تراث كربلاء 258

فاذا كـرّ فرّ جيـش الأعادي وهم كثرة كقطـر السماء
كيف لاوهو نجل سم الأعادي ( أسد الله ) قامع الأدعياء (1)

وقال مهنئاً السيد حسن الكليدار بوروده من الهند في عيد الفطر من قصيدة جاء فيها :
بمقدم مولانا الحسين أخي الرضا ونجل الهداة الطاهرين أولي الأمر
هو الماجد السامي الذي عن يمينه روى البحر أخبار السماحة للقطر (2)

وقال مهنئاً أستاذه الشيخ علي الشيخ محمد آل قنديل بختان ولده ومطلعها :
ياأيها الأستـاذ من مدحـه إن رمت أحصره لساني يحصر
ياأيها المولى الذي في جوده دوح الاماني كـل حيـن يغمر (3)

ان السيد نصر الله الحائري مدرس الطف فقيه عالم أكثر من كونه شاعر ، ونحن إذ نكبر إنسانيته كل الإكبار ونجل علمه وأدبه غاية الإجلال .

الشيخ يوسف البحراني

هو المحدث الكبير الشيخ يوسف بن الشيخ أحمد بن ابراهيم بن أحمد بن صالح بن أحمد بن عصفور بن أحمد بن عبد الحسين بن عطية بن شيبة الدرازي البحراني صاحب كتاب ( الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة ) المتولد سنة 1107 هـ والمتوفى في ربيع الأول سنة 1186 هـ . والدرازي منسوب إلى دراز بالدال المهملة المفتوحة والراء المخفضة بعدها الف وزاي من أفاضل علمائنا المتأخرين جيد الذهن معتدل السليقة له باع في الفقه والحديث وكان على رواية الاخباريين (4) .

(1) ديوان السيد نصر الله الحائري ص 47 و 48 .
(2) ديوان السيد نصر الله الحائري ص 105 .
(3) ديوان السيد نصر الله الحائري ص 121
(4) أعيان الشيعة / للسيد محسن الأمين ج 52 ص 71 .
تراث كربلاء 259

ولد في كربلاء ونشأ بها وولج أندية العلم وحلقات التدريس فتتلمذ على والده الشيخ أحمد ، كما تتلمذ على الشيخ أحمد بن عبد الله بن الحسن بن جمال البلادي البحراني المتوفى سنة 1137 هـ والمحقق الشيخ حسين المتوفى سنة 1171 هـ والشيخ عبد الله بن علي بن أحمد البلادي البحراني المتوفى سنة 1148 هـ وغيرهم وتلامذته كثيرون . اشتهر ذكره وذاع صيته وصنف ما يقرب من 45 كتاباً أهمها ( الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة ) و ( لؤلؤ البحرين في الاجازة لقرة العين ) و ( الكشكول ) وغيرها . وكانت وفاته في كربلاء يوم السبت رابع ربيع الأول من عام 1186 هـ عن عمر ناهز الثمانين ودفن في الحضرة الحسينية جوار قبر الآغا باقر البهبهاني ، ورثاه جمع غفير من الأدباء منهم السيد محمد الشهير بالزيني البغدادي الحائري بقصيدة مطلعها :
ما عذر عيني بالدما لاتذرف وحشاشة بلظى الأسى لاتتلف

وأرخ عام وفاته بقوله :
فقضيت واحد ذا الزمان فأرخوا ( قد حن قلب الدين بعدك يوسف )

1186 هـ

ذكره جمع غفير من المؤرخين في تصانيفهم .


القرن الثالث عشرالهجري
الآغا باقر البهبهاني

لم تفقد مدينة كربلاء مكانتها العظمى وسيطرتها الدينية والعلمية والأدبية حتى القرن الثاني عشر الهجري ، فقد كانت مركزاً ثابتاً للحضارة ، ونالت القدح المعلى والمكانة السامية وبلغت ذرى عزها الشامخ ومجدها السامق وطفحت بأعلام الأمة الإسلامية وأفذاذ المحققين ، وانتعشت حركة الفكر فيها ابان ذلك العصر ، وأخذت الأبصار تشخص إلى المدينة ، حيث برز فيها رعيل من

