التصنيف: كربلاء منذ القدم الى يومنا هذا

  • كربلاء في القرن الاول الهجري قبل واقعة الطف

    كربلاء في القرن الاول الهجري قبل واقعة الطف

    كربلاء والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)

    جاء ذكر كربلاء في العديد من الروايات المتواترة المروية في كتب الشيعة والسنة حيث أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أهل بيته واصحابه بما سيجري على سبطه الشهيد في كربلاء ومنها:

    كان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) عند ام سلمة في ليلتها نزل عليه جبرئيل ومعه الملك المسؤول عن شؤون المطر، حيث استأذن ربه ان يزور الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فأذن له وهو لم ينزل عليه من قبل، فقال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لام سلمة املكي علينا الباب لايدخل علينا احد.

    وأختلى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بالملكين فجاء الحسين (عليه السلام) فلما نظر إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في البيت أراد أن يدخل فاخذته ام سلمة فاحتضنته وجعلت تناغيه وهو يبكي لمنعها له، فجعلت تسكنه، فلما اشتد في البكاء خلت عنه فوثب ففتح الباب ودخل على جده، فجعل يقعد على ظهره وعلى منكبه وعلى عاتقه.

    فقال ملك المطر للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): من هذا؟

    قال (صلى الله عليه وآله وسلم): ابني . واخذه الرسول فجعله على فخذه.

    فقال الملك: أتحبه.

    قال (صلى الله عليه وآله وسلم): نعم، وكيف لا احب ابني وهو ثمرة فؤادي.

    فقال جبرئيل: أما ان امتك ستقتله.

    قال (صلى الله عليه وآله وسلم): ابني ـ هذا- ؟

    قال جبرئيل: نعم.

    قال (صلى الله عليه وآله وسلم): يقتلونه وهم مؤمنون بي؟

    قال جبرئيل: نعم، وان شئت أريتك المكان الذي يقتل فيه، واشمك من تربته، فضرب بيده فاراه أرض كربلاء ـ بالعراق ـ فقبض قبضة منها فإذا هي تربة حمراء فأراه إياها … (1).

    وجاء في (الخرايج والجرايح) للقطب الراوندي:

    من معجزات الحسين (عليه السلام) انه لما اراد العراق، قالت له  ام سلمة: لا تخرج إلى العراق، فقد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: يقتل ابني الحسين  بأرض العراق، وعندي تربة دفعها الي في قارورة. فقال الحسين (عليه السلام) اني والله مقتول كذلك(2).

    وغيرها العشرات من الروايات.

    حصن الاخيضر

    الاخيضر 1909 بعدسة المس بيل 2 

    يذهب العديد من المؤرخين ان حصن الاخيضر تم بناؤه في العصر الأموي أو العباسي لكن هناك من يظن أنه بني في صدر الاسلام.

    قال ياقوت الحموي في مادة «دومة الجندل»: ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم صالحَ اكيدرعلى دومة الجندل وأمنه وقرر عليه وعلى أهله الجزية ، وكان نصرانياً فأسلم أخوه حربث فأقره النبي صلى الله عليه وآله وسلم على مافي يده ، ونفض اكيدر الصلح بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأجلاه عمر من دومة الجندل في من أجلى من مخالفي دين الاسلام إلى الحيرة فنزل في موضع منها قرب عين التمر وبنى فيها منازل وسماها (دومة) وقيل (دوماء) باسم حصنه بوادي القرى فهو قائم يعرف ، إلا أنه خراب…. الخ (3) .

    وأسند العلامة المرحوم شكري الآلوسي رأيه هذا إلى قول ياقوت فعقب على ذلك قائلاً: ان كلمة (الاخيضر) محرفة من اسم (الاكيدر) وهو اسم أمير من أمراء كنده أسلم في صدرالاسلام ، فالقصر يجب أن يكون شيد من قبل الامير المبحوث عنه قبل الاسلام (4).

    ونشر البحاثة توفيق الفكيكي بحثاً مسهباً في مجلة (المقتطف) المصرية باسم (قصر الاخيضر في التاريخ) عندما كان الحاكم المنفرد في كربلاء سنة 1935 م ـ 1936 م وقد أعيد نشره في العدد الخاص من ملحق جريدة (الاخبار) البغدادية ويستخلص رأيه بالقول : ان قصر الاخيضر هو (دومة الجندل) وان مشيده هو (اكيدر) وان عصر تشييده هو العصر الاول من تاريخ الاسلام وفي عهد الخليفة الاول من الخلفاء الراشدين وليس هناك أية شبهة أو تضليل(5).

    وقد لاحظ المستشرق ماسينيون عند زيارته الأخيضر ان ريازته تشابه الريازة الساسانية، فأعتقد لذلك أنه يجب أن يكون قد شيد من قبل معمار ايراني قبل العهد الإسلامي في العراق لأجل أحد ملوك الحيرة من اللخميين. وقال ربما كان (قصر السدير) الذي تغنى به الشعراء هو الأخيضر نفسه. وقد أيد (ديولافوا) رأي ماسينيون من حيث الأساس واعتبر الأخيضر من المباني المشيدة قبل الإسلام في أواخر القرن السادس للميلاد(6).

    كانت عيون الطف مثل عين الصيد والقطقطانة والرهيمة وعين جمل وذواتها للموكلين بمسالح الخندق (7) وغيرهم. وذلك ان سابور اقطعهم أرضا فاعتملوها من غير أن يلزمهم لها خراجا. فلما كان يوم ذي قار. ونصر الله العرب بنبيه محمد (ص) غلبت العرب على طائفة من تلك العيون. وبقى في أيدي الأعاجم بعضها. ثم لما قدم المسلمون (الحيرة) هرب الاعاجم(8).

