التصنيف: اسماء كربلاء الاخرى

  • ملخص اسماء كربلاء

    أعطيت كربلاء ـ حسب النصوص الواردة ـ مزايا عظيمة في ألإسلام فكانت أرض ألله المختارة ، وأرض الله المقدسة المباركة، وأرض ألله الخاضعة المتواضعة، وحرما آمنا مباركا ، وحرما من حرم ألله وحرم رسولهن ومن المواضع التي يحب ألله أن يُعبد ويدعى فيها، وأرض ألله التي في تربتها الشفاء.
    وهذه ألأرض المباركة ذات الفضل الطويل والشرف الجليل ، لم تنل هذا الشرف العظيم في ألإسلام إلا بالحسين عليه السلام.
    نُعتت كربلاء منذ الصدر ألأول في كل من التاريخ القديم والحديث بأسماء عديدة مختلفة ورد منها في الحديث بإسم : كربلاء ، والغاضرية ، ونينوى ، وعمورا ، وشاطئ الفرات ، وشط الفرات، وورد منها في الرواية والتاريخ ايضا بإسم : مارية ، والنواويس ، والطف ، وطف الفرات ومشهد الحسين عليه السلام ، والحائر ، والحير إلى غير ذلك من ألأسماء المختلفة الكثيرة .
    تعددت ألآراء حول أصل تسمية (كربلاء) نذكر منها:
    1 ـ كربلة: رخاوة في القدمين ، يقال : جاء يمشي مكربلاً. فيجوز على هذا أن تكون أرض هذا الموضع رخوة ، فسميت كربلاء.
    2 ـ يقال كربلت الحنطة: إذا هذّبتها ونقّيتها. فيجوز على هذا أن تكون هذه الأرض منقاة من الحصى والدغل ، فسميت بذلك.
    3 ـ الكربل: إسم ورد أحمر ، قد نبت في هذه ألأرض ، فسميت ألأرض باسم كربلاء.
    4 ـ قيل إن إسمها مأخوذ من كرب وبلاء، لأنها من أول ما خلقت هذه ألأرض كانت محيلا للبلاء والهول وألإضطراب حتى أن كل من مر بها كانت تحدث له أشياء عجيبة ، ويشعر بالغم والهم حتى يخرج منها.
    وتذكر الروايات أن أكثر ألأنبياء مروا بها ، منهم آدم ونوح وإبراهيم وإسماعيل وموسى وعيسى ومحمد صلى ألله عليه وآله وسلم ، إضافة إلى ألإمام علي عليه السلام وسلمان المحمدي وغيرهما.
    5 ـ إن (كربلاء) لها جذر ديني قديم ، وهي مركبة من كلمتين : (كرب) بمعنى حَرَم ، و (إيلا) بمعنى ألإله، أي أنها (حرم ألإله) ، وهو لفظ آشوري ، مما يدل على أنه كان هناك فيها حرم إله يعبد.
    ويذكر السيد إبراهيم الزنجاني في (وسيلة الدارين) ص 73 أن أصل الكلمة معبد ، فيقول : يرجع تاريخ كربلاء إلى عهد البابليين ، وقد كانت معبدا لسكان بلدين هما : نينوى و عقر بابل، بابل الكلدانيين الواقعين بالقرب منها. وإسم كربلاء مؤلف من كلمتين : (كرب) بمعنى مُصّلى أو معبد أو حرم، و (إيلا) بمعنى ألله باللغة ألآرامية ، أي (حرم ألله) .
    6 ـ ويقول الدكتور سهل البدري : نتيجة تحقيقاتي عن كربلاء ، وجدت أنها في اللغة السامرية والبابلية تعني (الرجل القربان) ، وفي أللغات ألأكادية والعبرية وألآشورية وألآرامية تعني (قربان ألله).
    7 ـ مقال الدكتور مصطفى جواد (رح) : (خريج جامعة السوربون في التاريخ العربي والاستاذ بجامعة بغداد كلية التربية والعضو بالمجمع العلمي العراقي والمجمع العلمي العربي بدمشق)
    قال في معنى كربلاء:
    ذكر السيد العلامة هبة الدين الشهرستاني ان (كربلاء) منحوتة من كلمتي (كور بابل) بمعنى مجموعة قرى بابلية (1)وقال الأديب اللغوي (انستاس الكرملي): والذي نتذكره فيما قرأناه في بعض كتب الباحثين ان كربلاء منحوتة من كلمتين من (كرب) و(إل) أي حرم اللـه او مقدس اللـه) (2)
    قلنا: ان رجع الأعلام الأعجمية الى أصول عربية كان ديدنا لعلماء اللغة العربية منذ القديم.
    وأنا ارى محاولة ياقوت الحموي رد (كربلاء) إلى الأصول العربية غير مجدية، ولا يصح الاعتماد عليها، لانها من باب الظن والتخمين، والرغبة الجامحة العارمة في ارادة جعل العربية مصدراً لسائر أسماء الأمكنة والبقاع ، مع ان موقع كربلاء خارج عن جزيرة العرب ، وان في العراق كثيراً من البلدان ليست أسماؤها عربية كـ (بغداد) و(صرورا) و(جوخا) و(بابل) و(كوش) و(بعقوبا) ، وان التاريخ لم ينص على عروبة اسم (كربلاء) فقد كانت معروفة قبل الفتح العربي للعراق وقبل سكنى العرب هناك وقد ذكرها بعض العرب الذين رافقوا خالد بن الوليد القائد العربي المشهور في غزوته لغربي العراق سنة 12 هجرية 634م . قال ياقوت الحموي: (ونزل خالد عند فتحه الحيرة كربلاء فشكا اليه عبد اللـه بن وشيمة النصري (3)الذبان : فقال رجل من اشجع في ذلك :

    قد حُبست في كربلاء مطيتي   وفي العين(4)حتى عاد غثا سمينها
    اذا رحلت من منزل رجعت لـه   لعمري وايهـا انني لأهـينـها
    ويمنعها من ماء كل شريعة   رفاق من الذبان زرق عيونها (5)

    ومن اقدم الشعر الذي ذكرت فيه كربلاء قول معن بن اوس المزني من مخضرمي الجاهلية والاسلام وعمر حتى ادرك عصر عبد اللـه بن الزبير وصار مصاحباً لـه، وقد كف بصره في آخر عمره. وذكر ياقوت الحموي هذا الشعر في (النوائح) من معجمه للبلدان. و(المعبر) وذكره قبلـه ابو الفرج الاصبهاني في ترجمة معن من الاغاني (12: 63 دار الكتب) وقال وهي قصيدة طويلة:

    هي حلت كربــلاء فلعلعا   فجوز العذيب دونها فالنوائحا

    وقال في كلامه على الكوفة: قال أبو عبيدة معمر بن المثنى: لما فرغ سعد بن أبي وقاص من وقعة رستم بالقادسية وضمن أرباب القرى ما عليهم بعث من أصحابهم ولم يسمهم حتى يرى عمر فيهم رأيه، كان الدهاقين ناصحوا المسلمين، ودلوهم على عورات فارس، واهدوا لـهم واقاموا لـهم الاسواق. ثم توجه سعد نحو المدائن الى يزدجرد وقدم خالد بن عرفطة حليف بني زهرة بن كلاب، فلم يقدر عليه سعد حتى فتح خالد ساباط المدائن، ثم توجه الى المدائن فلم يجد معابر فدلوه على مخاضة عند قرية الصيادين اسفل المدائن فأخاضوها الخيل حتى عبروا، وهرب يزدجرد الى اصطخر، فأخذ خالد كربلاء عنوة وسبى أهلها، فقسمها سعد بين اصحابه، ونزل على قوم في الناحية التي خرج سهمة فأحيوها، فكتب بذلك سعد الى عمر، فكتب اليه عمر ان حولـهم. فحولـهم الى سوق حكمة ويقال الى كويفة ابن عمر دون الكوفة… ).
    ولقائل ان يقول : إن العرب أوطنوا تلك البقع قبل الفتح العربي، فدولة المناذرة بالحيرة ونواحيها كانت معاصرة للدولة الساسانية الفارسية وفي حمايتها وخدمتها.
    والجواب: ان المؤرخين لم يذكروا لـهم انشاء قرية سميت بهذا الاسم – اعني كربلاء غير ان وزن كربلاء الحق بالاوزان العربية ونقل (فعللا) (فعللاء) في الشعر حسب. فالاول موازن لجحجحى وقرقرى وقهقرى والثاني موازن لعقرباء وحرملاء، زيد همزة كما زيد برنساء.
    أما قول الأب اللغوي انستاس ما معناه : أن كربلاء منحوتة من (كرب) و(ال) ، فهو داخل في الإمكان، لأن هذه البقاع قد سكنها الساميون وإذا فسرنا (كرب) بالعربية أيضا دل على معنى (القرب) فقد قالت العرب: (كرب يكرب كروباً أي دنا) وقالت (كرب فلان يفعل وكرب ان يفعل أي كاد يفعل، وكاد تفيد القرب، قال ابن مقبل يصف ناقته:

    فبعثتها تقص المقاصر بعدما   كربت حيــاة النار للمتنور (6)

    وقال ابو زيد الاسلمي:

    سقاها ذووالارحام سجلاًعلى الطما   وقد كربت اعناقها ان تقطعا (7)