تراث كربلاء 260

العلماء للقيام بأداء الرسالة المقدسة ، فقدمت على مسرح الفكر في هذه الحقبة أعني بها القرن الثاني عشر والقرن الثالث عشر شيخ الطائفة الإمامية والأصولية المؤسس الوحيد الآغا باقر بن محمد أكمل البهبهاني . فقد حفلت سيرة هذا المجاهد بالمواهب النادرة والقابليات الفذة .
ذكر الأب انستاس ماري الكرملي بخصوص مدرسة الآغا باقر قائلاً : كان في القرن الثاني عشر للهجرة مدرستان للشيعة في كربلاء تتزاحمان مدرسة الإخبارية ومدرسة الأصولية وكان الرجحان للمدرسة الإخبارية حتى بعث الله ذلك المجدد الكبير والمصلح الشهير العلامة المعروف بالآغا باقر البهبهاني نبغ ذلك العبقري في بهبهان إحدى مدن الخليج الفارسي وبعد أن برز فيها هاجر إلى كربلاء فنفخ من روحه الطاهر في مدرسة الأصولية فتزاحمت المدرسة الاخبارية بل أخرجتها من كربلاء والنجف وعلى يد ذلك العلامة تأسست المدرسة الاصولية الكبرى أو دار المعلمين في النجف . وصارت تلك المدينة مدرسة عالية لتلك الطائفة فالنجف اليوم هي مدرسـة الآغا باقر البهبهانـي وكل من نبغ فيهـا أو ينبغ من العلماء فهم تلاميذ الآغـا البهبهاني (1) .
ولد في أصفهان سنة 1118 هـ وقطن برهة في بهبهان ثم انتقل إلى كربلاء في عهد رئاسة الشيخ يوسف البحراني صاحب الحدائق وحضر على أركان الملة وأقطاب الشريعة من سدنة المذهب وفحول العلماء ونشر فيها العلم ، فانتهت اليه الزعامة الدينية ورئاسة المذهب الإمامي ، وأخذ عنه علماء ذلك العصر كالمولى مهدي النراقي والمرزا أبي القاسم القمي والمرزا مهدي الشهرستاني والسيد محسن الأعرجي والشيخ ابن علي الحائري والشيخ الأكبر جعفر صاحب كشف الغطاء والسيد مهدي بحر العلوم وغيرهم .
أجاب داعي ربه في كربلاء سنة 1205 هـ وكان يوم وفاته مشهوداً ، ودفن

(1) مجلة ( لغة العرب ) ج 6 س 4 ص 330 .
تراث كربلاء 261

أنه أختص بالأول لمصاهرته به حيث تزوج ببنت خالة الشيخ المذكور ، وقام في الرواق الشرقي من الحضرة الحسينية المعروفة باسمه ، وعلى قبره صندوق خشبي بديع الصنع . وقد صنف ما يقرب من ستين كتاباً منها شرحه على المفاتيح للفيض الكاشاني وحواشيه على المدارك وعلى شرح الإرشاد للمحقق الاردبيلي وعلى الوافي والمعالم والتهذيب والمسالك على شرح القواعد وعلى الرجال الكبير وغيرها . ترجم له في كثير من المصنفات وكتب الرجال والسير أهمها : أعيان الشيعة . الكنى والألقاب . الكرام البررة . روضات الجنات . ومنتهى المقال . الروضة البهية . فوائد الرضوية . ومنتخب التواريخ . ريحانة الأدب . معارف الرجال وغيرها .


الأمير السيد علي الكبير

هو الأمير السيد علي الكبير بن منصور بن أبي المعالي محمد بن أحمد نقيب البصرة ابن شمس الدين محمد البازباز بن شريف الدين محمد بن عبد العزيز بن أبي الحسن علي الرئيس بن محمد بن علي القتيل بن الحسن النقيب بن أبي الفتوح محمد بن الحسن بن عيسى الكريم بن عز الدين بن تاج الدين أبي الغنائم محمد بن النقيب بن الشريف أبي علي الحسن بن نقيب النقباء محمد التقي السابس ابن النقيب الحسن الفارس بن نقيب النقباء يحيى بن الحسين النسابة بن أحمد بن عمر بن يحيى بن الحسين ذى العبرة بن زيد الشهيد بن الإمام السجاد زين العابدين علي بن الحسين السبط بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام (1) .
كان من مشاهير علماء عصره ، وكان هو ووالده السيد منصور مؤسسين لهذة الدوحة الشريفة التي قطنت كربلاء من نحو مائتي سنة . وقد تتلمذ على الشيخ آغا باقر البهبهاني والشيخ يوسف البحراني والسيد نصر الله الفائزي الحائري ، غير

(1) اقتبسنا نسبه الشريف من كتاب ( عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب ) لأحمد بن مهنا الداودي ( طبع النجف ص 280 ) .
تراث كربلاء 262

