خصائص ألأئمة عليهم السلام 55

ينتظر ميثما ، فلما قدم ميثم أخذ بيده فأتى به عبيد الله بن زياد ، فلما أدخله عليه ، قال له : ميثم ، قال : نعم ، قال : إبرأ من أبي تراب. قال : لا أعرف أبا تراب قال : إبرأ من علي بن أبي طالب قال : فان لم أفعل ؟ قال : إذا والله أقتلك. قال : أما انه قد كان يقال لي إنك ستقتلني ، وتصلبني على باب عمرو بن حريث ، فإذا كان اليوم الثالث إبتدر من منخري دم عبيط.
قال : فأمر بصلبه على باب عمرو بن حريث ، فقال للناس : سلوني ، سلوني ـ وهو مصلوب ـ قبل أن أموت ، فوالله لاحدثنكم ببعض ما يكون من الفتنء فلما سأله الناس وحدثهم أتاه رسول من إبن زياد ـ لعنه الله ـ فألجمه بلجام من شريط ، فهو أول من ألجم بلجام وهو مصلوب ، ثم أنفذ إليه من وجأ جوفه حتى مات فكانت هذه من دلائل أمير المؤمنين عليه السلام (1).
وبإسناد عن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب عن أبيه عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، قال : أوصاني رسول الله صلى الله عليه وآله ، فقال يا علي : إذا أنا مت فاغسلني من بئري مرتين بسبع قرب فإذا فرغت من مهادي فضع سمعك على فمي ، ثم اعقل ما أقول لك ، قال : ففعلت ما أمرني به صلى الله عليه وآله فحدثني بما هو كائن إلى يوم القيامة (2).
وبإسناد أن أمير المؤمنين عليه السلام ، كان يقول : ما من رجل من قريش جرت عليه المواسي إلا وقد نزلت فيه آية أو إثنتان تقوده إلى الجنة ، أو تسوقه إلى نار ، وما من آية نزلت في بر أو بحر أو في سهل أو جبل إلا وقد عرفت حين نزلت ، فيم انزلت ، ولو ثنيت لي وسادة لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم ، وبين أهل الانجيل بإنجيلهم ، وبين أهل الزبور بزبورهم ، وبين أهل القرآن بقرآنهم (3).

(1) الارشاد/171. أعلام الورى/172. سفينة البحار 2/523. غزوات أمير المؤمنين (ع)/46.
(2) البحار 22/514. بصائر الدرجات/81. رسالة في تغسيل النبي صلى الله عليه وآله بسبع قرب للشيخ عبد الله بن الحاج صالح بن جمعة اسماهيجي المتوفى 1135 هـ.
(3) من الاحاديث الثابتة أن أمير المؤمنين عليه السلام أعلم الصحابة على الاطلاق. كنز العمال 1/228. طبقات ابن سعد 2 ق 2/101. تهذيب التهذيب 7/337. الغدير 3/95. كفاية الطالب/207 حلية الاولياء 1/67. الاستيعاب 2/463.
خصائص ألأئمة عليهم السلام 56

خبر رد الشمس وإن كان من الاخبار المشهورة

روى محمد بن الحسين بن سعيد ، عن أحمد بن عبد الله ، عن الحسين ابن المختار ، عن أبي بصير عن عبد الواحد ابن المختار الانصاري ، عن أبي المقدام الثقفي ، قال لي جويرية بن مسهر (1) : قطعنا مع أمير المؤمنين عليه السلام جسر الصراة (2) ، في وقت العصر ، فقال : إن هذه أرض معذبة لا ينبغي لنبي ولا وصي أن يصلي فيها ، فمن أراد منكم أن يصلي فليصل ، قال : فتفرق الناس يصلون يمنة ويسرة ، وقلت أنا لاقلدن هذا الرجل ديني ، ولا اصلي حتى يصلي.
قال : فسرنا وجعلت الشمس تستقل ، قال : وجعل يدخلني من ذلك أمر عظيم ، حتى وجبت الشمس وقطعت الارض. قال ، فقال يا جويرية : أذن فقلت تقول لي أذن وقد غابت الشمس ؟ قال : فأذنت ، ثم قال لي : أقم فأقمت ، فلما قلت : قد قامت الصلاة ، رأيت شفتيه تتحركان ، وسمعت كلاما كأنه كلام العبرانية ، قال : فرجعت الشمس حتى صارت في مثل وقتها في العصر ، فصلى فلما انصرف هوت إلى مكانها واشتبكت النجوم (3).

