الحجر الاَسود ، من شدّة الزحام فنُصب له منبر فجلس ... إذ أقبل علي بن الحسين عليه السلام وعليه إزار ورداء ، فجعل يطوف ، فإذا بلغ موضع الحجر تنحّى الناس حتى يستلمه هيبة له وإجلالاً .. ) الاَمر الذي أزعج هشام ، فسأل متجاهلاً له : من هذا ؟ فكان جواب الفرزدق في قصيدته المعروفة التي دفع ضريبتها بعد فترة وجاء فيها :

هذا الذي تعرف البطحـاء وطأته والبيت يعرفـه والحـلُّ والحـرمُ
هـذا ابـن خيـر عباد الله كلُّهم هـذا التقي النقـي الطاهـر العلمُ


(1) بحار الاَنوار/ المجلسي 46 : باب 5 ـ 21 ، معلوم أن الزهري من علماء الدولة.. ويبدو أن تحليله للحب والكراهية هنا قد جنح في مالا يمكن تفسيره إلاّ بمعنىً آخر لا نرى ضرورة للتفصيل فيه ، لكونه لم يخرج إلاّ من موقف الزهري من الاِمام عليه السلام ، والزاوية التي كان ينظر إليه من خلالها ..
الامام علي بن الحسين (ع) دراسة تحليلية 39

إذا رأتـه قـريش قـال قـائلهـا إلـى مناقب هـذا ينتهـي الكـرمُ
وليس قـولك مـن هذا ؟ بضائره العُرب تعرفُ من أنكرت والعجمُ (1)

* ( وقال القرشي لابن المسيّب : ... ثم غاب عني فترة حتى أتيتُ مكة ، فإذا بحلقة مستديرة ، فاطلعتُ لاَنظر فإذا صاحبي فسألت عنه ، فقيل : هو زين العابدين ... ) (2).
* أثناء ثورة المدينة التي تفجّرت ردّاً على مجون الاَمويين وقتلهم لآل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فزع مروان كأشدّ ما يكون الفزع مع عياله إلى بيت الاِمام زين العابدين ؛ لاَنّ الثورة كانت تستهدفه ، فضمّ الاِمام نساء الاَمويين إلى حرمه ، وقيل أنّه كفل أربعمائة امرأة مع أولادهن وضمهنّ إلى عياله حتى قالت واحدة منهنّ : إنّها ما رأت في دار أبيها من الراحة والعيش الكريم مثل ما رأته في دار الاِمام علي بن الحسين عليهما السلام (3).
* وصفه عمر بن عبدالعزيز قائلاً : ( إنّه سراج الدنيا وجمال الاِسلام ) (4) .
* و ( لمّا مات شهد جنازته البرّ والفاجر وأثنى عليه الصالح والطالح ، وانهال الناس يتبعونه حتى وضعت الجنازة ) (5).

(1) رجال الكشي : 129 ـ 130 / 207.
(2) بحار الاَنوار 46 : باب 5 ـ 78.
(3) الاِمام زين العابدين / أحمد فهمي : 64.
(4) مقدمة الصحيفة السجادية / السيد محمد باقر الصدر : 6.
(5) رجال الكشي : 117 ـ 118 / 188 عن سعيد بن المسيّب.
الامام علي بن الحسين (ع) دراسة تحليلية 40




الامام علي بن الحسين (ع) دراسة تحليلية 41

الفصل الثاني

ظاهرة البكاء عند الاِمام زين العابدين عليه السلام

بين البكاء والتباكي :