    وجاء في لسان العرب : كرب الامر كروبا: دنا … وكل شيء دنا فقد كرب، وقد كرب ان يكون وكرب يكون وكربت الشمس للمغيب: دنت.
    فكرب البابلية قريبة من العربية.
    وإذا فسرنا (ال) كان معناه (اله) عند الساميين أيضا، ودخول تفسير التسمية في الإمكان لا يعني أنها هي التسمية الحقيقية لا غيرها، لان اللغة والتاريخ متعاونان دائماً فهي تؤيده عند احتياجه إليها وهو يؤيدها عند احتياجها إليه، فهل ورد في التاريخ إن موضع كربلاء كان (حرم الـه) قوم من الأقوام الذين سكنوا العراق؟ أو مقدس الـه لـهم؟ لا يجيبنا التاريخ عن ذلك، ومن الأسماء المضافة إلى (ال) بابل واربل وبابلي(8)
    وعلى حسبان (كربلا) من الأسماء السامية الآرامية أو البابلية، تكون القرية من القرى القديمة الزمان كبابل واربيل، وكيف لا وهي من ناحية (نينوى (9) ( الجنوبية ! قال ياقوت الحموي: (نينوى بكسر اولـه وسكون ثانية وفتح النون والواو بوزن طيطوى.. وبسواد الكوفة ناحية يقال لها نينوى منها كربلاء التي قتل بها الحسين، رضي اللـه عنه (10)
    8 ـ وقال في كتاب لـه آخر: (نينوى موضعان: بكسر النون وياء ساكنة ونون اخرى مفتوحة وواو والف ممالة، نينوى بلد قديم كان مقابل مدينة الموصل. ونينوى كورة كانت بأرض بابل منها كربلاء التي قتل بها الحسين بن علي عليهما السلام-(11)ونينوى من الاسماء الآشورية).
    ولا نشك في ان نينوى السفلى سميت باسم نينوى العليا إحدى عواصم الدولة الآشورية المشهورة في التاريخ، سميت اما لمعارضتها واما لادامة ذكراها، على عادة الناس في تسمية البلدة التي ينشئونها بعد المهاجرة من بلادهم والجلاء عنها ويسمونها باسم بلدتهم التي هاجروا منها. وهذا معروف قديماً وحديثا، وهو من اجمل ضروب الوفاء، وان كان لغير الأحياء.
    ونقل بعض الفضلاء قول أحد الباحثين في تاريخ كربلاء القديم وهو (كل (12) ما يمكن ان يقال عن تاريخها القديم انها كانت من أمهات مدن طسوج النهرين الواقعة على ضفاف نهر بالاكوباس (الفرات القديم) وعلى أرضها معبد للعبادة والصلاة، كما يستدل من الأسماء التي عرفت بها قديماً كعمورا، ماريا، صفوراً، وقد كثرت حولـها المقابر، كما عثر على جثث موتى داخل اوان خزفية يعود تاريخا إلى قبل العهد المسيحي، وأما الأقوام التي سكنوها فكانوا يعولون على الزراعة لخصوبة (13) تربتها وغزارة مائها لكثرة العيون التي كانت منتشرة في أرجائها ) (14)ومن المعلوم ان كربلاء ليست على ضفة الفرات ولا على ضفافه، فالقائل لو قال (كورة كربلاء) لكان القول علمياً.
    9 ـ الخطيب البغدادي:
    ومما يدل على قدم كربلاء أيضا ووجودها قبل الفتح الإسلامي ما ذكره الخطيب البغدادي بسنده الى أبي سعيد التيمي قال: (اقبلنا مع علي (ع) من صفين فنزلنا كربلاء، فلما انتصف النهار عطش القوم) وروى بعد ذلك بسنده أيضا عنه قال: (أقبلت من الانبار مع علي نريد الكوفة وعلي في الناس، فبينا نحن نسير على شاطي الفرات اذ لجج في الصحراء فتبعه ناس من أصحابه واخذ ناس على (15) شاطئ الماء ، فكنت ممن أخذ مع علي حتى توسط الصحراء، فقال الناس: يا أمير المؤمنين إنا نخاف العطش، قال: إن اللـه سيسقيكم، وراهب قريب منا، فجاء علي إلى مكانه فقال: احفروا هاهنا فحفرنا، وكنت فيمن حفر، حتى نزلنا ـ يعني عرض لنا حجر ـ فقال علي: ارفعوا هذا الحجر، فأعانونا عليه حتى رفعناه، فإذا عين باردة طيبة، فشربنا. فرجع ناس وكنت فيمن رجع، فالتمسناها فلم نقدر عليها، فقال الراهب: لا يستخرجها إلا نبي أو وصي.
    ثم ذكر الخطيب بسنده إلى إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني أن (أبا سعيد التيمي) متروك الحديث وغير ثقة (16) والمهم من هذا الحديث أن الإمام عليا (ع) مرّ بكربلاء ولج في الصحراء قبل سنة أربعين الـهجرية، ولم يذكر أحد من المؤرخين إنشاء مدينة باسم كربلاء في أثناء تلك السنين الأربعين، وهذا مرادنا بقبولنا أنها غير إسلامية، وقد أشرنا إلى مثل هذا المعنى آنفا. وهذا الخبر نقلناه لتأييده وتأكيده. (17)
    10 ـ يقول السيد عبدالرزاق الحسني في (موجز تاريخ البلدان العراقية) ص 54 : راى بعضهم أن التوصل إلى معرفة كربلاء وتاريخها القديم قبل إلإسلام قد يأتي عن طريق معرفة إشتقاق هذه الكلمة ، فاحتمل أن تكون لفظة (كربلاء) منحوتة من كلمة (كور بابل) العربية ، بمعنى مجموعة قرى بابلية كثيرة و منها:
    ـ نينوى : القريبة من أراضي سدة الهندية.
    ـ الغاضرية : المشهورة اليوم بأراضي الحسينية.
    ـ كربلة : وهي القريبة اليوم من مدينة كربلاء جنوبا وشرقا.
    ـ كربلاء أو (عقر بابل) : وهي قرية في الشمال الغربي من الغاضرية وبأطلالها أثريات مهمة.
    ـ النواويس: التي كانت مقبرة عامة قبل الفتح ألإسلامي.
    ـ الحيّر أو (الحائر) : وهو اليوم موضع قبر الحسين عليه السلام إلى حدود الصحن الشريف.
    مناقشة ورد إشتباه:
    يقول السيد محمد حسن آل كليدار في كتابه (مدينة الحسين) ص 12 :
    كور بابل ليست أصل كربلا : لما فتح الساسانيون العراق على عهد شابور ذي ألأكتاف ، قسموا العراق إلى أستانات (ولايات) ، وكل أستانة إلى طسج (قضاء) ، وقسّموا هذه الطساسيج إلى رساتيق (نواحي) ، فأصبحت ألأراضي الواقعة بين عين التمر والفرات طسجا، وهي ستة طساسيج من إستانة (بهقباد) ، ومنها طسج بابل، وطسج النهرين (الذي تنتمي إليه مدينة كربلاء) .
    ولما فتح المسلمون العراق في عهد عمر بن الخطاب عام 14 هـ بقيادة سعد إبن أبي وقاص، أصبح إسم الطسج السابق : كور بابل. وقد اخطأ بعض المؤرخين في ترجمة ألإسم ألأصلي لكربلاء، وإلتبس ألأمر عليهم فظنوا أنه محرف من كور بابل، والصحيح أنه من كرب إيلا ، أي حرم ألإله.
    أسماء كربلاء:
    لكربلاء أسماء متعددة قديمة . بعضها مختص بها، ويختلف بإختلاف المساحة المقصودة من المدينة أو الحرم. وقد يكون بعض تلك ألألفاظ هو أسماء، وبعضها ألآخر أوصاف لها. وبعضها يطلق على قرى وأماكن قريبة منها وواقعة في منطقتها. فمن أسمائها:
    نينوى والغاضرية والنواويس والعُقر والطف ومشهد الحسين عليه السلام والحائر والحير وشاطئ الفرات وعموراء وصفورا ومارية.
    الطف:
    ومن المواضع التي عرفها العرب قديما قرب كربلا (الطف) قال ياقوت الحموي: (الطف بالفتح والفاء مشدده وهو في اللغة ما اشرف من ارض العرب على ريف العراق) . . . وقال أبو سعيد: (سمي الطف لأنه مشرف على العراق من اطف على الشيء بمعنى اطل، والطف طف الفرات أي الشاطئ والطف ارض من ضاحية الكوفة في طريق البرية فيها كان مقتل الحسين بن علي ـ رضي اللـه عنه ـ وهي ارض بادية قريبة من الريف فيها عدة عيون ماء جارية منها الصيد والقطقطانة والرهيمة وعين جمل (18) وذواتها، وهي عيون كانت للموكلين بالمسالح (19) التي كانت وراء خندق سابور الذي حفره بينه وبين العرب وغيرهم وذلك ان سابور اقطعهم أرضها يعتملونها من غير ان يلزمهم خراجا، فلما كان يوم ذي قار ونصر اللـه العرب بنبيه ـ صلى اللـه عليه وآلـه وسلم ـ غلبت العرب على طائفة من تلك العيون وبقي بعضها في أيدي الأعاجم ثم لما قدم المسلمون الحيرة هربت الأعاجم بعد ما طمت عامة ما كان في أيديها منها، وبقي ما في أيدي العرب فأسلموا عليه وصار ما عمروه من الأرض عشرا، ولما انقضى أمر القادسية والمدائن وقع ما جلا عنه الأعاجم من ارض تلك العيون إلى المسلمين واقطعوه فصارت عشرية أيضا).
    كور بابل :
    كور بابل تضم مجموعة القرى التالية والتي تقع على فرع الفرات المسمى بنهر العلقمي ، بعضها على شرقه كالقعُقر والغاضرية ، وبعضها على غربه وهي شفية، أما نينوى فتقع قرب شط الفرات ألأصلي على شط فرعه المسمى نهر نينوى.
    العقر:
    قال الخليل: سمعت إعرابيا من أهل الصمُان يقول: كل فرجة تكون بين شيئين فهي عَقر و عُقر لغتان.
    والعقر: عدة مواضع منها عقر بابل ، قرب كربلاء ، وقد روي أن الحسين عليه السلام لما إنتهى إلى كربلاء ، وأحاطت به خيل عبيدألله بن زياد ، قال: ما إسم تلك القرية ؟ وأشار إلى العقر، فقيل له : إسمها العقر ، فقال : نعوذ بالله من العقر ! فما إسم هذه ألأرض التي نحن فيها ؟ . قالوا : هذه كربلاء ! . قال : أرض كرب وبلاء وأراد الخروج منها فمنع.
    الغاضرية:
    قرية منسوبة إلى بني غاضرة من بني أسد، الذين قد إشترى منهم الحسين عليه السلام أرض كربلاء ، وهي ألأرض المنبسطة التي كانت مزرعة لبني أسد ، شمالي الهيابي، وتعرف بأراضي الحسينية. وقد نزلها بنو أسد بعد إختطاط الكوفة ونزول القبائل المضرية واليمانية.
    شط الفرات:
    أما التسمية بشط الفرات وبشاطي الفرات فهي عامة لا خاصة فلا يجب اختصاصها بكربلاء والحائر وإنما سبيلـها سبيل التحديد الشعري كقول الشاعر (وقد مات عطشاناً بشط فرات)، لان الشاعر لا يستطيع دوما من التعيين الجغرافي المحقق لالتزامه بالوزن والقافية. وأما (مارية) فلم يذكرها صاحب معجم البلدان، إلا بكونها اسماً لكنيسة بأرض الحبشة، وإنما ذكر (نهر ماري) قال: (بكسر الراء وسكون الياء، بين بغداد والنعمانية، مخرجه من الفرات وعليه قرى كثيرة منها همينيا وفمه عند النيل من أعمال بابل (20)
    النواويس:
    كانت النواويس مقبرة عامة للنصارى قبل فتح ألإسلامي ، وتقع في اراضي الحسينية قرب نيونى ، وهي ألأطلال الكائنة في شمال غربي كربلاء التي تعرف بكربلاء القديمة، يستخرج منها بعض الحباب الخزفية التي كان البابليون يدفنون موتاهم فيها.
    وقد ذكرها ألإمام الحسين عليه السلام في خطبته المشهورة عندما عزم على المسير إلى الكوفة ، فقال : (كأني بأوصالي هذه تقطعها عُسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء).
    الحائر:
    وهي ألأراضي المنخفضة من كربلاء التي تضم قبر الحسين عليه السلام إلى رواق بقعته الشريفة.ولعل كربلاء أو بعض اجزائها سميت بهذا ألإسم منذ القديم ، لما كان في ارضها من المنخفضات التي يسيل إليها مسيل ماء ألأمطار، من تحيَّر الماءُ: إذا إجتمع ودار، ومن تحيرت ألأرض بالماء : إذا إمتلأت .
    والحائر عند أللغويين : الموضع المطمئن الوسط ، المرتفع ألأطراف.
    وفي (الصحاح)، الحَيْر : الحمى، ومنه الحير بكربلاء.وقد أتفق الرواة والمحدثون والمؤرخون والجغرافيون واهل اللغة على تسمية كربلاء بـ (الحائر) بصورة مطلقة . (والحير) : هو مخفف (الحائر).
    جاء في معجم البلدان عدة معان للحائر أهمها قول الأصمعي: (يقال للموضع المطمئن الوسط المرتفع الحروف حائر وجمعه حوران) .. قال ابو القاسم علي بن حمزة البصريرادا على ثعلب في الفصيح: هو الحائر الا انه لا جمع لـه، لأنه اسم لموضع قبر الحسين بن علي ـ رضي اللـه عنه) ـ. . . ثم ذكر ان كربلاء من مساكن العرب منذ الجاهلية، ولذلك سميت اكبر مدينة في هذا الصقع (عين التمر) وهذا الاسم المركب الإضافي يحتوي على اسمين عربيين خالصي العروبة فهل كانت تسمية الحائر قبل الإسلام ؟ وقد ذكر ياقوت في معجم البلدان أيضا (يوم حائر ملـهم) قال: (ويوم حائر ملـهم أيضا على حنيفة ويشكر) فهذا الحائر كان جزيرة العرب، فيجوز فيه الأمران اعني انه سمي في الجاهلية بالحائر وانه سمي في الإسلام بهذا الاسم. وقد أطال الكلام مؤلف (تاريخ كربلاء) على الحائر وسمى كتابه (تاريخ كربلاء وحائر الحسين عليه السلام) وقال: وهو بحث علمي تحليلي واسع عن الحائر المقدس وتاريخه في اللغة والتاريخ والفقه والحديث وثم تاريخ عمارته وهدمه من الصدر الأول إلى العصر الحاضر قال: (وقد نعتت كربلاء منذ الصدر الأول في كل من التاريخ والحديث بأسماء عديدة مختلفة ورد منها في الحديث باسم كربلاء الغاضرية ونينوى وعمورا وشاطئ الفرات وشط الفرات.وعلى قول ياقوت الحموي في (معجم البلدان): فإن الحائر هو قبر الحسين عليه السلام ، ثم يقول : وإنهم يقولون الحَير بلا إضافة ، إذا عَنوا كربلاء.
    ويقول الطريحي في (مجمع البحرين) : يراد بالحائر حائر الحسين عليه السلام وهو ما حواه سور المشهد الحسيني على مشرفه السلام.
    حدود الحائر الحسيني:
    إذا إعتبرنا (الحائر) بالمعنى الضيق ، كان البقعة التي حول قبر الحسين عليه السلام، ومساحتها 25 خمس وعشرون ذراعا في مثلها من كل جانب من القبر المطهر، وفي رواية عشرون ذراعا في عشرين ذراعا، كما في رواية عبدالله بن سنان عن ألإمام الصادق عليه السلام: أن «قبر الحسين عليه السلام عشرون ذراعا في عشرين ذراعا مكسرا ، روضة من رياض الجنة»(مزار البحار ص 141 ، وكامل الزيارة لإبن قولويه ص 272 ، والحدائق الناضرة للشيخ يوسف البحراني ج 3 ص 345 ).
    وفي كامل الزيارات ص 112 : عن عبدألله بن سنان قال: سمعت ألإمام الصادق عليه السلام يقول: قبر الحسين بن علي عليه السلام عشرون ذراعا في عشرين ذراعا مكسرا ، روضة من رياض الجنة، منه معراج إلى السماء ، فليس من ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا وهو يسأل ألله ان يزوره ، وفوج يهبط وفوج يصعد.
    أقوال في حد الحائر الحسيني:
    1 ـ يقول العلامة المجلسي : اعلم أنه اختلف كلام ألأصحاب ـ رحمهم ألله ـ في حد الحائر ، فقيل:
    إنه ما أحاطت به جدران الصحن ، فيدخل فيه الصحن من جميع الجوانب والعمارات المتصلة بالقبة المنورة والمسجد الذي خلفها.
    وقيل: إنه القبة الشريفة فحسب.
    وقيل : هي مع ما إتصل بها من العمارات ، كالمسججد والمقتل والخزانة وغيرها .
    وألأول اظهر ، لإشتهاره بهذا الوصف بين أهل المشهد، آخذين عن أسلافهم، ولظاهر كلمات أكثر ألأصحاب.
    2 ـ قال إدريس في (السرائر) ص 78 : المراد بالحائر ما دار سور المشهد والمسجد عليه. قال: لأن ذلك هو الحائر حقيقة ، لأن الحائر في لسان العرب : الموضع المطمئن الذي يحار فيه الماء.
    3 ـ وذكر الشهيد ألأول في (الذكرى) : أن في هذا الموضع حار الماء ، لما أمر المتوكل بإطلاقه على قبر الحسين عليه السلام ليعفيه ، فكان لا يبلغه.
    4 ـ وذكر السيد الفاضل شرف الدين علي، المجاور بالمشهد الغروي : إني سمعت من كبار الشائبين من البلدة المشرفة ، أن الحائر هو السعة التي عليها الحصار الرفيع، من القبلة واليمين واليسار.وأما الخلف فما ندري ما حده. وقالوا : هذا الذي سمعنا من جماعة من قبلنا.
    وقد ذكرنا أن (الحائر) اسم عربي وان العرب سكنوا هذه البلاد منذ عصور الجاهلية، فلابد من ان يكون معروفا قبل استشهاد الحسين (ع) لأن هذه التسمية هي والحير والحيرة من اصل واحد، وقد قال ياقوت في كلامه على الحيرة ـ واكثره مذكور في تاريخ الطبري ـ: (وفي بعض أخبار أهل السير: سار اردشير (22) ملك النبط وقد اختلفوا عليه وشاغبه ملك من ملوك النبط يقال لـه بابا فاستعان كل واحد منهما بمن يليه من العرب ليقاتل بهم آلاف فبنى الاردوان حيراً فأنزلـه من أعانه من العرب فسمي ذلك الحير الحيرة كما تسمى القيعة من القاع وانزل بابا من أعانه من الأعراب الانبار وخندق عليهم. .) .