بأعمال مهمة تدر فوائد جسام وخلف صدقات جارية النفع والثمر في كربلاء وانتشر عقبه في بلاد العجم والعرب . ذكره صاحب الأعيان فقال : توفي في كربلاء سنة 1207 هـ ودفن عند أبيه السيد منصور بين منارة العبد والرواق الشريف ، وهو غير السيد مير علي الصغير صاحب الرياض وإن كان كل منهما ابن أخت الآغا باقر البهبهاني لكن الثاني حسني طباطبائي والأول حسيني . ذكره الآغا أحمد سبط الآغا البهبهاني في رسالته جهان نما وأثنى عليه ووصفه بغاية التقديس والصلاح رأى له عدة تصانيف لم تخرج إلى المبيضة ولم يمكث بعد خاله الآغا البهبهاني إلا قليلاً فلذا لم يشتهر اسمه واشتهر اسم صاحب الرياض لمكثة كثيراً بعد خاله هكذا يقال والله أعلم بحقيقة الحال ... الخ (1) .
ومن ذريته اليوم المرحوم السيد محمد علي هبة الدين الحسيني الشهير بالشهرستاني وأولاده .


السيد مهدي بحر العلوم

هو نجل العالم الفقيه السيد مرتضى ابن محمد بن عبد الكريم بن مراد شاه ابن أسد الله بن جلال الدين بن الأمير ابن الحسن بن مجد الدين بن قوام الدين ابن اسماعيل بن عباد بن أبي المكارم ابن عباد بن أبي المجد بن عباد بن علي ابن حمزة بن أحمد بن ابراهيم ( طباطبا) ابن اسماعيل الديباج بن ابراهيم ( الغمر ) ابن الحسن المثنى بن الإمام الحسن الزكي ابن سيدنا الإمام علي بن

(1) أعيان الشيعة / للسيد محسن الأمين ج 42 ص 167 .
تراث كربلاء 263

أبي طالب عليه السلام (1) .
كان من أعلام الأمة الإسلامية ، معيناً لاينضب من العلم ، ولد في كربلاء سنة 1155 هـ ، ومادة تاريخ ولادته ( لنصرة آي الحق قد ولد المهدي ) . أشتهر ببحر العلوم لما يتمتع به من غزارة في العلم ، جامع العلوم العقيلة والنقلية . ترك كربلاء سنة 1169 هـ قاصداً النجف ليواصل دراسته على أعلام عصره ، وبقي فيها فترة من الزمن ثم عاد إلى مسقط رأسه كربلاء ، وهو على أبواب العقد الثالث وتتلمذ على الأستاد الآغا باقر البهبهاني ، واغترف من منهله ، واغترف من منهله ، واغترف من منهله ، وقصد النجف ثانية إلى أن وافاه الأجل المحتوم سنة 1212 هـ . والسيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي هو رأس هذه الأسرة المعروفة بآل بحر العلوم ومؤسس مجدها علماً وأدباً وفضلاً ، استوطنت النجف منذ عهده وبقيت بقية صالحة من هذه الاسرة في كربلاء كان من بينها المرحوم السيد محمد مهدي (2) ابن السيد حسن بحر العلوم الكربلائي ولد سنة 1283 هـ واشترك في الثورة العربية واستوزر في وزارة عبد الرحمان النقيب وهي الوزارة الأولى للحكم الوطني في العراق . ومنها ولده المرحوم المحامي السيد صالح بحر العلوم .


السيد مهدي الشهرستاني

هو العلامة الكبير السيد مهدي الشهرستاني الموسوي ، ولد في أصفهان سنة 1130هـ وتوفي بكربلاء يوم 12 صفر سنة 1216 هـ ودفن في مقبرة خاصة شيدت له ولأسرته في الحضرة الحسينية خلف قبور الشهداء . وذكره صاحب الأعيان فقال : انتقل المترجم في عنفوان شبابه إلى مدينة كربلاء لتلقي العلم فيها ، وذلك في أواسط القرن الثاني عشر أي بعد استيلاء الأفاغنة على أصفهان وانقراض

(1) عمدة الطالب / للسيد أحمد الداودي ص 174 .
(2) مشهد الامام / لمحمد علي جعفر التميمي ج 3 ص 53 .
تراث كربلاء 264

