تراث كربلاء 274

العابدين البارفروشي المازندراني الفقيه المشهور الذي انتهت إليه الرئاسة العلمية في كربلاء والسيد حسين الترك والسيد أسد الله نجل حجة الإسلام ، والشيخ مهدي الكجوري الذي كان في شيراز والسيد أبو الحسن التنكابني والحاج محمد كريم اللاهيجي والشيخ عبد الحسين الطهراني شيخ العراقين وملا محمد علي التركي وملاعلي الكني وميرزا محمد حسين الساوري وميرزا محمد حسن الأردبيلي وميرزا صالح الداماد الشهير بـ ( العرب ) وميرزا رضا الدامغاني والشيخ محمد طاهر الكيلاني وميرزا محمد صالح التركي وآغا جمال المحلاتي وأمثالهم ، وكل من اولئك أصبح مرجعاً في صقعه (1) .
مؤلفاته : ترك لنا صاحب الضوابط مجموعة من تصانيفه القيمة التي دونت في ( أعيان الشيعة ) (2) وهي كما يلي :
1ـ ضوابط الأصول في مجلدين ـ مطبوع ، وكان تأليفه في سنة الطاعون .
2ـ نتائج الأفكار في الأصول بقدر المعالم ـ مطبوع .
3ـ رسالة في حجية الظن .
4ـ دلائل الأحكام في شرائع الإسلام ، في الفقه من الطهارة إلى الديات في عدة مجلدات .
5ـ رسالة فارسية في الطهارة والصلاة والصوم .
6ـ رسالة عربية مفصلة في الطهارة والصلاة .
7ـ مناسك الحج .
8ـ رسالة في الغيبة .
9ـ رسالة في صلاة الجمعة .

(1) أعيان الشيعة ( 5 : 343 ) .
(2) المصدر نفسه ( 5 : 343 ) .
تراث كربلاء 275

10 ـ رسالة من القواعد الفقهية جمع فيها خمسمائة قاعدة .
أورد ذكره واثنى عليه عدد غير قليل من المؤرخين في مصنفاتهم ومنهم الأستاذ خير الدين الزركلي في ( الاعلام ج 1 ص 217 ) وعمر رضا كحالة في ( معجم المؤلفين ج 1 ص 17 ) وآغا بزرك الطهراني في ( الكرام البررة ج 1 ص 10 و 11 ) وانظر ( إيضاح المكنون 1ـ 476 ) و( معجم سركيس 1815 ) .

الشيخ محمد حسين القزويني

من الرجالات العلمية التي عرفت بطول الباع وسعة الاطلاع في مختلف العلوم الدينية .
فهو الشيخ محمد حسين بن عباس علي الطالقاني القزويني الحائري عالم فاضل ورئيس مطاع ومروج للدين والأحكام وخطيب مصقع يرجع اليه في أحكام الشرع . ذكره صاحب ( أحسن الوديعة ) فقال: العالم الفاضل والفقيه الكامل الشيخ محمد حسين القزويني الأصل الحائري المسكن كان من أكابر المجتهدين ورؤساء الدين له مؤلفات في الفقه والأصول تدل على كثرة تبحره في العلوم العقلية والنقلية وقفت على بعضها عند بعض المعاصرين بخط بعضهم وكان عمدة تلمذه على شيخ مشايخنا صاحب الجواهر وعليه تخرج ذكره في ص 156 س 18 من المآثر والآثار ، وِأشار إلى أنه كان من فحول المجتهدين وفقهاء زمانه وله منزلة رفيعة وجاه عظيم (1) .
وأثنى عليه الشيخ آغا بزرك الطهراني فقال : كان في كربلاء من تلاميذ شريف العلماء المازندراني وكان في النجف من أكابر تلاميذ صاحب ( الجواهر )

(1) أحسن الوديعة : للسيد محمد مهدي الموسوي الأصفهاني الكاظمي ( الطبعة الثانية ) ج 1 ص 52 .
تراث كربلاء 276