بين البكاء والتباكي الهادفين خيط رفيع لا يمكن تجليته واكتناه فلسفته إلاّ بفهم الهدف من البكاء أولاً ، والتباكي ثانياً.
فإذا كان الهدف من البكاء هو تربية النفوس وتجلية الصدأ الذي يرين عليها جرّاء زحمة الحياة وقساوة العيش ، ومن ثم توجيه البكاء إعلامياً للتأثير على الناس كشكل من أشكال العمل السياسي أو الرسالي الهادف النبيل ، يأتي هنا ممدوحاً ومندوباً ، وهو غير الجزع والضعف والنفاق والرياء الذي له أهداف هابطة اُخرى.
أي أنّه في الدائرة الاُولى عاطفة نبيلة يمكن أن تنتزع من الاِنسان دواعي قسوة القلب وغلظته وشدّته ، وتحيله أكثر شفافية وسماحة ورقّة من جهة ، وهو عمل تربوي لتوجيه النفوس وتربيتها وتهذيب مشاعرها وأحاسيسها من جهة اُخرى.
وهكذا التباكي هو الآخر ، إمّا أن يكون تمثيلاً أجوف لا هدف وراءه ولاجدوى منه ولا طائل ، وإمّا أن يكون مواساةً للباكي في صدق بكائه وتصديق انفعاله وتفاعله مع حدث ما أو مصيبة ما ، أو يكون مشاركةً إنسانية ووجدانية تواسي المبكى عليه في عظمة تضحيته ونبل إقدامه

الامام علي بن الحسين (ع) دراسة تحليلية 42

وهيبة موقفه ، وبالتالي فإنّ الدائرة الاُولى غير الثانية بالتأكيد..
ومن هنا نلمس الفرق بين الندبة المعروفة :

ويصيح واذلاّه أيـن عشيرتي وسراة قومي أين أهل ودادي

وبين الاُخرى التي تفجّر الدموع دماً :

لا تطلبوا قبر الحسين بشرق أرضٍ أو بغربِ
فدعـوا الجميع وعـرجّوا فمشهـده بقلبي


تفسير ظاهرة البكاء عند الاِمام عليه السلام :

وكما ارتبك بعض المؤرخين في تفسير دور الاِمام السجاد عليه السلام في ريادة مشروع المعارضة للسلطة الاَموية ، وأخفقوا في تفسير مواقفه الدقيقة لبلورة الاتجاه المناهض لها ، ارتبك بعضهم الآخر في تفسير ظاهرة البكاء المعروفة لديه ، وراحوا يشرّقون حولها ويغرّبون أيضاً..
نعم ، اتجه بعضهم إلى تحليل الظاهرة على أنها فجيعة ولدٍ بأبيه وأخوته فقط ، وبالتالي فانها لا تعدو كونها عاطفةً جياشةً لا يمكن التحكّم بانفجارها وتدفّقها في لحظات الانفعال الوجداني الذي لا يُكبح.. فيما اعتبرها آخرون أُسلوباً سياسياً ذكياً لاستنهاض الناس وتذكيرهم بالظلامة الكبيرة التي لحقت بأهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
وبين هذا التفسير وذاك ، راح المؤرخون يحلّلون ويكتبون ويبحثون ، وكلّ من زاويته أو فهمه للبكاء والتباكي ، فمن حزين مفجوع ينفّس ببكائه عن غصّة وألم دفينين لا يستطيع منهما فكاكاً ، إلى بكّاءٍ متباكٍ ينوي ببكائه وتباكيه إذكاء نار الغضب المقدس ضد الظالمين الذين تجرأوا على ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه والصفوة من خيرة خلق الله بعد

الامام علي بن الحسين (ع) دراسة تحليلية 43

النبي صلى الله عليه وآله وسلم ..
ومن هنا فلا يستطيع المؤرخ أو المحلل السياسي تفسير ظاهرة البكاء لدى الاِمام السجاد تفسيراً علمياً رصيناً إلاّ من خلال دراسة الظروف التي عاشها عليه السلام والفضاء الاِعلامي والسياسي الذي كان يتنفّس فيه ، وإلاّ شطّ به التحليل بين أقصى اليمين وأقصى اليسار ، وجنح في تفسير هذه الظاهرة وفق ظروف اُخرى ، ربما نفسية أو اجتماعية ، أو سياسية ، هي في الحقيقة ، غير تلك التي يجب أن تفسّر من خلالها أو على ضوئها...
فحين نفهم مثلاً أنّ طائفةً كبيرةً من الناس كانت تجهل الدواعي والاَسباب التي دفعت الاِمام الحسين عليه السلام لخوض تلك المعركة غير المتكافئة ، يمكن أن نمسك بخيط واحد من خيوط التفسير العلمي لبكاء الاِمام السجاد عليه السلام .
وحين ندرك أن الاِعلام الاَموي كان يفسّر خروج الاِمام الحسين عليه السلام ضد الطاغية يزيد بأنّه صراع على السلطة ، وأنه بخروجه إنّما شقّ عصا الطاعة وفرّق الجماعة ، وأن الصراع بين الحسين ويزيد إنّما هو صراع شخصي تفجّر بين عائلتين أو بيتين يعتدُّ كل منهما بتأريخه وأمجاده ، وهما البيت الاُموي والبيت الهاشمي ، ويعتقد كلّ منهما بوراثته لتراث النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، تكون الكارثة أكبر والرزيّة أدهى على الاِمام السجاد عليه السلام ، لاَنّه سيواجه صعوبة بالغة في توضيح هذا المشتبك المؤلم ، ولو عِبر الدموع الغزيرة والنحيب المتواصل الذي أصبح إحدى خصال نفسه الزكية ، وطابعاً لروحه الطاهرة.
ولما كان إعلام السلطة آنذاك هو الحاكم والمهيمن على عقول الناس وأفكارهم ، وللحدِّ الذي يواجه به أحدهم الاِمام الحسين عليه السلام

