كتاب ليلة عاشوراء في الحديث والأدب 70

وإنما الامر إلى الجليل وكلُ حيّ سالكٌ سبيلـي

ثم قال(عليه السلام) لاصحابه : قوموا فاشربوا من الماء يكن آخر زادكم وتوضأوا واغتسلوا واغسلوا ثيابكم لتكون أكفانكم ، ثم صلّى بهم الفجر (1).
الاحداث بعد صلاة الفجر

قال بعض المؤرخين : إنه(عليه السلام) تيمّم هو وأصحابه للصلاة نظراً لعدم وجود الماء عندهم ، وقد أئتم به أهله وصحبه ، وقبل أن يتموا تعقيبهم دقت طبول الحرب من معسكر ابن زياد ، واتجهت فرقٌ من الجيش وهي مدججةٌ بالسلاح تنادي بالحرب أو النزول على حكم ابن مرجانة (2).
ولما أصبح الحسين(عليه السلام) يوم عاشوراء وصلّى بأصحابه صلاة الصبح ، قام خطيباً فيهم حمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : إن الله تعالى أذن في قتلكم ، وقتلي في هذا اليوم فعليكم بالصبر والقتال (3).
التعبئة للحرب وإشعال النار في الخندق

وعبأ(عليه السلام) أصحابه بعد صلاة الغداة ، وكان معه اثنان وثلاثون فارساً وأربعون راجلاً، فجعل زهير بن القين في ميمنة أصحابه ، وحبيب بن مظاهر في ميسرة

(1) أمالي الصدوق : ص133 ـ 134.
(2) حياة الامام الحسين للقرشي : ج3 ، ص179.
(3) كامل الزيارات لابن قولويه : ص73 ، إثبات الوصية للمسعودي : ص163 ، بحار الانوار : ج45 ص86.
كتاب ليلة عاشوراء في الحديث والأدب 71

أصحابه ، وأعطى رايته العباس أخاه ، وجعلوا البيوت في ظهورهم ، وأمر بحطب وقصب كان من وراء البيوت أن يُترك في خندق كان قد حُفر هناك ، وأن يُحرق بالنار مخافةَ أن يأتوهم من ورائهم.
وأصبح عمر بن سعد في ذلك اليوم ، وهو يوم الجمعة ، وقيل يوم السبت ، فعبأ أصحابه وخرج فيمن معه من الناس نحو الحسين(عليه السلام) وكان على ميمنته عمرو بن الحجاج ، وعلى ميسرته شمر بن ذي الجوشن ، وعلى الخيل عروة بن قيس ، وعلى الرجالة شبث بن ربعي ، وأعطى الراية دُريداً مولاه.
دعاءُ الامام الحسين
(عليه السلام)

روي عن الامام علي بن الحسين زين العابدين (عليهما السلام) أنه قال : لمّا أصبحت الخيل تقبل على الحسين(عليه السلام) رفع يديه وقال : أللهم أنت ثقتي في كل كرب ، وأنت رجائي في كل شدة ، وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقةٌ وعدة ، كم مِنْ هم يضعف فيه الفؤاد ، وتقل فيه الحيلة ، ويخذل فيه الصديق ، ويشمت فيه العدو ، أنزلته بك وشكوته اليك ، رغبةً منيّ إليك ، عمّن سواك ففرجته عني وكشفته ، فأنت ولي كل نعمة ، وصاحب كل حسنة ، ومنتهى كل رغبة.
الاعداء يجولون حول بيوت الحسين
(عليه السلام)

