كتاب ليلة عاشوراء في الحديث والأدب 263

تُضمّد أحزانها وتطيرْ
وتبقين وحدك في وحشة الدرب
ترعين غرس الدماءْ
***
ولكنه العشق سيدتي فاعذريني
إذا ما خدشت حياء القصيدةْ
فجاءتْك ترقص في موكب الحزن مأنوسة بالجراحْ
وقد راح غيري يروّيك بالأدمع الخاثراتْ
ففي حضرة الوجد مَنْ ذا يُطيق إغتصاب الحروفْ ؟
***
إذا ما انتحيت عن السرب حلّقتُ وحدي
أُعير جناحيَّ للريح كيما تحلّقَ بي للفضاءْ
فلا أُفق.. غير العيون المليحات يستوطن الشعرْ
لا شيء يُطرب هذا اليراع المعنّى
سوى لغة منكِ تذكي لظاهْ
ليرحلَ نحو النجومِ البعيدةْ

كتاب ليلة عاشوراء في الحديث والأدب 264

ويبحث عن لغة طعمها العشق
عن لغة لونها العشق
كي يستعير القوافي
ليستلهم الذكريات العذارى
ويروي الحروف الظماءْ
ويعزف من وجع القلب ذكرى هواهْ
وذكرى صباهْ
وذكرى الليالي الجميلةْ
فأنت العيون التي ألهمت ريشتي كلّ هذا الغناءْ
***
وأنت العيون التي شاغلتني خطاها طويلاً
وأوسعتها غزلاً
ذبت فيها جوى
سرت من أجلها في دروب المنافي
تأرجحت فوق حبال المشانقِ
خالفت في شرعة الحب كلّ القوانينِ
عارضت كلّ رجالِ القبيلةْ
فلولاك..

كتاب ليلة عاشوراء في الحديث والأدب 265

لولاك..
يا حلوتي ما تجشمت هذا العناءْ
***
وسافرت بين سواحلها الزرق
أبحث عن نورس أنكرته الشواطيء
ضاقت بعينيه كلّ الدروبْ
وقص جناحيه برد المدينةْ
جزيرته في أقاصي البحار
وأعراقها في حنايا السماءْ
يجيء على فرس الريح في كلّ عام اليها
ليُسمِعها الأغنيات الحزينةْ
ويحمل ما بين عينيه ذكرى جديدةْ
لملحمة الكبرياء
ليغرس
أعشاشها في الذرى
ويرحل عنها لُقىً في العراءْ

شفيق العبادي
20|2|1417 هـ تاروت


كتاب ليلة عاشوراء في الحديث والأدب 266

الأستاذ شفيق العبّادي

شفيق العبادي حسٌّ نابض بحيوية العاطفة وصدقها ، بجرأة المواجهة يُغنّي موّالاً مفرداً بأسى عميق لكن بلا دموع ، فهو يحتفل بحزنه الخاص على طريقته الخاصة أيضاً ، لذا فهو يعزف تحت شرفة الذكرى ، يعزف على أوتار الشوق اليانع والحنين المعطّر لكي تُطلّ عليه الليلة بحزنها وذكرياتها ليتمّ لقاؤه بها ، فينثر بين كفيها قصائده النابعة من القلب بإحرفها المطفآت ليعبّر لها عن الخيبة والمرارة لأنه صادق العواطف لكنّه يصاب بالبله أمام جلالها الآسر فلا يمنحها إلاّخواء قصائده التي تضمّد أحزانها بعد اللقاء وتطير في سماواتها لتبقى الذكرى وحدها في عملية مستحيلة لغرس الدماء.
ويرجع العبادي ثانية ليعزف على وتر آخر هو وتر العشق ليرقّص قصيدته المخدوشة في حيائها في الموكب العام للحزن ، في الإحتفالية الجماعية بقدوم الذكرى.
يحس العبادي بتفرده فيسلك سلوكاً مغايراً للسائد والمتعارف وكل ذلك بسبب من علاقة حضور صوفية أسماها (الوجد) تضيع فيها اللغة وتعود للحروف بكارتها الاولى فلا يستطيع الواجد الصوفي أن يرى إغتصاب الحروف فيلجأ إلى نوع من الصمت الناطق بالحيرة والذهول والتفرّد والإنتحاء عن السرب والتحليق المنفرد التائه لأنه يعير أجنحته للريح لضياع أمكنته فلا أفق له ، لكن عيون الذكرى تستوطن الشعر وتشعل إنطفاءاته ليبتديء البحث عن لغة حسيّة بطعم العشق ولونه