    الحرم الحسيني

    الحرم الحسيني وحسب ما ورد فيه من ألأخبار أوسع من الحائر بكثير، لشموله على منطقة واسعة مركزها الحائر، وأبعادها فرسخ واحد (نحو 6 كم ) من كل جانب. وعلى هذا التقدير فالحرم هو ما دار سور المشهد والمسجد عليه. وهو السور الذي بناه ابو محمد الحسن بن مفضل بن سهلان الرامهرمزي وزير سلطان الدولة إبن بويه الديلمي سنة 407 هـ إثر حريق هناك.
    حدود الحرم :
    إن للحرم حرمة وقدسية خاصة ، فهو منطقة آمنة ، كما ورد عن ألإمام الصادق عليه السلام : «حرمة قبر الحسين عليه السلام فرسخ في فرسخ من أربعة جوانب القبر». وهذا بإعتبار أن هذه المنطقة هي التي إمتزجت أرضها وإختلطت تربتها بدم الحسين عليه السلام فإكتسبت تلك الحرمة وهذه المعنوية.
    ولعل هذه البقعة التي مساحتها (5.5 × 5.5 = 30 كيلو مترا مربعا) هي التي بألأصل كان قد إشتراها الحسين عليه السلام عند نزوله كربلاء، بستين ألف درهم من أصحابها سكان الغاضرية ونينوى ، وتصدق بها عليهم ، على أن يضيفوا زواره ثلاثة أيام ، ويرشدوهم إلى قبره الشريف.
    (راجع كشكول الشيخ البهائي ، ص 103 ط مصر عام 1302 هـ )
    وظل الخلط بين الحائر والحير (أي البلد) جاريا حتى فصله إدريس في كتاب الصلاة من كتابه (السرائر) حين قال: والمراد بالحائر ما دار عليه سور المشهد (القديم) ، لا ما دار عليه سور البلد.
    حرمة الحائر والحرم:
    إن للبقعة التي حول قبر الحسين عليه السلام حرمة كبيرة ، ويمكن تقسيم تلك البقعة إلى عدة مناطق ، وهي دوائر مركزها القبر الشريف ، وتزيد حرمة هذه المناطق وشرفها كلما إقتربنا من المركز . . المنطقة ألأولى ضمن دائرة نصف قطرها من عشرين ذراعا إلى خمسة وعشرين ذراعا ، والمنطقة الثانية إلى فرسخ ، والمنطقة الثالثة إلى اربعة فراسخ أو خمسة من كل جانب من القبر المطهر. وهذا يستغرق بقعة كربلاء وأطرافها إلى مسافة بعيدة.
    قال الشيخ الطوسي في (المصباح) : الوجه في هذه ألأخبار ، ترتب هذه المواضع في الفضل ، فألأقصى خمسة فراسخ، وأدناه من المشهد فرسخ، وأشرف الفرسخ خمس وعشرون ذراعا، واشرف الخمس والعشرين ذراعا ، وأشرف العشرين ما شرف به ، وهو الجدث نفسه.

    مشهد ألإمام الحسين عليه السلام

    يقع ضريح ألإمام الحسين عليه السلام في كربلاء ، في صحن طوله 95 م وعرضه 75 م، تحيط به ألإيوانات والحجرات . وجدران الصحن محلاة بحجارة ذات لون أزرق نقشت عليها آيات القرآن الكريم بأحرف بيضاء. وأما المقام فطوله 14 م وعرضه 9 أمتار، ويتألف من عمارة قائمة الزوايا، لها قاعة خارجية مذهبة ، تحف بها ممرات أعدت للطواف حول الضريح المشرف . وفي منتصف المقام يقع ضريح الحسين عليه السلام ، وحوله شباكان : الخارجي مصنوع على شكل مشربية من الفضة والداخلي من الذهب.
    وقد أعاد بناء قبة المشهد وأمر بتذهيبها السلطان فتح علي شاه، مؤسس الدولة القاجارية المالكة في إيران عام 1817 م، بينما تبرعت زوجته بتذهيب المئذنتين.
    ويوجد داخل المقام قبر الحسين عليه السلام وعند رجليه من المشرق قبر إبنه الشهيد علي ألأكبر عليه السلام . وفي الزاوية الجنوبية الشرقية قبور شهداء أهل البيت عليهم السلام وألأنصار في مكان واحد بينما ينفرد قبر حبيب بن مظاهر لوحده في الزاوية الجنوبية الغربية .
    ويسمى الباب الرئيسي للمشهد باب الشهداء وهو الشرقي ، وكتبت فوقه هذه الأبيات:

    أبا الشهداء حسبي فيك منجى   يقيني شر عــــادية الزمان
    إذا ما الخطب عبّس مكفهرا   وجدتُ ببابك العالي أماني
    وها أنا قد قصدتك مستجيرا   لأبلغ فيك غايـــات ألأماني
    فلا تردد يدي وأنت بحـــــرٌ   يفيض نداه بالمنن الحسـان

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) كتاب نهضة الحسين (ع9 (ص 66 طبعة مطبعة دار السلام ببغداد 1345 هـ – 1926 م) .
    (2) لغة العرب مج 5ص178سنة 1927.
    (3) او النضري وفي الاصل من طبعة مصر (البصري) وهو محال لأن البصرة لم تكن يومئذ قد مصرت، ولأن العرب القدامى في القرن الاول والقرن الثاني لم يكونوا ينتسبون الى المدن والاقطار بل الى الآباء والقبائل والافخاذ والعمارات والبطون. اما غير العرب فجائز فيهم كما في سرجويه البصري الطبيب (مختصر الدول لابن العبري (ص192) وفي تاريخ الطبري سنة 12ان القائل من اشجع.
    (4) يعني عين التمر المعروف حصنها اليوم بالاخيضر.
    (5) معجم البلدان في (كربلاء).
    (6) مادة قصر من الصحاح، أي قرب انطفاؤها.
    (7) الكامل للمبرد (ج1ص128 طبعة الدلموني الازهري.
    (8) قال هلال الصابي: (وبنو الفرات من قرية تدعي بابلي صريفن من النهروان الاعلى)، (تحفة الامراء في تاريخ الوزراء ص 11 طبعة دار احياء الكتب العربية) وقال ذلك قبلـه الصولي (تاريخ بغداد لابن النجار. نسخة دار الكتب الوطنية بباريس 21و24).
    (9) تمييزاً لـها عن نينوى الشمالية، إحدى عواصم الدولة الآشورية السامية ولا تزال أطلالها معروفة وسنعود الى ذكرها.
    (10) معجم البلدان في مادة (نينوى).
    (11) المشترك وضعاً والمفترق صقعاً (ص430).
    (12) في الاصل (كلما) مع ان (ما) هنا اسم موصول فهو في الخط مفصول.
    (13) الصواب (لخصب ارضها).
    (14) مدينة الحسين او مختصر تاريخ كربلاء للسيد محمد حسن مصطفى آل الكليدار 0ص1. 2).
    (15) أي ساروا من جهته وعلى موازاته.
    (16) تاريخ بغداد (12: 305 ـ 306).
    (17) وقد اطلق اسم كربلاء على غير موقع واحد قديم مما يدل على ان اسم كربلاء كان قديما وقبل الفتح الاسلامي وكانت تسمى بـ(كاربالا) على ما روي السيد عبد الحسين آل طعمة منقولا عن (الذريعة) للشيخ آغا بزرك، ومعنى (كاربالا) بالفهلوية هو (الفعل العلوي) ويجوز تفسيرها (بالعمل السماوي) المفروض من الاعلى، ثم عربت وصيغت صياغة عربية وسموها (كربلاء)، وهذا يقارب المعنى الذي ذهب اليه الاب انستاس لكلمة (كرب) و (إل) بانها (حرم اللـه) او (مقدس اللـه) ومن الادلة على قدم كربلاء او قدم الاكوار في تلك الجهات هو وجود اطلال وهضبات لم تزل قائمة على بعد بضعة اميال عن مدينة كربلاء، وقد جاء في (بغية النبلاء في تاريخ كربلاء) للسيد عبد الحسين آل طعمة قولـه: « يوجد اليوم على ما بلغني على بعد بضع أميال في القسم الشمالي الغربي من مدينة كربلاء باتجاه ضريح (الحر بن يزيد الرياحي) في ارض القرطة والكمالية اكم اطلال قيل انها (كربلاء) الاصلية، وقبل سني الحرب العالمية الاولى كان بعض افراد من مطره يستخرجون من نفس الاطلال (طابوق، فرشي، ضخم، سلطاني) يحملونه على حميرهم الى كربلاء لبيعوه على الاهلين كوسيلة، للعيش والارتزاق » ويضيف المؤلف قائلا: « واذكر في هذا الخصوص ان السيد كاظم العطار كان مشغولا ببناء داره الواقعة في حارة باب الطاق مقابل (امام باره الاميرة تاج دار بهو الـهندية) يبتاع منهم لبنائه » . وفي الجنوب الشرقي من البلدة قطعة ارض يطلق عليها اليوم لفظة « كربلة » وفي تعيين موقع كربلاء القديمة يقول السيد عبد الحسين: « فموقع كربلا على ضوء التحقيق الذي قمت به واقع على بعد بضعة اميال في الشمال الغربي من بلدة كربلاء الحالية مما يلي ارض (القرطه) وهو مكان مرتفع يسمى باصطلاح اليوم: الظهيرة او العرقوب، ويبعد موقعها عن قبر الحر بن يزيد الرياحي حوالي سبعة آلاف متر » الى غير ذلك من الآراء التي اوردها المؤرخون بالاضافة الى ما تقدم. (جعفر الخليلي).
    (18) ثم قال ياقوت « قالوا وسميت (عين جمل) لان جملاً مات عندها في حدثان استخراجها فسميت بذلك، وقيل ان المستخرج لـها كان يقال لـه جمل، وسميت عين الصيد لكثرة السمك الذي كان بها » وانا ارى القول الثاني هو الصواب، ولو كان القول الاول هو الصواب لقيل لـها « عين الجمل » كما هو ظاهر.
    (19) منها مسلحة الاخيضر العظيمة.
    (20) اصل المقال منشور في موسوعة العتبات المقدسة/ جعفر الخليلي/ قسم كربلاء ، وقد حذفنا من المقال مالا صلة له بالبحث
    (21) اردشير الاول مؤسس السلالة الساسانية حكم بين سنة 224 وسنة 241 م.