الامام علي بن الحسين (ع) دراسة تحليلية 44

قائلاً ( ياحسين ألا تتقي الله : تخرج من الجماعة وتفرّق بين هذه الاُمة ) (1) .
وأكثر من ذلك حين يواجه المرء نداءات تخرج من هنا وهناك في أرض المعركة ، تقول ( الزموا طاعتكم ولا ترتابوا في قتل من مرَقَ من الدين وخالف إمام المسلمين ) وفي رواية اُخرى ( أمير المؤمنين ) (2).
وحين يسمع عفوية ذلك الشيخ الكبير الذي لا يعرف من الامور شيئاً ، فراح يواجه السبايا عند دخولهم الشام بقوله : ( الحمدُ لله الذي أهلككم وقتلكم وأراح البلاد من رجالكم وأمكنَ منكم أمير المؤمنين يزيد ) (3).
تكون الرزية أكبر على الاِمام السجاد عليه السلام ، ويكون نشيجه هو المتنفّس الوحيد للتعبير عن الاَلم والمرارة ، وهو تحت مخالب اللئام وصليل سيوفهم وقعقعة رماحهم.

المواجهة أو الصبر :

في هذا الجو الاِعلامي الماكر ، ومن هذا الفضاء الملبّد بكل تهويمات التضليل ، والتكتم والتعتيم على أعظم ثائر وأعظم ثورة أرادت أن تعيد الحق إلى نصابه ، وتستنهض الضمائر الميّتة وبتضحية قلّ نظيرها في التاريخ البشري انتصاراً للدين المضيّع والحدود المستباحة ، كان على الاِمام السجاد أن ينتهج أحد خيارين :

(1) راجع : تاريخ الطبري 4 : 289 ، والقول هذا منسوب إلى يحيى بن سعيد الذي أرسله أمير مكة لاِرجاع الحسين وثنيه عن التوجه إلى العراق.
(2) تاريخ الطبري 4 : 331.
(3) الاِمام السجاد/ حسين باقر : 102.
الامام علي بن الحسين (ع) دراسة تحليلية 45

الاَول : هو المواجهة العلنية الصريحة ، والتنديد المباشر باجراءات السلطة الحاكمة وفضحها ، أي إقدامه عليه السلام على عملية استشهادية اُخرى تلحقه بأبيه وإخوته ، لا تكلّف خصومه أكثر من ضربة سيفٍ واحدة لايتردّد عن القيام بها جلواز واحد من جلاوزة السلطة يتقرب بها إلى الاَمير ، دون أن يرفّ له جفن أو يحاكمه ضمير ، وفي أُمّة ميتة لم يبقَ فيها للدم حرمة ولا للتضحية معنى أو صدى.. وبالتالي إيقاف أو إنهاء الدور الرسالي المهمّ الذي يسعى الاِمام السجاد عليه السلام إلى تحقيقه من خلال كشف تلك الغيوم وتبديدها...
والثاني : هو الصبر على ذلك الضيم أو الحيف الذي شمله مع عمّته العقيلة زينب عليها السلام وتمرير المرحلة بالعضّ على الجرح بنيّة مواصلة مراحل الكشف المطلوبة في كل عملية تغييرية يُراد لها أن تعيد الاُمّة المضللة إلى وعيها ، أو تعيد الوعي إلى الاُمّة المغلوبة على أمرها ، المسلوبة إرادتها المغيّب ضميرها ، وفي ذلك الهوس الاِعلامي الصاخب ، والمناخ السياسي الملوّث.
من هنا كان على الاِمام أن يختار طريقاً أو منهجاً يحقّق له هذا الهدف الكبير دون المساومة على مبادئه أو التفريط بها ، أو القفز عليها ، فاختار طريق البكاء أولاً ، ثم طريق الدعاء الذي سنأتي على ذكره في الفصل اللاحق إن شاء الله.