قال : وأقبل القوم يجولون حول بيوت الحسين(عليه السلام) فَيَرَوُن الخندق في

كتاب ليلة عاشوراء في الحديث والأدب 72

ظهورهم ، والنار تضطرم في الحطب والقصب الذي كان اُلقي فيه.
فنادى شمر بن ذي الجوشن بأعلى صوته : ياحسين أتعجلت النار قبل يوم القيامة.
فقال الحسين (عليه السلام) مَنْ هذا كأنه شمر بن ذي الجوشن !! فقالوا له : نعم .
فقال له : يابن راعية المعزى أنت أولى بها صليا !
ورام مسلم بن عوسجة أن يرميه بسهم فمنعه الحسين(عليه السلام) من ذلك.
فقال له : دعني حتى أرميه فإنه الفاسق من أعداء الله وعُظماء الجبارين وقد أمكن الله منه.
فقال له الحسين(عليه السلام) : لا ترمه فإني أكره أن أبدأهم (1).
وجاء في الامالي : عن الامام الصادق(عليه السلام) : وأقبل رجل من عسكر عمر بن سعد على فرس له ، يقال له : ابن أبي جويرية المزني ، فلما نظر إلى النار تتّقد صَفق بيده ونادى : يا حسين وأصحاب الحسين ، أبشروا بالنار فقد تعجلتموها في الدنيا.
فقال الحسين(عليه السلام) : مَن الرجل؟ فقيل : ابن أبي جويرية المزني.
فقال الحسين(عليه السلام) : اللهم أذقه عذاب النار في الدنيا ، فنفرَ به فرسُه فألقاه في تلك النار فاحترق.
ثم برز من عسكر عمر بن سعد رجل آخر ، يقال له : تميم بن الحصين الفزاري ، فنادى : يا حسين ويا أصحاب الحسين أما ترون إلى ماء الفرات يلوح كأنه بطون الحيات ، والله لا ذقتم منه قطرة حتى تذوقوا الموت جزعاً.

(1) الارشاد للشيخ المفيد : ص 233 ـ 234 ، بحار الانوار : ج 45 ، ص 4 ـ 5 ،تاريخ الطبري : ص321 ـ 322.
كتاب ليلة عاشوراء في الحديث والأدب 73

فقال الحسين(عليه السلام) : مَن الرجل ؟ فقيل : تميم بن حُصين.
فقال الحسين (عليه السلام) : هذا وأبوه من أهل النار ، أللهم اقتل هذا عطشاً في هذا اليوم.
قال : فخنقه العطش حتى سقط عن فرسه ، فوطأته الخيل بسنابكها فمات.
ثم أقبل آخر من عسكر عمر بن سعد ، يقال له محمد بن أشعث بن قيس الكندي ، فقال : يا حسين بن فاطمة ، أيةُ حرمة لك من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليست لغيرك؟!
قال الحسين(عليه السلام) : هذه الاية« إنَّ اللهَ اصطفَى آدَمَ ونُوحاً وآلَ إبراهيمَ وآلَ عِمرانَ على العَالمِينَ ، ذُريةً »(1). ثم قال : والله إنَّ محمداً لَمن آل إبراهيم وإن العترة الهادية لمن آل محمد ، مَن الرجل ؟ فقيل : محمد بن أشعث بن قيس الكندي.
فرفع الحسين(عليه السلام) رأسه إلى السماء فقال : أللهم أرِ محمدَ بن الاشعث ذُلاًّ في هذا اليوم لا تعزّه بعد هذا اليوم أبداً ، فعرض له عارض فخرج من العسكر يتبرز فسلّط الله عليه عقرباً فلذعه فمات باديَ العورة.
فبلغ العطش من الحسين(عليه السلام) وأصحابه ، فدخل عليه رجل من شيعته يقال له : يزيد بن الحصين الهمداني... فقال : يا بن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أتأذن لي فأخرج إليهم فأملهم ، فأذن له.
فخرج إليهم فقال : يا معشر الناس إن الله ـ عزّ وجلّ ـ بعث محمداً بالحقِّ بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً ، وهذا ماءُ الفرات تقع فيه خنازير

(1) آل عمران الاية : ص33 ـ 34.
كتاب ليلة عاشوراء في الحديث والأدب 74

السواد وكلابها ، وقد حيل بينه وبين ابنه ؟
فقالوا : يا يزيد فقد أكثرت الكلام فاكفّف فوالله ليعطش الحسين(عليه السلام) كما عطش مَنْ كان قبله.
فقال الحسين(عليه السلام) : اقعد يا يزيد ، ثم وثب الحسين(عليه السلام) متوكياً على سيفه....الخ (1).
إلى هنا قد تم ما تسنى لي جمعُه وإعدادُه من كتب السيرة والحديث في خصوص أحداث ووقائع هذه الليلة العظيمة على أهل بيت محمد (صلى الله عليه وآله) وما يرتبط بها ، وآخر دعوانا أنْ الحمد لله رب العالمين ، وسيعلمُ الذين ظلموا ـ آل بيت محمد ـ أيَّ منقلب ينقلبون ، والعاقبةُ للمتّقين.
وذلك في ليلة الخميس السابعة من شهر رجب المرجب عام ألف وأربعمائة وستة عشر للهجرة المباركة على مهاجرها وآله أفضل الصلاة والتسليم.