  • اصل تسمية كربلاء / كتاب : كربلاء عبر التاريخ للمطيري

    أصل تسمية كربلاء(1):
    «من الصعوبة بمكان معرفة أصول أسماء المواقع القديمة بدقة خاصة في بلد كالعراق ، ضاربة حدوده في أغوار ما قبل التاريخ ، كما تعاقبت على حكمه أقوام عديدون ذوو لغات ولهجات مختلفة بدءاً بالعبيد والسومريين والساميين وإنتهاءا بالعرب المحررين ».
    إن التسمية لكربلاء في الدولتين البابلية وألآشورية واللتين حكمتها القبائل السامية ، لا يمكن ضبطهما لعدم ورود أسماء ثابتة مكتشفة في السجلات البابلية أو ألآشورية ، برغم وجود بعض المكتشفات الفخارية في كربلاء . وفي ضوء ذلك فأن ألأسماء المتعددة لكربلاء في التاريخ وتفسيرات المؤرخين وما عرض منها من قبل الرحالة العرب وألأجانب ، أمكنني أن أضع هذه ألأسماء الواردة ضمن ثلاث مراحل متسلسلة تاريخيا كما يلي:ـ
    1 ـ التسمية السامية وتشمل:
    أ ـ كرب إيل
    ب ـ كرب ال
    جـ ـ كرب إيلا
    د ـ كربلا تو
    هـ كربلة
    2 ـ التسميةألأعجمية : وهي كار ـ بلا
    3 ـ التسمية العربية:ـ
    أ ـ كربلا
    ب ـ كربلاء
    أولا ـ التسمية السامية
    وتعني هذه ألأسماء جميعها مقر العبادة للآلهة البابلية وألآشورية ولكافة الساميين ، عدا إسم كربلة فإنه يعني رخاوة ألأرض .
    وذكر ألأستاذ محمد حسن كليدار(2) عن الدكتور مصطفى جواد وقال : ـ
    «إن الدكتور مصطفى جواد الذي كثيرا ما يميل إلى ألاخذ بتفسير ألأب اللغوي أنستاس ماري الكرملي الذي فسر كربلاء بأنها منحوتة من كلمتين « كرب » التي تعني مصلى أو حرم باللغة ألآرامية ، و (ال) الذي معناه (ألإله) عند ألآراميين الساميين ، وبذلك تكون لفظة كربلاء محرفة عن كلمتي (كرب ـ ال) ومعناه حرم ألإله» .
    كلمة ايل
    ومن المعلوم إن قرية كربلاء القديمة كانت ترتبط برستاق نينوى من طسوج مدينة سورا التي تجاور مدينة بورسيبا (برس) تقريبا وتقعان على نهر الفرات ، وكان النبي ابراهيم الخليل (ع) قد ظهر فيها وكذلك في مدينة سورا والفلوجة السفلى « الكفل وما جاورها ». وهذه المناطق الثلاث متجاورة وأصبحت المساحة التي تنقل فيها النبي (ع) بما فيها حدود مدينة النجف الحالية لنشر دينه الذي يعتمد على وحدانية ألإله الواحد ألأحد ، قبل أن ينتقل إلى الشام وثم إلى مصر ، وإلى الجزيرة العربية .
    ويقول في هذا الصدد الدكتور أحمد سوسة (3): ـ
    « إن حضارة الساميين القديمة في مجال الديانات السماوية وبخاصة عقيدة التوحيد (وحدانية ألإله وعبادة الواحد) ، فقد كان الكنعانيون أول من نطق بإسم الله خالق السماوات وألأرض ، وكان يعرف بإسم «ايل» أوألإله ، أو ألله في العربية الفصحى ».
    ولا أعلم كيف يعتبر الدكتور أحمد سوسة الكنعانيين هم أول من نطق بإسم ألله خالق السماوات وألأرض! ومن المعلوم لدى الجميع وكذلك في ما أوردته الديانات السماوية إن أول من نطق بإسم الله خالق السماوات وألأرض ، وهو ألإله الواحد ، ودعا إلى التوحيد هو النبي إبراهيم الخليل (ع) وفي العراق بالذات ، مما سببت له هذه الدعوة محاولة حرقه ، وبالتالي إلى هجرته إلى الشام وثم إلى مصر ، وليس الكنعانيون ، كما إن ديانة إبراهيم الخليل تسبق عهد موسى واليهود والمسيح والنبي محمد (عليهم السلام) ، لهذا أرى أن وحدانية ألإله ظهرت في العراق قبل الوطن العربي والعالم أجمع (*). وبالذات في مدينة كوش «بورسيبا وتلال إبراهيم» وإنتشرت هذه الدعوة في مدينة سورا والفلوجة المجاورتين لبورسيبا ، وبعد هجرة النبي إبراهيم إلى الشام وإلى مصر إنتشرت هذه الدعوة سرا في مصر ، وبعدما هاجر إلى الجزيرة العربية نشر هذه الديانة علنا وتطورت بعد ذلك .
    ولما كانت كربلاء مقر العبادة وخاصة عبادة التوحيد فلا بد لنا أن نتطرق إلى الجذر ألأول لهذه الديانة وعلاقتها بهذه القرية القديمة .
    كما نعلم أن ذكر ألله كان شائعا بعد النبي إبراهيم الخليل عن شعراء الجاهلية قبل ألإسلام ، فمعظمهم كان يدرك معنى ألإله العلي الذي يهيمن على كل شيء خالق السماوات وألأرض ، فقد جاء في ديوان إمرئ القيس الشاعر العربي الشهير مايشير بوضوح إلى رفضه عبادة ألأصنام وميله إلى وحدانية ألإله.(4)
    كما كانت الديانة الكنعانية من الديانات الراقية للأمم السامية الوثنية فعلى الرغم من تأثير الثقافة المصرية والثقافة البابلية والثقافة اليونانية الوثنية ، فيما بعد فيها لإحتكاكها بهذه الثقافات ، إحتفضت بطابعها البدوي السامي وبالتقاليد الكنعانية السائدة في جزيرة العرب ، فكان أكبر آلهة الكنعانيين ، وأعلاه مقاما ألإله « آيل » الذي لقب بألإله العلي إو ألإله العظيم ، وهو إسم ألإله «ايل» الوارد في التوراة (5)) ،وقد ورد إسمه فيها (229) مرة وأطلق عليه إسم ألله(6). وقد إقترن إسم ألإله (آيل) بإبراهيم الخليل .
    وتؤكد التوراة إن ألإله (آيل) هو ألإله الذي كان يعبده إبراهيم الخليل وبذلك تكون دعوة إبراهيم الخليل إلى وحدانية ألإله أول دعوة عامة للتوحيد في تاريخ البشرية بالمعنى الدقيق لمصطلح التوحيد .
    وقد إعتبر الكنعانيون جميع أرض كنعان ارض ألإله ايل وهو القادر على كل شيء والحاكم المطلق لا ينافسه منافس ولا يستطيع أحد إن يغير من إرادته وحلمه السامي وقد تسمى بسيد الآلهة الحامي وإن (7) ما يسبغه الكنعانيون من نعوت التعظيم وتفوق لإله واحد فوق الجميع يدل دلالة واضحة على تقبل الكنعانيين لعقيدة التوحيد ، والدليل على أن كلمة ايل أي ألإله أو ألله كلمة سامية عربية ألأصل وهو أن ملوك الساميين في الجزيرة العربية قبل ألإسلام كانوا يقرنون إسماؤهم بإسم ألإله ايل تيمنا وتبركا به على غرار ما نستعمله ألآن بإضافة إسم ألله إلى إسم الشخص مثل عبد الله وعبد ألإله وعبد الخالق . . . إلخ. وكان للإله (ايل) المكانة السامية نفسها عند ألآراميين فقد ورد إسمه مضافا إلى اسماء الملك (متي ايل) ملك ارباد الذي عقد معاهدة دفاع مشترك مع الملك ألآشوري (نيراري) (754 ـ 745 ق . م) .(8)
    كما إتخذ الهكسوس الذي حكموا مصر بين سنة 1785 وسنة 1580 ق . م إسم ألإله (ايل) للتبرك به ، فأضيف إلى أسماء بعض ملوكهم إذ ورد ذكر أحد ملوكهم بإسم (يعقوب ايل) وقد ورد ذكره بمكان آخر (يوسف ايل) .(9)
    وإن كلمة (ايل) التي تعني ألإله ألأعظم قد إستعملها أكثر ملوك معين وسبأ حيث كانوا يضيفون إسم ألإله (ايل) إلى اسمائهم .
    ويقول ألأستاذ الجملي(10) إن (ايل كلمة عربية ألأصل وقد كانت منذ القديم في مختلف اللهجات العربية القديمة بمعنى ألإله ، وهي تعني الرب أو ألإله ، وقد وردت في مختلف اللهجات العربية القديمة في المعينية والسبئية والبابلية وألآرامية والكنعانية والسريانية والعبرانية فتطورت عنها كلمة ألإله أو ألله في العربية الفصحى) .
    وبذكر قاموس الكتاب المقدس (11) إن كلمة (ايل) كلمة سامية ومعناها في ألأكدية ألإله بصورة عامة . إنما في ألأوجرتية (نسبة إلى أوغاريت) فأنها تعني أبو ألآلهة.
    كلمة ال
    وذكر الدكتور أحمد سوسة(12) عن الدكتور ديتلف نيلسون في بحثه التاريخي عن الديانة القديمة في شبه جزيرة العرب وقال : ـ
    «إن هناك إسما واحدا بين أسماء آلهة العرب يجب أن نذكره وهو مشترك بين جميع ألاسماء وبه تتصل أكبر مشكلة في الديانات السامية وذلك ألأسم هو (ال) أو إله بمعنى ألله ، وكان هذا ألإله ( ال ) معروفا في كل مجاميع النقوش العربية القديمة ، فذلك ألإله وذلك ألأسم كانا إذن معروفين فيها قبل ألإسلام ليس فقط في شمال بلاد العرب بل وفي كل جزيرة العرب».
    ويفيد العلامة ديسو (13) إن النقوش الصفوية (14) أخبرتنا وللمرة ألأولى وبدليل لا يقبل الشك كيف أن ألله كان معروفا لدى العرب وكان مقدسا خاصة في المجمع ألإلهي العربي الشمالي قبل أن يبشر به ألإسلام كإله للتوحيد.
    كلمة كرب
    وفي تاريخ اليمن القديم هناك أسماء ملوك بأسم كرب مع إضافة مقطع آخر إلى هذا المصطلح لتكملة ألإسم(17).
    وهناك نقوش تحدثنا عن صراع بين الملكين وزعيم ريداني آخرتطلق عليه نقوشهم كرب ال ذي ريدان لعله قام في حمير بعد شمر(18).
    كرب ـ ايلا
    وذكر ألأستاذ محمد حسن كليدار(20) عن الدكتور مصطفى جواد وقال: ـ
    «لقد أطلق على المعبد الذي يتوسط رستاق الناحية ـ نينوى ورستاق عقر بابل إسم (كرب ـ ايلا) ومعناه بألآرامية ـ حرم ألله وهذه المنطقة قد حددتها في هذا الجزء والتي تقع غرب الفرات وهي كربلاء القديمة .
    كما ذكرها الطبري(21) : ـ
    «بعد أن شيد المسلمون مدينة الكوفة عام 17 هجرية وحل الجيش عن كربلاء ، ثم إستبدل المسلمون إسم ألأستانة إلى كورة ، كما خففت لفظة (كرب ـ ايلا) إلى لفظة كربلاء».
    ويتضح من ذلك أن إسم كربلاء قبل الفتح العربي ألإسلامي لكربلاء كانت تسمى (كرب ـ ايلا) ، وكما كانت كلمة ايل تعني ألإله الواحد ، وأن إسم كرب هو أحد أسماء الملوك ، والعظيم ، فان لفظة كرب ـ ايلا تعني ألإله العظيم ، أو ألإله الواحد.
    ومن سردنا لبعض الروايات عن كربلاء فانها كانت أول قرية بعد بورسيبا تبنت عبادة ألإله الواحد ، وأول قرية في التاريخ العربي والعالمي تخصصت بعبادة « ألله » عز وجل . وذلك أثناء وجود إبراهيم الخليل في كوش التي لا تبعد عن هذه القرية إلا قليلا ، كما أنها تابعة إلى مدينة سورا التي تجاور كوش (بورسيبا) . ولم نشاهد أي قرية في العالم تخصصت بعبادة ألإله الواحد قبل ألإسلام سوى مدينة كربلاء القديمة ، وكان إسمها يدل على ذلك . كما ذكر هذا ألأسم في العصر البابلي وألآشوري معناه بألآرامية ـ حرم ألله .
    كربلاتو
    وذكر محمد حسن كلدار عن الدكتور مصطفى جواد(22) وقال: ـ
    إلا أن لفظة كربلاء مختومة بألألف المقصورة ولو نص ياقوت في معجمه على المد ، لأنه من ألأسماء ألآرامية ، وقد ورد في الشعر ملحقا بألأسماء العربية ومثله حوراء ، وألأصل فيها القصر كسائر ألأسماء ألآرامية المختومة بالألف المقصورة ، وأقدم بيت شعر ذكر فيه إسم كربلاء (بالمد) قول معن بن أوس المزني في الجاهلية وقال: ـ

    إذا هي حلت كربلاء فلعلها   فجوز العذيب دونها والنوائحا

    كربلة
    وذكر أيضا(23) عن ياقوت الحموي وقال: ـ
    «ذكر كربلاء بالمد عدة إشتقاقات منها (الكربلة) وهي رخاوة في القدمين وعللها لرخاوة أرضها وتربتها ، وأنها إشتقت من الكربل ، وهو إسم نبت الحماضي ، فيجوز أن يكون هذا الصنف يكثر نباته هناك فسمي به».
    ان إسم كربلة قد ذكرناه لهذه القرية كما ذكرنا نفس ألإسم إلى قرية كربلة التي تقع شمال شريعة الصليب بمسافة 12 كم وتبعد عن مركز كربلاء الحالي في إتجاه الشمال بمسافة 25 كم .
    وذلك لإستعمال هذه التسمية عند أكثر المزارعين وأصحاب ألأغنام وكذلك يستعمل إسم كربلا بالمد وليس يضاف إليه الهمزة ، ولم نلاحظ أي إستعمال آخر للإسمين المذكورين .
    ومن خلال ما عرضناه من هذه ألأسماء عبر التاريخ لإسم كربلاء نرى أن أكثر هذه ألأسماء قد ظهرت في اليمن مثل كرب ، كرب ال ، وكرب ايل ، وذلك في حدود القرن الثامن قبل الميلاد ويكاد يجمع العلماء على أن اقدم النقوش السبئية المعروفة لا يتجاوز القرن الثامن قبل الميلاد ، ونلمس هذا ألإتجاه عند البرايت (24) الذي جعل تاريخ أقدم مكرب سبئي معروف (دون ذكر إسمه) حوالي سنة 800 ق . م وهو ذهب إليه فلبي أيضا مضيفا إليه أول المكربين هو (سمه علي) من غير نعت أو لقب.
    ومن خلال ما أوردناه من إسم ايل وإسم كرب وإسم ال ، يتضح لنا أن أسم كربلاء سامي عربي ألأصل وقد كان يتكون من مقطعين أو بألأحرى من إسمين مركبين هما كرب و ال ، وهذا ألأسم يعني الملك العظيم ، أو ألإله ألأكبر ، لهذا نرى أن ذكر أكثر المؤرخين لكربلاء القديمة المجاورة إلى شريعة سيدنا العباس (ع) كانت معبدا للإله الكبير لهذا فان إسمها هو سامي ألأصل كان عبرانيا أو سريانيا أو آراميا أو أكديا أو آشوريا أو إسلاميا ، كما أعتقد أن هذا ألأسم وضع لهذه القرية من قبل أتباع النبي إبراهيم الخليل (ع) الموحدين ، وبعد السبي البابلي وإسكان العبرانيين في مدينة سورا التي منها كربلاء اصبحت هذه المدينة أو القرية قرية دينية خصصت لعبادة الواحد ألأحد ، وأن إسم كرب ـ ايل ، أو كرب ـ ال قد وضعه العبرانيون حسب اسمائهم والتي تتطابق مع أسمائهم في اليمن القديمة ، ثم تطور هذا ألأسم حسب ألسن كل قوم ضمن عصر معين قبل إحتلال الساسانيين للعراق وسوف نبحث اللفظ ألأعجمي الوحيد ، والذي لم يفرض على سكانها بل فقط ورد عند الكتّاب الفرس ولكن هذا اللفظ لم يرد عند السكان ولا له وجود أو سند تاريخي . كما سنبحث اللفظ العربي بعد التحرير.
    ثانيا : ـ التسمية ألأعجمية (كار ـ بلا)
    ذكر ألاستاذ محمد حسن كليدار (25) وقال: ـ
    «فقد إستعمل الفرس الساسانيون تسمية (كار ـ بلا) الذي كان يتوسط رستاق ـ الناحية نينوى ورستاق عقر بابل ، ومعنها عند الساسانيين العمل ألأعلى ، كما كانوا يطلقون على أعمال الخير التي تقام في معابدهم حسب لغتهم القديمة لفظة (كار ـ بلا) أي بمعنى الفعل والعمل السماوي ، وكانت أرض كربلاء مقدسة وفق أرضها كان ( كانون النار ) ـ أي بيت النار ـ عند الزرادشتية وإسمه القديم هو ( مه بار سور علم) » .
    ونود أن نوضح للقارئ الكريم أن لفظ كار ـ بلا لم يرد على قرية كربلاء مطلقا ، وذلك لآن سكانها من ألأصول السامية والتي سبقت الساسانيين في السكن بهذه القرية كما سبقت الفرثيين والكيشييين ، وان أهلها هم أول المجموعات البشرية التي آمنت بعبادة ألإله الواحد ، وأن الساسانيين هم محتلون وليسوا أصحاب السكن في هذه القرية ، لهذا لا يمكن أن يفسح أهل هذه القرية التي كانت غالبيتها من العبرانيين ومن ألآراميين المجال للساسانيين بفرض ديانتهم عليهم ، حيث أن الساسانيين وقبلهم الفرثيين كانوا عبدة النار، ولهم معابد في مناطق سكناهم ، فلا يجوز أن نقبل بهذا الرأي غير المبني على الحقائق التاريخية وكما هو معلوم أن هذا اللفظ الذي لدى الفرس كان مأخوذا أصلا من الكيشيين ، وأن كلمة (كار) قد إستعملها الكيشيون قبل ألأخمينيون ويقول في هذا الصدد طه باقر(26): ـ
    أن كلمة كار «هي من الدور الكيشي وقد غيروا أسم بابل إلى (كار ـ دنياش) أي بلاد قطر دنياش» وهذا يدل أيضا أن أصل كلمة كار هي كيشية وليست فارسية ، كما أن كلمة (ال) هي سامية عربية ألأصل ، لهذا فقد أخذ ألأخمينيون هذه الكلمة للدلالة على القطر أو المدينة ثم إستخدمها الساسانيون.
    وعندما أخذوا هذا اللفظ ليس لأن لهم عبادة للنار في كربلاء بل للتعبير عن العبادة السامية العبرانية التي كانت قائمة في قرية كربلاء ، حيث تصعب كلمة (كرب ـ ال) أو (كرب ايل) في لسانهم الفارسي ولفظوا إسم هذه المدينة بـ (كار ـ بلا) عوضا عن ( كرب ـ ايل) أو (كرب ال).