كتاب ليلة عاشوراء في الحديث والأدب 267

فتكتمل أدوات الشاعر ليعزف على وتر الوجع ، تكتمل أدوات الفن كلها ، ريشة ملهمة تغني ووتر يعزف ، ويبدأ عزف آخر على وتر الغزل لتنكشف تضحيات الشاعر وعناؤه وذوبانه ثمّ نفيه ثم بحثه عن قناع يندرج تحت ظلاله فيجده في نورس منفي تنكره بيئته البحرية وتمنعه المدن بظواهرها غير الطبيعية من الطيران فيعاني غيبة وانقطاعاً عن المكان ، لكنه يتواصل مع الذكرى تواصلاً حياً دفّاقاً ، له موعد محدد يجدّد الذكرى التي يحملها مابين عينيه ويغرس حنوّه والتحامه معها ثم يرحل أيضاً.
والعبادي يحاصر تجربته بجوّ محزن حادّ ويمسحها بجناح رومانسي محلّق ويطوّع نَفَساً ونبرة إيقاعيتين متبادلتين ومتعامدتين في تتابع مقاطع القصيدة ، فمع أفقية النَفَس (الذي لا يفارق القافية بيسر بل يختم مقاطع القصيدة بقافية همزية متكررة ـ الدماء ، الفناء ، العناء ، العراء ـ وهذه الظاهرة فيها بصمات الإكثار من النظم على طريقة العمود) تقفز تلك النبرة المتخفية لتلملم شتات التداعيات ليسلم تأمله الشارد من أضطرابات اللاشعور الذي يكشف رغبات وأماني الشاعر المكبوتة في تجاوز الألم التقليدي وإكتشاف شعائر أخرى للتعامل مع المتخيَّل عند الجماعة ، فهو تجنّب السطحية والتقريرية والمباشرة لصالح الغموض وعَمَه الرموز الذي قد يؤدي إلى العجز عن تصور أو تشكيل رموزه عند المتلقين مما يحقق فجوة عريضة على مستوى التوصيل.

كتاب ليلة عاشوراء في الحديث والأدب 268

ـ 13 ـ
للسيد ضياء الخباز(1)
(1)
صفحات من مسرح الدم

حــَرّكَ الليـلُ سيفَهُ الأمويّا يَرسمُ الصـبحَ مسرحاً دمويا
يطعنُ النجمَ والدراري اغتيالاً غاضَهُ الأفــقُ مُذ بدا قمريا
فتلقتُه أنجــمٌ زاهـــرات ٌسكبت فيــه نـورَها العلويا
نحتتهُ النجومُ ليـلاً مــنيراً تحسدُ الشمسُ نورَه السرمديا
ثم غنتــهُ للّــيالي نشيدا ملأ الأفقَ صــرخةً ودويا
إنَّ لحناً بــه الحسينُ تغنّى سوفَ يبقى على المدى أبديا
***
خيّمَ الصمتُ والحسينُ هدير ٌأرهبَ الصحبَ منه ذاكَ المُحيّا
واستدارت حروفُه في شِفاهٍ تصهرُ الروحَ عـزمةً ومضيّا