    دخول كربلاء السيطرة الاسلامية

    عين التمر 1909 

    وفي نفس السنة (12 هجرية) سلك خالد طريقه الى كربلاء عن طريق الفلوجة حتى نزل فيها , وعلى مسلحتها عاصم بن عمرو، وعلى مقدمته خالد الاقرع بن حابس , وقد اقام فيها – كربلاء – اياما , وقد شكا اليه عبد الله بن وثيمة الذّبان،  فقال له خالد: أصبر فأني أريد ان استفرغ المسالح التي أمر بها عياض فنسلكها , فتأمن جنود المسلمين …. وقال رجل من اشجع فيما حكى ابن وثيمة : 

    لقد حبست في كربلاء مطيّتي       وفي العين حتى عاد غثا سمينها

    اذا زحلت من قبرك رجعت له                لعمر أبيها انني لأهينها

    ويمنعها من ماء كل شريعة          رفاق من الذبان زرق عيونها(9)

    لما استقل خالد بالأنبار استناب عليها الزبرقان بن بدر، وقصد عين التمر وبها يومئذ مهران بن بهرام جوبين في جمع عظيم من العرب، وحولهم من الأعراب طوائف من النمر، وتغلب، وإياد، ومن لاقاهم وعليهم عقة ابن أبي عقة، فلما دنا خالد، قال عقة لمهران: إن العرب أعلم بقتال العرب، فدعنا وخالدا … الخ(10)

    وكان من ضمن سبي هذا المعارك سيرين ابو محمد (صاحب تفسير الاحلام المعروف) واختلف المؤرخون حول ان كان من اهل عين التمر اصلا او انه كان ضيفا عليها عند فتحها (11) وكذلك (يسار) جد محمد ابن اسحاق اول كاتب للسيرة النبوية (12)  وكذلك الحسن البصري (13).

    ويذكر ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح نهج البلاغة: «لما فتح خالد بن الوليد عين التمر سأل عن الحرقة بنت النعمان بن المنذر فدل عليها فأتاها، وكانت عمياء فسألها عن حالها فقالت، لقد طلعت علينا الشمس ما شي‏ء يدب تحت الخورنق إلا تحت أيدينا، ثم غربت وقد رحمنا كل من يدور به، وما بيت دخلته حبرة إلا دخلته عبرة» (14).

    ولما فتح المسلمون العراق في عهد عمر بن الخطاب سنة 14 بقيادة سعد بن ابي وقاص الذي امر ابن عرفطة بفتح طسج النهرين ففتحه واتخذ كربلاء باديء ذي بدء مأوى لجيوش المسلمين ومركزا لقيادتهم. ثم بعد ذلك رحوا عنها الى الكوفة. لوخامتها ورداءة مناخها وقتئذ. فاستبدل الاسم اسم الاستانة الى – كور- وعرف هذا الطسج السادس – بكور بابل- واقد اخطأ بعض المؤرخين بتسميتها – بكور بابل- والصحيح كما مر اسمها –كربلاء- وقسم الاسلام ايضا. طسج النهرين. الى عدة قرى. فسميت كل قرية باسمها الخاص منها نينوى (15).

    امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) وسلمان المحمدي يمران بكربلاء

    القنطرة البيضاء 

    سبق للإمام علي بن أبي طالب (ع) خلال سفره إلى حرب صفين أن شاهده أنصاره يقف متأملا ما في الأرض من اطلال وآثار، فسئل عن السبب فقال: إن لهذه الأرض شأنا عظيما فها هنا محط ركابهم وها هنا مهراق دمائهم، فسئل في ذلك فقال: «ثقل لآل محمد ينزلون هنا»(16).

    وورد في الخبر عن المسيب بن نجبة الفزاري، قال: خرجت استقبل سلمان الفارسي حين اقبل من المدينة الى المدائن. فلما وصل الى كربلاء تغير حاله وبكى، وقال: هذه مصارع اخواني.. (17)

    وهناك العديد من الروايات التي تصف مرور الامام امير المؤمنين (عليه السلام) بكربلاء اثناء توجهه الى حرب صفين.

    وشيد مزار (مقام) في المنطقة لما يعتقد انه المكان الذي صلى به الامام امير المؤمنين (عليه السلام) وعند حفر نهر السليماني (الحسينية) مر النهر بجانب المقام فتم بناء قنطرة هناك معروفة الان بـ(القنطرة البيضاء) او (قنطرة الامام علي) وتعتبر الان من المعالم التاريخية الجميلة على نهر الحسينية ويتبرك بها الناس.

    تابع ايضا

    حصن الاخيضر

    عين التمر

    القنطرة البيضاء

    الهوامش

    • محمد صادق الكرباسي/ دائرة المعارف الحسينية/ السيرة الحسينية /ج1 – ص: 244.
    • موسوعة كربلاء / د. لبيب بيضون/ ج1-ص 217 نقلا عن بحار الانوار للمجلسي (ج45 ص89 ط3).
    • تراث كربلاء/ سلمان هادي ال طعمة/ ص 121 عن معجم البلدان/ياقوت الحموي- المجلد الثاني ص 106 مادة دومة الجندل.
    • تراث كربلاء/ سلمان هادي ال طعمة/ ص 122 عن الاخيضر/الاثار القديمة في العراق – ص35.
    • تراث كربلاء/ سلمان هادي ال طعمة/ ص 123 عن قصر الاخيضر في التاريخ/الاستاذ توفيق الفكيكي (ملحق العدد 132-10 الاخبار 19 تشرين الثاني 1938/26 رمضان 1357هـ ص 15-17.
    • تراث كربلاء/ سلمان هادي ال طعمة/ ص 122.
    • وهو خندق سابور المعروف عندنا اليوم كري سعده موقعه بين النجف وكربلاء.
    • الحسين في طريقه الى الشهادة / الخطيب علي بن الحسين الهاشمي / ص 141.
    • تاريخ الطبري ج2/ص322.
    • البداية والنهاية / ابن كثير / وقعة عين التمر.
    • تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ج53 ص 179.
    • سير اعلام النبلاء/ الذهبي – الطبقة السادسة عشرة/ محمد بن اسحاق.
    • تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر/ج2 ص87.
    • شرح نهج البلاغة – ابن أبي الحديد – ج ١٨ – الصفحة ٣٦٥.
    • الحسين في طريقه الى الشهادة / الخطيب علي بن الحسين الهاشمي / ص 132.
    • كربلاء الحضارة والتاريخ/ رؤوف محمدعلي الانصاري / ص 49
    • موسوعة كربلاء/ د. لبيب بيضون / ج1 ص 226
  • تاريخ عين التمر

    شثاثا

    شثاثا : قرية من قرى عين التمر مشهورة واسمها يدل على اصل كلمة آرامية على وزن الأسماء الآرامية في المدن والقرى ويتكون اسمها من مقطعين ( شفا ) وتعني الرائق الصافي ، والثاني (شبوثو) أي الردئ… وأرادوا بها الهواء الردئ والعيون الرائقة .