    ثالثا : ـ التسمية العربية (كربلا ـ كربلاء)
    إختلف اللغويون والبلدانيون في تسمية كربلاء بهذا ألأسم ، فمنهم من يذهب إلى ان أسمها عربي مأخوذ من (الكربلة) وهي الرخاوة ، وذلك إشارة إلى طبيعة أرضها ، ومنهم من يقول أن إسمها سامي مأخوذ من ألآرامية أو البابلية ، ولعل هذا أقرب إلى الصواب لأن الساميين سكنوها وأطلقوا عليها أسماءهم شأن المدن القديمة ، وقد كان إسم كربلاء ألأصلي في صدر ألإسلام كربلا ، بدون همزة ثم أضيفت الهمزة فيما بعد في الشعر العربي.
    وذكر السيد سعيد رشيد زميزم (27) وقال: ـ
    جاء من (كربل) وهو نبات أحمر اللون مشرق يكثر في كربلاء.
    «وكان إسم كربلاء ألأصلي هو (كربلا) بدون همزة ثم أضيفت الهمزة فيما بعد في الشعر العربي حتى شاعت هذه الزيادة»(28).
    وذكر ألأصفهاني(29) وقال: ـ
    وقد عرف التاريخ (كربلاء) قبل الفتح ألإسلامي والهمزة جاءت آخرها للضرورة الشعرية من قبل الشعراء العرب المخضرمين . وأول شاعر عربي ذكر لفظ كربلاء في شعره قول معن بن أوس المزني في الجاهلية وقال: ـ

    إذا هي حلي كربلاء فلعلها   فجوز العذيب دونها والنوائحا

    وقد كررنا هذا البيت للضرورة التوضيحية رغم إنا ذكرناه آنفا»
    وذكر ألأستاذ جعفر الخليلي عن الطبري (30) وقال:ـ
    «وأقام خالد في كربلاء أياما فشكاه عبدالله بن وثيمة كثرة الذباب فيها فأنشد (أشبع) احد الشعراء من جيش المسلمين شعرا فيما شكاه وقال :ـ

    لقد حبست في كربلاء مطيتي   وفي العين حتى عاد غثا سمينها

    كما ذكر كربلاء أيضا ياقوت الحموي (31) من قول له في الكوفة وقال «لما توجه إلى المدائن وخاض بجنده دجلة حتى عبروا وهرب يزدجرد إلى اصطخر فارس . فأخذ خالد بن عرفطة مع فيلق من جيشه فدخل كربلاء وفتحها عنوة وسبى أهلها وقسمها. ثم إتخذها مقر لجيشه.
    وبعد أن شيد المسلمون الكوفة ـ إستبدل غسم ألإستانة رقم (10) إلى إسم كور بابل ثم خففت كلمة (كرب ـ ايلا) ألآرامية إلى (كربلا) وأصبحت مسلحة تابعة لكور بابل . وبعدها نزحت إليها وسكنتها القبائل العربية من تميم وأسد ممتهنتين الزراعة لكثرة ألآبار فيها وخصوبة تربتها».
    ونرى من هذه الرواية التي عرضها الطبري أن فتح كربلاء حصل عام 14 هجرية ، والصحيح أن كربلاء تم فتحها عام 12 هجرية قبل الحيرة ، ولكن سكانها إرتدوا على المسلمين بعد ذهاب خالد إبن الوليد لتحرير الشام ، وفي عام 14 هجرية تم إعادتها إلى الحضيرة ألإسلامية مرة أخرى.
    أما ألإستانة رقم (10) ، فهي البهقباذ ألأوسط ، وكان يتكون من طسوج نهر الملك وطسوج السيبين وطسوج سورا ، وطسوج الجبة والبداة (32) ولما كان كربلاء القرية الصغيرة تابعة إلى طسوج مدينة سورا، فانها تعتبر جزء من ألإستانة رقم (10) لهذا تم تغيير إسم المقاطعة من البهقباذ ألأوسط إلى كور بابل وأن هذه المقاطعة تقع على نهر نينوى من صدره حتى نهايته في شرقي الكوفة تقريبا . ولهذا فان كور بابل ليس إسما خاصا بكربلاء بل أن كربلاء قرية صغيرة من كور بابل الكبيرة.
    ويذكر ألأستاذ جمال بابان(33) عن ألأستاذ عبدالرزاق الحسني ويقول: ـ
    إن أصل كلمة كربلاء ، إنه يحتمل أن تكون هذه اللفظة منحوتة من كلمة كور بابل العربية بمعنى (مجموعة قرى بابلية) منها : ـ نينوى، والغاضرية، وكربله والنواويس والحير.
    ثم يضيف تعليق ألأستاذ الحسني على هذا الرأي بقوله :
    «والذي يبعث الشك في هذا الأحتمال التاريخي اللغوي عدم تشخيص الحدود الجغرافية لهذه المدينة على وجه التحقيق والثبوت وهذا ما يجعله إحتمالا محددا».
    وأود ان أوضح ما جاء به ألأستاذ جمال بابان وكذلك عبدالرزاق الحسني حول مفهوم كربلاء : والذي يحتمل أن تكون هذه اللفظة منحوتة من كور بابل . وقد أوضحنا أن مفهوم كور بابل هو مقاطعة كبيرة تقع على نهر نينوى من صدره حتى نهايته وأن كربلاء إحدى القرى التابعة إلى هذه الكورة . كما أن هذه التسميات حصلت في صدر ألإسلام وقبله بقليل ، اما إسم (كرب ـ ايل) فأنه كان منذ العصر البابلي ، أي بزمان أطول من ذلك بكثير لهذا لا يمكن أن نقبل بهذا ألإحتمال .
    هذا ما عرضه علينا بعض المؤرخين ولضرورة فهم هذه التسمية نلخص ألآراء بما يأتي: ـ
    1 ـ إن إسم كربلاء قد مر بعدة مراحل ، وكثرة ألألفاظ وذلك لخضوع هذه المنطقة إلى عدة أقوام سامية عربية أو أقوام محتلة فان كل قوم كانوا يضعون هذا ألأسم حسب لسانهم وإمكانية اللفظ . ولكن الجميع قد إتفقوا على أنها مقرا لعبادة الواحد ألأحد .
    2 ـ أن أول التسميات هي (كرب ايل) ، ثم جاءت عند ألآراميين وألآشوريين (كرب ـ ال) و (كرب ـ ايلا).
    إن كلمة كرب هي إحدى الأسماء السامية وتعني إسم المكان او إسم الملك ، أو الكبير ، او العظيم ، اما (ايل) فهو ألإله الواحد الذي عبده النبي إبراهيم الخليل عندما كان في هذه القرية وهي قرية كوش القريبة منها. وكلمة ال ، أيضا تعطي نفس الغرض لكلمة ايلا، فلهذا فأن إسم كربلاء يعني حرم الاله او مكان العبادة ، وهو من ألأسماء السامية ألأكدية والعبرية ، وكذلك (ايلا) تعطي نفس الغرض آنفا . إذن هي معبد النبي إبراهيم الخليل عليه السلام وسميت بإسم إله إبراهيم .
    3 ـ اما ( كربلا ـ تو) فقد ورد عند ألآشوريين بعد ألأكديين .
    4 ـ اما كلمة كربلة ، والتي تعني الرخاوة فقد وردت عند ألآراميين وذلك لأنهم نصارى ، ولم يكن لهم وجود في هذه القرية حيث كانت مغلقة للعبادة من قبل ساكنيها العبرانيين الساميين ، لهذا أطلقوا عليها إسم رخاوة ألأرض ، وتركوا مقر العبادة العبراني لأنهم ليس لهم نصيب فيه ، وقد كانوا يجاورون كربلة من غربها وشمالها. وكانوا بكثرة وأعدادهم تزيد بكثير على العبرانيين . وتكاد أن تكون القرى التي تقع شرق نهر الفرات مغلقة لهم .
    5 ـ أما كلمة ـ( كار ـ بلا) فليس لها وجود في هذه الأرض ولا أحد من هؤلاء السكان يستخدم هذا اللفظ ، حيث كان ثقيلا على لسانهم . أما الفرس فكان معروف عندهم ، فقد أطلقوا على هذه القرية التي تخصصت بعبادة الله العلي القدير إسم كار ـ بلا. وتعني في مفهومهم نفس مفهوم كلمة (كرب ـ ايلا) أو (كرب ال) الساميتين.
    6 ـ أما (كربلا ـ وكربلاء) ، فهي من ألأسماء العربية بعد التحرير العربي ألإسلامي للعراق ، حيث إستخدموا كلمة كربلا ثم أضيفت الهمزة إليها للضرورة الشعرية .
    ومجمل القول أن كلمة كربلاء هي من ألأسماء السامية القديمة والتي ظهرت منذ العصر البابلي ألأول ، أو قبل ذلك عندما كان النبي إبراهيم الخليل في أرض كوش المجاورة لمدينة سورا والتي منها كربلاء ، وثم إستخدمت عند ألآشوريين وقد أدت نفس الغرض المتخصص بالعبادة ، وكذلك عندما سكن العبرانيون فيها بعد السبي البابلي.
    كما إستمر هذا المفهوم في جميع عصور ألإحتلال ألأجنبي وأخيرا العربي ألإسلامي.
    وملخص أصل التسمية في ضوء ما عرضناه هو (كرب ـ ايل) اي بيت ألإله ، وهو ألإله الذي عبده فيها النبي إبراهيم الخليل عليه السلام كما أوضحته التوراة وذكرناها آنفا. لهذا فان أول دير او معبد أقيم في الوطن العربي والعالم لعبادة ألله الواحد ألأحد هو الذي اقيم في كربلاء ، والذي أعطى إسمه إلى هذه المدينة ، وأختزل عند المسلمين من كرب ـ ايل إلى كربلاء . وقد يضم حاليا محلة باب الخان وباب طويريج وتصل حدوده حتى الفريحة تقريبا.
    الحير والحائر والمشهد
    إن تسمية الحير هي تسمية لمكان قبر ألإمام الحسين بن علي عليه السلام وكذلك تسمية مكان سيدنا العباس عليه السلام . أما الحائر فهي تسمية المساحة المحيطة بقبر كل منهما.
    حيث أن المساحة المحيطة بمرقد سيدنا العباس (ع) والمسورة بسور خارجي تسمى حائر سيدنا العباس عليه السلام والمساحة المسورة بسور خارجي لمرقد ألإمام الحسين عليه السلام تسمى حائر الحسين عليه السلام ، وهاتان التسميتان موقعيتان لا غير ، فلا ترتبط باسم كربلاء أو تاريخها الجغرافي ولا بأية قرية من قرى كربلاء . لهذا فعند دراستنا تاريخ جغرافية كربلاء يجب أن نسقط مفهوم الطف كوحدة جغرافية مستقلة عن كربلاء وكذلك يجب أن نسقط مفهوم الحائر والحير كوحدتين جغرافيتين ، لأنهما تسميتان موقعيتان فلا يرتبطان بتاريخ جغرافية كربلاء كقرى أو رساتيق إو بلدة أو مدينة.
    ولا يمكن أن نعوض أي مفهوم من هذه المفاهيم بما فيها المشهد عن دراسة جغرافية قرية كربلاء أو بلدة كربلاء أومدينة كربلاء . أو نقول كان إسما لكربلاء ، وفي ضوء ذلك لا يمكن أن نسمي الجامع أو المدرسة أو الدير أو المقاطعة باسم كربلاء ، فان مفهوم قرية كربلاء أو مدينة كربلاء أوسع وأشمل من هذه التسميات التي تنتظم جميعها ضمن مفهوم كربلاء الجغرافي أو التاريخي.
    أن كربلاء بقيت قرية تابعة إلى رستاق نينوى منذ العصر البابلي ألأول ، ولم تصبح رستاقا أو طسوجا حتى القرن الرابع الهجري أو الخامس الهجري ، ونرى عندما قسم العراق إلى ستة ولايات في القرن الثالث الهجري أصبحت كربلاء حتى هذا الوقت تابعة إلى رستاق نينوى من مدينة سورا (سوراء). وأن مركز كربلاء كان في قرية گربط الخبازة بين النخيلة وخان النص (الحيدرية) ، منذ القرن الثامن عشر ق . م حتى القرن السادس الهجري.
    وعندما بدأت الكوفة بألإضمحلال بدأ السكن في الكوفة ينتقل بين النجف وكربلاء وحلة بني مزيد ألأسدي حتى بداية القرن التاسع والعاشر الهجريين حيث تطورت قصبة كربلاء تدريجيا حتى أصبحت بلدة وثم مدينة . وكان مفهوم الحير أو الحائر أو المشهد هي مواقع صغيرة محددة تدخل ضمن مفهوم كربلاء .

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) مستل من كتاب : كربلاء عبر التاريخ ، تاليف : مهنا رباط المطيري ص (290 – 309)
    (2) محمد حسن كليدار آل طعمة / مدينة الحسين ملحق المستدركات السلسلة الثانية / ص 27 .
    (3) الدكتور احمد سوسة/ حضارة العرب ومراحل تطورها عبر العصور /ص 183.
    (*) ان المتعارف عليه ان عبادة الله الواحد الاحد هي بديهية واساس دعوة كل الانبياء (عليهم السلام) من آدم (عليه السلام ) الى خاتم الانبياء محمد صلى الله عليه وآله وسلم فان ماذكر هنا يمثل رأي مؤلف الكتاب . . شبكة كربلاء المقدسة .
    (4) أديان العرب قبل ألإسلام / مجلة العربي / العدد 168 / تشرين الثاني / عام 1972 / ص 44 ـ 49 .
    (5) ولفنسون / تاريخ اليهود في بلاد العرب / ص 78 ـ 80 .
    (6) الدكتور جواد علي / أصنام العرب /سومر / م 23 / سنة 1967 / ص 3 ـ 46.
    (7) الدكتور أحمد سوسة / حضارة العرب ومراحل تطورها عبر العصور / ص 187 .
    (8) مجلة سومر /سنة 1963 / 193 / ص 113 وأنظر الكتور أحمد سوسة المصدر نفسه / ص 187.
    (9) المصدر نفسه والصفحة ذاتها.
    (10) المصدر نفسه والصفحة ذاتها.
    (11) قاموس الكتاب المقدس/ ص 142 الطبعة الثانية/ بيروت/ عام 1971 .
    (12) المصدر السابق / أحمد سوسة/ ص 188 .
    (13)رينيه ويسوع العرب في سوريا قبل ألإسلام ترجمة عبدالجبار الدواخلي والدكتور مصطفى جواد زيادة ص 55 و 163 .
    (14) يقصد هنا بالنقوش الصفوية الكتابات التي تعد هي واللحبانية والثمودية من أقدم الخطوط السامية الجنوبية في الجزيرة العربية وقد إندثرت قبل ألإسلام. وقد عثر على كتابات صفوية في منطقة الصفاة شرقي الشام وفي بادية الشام أيضا ، فسميت بأسمها ، وهذا ألاسم لا يطلق على قوم أو قبيلة وإنما يطلق على تلك النقوش التي عثر عليها في ناحية الصفاة.
    وإنظر / ياقوت الحموي/ معجم البلدان / مج 7 / ص 229 ولغة العرب مج 5 ص 178 / لعام 1227 م.
    (15) محمد عبدالقادر بافقية / تارخ اليمن القديم/ ص 105 .
    (16) المصدر نفسه / وأنظر 45 ب / الجدول ألأول ملوك سبأ ما بين صفحتي 26 و 27 والجدول الثاني ما بين ص 280 و 281 لنفس المصدر.
    (17) محمد عبدالقادر بافقية / تاريخ اليمن القديم / ص 38 .
    (18) أنظر تفاصيل ذلك في المصدر نفسه / ص 136 ـ 137 .
    (19) أنظر المصدر نفسه/ ص 129 وأنظر ياقوت / معجم البلدان / مجلد 7 / ص 229 .
    (20) محمد حسن كلدار / ملحق مستدركات السلسلة الثانية/ ص 17 .
    (21) الطبري / ج4 / ص وأنظر المصدر نفسه والصفحة ذاتها / الكلدار.
    (22) المصدر نفسه والصفحة ذاتها / الكلدار.
    (23) الكلدار/ المصدر السابق نفسه والصفحة /27 .
    (24) محمد عبدالقادر بافقية / تاريخ اليمن القديم / ص 115 .
    (25) محمد حسن كلدار ىل طعمة/ المصدر السابق نفسه / ص 16 .
    (26) طه باقر / مقدمة في تاريخ الحضارات / ص 453 .
    (27) سعيد رشيد زميزم / لمحات تاريخية من كربلاء / 8 .
    (28) الدليل السياحي / إصدار ألإدارة المحلية في كربلاء / محافظة كربلاء بين التراث والمعاصرة / ص 41 .
    (29) أبو الفرج ألصفهاني.
    (30) جعفر الخليلي / المدخل إلة موسوعة العتبات المقدسة / ص 109 ـ110 .
    (31) الطبري / ج4 / ص 56 .
    (32) أنظر / مهنا الدويش المطيري/ في الفصل ألأول من هذا الكتاب.
    (33) جمال بابان/ أصول أسماء المدن والمواقع العراقية / ج 1 / ص 246 .