(1) هو : الخطيب الفاضل السيد ضياء السيد عدنان الخباز ، ولد سنة 1396 هـ في القطيف ، وفيها درس المقدمات الحوزية والتحق بحوزة قم المقدسة سنة 1415 هـ ولا يزال يواصل دراستها العلمية ، وله مشاركة في النوادي الأدبية والدينية ومن تأليفه 1 ـ كتاب صفحات مشرقة من حياة الإمام السبزواري 2 ـ مجموعة شعرية في المناسبات وغيرها 3 ـ كتابات أخرى.
كتاب ليلة عاشوراء في الحديث والأدب 269

قــال «اُفٍ» وليتـه لـم يقلْها فبها ظــلّ دهــرُنا أمـويا
ويدُ الموتِ خلفَهُ تنسجُ المـوتَ طريقاً إلــى العُلى دمــويا
قبّلتها أنصــارُه فــي هيامٍ وجدوا الموتَ في الحسينِ هنيّا
قرأوا في الــدماءِ جناتٍ عدنٍ صــاغها اللهُ مــرفأً أزليا
فمضَوا للخلودِ في زورق الطفّ وخاضوا نهرا الدمـاءِ الزكيا
ما ألذّ الدمــاء فـي نُصرةِ الله إذا كــان نبعُهــا حيدريا
***
وتلاقتْ علــى الهـدى بسماتٌ لم يرعْها مــوتٌ يلـوحُ جليا
ضحكوا يهزؤون بالـموتِ شوقا ًللقاءٍ يحــوي الإمــامَ عليا
وانبروا للّقاء في ســَكرةِ الحُب ّالإلهــيِّ بالــصلاة سويـا
وانقضى الليلُ وهو يرسمُ صبحا ًنحتَ اللهُ شمسَهُ فـي الثــريا
أطفـأتْ وهجَهُ الــسيوفُ فما زالت رماداً ولم يـزل هو حيّا

ضياء الخباز
19 | شوال | 1416 هـ


كتاب ليلة عاشوراء في الحديث والأدب 270

(2)
فصول من قصة الحسين (عليه السلام)
وغفى الليل في عيون الصحارى يتخفّى في جفنهـا إعــصارا
والعيـونُ السمراءُ كانتْ رمادا ًوهو تحت الجـفون كان جِمارا
وإذا أقبــلَ الصبـاحُ سيمتـ ّـدُ ضباباً يـُخفى لهيبـاً ونارا
فأعّدَ الحسينُ سيفــاً من النور ونحـــراً وثلــةً أقمـارا
هاتفاً ياظلامُ (أُفٍ) فــكم أطفـ ـأت فجراً وكم نحــرتَ نهـارا
ولقــد آنَ أن تمــوت لتحيا فوقَ أشلائِكَ الشموسُ العذارى
***
قصةُ الليــل والحسين حَكاياتُ جراحٍ تفجــرتْ أنهــارا
قصةٌ لم تزل تتوّج عرشَ الفجر نــوراً وللشمــوس مدارا
فبها ينفخ الحسيـنُ فتســري في شرايينها الحروفُ سكارى
قصةٌ صاغهــا الحسينُ ولولا زينبٌ مـا تمخضتْ إعصارا
***
ورنت زينبُ البطولة في كف أخيها سيفــاً ونوراً ونارا

كتاب ليلة عاشوراء في الحديث والأدب 271

يـوقـدُ النـارَ للألى طعنوا الشمس ونــوراً للتائهيــن الحــيارى
يـعـزفُ المـوتَ للحيــاةِ وكان السيفُ في وحـي صمتــه قيثارا
قـرأت فــي عينيـه من لغة الدم حروفاً قــد عاهــدتُه انتصارا
ورأته يبني الشمــوخَ على أطلالِ جُـرحٍ لــم يعــرف الإنكسارا
ويريقُ الشَــريانَ شلالَ هــدىٍ كــانَ ينسابُ مــن يديه بحارا
فانبرت والرمالُ تسبقُهـا خَــطواً إلى الشــمس قبــل أن تتوارى
إيهـي ياشمــسُ لاتمــوتي فإنّا ما ألفنا مـن غيــر شمسٍ نهارا
إن عزمتِ على الغروب فردينا إلى موطــن إشــراقك لنحياكِ ثارا
وهنــا المســرحُ الحسينيُّ قـد أســدل ستـراً وأطفـأ الأنوارا