    وبقيت شثاثا : بعيدة عن التحري الأثري وأقلام المؤرخين ، لكونها قرية صغيرة … ذكرها بنيامين في رحلته (ص 145) بان فيها قبورا يعود تاريخها إلى ما قبل الميلاد ، وكانت جزءا من مملكة الحيرة وابرز من سكنها في القرن السادس الميلادي شمعون بن جابر الذي نصر النعمان الرابع سنة 594م .

    تقع شفاثا : في نقطة التقاء الطرق التجارية في البادية تتوافر فيها الثروة المائية الجوفية مما جعلها مركزا مهما، ورد اسمها باوجه متعددة ومتباينة في اللفظ والكتابة ..فورد اسم شفاثا وشفاثي وشثاثا وشثاثه، وبقيت تحمل هذه الألفاظ حتى تغير اسمها فسميت عين التمر رسميا تخليدا لمدينة عين التمر التاريخية المندرسة. ) استطلاعات أثرية في محافظة كربلاء / د .هاشم عبد الستار حلمي / عن مقال نشره في مجلة كربلاء )

    عين التمر كما وردت في بعض المصادر التاريخية

    في الطبري : ( نجران الكوفة ناحية عين التمر ) . ونجران الكوفة ، على يومين منها ، فيما بينها وبين واسط ( على الطريق ، سكنه أهل نجران لما أجلاهم عمر ، فسموا الموضع باسمهم . وعين التمر : بلدة في طرف البادية على غربي الفرات ، أكثر نخلها القسب ، ويحمل إلى سائر الاماكن . ( مراصد الاطلاع ) . شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 4 ص 250 .

    في معجم البلدان : وقال في باب الباء بعدها الهاء بهقباذ – بالكثر ثم السكون وضم القاف وباء موحدة وألف وذال معجمة – :اسم لثلاث كور ببغداد ، من اعمال سقي الفرات منسوبة إلى قباذ بن فيروز والد انو شروان بن قباذ العادل منها ( بهقباذ الاعلى ) سقيه من الفرات ، وهو ستة طساسيج : ( طسوج خطر نيه ) و ( طسوج النهرين ) و ( طسوج عين التمر ) و ( الفلوجتان ) العليا والسفلى ، و ( طسوج بابل ) . . . الخ

    وقريب منه في البحار : ج 8 ص 628 نقلا عن ابن ادريس رحمه الله عن كتاب الممالك والمسالك لعبد الله بن خرداد به . والطسوج – على زنة السفود وللتنور – : الناحية .معجم البلدان : ج ج 2 ص 315 نهج السعادة للشيخ المحمودي ج 5ص25 .

    غارة النعمان بن بشير الأنصاري على عين التمر

    و من خطبة للإمام علي عليه السلام خطبها عند علمه بغزوة النعمان بن بشير الأنصاري صاحب معاوية لعين التمر، و فيها يبدي عذره، و يستنهض الناس لنصرته :

    منِيتُ بِمَنْ لَا يُطِيعُ إِذَا أَمَرْتُ وَ لَا يُجِيبُ إِذَا دَعَوْتُ لَا أَبَا لَكُمْ مَا تَنْتَظِرُونَ بِنَصْرِكُمْ رَبَّكُمْ أَمَا دِينٌ يَجْمَعُكُمْ وَ لَا حَمِيَّةَ تُحْمِشُكُمْ أَقُومُ فِيكُمْ مُسْتَصْرِخاً وَ أُنَادِيكُمْ مُتَغَوِّثاً . . . الى آخر الخطبة (نهج ‏البلاغة ص82خ39 ) .

    ذكر صاحب الغارات : إن النعمان بن بشير قدم هو و أبو هريرة على علي عليه السلام من عند معاوية بعد أبي مسلم الخولاني يسألانه أن يدفع قتلة عثمان إلى معاوية ليقيدهم بعثمان لعل الحرب أن تطفأ و يصطلح الناس .و إنما أراد معاوية أن يرجع مثل النعمان و أبي هريرة من عند علي إلى الناس ، وهم لمعاوية عاذرون و لعلي لائمون ، و قد علم معاوية أن عليا لا يدفع قتلة عثمان إليه ، فأراد أن يكون هذان يشهدان له عند أهل الشام بذلك و أن يظهر عذره فقال لهما : ائتيا عليا فانشداه الله و سلاه بالله لما دفع إلينا قتلة عثمان ، فإنه قد آواهم و منعهم ، ثم لا حرب بيننا و بينه ، فإن أبى فكونوا شهداء الله عليه

    و أقبلا على الناس : فأعلماهم ذلك ، فأتيا إلى علي فدخلا عليه ، فقال له أبو هريرة : يا أبا حسن إن الله قد جعل لك في الإسلام فضلا و شرفا ، أنت ابن عم محمد رسول الله و قد بعثنا إليك ابن عمك معاوية، يسألك أمرا تسكن به هذه الحرب ، و يصلح الله تعالى ذات البين ، أن تدفع إليه قتلة عثمان ابن عمه فيقتلهم به ، و يجمع الله تعالى أمرك و أمره ، و يصلح بينكم ، و تسلم هذه الأمة من الفتنة و الفرقة . ثم تكلم النعمان بنحو من ذلك .فقال لهما : دعا الكلام في هذا ، حدثني عنك يا نعمان ، أنت أهدى قومك سبيلا يعني الأنصار ، قال : لا .قال عليه السلام : فكل قومك قد اتبعني إلا شذاذا منهم ثلاثة أو أربعة ، أفتكون أنت من الشذاذ ؟ فقال النعمان : أصلحك الله إنما جئت لأكون معك و ألزمك ، و قد كان معاوية سألني أن أؤدي هذا الكلام ، و رجوت أن يكون لي موقف اجتمع فيه معك ، و طمعت أن يجري الله تعالى بينكما صلحا ، فإذا كان غير ذلك رأيك ، فأنا ملازمك و كائن معك .فأما أبو هريرة : فلحق بالشام ، و أقام النعمان عند علي عليه السلام ، فأخبر أبو هريرة معاوية بالخبر، فأمره أن يعلم الناس ففعل . و أقام النعمان بعده شهرا : ثم خرج فارا من علي حتى إذا مر بعين التمر .أخذه : مالك بن كعب الأرحبي ، و كان عامل علي عليه السلام عليها ، فأراد حبسه . و قال له : ما مر بك بيننا ، قال : إنما أنا رسول بلغت رسالة صاحبي ، ثم انصرفت ، فحبسه ، و قال : كما أنت حتى أكتب إلى علي فيك ، فناشده و عظم عليه أن يكتب إلى علي فيه ، فأرسل النعمان إلى قرظة بن كعب الأنصاري ، و هو كاتب عين التمر يجبي خراجها لعلي عليه السلام فجاءه مسرعا .فقال لمالك بن كعب : خل سبيل ابن عمي يرحمك الله . فقال : يا قرظة اتق الله ، و لا تتكلم في هذا ، فإنه لو كان من عباد الأنصار و نساكهم لم يهرب من أمير المؤمنين إلى أمير المنافقين . فلم يزل به : يقسم عليه حتى خلى سبيله ، و قال له : يا هذا لك الأمان اليوم و الليلة و غدا ، و الله إن أدركتك بعدها لأضربن عنقك ، فخرج مسرعا لا يلوي على شي‏ء ، و ذهبت به راحلته ، فلم يدر أين يتسكع من الأرض ثلاثة أيام ، لا يعلم أين هو ، فكان النعمان يحدث بعد ذلك ، يقول : و الله ما علمت أين أنا حتى سمعت قول قائلة تقول ، و هي تطحن :