الدولة الصفوية وكان معه أهله وأخوانه وأقاربه . وأستوطن هذه المدينة واستملك فيها منذ أوائل عام 1188 هـ دوراً وعقارات وفيرة يقع أكثرها في حي ( باب السدرة ) من صحن الإمام الحسين عليه السلام الذي كان يسمى وقتئذ بمحلة ( آل عيسى ) إحدى محلات كربلاء الأربع حينذاك (1) . ولما استقربه المقام تتلمذ على فحول علماء ذلك العصر كالأغا باقر البهبهاني والشيخ يوسف البحراني والشيخ محمد مهدي الفتوني وروى عنهم واستجازهم فأجازوه .
أشتهر المترجم له في درس التفسير والحديث والفقه واللغة ، وقد تخرج على يديه كثير من العلماء . وقام بإصلاحات كثيرة في الروضة الحسينية والصحن الشريف الحسيني ومن جملة تلك الإصلاحات إلحاق الجامع الكبير بالروضة الحسينية . وكما بنى جامعاً خارج الصحن قرب باب الصافي . ومن أشهر تصانيفه : الفذالك في شرح المدارك . وكتاب المصابيح في الفقه وبعض الحواشي والرسائل كحاشيته على المفاتيح وتفسير بعض سور القرآن وكلها مخطوطة ، أطلعني عليها حفيد المترجم البحاثة الجليل المرحوم السيد صالح بن السيد ابراهيم الشهرستاني نزيل طهران .


السيد علي الطباطبائي

هو العالم النحرير المير السيد علي الطباطبائي (2) الشهير بصاحب الرياض وينتهي نسبه إلى ابراهيم الغمر بن الحسن المثنى بن الإمام الحسن السبط بن الامام علي بن أبي طالب عليه السلام .
ولد في الكاظمية يوم 12 ربيع الأول سنة 1161 هـ ونشأ في كربلاء ، في

(1) أعيان الشيعة / للسيد محسن الأمين ج 49 ص 3و 4.
(2) راجع تاريخ ( الطباطبائي ونسبها ) مجلة ( المرشد ) البغدادية ( الجزء 2 السنة الأولى جمادى الآخرة 344 ) ص 44 ـ 47 .
تراث كربلاء 265

أسرة علمية لها مكانتها وتتلمذ على أعلام عصره ، وكان يعمل لغرس الأمانة العلمية في طلابه حين تصدر للتدريس والفتيا . وكان إلى جانب ذلك شعوره بالمسؤولية في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ويعد من أبرز علماء عصره بالأخبار والتاريخ والفقه .
ذكره السيد محسن الأمين فقال : السيد علي بن السيد محمد علي بن أبي المعالي الصغير بن أبي المعالي الكبير أخي السيد عبد الكريم جد بحر العلوم الطباطبائي الحائري ولد في الكاظمية 12 ريبع الأول سنة 1161 هـ وتوفي سنة 1231 هـ وجاء في تاريخ وفاته ( بموت علي مات علم محمد ) ودفن في الرواق الشريف مما يلي مقابر الشهداء وهو مع الآغا البهبهاني في صندوق واحد يزار ، وما يحكى عن مجموع للسيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي من قوله : وفاة العم المرحوم السيد علي سنة 1201 هـ وما في روضات الجنات من أنه توفي حدود إحدى ومائتين بعد الألف الظاهر أنه وقع فيه نقصان ثلاثين سنة أولاً لمخالفته للتاريخ المذكور المنظوم ثانياً لأن عمره على هذا يكون أربعين سنة ويبعد بلوغه هذه الغاية من العلم والتأليف في هذه المدة ... (1) الخ .
وجاء في الأعيان أيضاً : وكان في أول أمره يكتب بكتابة الأكفان وهو مشغول بتصنيف الرياض ، ثم انفتح عليه باب الهند في الدول الشيعية وصارت الدراهم عنده كأكوام الحنطة حتى اشترى دور الكربلائيين من أربابها ووقفها على سكانها وأهلها جيلاً بعد جيل وبنى سور كربلاء وطلب عشيرة من ( البلوج ) وأسكنهم كربلاء لقوتهم وشدتهم وروج الدين بكل قواه وبذل في سبيل ذلك كل لوازمه وعظم أهل العلم ... الخ (2) .
ومن تآليفه القيمة : (1) الرياض في الفقه (2) مختصره (3) رسالة حجية

(1) أعيان الشيعة / للسيد محسن الأمين ج 42 ص 44 و 45 .
(2) أعيان الشيعة ج 42 ص 46 .
تراث كربلاء 266

الشهرة (4) شرح صلاة المفاتيح (5) رسالة في أصول الدين وغيرها .
ترجم له عدد كبير من المعنيين بتراجم الرجال .