(1) أمالي الصدوق : ص134 ـ 135.
كتاب ليلة عاشوراء في الحديث والأدب 75

أعمال ليلة عاشوراء وفضل إحيائها

أ ـ الصلوات
ب ـ الدعاء
جـ ـ المبيت عند الحسين (عليه السلام)
د ـ زيارة الحسين (عليه السلام)


كتاب ليلة عاشوراء في الحديث والأدب 76




كتاب ليلة عاشوراء في الحديث والأدب 77

فضل إحياء ليلة عاشوراء بالعبادة

قد ورد في بعض الاحاديث التأكيد الشديد في إحياء هذه الليلة بالعبادة ، والمحافظة عليها وعدم إغفالها مهما أمكن ، وأن لها فضلاً عظيماً قال أحد الاعلام ـ عليه الرحمة ـ : في حديثه عن أعمال ليلة عاشوراء ويومها من الصلوات والدعوات ، إنها ـ أي الاعمال ـ ولو كانت واردة أيضاً يمكن أن يُحكم بترجيح الاشتغال بمراسم التعزية ، والصلوات له وللمستشهدين بين يديه (عليهم السلام) ، ولعن قاتليهم ـ على الاشتغال بالعبادة ـ وإن تأكيدها أيضاً ثابت بالروايات(1).
ومن الاحاديث الواردة فيها ما يلي :
1 ـ ما روي في كتاب دستور المذكّرين بإسناده عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال : مَن أحيا ليلة عاشوراء فكأنما عبد الله عبادة جميع الملائكة ، وأجرالعامل فيها كأجرسبعين سنة (2).
2 ـ ما روي عن الحارث بن عبدالله عن علي أمير المؤمنين(عليه السلام) قال : إن استطعتَ أن تحافظ على ليلة الفطر ، وليلة النحر ، وأول ليلة من المحرّم ، وليلة عاشوراء ، وأوّل ليلة من رجب ، وليلة النصف من شعبان ، فافعل وأكثر فيهنّ من الدعاء والصلاة وتلاوة القرآن (3).

(1) المراقبات ( أعمال السنة ) للملكي التبريزي : ص15.
(2) الاقبال لابن طاووس : ج3 ، ص45 ، وعنه بحار الانوار :ج 95 ، ص336.
(3) مصباح المتهجد للطوسي : ص783 ، وسائل الشيعة : ج5 ، ص241 ، ح10.
كتاب ليلة عاشوراء في الحديث والأدب 78

قال السيد ابن طاووس ـ عليه الرحمة ـ في ذكره فضل إحياء هذه الليلة : اعلم أنّ هذه الليلة أحياها مولانا الحسينـ صلوات الله عليه ـ وأصحابه بالصلوات والدعوات ، وقد أحاط بهم زنادقة الاسلام ، ليستبيحوا منهم النفوس ، المعظّمات ، وينتهكوا منهم الحرمات ، ويسبوا نساءهم المصونات.
فينبغي لمن أدرك هذه الليلة ، أن يكون مواسياً لبقايا أهل آية المباهلة وآية التطهير ، فيما كانوا عليه في ذلك المقام الكبير ، وعلى قدم الغضب مع الله جلّ جلاله ورسوله صلوات الله عليه ، والموافقة لهما فيما جرت الحال عليه ، ويتقرّب إلى الله جلّ جلاله بالاخلاص من موالاة أوليائه ومعاداة أعدائه (1).
وأما أعمال هذه الليلة وما ورد فيها من الصلوات والادعية فنذكر هنا ما ذكره ابن طاووس ـ عليه الرحمة ـ من الاعمال الواردة فيها وقد ذكر ـ عليه الرحمة ـ أن اعتماده على مثل هذه الاحاديث هو على ما رواه عن الامام الصادق(عليه السلام) أنه : من بلغه شيءٌ من الخير فعمل كان له ذلك ، وإن لم يكن الامر كما بلغه (2). وإليك ما ذكره من الاعمال :

(1) الاقبال لابن طاووس : ج3 ، ص45.
(2) الاقبال لابن طاووس : ج3 ، ص47.
كتاب ليلة عاشوراء في الحديث والأدب 79