    شربت مع الجوزاء كأسا روية   و أخرى مع الشعرى إذا ما استقلت
    معتقة كانت قريش تصونها   فلما استحلوا قتل عثمان حلت‏

    فعلمت : أني عند حي من أصحاب معاوية ، و إذا الماء لبني القين ، فعلمت أني قد انتهيت إلى الماء .ثم قدم على معاوية : فخبره بما لقي ، و لم يزل معه مصاحبا لم يجاهد عليا ، و يتتبع قتلة عثمان حتى غزا الضحاك بن قيس أرض العراق ، ثم انصرف إلى معاوية .

    و قد كان معاوية قال : قبل ذلك بشهرين أو ثلاثة ، أ ما من رجل أبعث به بجريدة خيل ، حتى يغير على شاطئ الفرات ، فإن الله يرعب بها أهل العراق .

    فقال له النعمان : فابعثني فإن لي في قتالهم نية و هوى ، و كان النعمان عثمانيا ، قال : فانتدب على اسم الله ، فانتدب ، و ندب معه ألفي رجل ، و أوصاه أن يتجنب المدن و الجماعات ، و ألا يغير إلا على مصلحة ، و أن يعجل الرجوع .فأقبل النعمان بن بشير : حتى دنا من عين التمر و بها مالك بن كعب الأرحبي ، الذي جرى له معه ما جرى ، و مع مالك ألف رجل ، و قد أذن لهم فرجعوا إلى الكوفة ، فلم يبق معه إلا مائة أو نحوها .فكتب مالك إلى علي عليه السلام :

    أما بعد فإن النعمان بن بشير قد نزل بي في جمع كثيف ، فرأيك سددك الله تعالى و ثبتك و السلام .

    فوصل الكتاب إلى علي عليه السلام : فصعد المنبر : فحمد الله و أثنى عليه ، ثم قال‏ :

    اخرجوا : هداكم الله إلى مالك بن كعب أخيكم ، فإن النعمان بن بشير قد نزل به في جمع من أهل الشام ليس بالكثير ، فانهضوا إلى إخوانكم لعل الله يقطع بكم من الكافرين طرفا ثم نزل . فلم يخرجوا .فأرسل : إلى وجوههم و كبرائهم ، فأمرهم ، أن ينهضوا و يحثوا الناس على المسير فلم يصنعوا شيئا ، و اجتمع منهم نفر يسير نحو ثلاثمائة فارس أو دونها .فقام عليه السلام فقال :

    :ألا إني منيت بمن لا يطيع . . . الخطبة اعلاه .

    ثم نزل ، فدخل منزله .فقام عدي بن حاتم فقال : هذا و الله الخذلان ، على هذا بايعنا أمير المؤمنين ، ثم دخل إليه فقال :

    يا أمير المؤمنين : إن معي من طيئ ألف رجل لا يعصونني ، فإن شئت أن أسير بهم سرت .قال عليه السلام :

    ما كنت لأعرض قبيلة واحدة من قبائل العرب للناس ، و لكن اخرج إلى النخيلة فعسكر بهم ، و فرض علي عليه السلام لكل رجل سبعمائة ، فاجتمع إليه ألف فارس عدا طيئا أصحاب عدي بن حاتم .و ورد على علي عليه السلام الخبر بهزيمة النعمان بن بشير ، و نصرة مالك بن كعب ، فقرأ الكتاب على أهل الكوفة ، و حمد الله و أثنى عليه ، ثم نظر إليهم ، و قال عليه السلام :

    هذا بحمد الله و ذم أكثركم .

    فأما خبر مالك بن كعب مع النعمان بن بشير :قال عبد الله بن حوزة الأزدي قال : كنت مع مالك بن كعب حين نزل بنا النعمان بن بشير و هو في ألفين ، و ما نحن إلا مائة ، فقال لنا : قاتلوهم في القرية ، و اجعلوا الجدر في ظهوركم ، و لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ، و اعلموا أن الله تعالى ينصر العشرة على المائة ، و المائة على الألف ، و القليل على الكثير .

    ثم قال رحمه الله : إن أقرب من هاهنا إلينا ، من شيعة أمير المؤمنين و أنصاره و عماله : قرظة بن كعب‏ ، و مخنف بن سليم ، فاركض إليهما فأعلمهما حالنا ، و قل لهما فلينصرانا ما استطاعا ، فأقبلت أركض ، و قد تركته ، و أصحابه يرمون أصحاب ابن بشير بالنبل ، فمررت بقرظة فاستصرخته .

    فقال : إنما أنا صاحب خراج ، و ليس عندي من أعينه به ، فمضيت إلى مخنف بن سليم فأخبرته الخبر ، فسرح معي عبد الرحمن بن مخنف في خمسين رجلا ، و قاتل مالك بن كعب النعمان و أصحابه إلى العصر ، فأتيناه و قد كسر هو و أصحابه جفون سيوفهم ، و استقبلوا الموت ، فلو أبطأنا عنهم هلكوا ، فما هو إلا أن رآنا أهل الشام و قد أقبلنا عليهم ، فأخذوا ينكصون عنهم و يرتفعون .و رآنا مالك و أصحابه : فشدوا عليهم حتى دفعوهم عن القرية ، فاستعرضناهم فصرعنا منهم رجالا ثلاثة ، و ارتفع القوم عنا ، و ظنوا أن وراءنا مددا ، و لو ظنوا أنه ليس غيرنا لأقبلوا علينا و لأهلكونا ، و حال الليل بيننا و بينهم ، فانصرفوا إلى أرضهم .