ماذا حقق البكاء؟

وعن طريق البكاء هذا المشفوع بالدعاء طبعاً ، استطاع الاِمام عليه السلام أن يحقق الاَغراض التالية :

الامام علي بن الحسين (ع) دراسة تحليلية 46

1 ـ تقريع أو استنهاض الضمير النابض في الاُمّة والذي لم يمت بعد ، أي مخاطبة الفطرة السليمة ، من خلال دموع ساخنة ونشيج صادق لايمكن تفسيره ببساطة على أنّه مجرد عواطف فائرة على فجيعةٍ مرّت وكارثة حلّت ، لا سيّما وانه من إمام يعرف أكثر من غيره القضاء والقدر وحتمية الموت وطوارق السُنن...
2 ـ استثمار جميع المواقف والمناسبات التي تُذكّر الناس بالجريمة الكبرى التي ارتكبت بحق سبط النبي وسيد شباب أهل الجنة ، وعبر بكاء حارّ صادق يتفجّر أمام قصاب مثلاً يذبح شاته فيسقيها ماءً قبل ذبحها ـ كما مرَّ ـ أو أمام ضيف فقد عزيزاً فغسّله وكفّنه ـ كما ذكرنا ـ أو على مائدة إفطار يُقدّم فيها الماء للعطاشى والضامئين ويكون شعارها مثلاً :
« شيعتي ما إن شربتم عذب ماءٍ فاذكروني
أو سمعتـم بذبيح أو قتيـل فـاندبوني »!

وغير ذلك مما كان يذكّر بتجاوز الحدود ، وقساوة القلوب ، أي قلوب القتلة التي كانت كالحجارة أو أشدُّ قسوة ، وهذا يعني تركيز الشعور بالاِثم الكبير الذي ارتكب في طفوف كربلاء والذي صار عنوانه : « اللهمَّ العن أُمّة قتلتك ، والعن أُمّة ظلمتك ، والعن أُمّة شايعت وبايعت على قتلك ، والعن أُمّة سمعت بذلك فرضيت به » !!
3 ـ إيهام السلطة الحاكمة وعيونها وأزلامها ومرتزقتها أنّ المفجوع ليس لديه إلاّ البكاء ، وأنّه ليس عملاً جُرمياً يبرّر للسلطة اتخاذ إجراءٍ قمعي لمواجهته ، فكيف إذا كان المفجوع باكياً فعلاً وليس متباكياً ، كما هو حال الاِمام عليه السلام !!
4 ـ وحين تختلط دموع البكاء مع تراب قبر المتوفّى ، وهو ما كان يفعله