  • كربلاء في اللغة والتاريخ

    تعتبر كربلاء من المدن العراقية القديمة التي يعود تاريخها الى العهد البابلي . ويذكر ان اسمها يعني (قرب الآلهة) وذهب بعضهم الى إن اسمها مشتق من كلمة (كور بابل) التي هي عبارة عن مجموعة من قرى بابلية قديمة منها نينوى والغاضرية وكربله بتفخيم اللام ثم كربلاء وعقر بابل والنوايس والحائر ، وذهب آخرون ان اسمها مشتق من الكرب والبلاء .
    وتشتهر كربلاء بقدسيتها ، فقد أريق على تربتها دم سبط الرسول الكريم الامام الشهيد الحسين بن علي (ع) وأهل بيتـه في واقعـة الطف المشهـورة سنة 61 هـ (680م) .
    وكربلاء بالمد ، ذكر ياقوت الحموي في المعجم انها لفظ مشتق (كربله) وتعني الرخاوة في القدمين ، عللها لرخاوة أرضها وتربتها . ويرجع بعض المؤرخين ان العرب خففوا من لفظة كربلاء من (كور بابل) . ويقول الأب انستاس ماري الكرملي ان كربلاء منحوتة من (كورب) و(الـ) وهو أمر وارد لأن هذه البقاع سكنها الساميون قديما. واذا فسرنا (كرب) بالعربية أيضا دلت معنى (القرب) فقد قال العرب كرب يكرب مكروباً ، أي دنا وهو يعطي المعنى نفسه لدى الساميين . أما (الـ) فقد كان يعني (الال) في اللغة السامية . وعلى حسبان كربلاء من الأسماء السامية تكون القرية من القرى القديمة التابعة لبابل . وهي كما قال ياقوت الحموي ناحية من نواحي نينوى الجنوبية . ومما يدل على قدم كربلاء وجودها قبل الفتح الاسلامي ما ذكره الخطيب البغدادي بسنده الى ابي سعيد التميمي : (اقبلنا مع علي (ع) من صفين فنزلنا كربلاء ، فلما انتصف النهار عطش القوم) والمهم في هذا الحديث دلالته التوثيقية حيث يعتبر كربلاء موجودة قبل سنة 40 هـ وهو التاريخ الذي مرّ به الامام علي فيها .
    وذكر ياقوت الحموي لفظة (كربلاء) واوعزها الى ثلاثة أوجه ، فقال ما نصه : «كربلاء بالمد وهو الموضع الذي قتل فيه الحسين بن علي (عليه السلام) في طرف البرية عند الكوفة . فأما اشتقاقه فالكربلة رخاوة في القدمين ، يقال جاء يمشي مكربلاً فيجوز على هذا ان تكون أرض هذا الموضع رخوة فسميت بذلك ويقال كربلتُ الحنطة اذا اهززتها ونقيتها وينشد في صفة الحنطة :

    يحملن حمراء رسوباً للثقل   قد غربلت وكربلت من الصقل

    فيجوز على هذا ان تكون هذه الارض منقاة من الحصى والدغل فسميت بذلك ، والكربل اسم نبت الحماض . وقال أبو وجره يصف عهون الهودج :

    وتامر كربل وعميم دفلى   عليها والندى سبط يمورُ

    فيجوز ان يكون هذا الصنف من النبت يكثر نبته هناك فسمي به ، وقد روي ان الحسين لما انتهى الى هذه الارض قال لبعض اصحابه ما تسمى هذه القرية وأشار الى العقر فقال اسمها العقر فقال الحسين نعوذ بالله من العقر ثم قال فما اسم هذه الارض التي نحن فيها قالوا كربلاء فقال أرض كرب وبلاء وأراد الخروج منها فمنع كما هو مذكور في مقتله حتى كان منه ما كان . ورثته زوجته عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل فقالت :

    وا حسيناً فلا نسيت حسيناً   اقصـدته أسنـّة الأعـداء
    غادروه بكـربلاء صريعاً   لا سقى الغيث بعده كربلاء

    ونزل خالد عند فتحة الحيرة كربلاء فشكى اليه عبد الله بن وثيمة البصري الذبّان فقال رجل من أشجع في ذلك :

    لقد حبسـت في كربلاء مطيتي   وفي العين حتى عاد غثاً سمينها
    اذا رحلت عن منزل رجعت له   لعمري وايهـا اننـي لأهينهـا
    ويمنعهـا مـن ماء كل شريعة   رفاق من الذبان زرق عيونهـا

    وبعد هذا ليس بمقدور كل متتبع استيفاء البحث عن قدمها لندرة المراجع التي يمكن للباحث أن يعوّل عليها .
    وتحدثنا المراجع التاريخية ان كربلاء هي أم لقرى عديدة تقع بين بادية الشام وشاطئ الفرات وانها كانت من امهات مدن بين النهرين الواقعة على ضفاف نهر بالاكوباس ـ الفرات القديم ـ وعلى أرضها معبد للعبادة والصلاة كما يستدل من الاسماء التي عرفت بها قديماً . وقد كثرت حولها المقابر كما عثر على جثث الموتى داخل اواني خزفية يعود تاريخها الى قبل العهد المسيحي . أما الاقوام التي سكنتها فكانت تعوّل على الزراعة لخصوبة تربتها وغزارة مائها.
    من كل ما تقدم تتجسد لنا المكانة الرفيعة التي منيت بها هذه البقعة المقدسة والمنزلة السامية التي حظيت بها بين بلدان العالم .

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    كتاب: كربلاء في الذاكرة لسلمان هادي آل طعمة ص (9 – 12 ) وقد قمنا بازالة الهوامش لتبسيط الموضوع