    و كتب مالك بن كعب إلى علي عليه السلام :

    أما بعد : فإنه نزل بنا النعمان بن بشير في جمع من أهل الشام كالظاهر علينا ، و كان عظم أصحابي متفرقين ، و كنا للذي كان منهم آمنين ، فخرجنا إليهم رجالا مصلتين فقاتلناهم حتى المساء ، و استصرخنا مخنف بن سليم فبعث إلينا رجالا من شيعة أمير المؤمنين و ولده ، فنعم الفتى ، و نعم الأنصار كانوا ، فحملنا على عدونا ، و شددنا عليهم فأنزل الله علينا نصره ، و هزم عدوه ، و أعز جنده ، و الحمد لله رب العالمين ، و السلام على أمير المؤمنين و رحمة الله و بركاته .

    ( شرح ‏نهج‏ البلاغة ج 2 ص 300 ح 39 . الغارات ج 2 ص 307 وعنهما في بحار الأنوار ج 34 ص 32 )

    خبر أبو مسلم الخابور

    و منها أن عبد الحميد بن أبي العلاء الأزدي : روى عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إن جبير الخابور ، كان صاحب بيت مال معاوية و كانت له أم عجوز بالكوفة كبيرة ، فقال لمعاوية : إن لي أما بالكوفة عجوزا اشتقت إليها ، فأذن لي حتى آتيها فأقضي من حقها ما يجب علي .

    فقال معاوية : ما تصنع بالكوفة ، فإن فيها رجلا ساحرا كاهنا ، يقال له علي بن أبي طالب ، و ما آمن أن يفتنك .

    فقال جبير : ما لي و لعلي ، إنما آتي أمي فأزورها و أقضي حقها ، فأذن له .فقدم جبير : إلى عين التمر و معه مال ، فدفن بعضه في عين التمر ، و قد كان لعلي مناظر ، فأخذوا جبيرا بظاهر الكوفة و أتوا به عليا ، فلما نظر إليه .قال له عليه السلام :

    يا جبير الخابور ، أما إنك كنز من كنوز الله ، زعم لك معاوية أني كاهن ساحر.

    قال : إي و الله قال ذلك معاوية .

    ثم قال : و معك مال قد دفنت بعضه في عين التمر .

    قال : صدقت يا أمير المؤمنين لقد كان ذلك ؟

    قال علي عليه السلام : يا حسن ضمه إليك ، فأنزله و أحسن إليه ، فلما كان من الغد دعاه ، ثم قال لأصحابه : إن هذا يكون في جبل الأهواز في أربعة آلاف مدججين في السلاح ، فيكونون معه حتى يقوم قائمنا أهل البيت فيقاتل معه .

    (الخرائج ‏والجرائح ج 1 ص 185 ب 2 في معجزات أمير المؤمنين عليه السلام )

    الكتابة والكتاب في عين التمر

    ذكر في كتاب مكاتيب الرسول :

    لفت نظر : أطال الدكتور جواد علي في كتابه « المفصل في تأريخ العرب قبل الإسلام » الكلام حول « الأمي والأميين » ونقل كلام المؤرخين ، وأصر في أن المراد من الأمي والأميين هو من لا كتاب لهم مثل الوثنيين والمجوس في مقابل أهل الكتاب ، وهم اليهود والنصارى قال : « وأنا لا أريد أن أثبت هنا أن العرب كانت أمة قارئة كاتبة جميعها يقرأ ويكتب ، وانها كانت ذات مدارس منتشرة . . . الخ » .

    وجاء بشواهد لذلك من أن الأحناف كانوا يكتبون ويقرأون ، وبعضهم يكتب بالأقلام العجمية مثل ورقة بن نوفل وأنه كان في الحيرة معلمون يعلمون الأطفال القراءة والكتابة وأن لقيط بن يعمر الأيادي الشاعر كتب صحيفة إلى قوم أياد وأن جفينة العبادي وهو من نصارى الحيرة كان كاتبا قدم المدينة في عهد عمر وصار يعلم الكتابة فيها وأن خالد بن الوليد حينما نزل الأنبار رآهم يكتبون بالعربية ويتعلمونها فسألهم : ما أنتم ؟ قالوا : قوم من العرب .وأن خالد بن الوليد وجد أهل النقيرة يعلمون أولادهم الكتاب في كنيستها وهي قرية من قرى عين التمر . .ولما فتح خالد حصن عين التمر وغنم ما فيه وجد في بيعتهم أربعين غلاما يتعلمون الإنجيل عليهم باب مغلق فكسره عنهم ثم أخرجهم فقسمهم في أهل البلاد .

    (مكاتيب الرسول للأحمدي الميانجي ج 1 ص 98 )

    عين التمر في إدعاءات الكفار على النبي (ص)

    ذكر الطبرسي في معرض كلامه حول المزاعم التي اثيرت حول ان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) تعلم قصص القرآن من غيره:

    وقال عبد الله بن مسلم : كان غلامان في الجاهلية نصرانيان ، من أهل عين التمر ، اسم أحدهما يسار ، واسم الآخر خير ، كانا صيقلين يقرآن كتابا لهما بلسانهم ، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ربما مر بهما واستمع لقراءتهما ، فقالوا : إنما يتعلم منهما . ثم ألزمهم الله تعالى الحجة ، وأكذبهم ، بأن قال : « لسان الذي يلحدون إليه أعجمي » أي : لغة الذي يضيفون إليه التعليم ، ويميلون إليه القول ، أعجمية ، ولم يقل عجمي ، لأن العجمي : هو المنسوب إلى العجم ، وإن كان فصيحا . والأعجمي : هو الذي لا يفصح .

    وقال عبيد الله بن مسلم : كان غلامان في الجاهلية نصرانيان من أهل عين التمر ، اسم احدهما يسار واسم الآخر خير كانا صيقلين يقرآن كتابا لهما بلسانهم ، وكان رسول الله صلى الله عليه واله ربما مر بهما واستمع لقرائتهما ، فقالوا : انما يتعلم منهما . ( تفسير مجاهد لمجاهد بن جبر ج 1ص352 ) .