الامام علي بن الحسين (ع) دراسة تحليلية 47

الاِمام حين كان يُطيل سجوده وبكاءه على التراب الذي احتفظ به من ثرى قبر والده ومسحه بخاتمه الذي أصرّ على لبسه والمحافظة عليه مع الشعار المنقوش عليه والذي كان يردده عليه السلام : « خزي وشقي قاتل الحسين بن علي » (1) ، تكون رسالة البكاء أكثر تعبيراً وأمضى أثراً في إذكاء الوجدان المعذّب والضمير الحي وتفجيرهما ضد الظلم والظالمين.
5 ـ أما حين يمتزج البكاء مع الدعاء ، الذي سنأتي على ذكره ، وتتكامل لوحة الرفض المقدّس عبر العاطفة والفكر ، وعبر العقل والقلب ، يكون الهدف من البكاء أكثر تجليّاً وسطوعاً ، وهذا ما كان يُلاحظ عند الاِمام عليه السلام وهو يخرُّ ساجداً على حجارة خشنة في الصحراء يوماً ويشهق شهيقاً مرّاً مردّداً : « لا إله إلاّ الله حقاً حقّا.. لا إله إلاّ الله تعبّداً ورقّا.. لا إله إلاّ الله إيماناً وصدقا.. » ثمّ يرفع رأسه وإذا بلحيته ووجهه مخضبان بدموع عينيه ، فيقول له أحد أصحابه : أما آن لحزنك أن ينقضي ، ولبكائك أن يقلّ ؟ ! ويأتيه الجواب المارّ الذكر ، ليكون دالّة معبّرة عن حزنٍ ليس كمثله حزن ، وبكاء ليس كمثله بكاء...
إنّه بوضوحٍ كاملٍ حزنٌ على رمزٍ مقدّس بكت عليه أهل الاَرض وملائكة السماء ، وليس حزن ولدٍ على أبيه قط ، وإنه حزنٌ على فجيعةٍ بدين ، أي أنّه حزن على دين مضيّع صيّره الصبيان لعبةً يعبث بها غلمان بني أمية ، ودمية تتلاقفها أكفُّ أحفاد أبناء الطلقاء...
إنّه باختصار شديد ، رسالة صامتة شديدة اللهجة ، ودموع حرّى ناطقة ، وبيان صارخ مشحون بعواطف البكاء النبيلة ممزوجة بثرى تراب طاهر ، مشفوعاً بتأوّهات خالصة أرادت وتريد أن تواجه الظالم بأفصح

(1) الكافي 6 : 474/6 ، عيون اخبار الرضا 2 : 56.
الامام علي بن الحسين (ع) دراسة تحليلية 48

ما يكون التعبير عن الرفض والغضب المقدّس وأقدس ما يكون الاِفصاح عن الثورة والتمرّد.
إنّه سلاح ماضٍ لكشف الجرم الكبير وفضحه والدعوة لقطع اليد التي نفّذته ، وأمام من ؟ وبدموع من ؟
بدموع الثائر المفجوع الذي لم يستطع الاستشهاد في اليوم العظيم ، لمرضٍ أقعده ، وعلَّة ما كان يستطيع الوقوف على قدميه بسببها ، فشاءت إرادة الله أن تحتفظ به ليكشف خيوط الجريمة الكبرى وهو يبكي وينشج ويقول :

وهنّ المنـايا أي وادٍ سلكتـه عليها طـريقي أو علـيّ طريقها
وكـلاً ألاقـي نكبةً وفيجعـةً وكأس مرارّات ذعافاً أذوقها (1)

ثم يختتمها بدعاء دامع حزين : « يا نفس حتّامَ إلى الدنيا سكونك ؟ وإلى عمارتها ركونك ؟ أما اعتبرت بمن مضى من أسلافك ؟ ومن وارته الاَرض من أُلاّفك ؟ ومن فجعتِ به من إخوانك ؟ ونُقل إلى الثرى من أقرانك ؟ فحتّامَ إلى الدنيا إقبالك ، وبشهواتها اشتغالك وقد رأيتِ انقلاب أهل الشهوات ، وعاينتِ ما حلَّ بها من المصيبات ... » (2).
نعم ، إنّه البكاء الهادف ، والنشيج المدوّي ، والدموع الناطقة ، إنه

(1) من ندبة طويلة له عليه السلام انظر الصحيفة الخامسة السجادية للسيد محسن الاَمين دعاء (109) . والبحار/ المجلسي 78 : 154. وينابيع المودّة / الحافظ القندوزي الحنفي : 273. وكشف الغمة / الاربلي 2 : 309.
(2) البلد الاَمين / الكفعمي : 320. والصحيفة 4 : 29
الامام علي بن الحسين (ع) دراسة تحليلية 49

رسالة صامتة شديدة اللهجة صارخة الاحتجاج ، محبوكة المتن ، متينة السند.. إنّه بكاء أفقه أهل زمانه وأعلمهم وأورعهم وأتقاهم ، حفيد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وابن سبطه ، المفجوع بقتله ، الشاهد على دمه ، حامل رسالته ومبلّغ أمانته ووصيه ووريثه والداعي إلى حقّه.. إنّه بكاء علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام .

الفصل الثالث

ظاهرتا العبادة والدعاء عند الامام عليه السلام

التفسير المبتور للظاهرتين :

لم يكن تفسير المؤرخين لظاهرتي العبادة والدعاء للاِمام زين العابدين عليه السلام بأوفر حظاً من تفسيرهم لظاهرة البكاء المارّة الذكر.. ؛ إذ اقتصر بعضهم على تفسيرهما بكونهما حالة من الاعتزال والانكسار النفسي الذي يحلُّ عادة بالمصدومين والمفجوعين بسبب هول الصدمة أو الفجيعة التي مرّوا بها أو مرّت بهم...
ويفسرها آخرون بأنّها نوع من العزاء والسلوى والتصوّف ، حيث ينكفىء أصحابها على أنفسهم في طقوس خاصة وانزواء واعتكاف لا علاقة له بالناس والمجتمع وهمومهم وآلامهم...
وبين هذين التفسيرين المتيسّرين اللذين يمران على الاُمور بظواهرها ولا يغوصان في أعماقها ، يأتي تفسير مبتور ثالث يؤكد أنّ دعاء الامام وعبادته لم يكونا يتعديان مناقبية مثالية علوية عظيمة ، وفضيلة وكرامة من فضائل وكرامات أهل هذا البيت الطاهر ، وحيث ينظر إلى المنقبة والكرامة على أنّها أسمى ما يمكن أن يوصف بها الاِنسان المغيّر في زمن التداعيات السياسية والصراع الفكري والحضاري..
ولئن كان في هذا التفسير بعض حق ولكنه ليس الحق كلّه ، لاسيّما وإن

الامام علي بن الحسين (ع) دراسة تحليلية 52

ما ينتظر من أمثال الامام السجاد عليه السلام هو أكبر من المناقبية والفضيلة والكرامة ، وإنّما العمل والجهاد والكفاح لمواصلة مشروع تغييري يكون أهل البيت عليهم السلام أجدر الناس وأولاهم بتبنّيه وتنفيذه في ظلمة ذلك الواقع الفاسد...
نعود ونذكّر بالاَسباب والظروف التي أملت على الامام السجاد هذا النوع من السلوك في فترة كان المجتمع الاِسلامي الممزّق أحوج ما يكون إلى التأمل والمراجعة وإعادة النظر بعيداً عن ضجيج السياسة الصاخب وأزلامها المسطحين المستهترين.
فماذا ترى الامام فاعلاً وهو يعيش أجواء كابوس خانق من الظلم والتعسف والاضطهاد يحمل لواءه عبدالملك بن مروان ، وخلفه ولاة قساة غلاظ كالحجاج وخالد القسري وبشير بن مروان ، يتوّجهم طاغية جبّار مستهتر لا يتردّد أن يمسك بالقرآن الكريم ويمزّقه ويخاطبه مهدداً :

تهدّدني بجبـارٍ عنيـد * وها أنا ذاك جبار عنيدُ
إذا لاقيت ربك يوم حشرٍ فقل ياربّ مزّقني الوليدُ

وهذا يعني أن الامام عليه السلام عاصر الفترة الاُولى من حكم يزيد الاَموي بكامل عنفها واستهتارها ، أعقبتها تسع سنين من الاضطرابات والفوضى والصراع على السلطة بين الاَمويين والزبيريين ، وما رافقها من ثورات شيعية وقتل وقتال لم تترك أحداً إلاّ وناشته رذاذة أو شظية من شظايا تلك المرحلة الفظّة وصراعاتها ودمويتها وارتجاج المقاييس والقيم في فضائها العابث الصاخب...