بل من معاصريه ومعاصري صاحب الفصول جاور كربلاء فكان رئيساً مقدماً ومدرساً كبيراً وخطيباً جليلاً ومفتياً يرجع اليه في أحكام الشرع وكان له تبحر غريب في الفقه والأصول تنطق به آثاره وتشهد مآثره توفي في 4 محرم 1281 هـ وهي السنة التي توفي بها الشيخ المرتضى الأنصاري عن ثلاث وستين سنة فولادته في 1218 هـ ودفن بمقبرة ركن الدولة في الصحن الصغير المهدوم فعلاً وله من الآثار (نتائج البدائع) في شرح (الشرايع) خرج منه أكثر أبواب الفقه و (نتيجة البديعة) في علم فروع الشريعة عندي المجلد الثاني من طهارته وهو من الدماء إلى آخر أحكام الأموات بخطه الشريف شرع فيه ( 1250 ) وفرغ منه في ( 1251 ) ولعله منتخب من شرحه المذكور وعنوانه نتيجة نتيجة . ورأيت مجلد الاقرار منه عند السيد محمد صادق آل بحر العلوم فرغ منه في 1274 هـ بكربلاء ورأيت بعض مجلداته الأخر في مكتبة الشيخ عبد الحسين الطهراني الموقوف بكربلاء ويظهر من بعضها ان اسم والده عباس علي وله أيضاً ( بدائع الأصول ) في المكتبة المذكورة بكربلاء (1) . والعقت منه في ولديه الفاضلين الشيخ موسى والشيخ عيسى .


الشيخ عبد الحسين الطهراني

من علماء عصره الذين يشار اليهم بالبنان ، كانت له الزعامة الدينية والمرجعية في الأحكام الشرعية . ذكره صاحب ( أعيان الشيعة ) فقال : توفي في الكاظمية في 22 رمضان 1286 ونقل إلى كربلاء فدفن في حجرة بجانب الباب الجديد المسمى بالباب السلطاني على يسار الداخل إلى الصحن الشريف وقد تجاوز عمره الستين . وكان عالماً فقيهاً أصولياً رجالياً أديباً حافظاً للشعر العربي حاوياً لجملة من الفنون ، هاجر ابان الطلب من طهران إلى النجف الأشرف وأخذ عن الشيخ

(1) الكرام البررة (1 : 5 . 4 ) .
تراث كربلاء 277

مشكور الحولاوي والشيخ عيسى زاهد وصاحب الجواهر ورجع بعد إجازته إلى طهران فرأس وتصدر فيها وتقدم عند الشاه ووزرائه وحصل له القبول عند الخاصة والعامة ثم خرج منها بأهله وسكن كربلاء سنة 1280 هـ وفوض الشاه اليه عمارة المشاهد في كربلاء والكاظمية وسامراء وأقام على تذهيب القبة في سامراء وبناء الصحن وزخرفته وتوسعة الحرم الحائري وكان جماعاً للكتب خصوصاً المخطوطة منها وله من ذلك مكتبة نفيسة أوقفها وقد تلف جملة منها وتفرق باقيها ايدي سبأ وكان فيها مجلدات من رياض العلماء وقد سألنا عنها في زيارتنا للعراق سنة 1352 هـ في كربلاء فأخبرنا بتلفها واحتراق بعض أجزاء رياض العلماء الذي كان فيها وهكذا تذهب آثارنا النفيسة ضحية الإهمال والفوضى . وله مدرسة غربي المشهد الشريف ملاصقة له تنسب اليه . له كتاب في طبقات الرواة في جدول لطيف غير أنه ناقص وله رسالة علمية مطبوعة وترجمة نجاة العباد وحواشي وتعليقات ورسائل وكتب في الرجال (1) وأرخ وفاته تلميذه الميرزا محمد الهمداني الكاظمي المعروف بإمام الحرمين بقوله :
منذ ( عبد الحسين ) مولى البرايا فاض من ربه عليه النور
طار شوقاً إلى الجنـان شـريفاً ودعاه اليه أرخ ( غفور ) (2)

وخلف من الأولاد الذكور خمسة الشيخ علي ، والشيخ مهدي ، والشيخ أحمد ، والشيخ شريف ، والشيخ عيسى . وجاء في ( سفر نامه ) ناصر الدين شاه إلى العتبات : أنه في يوم الخميس عاشر ذي الحجة قدم العطايا للمحترمين من أهل كربلاء وعد اولاد المترجم له وقال انهم ثلاثة ومراده الثلاثة الأجلاء الكبار منهم وإلا فقد ذكرنا أنهم خمسة والشيخ مهدي هو الذي شارك أخاه الشيخ علي

