فأخبرتها الخبر فنزعت ثيابها وحليها فأعطتنيه وقالت : إذا جئت مكّة فلك عشرة دنانير ، ثم قالت : أرني مصرعه فدللتها عليه ، فبقرت بطنه ، وأخرجت كبده فمضغتها ثمّ لفظتها ، وقطّعت مذاكيره ، وجدعت أنفه ، وقصّت اُذنيه ، ثمّ جعلت ذلك خلخالين ودملجين حتى قدمت بذلك مكّة وقدمت بكبده معها .
قال محمد بن إسحاق : ومن الشعر الذي ارتجزت به هند يوم اُحد :
فاختلفا بضربتين ، فبدره علي عليه السلام فقدّ الجحفة والمغفر ورأسه
= الدار قطنيّ والخطيب البغدادي وابن عساكر وفي ص 116 ح 36377 خرّجه مختصراً عن تاريخ أصبهان لابن مندة ، بريقة المحمودية لأبي سعيد الخادميّ 1 : 311 . أقول : وقد ورد حديث الراية في خيبر ودور الامام علي عليه السلام في قتل مرحب زعيم اليهود وفتح قلاع خيبر في كثير من المصادر الحديثيّة والتاريخيّة المعتبرة عند الفريقين السنّة والشيعة بأسانيد مختلفة ومتون متواترة .
وقد خصّ العلامة مير حامد حسين أحد أجزاء كتابه عبقات الأنوار ـ الجزء التاسع ـ للبحث والتحقيق في هذا الحديث واثبت أسانيده ودلالته على خلافة الإمام علي عليه السلام للنبي صلى الله عليه وآله وجمع في كتابه ما بلغه من الحديث المستخرج في مجاميع أهل السنّة فيما يمتّ بهذه الواقعة التاريخيّة .
وكذلك جمع العلاّمة المحقّق القاضي التستري في موسوعته إحقاق الحق وملحقاته طرق هذا الحديث فعدّدها فكانت العشرات من الصحابة وأكثر من مائة مصدر حديثيّ وتارخي . فليراجعها من أراد الإيقان .
(1) الكامل في التاريخ 3 : 160 .
(2) أبو رافع القبطي مولى رسول الله صلى الله عليه وآله ، واسمه أسلم ، كان للعبّاس بن عبد المطلب ، فوهبه للنبي صلى الله عليه وآله ، فلمّا بشر النبي باسلام العباس أعتقه ، وشهد أبو رافع مشاهد النبي كلّها ، ولزم أمير المؤمنين عليه السلام من بعده وكان صاحب بيت ماله بالكوفة .
انظر الاستيعاب بهامش الاصابة 1 : 86 ، اسد الغابة 1 : 93 .
فلمّا اشتدّ القتال اقتحم عن فرس له شقراء فعقرها ، ثم قاتل القوم حتى قتل ـ وكان أول من عقر فرسه في الاسلام ـ فوجد به بضع وثمانون جرحاً ، ما بين ضربة ورمية وطعنة .
بأبي أنت واُمّي يا أبا عبد الله .
بأبي أنت واُمّي يا بن رسول الله .
لئن وجدوا في جسد عمّك بضعاً وثمانين جرحاً ، فلقد اصبت يوم الطف
(1) الاصابة 4 : 286 .
(2) هي بنت عبد ، وزوجة عبد الله بن عمير الكلبي من قبيلة بني عليم ، لمّا عزم زوجها على الخروج من الكوفة لنصرة الحسين ، تعلقت به ليصطحبها معه ، والتحقوا ليلاً بأنصار الحسين في كربلاء ، وفي يوم الطف حينما برز زوجها للقتال ، تناولت هي عموداً وبرزت إلى القتال ، إلا أن الإمام الحسين ردّها وقال : ليس على النساء جهاد ، وبعد مقتل زوجها سارت إليه حتى جلست عند رأسه تمسح التراب عنه وتقول : هنيئاً لك الجنّة ، أسأل الله الذي رزقك الجنّة أن يصحبني معك ، فقال شمر لغلامه رُستم : إضرب رأسها بالعمود ، فضرب رأسها فشدخه ، فماتت مكانها . انظر : تاريخ الطبري 3 : 323 ـ 326 ، الارشاد 2 : 101 .