(1) جويرية بن مسهر العبدي الكوفي ... من أصحاب علي عليه السلام ، وكان الامام يحبه حبا شديدا قال له يوما : يا جويرية ليقتلنك العتل الزنيم ، وليقطعن يدك ورجلك ثم إنه ليصلبنك ، ثم مضى دهر حتى ولي زياد بن أبيه في أيام معاوية فقطع يده ورجله ثم صلبه.
تنقيح المقال 1/238. رجال الطوسي/37. رجال إبن داود/67. أعيان الشيعة 17/195.
(2) معجم البلدان 3/399.
(3) تنقيح المقال 1/239.
خصائص ألأئمة عليهم السلام 57

وفي حديث آخر :
عن جويرية بن مسهرا أنه قال : فلما إنقضت صلاتنا سمعت الشمس وهي تنحط ولها صرير كصرير رحى البزر ، حتى غابت وأنارت النجوم ، قال : فقلت : أنا أشهد أنك وصي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال يا جويرية : أما سمعت الله يقول : «فسبح باسم ربك العظيم »؟ فقلت بلى ، فقال : اني سألت ربي باسمه العظيم ، فردها علي (1).
حدثني أبو محمد ، هارون بن موسى بن أحمد المعروف بالتلعكبري ، قال : حدثنا أبو الحسن ، محمد بن أحمد بن عبيد الله بن أحمد بن عيسى بن المنصور ، قال : حدثنا أبو موسى ، عيسى بن أحمد بن عيسى بن المنصور ، قال : حدثني أبو محمد ، الحسن بن علي ، عن أبيه علي بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه علي بن موسى ، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن إبيه الحسين بن علي ، عليهم السلام والصلاة ، قال : حدثني قنبر مولى علي بن أبي طالب عليه السلام ، قال : كنت مع أمير المؤمنين عليه السلام على شاطئ الفرات ، فنزع قميصه ، ونزل إلى الماء فجاءت موجة ، فأخذت القميص. فخرج أمير المؤمنين عليه السلام فلم يجد القميص فاغتم لذلك ، فإذا بهاتف يهتف ، يا أبا الحسن انظر عن يمينك وخذ ما ترى ، فإذا منديل عن يمينه ، وفيه قميص مطوي ، فأخذه ولبسه فسقط من جيبه رقعة فيها مكتوب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، هدية من الله العزيز الحكيم إلى علي بن أبي طالب ، هذا قميص هارون بن عمران ، كذلك وأورثناها قوما آخرين (2).

(1) جامع الرواة 1/169. سفينة البحار 1/57.
وحديث رد الشمس لامير المؤمنين عليه السلام من القضايا الثابتة أخرجه جمع من الحفاظ الاثبات بأسانيد جمة صحح جمع من مهرة الفن بعضها ، وحكم آخرون بحسن آخر ، وشدد جمع منهم النكير على من غمز فيه وضعفه ، وأفردها بالتأليف وجمعوا فيه طرقها وأسانيدها. الغدير 3/141 ـ 126.
(2) البحار 42/122 الطبعة الجديدة. تنقيح المقال 2/29 ـ باب القاف. جامع الرواة 2/24.
خصائص ألأئمة عليهم السلام 58