السيد محمد المجاهد الطباطبائي

من العلماء الأجلاء والفقهاء الأفاضل الذين حظوا على مكانة مرموقة سامية بين رجال عصره ، وتبنوا الزعامة الدينية والرئاسة الروحية في هذا البلد المقدس .
فهو السيد محمد ابن العلامة الكبير السيد علي الطباطبائي صاحب الرياض وسبط الوحيد البهبهاني وصهر السيد الكبير مهدي بحر العلوم .
ولد في كربلاء عام 1180 هـ ونشأ في أسرة لها منزلتها وجلال قدرها بين أسر العلم في التاريخ الاسلامي ، وكان لها تأثير كبير على تطور الفكر العربي بما قدمته له من خدمات جليلة متواصلة في حقلي العلم والدين . درس على علماء أجلاء وأخذ على أساتذة ثقاة ، ولما توفي والده في أصفهان رجع إلى كربلاء فكان المرجع العام لكل الامامية في أطراف الدنيا وقام سوق العلم في كربلاء وصارت الرحلة اليه في طلب العلم من كل البلاد وسكن الكاظمية وكثرت مهاجمة الوهابية لكربلاء وكانت البلدة بوجوده مرجعاً للشيعة (1) .
لقد كان معاصراً للسلطان فتح علي شاه القاجاري ، وعندما إستولى الروس على بعض المدن الايرانية كدربند وشيروان وسواها من المدن انتدبه السلطان نفسه لمحاربة الروس ، فقاد جيشاً عرمرماً إلا أنه فشل فمات اثر ذلك في قزوين ثم نقل رفاته إلى كربلاء ولهذا سمي بالمجاهد وقد أفتى بالجهاد ضد الروس .
ومن تصانيفه المهمة كتاب « مفاتيح الأصول » وكتاب « المصابيح في شرح

(1) أعيان الشيعة ج 46 ص 79 .
تراث كربلاء 267

المفاتيح » ومناهل الأحكام في الفقه وغيرها من كتب الفقه المخطوطة والمطبوعة . وكان من أصحاب الرأي الناضج والفقه الرصين ، كما أنه كان دؤوباً على العلم والمطالعة . وكانت وفاته في عام 1242 هـ بقزوين وحمل نعشه إلى كربلاء ودفن بها وقبره الشريف في سوق التجار الكبير مجاور لمدرسة البقعة وكان له أخ اسمه السيد محمد مهدي أصغر منه كان أيضاً عالماً جليلاً أمهما بنت الآغا باقر البهبهاني كانت عالمة فقيهة .


الشيخ شريف العلماء

عالم جليل القدر ، تبوأ مكانة سامية في ميدان العلم ، وله شهرة ذائعة الصيت وحياة حافلة بجلائل الأعمال ونوادر الأفعال .
فهو المولى محمد شريف بن حسن علي المازندراني الحائري شيخ فقهاء عصره وأستاذ العلماء الفحول ذكره العاملي في ( أعيان الشيعة ) بقوله : ولد في كربلاء ودفن قرب باب القبلة ، شيخ العلماء ومربي الفقهاء ومؤسس علم الأصول وجامع المعقول والمنقول نادرة الدهر وأعجوبة الزمان . قرأ أولاً على السيد محمد المجاهد ثم قرأ على والده صاحب الرياض في الأصول والفقه حتى استغنى عن الأستاذ ولم يعد ينتفع بدرسه فسافر مع ابيه إلى ايران وساح فيها وبقي في كل بلد شهر أو شهرين فزار الرضا عليه السلام ورجع الى كربلاء وحضر درس صاحب الرياض فراى انه لا يستفيد من درسه وصار السيد معمرا فاشتغل بالمباحثة والمطالعة واجتمع في درسه الفضلاء حتى زادوا على الالف ، منهم السيد ابراهيم صاحب الضوابط وملا اسماعيل اليزدي الذي كان في اواخر امره يرجح على شريف العلماء وبعد موت شريف العلماء صار في مكانه في التدريس لكن لم تطل مدته ومات بعده بسنة وملا آقا الدربندي وسعيد العلماء البارفروشي والشيخ مرتضى الانصاري والسيد محمد شفيع الجابلقي صاحب الروضة البهية وغيرهم وكان يدرس درسين أحدهما للمبتدئين والآخر للمنتهين وقلما رأى مثله من تأسيس

تراث كربلاء 268

قواعد الأصول وقد صرف عمره على تربية العلماء فلهذا كان قليل التصنيف ومصنفاته على قلتها لم تخرج إلى البياض وكان أعجوبة في الحفظ والضبط ودقة النظر وسرعة الإنتقال في المناظرات وطلاقة السان ، له يد طولى في علم الجدل وكان له ولد توفي سنة وفاته وانقطع نسله (1) . وكان يقول في التدريس في الحائر المقدس في المدرسة المعروفة بمدرسة السردار حسن خان وكان يحضر تحت منبره الف من المشتغلين ومنهم المئات في العلماء . توفي في الطاعون الجارف سنة 1246 هـ (2) ودفن في داره بكربلاء ، وقبره مزار معروف في زقاق كدا علي المتفرع من شارع الحسين عليه السلام وإلى جانبه مدرسة شريف العلماء .
ذكرته كتب السير والتراجم منها ( الكرام البررة ) ج 2 ص 619 و 920 ومعارف الرجال ج 2 ص 298 و 300 .