ضياء الخباز
25 / 10 / 1417 هـ


كتاب ليلة عاشوراء في الحديث والأدب 272

السيد ضياء الخباز

إعلان الشاعرية أمام ساحة التلقي شيء ، ومواجهتها للجهد النقدي فحصاً وإختباراً شيء آخر ، بمشاركتين يثبت السيد ضياء الخباز بدايته كسائر في طريق الإبداع الشعري الطويل ، زوّادته الولاء والحب والعشق الإلهي ، وأدواته الألفاظ الرقيقة والتراكيب الرشيقة والصور الخلابة المشرقة.. ولعل في قصيدتيه أصداء من الآخرين نجح في إخفائها بتفوق ظاهر مما يحقق لديه نتائج قراءاته وإصغائه في شكل يتداخل فيه نصّه الشعري مع نصوص الآخرين الشعرية في عملية تلاقح منتج تفيد تجربته الواعدة وتغنيها فنرجو منه أن لايستسلم لعوامل الإحباط والخيبة ، فالعملية الشعرية عسرة المخاض والولادة ولاتتأتّى لصاحبها بالهيّن من الجهد بل بالمثابرة والتواصل والمتابعة المستمرة.
ونحن نترك للقرآء إكتشاف هذه الموهبة الواعدة من خلال نصّيه المدرجين .

كتاب ليلة عاشوراء في الحديث والأدب 273

ـ 14 ـ
الشيخ عبدالحسين الديراوي (1)
ليلة الحداد

ياليلَ عَشـرِ محــرمٍ ألبستنــا ثوبَ الحــدادِ فكلُّنــا مثكـولُ
وافيتنــا بالنائبــاتِ وإنَّهــا أمرٌ على كلِّ النفــوس ثقيــلُ
فجَّرْتها يومَ الطفـوفِ عظيمــة ًمنها ربوعٌ قد بكـت وطلــولُ
حاربتَ مَنْ في فضلهم دون الورى نطق الكتــابُ ونـوّهَ الانجيـلُ
لما رأيــتَ ابن النــبي ونورُه (عُرضُ الدُنى فيه زها والطولُ )
أمَّ العـراقَ بِفتيــةٍ مــن أهله ليُقيمَ أمراً قــد عراه خمــولُ
أثقلــتَ كــاهلَه بهـا وأعَقْتَه من أن يحقــّقَ ما هـو المأمولُ
ورميتَه بسهام غــدرٍ مـا ابتلى فيها وصـيٌ قبلَــه ورســولُ
خَذَلَتْه أقــوامٌ تسابــقَ رُسْلُهم منهـم مُــريحٌ عنده وعجـولُ
برسائــلٍ مضمونُهــا وحديثُها أن ليس غيرُك للنجـاةِ سبيــلُ
إنا لأمرك طائعــون فقــم بنا فإلامَ يحكم فــي البلاد جهولُ
عجِّل فــدتك نفوسُنا فكبيــرُنا وصغيرُنا لك ناصــحٌ ووصولُ

(1) هو : الطيب المعاصر الشيخ عبد الحسين عبد السادة الديراوي ولد في خوزستان وسلك في عداد خدام المنبر الحسيني كما درس في الحوزة العلمية في قم المقدسة والأهواز ، وله ديوان سعر شعبي( مطبوع ) أغلبه في واقعة الطف وله مشاركات في المناسبات الدينية وغيرها.
كتاب ليلة عاشوراء في الحديث والأدب 274