وبإسناد مرفوع إلى عمرو بن المنهال ، قال : بينا نحن ذات يوم جلوسا مع أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ في رحبة القصر ، إذ زلزلت الارض فضربها أمير المؤمنين بيده وقال لها : ما لك فوالله لو كنت هي لانبأتني أخبارك ، وإني الذى تحدثه الارض بأخبارها أو رجل مني (1).
وبإسناد مرفوع إلى الاصبغ بن نباتة ، قال : جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، فقال يا أمير المؤمنين قد زاد الفرات ، والساعة نغرق ، قال : لن تغرقوا ، ثم جاءه آخر فقال يا أمير المؤمنين : قد فاض الفرات والساعة نغرق ، فقال : لن تغرقوا ، ثم دعا ببغلة رسول الله صلى الله عليه وآله فركبها وأخذ بيده قضيبا ثم سار حتى إنتهى إلى شاطي الفرات ، فنزل فضرب الفرات ضربة فنقص خمسة اذرع ، وقال. بعضهم : عشرة أشبار (2).
فقال الاصبغ سمعت عليا عليه السلام يومئذ يقول : لو ضربت الفرات ضربة ومشيت ما بقي فيه قطرة.

وبإسناد مرفوع قال ، قال إبن الكواء لامير المؤمنين : أين كنت حيث ذكر الله تعالى نبيه وأبا بكر فقال : «ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا » (3) ؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام : ويلك يا ابن الكواء كنت على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد طرح علي ريطته (4) فأقبلت قريش مع كل رجل منهم هراوة فيها شوكها ، فلم يبصروا رسول الله حيث خرج ، فأقبلوا علي يضربونني بما في أيديهم حتى تنفط (5) جسدي وصار مثل البيض ، ثم انطلقوا بي يريدون قتلي ، فقال بعضهم : لا تقتلوه الليلة ولكن أخروه واطلبوا

(1) سفينة البحار 1/555 وفيه : أنها كانت على عهد أبي بكر.
(2) الارشاد 1/348 ألباب الثالث فصل 77 وفيه : رواه نقلة الآثار واشتهر في أهل الكوفة لاستفاضته بينهم.
(3) سورة التوبة/40.
(4) الريطة : كل ثوب يشبه الملحفة.
(5) تنفط الجسم. قرح أو تجمع فيه بين الجلد واللحم ماء بسبب العمل.
خصائص ألأئمة عليهم السلام 59

محمدا ، قال : فأوثقوني بالحديد وجعلوني في بيت واستوثقوا مني ، ومن الباب بقفل فبينا أنا كذلك إذ سمعت صوتا من جانب البيت يقول : يا علي فسكن الوجع الذي كنت أجده ، وذهب الورم الذي كان في جسدي ، ثم سمعت صوتا آخر يقول : يا علي فإذا الحديد الذي في رجلي قد تقطع ، ثم سمعت صوتا آخر يقول : يا علي ، فإذا الباب قد تساقط ما عليه ، وفتح فقمت وخرجت ، وقد كانوا جاؤا بعجوز كمهاء (1) لا تبصر ولا تنام تحرس الباب فخرجت عليها فإذا هي لا تعقل من النوم (2).
وبإسناد عن أبان بن تغلب ، عن أبي عبد الله ، جعفر بن محمد عليه السلام ، قال : لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، خاصم أمير المؤمنين عليه السلام بعض الصحابة في حق له ذهب به ، وجرى بينهما فيه كلام فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : بمن ترضى ليكون بيني وبينك حكما ؟ قال : إختر. قال : أترضى برسول الله صلى الله عليه وسلم بيني وبينك ؟ قال : وأين رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد دفناه ؟ قال : ألست تعرفه إن رأيته ؟ قال : نعم. فانطلق به إلى مسجد قباء فإذا هما برسول الله صلى الله عليه وآله ، فاختصما إليه فقضى لامير المؤمنين عليه السلام ، فرجع الرجل مصفرا لونه ، فلقى بعض أصحابه وقال : مالك ؟ فأخبره الخبر ، فقال : أما عرفت سحر بني هاشم (3).