    عن حصين بن عبد الرحمن عن عبيد بن مسلم بن الحضرمي قال [ كان ] لنا غلامان نصرانيان من أهل عين التمر يسمى أحدهما بسار والآخر خبر وكانا صقيلين وكانا يقرآن كتابهما فربما مر رسول الله فقام عليهما فقال المشركون إنما يتعلم محمد منهما فأنزل الله: « ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر . . » يعنون بسارا وخبرا يقول لسان الذي يلحدون إليه أعجمي يعني بسارا وخبرا ثم قال وهذا لسان عربي مبين .( أسباب نزول الآيات للواحدي النيسابوري ص 190 ) .

    وأخرج آدم بن أبي إياس وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن عبد الله بن مسلم الحضرمي قال كان لنا عبدان من أهل عين التمر يقال لأحدهما يسار والآخر جبر وكانا يصنعان السيوف بمكة وكانا يقرآن الإنجيل فربما مر بهما النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهما يقرآن فيقف ويستمع فقال المشركون إنما يتعلم منهما فنزلت هذه الآية من سورة النحل الآية ( 111/ 106 ) ( فتح القدير للشوكاني ج 3 ص 196 ) .

    ( تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي ج 6 ص 199 )

    فتح عين التمر ودخولهم الإسلام

    ورد كتاب أبي بكر على خالد مع عبد الرحمن جميل الجمحي ، يأمره بالشخوص إلى الشام ليمد أبا عبيدة بن الجراح بمن معه من المسلمين ، فمضى ، وخلف بالحيرة عمرو بن حزم الأنصاري مع المثنى ، وسار على الأنبار ، وانحط على عين التمر ، وكان بها مسلحة لأهل فارس ، فرمى رجل منهم عمرو بن زياد بن حذيفة بن هشام بن المغيرة بنشابة ، فقتله ، ودفن هناك . وحاصر خالد أهل عين التمر حتى استنزلهم بغير أمان ، فضرب أعناقهم ، وسبى ذراريهم ، ومن ذلك السبي أبو محمد بن سيرين وحمران بن أبان مولى عثمان بن عفان ، وقتل فيها خالد خفيرا كان بها من العرب يسمى هلال بن عقبة ، وصلبه ، وكان من النمر بن قاسط ، ومر بحي من بني تغلب والنمر ، فأغار عليهم ، فقتل وغنم حتى انتهى إلى الشام . . .

    وقال بن حبان: كتب أبو بكر إلى خالد بن الوليد وهو يأمره أن يمد أهل الشام فيمن معه من أهل القوة ويستخلف على ضعفة الناس رجلا منهم فلما أتاه كتاب أبى بكر قال خالد هذا عمل الاعيسر بن أم شملة يعنى عمر بن الخطاب حسدني أن يكون فتح العراق على يدي فسار خالد بأهل القوة من الناس ورد الضعفاء والنساء إلى المدينة وأمر عليهم عمير بن سعد الانصاري واستخلف على من أسلم بالعراق من ربيعة وغيرهم المثنى بن حارثة الشيباني فلما بلغ خالد بمن معه عين التمر أغار على أهلها فأصاب منهم ورابط حصنا بها فيه مقاتلة لكسرى حتى استنزلهم وضرب أعناقهم وسبى منهم سبايا كثيرة وكان من تلك السبايا أبو عمرة والد عبد الاعلى بن أبى عمرة ويسار جد محمد بن إسحاق وحمران بن أبان مولى عثمان وأبو عبيد مولى المعلى وخير مولى أبى داود الانصاري وأبو عبد الله مولى زهرة فأراد خالد المسير والتمس دليلا فدل على رافع بن عميرة الطائي .

    ( الثقات لابن حبان ج 2 ص 184 )

    شخصيات ارتبطت بعين التمر :

    الحرقة بنت النعمان بن المنذر

    ما ان فتح خالد بن الوليد عين التمر : سأل عن الحرقة بنت النعمان بن المنذر فدل عليها فأتاها : و كانت عمياء فسألها عن حالها فقالت لقد طلعت علينا الشمس ما شي‏ء يدب تحت الخورنق إلا تحت أيدينا ، ثم غربت و قد رحمنا كل من يدور به ، و ما بيت دخلته حبرة إلا دخلته عبرة ، ثم قالت : و بينا نسوس الناس و الأمر أمرنا إذا نحن فيه سوقة نتنصف

    فأف لدنــيا لا يــدوم نعيمـها   تقلب تارات بنا و تصرف

    ( شرح‏ نهج ‏البلاغة ج 11 ص 171 )

    أفلح مولى أبي أيوب الانصاري

    ويكنى أبا كثير أخبرنا يزيد بن هارون قال أخبرنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين أن أبا أيوب كاتب أفلح على أربعين ألفا .

    فجعل الناس يهنئونه : ويقولون ليهنئك العتق أبا كثير ، فلما رجع أبو أيوب إلى أهله ندم على مكاتبته ، فأرسل إليه فقال إني أحب أن ترد إلي الكتاب وأن ترجع كما كنت فقال له ولده وأهله أترجع رقيقا وقد أعتقك الله فقال أفلح والله لا يسألني شيئا إلا أعطيته إياه فجاءه بمكاتبته فكسرها ثم مكث ما شاء الله .

    ثم أرسل إليه أبو أيوب فقال : أنت حر وما كان لك من مال فهو لك .

    قال محمد بن عمر وكان : أفلح من سبي عين التمر الذين سبى خالد بن الوليد في خلافة أبي بكر الصديق وبعث بهم إلى المدينة وقد سمعت من يذكر أن أفلح كان يكنى أبا عبد الرحمن وسمع من عمر وله دار بالمدينة ، وقتل يوم الحرة في ذي الحجة سن ثلاث وستين في خلافة يزيد بن معاوية وكان ثقة قليل الحديث .

    ( الطبقات الكبرى لمحمد بن سعد ج 5 ص 86 )

    عبيد مولى عبيد بن المعلى :

    أخي أبي سعيد بن معلى الزرقي ويكنى عبيد أبا عبد الله ، وهو من سبي عين التمر الذين سبى خالد بن الوليد في خلافة أبي بكر الصديق وبعث بهم إلى المدينة ، يقولون عبيد بن مرة وهو جد نفيس بن محمد بن زيد بن عبيد التاجر صاحب قصر نفيس الذي بناجيه حرة ، واقم ومات عبيد مولى عبيد بن المعلى ليالي الحرة في ذي الحجة سنة ثلاث وستين وكان ثقة قليل الحديث .