تالله إن لــم تستجب لندائنــا فالدينُ ديــن أميــةٍ ســيؤولُ
ومن المدينة حيـن راح يحفــه مَنْ مالَهم في العالمــين مثيــلُ
قد نُزِّهوا عــن كل ما من شأنه يُوري فــهم لذوي العُلا إكليــلُ
نزلوا بأرض الغاضرية فازدهت من نــورهم ليت المقام يطــولُ
باتوا وبات ابــن النبي كأنَّــه بــدرُ الســماء وذالكمْ تــأويلُ
أحيى وأحــيوا ليلَهـم بتضرعٍ وتبتّــُل وعــلا لهــم تهليـلُ
وغدا يودّعُ بعضُهم بعــضاً فما أحرى بأن يبكي الخليــلَ خليـلُ
حتى إذا ولَّى الظلامُ وأصــبحوا أُسداً تجول على العدى وتصــولُ
شهدت ببأسهم الفيالــقُ إذ رأتْ موتَ الــزؤام لـه بــهم تعجيلُ
فكـأنَّ يــومَ النفــخ آن أوانُه وبه الموكّل أُعـطيَ التخويــلُ(1)
منهــم تهيَّب جيــشُ آل أميةٍ وعرى الــجميعَ تخاذلٌ وذهـولُ
وَعَلَيهِمُ حام القــضا فدعـاهم داعي الــمنونِ وإنَّـه لعجــولُ
فهووا على حرِّ الصعيدِ وبعـدَهم نُكِبَ الهــدى إذ ربّــُه المثكولُ
أمَّ الخيام إلى النسـاء معــزِّياً ومودِّعاً فبــدا لهــنَّ عـويلُ
وغدا يُسَلِّي الثــاكلاتِ وهكذا حتى هَدَأنَ فقــام وهــو يقولُ
(مَنْ ذا يُقدمُ لي الجوادَ ولامتـي والصحبُ صرعى والنصيرُ قليلُ)
(1) في القيامة اقواء واضح.
كتاب ليلة عاشوراء في الحديث والأدب 275

ـ 15 ـ
للشاعر الشيخ عبدالله آل عمران (1)
الليلة الخالدة

خيــم الليـل والذوي صقيع وسجود وشاحــه وركوع
وجه السبط محور القلب يدعو بالعبادات قدر مــا يستطيع
ودعا الله سيـد الكـون يرنو أن يطيل الظلام رب سميـع
خيم الليــل فالعبـادة وهج يتمنى أن لا يضيء الصديـع
لا لأن الرحيل صعـب ولكن عسق النسك فالفراق مـروع
حيث لو خيروه بيــن جنان أو رجوع لها لقال : الرجوع
***
قال ياصاحب إننا سوف نمضي للمنايـا وليس منــها منيع
فانظــروا كيف نصنعون فكل في اختيار إذا عصى أو يطيع
فتلقـوه بالصمــود ونـادوا ياابن بنت النبي نحن الدروع

(1) هو : الشاعر الشيخ عبدالله بن أحمد بن مهدي آل عمران ، ولد سنة 1390 هـ في جزيرة تاروت ـ القطيف ، أكمل دراسته الأكاديمة ، وحاز على شهادة البكالوريوس في العلوم الأدارية من جامعة الرياض ، وله مشاركة في النوادي الأدبية والثقافية الدينية.
كتاب ليلة عاشوراء في الحديث والأدب 276