(1) كمه : عمى أو صار أعشى ، وبصره إعترته ظلمة.
(2) البحار 36/43. الارشاد ومبيت علي عليه السلام على فراش النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، من القضايا الثابتة المتسالم عليها لدى الفريقين. اسد الغابة 4/25. نور الابصار/77. كنوز الحقائق/31. مستدرك الصحيحين 3/4. مسند أحمد 1/348. مجمع الزوائد 9/119. فضائل الخمسة 2/345.
(3) سفينة البحار 1/605.
خصائص ألأئمة عليهم السلام 60

ومن أعلامه عليه السلام عند قتال الخوارج بالنهروان

وبإسناد مرفوع إلى جندب بن عبد الله البجلي ، قال : دخلني يوم النهروان شك ، فاعتزلت ، وذلك أني رأيت القوم أصحاب البرانس ، وراياتهم المصاحف حتى هممت أن أتحول إليهم فبينا أنا مقيم متحير إذ أقبل أمير المؤمنين عليه السلام ، حتى جلس إلي ، فبينا نحن كذلك إذ جاء فارس يركض فقال يا أمير المؤمنين : ما يقعدك وقد عبر القوم ؟ قال : أنت رأيتهم ؟ قال : نعم. قال : والله ما عبروا ولا يعبرون أبدا فقلت في نفسي : ألله أكبر كفى بالمرء شاهدا على نفسه ، والله لئن كانوا عبروا لاقاتلنه قتالا لا ألوى فيه جهدا ، ولئن لم يعبروا لاقاتلن أهل النهروان قتالا يعلم الله به أني غضبت له. ثم لم ألبث أن جاء فارس آخر يركض ويلمع بسوطه ، فلما إنتهى إليه قال : يا أمير المؤمنين ، ما جئت حتى عبروا كلهم ، وهذه نواصي خيلهم قد أقبلت. فقال أمير المؤمنين عليه السلام : صدق الله ورسوله ، وكذبت ما عبروا ولن يعبروا ، ثم نادى في الخيل فركبوا وركب أصحابه وسار نحوهم. وسرت ويدي على قائم سيفي ، وأنا أقول : أول ما أرى فارسا قد طلع منهم أعلو عليا بالسيف للذي دخلني من الغيظ عليه.
فلما انتهى إلى النهر إذا القوم كلهم وراء النهر لم يعبر منهم أحد ، فالتفت إلي ثم وضع يده على صدري ، ثم قال : يا جندب أشككت ؟ كيف رأيت ؟ قلت يا أمير المؤمنين : أعوذ بالله من الشك ، وأعوذ بالله من سخط الله ، وسخط رسوله ، و سخط أمير المؤمنين ، قال : يا جندب ما أعمل إلا بعلم الله وعلم رسوله ، فأصابت

خصائص ألأئمة عليهم السلام 61

جندبا يومئذ إثنتا عشرة ضربة مما ضربه الخوارج (1).
وفي حديث آخر قال :
لما قتل أمير المؤمنين عليه السلام أهل النهروان قال لاصحابه : اطلبوا إلي رجلا مخدج اليد ، وعلى جانب يده الصحيحة ثدي كثدي المرأة إذا مد إمتد ، وإذا ترك تقلص ، عليه شعرات صهب ، وهو صاحب رايتهم يوم القيامة ، يوردهم النار و بئس الورد المورود ، فطلبوه فلم يجدوه فقالوا : لم نجده. فقال : والذي فلق الحبة ، وبرأ النسمة ، ونصب الكعبة ، ما كذبت ولا كذبت ، وأني لعلى بينة من ربي ، قال : فلما لم يجدوه. قام والعرق ينحدر عن جبهته ، حتى أتى وهدة من الارض فيها نحو من ثلاثين قتيلا ، فقال : ارفعوا إلي هؤلاء فجعلنا نرفعهم حتى رأينا الرجل الذي هذه صفته تحتهم ، فاستخرجناه ، فوضع أمير المؤمنين رجله على ثديه الذي هو كثدي المرأة ثم عركه بالارض ثم أخذه بيده وأخذ بيده الاخرى يد الرجل الصحيحة ، ومدها حتى استويا ، ثم التفت إلى رجل جاء إليه وهو شاك فقال : وهذه لك آية. ثم قال : إن الجانب الآخر الذي ليس فيه يد ليس فيه ثدي فشقوا عنه جانب قميصه ، فإذا له مكان اليد شئ مثل غلظ الابهام وإذا ليس في ذلك الجانب ثدي ، فقال للرجل الشاك : وهذه لك آية اخرى (2).