(1) أعيان الشيعة ( ج 37 ص 108 ) .
(2) الكرام البررة (1 : 724 ) .
تراث كربلاء 278

صاحب ( معراج المحبة ) المطبوع في وقف مكتبة والدهما سنة 1288 هـ ولولده الشيخ مهدي أولاد منهم الشيخ محمد باقر المولود سنة 1301 هـ ومحمد هادي المولود سنة 1310 هـ (1)وللمترجم له مكتبة نفيسة أتينا على ذكرها في (مخطوطات كربلاء) وقد ذكرها جرجي زيدان في الجزء الرابع ص 141 من ( تاريخ آداب اللغة العربية ) والفيكنت فيليب دي طرازي في ( خزائن الكتب العربية في الخافقين ) ج 1 ص 310 . ودونت ترجمته في كثير من المصنفات التاريخية ومنها ( المآثر والآثار 139 ) و ( مستدرك الوسائل ج 3 ص 397 ) و ( كفاية الموحدين ج 2 ص 629 ) و( جنة النعيم ص 528 ) و ( ريحانة الأدب ج 2 ص 410 ) و ( أحسن الوديعة ج 1 ص 60 و 61 و 62 ) ( الطبعة الثانية ) و ( أعيان الشيعة ج 37 ص 107 و 108 ) و ( تاريخ سامراء ) ج 2 ص 16 و 17 و ( الكرام البررة ص 713 ـ 715 ) وغيرها من عشرات المصادر .


الشيخ محمد صالح آل كدا علي

هو العالم الفاضل الشيخ محمد صالح بن مهدي بن الخطاط المشهور آغا محمد جعفر بن الأمير فضل علي خان المعروف بكدا علي بيك النوري الحائري أحد مراجع التقليد في عصره من أهل الصلاح والورع . كان جده كدا علي بيك من خوانين أيران ومن أكابر المثرين في بروجرد وسلطان آباد ، يقال أنه من قبيلة (جوذرزي) المنسوبة الى آل نوبخت هاجر بعد الدولة الصفوية الى العراق فسكن كربلاء وتزوج بها أخت السيد الميرزا صالح الشهرستاني (2) ... الخ . تتلمذ المترجم له على العلامة السيد ابراهيم القزويني صاحب الضوابط وغيره من أعلام كربلاء في ذلك العهد . وترك تصانيف قيمة في الفقه لاتزال محفوظة

(1) الكرام البررة ( 1: 715 ) .
(2) هكذا ذكره صاحب الذريعة في مصنفه ( الكرام البررة 1 : 663 ).
تراث كربلاء 279

بأيدي أحفاده اليوم . وان يقطن في الزقاق المعروف باسمه المتفرع من شارع الحسين عليه السلام قرب الصحن الشريف الحسيني . توفي في شهر ذي الحجة سنة 1288 هـ بعد أن ناهز عمره المائة سنة ، وأرخ عام وفاته العلامة الميرزا محمد الهمداني الشهير بإمام الحرمين فقال :
لله صالـح قضـى نحبـه أحيى الليالي بالدعاء والقنوت

وآخرها :
ومن يكن ذا عمل صالـح أرخ (هو الحي الذي لا يموت)
1388 هـ
ودفن في مقبرة خاصة له ولأسرته في الواجهة الشمالية من الصحن الحسيني جوار إيوان الوزير .
ومن أحفاده اليوم الدكتور عبد الرزاق الشهرستاني .


الشيخ مرزا علي نقي الطباطبائي

من كبار العلماء العاملين ، وأعاظم المجتهدين ، كان غصناً يانعاً من دوحة علم أصلها ثابت وفرعها في السماء . فهو العالم الفقيه السيد مرزا علي نقي بن السيد حسن بن السيد محمد المجاهد بن السيد علي الطباطبائي الحائري صاحب الرياض .
ولد في كربلاء سنة 1226 هجرية ، ونشأ في بيت روحي فشب فيه وتلقى العلم على لفيف من الفقهاء المبرزين كالعلامة السيد مرزا مهدي الطباطبائي نجل العلامة السيد محمد المجاهد والشيخ محمد حسين صاحب الفصول وقرأ في النجف على العلامة الشيخ حسن نجل كاشف الغطاء والشيخ محمد حسن صاحب الجواهر وغيرهم ، وأنيطت به من المهام والمناصب الشرعية والفتاوى العلمية ماهو أهل لها ، وأنتهت الية الرئاسة الدينية ، وكان يقيم صلاة الجماعة في المسجد المعروف باسمه بين الحرمين ، فذاعت شهرته وعلا صيته وعظم شأنه ، فحظى على مكانة