فامض : فينا فان أرواحنا تفـ ديك حتــى يسيل النجيــع
قــال : قد هوّم الظلام فهبوا نحو إحيائــه فلبى الجميـع
فهــم بيـن قاريء ومصلي في اشتياق وقد براهم خضوع
هكذا كــان ليلهـم في وداع ولذا ما غشي العيون هجوع
***
هــا هنا فرقتان فالسبط والآل
وبنــو الحقد والنفـاق وتبدو في نفوس وقد غشاها الخنــوع
هذه أنفـس من القدس صيغت ونفوس الأعــداد بناها وضيع
وهنــا العـز والبسالة روحا وهـم ساقهــم جبـان جزوع
وهنا عفــة وصـدق وحلم وهناك الدهــا وغــدر فظيع
وهنا للفداء عــنوان حـق وهناك فيـن القــذارات ريـع
وهنا العطف والحنان تسامي وهم ما نجى ـ لديهم ـ رضيع
وهنا تزدهي الصراحة شمسا وهم خـادع لــه مخــدوع
هذه صفحة من الطهر صيغت وعلى تلـكم الهـوى والمـيوع
واشترى الله أنفسا طاهـرات لا تحابـي بمبــدإ أو تبــيع
هاهم الصحب بالوفاء تسمـوا فمجال الوفـاء قطعــا وسيـع
***

كتاب ليلة عاشوراء في الحديث والأدب 277

قد بدا الحقد في ابن سعد فجرما قد أتــاه فساء منـه صنيــع
اسخطوا الوحي والسماء عليهم إن حرب الحسين جرم شنــيع
ليـس حربا لشخصه بل لروح هي للدين أصــله والــفروع
فغــذا هـذه الشموع ستدوي ذاك فـوق الصعيد مرمى صريع
وعزيــز بـكت عليه الثكالى خضبوه فسال مــنه الـنجـيع
ونساء يصــحن إنا عطاشى وأبو الفضل لليــديـن قـطيع
وغدا تندب اليتــامى لقتلـي صحن قد ( قوض العماد الرفيع )
إنما هذه الضحــايا ستبقـى وستهدي الأنام هــذي الشموع
وسيبقـى الحسيـن يجري بدم في عروقي فبالعبــير يضـوع
ويهيــم الفؤاد في تلبيــات كلما مــرّ ذكــرُهُ ويــميع
ليلة السبط خلدت دين طــه حــيث لولاه ديـن طه يضيع

عبد الله أحمد آل عمران
20 / 11 / 1416 هـ


كتاب ليلة عاشوراء في الحديث والأدب 278

الشيخ عبدالله آل عمران

القصيدة محاولة جادة بالأدوات الشعرية التوصيل رؤى الشاعر وتصوراته الخاصة عن ليلة عاشوراء ، وبطريقة تجريبية اختار الشاعر مساحة عريضة للتعبير ليفحص طول نفسه الشعري مع بحر مركّب التفعيلات متداخل الإيقاع هو بحر الخفيف وكذلك مع قافية صعبة المنال وعسرة الروي هي قافية حرف العين.
إن على الشاعر المتصدي لإحياء أمر أهل البيت (عليهم السلام) أن ينتبه ألى أنه يطرح شعره أمام متلقين منصهرين النصوص ، فهم يتلون آيات القرآن الكريم في الصلاة وغيرها ، ويزورون الأئمة (عليهم السلام) بنص ، ويقرآون أدعيتهم بنص أيضاً ، مما يجعل مساحة تعاملهم مع النصوص مساحة عريضة ، ودرجة تلقيهم عالية التوتر ، فيجب الإلتفات الى القابلية المتحصلة لديهم لغرض تحقيق التوصيل الحامل للمتطلبات الفنية والأدبية والجمالية.
ونخلص الى أن آل عمران مع حمله للبذرة الساحرة المسحورة التي تمكنه من الثبات والتفوق في الساحة الشعرية فقد حاول التعبير عن أحداث الليلة لاجئاًالى التطابق الواقعي مع التفاصيل دون التطابق الفني فامبد نصه حين شرح التقابل بين المعسكرين لينتهي بعلاقته الشخصية بالإمام الحسين(عليه السلام) ويقرر في النهاية قراراً نهائياً عن ليلة عاشوراء قائلاً :
ليلة السبط خلدت دين طه حيث لولاه دين طه يضيع