  • اسماء كربلاء حسب ما ورد في كتاب عمارة كربلاء

    أعطى الموقع الجغرافي والبيئي المتميز لكربلاء أهمية خاصة منذ أقدم العصور . وهي تنتمي إلى حضارة الأقوام السامية في العراق لا سيما البابليين منهم ، وذلك لقربها من بابل . وكانت جسراً للهجرات السامية والعربية بين بلاد الشام والجزيرة العربية وبين سواد العراق . وهي أول مركز أستيطان سامي عربي في منطقة الفرات الأوسط ، وملتقى الطرق البرية الرئيسية عبر منطقة عين التمر بأتجاه كافة البلدان. إن موقعها في الجنوب الغربي لمدينة بغداد وقربها من مجرى نهر الفرات ، ووجودها داخل منطقة مناخية معتدلة ، لا في أقصى جنوب العراق ولا في أقصى شماله ، إضافة لأراضيها الخصبة الصالحة للزراعة ، قد جعلها موقع جذب لبعض القبائل والجماعات والقوافل التي كانت تتجول في القسم الشرقي من شبه الجزيرة العربية ، مما جعل منها أيضاً مركزاً لتجمع سكاني قبل ظهور الإسلام بفترة طويلة .
    وقد وجدت لفظة كربلاء في المنحوتات الأثرية البابلية التي عثر عليها الباحثون الاثريون. فقيل أنها منحوتة من كلمة « كور بابل » وهي تعني مجموعة قرى بابلية قديمة أشهرها وأكبرها (نينوى) التي تقع إلى الشمال الشرقي من مدينة كربلاء الحالية وهي غير نينوى عاصمة الأشوريين التي تقع في شمال العراق قرب مدينة الموصل وكانت قرية عامرة في العصور القديمة ، سكنها الساميون. وهي الآن سلسلة تلال أثرية ممتدة من جنوب سدة الهندية على نهر الفرات التي تبعد عن كربلاء الحالية بنحو 30 كلم حتى مصب نهر العلقمي في الأهوار القريبة من مدينة كربلاء وتعرف (بتلال نينوى) .
    وجاء في كتاب (مراصد الإطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع) ما نصه: « إن بسواد الكوفة تقع ناحية تسمى (نينوى) منها كربلاء التي قتل فيها الإمام الحسين (ع) ».
    وقد جاء في كتاب (بغية النبلاء في تاريخ كربلاء) ، أنه يوجد على بضعة أميال في القسم الشمال الغربي من مدينة كربلاء ، أطلال وأكم قيل أنها كربلاء الاصلية . والجدير بالذكر أنه قبل سني الحرب العالمية الأولى كان بعض الأفراد من المناطق المجاورة لهذه المنطقة يستخرجون من هذه الأطلال طابوقاً (آجر) مسطحاً كبيراً يطلق عليه محلياً بالطابوق الفرشي يحملونه إلى كربلاء .
    وأستمرت كربلاء على أزدهارها في عهد الكلدانيين فقد ذكر المستشرق الفرنسي لويس ماسنيون في كتابه (خطط الكوفة) إن كربلاء كانت قديماً معبداً للكلدانيين في مدينة تدعى (نينوى) .
    وقد اسفرت التنقيبات الأثرية عن أكتشاف آثار ومواقع كثيرة على أراضي كربلاء أقدمها مجموعة من كهوف ومغارات أصطناعية تقع على الكتف الأيمن لوادي الطار الذي كان يمثل نهر الفرات القديم قبل أن توجد بحيرة الرزارة . ويبلغ عددها 400 كهف تقريباً. وتبعد هذه الآثار عن مدينة كربلاء الحالية حوالي 30 كلم إلى الجنوب الغربي في منتصف الطريق بين كربلاء وقصر الأخيضر بأمتداد الهضبة الغربية الصحراوية. وقد قام الإنسان بنحتها وحفرها في حدود سنة 1200 قبل الميلاد ، وربما أستخدمت لأغراض دفاعية أول الأمر ، ثم أتخذت قبوراً فيما بعد .
    وإلى جانب ما تقدم فإن كربلاء ظلت مزدهرة ومحتفظة بمكانتها في العصور الغابرة ، وخصوصاً في عهود التنوخيين واللخميين والمناذرة يوم كانت الحيرة عاصمة مملكتهم.
    يتضح مما تقدم أن تاريخ كربلاء موغل في القدم ، وأنها كانت من أمهات مدن طسوج النهرين الواقعة على ضفاف نهر بالأكوباس (الفرات القديم) وعلى أرضها معبد للعبادة والصلاة. كما يستدل على قدمها من الأسماء التي عرفت بها قديماً كـ « عمورا » ، « ماريا » ، و « صفورا » . وقد كثرت حولها المقابر ، كما عثر على جثث بشرية داخل أواني خزفية يعود تاريخها إلى ما قبل العهد المسيحي. اما الأقوام التي سكنتها فكانت تعتمد على الزراعة لخصوبة تربتها وغزارة مائها وكثرة العيون التي كانت منتشرة في أرجائها .
    ومن الأدلة أيضاً على قدم كربلاء أو قدم « الأكوار » (جمع كورة في تلك الجهات) هو وجود أطلال وهضبات لم تزل قائمة على بعد بضعة أميال عن كربلاء الحالية .
    وعندما أستولى الساسانيون على العراق في عهد شاهبور ذي الأكتاف (تاسع ملوك الساسانيين) الذي أعتلى العرش سنة 310م قسموا العراق إلى عشر أستانات (ولايات) ، سمي كل منها طسج (قضاء) . وقسمت هذه الوحدات الإدارية بدورها إلى وحدات اصغر سمي كل منها رستاق (ناحية) . وكانت الأراضي الواقعة بين مدينة عين التمر التي تقع على مسافة 67 كلم من كربلاء إلى الجنوب الغربي منها ونهر الفرات هي الولاية العاشرة. وقد قسمت إلى ست وحدات إدارية ، سُميت إحداها « طسج النهرين » . وسبب تسمية هذه الوحدة « بالنهرين » كونها واقعة بين خندق شاهبور ونهر العلقمي .
    ويقال بأن كربلاء كانت قبيل الإسلام أيضاً تحتوي على بيوت ومعابد للمجوس وكان يطلق عليها بلغتهم (مه بار سور علم) أي المكان المقدس.
    ويستدل مما تقدم بأن كربلاء كانت على مر العصور أرضاً مقدسة لدى ديانات مختلفة وعند أقوام متعددة ، ولذلك كانت تنتشر فيها معابد كثيرة للصلاة .
    يقول الدكتور مصطفى جواد المؤرخ واللغوي العراقي المعروف: « إن إسم كربلاء ليس عربياً وأن محاولات رده إلى الأصول العربية غير صحيحة وتصطدم بعقبات تاريخية ولغوية ، إذ ان موقعها خارج عن الجزيرة العربية وأن في العراق كثير من البلدان ليست أسماؤها عربية كبغداد وبابل وبعقوب .
    ويعتقد فريق من المؤرخين واللغويين ، أنه يمكن ربط اسم كربلاء باللفظة الأرامية كاربيلا (KAR- BELLA) المتصلة بلفظة كربلاتو (KAR-BALLATO) الأشورية أو كاربيل (KAR-BEL) التي تعني سور الإله بيل.
    ويرى فريق آخر من المؤرخين واللغويين ، ومنهم الأب أنستاس ماري الكرملي ، أن لفظ كربلاء ذكر في كتب الباحثين ومنحوت من كلمتين آشوريتين هما « كرب » بمعنى معبد أو حرم والكلمة الثانية « إل » بمعنى إله في اللغة الآرامية ومجموع الكلمتين بمعنى « معبد الإله » أو « حرم الإله » .
    وذهب بعض الباحثين إلى إن لفظ كرب تطور معناه في اللغة العبرية ، لذلك نجد الكلمة (كراب Karab) ومعناه يقترب تعني في الوقت نفسه (يقاتل ويحارب) ومن هنا كانت كلمة (كراب Karab) بمعنى المعركة.
    وقد ذكر آخرون بأن لفظة (كربلاء) مشتقة من الكلمة العربية الكربلة أي رخاوة في القدمين ، يقال: جاء يمشي مكربلاً ، فيجوز على هذا أن تكون أرض هذا الموضع رخوة فسميت بذلك ، ويقال: كربلت الحنطة إذا هذبتها ونقيتها.
    ويقول الشيخ آغا بزرك الطهراني إن كلمة كربلاء متكونة من كلمتين هما « كار » أي الفعل و « بالا » بمعنى السامي والعلوي باللغة الفارسية . وبذلك يكون معنى لفظة كربلاء « الفعل العلوي » أو « العمل السماوي » المفروض من الأعلى وهذا يقارب المعنى الذي ذهب إليه الأب أنستاس ماري الكرملي كما ذكرنا ذلك سابقاً.
    إن أسم كربلاء كان معروفاً للعرب قبل الفتح الإسلامي للعراق وقبل أن يسكنها العرب المسلمون وذكرها بعض المسلمين الذين رافقوا خالد بن الوليد عند فتح الجانب الغربي من العراق .
    وورد في معجم البلدان لياقوت الحموي أيضاً: إن كربلاء سميت بالطف لأنها مشرفة على العراق وذلك من أشرف على الشيء أي أطل ، والطف: طف الفرات أي الشاطئ. وجاء أيضاً أن الطف: أرض من ضاحية الكوفة في طريق البرية فيها كان مقتل [ الإمام ] الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) وهي ارض بادية قريبة من الريف فيها عدة عيون ماء جارية ، منها (الصيد) ، و(القطقطانية) ، و(الرهيمة) ، و(عين الجمل) وذواتها ، وهي عيون كانت للموكلين بالمسالح (الحصون والقصور) التي كانت وراء خندق سابور الذي حفره بينه وبين العرب وغيرهم.
    وتشير بعض المصادر التاريخية إلى أن كربلاء الحالية المعروفة بهذا الأسم اليوم ، كانت قبل الإسلام منطقة تحيط بها قرى قديمة عند قدوم الإمام الحسين (ع) إليها عام 61هـ (680م) منها (نينوى) ، و (عمورا) ، و(ماريا) ، و (صفورا) ، و(شفية) ، وكانت على مقربة من هذه القرى منطقة تدعى منطقة تدعى (النواويس) وهي مجموعة مقابر للمسيحيين الذين سكنوا هذه الأراضي قبل الفتح الإسلامي للعراق. وتقع هذه المقابر اليوم في شمال غربي كربلاء في أراضي الكمالية بالقرب من المنطقة التي يقع فيها مرقد الحر بن يزيد الرياحي. وتشير رواية مقتل الإمام الحسين (ع) إلى أن قوماً من بني أسد قد تولوا دفنه ، مما يعني أن قبيلة بني اسد العربية كانت تسكن كربلاء قبل قدوم الإمام الحسين (ع) .
    وقد أطلق على مدينة كربلاء الحالية بعد أستشهاد الإمام الحسين (ع) في العام نفسه (61هـ) أسماء عدة منها (مشهد الحسين) ، و (مدينة الحسين) ، و(البقعة المباركة) ، و(موضع الأبتلاء) ، و (محل الوفاء) ، و (الحائر) ، و (الحير) إلى غير ذلك من الإسماء. إلا أن أشهر هذه الأسماء هو (الحائر) لما أحيط بهذا الأسم من الحرمة والتقديس ، والجدير بالذكر أن الحائر أختص فيها بعد بالمرقد في الغالب
    وسبق للإمام علي بن أبي طالب (ع) خلال سفره إلى حرب صفين أن شاهده أنصاره يقف متأملاً ما في هذه الارض من أطلال وأثار ، فسئل عن السبب فقال: إن لهذه الارض شأناً عظيماً فها هنا محط ركابهم وها هنا مهراق دمائهم ، فسئل في ذلك فقال: « ثقل لآل محمد ينزلون هنا » .
    وإلى جانب تلك القرى الموغلة في القدم كانت توجد قرى أخرى عامرة بالسكان والحياة. وكانت أكبر هذه القرى المحيطة بكربلاء هي بلدة (عين التمر) والتي تضم ناحية شثاثا ومنها يجلب القسب (التمر اليابس) والتمر .
    ومن القرى المحيطة بكربلاء أيضاً قرية الغاضرية. وقد أنشئت بعد أنتقال قبيلة بني أسد إلى العراق في صدر الإسلام . وعلى هذا فإنها ليست قديمة في التاريخ ، وهي لا تزال معروفة بأسم « الغاضريات » وهي الأراضي المنبسطة التي هي اليوم إحدى نواحي مدينة كربلاء وتعرف بمنطقة الحسينية الواقعة على طريق كربلاء بغداد القديم عامرة ببساتين النخيل والفواكه .
    وكانت توجد قرية بالقرب من كربلاء عامرة بالمساكن تسمى (العقر) . وقد روي إن الامام الحسين (ع) ، لما أنتهى إلى هذه الأرض قال لبعض أصحابه: ما تسمى هذه القرية؟ واشار إلى العقر ، فقيل له: اسمها العقر ، فقال الحسين (ع) : نعوذ بالله من العقر ، ثم قال (ع) : فما أسم هذه الأرض التي نحن فيها؟ قالوا: كربلاء ، فقال (ع) : أرض كرب وبلاء! وأراد الخروج منها فمنع كما هو مذكور في مقتله.
    وعلى أية حال لم تكتسب مدينة كربلاء الحالية هذه المكانة السامية والمنزلة المقدسة التي لها الأن لولا استشهاد الإمام الحسين (ع) وصحبه في اليوم العاشر من شهر محرم الحرام سنة 61 هـ (680م) ، في هذه البقعة التي تقع بين كربلاء القديمة في التاريخ والنواويس على وجه التحديد. وقد تنبأ بذلك الإمام الحسين (ع) نفسه قبل أن يرد أرض كربلاء ويلقى مصرعه فيها ، إذ قال (ع) : كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء .
    ولكن كل ما يمكن القول عن تاريخها القديم عند الفتح الإسلامي : إنها بقعة زراعية واقعة على ضفاف نهر الفرات ، والأقوام الذين سكنوها كانوا يعولون على الزراعة لخصوبة تربتها ، وغزارة مائها لكثرة العيون التي كانت منتشرة في أرجائها .

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    كتاب : عمارة كربلاء لرؤوف الانصاري ص (33 – 40 ) وقد قمنا بازالة الهوامش لتبسيط الموضوع

  • مقال الدكتور مصطفى جواد ( رحمه الله ) حول اسماء كربلاء

    خريج جامعة السوربون في التاريخ العربي والاستاذ بجامعة بغداد كلية التربية والعضو بالمجمع العلمي العراقي والمجمع العلمي العربي بدمشق
    معنى كربلاء:
    ذكر السيد العلامة هبة الدين الشهرستاني ان (كربلاء) منحوتة من كلمتي (كور بابل) بمعنى مجموعة قرى بابلية (1)وقال الأديب اللغوي (انستاس الكرملي): والذي نتذكره فيما قرأناه في بعض كتب الباحثين ان كربلاء منحوتة من كلمتين من (كرب) و(إل) أي حرم اللـه او مقدس اللـه) (2)
    قلنا: ان رجع الأعلام الأعجمية الى أصول عربية كان ديدنا لعلماء اللغة العربية منذ القديم.
    وأنا ارى محاولة ياقوت الحموي رد (كربلاء) إلى الأصول العربية غير مجدية، ولا يصح الاعتماد عليها، لانها من باب الظن والتخمين، والرغبة الجامحة العارمة في ارادة جعل العربية مصدراً لسائر أسماء الأمكنة والبقاع ، مع ان موقع كربلاء خارج عن جزيرة العرب ، وان في العراق كثيراً من البلدان ليست أسماؤها عربية كـ (بغداد) و(صرورا) و(جوخا) و(بابل) و(كوش) و(بعقوبا) ، وان التاريخ لم ينص على عروبة اسم (كربلاء) فقد كانت معروفة قبل الفتح العربي للعراق وقبل سكنى العرب هناك وقد ذكرها بعض العرب الذين رافقوا خالد بن الوليد القائد العربي المشهور في غزوته لغربي العراق سنة 12 هجرية 634م . قال ياقوت الحموي: (ونزل خالد عند فتحه الحيرة كربلاء فشكا اليه عبد اللـه بن وشيمة النصري (3)الذبان : فقال رجل من اشجع في ذلك :

    قد حُبست في كربلاء مطيتي   وفي العين(4)حتى عاد غثا سمينها
    اذا رحلت من منزل رجعت لـه   لعمري وايهـا انني لأهـينـها
    ويمنعها من ماء كل شريعة   رفاق من الذبان زرق عيونها (5)

    ومن اقدم الشعر الذي ذكرت فيه كربلاء قول معن بن اوس المزني من مخضرمي الجاهلية والاسلام وعمر حتى ادرك عصر عبد اللـه بن الزبير وصار مصاحباً لـه، وقد كف بصره في آخر عمره. وذكر ياقوت الحموي هذا الشعر في (النوائح) من معجمه للبلدان. و(المعبر) وذكره قبلـه ابو الفرج الاصبهاني في ترجمة معن من الاغاني (12: 63 دار الكتب) وقال وهي قصيدة طويلة:

    هي حلت كربلاء فعلعا   فجوز العذيب دونها فالنوائحا

    وقال في كلامه على الكوفة: قال أبو عبيدة معمر بن المثنى: لما فرغ سعد بن أبي وقاص من وقعة رستم بالقادسية وضمن أرباب القرى ما عليهم بعث من أصحابهم ولم يسمهم حتى يرى عمر فيهم رأيه، كان الدهاقين ناصحوا المسلمين، ودلوهم على عورات فارس، واهدوا لـهم واقاموا لـهم الاسواق. ثم توجه سعد نحو المدائن الى يزدجرد وقدم خالد بن عرفطة حليف بني زهرة بن كلاب، فلم يقدر عليه سعد حتى فتح خالد ساباط المدائن، ثم توجه الى المدائن فلم يجد معابر فدلوه على مخاضة عند قرية الصيادين اسفل المدائن فأخاضوها الخيل حتى عبروا، وهرب يزدجرد الى اصطخر، فأخذ خالد كربلاء عنوة وسبى أهلها، فقسمها سعد بين اصحابه، ونزل على قوم في الناحية التي خرج سهمة فأحيوها، فكتب بذلك سعد الى عمر، فكتب اليه عمر ان حولـهم. فحولـهم الى سوق حكمة ويقال الى كويفة ابن عمر دون الكوفة… ).
    ولقائل ان يقول : إن العرب أوطنوا تلك البقع قبل الفتح العربي، فدولة المناذرة بالحيرة ونواحيها كانت معاصرة للدولة الساسانية الفارسية وفي حمايتها وخدمتها.
    والجواب: ان المؤرخين لم يذكروا لـهم انشاء قرية سميت بهذا الاسم – اعني كربلاء غير ان وزن كربلاء الحق بالاوزان العربية ونقل (فعللا) (فعللاء) في الشعر حسب. فالاول موازن لجحجحى وقرقرى وقهقرى والثاني موازن لعقرباء وحرملاء، زيد همزة كما زيد برنساء.
    أما قول الأب اللغوي انستاس ما معناه : أن كربلاء منحوتة من (كرب) و(ال) ، فهو داخل في الإمكان، لأن هذه البقاع قد سكنها الساميون وإذا فسرنا (كرب) بالعربية أيضا دل على معنى (القرب) فقد قالت العرب: (كرب يكرب كروباً أي دنا) وقالت (كرب فلان يفعل وكرب ان يفعل أي كاد يفعل، وكاد تفيد القرب، قال ابن مقبل يصف ناقته:

    فبعثتها تقص المقاصر بعدما   كربت حياة النار للمتنور (6)

    وقال ابو زيد الاسلمي:

    سقاها ذووالارحام سجلاًعلى الطما   وقد كربت اعناقها ان تقطعا (7)