تراث كربلاء 280

مرموقة واحترام شامل . وتتلمذ عليه لفيف من أهل الفضل نخص بالذكر منهم الشيخ محمد تقي الشيرازي زعيم الثورة العراقية والسيد محمد الفشاركي والشيخ الملا فضل الله المازندراني وغيرهم . ومن بين تآليفه المطبوعة ( الدرة الحائرية ) في شرح الشرائع برز منه شرح كتاب البيع وقد طبع في إيران طبعة حجرية وشرح مباحث العقود والإيقاعات والأحكام والطهارة . والدرة في العام والخاص طبع خلف الكتاب المذكور ثم رسالة عملية في العبادات . وله إضافة إلى ذلك من الكتب والرسائل وأجوبة المسائل وحل المشاكل ذكرها صاحب ( أعيان الشيعة ) وهي : 1ـ كتاب القضاء ، وله رسائل 2ـ رسالة في صلاة المسافر 3ـ في الغسالة 4ـ في تقويض الأحكام 5ـ في تداخل الأغسال 6ـ في تعيين السورة بعد الحمد 7ـ في جواز بيع الوقف 8ـ في قضاء الرواتب 9ـ في حكم تقدم المرأة على الرجل في الصلاة 10 ـ في قضاء بالنكول 11 ـ في الأصل المثبت 12 ـ في اجتماع الميت والمحدث والجنب ومعهم من الماء ما يكفي أحدهم 13 ـ كتاب في البيع 14 ـ منظومة في الحج أسمها مزيج الاحتياج في حكم منسك الحاج 15 ـ كتاب في الاجازة 16 ـ شرح مزجي على زيارة الجامعة كبير لم يتم تخلف بولده الميرزا جعفر (1) .
توفي في 6 صفر من عام 1289 هجرية ودفن في مقبرة آل الطباطبائي المواجهة لمقبرة السيد محمد المجاهد في سوق التجار الكبير بين الحرمين ، وأرخ وفاته أحد الشعراء بقوله :
لمـا نعـى العلم حبـر قضى نقي الردى زكيا
ناديت الق العصا وأرخ ( حقاً علي قضى نقيا )
1289 هـ

(1) أعيان الشيعة ( 42 : 198 ).
تراث كربلاء 281

ذكرته كتب التراجم والسير منها ( أحسن الوديعة ) ج 1 ص 157 و( المآثر والآثار ) ص 154 و ( معارف الرجال ) ج 2 ص 148 وغيرها .


المولى محمد صالح البرغاني

من الفقهاء والمحدثين الذين كانت لهم صولات وجولات في ميدان العلم بذل نفسه في ترويج الدين وإحياء الشريعة الإسلامية .
هو ابن المولى محمد البرغاني القزويني المتوفى سنة 1200 هـ ، وشقيقه المولى محمد تقى المعروف بالشهيد الثالث قتيل الفرقة البهائية سنة 1264 هـ .
ولد في برغان (1) سنة 1200 هـ ، وأقام بقزوين وعمر فيها مسجداً ومدرسة عظيمة . وفي أواخر عمره جاور كربلاء وتوفي بها سنة 1283 هـ وكانت وفاته فجأة في الحرم الشريف الحسيني ، عندما كان مشغولاً بالدعاء ودفن في الروضة الحسينية . ورد ذكره في ( معجم المؤلفين ) وهذا نصه : كان حياً سنة 1270 هـ محمد صالح بن محمد القزويني الكربلائي فاضل من آثار بحر العرفان في تفسير مفتاح الجنان ، ومفتاح البكاء في مصيبة خامس آل العباء فرغ من تأليفه سنة 1270 هـ (2) .
ذكره الشيخ آغا بزرك الطهراني فقال : أدرك السيد علي الطباطبائي في كربلاء وتلمذ على ولده السيد محمد المجاهد وأجيز منه ومن السيد عبد الله شبر وغيرهما ، وتوفي في الحائر الشريف فجأة سنة 1283 هـ كما رأيته بخطه بعض أولاده في آخر ( مفتاح البكاء ) له . ودفن في رواق الحسين في طرف الرأس الشريف (3) . الخ . وذكره صاحب ( أعيان الشيعة ) بقوله : محمد صالح بن محمد القزويني ولد سنة

(1) من أعمال قزوين بايران .
(2) معجم المؤلفين / عمر رضا كحالة ج 10 ص 87 .
(3) الكرام البررة ( 1 : 660 و 661 ).
تراث كربلاء 282