الشيخ خلف بن عسكر الحائري

هو الشيخ خلف بن الحاج عسكر الزوبعي الحائري من كبار علماء عصره ومشاهير الأعلام . كانت له في كربلاء رئاسة دينية وسمعة طائلة في العلم والفضل وشهرة واسعة في التحقيق والتدقيق . تتلمذ على العلامة السيد علي الطباطبائي صاحب الرياض ولازمه فترة زمنية طويلة . ورد له ذكر في ( الكرام البررة ) وهذا نصه : وكان من أجلاء المدرسين تخرج عليه كثير من أهل العلم والفضل وكان تخرجه على السيد علي الطباطبائي صاحب الرياض وعمدة تلمذه عليه فقد لازمه سنين طوال وسبر مؤلفاته الفقهية وواظب على حضور مجالسه الفتوائية حتى أصبح علماً يشار اليه ومنهلاً صافياً يرتوي أهل العلم من معارفه وعلومه وكان

(1) أعيان الشيعة ( 45 : 223 ) .
(2) أورد ترجمته الشيخ عباس القمي في ( الكني والألقاب ) ج 2ص 331 و 332 وذكر أنه توفي في الحائر المقدس بالطاعون سنة 1245 ، بينما تنص معظم المصادر حدوث الطاعون سنة 1246 هـ .
تراث كربلاء 269

إلى جانب ذلك من أهل الورع والصلاح والزهد والتقوى ، توفي في الطاعون سنة 1246 هـ كما ذكره السيد الصدر في ( التكملة ) نقلاً عن بعض أحفاده ...(1) الخ ودفن عند باب السدرة على الدكة في الصحن الحسيني الشريف . وترك آثاراً فكرية قيمة منها :( شرح الشرائع ) في عدة مجلدات ، و( الخلاصة ) وهو تلخيص لفتاوى أستاذه صاحب الرياض في الطهارة والصلاة من شرحه الصغير لخصه في حياته سنة 1228 وله ( ملخص الرياض ) و ( مقدمات الحدائق ) في مجلد فرغ من كتابته سنة 1214 هـ و( طهارة الحدائق ).
يرجع نسب الشيخ خلف إلى عشيرة ( الزوبع ) العربية المشورة . وكانت داره في الشارع الذي يبدأ من باب السدرة وينتهي بمحلة باب السلالمة عند طاق كان يعرف بطاق الشيخ خلف ، وقد هدم اليوم بسبب فتح شارع السدرة ترك ثلاثة اولاد هم 1ـ الشيخ حسين وهو من الأجلاء قام مقام والده في الامامة وسائر الوظائف الشرعية توفي في طاعون سنة 1246 هـ ، وهو والد العالم الشيخ صادق المتوفى سنة 1315 هـ والشيخ علي . 2ـ الشيخ عبد الحسين والد الفاضلين الشيخ باقر والشيخ حسن ، 3ـ الشيخ محمد . ولأولئك أولاد وأحفاد معروفون .


السيد كاظم الرشتي

كان من أبرز علماء كربلاء في عصره أحرز شهرة طائلة ومنزلة رفيعة ، وشهدت له أندية العلم بغزارة علمه وحدة ذكائه ، تتلمذ على الشيخ أحمد الأحسائي المتوفى عام 1242 هـ وتأثر بمبادئه وآرائه المخالفة لآراء الأصولية ، وعرف مذهبه بـ ( الكشفي ) أو ( بشت سري) أما مذهب الفرقة الأصولية فيعرف ( البالا سرية ) وكانت بين الفريقين خصومات حادة .