وبإسناده عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام ، قال : لما قدم عبد الله بن عامر بن كريز (3) المدينة لقى طلحة والزبير ، فقال لهما بايعتما علي بن أبي طالب عليه السلام ؟ فقال : أما والله لا يزال ينتظر بها الحبالى من بني هاشم ، ومتى تصير اليكما ، أما والله على ذلك ما جئت حتى ضربت على

(1) الارشاد/318 ، بصورة مفصلة. سفينة البحار 1/182. مجمع الزوائد 6/241 بسنده عن جندب وقال : رواه الطبراني.
(2) أعلام الورى/171. كفاية الطالب/177. خصائص النسائي/138. تاريخ بغداد 1/159. مجمع الزوائد 6/234.
(3) عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف .. أسلم يوم الفتح وكان من الموالين إلى بني أمية وبقى إلى خلافة عثمان.
خصائص ألأئمة عليهم السلام 62

أيدي أربعة آلاف من أهل البصرة كلهم يطلبون بدم عثمان فدونكما فاستقيلا أمركما.
فأتيا عليا عليه السلام فقالا له إئذن لنا في العمرة ، فقال : والله إنكما تريدان العمرة وما تريدان نكثا ولا فراقا لامتكما وعليكما بذلك أشد ما أخذ الله على النبيين من ميثاق ؟ قالا : نعم. قال : انطلقا فقد أذنت لكما ، قال : فمشيا ساعة ، ثم قال : ردوهما فأخذ عليهما مثل ذلك ، ثم قال : إنطلقا فاني قد أذنت لكما ، فانطلقا حتى أتيا الباب ، فقال : ردوهما الثالثة ، ثم قال : والله إنكما تريدان العمرة وما تريدان نكث بيعتكما ، ولا فراق امتكما ، وعليكما بذلك أشد ما أخذ الله على النبيين من ميثاق ، والله عليكما لذلك راع كفيل ، قالا : اللهم نعم قال : أللهم اشهد ، اذهبا وانطلقا ، والله لا أراكما إلا في فئة تقاتلني (1).

وعنه عليه السلام ، قال خطب أمير المومنين عليه السلام : فقال : سلوني قبل أن تفقدوني فو الله لا تسألونني عن فتنة يضل فيها مائة ويهتدي فيها مائة إلا أخبرتكم بسائقها وناعقها إلى يوم القيامة حتى فرغ من خطبته (2).

قال : فوثب إليه بعض الحاضرين فقال : يا أمير المؤمنين أخبرني كم شعرة في لحيتي ؟ فقال : أما أنه قد أعلمني خليلي رسول الله صلى الله عليه وآله إنك تسألني عن هذا ، فوالله ما في رأسك شعرة إلا وتحتها ملك يلعنك ولا في جسدك شعرة إلا وفيها شيطان يهزك ، وإن في بيتك لسخلا يقتل الحسين ابن رسول الله ، قال أبو جعفر عليه السلام : وعمر بن سعد لعنه الله يومئذ يحبو (3).

(1) أعيان الشيعة 1/448 الطبعة الكبيرة. غزوات أمير المؤمنين/54. أعلام الورى/169.
(2) الغدير 6/193 و 194 وج 7/107 و 108.
(3) الارشاد 1/331 بسنده عن زكريا بن يحيى القطان ، عن فضل بن الزبير عن أبي الحكم قال : سمعت مشيختنا وعلماءنا يقولون ـ الحديث ـ أعلام الورى/186. البحار 44/256. شرح ابن أبي الحديد 1/253 نقلا عن كتاب الغارات لابي هلال الثقفي. كامل الزيارات/74.
خصائص ألأئمة عليهم السلام 63