1200 هـ وتوفي سنة 1270 هـ بكربلاء ودفن في الرواق الشريف ذكره في الشجرة الطيبة وقال كان من أجلاء العلماء تلمذ في إيران على الميرزا القمي ثم انتقل إلى النجف وتلمذ على الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء ثم انتقل إلى كربلاء وتوفي فيها له من المصنفات (1)ـ غنيمة المعاد في تمام الفقه 14 مجلداً (2)ـ مسالك الراشدين 3 مجلدات (3)ـ بحر العرفان في تفسير القرآن 7 مجلدات (4)ـ كنز الاخبار في أحوال النبي والأئمة 4 مجلدات (5)ـ كنز الأبرار في أحوال الأئمة الأطهار مجلدان (6)ـ مجمع الدرر في اللطائف والحكايات (7)ـ ذخيرة المعاد في أصول الدين (8)ـ كتاب في اصول الفقه (9)ـ مفتاح البكاء في مصيبة سيد الشهداء (10)ـ معدن البكاء (11)ـ كنز المصائب (12)ـ منبع البكاء (13)ـ مجمع البكاء كلها في مصيبة أهل البيت ومناقبهم (14)ـ كنز الزائرين (15)ـ الستة الأشهر (1) . وهذه المؤلفات اطلعت عليها في مكتبته المحفوظة لدى أحفاده بكربلاء ودونت التعريف بها في ( مخطوطات كربلاء ).


القرن الرابع عشرالهجري
الشيخ المولى حسين الأردكاني

عالم جليل القدر وفقيه ورع هاجر إلى كربلاء المشرفة فأدرك بها شريف العلماء وحضر بحثه وكتب من تقريرات درسه مبحث البيع الفضولي من كتاب التجارة . وحضر أيضاً على السيد ابراهيم القزويني صاحب الضوابط . فاشتهر بين العلماء والطلاب حتى أتجهت اليه الأنظار وكثر الإقبال عليه من مختلف الأصقاع والأمصار . تخرج من معهده جمع من الفطاحل الكبار كالسيد الميرزا محمد حسين المرعشي الشهرستاني والميرزا محمد تقي الشيرازي والسيد محمد الأصفهاني والسيد حسن الكشميري والميرزا مهدي الشيرازي والشيخ علي البفروئي والميرزا محمد

(1) أعيان الشيعة ( 45 : 240 و 241 ) وراجع ( أحسن الوديعة ) ج 1 ص 30 .
تراث كربلاء 283

الهمداني وآخرون غيرهم . وازدهر العلم في كربلاء في عصره حيث أعاد اليها نضارة عصر الوحيد الآغا باقر البهبهاني واشتهر اسمه وذاع صيته فأصبحت له زعامة دينية لا يكاد ينازعه عليها أحد . وقد أثنى عليه المؤرخون في تآليفهم . للمترجم تقريرات طبعت في كتاب مستقل ونسخته نادرة .
وفاه الأجل عام 1305 هـ ودفن في مقبرة أستاذه صاحب الضوابط وأرخ وفاته تلميذه الحاج مرزا محمد حسين الشهرستاني بقوله :
وقال مفجع التاريخ ( أوه سيلقى الشامتون كما لقينا )
1305 هـ
> وأرخ وفاته بقوله :
ولما ذاب قلب الوجد هماً لموت ولي أمر المـؤمنينا
فقم فزعاً وأرخ ( بالبكاء حسين بالثرى أمسى رهينا)
1305هـ
وقال مؤرخاً أيضاً :
وقد تلقته حور ونظرة وسرور
أرخن ( حباً وأهلاً لفضل الأردكاني )
1305 هـ
كما رثاه الشاعر السيد جعفر الحلي بقصيدة طويلة مثبتة في ديوانه ص 196 وقد أعقب ولده الأرشد الآغا الشيخ محمد وكان فاضلاً حذا حذو أبيه في صلاة الجماعة . ذكره الأصفهاني الكاظمي في ( أحسن الوديعة ) ج 1 ص 81 و محمد حسن خان اعتماد السلطنة في ( المآثر والآثار ) ص 144 وغيرهم .