أ ـ الصلوات الواردة في ليلة عاشوراء

1ـ ما روي عن محمد بن أبي بكر المديني الحافظ من كتاب دستور المذكرين بإسناده المتصل عن وهب بن منبه ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : مَنْ صلّى ليلة عاشوراء أربع رَكَعَات من آخر اللّيل ، يقرأ في كلّ ركعة بفاتحة الكتاب وآية الكرسي ـ عشر مرّات ، و «قُلْ هُوَ اللهُ أحَدُ » ـ عشر مرّات ،« وقُلْ أعوذُ بِرَبِّ الفَلقَ» ـ عشر مراّت ، و «قُلْ أعوذُ بِربِّ النّاس»ـ عشر مرّات ، فإذا سلّم قرأ «قُلْ هو الله أحدٌ»مائة مرّة ، بَنَى الله تعالى له في الجنّة مائة ألف ألف مدينة من نور ، في كلّ مدينة ألف ألف قصر، في كل قصر ألف ألف بيت في كلّ بيت ألف ألف سرير ، في كل سرير ألف ألف فراش ، في كل فراش زوجة من الحور العين ، في كلّ بيت ألف ألف مائدة ، في كلّ مائدة ألف ألف قصعة ، في كلِّ قصعة مائة ألف ألف لون ، ومن الخدم على كلّ مائدة ألف ألف وصيف ، ومائة ألف ألف وصيفة ، على عاتق كلّ وصيف ووصيفة منديل ، قال وهب بن منبّه : صمّت أذناي إن لم أكن سمعت هذا من ابن عباس.
2 ـ ما روي أيضاً عن كتاب دستور المذكرين بإسناده المتصل عن أبي أُمامة قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : من صلى ليلة عاشوراء مائة ركعة بالحمد مرة و «قُلْ هو اللهُ أحدٌ » ثلاث مرّات ، ويسلّم بين كلّ ركعتين فإذا فرغ من جميع صلاته قال : سُبحانَ الله والحمْدُ للهِ ولا إله إِلا اللهُ والله أكبرُ ولا حوْلَ ولا قُوّةَ إلا باللهِ العليِّ العظيم ـ سبعين مرّة.
قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : من صلّى هذه الصلاة من الرجال والنساء ملأ الله

كتاب ليلة عاشوراء في الحديث والأدب 80

قبره إذا مات مسكاً وعنبراً ، ويدخل إلى قبره في كل يوم نور إلى أن يُنفخ في الصور ، وتوضع له مائدة منها نعيم يتناعم به أهل الدنيا منذ يوم خلق إلى أن يُنفخ في الصور ، وليس من الرجال والنساء إذا وضع في قبره إلا يتساقط شعورهم إلاّ مَنْ صلى هذه الصّلاة ، وليس أحدٌ يخرج من قبره إلا أبيض الشعر إلا من صلى هذه الصلاة.
والّذي بعثني بالحقِّ إنّه من صلّى هذه الصلاة ، فإنّ الله عزّ وجلّ ينظر إليه في قبره بمنزلة العروس في حجلته إلى أن يُنفخ في الصور ، فإذا نُفخ في الصّور يخرج من قبره كهيئته إلى الجنان كما يُزفُّ العروس إلى زوجها ـ إلخ.
3 ـ ما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال : تصلي ليلة عاشوراء أربع ركعات في كلِّ ركعة الحمد مرَّة ، و«قل هو اللهُ أحدُ »خمسون مرَّة ، فإذا سلّمت من الرّابعة فأكثر ذكرالله تعالى ، والصلاة على رسوله ، والعن لاعدائهم ما استطعت.
4 ـ ماذكره صاحب المختصر من المنتخب قال :الدعاء في ليلة عاشوراء أن يصلّي عشر ركعات في كلِّ ركعة فاتحة الكتاب مرّة واحدة ، و«قل هُوَ الله أحَدٌ» مائة مرّة.
وقد روي أن يصلي مائة ركعة يقرأ في كلِّ ركعة الحمد مرّة و«قل هو الله أحَدٌ » ثلاث مرّات ، فإذا فرغت منهنّ وسلّمت تقول : سُبْحان اللهِ والحمدُ للهِ ولا إلهَ إلا اللهُ واللهُ أكبرُ ، ولا حوْلَ ولا قُوَّةَ إلا بالله العلي العظيم ، مائة مرّة ، وقد روي سبعين مرَّة ، وأستغفرُ الله مائة مرّة ، وقد روي سبعين مرَّة ، وصلى الله على محمد وآلِ مُحمد مائة مرَّة ، وقد روي سبعين مرَّة (1).

