ويالك من ليلٍ محــت مُدلهِمَّـــه |
|
جباهُهُم والبــدرُ والقُضُــبُ البُتْرُ |
رأى الملأُ الأعلى لــو انَّ متــونَهُ |
|
لهم صهواتٌ لا المُجمَّلـــةُ الشُقْـرُ |
جرى دمهم في المَهْمِه القفر فاغتـدى |
|
نعيماً وأمسى وهو مُؤتلــفٌ نضـرُ |
وما سال فوقَ الأرضِ حتى تضَّرجت |
|
به وجناتُ الأفقِ مما جنــى الغـدرُ |
تفجَّرتْ الدّنيا جمــالاً بهم كمـــا |
|
تفجَّرَ بالإبداعِ مـن مُلهــمٍ فِكْــرُ |
وحقَّق للإنسانِ معنــى وجـــوده |
|
دمٌ سال منهـم لا قليــلٌ ولا نَـزْرُ |
وخصَّهـــم بالسبـطِ ربٌّ بَـراهُمُ |
|
فلا قَدْرَ إلا فوقَــه لهُـمُ قَـــدْرُ |
قِدُ الحرف وسط الليل يقتحم القدرْ |
|
فقلبُ المنايا من لغـاك سينتحـــرْ |
تناغيك أمواج الأعاصيـر في غد |
|
تعد لها المهر الجريــح لتنتصــر |
تُرى ليل عاشوراء عرس منابـرٍ |
|
تمشّى بها صحو الضمير فمـا عثـر |
قُمَيْرٌ يناغي النجم وهي تحوطــه |
|
تقد!يه إن ألوى بجانبــه الخطــر |
ومن كل نجم ينزف الضوء أحمرا |
|
تضاء بها الأكوان ، تفتتن العصــر |
فياليلة العشاق كــان دويهـــم |
|
تخر له الدنيا ويستسلــم القـــدر |
يمد الدجى فوق الرمال مخاوفــا |
|
فتنكسر الصحراء والعـزم معتمّــر |
وأنت فم قد جلل الكون رفضــه |
|
وأنف شموخ فرّعت كبـره مضــر |
فتعلن أن الموت غايتك التـــي |
|
ستسعد فيها والحيـاة لمـن قهـــر |
وينثال كل يستبيــح وجـــوده |
|
فداءً لظل الله والأضـلع الطهـــر |
صمود له التاريخ ينـدى جبينــه |
|
ويرقى على عين الزمان فيُختصــر |
ستبصر عند الأفق شر ذمة سعـت |
|
لتغتال ضوء الشمس أو تطفىء القمر |
وسوف تمد الطرف نشوان والوغى |
|
كغابات خوف والا سنة كالشجـــر |
ويوم غد من كل طعنــة خنجـــر |
|
يصيح فم إن البغــاة ستندحـــر |
ستعدو بهم والأفق سـدت تخومـــه |
|
من الخيل ، والرمضاء ترميه بالشرر |
رويداً سيلقاكــم رضيعي بنحـــره |
|
خطاباً عصياً دكّ افئـدة الحجـــر |
ويلقاكـم حتى الصبي يشــد فـــي |
|
ذراعيه عزمات النبي فمـا انكســر |
ولادة أحــلام هنا تقهـر الظمـــا |
|
ونبع مذال في مدى الروح ينفجــر |
فصح يا فــرات الآن هذي دماؤنــا |
|
ستغترف الأجيال من نزفها الغضـر |
ويا حزمة للضــوء ودّت لـوانّهــا |
|
تحرق ألفـا أو تُــذرُ ولاتَـــذَر |
تخطي على الدنيا نبــوءة عاشـــق |
|
توطيء في أزكى مواجعها المطــر |
فيا أيها الحرف المطهـر لم يـــزل |
|
على شفة الأرماح بالوحي يدكـــر |
ويا ليلة ( غابت نحوس نجومهـــا ) |
|
لك المجد أن أشرقت في ظلمة البشر |
ليلةٌ أسهرت عيـون الليالـــي |
|
لتُرينـا عزائــمَ الأبطـــالِ |
وتُرينا الشموسَ تفتــرسُ الليـ |
|
ـلَ لتمحو عصرَ الليالي الطوالِ |
وتُرينا التاريخَ أشـرقَ فيـــه |
|
عقدُ نورٍ مرصّـعٍ باللآلـــي |
وتُرينا الإنسانَ يسمو على النجـ |
|
ـمِ مناراً ورجلُهُ فـي الرمـالِ |
وتُرينــا الليلَ الذي يلـد الفجـ |
|
ـرَ فيهوي ظلامُـهُ للــزوالِ |
فيها عصبةٌ تُسبـــحُ بالحـمـ |
|
ـدِ فتذكي شوامــخَ الآمــالِ |
في دويٍّ كالنهـرِ يملـؤُهُ التسـ |
|
ـبيحُ ينسابُ من رُبى شَــلاّلِ |
في جلالٍ كنسمةِ الفجرِ هبّــت |
|
لتبُثَّ الحيـاةَ فــي الآصــالِ |
والحسينُ الشهيدُ يفتحُ بـابـــاً |
|
في زوايا المسيرِ والترحـــالِ |
إنما شخصيَ المرادُ فسيـــروا |
|
ودعوا ساحةَ القنا والنصـــالِ |