السيد صالح الداماد

هو الزعيم السيد محمد صالح بن السيد حسـن بن السيد يوسف الموسوي الفامـوري

تراث كربلاء 284

الشيرازي الحائري المعروف بالداماد . صاهر والده السيد علي الطباطبائي صاحب الرياض فاشتهر في كربلاء بهذا اللقب كان سياسياً محنكاً وعالماً فقيهاً محققاً ولد في كربلاء ونشأ بها ، قرأ على خاله السيد مهدي بن السيد علي صاحب الرياض والسيد ابراهيم القزويني صاحب الضوابط وغيرهما ، فاشتهر بالفضل والعلم ، واشتغل بالتدريس . وتخرج من تحت منبره جمع غفير من الأفاضل وصارت له رئاسة علمية وزعامة دينية .
حدثت في عهده واقعة كربلاء المعروفة في ذي الحجة عام 1258 هـ ، المؤرخة بلفظة ( غدير دم ) على عهد السلطان العثماني عبد المجيد وكان ذلك على يد ( نجيب باشا )(1) والي بغداد ، فصارت مجزرة دامية ذهب ضحيتها الألوف المؤلفة من الرجال والنساء والأطفال وكثير من العلماء والصلحاء إضافة إلى القتل والسلب وإباحة المدينة من قبل الجيش . وفي هذه الحادثة بالذات اخذ المترجم أسيراً إلى القسطنطينية وتدخل في أمره هناك أحد رجال الدولة الإيرانية فأرسل إلى طهران وعفي عنه وهناك إحتفل به وعنى له السلطان ناصر الدين شاه فأصبح من مشاهير الاعلام ، وعرف بلسان العامة من الناس بمير صالح عرب وصاهره السيد عبد الله بن السيد اسماعيل البهبهاني والد العلامة السيد محمد البهبهاني المعروف في طهران .
توفي ليلة الجمعة ثاني ربيع الثاني سنة 1303 هـ عن أربع وثمانين عاماً وحمل جثمانه إلى كربلاء ودفن في الرواق الحسيني الشريف .
جاء في معجم المؤلفين : محمد صالح عرب بن حسين الكربلائي الشيعـي الإمامـي الشهير بعـرب فقيه أصولـي من تصـانيفه ( زهر الرياض ) و( المهذب في الأصول ) (2) .

(1) راجع فصل ( الحوادث السياسية ) .
(2) معجم المؤلفين / عمر رضا كحالة ج 10 ص 82 .
تراث كربلاء 285

ومن مؤلفاته القيمة : 1ـ زهر الرياض حاشية على رياض المسائل 2ـ حاشية على الروضة البهية 3ـ المهذب في الأصول أو مهذب القوانين طبع عام1303 هـ 4ـ التجزي والاجتهاد طبع مع مفاتيح الاصول لخاله السيد محمد المجاهد عام 1296 هـ .
أورد ترجمته العلامة آغا بزرك الطهراني في ( نقباء البشر في القرن الرابع عشر ) ( 1: 881 ـ 883 ) وترجم له في ( المآثر والآثار ) ص 148 وغيرها من المصنفات .


الشيخ زين العابدين الحائري

هو المجتهد الكبيـر الشيخ زين العابدين بن مسلـم البارفروشـي المازندراني الحائـري (1) من أعظم فقهاء عصره . تتلمذ في كربلاء على المولى محمد سعيد المازندراني الشهير بسعيد العلماء المتوفى سنة 1270 هـ والسيد ابراهيم القزويني صاحب الضوابط ، وحضر في النجف على الشيخ مرتضى الأنصاري المتوفى عام 1281 هـ والشيخ محمد حسن صاحب الجواهر وغيرهم ، وبرع في الفقه والأصول حتى بز أقرانه وحظى على مكانة مرموقة فذاع صيته واشتهر أمره في التقليد لاسيما في بلاد الهند .
توفي في السادس عشر من ذي القعدة سنة 1309 هـ عن 82 سنة ودفن في مقبرته الخاصة عند باب قاضي الحاجات في الروضة الحسينية وأعقب أربعة أولاد نهجوا نهج أبيهم وهم (1) الشيخ علي صاحب ( فهرس الجواهر ) المتوفى سنة 1345 هـ (2) الشيخ محمد (3) الشيخ عبد الله الذي تولى رئاسة الطريقة الصوفية في إيران (4) الشيخ حسين الذي قام مقام والده في إمامة الجماعة والمرجعية والتدريس في كربلاء وتوفي في 12 شوال سنة 1339 هـ وأعقب كلاً

(1) أنظر ترجمته في ( احسن الوديعة ) ج 1 ص 95 و ( نقباء البشر : 586 ) .
تراث كربلاء 286