(1) الاقبال لابن طاووس : ج3 ، ص46 ـ 48 ، وعنه بحار الانوار : ج95 ، ص336 ـ 338 ، وذكرها بتفاوت في وسائل الشيعة : ج5 ، ص295 ، ح3 ـ 6.
كتاب ليلة عاشوراء في الحديث والأدب 81

ب ـ الدعاء في ليلة عاشوراء

اَللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ يا اَللهُ يا رَحْمانُ ، يا اَللهُ يا رَحْمانُ ، يا اَللهُ يا رَحْمانُ ، يا اَللهُ يا رَحْمانُ ، يا اَللهُ يا رَحْمانُ ، يا اَللهُ يا رَحْمانُ ، يا اَللهُ يا رَحْمانُ ، يا اَللهُ يا رَحْمانُ ، يا اَللهُ يا رَحْمانُ ، يا اَللهُ يا رَحْمانُ ، يا اَللهُ يا رَحْمانُ ،.
وَأَسْأَلُكَ بِأَسْمائِكَ الْوَضِيئَةِ الرَّضِيَّةِ المَرْضِيَّةِ الْكَبيرَةِ الْكَثِيرَةِ يااَللهُ ، وَأَسْأَلُكَ بأَسْمائِكَ الْعَزيزَةِ الْمَنِيعَةِ يا اَللهُ ، وَأَسْأَلُكَ بأَسْمائِكَ الْكامِلَةِ التّامَّةِ يا اَللهُ ، وَأَسْأُلُكَ بِأَسْمائِكَ الْمَشْهُورَةِ الْمشْهُودَةِ لَدَيْكَ يا اَللهُ ، وَأَسْألُكَ بِأَسْمائِكَ الَّتِي لايَنْبَغِي لِشَيْء أَنْ يَتَسَمّى بها غَيْرُكَ يا اَللهُ وَأَسْأَلُكَ بِأَسْمائِكَ الَّتِي لا تُرامُ وَلا تَزُولُ يا اَللهُ ، وَأَسْألُكَ بِما تَعْلَمُ أَنَّهُ لَكَ رضاً منْ أَسْمائِكَ يا اَللهُ ، وَأَسْأَلُكَ بِأَسْمائِكَ الَّتِي سَجَدَ لَها كَُلُّ شَيء دُونَكَ يا اَللهُ ، وَأَسْأَلُكَ بِأَسْمائِكَ الَّتِي لا يَعْدِلُها عِلْمٌ وَلا قُدْسٌ وَلا شَرَفٌ وَلا وقارٌ يا اَللهُ ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ مَسائِلِكَ بِما عاهَدْتَ أَوْفَى الْعَهْدِ أَنْ تُجِيبَ سائِلَكَ بِها يا اَللهُ.
وَأَسْأَلُكَ بِالْمَسْأَلَةِ الَّتِي أَنْتَ لَها أَهْلٌ يا اَللهُ ، وَأسْأَلُكَ بِالمسأَلةِ الَّتِي تَقُولُ لِسائِلِها وَذاكِرِها : سَلْ ماشِئْتَ فَقَدْ وَجَبَتْ لَكَ اْلإجابَةُ ، يا أَللهُ يا أَللهُ ، يا أَللهُ يا أَللهُ ، يا أَللهُ يا أَللهُ ، يا أَللهُ يا أَللهُ.
وَأَسألُكَ بِجُمْلَةِ ما خَلَقْتَ مِنَ الْمَسائِلِ الَّتِي لا يَقْوى بِحَمْلِها شَيْءٌ دُونَكَ يا أَللهُ ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ مَسائِلِكَ بِأَعْلاها عُلُوّاً ، وَأَرْفَعِها رِفْعَةً ، وَأَسْناها