فإذا بالقلوبِ تنطـــقُ إنّـــا |
|
بمواضي سيُوفِهم لانُبــالـــي |
إنما الموتُ يفتحُ البابَ للخــلـ |
|
ـدِ فتُمحى عظـائمُ الأهـــوالِ |
إنّنا نعشقُ الشهادةَ في الحـــقِّ |
|
وإن مُثِّلَـتْ بألـــفِ مِثـــالِ |
وسنبقى حولَ الحسيــنِ سِياجـاً |
|
من قلوبٍ لا من سيوفٍ صقــالِ |
فالقلـوبُ الولهى أحدُّ من السيفِ |
|
وأقوى من الــدروعِ الثقـــالِ |
والفؤادُ المجروحُ يعصفُ كالاعـ |
|
ـصارِ يمحو ثوابـــتَ الآجالِ |
والجريحُ المظلومُ لا يَرهبُ الموتَ |
|
إذا ما دعاهُ داعــي النِّـــزالِ |
إنَّما المـوتُ خطوةٌ لجنانِ الخلـ |
|
ـدَ أو رشفةٌ مـن السلســـالِ |
حبَّذا الموتُ في سبيلِكَ يــا سِـ |
|
ـبْطُ ويا حَبَّذا مروعُ القتـــالِ |
ليس في المـوتِ ما يُخيفُ إذا كا |
|
نَ سيُحي ضمائـرَ الأجيـــالِ |
ليس في المـوتِ ما يُخيفُ إذا كا |
|
نَ طريقاً الى جَميـل المـــآلِ |
رايةٌ قَلبُها الحسيــنُ تَشـــقُّ |
|
الحشرَ شقاً الى عظيـمِ النَّــوالِ |
وقلوبٌ حُـبُّ الحسيــنِ يناغيـ |
|
ـها تغذَّت حياتُهـا بالـــزّلالِ |
حُبُّهم مصدرُ الـرواءِ وأسّ الطُـ |
|
ـهرِ والخيرِ والهدى والجمــالِ |
في سبيل الحسين ما أنتَ يا موتُ |
|
سوى يـومِ رحلــةٍ للكمـــالِ |
ليس أغلى من الحيـاة ولكــن |
|
لك غالي أرواحِنــا والعيــالِ |
كلُّ غالٍ تَملَّكَ القلــبَ حُبــاً |
|
في سبيل الحسينِ ليـسَ بغالــي |
الليلُ قد نثر الدموعَ رحيقـــا |
|
وهوى يُقبّل في الظلامِ رفيقـا |
خمسُونَ ما رعِشَ الضميرُ لغيره |
|
أبداً... وما عَرفَ الفؤادُ عُقوقا |
كانت لياليه الحسـانُ وضيئــةً |
|
تزهو على كبد الزمان بروقـا |
وتصاعدت أنفاسُه فـي موكـبٍ |
|
قد زُفّ للأفلاك نوراً يوقــا |
وإذ ارتقى نحو السماءِ نشيجــهُ |
|
غفت الشجونُ وجُنّت الموسيقى |
رقصت وقد سال النُهى في كأسه |
|
فالفَجرُ جاءَ مُهرولاً ليذوقــا |
حتى إذا اقتربـت إليــه غــادةٌ |
|
حسناءُ تضرمُ في الدِماءِ حَريقــا |
الصُبحُ في وَجناتَهــا مُتـــورّد |
|
ومن الفضاءِ النورُ يشكو ضيقــا |
فترنّحت بالوجد تَعتصـرُ المُنــى |
|
لتصبَّ قلباً في الغـرام أُريقـــا |
قالتْ وقدْ فاحَ العبيـرُ بصوتهــا |
|
والثغرُ نثَّ أقاحيـاً وشقيقـــا : |
« هلاّ نزلت إلى فـــؤادي مَرّةً |
|
وهل ارتشفت رضابَهُ والريقـا » |
« إنّي أمدُّ يداً لقد ذابـت لهـــا |
|
كلُّ القلوبِ ومُزّقتْ تمزيقـــا » |
فهل ارتضيتَ بأن أكون عقيلــةً |
|
لأصونَ من غيظي الدّمَ المحروقا؟! |
فأجاب :مَنْ هذي التي دَوّت بنــا |
|
وَمَضَتْ إلى النجوى تَشقُ طَريقا؟! |
قالت : أنا « الدُنيا » وهذي نِعمتي |
|
تجني الثمارَ أسـاوراً وعقيقـــا |
فأجابها والحلمُ يمتشق السنـــا |
|
ويمدُّ صوتاً في الوجود طليقــا : |
« حَرُمَتْ على الأبناء من قد طُلِقَتُْ |
|
وأبوهُمُ مَنْ أَوقـعَ التطليقـــا » |
« وأبي لقد حَفِظَ الزّمـانُ طَـلاقهُ |
|
لكِ في صَميمِ الخالداتِ بريقــا » |
الليلُ يسمــعُ ما يـدورُ بقلبـــه |
|
فيعدُّ دقــاتٍ لــه وشهيقـــا |
ويعدُّ ليلته ـ وقد ماست بـــه ـ |
|
أملاً يَمــوتُ وعالمــاً مَسروقا |
هي آخـــرُ العنقودِ يَـدري أنهـا |
|
تلِدُ الصباحَ وضــوءَه المخنوقـا |
فلتستعدّي يـا نجــوم وتخمــدي |
|
فجراً تخطّى نحونــا وشروقــا |
طولي فقد شدَّ الرحيــلُ رِكـابَـهُ |
|
وبه تهجّى الضــارعُ التفريقــا |