الامام علي بن الحسين (ع) دراسة تحليلية 53

طريقان لا ثالث لهما :

ومن هنا كان أمام الامام عليه السلام أحد طريقين : إمّا الاحتراق بهوس تلك الصراعات والضياع في خضمّ اصطكاك سيوف رجالها المتنافسين المتصارعين على الجاه والسلطة والمال.
وإمّا الابتعاد عن ذلك الهوس السياسي والصخب الدموي لحين انجلاء الغبرة ، والنأي بعيداً عن ذلك بالانشغال ببلورة الفكر الاِسلامي المغيّر وإعداد النخبة الصالحة التي تذكّر بالصفوة المجزّرة من آل بيت المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم التي لم يبقَ منها أحد سوى هذا العبد الصالح المقصي البكّاء الحزين...
اختار الامام الطريق الثاني بالتأكيد ، وراح يعدّ العدّة لاعداد المجموعة الصالحة المؤهّلة لحمل رسالة جدّه المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم في تلك الاجواء العابثة الملبّدة ، وكان عليه أن يُشعر السلطة الظالمة قبل غيرها ، أنه ابتعد عن معترك الصراع السياسي ، واعتزل الحياة العامّة ، منشغلاً بعبادة ربّه ، منصرفاً عن مشاغل الدنيا ومتاعبها.. فكان ( أن ضربَ له بيتاً من الشعر خارج المدينة وتفرّغ فيه للعبادة والابتهال ) (1).

الهدف الحقيقي :

ومن ذلك المكان النائي ، ومن تلك الخيمة المتواضعة وبهذا السلوك أو المنهج استطاع الامام تحقيق الاَهداف التالية :
1 ـ إشعار الناس والمجتمع أن العمل السياسي ليس هو وحده الكفيل بتشكيل النخبة المغيّرة القادرة على قيادة المشروع الاِسلامي المغيّب من

(1) الإمام زين العابدين / عبد الرزاق المقرّم : 42 .
الامام علي بن الحسين (ع) دراسة تحليلية 54

قبل السلطات الظالمة ، وخاصة في زمن ارتجاج المقاييس واهتزاز الثوابت لدى القاعدة الجماهيرية الشعبية التي يعوّل عليها تنفيذ عملية التغيير المطلوبة هذه...
2 ـ ترسيخ أو بناء مفهوم جديد للعلاقة مع الله تعالى عبر الدعاء والمناجاة ، وإملاء الفراغ الروحي الناشئ عن حالات الاِحباط وخيبة الاَمل التي خلّفتها سياسة دموية عابثة تلفّعت بشعارات الاِسلام ، ولكنّها لم تنتج إلاّ الهوس والسعار ، والركض وراء الشهوات والملذّات وزوايا المتعة والمجون ، إذ نسمعه يناجي ربه قائلاً : « الهي ، كم من نعمة انعمت بها عليّ قلّ لك عندها شكري ، وكم من بليّة ابتليتني بها قلّ لك عندها صبري ، وكم من معصيةٍ أتيتها فسترتها ولم تفضحني ، فيا من قلَّ شكري عند نعمه فلم يحرمني ، ويا من قلّ صبري عند بلائه فلم يخذلني ، ويا من رآني على المعاصي فلم يفضحني.. » (1).
وليس تعبيره باصفراره عليه السلام عند وضوئه وحين يقف بين يدي ربّه وقوله : « أتدرون بين يدي من سأقف ومن سأناجي » إلاّ إشارة دقيقة وصادقة على هذا التواصل ، أو تعبيراً متيناً عن هذا الشدّ الرسالي العظيم...
ومثل ذلك قوله وهو متعلّق بأستار الكعبة ليلاً : « إلهي نامت العيون ، وعلت النجوم ، وأنت الملك الحي القيوم ، غلقت الملوك أبوابها ، وأقامت عليها حراسها ، وبابك مفتوح للسائلين... إلى أن ينشد قائلاً :

يامن يجيب دعا المضطرِّ في الظُلم يا كاشف الضرّ والبلوى مع السقمِ

(1) مناقب آل أبي طالب 4 : 178 .
الامام علي بن الحسين (ع) دراسة تحليلية 55

قد نام وفـدك حول البيت قـاطبةً وأنت وحـدك يـا قيّـوم لـم تنمِ
أدعـوك ربّ دعاءً قـد أمرت به فـارحم بكائـي بحقّ البيت والحرمِ
إن كان عفوك لا يرجوه ذو سرف فمن يجود على العاصين بالنعمِ (1)