كتاب ليلة عاشوراء في الحديث والأدب 82

ذِكْراً ، وَأَسْطَعِها نُوراً ، وَأَسْرَعِها نَجاحاً ، وَأَقْرَبِها إِجابَةً ، وَأَِتَمِّها تَماماً ، وَأَكْمَلِها كَمالاً وَكُلُّ مَسائِلِكَ عَظِيمَةٌ يا أَللهُ.
وَأَسْأَلُكَ بِما لا يَنْبغِي أَنْ يُسْأَلَ بِهِ غَيْرُكَ منَ الْعَظَمَةِ وَالْقُدْس وَالْجَلالِ ، وَالْكِبْرِياءِ وَالشَّرَفِ وَالنُّورِ ، وَالرَّحْمَةِ وَالْقُدْرَةِ ، وَاْلاشْرافِ وَالْمَسْأَلَةِ وَالْجُودِ ، وَالْعَظَمَةِ وَالْمَدْحِ وَالْعِزِّ ، وَالْفَضْلِ الْعَظِيمِ ، والرواج وَالْمَسائِلِ الَّتِي بِها تُعْطِي مَنْ تُرِيدُ وَبِها تُبْدِيءُ وَتُعِيدُ يا أَللهُ.
وَأَسْأَلُكَ بِمَسائِلِكَ الْعالِيَةِ الْبَيِّنَةِ الْمَحْجُوبَةِ مِنْ كُلِّ شَيْء دُونَكَ يا أَللهُ ، وَأَسْأَلُكَ بأَسْمائِكَ الْمَخْصُوصةِ يا أَللهُ ، وَأَسْأَلُكَ بِأَسْمائِكَ الْجَلِيلَةِ الْكَرِيمَةِ الْحَسَنَةِ يا جَلِيلُ يا جَمِيلُ يا أَللهُ ، يا عَظِيمُ يا عَزِيزُ ، يا كَرِيمُ يا فَرْدُ يا وِتْرُ ، يا أَحَدُ يا صَمَدُ ، يا اَللهُ يا رَحْمانُ يا رَحِيمُ ، أَسْأَلُكَ بِمُنْتَهى أَسْمائِكَ الَّتِي مَحَلُّها فِي نَفْسِكَ يا أَللهُ ، وَأَسْأَلُكَ بِما سَمَّيْتَهُ بهِ نَفْسَكَ مِمَّا لَمْ يُسَمِّكَ بهِ أحَدٌ غَيْرُكَ يا اَللهُ.
وَأَسْأَلُكَ بما لا يُرى مِنْ أَسْمائِكَ يا أَللهُ ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ أَسْمائِكَ بِما لا يَعْلَمُهُ غَيْرُكَ يا أَللهُ ، وَأَسْأَلُكَ بِما نَسَبْتَ إِلَيْهِ نَفْسَكَ مِمَّا تُحِبُّهُ يا أَللهُ ، وأَسْأَلكَ بِجُمْلَةِ مَسائِلِكَ الْكِبْرِياءِ ، وَبِكُلِّ مَسْأَلَة وَجدْتُها حَتّى يَنْتَهِيَ إِلَى اْلاسْمِ اْلأعْظَمِ يا أَللهُ.
وَأَسْأَلُكَ بِأَسْمائِكَ الْحُسْنى كُلِّها يا أَللهُ ، وَأسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْم وَجَدْتُهُ حَتّى يَنْتَهِي إِلى اْلاسْمِ اْلاعْظَمِ الْكَبِيرِ اْلأكْبَرِ الْعَلِيِّ اْلأعْلى ، وَهُوَ اسْمُكَ الْكامِلُ الَّذِي فَضَّلْتَهُ عَلى جَميِعِ ما تُسَمّي بِهِ نَفْسَكَ ، يا أَللهُ يا أَللهُ ، يا أَللهُ

كتاب ليلة عاشوراء في الحديث والأدب 83

يا أَللهُ ، يا أَللهُ يا أَللهُ ، يا أَللهُ يا أَللهُ ، يا أَللهُ يا أَللهُ ، يا رَحْمانُ يا رَحِيمُ ، أَدْعُوكَ وَأَسْأَلُكَ بِحَقِّ هذهِ اْلأسْماءِ وَتَفْسِيرِها ، فَإنَّهُ لا يَعْلَمُ تَفْسِيرَها أَحَدٌ غَيْرُكَ يا أَللهُ.
وَأَسْأَلُكَ بِما لا أَعْلَمُ وَلَوْ عَلِمْتُهُ سَألْتُكَ بِهِ ، وَبِكُلِّ اسْم اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّد عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَأَمِينِكَ عَلى وَحْيِكَ ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي جَمِيعَ ذُنُوبِي ، وَتَقْضِيَ لِي جَمِيعَ حَوائِجِي ، وَتُبَلِّغَنِي آمالِي ، وَتُسَهِّلَ لِي مَحابِّي ، وَتُيَسِّرَ لِي مُرادِي ، وَتُوصِلَنِي إِلى بُغْيَتِي سَرِيعاً عاجِلاً ، وَترْزُقَنِي رِزْقاً واسِعاً ، وَتُفَرِّجَ عَنِّي هَمِّي وَغَمِّي وَكَرْبِي يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (1).