من الشيخ محمد باقر الذي قطن إيران وتوفي عام 1388 هـ والشيخ أحمد الذي قام مقام والده في إمامة الجماعة وتوفي يوم 29 جمادى الأولى سنة 1376 هـ ذكره خير الدين الزركلي في ( الأعلام ) فقال ما هذا نصه ، زين العابدين ( 1227 ـ 1309 هـ ) ( 1812 ـ 1892 م ) ابن كربلائي مسلم المازندراني الحائري فقيه إمامي جاور الحائر إلى أن توفي له ( ذخيرة المعاد ط ) فقه ، و ( مناسك الحج ) وغير ذلك (1) .
ورد له ذكر في كثير من كتب الرجال الطبوعة والمخطوطة وبالأخص موسوعة ( أعيان الشيعة ج 33 ص 239 ـ 241 ) و( نقباء البشر ج 1 ص 805 و 806 ) و( معارف الرجال ج 1 ص 321 ـ 333 ) وانظر ( القاموس الإسلامي ) لأحمد عطية الله المجلد 2 ص 24 وغيرها .


السيد حسين المرعشي الشهرستاني

هو الحاج السيد مرزا محمد حسين (2) ابن السيد مرزا محمد علي المرعشي ابن السيد مرزا محمد حسين بن السيد مرزا محمد علي بن اسماعيل بن محمد بن باقر ابن محمد تقي بن محمد جعفر بن عطاء الله الحسيني الشهير بالشهرستاني نسبة لمصاهرته بآل الشهرستاني وينتهي نسبه إلى الإمام علي بن الحسين عليهما السلام .
ولد في كرمنشاه في ( 15 شوال سنة 1255 هـ ) ونشأ في كربلاء نشأة طيبة بين ظهراني أسرته أولي الفضائل والمآثر ، حيث قرأ النحو والمنطق والبيان وسائر المقدمات وصنف فيها رسائل كثيرة وله اجازات متعدده ، فقرأ بها السطوح وأتمها ولازم حوزة والده ودرس على المولى حسين الأردكاني

(1) الأعلام : خير الدين الزركلي ج 3 ص 106 .
(2) اقتبسنا هذه المعلومات من رسالة خطية باسم ( أحوالات الميرزا محمد حسين الشهرستاني ) كتبها حفيده السيد عبد الرضا المرعشي الشهرستاني وتقع في 24 صفحة .
تراث كربلاء 287

في الفقه والأصول وحاز قسطاً وافراً من أنواع العلوم ، فقد شارك في الرياضيات والهيئة والفلك والنجوم والأدب والتفسير والفلسفة والحديث والكلام وغير ذلك وحصلت له إجازات كثيرة من أساتذته .
في مجلة ( المرشد ) : وافته المنية فاختطفت روحه الطاهرة وقضت على حياته المباركة في اليوم الثالث من شوال سنة 1315 هـ وهو آنئذ بكربلاء بعد داء عضال لازمه مدة طويلة عن عمر ناهز التسعة والخمسين سنة قضاها بين المحابر والطروس والأقلام ودفن في كربلاء مع أبيهم وأجداده في مقبرتهم المختصة بهم في الرواق الشريف (1) . وارخ وفاته الخطيب الشاعر السيد جواد الهندي فقال :
محمـد الحسيـن يـوم موتـه حل من الفردوس إعلى مرتقى
ان صار عن دار الفناء راحلاً فإن في الاخرى له دار البقـا
ومذ قضى أبو علـي أرخـوا ( انطمست والله اعـلام التقى )

وللسيد محمد حسين اشعار متناثرة في المجاميع الخطية منها تخميسه لقصيدة الشريف الرضي التي قال فيها :
أمسيت والهم في ايران يطرقني والكرب طول اليالي ما يفارقني
وذكر من حل في كوفان يقلقني من لي بعاصف شملال يبلغني
إلى الغري فيلقيني وينساني
إلى الذي ظهر الجبـار طينته إلى الذي بشـر المختـار شيعته
إلى الذي أوجب القربى مودته إلى الذي فرض الرحمان طاعته
على البرية من جن وانسان

(1) مجلة المرشد ـ الجزء العاشر من السنة الثانية ، جمادى الأولى 1346 ص 379 ـ 384 .
تراث كربلاء 288

إن لم يكن عاصف أسعى على قدمي أسعى برأسي وقلبي مهجتي ودمي
أسعى بأجفـان عيني نحو ذي الحرم ما أستعـيـن بشمـلال ولاقـدم
من ترب ساحته طوبى لأجفان