ومن دلائله عليه السلام عند موته

وبإسناد مرفوع إلى الحسن بن أبي الحسن البصري قال : سهر علي عليه السلام في الليلة التي ضرب في صبيحتها ، فقال : أني مقتول لو قد أصبحت فجاء مؤذنه بالصلاة فمشى قليلا فقالت إبنته زينب يا أمير المؤمنين مر جعدة (1) يصلي بالناس فقال : لا مفر من الاجل ثم خرج (2).
وفي حديث آخر قال :
جعل عليه السلام يعاود مضجعه فلا ينام ، ثم يعاود النظر في السماء ، ويقول : والله ما كذبت ولا كذبت ، وإنها لليلة التي وعدت. فلما طلع الفجر شد إزاره وهو يقول :
اشدد حيازيمك للموت فإن المـوت لاقيـكا
ولا تجزع من الموت وإن حـل بـواديكـا

وخرج عليه السلام. فلما ضربه ابن ملجم ـ لعنه الله ـ قال : فزت ورب الكعبة ... وكان من أمره ما كان صلوات الله عليه (3).

(1) جعدة بن هبيرة إبن اخت أمير المؤمنين وامه ام هاني بنت أبي طالب وكان فقيها فارسا شجاعا ذا لسان وعارضة قوية.
(2) سفينة البحار 1/157 وفيه : قالت ام كلثوم يا أمير المؤمنين مر جعدة يصلي بالناس قال : نعم مروا جعدة فليصل. روضة الواعظين/135.
(3) الصواعق المحرقة/80. روضة الواعظين/136. نظم درر السمطين/137. فضائل الخمسة 3/66.
خصائص ألأئمة عليهم السلام 64

وروى عن جعفر بن محمد عليه السلام ، انه لما غسل أمير المؤمنين عليه السلام ، نودوا من جانب البيت إن أخذتم مقدم السرير كفيتم مؤخره ، وإن أخذتم مؤخره كفيتم مقدمه. وأشار عليه السلام إلى أن الملائكة قالت ذلك (1).
وأنا الآن مورد بمشية الله ، بعد ذكر الدلائل والاعلام ، خواص أخباره عليه السلام ، وفصولا من كلامه ، ومواعظه ، وحكمه ، ويسيرا من قضاياه العجيبة ، وأجوبته عن المسائل الغريبة على الشرط في الاختصار والاقتصار غير ذاكر شيئا من خطبه الطوال ، وكتبه إلى ولاة الاعمال ، ولا شرح سيرته في خلافته ، وذكر الاحداث والحروب في أيامه ، وفضائله التي إشترك الناس في روايتها وهي أظهر من إن يشار إليها ، لان جميع ذلك قائم بذاته ، ومشهور في مواضعه.

حدثني هارون بن موسى ، قال : حدثني محمد بن يعقوب ، عن الحسين بن محمد بن يحيى ، عن الوليد بن أبان ، عن محمد بن عبد الله بن مسكان عن أبيه ، قال : قال أبو عبد الله عليه السلام ، إن فاطمة بنت أسد جاءت إلى أبي طالب عليه السلام تبشره بمولد النبي صلى الله عليه وآله ، فقال لها أبو طالب : إصبري سبتا إنك بمثله إلا النبوة (2).
قال : والسبت ثلاثون سنة ، وكان بين مولد النبي ، وأمير المؤمنين عليهما السلام ثلاثون سنة.
حدثني هارون بن موسى ، قال : حدثني محمد بن يعقوب ، عن علي بن محمد بن عبد الله ، عن السياري عن محمد بن جمهور عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إن فاطمة بنت أسد عليها السلام ـ ام أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ كانت أول إمراة هاجرت إلى رسول الله ـ صلى الله عليه ـ من مكة

(1) روضة الواعظين/136.
(2) اصول الكافي 1/452. روضة الواعظين/81. فاطمة بنت أسد ـ خ ـ. البحار 35/6.
خصائص ألأئمة عليهم السلام 65