(1) الاقبال لابن طاووس : ج3 ، ص48 ـ 50 ، وعنه بحار الانوار : ج 95 ، ص 338 ـ 340.
كتاب ليلة عاشوراء في الحديث والأدب 84

جـ ـ المبيت عند الحسين (عليه السلام)

ليلة عاشوراء

ومن جملة الاعمال في هذه الليلة العظيمة هو المبيت في كربلاء عند قبر الحسين (عليه السلام) وله فضل عظيم.
قال ابن قولوية (قدس سره) : حدثني أبي وأخي وجماعةُ مشايخي عن محمد بن يحيى عن محمد بن علي المدائني ، قال : أخبرني محمد بن سعيد البجلي عن قبيصة عن جابر الجعفي ،قال : دخلت علي جعفر بن محمد (عليهما السلام) في يوم عاشوراء فقال لي : هؤلاء زوار الله وحقٌّ على المزور أن يكرم الزائر من بات عند قبر الحسين(عليه السلام) ليلة عاشوراء لقي الله ملطخاً بدمه يوم القيامة كأنما قتل معه في عرصته(1).
وقال : من زار قبر الحسين(عليه السلام) أي يوم عاشوراء وبات عنده كان كمن استشهد بين يديه (2).
وقال الشيخ المفيد (قدس سره) : حدثني ابوالقاسم قال : حدثني ابي واخي وجماعة مشايخي رحمهم الله ، عن محمد بن يحيى عن محمد بن علي المدائني ، قال :

(1) العَرَصَة بالفتح : كل بقعة بين الدار واسعة ليس فيها بناء ، والجمع العراص والعرصات ، ومنه : عرصات الجنة ، وفي الحديث : رجل اشترى داراً فبقيت عَرَصَة يعني لا بناء فيها مجمع البحرين للطريحي : ج4 ، ص174.
(2) كامل الزيارات لابن قولويه : ص 173 ، وعنه بحار الانوار : ج98 ، ص104 ، ح 4و7 ، وسائل الشيعه : ج10 ، ص372 ، ح3 و4 ، مستدرك الوسائل للنوري : ج10 ، ص291 ، ح1.
كتاب ليلة عاشوراء في الحديث والأدب 85

اخبرني محمد بن سعيد البلخي (1) عن قبيصة عن جابر الجعفي ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : من بات عند قبرالحسين(عليه السلام) ليلة عاشوراء ، لقي الله يوم القيامة ملطخاً بدمه كأنما قتل معه في عصره (2)
وقال : من زار قبر الحسين(عليه السلام) يوم عاشوراء وبات عنده ، كان كمن استشهد بين يديه (3).
وقال السيد بن طاووس (قدس سره) : وقال شيخنا المفيد في كتاب التواريخ الشرعية (4) : وروى أن من زاره(عليه السلام) وبات عنده في ليلة عاشوراء حتى يصبح ، حشره الله تعالى ملطّخاً بدم الحسين(عليه السلام) في جملة الشهداء معه(عليه السلام) (5).
وقال الشيخ الطوسي (قدس سره) : وروى جابر الجعفي ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : من بات عند قبرالحسين (عليه السلام) ليلة عاشوراء لقي الله تعالى يوم القيامة ملطّخاً بدمه كأنما قتل معه في عَرَصَة كربلاء.
وقال : من زار الحسين(عليه السلام) يوم عاشوراء وبات عنده كان كمن استشهد بين يديه (6).