وأرخ وفاة الشيخ مرتضى الأنصاري بقوله :
بالواحد الفرد استعنت مؤرخاً (علم الهدى في الخلد حي يرزق)
1281 هـ

خلف أثماراً شهية وآثاراً نفيسة تنيف على الثمانين كتاباً منها رسائل فارسية وعربية ما تزال مخطوطة في كتبته . وقد حذا حذوه نجله السيد المرزا علي الشهرستاني وكان فاضلاً جليلاً ولد سنة 1280 هـ وتوفي يوم 11 رجب سنة 1344 هـ .
ان تاريخ حياة السيد المرزا محمد حسين المرعشي الشهرستاني حافلة بجلائل الأعمال ، ويجد القارئ سيرته في كثير من المراجع منها ( إعيان الشيعة ) ج 44 ص 212 و ( الكرام البررة ) ج 2 ص 432 و (ريحانة الأدب ) ج 2 ص 362 ( والكنى والألقاب ) ج 2 ص 345 .


السيد هاشم القزويني

كان من أبرز علماء كربلاء في مفتتح هذا القرن ، اشتغل بالتدريس ونشر العلوم وأجاز على مكانة سامية في الفضل والصلاح والورع ، فكان مرجعاً لأهالي كربلاء وغيرها . ذكره صاحب ( أعيان الشيعة ) فقال : هو ابن السيد محمد علي القزويني الحائري توفى في كربلاء يوم الجمعة 29 شوال سنة 1327 هـ ودفن إلى جنب ابن عمه صاحب الضوابط في بعض حجر الصحن الشريف ، تخرج بصاحب الجواهر فقهاً وبالشيخ مرتضى الأنصاري أصولاً ثم عاد إلى كربلاء وتصدر للدرس . في تتمة أمل الآمل : هو عالم فاضل أصولي فقيه من تلامذه الشيخ مرتضى الأنصاري والسيد محمد القزويني وصفه الميرزا حسين النوري

تراث كربلاء 289

بالعالم الفاضل الورع التقي كانت له رياسة ووجاهة في كربلاء والإمامة في الجماعة في صحن مشهد أبي الفضل العباس عليه السلام وكان معروفاً بالصلاح والتقوى والوثاقة في كربلاء وهو ابن عم السيد ابراهيم صاحب الضوابط ، خلف ولدين السيد محمد رضا والسيد ابراهيم يعدان اليوم من علماء كربلاء يصليان جماعة في صحن مشهد أبي الفضل العباس عليه السلام (1). ترجمه آغا بزرك الطهراني في ( الكرام البررة) القسم المخطوط . وانظر ( معارف الرجال ج 3 ص 130 وغيرها ) .


السيد الميرزا جعفر الطباطبائي

هو ابن الميرزا علي نقي بن السيد حسن بن السيد محمد المجاهد بن السيد علي صاحب الرياض الطباطبائي الحائري ، فقيه جليل برع في فنون العلم واجتهد في القواعد الأصولية والفروع الفقهية وتزود من المعرفة ماجعله في مصاف جهابذة العلماء . يروى أنه كان طويل القامة ، جيد التحرير ، وكان رئيساً مطاعاً ، عالماً تحريراً بصيراً بالامور .
ولد في 12 ربيع الآخر سنة 1258 هـ وشب في أسرة كريمة مكباً على الدرس والتحصيل . وتتلمذ على والده العلامة السيد علي نقي الطباطبائي والميرزا عبد الرحيم النهاوندي وخاله السيد علي الطباطبائي صاحب البرهان القاطع والسيد حسين الكوهكمري المعروف بالسيد حسين الترك (2). حتى بلغ مرتبة الإجتهاد ثم انتقل إلى النجف وحضر ابحاث مشاهير علمائها الفحول في الفقه والاصول عاد بعدها الى مسقط رأسه كربلاء وتقلد مناصب الإفتاء والإمامة وصار مرجعاً عاماً ، وله اجازات من مشاهير علماء العصر . توفي يوم 22 صفر سنة 1321 هـ ودفن في مقبرة آل الطباطبائي الكائنة في سوق التجار الكبير أمام قبر السيد

(1) أعيان الشيعة للسيد محسن الأمين ( 51 : 42 ) .
(2) أعيان الشيعة للسيد محسن الأمين ( 16 : 48 ) .

السابق السابق الفهرس التالي التالي