كتاب ليلة عاشوراء في الحديث والأدب 279

ـ 16 ـ
للشيخ عبدالله العوى القطيفي (1)
منازل كربلاء

فمضـى يخبر صحبه عما جرى ويبين للأمـر المهــول الأكبر
هذي الطـفوف وذي منازل كربلا أفما ترون لسابقــي لـم يجسر
قـد قــال جــدي إنها أوطاننا وبها تسيل دمــاؤنـا كالأبحر
وبها تسام الخــسف نسوة أحمد وبها تصيب الديــن طعنة أكفر
لكنكـم في الحــل مني فارحلوا من قبل ابلاج الصبــاح المسفر
قالوا لـه انــت الصـباح وسيره فيه الصلاح لعاقــل مـستبصر
ماذا نقــول إذا أتـينــا أحمداً وأباك والزهراء عنـد الكوثــر
تفديك يــا نـفس الرسول نفوسنا وأقل شيء أن تراق بمحضــر
فاصدع بأمرك تحظ قصدك عاجلا وتر الصحيح من القتال الأكبـر
لله در نــفوسهــم لمــا علوا فوق السوابق والخيول الـضمر
فكانهم فــوق الخيــول كواكب تسمو على مريخها والمشتري
وكــأن خليــهم نجوم قد هوت رجما لشيــطان وكــل مكفر
لم يحسبــوا رشـق النبال أذية كلا ولا طــعن الرماح بمذعر
ولكم أبادوا مــن عصـاة ذادة بسوا الـدروع واقبلوا كالأنسر
حتى قضوا ما بين مشتبــك القنا وبقي حسين مفردا لم ينصر(2)

(1) هو المرحوم الشيخ عبدالله بن الشيخ علي بن محمد بن علي بن درويش القطيفي المشهرو بالعوى ، أحد أعلام القرن الثالث الهجري توفي سنة 1210 هـ.
(2) محرك الأشجان : للحاج احمد العوى : ص558.
كتاب ليلة عاشوراء في الحديث والأدب 280

ـ 17 ـ
للشيخ عبد الكريم آل زرع (1)
العبق الفواح

أليلة عاشوراء يا حلكــاً شَبَّــا حنينك أدرى من نهارك ما خبّــا
وما خبّأ الآتي صهاريـج أدهُــرٍ بساعَاتِه قد صبّ صاليَها صبّــا
بساعات ليلٍ صرَّم الوجـدُ حينهـا يُناغي بها الولهان معشوقه حُبّــا
يُقضِّي بها صحبُ الحسين دجـاهُمُ دَويّاً كمن يُحصي بجارحـة تعبـى
لقد بيّتوا في خاطر الخلـدِ نيــةً أضاءت دُجى التاريخ نافثةً شُهبـاً
وقد قايضوا الأرواح بالخلد والظما برشف فرندٍ يحتسون بـه الصَّهبـا
فواعظمهم أنصار حَقِّ توغلــوا إلى حِمِم الهيجاءِ واستنزفوا الصعبا
فأكبْــر بهم عزّاً وأكرمْ بهم تُقىً وأعظمْ بهم شُوساً وأنعمْ بهم صحبا
بهم ظمأٌ لـو بالجبــال لهدَّهــا ولو بالصّخور الصُمِّ فتّتها تُربــا
عزائمُهمْ لو رامت الشمسَ بُلِّغـت ولو رامت الأفلاك كانت لها تربـا
وأعيُنُهمْ لا يَسبر الفكرُ غورَهــا شُرودٌ بها قد حَيَّر الفِكـرَ واللبّــا

(1) هو : الشاعر الشيخ عبد الكريم بن مبارك آل زرع ، ولد في تاروت ـ القطيف سنة 1381 هـ ، يعمل حالياً في شركة ارامكو ، ولا يزال أيضاً يواصل دراسته الحوزوية في القطيف ، ومن نتاجه الأدبي القيّم ديوان شعر ( مخطوط ) أكثره في أهل البيت عليهم السلام ، وهو أحد النشطين بالمشاركة في النوداي الأدبية والدينية.

السابق السابق الفهرس التالي التالي