    وجاء في لسان العرب : كرب الامر كروبا: دنا … وكل شيء دنا فقد كرب، وقد كرب ان يكون وكرب يكون وكربت الشمس للمغيب: دنت.
    فكرب البابلية قريبة من العربية.
    وإذا فسرنا (ال) كان معناه (اله) عند الساميين أيضا، ودخول تفسير التسمية في الإمكان لا يعني أنها هي التسمية الحقيقية لا غيرها، لان اللغة والتاريخ متعاونان دائماً فهي تؤيده عند احتياجه إليها وهو يؤيدها عند احتياجها إليه، فهل ورد في التاريخ إن موضع كربلاء كان (حرم الـه) قوم من الأقوام الذين سكنوا العراق؟ أو مقدس الـه لـهم؟ لا يجيبنا التاريخ عن ذلك، ومن الأسماء المضافة إلى (ال) بابل واربل وبابلي(8)
    وعلى حسبان (كربلا) من الأسماء السامية الآرامية أو البابلية، تكون القرية من القرى القديمة الزمان كبابل واربيل، وكيف لا وهي من ناحية (نينوى (9) ( الجنوبية ! قال ياقوت الحموي: (نينوى بكسر اولـه وسكون ثانية وفتح النون والواو بوزن طيطوى.. وبسواد الكوفة ناحية يقال لها نينوى منها كربلاء التي قتل بها الحسين، رضي اللـه عنه (10)
    وقال في كتاب لـه آخر: (نينوى موضعان: بكسر النون وياء ساكنة ونون اخرى مفتوحة وواو والف ممالة، نينوى بلد قديم كان مقابل مدينة الموصل. ونينوى كورة كانت بأرض بابل منها كربلاء التي قتل بها الحسين بن علي عليهما السلام- (11)ونينوى من الاسماء الآشورية).
    ولا نشك في ان نينوى السفلى سميت باسم نينوى العليا إحدى عواصم الدولة الآشورية المشهورة في التاريخ، سميت اما لمعارضتها واما لادامة ذكراها، على عادة الناس في تسمية البلدة التي ينشئونها بعد المهاجرة من بلادهم والجلاء عنها ويسمونها باسم بلدتهم التي هاجروا منها. وهذا معروف قديماً وحديثا، وهو من اجمل ضروب الوفاء، وان كان لغير الأحياء.
    ونقل بعض الفضلاء قول أحد الباحثين في تاريخ كربلاء القديم وهو (كل (12) ما يمكن ان يقال عن تاريخها القديم انها كانت من أمهات مدن طسوج النهرين الواقعة على ضفاف نهر بالاكوباس (الفرات القديم) وعلى أرضها معبد للعبادة والصلاة، كما يستدل من الأسماء التي عرفت بها قديماً كعمورا، ماريا، صفوراً، وقد كثرت حولـها المقابر، كما عثر على جثث موتى داخل اوان خزفية يعود تاريخا إلى قبل العهد المسيحي، وأما الأقوام التي سكنوها فكانوا يعولون على الزراعة لخصوبة (13) تربتها وغزارة مائها لكثرة العيون التي كانت منتشرة في أرجائها ) (14)
    ومن المعلوم ان كربلاء ليست على ضفة الفرات ولا على ضفافه، فالقائل لو قال (كورة كربلاء) لكان القول علمياً.
    ومما يدل على قدم كربلاء أيضا ووجودها قبل الفتح الإسلامي ما ذكره الخطيب البغدادي بسنده الى أبي سعيد التيمي قال: (اقبلنا مع علي (ع) من صفين فنزلنا كربلاء، فلما انتصف النهار عطش القوم) وروى بعد ذلك بسنده أيضا عنه قال: (أقبلت من الانبار مع علي نريد الكوفة وعلي في الناس، فبينا نحن نسير على شاطي الفرات اذ لجج في الصحراء فتبعه ناس من أصحابه واخذ ناس على (15) شاطئ الماء ، فكنت ممن أخذ مع علي حتى توسط الصحراء، فقال الناس: يا أمير المؤمنين إنا نخاف العطش، قال: إن اللـه سيسقيكم، وراهب قريب منا، فجاء علي إلى مكانه فقال: احفروا هاهنا فحفرنا، وكنت فيمن حفر، حتى نزلنا ـ يعني عرض لنا حجر ـ فقال علي: ارفعوا هذا الحجر، فأعانونا عليه حتى رفعناه، فإذا عين باردة طيبة، فشربنا. فرجع ناس وكنت فيمن رجع، فالتمسناها فلم نقدر عليها، فقال الراهب: لا يستخرجها إلا نبي أو وصي
    ثم ذكر الخطيب بسنده إلى إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني أن (أبا سعيد التيمي) متروك الحديث وغير ثقة (16) والمهم من هذا الحديث أن الإمام عليا (ع) مرّ بكربلاء ولج في الصحراء قبل سنة أربعين الـهجرية، ولم يذكر أحد من المؤرخين إنشاء مدينة باسم كربلاء في أثناء تلك السنين الأربعين، وهذا مرادنا بقبولنا أنها غير إسلامية، وقد أشرنا إلى مثل هذا المعنى آنفا. وهذا الخبر نقلناه لتأييده وتأكيده (17)
    الطف :
    ومن المواضع التي عرفها العرب قديما قرب كربلا (الطف) قال ياقوت الحموي: (الطف بالفتح والفاء مشدده وهو في اللغة ما اشرف من ارض العرب على ريف العراق) . . . وقال أبو سعيد: (سمي الطف لأنه مشرف على العراق من اطف على الشيء بمعنى اطل، والطف طف الفرات أي الشاطئ والطف ارض من ضاحية الكوفة في طريق البرية فيها كان مقتل الحسين بن علي ـ رضي اللـه عنه ـ وهي ارض بادية قريبة من الريف فيها عدة عيون ماء جارية منها الصيد والقطقطانة والرهيمة وعين جمل (18) وذواتها، وهي عيون كانت للموكلين بالمسالح (19) التي كانت وراء خندق سابور الذي حفره بينه وبين العرب وغيرهم وذلك ان سابور اقطعهم أرضها يعتملونها من غير ان يلزمهم خراجا، فلما كان يوم ذي قار ونصر اللـه العرب بنبيه ـ صلى اللـه عليه وآلـه وسلم ـ غلبت العرب على طائفة من تلك العيون وبقي بعضها في أيدي الأعاجم ثم لما قدم المسلمون الحيرة هربت الأعاجم بعد ما طمت عامة ما كان في أيديها منها، وبقي ما في أيدي العرب فأسلموا عليه وصار ما عمروه من الأرض عشرا، ولما انقضى أمر القادسية والمدائن وقع ما جلا عنه الأعاجم من ارض تلك العيون إلى المسلمين واقطعوه فصارت عشرية أيضا).
    جاء في معجم البلدان عدة معان للحائر أهمها قول الأصمعي: (يقال للموضع المطمئن الوسط المرتفع الحروف حائر وجمعه حوران) .. قال ابو القاسم علي بن حمزة البصريرادا على ثعلب في الفصيح: هو الحائر الا انه لا جمع لـه، لأنه اسم لموضع قبر الحسين بن علي ـ رضي اللـه عنه) ـ. . . ثم ذكر ان كربلاء من مساكن العرب منذ الجاهلية، ولذلك سميت اكبر مدينة في هذا الصقع (عين التمر) وهذا الاسم المركب الإضافي يحتوي على اسمين عربيين خالصي العروبة فهل كانت تسمية الحائر قبل الإسلام ؟ وقد ذكر ياقوت في معجم البلدان أيضا (يوم حائر ملـهم) قال: (ويوم حائر ملـهم أيضا على حنيفة ويشكر) فهذا الحائر كان جزيرة العرب، فيجوز فيه الأمران اعني انه سمي في الجاهلية بالحائر وانه سمي في الإسلام بهذا الاسم. وقد أطال الكلام مؤلف (تاريخ كربلاء) على الحائر وسمى كتابه (تاريخ كربلاء وحائر الحسين عليه السلام) وقال: وهو بحث علمي تحليلي واسع عن الحائر المقدس وتاريخه في اللغة والتاريخ والفقه والحديث وثم تاريخ عمارته وهدمه من الصدر الأول إلى العصر الحاضر قال: (وقد نعتت كربلاء منذ الصدر الأول في كل من التاريخ والحديث بأسماء عديدة مختلفة ورد منها في الحديث باسم كربلاء الغاضرية ونينوى وعمورا وشاطئ الفرات وشط الفرات.
    وورد منها في الرواية والتاريخ أيضا باسم مارية والنواويس والطف وطف الفرات ومشهد الحسين والحائر والحير إلى غير ذلك من الأسماء المختلفة الكثيرة إلا إن أهم هذه الأسماء في الدين هو الحائر لما أحيط بهذا الاسم من الحرمة والتقديس أو أنيط (20) به من أعمال وأحكام في الرواية والفقه إلى يومنا هذا. . ) (21)
    وقد ذكرنا أن (الحائر) اسم عربي وان العرب سكنوا هذه البلاد منذ عصور الجاهلية، فلابد من ان يكون معروفا قبل استشهاد الحسين (ع) لأن هذه التسمية هي والحير والحيرة من اصل واحد، وقد قال ياقوت في كلامه على الحيرة ـ واكثره مذكور في تاريخ الطبري ـ: (وفي بعض أخبار أهل السير: سار اردشير (22) ملك النبط وقد اختلفوا عليه وشاغبه ملك من ملوك النبط يقال لـه بابا فاستعان كل واحد منهما بمن يليه من العرب ليقاتل بهم آلاف فبنى الاردوان حيراً فأنزلـه من أعانه من العرب فسمي ذلك الحير الحيرة كما تسمى القيعة من القاع وانزل بابا من أعانه من الأعراب الانبار وخندق عليهم. .) .
    أما التسمية بشط الفرات وبشاطي الفرات فهي عامة لا خاصة فلا يجب اختصاصها بكربلاء والحائر وإنما سبيلـها سبيل التحديد الشعري كقول الشاعر (وقد مات عطشاناً بشط فرات)، لان الشاعر لا يستطيع دوما من التعيين الجغرافي المحقق لالتزامه بالوزن والقافية. وأما (مارية) فلم يذكرها صاحب معجم البلدان، إلا بكونها اسماً لكنيسة بأرض الحبشة، وإنما ذكر (نهر ماري) قال: (بكسر الراء وسكون الياء، بين بغداد والنعمانية، مخرجه من الفرات وعليه قرى كثيرة منها همينيا وفمه عند النيل من أعمال بابل (24)

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) كتاب نهضة الحسين (ع9 (ص 66 طبعة مطبعة دار السلام ببغداد 1345 هـ – 1926 م).
    (2) لغة العرب مج 5ص178سنة 1927.
    (3) او النضري وفي الاصل من طبعة مصر (البصري) وهو محال لأن البصرة لم تكن يومئذ قد مصرت، ولأن العرب القدامى في القرن الاول والقرن الثاني لم يكونوا ينتسبون الى المدن والاقطار بل الى الاباء والقبائل والافخاذ والعمارات والبطون. اما غير العرب فجائز فيهم كما في سرجويه البصري الطبيب (مختصر الدول لابن العبري (ص192) وفي تاريخ الطبري سنة 12ان القائل من اشجع.
    (4) يعني عين التمر المعروف حصنها اليوم بالاخيضر.
    (5) معجم البلدان في (كربلاء).
    (6) مادة قصر من الصحاح، أي قرب انطفاؤها.
    (7) الكامل للمبرد (ج1ص128 طبعة الدلموني الازهري.
    (8) قال هلال الصابي: (وبنو الفرات من قرية تدعي بابلي صريفن من النهروان الاعلى)، (تحفة الامراء في تاريخ الوزراء ص 11 طبعة دار احياء الكتب العربية) وقال ذلك قبلـه الصولي (تاريخ بغداد لابن النجار. نسخة دار الكتب الوطنية بباريس 21و24).
    (9) تمييزاً لـها عن نينوى الشمالية، إحدى عواصم الدولة الآشورية السامية ولا تزال أطلالها معروفة وسنعود الى ذكرها.
    (10) معجم البلدان في مادة (نينوى).
    (11) المشترك وضعاً والمفترق صقعاً (ص430).
    (12) في الاصل (كلما) مع ان (ما) هنا اسم موصول فهو في الخط مفصول.
    (13) الصواب (لخصب ارضها).
    (14) مدينة الحسين او مختصر تاريخ كربلاء للسيد محمد حسن مصطفى آل الكليدار 0ص1. 2).
    (15) أي ساروا من جهته وعلى موازاته.
    (16) تاريخ بغداد (12: 305 ـ 306).
    (17) وقدد اطلق اسم كربلاء على غير موقع واحد قديم مما يدل على ان اسم كربلاء كان قديما وقبل الفتح الاسلامي وكانت تسمى بـ(كاربالا) على ما روي السيد عبد الحسين آل طعمة منقولا عن (الذريعة) للشيخ آغا بزرك، ومعنى (كاربالا) بالفهلوية هو (الفعل العلوي) ويجوز تفسيرها (بالعمل السماوي) المفروض من الاعلى، ثم عربت وصيغت صياغة عربية وسموها (كربلاء)، وهذا يقارب المعنى الذي ذهب اليه الاب انستاس لكلمة (كرب) و (إل) بانها (حرم اللـه) او (مقدس اللـه) ومن الادلة على قدم كربلاء او قدم الاكوار في تلك الجهات هو وجود اطلال وهضبات لم تزل قائمة على بعد بضعة اميال عن مدينة كربلاء، وقد جاء في (بغية النبلاء في تاريخ كربلاء) للسيد عبد الحسين آل طعمة قولـه: « يوجد اليوم على ما بلغني على بعد بضع أميال في القسم الشمالي الغربي من مدينة كربلاء باتجاه ضريح (الحر بن يزيد الرياحي) في ارض القرطة والكمالية اكم اطلال قيل انها (كربلاء) الاصلية، وقبل سني الحرب العالمية الاولى كان بعض افراد من مطره يستخرجون من نفس الاطلال (طابوق، فرشي، ضخم، سلطاني) يحملونه على حميرهم الى كربلاء لبيعوه على الاهلين كوسيلة، للعيش والارتزاق » ويضيف المؤلف قائلا: « واذكر في هذا الخصوص ان السيد كاظم العطار كان مشغولا ببناء داره الواقعة في حارة باب الطاق مقابل (امام باره الاميرة تاج دار بهو الـهندية) يبتاع منهم لبنائه » . وفي الجنوب الشرقي من البلدة قطعة ارض يطلق عليها اليوم لفظة « كربلة » وفي تعيين موقع كربلاء القديمة يقول السيد عبد الحسين: « فموقع كربلا على ضوء التحقيق الذي قمت به واقع على بعد بضعة اميال في الشمال الغربي من بلدة كربلاء الحالية مما يلي ارض (القرطه) وهو مكان مرتفع يسمى باصطلاح اليوم: الظهيرة او العرقوب، ويبعد موقعها عن قبر الحر بن يزيد الرياحي حوالي سبعة آلاف متر » الى غير ذلك من الآراء التي اوردها المؤرخون بالاضافة الى ما تقدم. (جعفر الخليلي).
    (18) ثم قال ياقوت « قالوا وسميت (عين جمل) لان جملاً مات عندها في حدثان استخراجها فسميت بذلك، وقيل ان المستخرج لـها كان يقال لـه جمل، وسميت عين الصيد لكثرة السمك الذي كان بها » وانا ارى القول الثاني هو الصواب، ولو كان القول الاول هو الصواب لقيل لـها « عين الجمل » كما هو ظاهر.
    (19) منها مسلحة الاخيضر العظيمة.
    (20) الصواب « نيط الثلاثي » .
    (21) الدكتور عبد الجواد الكليدار (تاريخ كربلاء). . . ص 12.
    (22) اردشير الاول مؤسس السلالة الساسانية حكم بين سنة 224 وسنة 241 م.
    (23) لعلـه ارطبان الرابع الارشاقي الفرتي من السلالات الفارسية الحاكمة ايضا حكم بين سنة 209 وسنة 227.
    (24) اصل المقال منشور في موسوعة العتبات المقدسة/ جعفر الخليلي/ قسم كربلاء ، وقد حذفنا من المقال مالا صلة له بالبحث .