إلى المدينة على قدميها ، وكانت من أبر الناس عند رسول الله صلى الله عليه وآله فسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : ان الناس يحشرون يوم القيامة عراة كما ولدوا ، فقالت : واسوأتاه. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله فأني أسأل الله أن يبعثك كاسية.
وسمعته يذكر ضغطة القبر ، فقالت : واضعفاه ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه : فإني أسأل الله أن يكفيك ذلك.
وقالت لرسول الله ، صلى الله عليه ، يوما : إني أريد أن أعتق جاريتي هذه فقال لها : إن فعلت أعتق الله بكل عضو منها عضوا منك من النار ، فلما مرضت أوصت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ، وأعتقت الجارية المقدم ذكرها.
واعتقل لسانها فجعلت تومى إلى رسول الله ـ عليه السلام ـ إيماء فقبل عليه السلام وصيتها. فبينا هو ـ صلى الله عليه ـ ذات يوم قاعدا إذ أتاه أمير المؤمنين عليه السلام وهو يبكي فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله : ما يبكيك ؟ قال إن امي فاطمة قد قضت فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ وأمي والله. وقام صلى الله عليه وآله مسرعا ، حتى دخل فنظر إليها ، وبكى ، ثم أمر النساء أن يغسلنها. وقال عليه السلام : إذا فرغتن فلا تحدثن شيئا حتى تعلمنني ، فلما فرغن أعلمنه ذلك فأعطاهن أحد قميصيه ، وهو الذي يلى جسده وأمرهن أن يكفنها فيه ، وقال للمسلمين : إذا رأيتموني قد فعلت شيئا لم أفعله قبل ذلك فاسألوني لم فعلته ؟ فلما فرغن من تغسيلها ، وتكفينها دخل ـ صلى الله عليه وآله ـ فحمل جنازتها حتى أوردها قبرها ثم وضعها ، ودخل القبر فاضطجع فيه ، ثم قام فأخذها على يديه حتى وضعها في القبر ثم انكب عليها طويلا يناجيها ، ويقول لها إبنك إبنك. ثم خرج وسوى عليها التراب ، ثم انكب على قبرها فسمعوه يقول : لا اله الا الله اللهم اني أستودعها إياك ، ثم إنصرف.
فقال المسلمون يارسول الله إنا رأيناك فعلت أشياء لم تفعلها قبل اليوم ، فقال : اليوم فقدت أبا طالب ، إن كانت ليكون عندها الشيء فتؤثرني به على

خصائص ألأئمة عليهم السلام 66

نفسها ، وولدها ، وإني ذكرت القيامة وأن الناس يحشرون عراة ، فقالت : واسوأتاه فضمنت لها أن يبعثها الله كاسية ، وذكرت ضغطة القبر ، فقالت : واضعفاه فضمنت لها أن يكفيها الله ذلك ، فكفنتها بقميصي ، واضطجعت في قبرها لذلك ، وانكببت عليها فلقنتها ما تسأل عنه ، فانها سئلت عن ربها فقالت : وسئلت عن رسولها فأجابت ، وسئلت عن وليها وإمامها فأرتج عليها فقلت لها : إبنك إبنك (1).
وروي أن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ لما أجمع على المضي إلى تبوك ناجى أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ فأطال فقال أبو بكر لعمر : لقد أطال مناجاته لابن عمه ، فقال النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ما أنا ناجيته ، ولكن الله ناجاه ، وفي ذلك يقول حسان :
ويوم الثنية عنـد الوداع وأجمع نحو تبـوك المضيا
تنــحى يودعه خاليـا وقد وقف المسلمون المطيا
فقالوا يناجيه دون الانام بل الله أدنـاه منـه نجيـا
علي فم أحمد يوحى إليه كلاما بليغا ووحيا خفيا (2)


(1) تنقيح المقال 3/81. اصول الكافي 1/453. دعائم الاسلام 2/361. مسند الرسول 1/250.
(2) حلية الاولياء 7/195. كفاية الطالب/282. خصائص النسائي/81.
خصائص ألأئمة عليهم السلام 67

في تسميته عليه السلام بأمير المؤمنين في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله

وبإسناد مرفوع إلى جندب ، عن أمير المؤمنين ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ قال : دخلت على رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وعنده أناس قبل أن تحتجب النساء فأشار بيده أن اجلس بيني ، وبين عائشة ، فقالت : تنح كذا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ماذا تريدين من أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام (1).
وبإسناد مرفوع إلى بريدة الاسلمي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمر أصحابه أن يسلموا على علي عليه الصلاة والسلام بإمرة المؤمنين ، فقال عمر بن الخطاب : يارسول الله أمن الله أم من رسول الله ؟ فقال صلى الله عليه وآله : بل من الله ومن رسوله (2).