(1) في الكامل : البجلي كما مر عليك.
(2) في الكامل : عَرَصَته ، وفي مصباح المتهجد وإقبال الاعمال : عرصة كربلاء.
(3) كتاب المزار للمفيد : ص51 ـ 52.
(4) انظر ، مسار الشيعة للمفيد : ص44 ، ذكره مرسلاً.
(5) الاقبال لابن طاووس : ج3 ، ص50.
(6) مصباح المتهجد للطوسي : ص713 ، وعنه الاقبال : ج3 ، ص50.
كتاب ليلة عاشوراء في الحديث والأدب 86

زيارة الامام الحسين (عليه السلام)

ليلة عاشوراء

ويستفاد استحباب ذلك من الروايات الواردة في فضل المبيت عنده ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ ، وقد عقد الحر العاملي (قدس سره) في الوسائل : باب تأكّد استحباب زيارة الحسين(عليه السلام) ليلة عاشوراء ويوم عاشوراء ، وأورد عدة روايات منها ما يخص ليلة عاشوراء كرواية جابر الجعفي وما بعدها (1) ـ السابقتين ـ عن أبي عبدالله(عليه السلام) وكذلك المحدث النوري (قدس سره) أيضا في مستدركه (2).
وذكر الشيخ التستري ـ عليه الرحمة ـ في الخصائص من جملة الاوقات المخصوصة التي يزار فيها الحسين (عليه السلام) ليلة عاشوراء ويومها ، وقال : وخصوصية فضل زيارة عاشوراء الدخول في زمرة الشهداء والتلطّخ بدم الحسين(عليه السلام) وإذا زاره ليلة عاشوراء وبات عنده وسقى عنده الماء (3) في ذلك الوقت كان كمن سقى عسكر الحسين(عليه السلام) يوم عاشوراء (4).
وقد ذكر ـ رفع الله مقامه ـ أن فضل زيارات الحسين(عليه السلام) المخصوصة بالاوقات

(1) وسائل الشيعة : ج10 ، ص371 ، ب55 ، ح3 و4.
(2) مستدرك الوسائل للنوري : ج10 ، ص291 ، ب41.
(3) جاء في كامل الزيارات : ب71 ، ص174 ، عن ابي قولويه ـ عليه الرحمة ـ قال : وروى محمد بن أبي يسار المدائني بإسناده ، قال : من سقى يوم عاشورا عند قبر الحسين(عليه السلام) كان كمن سقى عسكر الحسين (عليه السلام) وشهد معه. وعنه أيضا بحار الانوار : ج98 ، ص105.
(4) الخصائص الحسين ية للتستري : ص123 و 308.
كتاب ليلة عاشوراء في الحديث والأدب 87

بالأوقات هي عَرَفة وعاشوراء ، وقال : والذي يترجح أن خصوصية زيارة عاشوراء التي ورد فيها : أن زائره يحشر ملطّخاً بدم الحسين(عليه السلام) في زمرة الشهداء ، أعلى من كل خصوصية حتى من مائة ألف حجة ، وألف حجة مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فإن في زيارة عاشوراء قد ورد أيضاً مع هذه الخصوصية ، خصوصية أخرى وهي : أنه قد زار الله في عرشه (1)(2).
هذا ويناسب أن يُزار الحسين(عليه السلام) في ليلة عاشوراء بزيارة عاشوراء المعروفة ، كما أن هذه الزيارة الشريفة لا تختص بوقت من الاوقات كما في رواية علقمة عن أبي جعفر(عليه السلام) : وإن استطعت أن تزوره في كل يوم بهذه الزيارة من دارك فافعل فلك ثواب جميع ذلك (3).
فتشمل يوم عاشوراء وغيره ، وسواء كانت من قريب أو بعيد ، وقد دلت أيضاً على استحباب ذلك الروايات الاُخرى الواردة في استحباب التسليم على الحسين(عليه السلام) والصلاة عليه من قريب وبعيد كل يوم (4) فرأينا من المناسب ذكرها هنا ولما لها من الفضل العظيم.
وكما لا يخضى أن زيارة عاشوراء كما دلت عليها التجارب فريدة في آثارها

(1) كامل الزيارات : ص174 ، مستدرك الوسائل للنوري : ج10 ، ص292 ، ح3 و5.
(2) الخصائص الحسينية للتستري : ص309.
(3) مصباح المتهجد للطوسي : ص718 ، بحار الانوار : ج98 ، ص296 ، وسائل الشيعة : ج10 ، ص386 ـ 387 ، ب63 ، ح3.
(4) كامل الزيارات : ص286 ، ب96 ، وسائل الشيعة : ج10 ، ص385 ، ب63 ، مستدرك الوسائل للنوري : ج10 ، ص305 ، ب46.

السابق السابق الفهرس التالي التالي