(1) الكرام البررة في القرن الثالث بعد العشرة ( 2: 501 و 502 ) .
تراث كربلاء 270

ذكره الاستاذ عباس العزاوي فقال : توفي السيد كاظم الرشتي في 9 ذي الحجة سنة 1259 هـ وعقائد الكشفية هي عقائد الشيخية موسعة في شرح المطالب وآل الرشتي معروفون في كربلاء وهم من ذرية السيد كاظم (1) .
وقال فيه صاحب كتاب ( ريحانة الأدب ): السيد كاظم بن قاسم الحسيني الكيلاني الرشتي الحائري من علماء أواسط القرن الثالث عشر الهجري ومن أكابر تلامذة الشيخ أحمد الأحسائي ، وبعد وفاة استاذه المذكور تولى المرجعية في جميع الامور الدينية ، فكان عميداً للطريقة الشيخية ، وله تآليف كثيرة (2). ذكرت ضمن ترجمته ، وقد ورد له ذكر في كتاب ( أحسن الوديعة ) وهذا نصه : السيد كاظم بن قاسم صاحب المؤلفات الكثيرة التي لم يفهم أحد ما يقول فيها وكأنه يتكلم بالهندية ولا سيما شرح القصيدة والخطبة مشحونة بالألغاز والمعميات خالية عن صريح العبارات والدلائل الساطعات (3) . وذكره مؤلف كتاب ( القاموس الإسلامي ) بكونه موسوي النسب ، فقال كاظم بن قاسم الحسيني الموسوي الرشتي من فقهاء الشيعة الإمامية لقب بالموسوي نسبة إلى الإمام موسى بن جعفر .. الخ (4) . ونحن إذ نختلف مع المؤرخ المذكور في كون الرشتي موسوي ، فهو حسيني النسب .
وذكره خير الدين الزركلي فقال ، كاظم بن قاسم الحسيني الموسوي الرشتي فاضل امامي من أهل ( رشت ) بايران سكن الحائر ( كربلاء ) له كتب منها (رسائل الرشتي ـ ط ) أجاب بها على بعض المسائل و( شرح قصيدة عبد الباقي العمري اللامية ـ ط ) في مدح موسى بن جعفر عليه السلام (5) .

(1) تاريخ العراق بين احتلالين / عباس العزاوي ج 7 ص 69 .
(2) ريحانة الأدب / للشيخ محمد علي التبريزي ( فارسي ) ج 2 ص 77 .
(3) أحسن الوديعة / للسيد محمد مهدي الموسوي الكاظمي ج 2 ص 309 .
(4) القاموس الاسلامي / أحمد عطية الله ج 2 ص 526 .
(5) الاعلام / خير الدين الزركلي ج 6 ص 67 .
تراث كربلاء 271

وهناك مؤلفات مطبوعة قسم منها لأنصار الفرقة الكشفية والقسم الآخر لخصومها ، وقد لا يعول عليها الباحث وربما لعبت بها أيدي النساخ ، فعليه لم نر ما يدعو إلى الاعتماد على تلك المصادر . وقد راجعنا المصادر الأصلية الخطية التي دونت في عصر السيد كاظم الرشتي معبرة عن العقائد الكشفية (1) .
وللسيد كاظم خدمات جليلة ومشاريع هامة ما تزال آثارها شاخصة للأبصار نوه عنها مؤلف كتاب ( بغية النبلاء في تاريخ كربلاء ) حيث قال : أنفق السيد كاظم الرشتي من فضله مصرف تحديد إنشاء المسجد الواقع في القسم الشرقي من الصحن الحسيني وتبرع زوجة محمد شاه القاجاري ملك أيران أنفذ نهر الرشتية إلى الرزازة وبطيحة أوهور أبو دبس ، ولتبرع أحد المحسنين من رجال حاشية الشاه عباس الأول الصفوي ابان احتلال الدولة الصفوية للعراق ( 1032 ـ 1042 ) جدد صدراً لهذا النهر (3) .
ترجم له كثير من أرباب السير في آثارهم .

(1) رسائل في عقائد الكشفية / للمرزا أحمد ترك بن الملا الآخوند الحاج اسماعيل الخراساني صنفه في شعبان 1262 هـ وهو معلم أطفال الفرقة الكشفية في كربلاء ، ومن أبرز تلامذة السيد كاظم الرشتي ، حاجج البابية والقرتية . والكتاب يحتوي على خمس عشرة رسالة في إثبات عقائد الكشفية وضعت من قبل السيد كاظم . وفي الكتاب فصلان في الرد على البابية والقرتية ، وهو من مخطوطات مكتبة الأديب حسن عبد الأمير .
(2) البارقة الحيدرية في الرد على الكشفية لمؤلفه محمد باقر بن المرحوم السيد حيدر الحسني الحسيني انتهى من تأليفه يوم السبت سابع عشر ذي الحجة سنة 1276 هـ مخطوط في مكتبة الامام الصادق في حسينية الحيدرية بالكاظمية .
(3) بغية النبلاء في تاريخ كربلاء / عبد الحسين الكليدار آل طعمة ص 99 .
تراث كربلاء 272