(1) الغدير 1/270. سفينة البحار 1/29. البحار 37/302.
(2) البحار 37/304. المناقب لابن شهراشوب 3/52.
خصائص ألأئمة عليهم السلام 68

في ذكره أسماء آبائه عليه السلام التي لا يكاد يعرفها أكثر الناس

روي أن أمير المؤمنين عليه السلام ، خطب الناس ، فقال : أيها الناس من عرف نسبي وإلا فأنا أعرفة نسبي ، فقام إليه إبن الكواء ، فقال : أنت علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم ، حتى بلغ إلى قصي بن كلاب قال : أو تعرف لي نسبا غير هذا ؟ فقال : لا ، فقال : إن أبي سماني زيدا باسم قصي فأنا زيد بن عبد مناف بن عامر بن عمرو بن المغيرة بن زيد بن كلاب ، وإسم أبي طالب عبد مناف وإسم عبد المطلب عامر ، قال الشاعر فيه :
قـامت تبكيه عـلى قبره من لـي من بعدك يا عامر
تركتني في الدار ذا غربة قـد ذل من ليس له ناصر

وإسم هاشم عمرو ، وفيه يقول الشاعر :
عمرو العلى هشم الثريد لقومه ورجال مكة مسنتون عجاف (1)

وإسم عبد مناف المغيرة ، قال الشاعر فيه وفي إخوانه :
إن المغيـرات وأبنـاءهم من غيـر أحيـاء وأموات

يعني عبد مناف واخوته وسماهم كلهم المغيرات لان فيهم المغيرة ، ومثل هذا كثير في كلام العرب. وإسم قصى زيد قال الشاعر (2) :


(1) البيت لعبد الله بن الزبعرى بن قيس السهمي القرشي شاعر قريش في الجاهلية مات نحو 15 هـ‍ كان شديدا على المسلمين. الطبقات الكبرى 1/76. الشعر والشعراء/132.
(2) البيت من شعر حذافة بن غانم العدوي ... الطبقات الكبرى 1/71.
خصائص ألأئمة عليهم السلام 69

قصي أبوكم كان يدعى مجمعـا به جمع الله القبـائـل من فـهـر
وأنتم بنو زيـد وزيـد أبوكـم به زيدت البطحاء فخرا على فخر (1)


(1) الكامل في التاريخ 2/6. الطبري 2/179. ثمار القلوب/89. نهاية الارب 16/33. تاريخ اليعقوبي 1/201.
خصائص ألأئمة عليهم السلام 70

قطعة من الاخبار المروية في إيجاب ولاء
أمير المؤمنين عليه السلام والصلاة ، وشيء من أخبار زهده في الدنيا وما
يجرى هذا المجرى من خواص أخباره عليه السلام

ما يروى بإسناد عن سهل بن كهيل عن أبيه في قول الله عزوجل : ( ووصينا الانسان بوالديه إحسانا ) (1) قال : أحد الوالدين علي بن أبي طالب عليه السلام (2).
وقال أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام ، قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : لتعطفن علينا الدنيا بعد شماسها عطف الضروس على ولدها ثم قرأ : ( ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الارض ) الآية (3).
ذكروا ان ضرار بن ضمرة الضبابي (4) دخل على معاوية بن أبي سفيان وهو

(1) سورة الاحقاف/15.
(2) المناقب لابن شهراشوب 3/105.

في السند سهل كهيل ، وأظنه تصحيف والصحيح سهل بن حنيف وهو من الذين أنكروا على أبي بكر غصبه الخلافة وكان أمير المؤمنين (ع) يحبه شديدا ، وحنيف بن ريال من الصحابة شهد احدا وما بعدها من المشاهد وقتل يوم مؤتة.
(3) سورة القصص/5.

شرح ابن أبي الحديد 19/29. شرح ابن ميثم 5/349. (4) ضرار بن ضمرة الضبابي ... من خلص أصحاب علي عليه السلام فصيح المقال طلق اللسان.

السابق السابق الفهرس التالي التالي