    ( الطبقات الكبرى لمحمد بن سعد ج 5 ص 86 )

    بشير بن سعد

    أخبرنا محمد بن عمر قال حدثني معاذ بن محمد الانصاري عن عاصم ابن عمر بن قتادة قال لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمرة القضية في ذي القعدة سنة سبع من الهجرة قدم السلاح واستعمل عليه بشير بن سعد وشهد بشير عين التمر مع خالد بن الوليد وقتل يومئذ شهيدا وذلك في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه وأخوه سماك بن سعد .

    ( الطبقات الكبرى لمحمد بن سعد ج 3 ص 532 )

    عبيد بن حنين

    مولى آل زيد بن الخطاب ويكنى أبا عبد الله وهو عم أبي فليح بن سليمان بن أبي المغيرة بن حنين ويقال إنه من سبي عين التمر الذين بعث بهم خالد بن الوليد إلى المدينة في خلافة أبي بكر الصديق وروى عبيد بن حنين عن زيد بن ثابت وأبي هريرة وابن عباس وكان ثقة وليس بكثير الحديث .

    ( الطبقات الكبرى لمحمد بن سعد ج 5 ص 285 ) .

    سيرين

    قال أخبرنا بكار بن محمد بن عبدالله بن محمد بن سيرين قال :

    ولد لسيرين ثلاثة وعشرون ولدا من أمهات أولاد شتى قال محمد بن سعد سألت محمد بن عبدالله الانصاري من أين كان أصل محمد بن سيرين فقال من سبي عين التمر وكان مولى أنس بن مالك . . . الخ .

    (الطبقات الكبرى لمحمد بن سعدج7ص121 )

    حمران بن أبان مولى عثمان بن عفان

    وكان من سبي عين التمر الذين بعث بهم خالد بن الوليد إلى المدينة وقد كان انتمى ولده إلى النمر بن قاسط وقد روى حمران عن عثمان وغيره وكان سبب نزوله البصرة أنه أفشى على عثمان بعض سره فبلغ ذلك عثمان فقال لا تساكني في بلد فرحل عنه . . . الخ .

    ( الطبقات الكبرى لمحمد بن سعد ج7ص 148.الطبقات الكبرى لمحمد بن سعد ج7ص193 )

    محمد بن سيرين

    ويكنى أبا بكر مولى أنس بن مالك وكان ثقة مأمونا عاليا رفيعا فقيها إماما كثير العلم ورعا وكان به صمم قال سألت محمد بن عبد الله الانصاري من أين كان أصل محمد بن سيرين فقال من سبي عين التمر وكان مولى أنس بن مالك . . . الخ .

    ( معجم المطبوعات العربية لليان سركيس ج 1 ص 323 )

    أبو العتاهية

    أبو إسحق اسماعيل بن القاسم بن سويد بن كيسان العنزي بالولآء العيني المعروف بابي العتاهية ولد ببلدة تسمى عين التمر بالحجاز قرب المدينة المنورة ونشأ بالكوفة وسكن بغداد وكان في أول أمره يبيع الجرار . ثم قال الشعر فبرع فيه وأكثر شعره في الزهد والامثال . . . الخ .

    ( ديوان ابي العتاهية ) للاب لويس شيخو مط اليسوعيين 7 / 1886 ص 387 )

    أحد زوجات الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام من عين التمر

    في الطبقات الكبرى لابن سعد ج 3 ص 19 وفي معرض حديثه عن زوجات واولاد الامام علي (ع) :

    . . . وعمر الاكبر بن علي ورقية بنت علي وأمهما الصهباء وهي أم حبيب بنت ربيعة بن بجير بن العبد بن علقمة بن الحارث بن عتبة بن سعد بن زهير بن جشم بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب بن وائل وكانت سبية أصابها خالد بن الوليد حين أغار على بني تغلب بناحية عين التمر . . الخ .

    وفي الطبقات ايضا ج 5 ص 117 رقم 117 : . . .عمر الاكبر بن علي بن أبي طالب : بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي وأمه الصهباء وهي أم حبيب بنت ربيعة بن بجير بن العبد بن علقمة بن الحارث بن عتبة بن سعد بن زهير بن جشم بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب بن وائل وكانت سبية أصابها خالد بن الوليد حيث أغار على بني تغلب بناحية عين التمر . . .

    و قال أبو عبد الرحمان : ولد لعلي بن أبي طالب الحسن والحسين و . . . . . وعمر بن علي ورقية بنت علي وهما توأم ، و أمهما الصهباء : وهي أم حبيب بنت ربيعة بن بجير بن العبد بن علقمة بن الحارث بن عتبة بن سعد بن زهير بن جشم بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن ثعلب بن وائل ، وكانت سبية أصابها خالد بن الوليد حين أغار على بني تغلب ب‍ « عين التمر » .

    ( مناقب أمير المؤمنين عليه السلام محمد بن سليمان الكوفي ج 2 ص 48 )

    الفصل الخامس : في ذكر عقب عمر الأطرف بن أمير المؤمنين على بن أبى طالب عليه السلام :

    ويكنى أبا القاسم : قاله الموضح النسابة ، وقال ابن خداع : يكنى أبا حفص . وولد توأما لاخته رقية .وكان آخر من ولد من بنى على المذكور .وأمه الصهباء : الثعلبية ، وهى أم حبيب بنت عباد بن ربيعة بن يحيى بن العبد بن علقمة من سبى اليمامة ، وقيل من سبى خالد بن الوليد من عين التمر اشتراها أمير المؤمنين عليه السلام وكانت ذا لسان وفصاحة . . . . ( عمدة الطالب لابن عنبة ص 361 )

    طبيب الإمام علي عليه السلام : أثير بن عمرو بن هاني السكوني

    حدثني أحمد بن عيسى ، قال : حدثني الحسن بن نصر ، قال . حدثنا زيد بن المعدل ، عن يحيى بن شعيب ، عن أبي مخنف ، قال . حدثني عطية بن الحرث ، عن عمر بن تميم وعمرو بن أبي بكار :أن عليا عليه السلام : لما ضرب ، جمع له أطباء الكوفة .فلم يكن منهم أحد أعلم بجرحه من أثير بن عمرو بن هاني السكوني ، وكان متطببا صاحب كرسي يعالج الجراحات ، وكان من الأربعين غلاما الذين كان خالد بن الوليد أصابهم في عين التمر فسباهم .