الشيخ محمد حسين الأصفهاني صاحب الفصول

يطول بنا المقام لو اردنا أن نستوفي م اورد فيه من أقوال الفقهاء والمتكلمين ، فهو علم شامخ وفقيه نبيل ومحدث واسع الاطلاع .
ذكره صاحب ( أعيان الشيعة ) فقال : الشيخ محمد حسين بن عبد الرحيم الرازي الأصل الحائري المسكن والمدفن صاحب الفصول توفي في كربلاء سنة 1261 الفقيه الاصولي الشهير أخذ عن أخيه الشيخ محمد تقي صاحب هداية المسترشدين وعن الشيخ علي بن الشيخ جعفر واختار الإقامة في كربلاء فرحل إليه الطلاب وأخذ عنه جماعة من العلماء مثل الحاج ميرزا علي نقي والميرزا زين العابدين الطباطبائيين وله مؤلفات في الأصول منها ( الفصول ) وهي من كتب القراءة في هذا الفن أورد فيه مطالب القرانين وحلها واعترض عليها وهو مشهور عند أهل هذا النوع وأحفاده موجودون في كربلاء وأصفهان ، خلف ولدين الشيخ عبد الحسين مات بكربلاء والشيخ باقر مات باصفهان (1) .
وجاء في ( المنجد ) نص هذا التعريف : محمد حسين بن عبد الرحيم الطهراني الرازي أقـام وعلم في أرض الحائر المطهـر ( من احياء كربلاء ) وفيهـا توفـي ( 1845 ) له ( الأصول في علم الأصول ) طبع في العجم 1868 (2). ولد صاحب الترجمة في « ايوان كيف » (3) ونشأ بها وأخذ المقدمات عن كبار علماء طهران . ولما عاد شقيقه الحجة الكبير الشيخ محمد تقي الأصفهاني وانتهت إليه الرئاسة ، كان المترجم قد انتهل من نميره فقد حضر عليه فترة طويلة ثم هاجر إلى العراق واتخذ كربلاء موطناً له ، وكانت يومذاك مدرسة عربية إسلامية تغص معاهدها بالدارسين ، فاتسعت شهرته ونشر العلم وترويج الأحكام حتى أصبح مرجعاً عاماً

(1) أعيان الشيعة ( 44 / 216 ).
(2) المنجد / في الأدب والعلوم : فردينال توتل ص 482 .
(3) من أعمال ايران .
تراث كربلاء 273

في التدريس وكان يقيم الجماعة في الروضة الحسينية المشرفة وكانت في كربلاء يومذاك فرقة الكشفية ، وقد أخذ المترجم يضعف نفوذهم ويحاربهم حتى كسر شوكتهم .
توفي عام 1254 هـ ودفن في الصحن الصغير في مقبرة آل الطباطبائي ، ومن آثاره المهمة ( الفصول الغروية ) في الأصول ، وله رسالة عملية فرغ من تأليفها عام 1253 هـ . وكان ولده الشيخ عبد الحسين عالماً فاضلاً من أجل تلامذة صاحب الجواهر .


السيد ابراهيم القزويني صاحب الضوابط

علم شامخ من أعلام الفكر ، فقيه بارع متضلع بالعلوم العقلية والنقلية . أنتقل مع والده السيد محمد باقر الموسوي القزويني إلى كربلاء ، فقرأ على السيد علي صاحب الرياض ، وفي اواخر ايامه لازم درس شريف العلماء في الاصول ثم هاجر الى النجف فقرأ على الشيخ علي بن الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء في الفقه ، وعلى أخيه الشيخ موسى ثم عاد إلى كربلاء فلازم درس شريف العلماء ، واشتغل في التدريس في حياة استاذه واجتمع في مجلس درسه نحو مئة طالب ، واستقل في التدريس بمدرسة السردار حسن خان المتصلة بالصحن الحسيني الشريف ، وكان يجتمع في حلقة درسه مايزيد على الف طالب وفيهم من فحول العلماء . كما قرأ أيضاً على السيد محمد صاحب المناهل ومفاتيح الأصول وهو الذي رغبه في التأليف في الفقه وأعطاه من كتب الفقه مايلزمه ، توفي في كربلاء بمرض الوباء سنة 1262 هـ عن عمر ناهز الستين ودفن في مقبرته جنب داره قريباً من المشهد الحسيني ، واعقب ولدين هما السيد أحمد والسيد باقر الشهيد آغا بزرك . ومن آثاره الخيرية بناء سور سامراء وتذهيب ايوان سيدنا العباس بن علي عليه السلام كما صرحت بذلك المصادر .
أما أشهر تلامذته فقد ذكرهم صاحب ( أعيان الشيعة ) وهم : الشيخ زين

السابق السابق الفهرس التالي التالي