3 ـ تذكير الناس بالله تعالى واليوم الآخر ، وإيجاد بدائل لسعادة روحية غيّبها الصراع المادي والسياسي للسلطة الحاكمة ، وخلق أجواء حميمة لعلاقات صادقة وصفاء روحي قائم على الحبّ في الله والبغض في الله...
فنجده يجسّد ذلك الشعور في دعائه لجيرانه ومواليه ، وإخوانه العارفين بحقّه فيقول : « اللهمّ صلِّ على محمد وآله.. واجعلني اللهمّ أجزي بالاِحسان مسيئهم ، وأعرض بالتجاوز عن ظالمهم ، واستعمل حسن الظن في كافّتهم ، وأتولى بالبر عامتهم ، وأغض بصري عنهم عفة ، وألين جانبي لهم تواضعاً ، وأرقّ على أهل البلاء منهم رحمة ، وأسرّ لهم بالغيب مودة ، وأحبُّ بقاء النعمة عندهم نصحاً ، وأوجب لهم ما أوجب لحامّتي وأرعى لهم ما أرعى لخاصتي » (2).
وهذا يعني أن السعادة الروحية يمكن أن تكون أعمق من السعادة المادّية ، وأن التنافس المحموم على المادّة يمكن تعويضه بسعادة روحية حميمة تقوم على العلاقات الدافئة الحبيبة بين الاِخوان المتحابين في الله

(1) مناقب آل أبي طالب 4 : 163 عن الاصمعي اللغوي النحوي صاحب النوادر والملح ، عن الكنى والألقاب 2 : 37 ـ 40 .
(2) الصحيفة السجادية الجامعة : 131 دعاء رقم (65) .
الامام علي بن الحسين (ع) دراسة تحليلية 56

والمتآخين في حبّ الله ، وبعيداً عن مخالب التنافس المادي وأنيابه وسُعاره...
4 ـ تسفيه أحلام الحكام الاَمويين والتنديد بتكالبهم وتسابقهم على ملذّات الدنيا ، عبر إشعارهم بأن السعادة والكرامة لا يتأتّيان دائماً عبر المال والجاه والسلطة ، وإنّما عبر الزهد والسموّ والترفّع على الدنيا وحطامها ، بل إنّ السعادة الروحية أركز وأمتن ، وأجلّ في نفوس أهلها من السعادة المادية المعروفة.
سأل عبدالملك يوماً الامام عليه السلام عن تواصل عبادته وكثرة انشغاله بها ، فأجابه عليه السلام قائلاً : « .. ولولا أن لاهلي عليّ حقاً ، ولسائر الناس من خاصتهم وعامتهم عليّ حقوقاً ، لا يسعني إلاّ القيام بها حسب الوسع والطاقة حتى أؤديها ، لرميتُ بطرفي إلى السماء ، وبقلبي إلى الله ، ثمّ لا أردّهما حتى يقضي الله على نفسي وهو خير الحاكمين.. » مذكّراً بحديث جدّه المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم حين سُئل عن كثرة عبادته وقد غفر الله له من ذنبه ما تقدّم منه وما تأخر ، فقال صلى الله عليه وآله وسلم : « أفلا أكون عبداً شكوراً ؟ » ! وقيل : إنّ عبدالملك بكى وأبكى من كان معه...
فضلاً عن إشعار أزلام السلطة أو إيهامهم بأنّه لا يعارضهم ولا يبغي غائلة بهم ، علّهم يخففون عنه عيون الشرطة والمرتزقة والمأجورين...
ولا نرى أنفسنا مبالغين حين نقول : إنّ ( زبور آل محمد ) جاء مجموعة متماسكة من ذرى رفيعة ينتقل عبرها الداعي من عالم مادي رمادي مظلم إلى عالم معنوي مشرق نوراني شفاف ، يستلهم القارىء من كلماتها وألفاظها ومعانيها ونصوصها آفاقاً جديدة في المعرفة والعرفان ، حتى ليُخيل للمرء أنّها كتلةً نورانية مشعّة تنبعث عنها طاقة هائلة من معانٍ

السابق السابق الفهرس التالي التالي