    ( مقاتل الطالبيين لأبي الفرج الأصفهاني ص 23 )

    ضبة الأسدي :

    زعيم لعصابة من اللصوص وقطاع الطرق أيام ضعف الطائع لله العباسي ( 363 ـ 381 هـ ) سكن واحة عين التمر ، وهو الذي هجاه المتنبي فأرسل ضبة رجالاً من بني أسد فقتلوه وابنه وذلك في عام 354 هـ وفي عام 369 هـ أغار ضبة الأسدي على مدينة كربلاء وقتل أهلها ونهب أموالهم وسرق ما في خزانة الحرم المطهر من نفائس وذخائر وتحف وهدايا ، وهدم ما أمكنه هدمه وذلك بمؤازرة بعض العشائر ، ثم قفل عائداً إلى البادية فلما بلغ أمره إلى عضد الدولة أرسل في تلك السنة سرية إلى عين التمر وبها ضبة الأسدي فلم يشعر إلا والعساكر معه فترك أهله وماله ونجا بنفسه فريداً ، وأخذ ماله وأهله وملك عين التمر عقاباً لنهبه مرقد الإمام الحسين عليه السلام

    (دائرة المعارف الحسينية – تاريخ المراقد ج1 ص296 ، الكامل في التاريخ : 7/ 103 )

  • القرن الرابع عشر الهجري

    كربلاء في القرن الرابع عشر الهجري

    (1883 ـ 1980 ميلادي )

    وفي سنة 1307هـ (1890م) قام جون بيترز Gohn Peters رئيس بعثة بنسلفانيا للتنقيب عن الآثار القديمة ، في نفر (منطقة عفج) في العراق بزيارة كربلاء ، وكتب عنها قائلاً: (إنها تقع على حافة سهل رسوبي خصب يتصل بصحراء الجزيرة العربية. ويبلغ عدد نفوسها حوالي ستين ألف نسمة وأنها بلدة تبدو عليها مظاهر الأزدهار) . وقدر عدد سكان المدينة بحوالي (60) ألف نسمة ومع ان أسوارها مهدمة قديمة فان أبوابها كانت ولا تزال قائمة تجبى فيها المكوس ورسوم الدخولية أما القسم الجديد من هذه المدينة الذي أنشئ حديثاً خارج السور القديم فيتميز بشوارع واسعة وأرصفة منتظمة بحيث يبدو لها مظهر أوروبي.

    ـ ضم لواء كربلاء في بداية القرن العشرين ، أقضية النجف الذي تتبعه ناحية الكوفة ، والهندية الذي تتبعه ناحية الكفل ، والرزازة الذي ضم المنطقة الصحراوية ، أما نواحي المسيب وشفاثه فكانتا ترتبطان بمركز اللواء . وكان متصرف كربلاء عام 1898 عبد اللطيف باشا ، وفي عام 1906 عين رشيد باشا ابن محمد فيضي الزهاوي بمنصب وكيل المتصرف .

    1908 ساهمت كربلاء في النشاط السياسي الذي اعقب الثورة ضد السلطان عبد الحميد الثاني ، وانتخب نائب واحد كربلائي في دورة مجلس المبعوثان الاولى في عام 1908 هو الزعيم السياسي والشاعر الحاج عبد المهدي الحافظ ، ومثل كربلاء في دورة المجلس الثانية 1912 نائبان هما فؤاد الدفتري ونوري بك البغدادي رئيس تحرير القسم التركي في جريدة الزهور البغدادية .

    1909 عين جلال باشا متصرفاً في كربلاء وقد شرع بالقيام ببعض الاعمال الاصلاحية ومنها فتح سوق باب قبلة الحسين وتوسيع سوق بين الحرمين (سوق البزازين) .

    وفي سنة 1327هـ (1909م) زارت المس غيرترود بيل (Gertrude Bell) المستشرقة والرحالة البريطانية المشهورة التي عينت فيما بعد سكرتيرة لدار الأعتماد البريطاني في بغداد مدينة كربلاء حيث مكثت فيها أثني عشر يوماً. في عهد متصرفها جلال باشا وذكرت بأن أعماله الاصلاحية جوبهت بمقاومة غير يسيرة حينما عهد الى الاقتصاد بالنفقات وقطع الرواتب التي كانت تدفع الى الكثيرين من الناس على اختلاف طبقاتهم ، وبخاصة طبقة رجال الدين وكان هدفه في ذلك توفير الاموال اللازمة لتنفيذ بعض الاصلاحات والقيام ببعض الاعمال العمرانية .وتذكر بأن كربلاء بلدة عريقة في التقاليد الشرقية المتصلة بالأماكن المقدسة ، وقد نشأت حول جامع الحسين الذي يضم الضريح المطهر في داخله ، ولقد أصبحت المدينة بالنسبة للمسلمين مزاراً يزورونها بأستمرار.

    وفي سنة 1329هـ (1911م) زار عمانوئيل فتح الله عمانوئيل مدينة كربلاء وأبدى أعجابه بها ولا سيما (كربلاء الجديدة) وقال عنها بأن طرقها منارة كلها بواسطة القناديل والمصابيح ذات الزيت الحجري.

    وأورد عن كربلاء بأن ثروتها واسعة ، وتجارتها فائقة ، وزراعتها متقدمة وصناعتها رائجة شهيرة. وفي كربلاء مستشفى عسكري ودار حكومة (سراي) وثكنة للجند وصيدلية وحمامات كثيرة. ودار برق وبريد ، وبلدية ، وقيسريات عديدة ، وفيها قنصلية إنكليزية ، ويبلغ عدد سكان المدينة نحو 105 آلاف نسمة.

    1911 وصف تقرير سري عسكري بريطاني مدينة كربلاء بانها تحتوي على خمسة آلاف بيت واسع حسن البناء وليس لها أسوار ، لكنها تحاط بالجنائن والبساتين ، وتستمد ماؤها من جدول الحسينية ، ويبلغ عدد سكان كربلاء حوالي (60) ألف نسمة أكثريتها من العرب والسوق في كربلاء ممتليء بالحاجات والسلع وكثير الحركة لأن البلدة تعد مركزا لمنطقة زراعية مهمة . وقد أصبحت في الايام الاخيرة مركزاً لمتصرفية تتبع بغداد ، ويوجد فيها اليوم وكيل بريطاني يقوم بالاعمال القنصلية .

    في سنة 1914 دخلت الدولة العثمانية الحرب الى جانب المانيا فأرسل البريطانيون قوة عسكرية احتلت البصرة وبدأت تتقدم لأحتلال العراق فظهرت حركة واسعة في كربلاء للدعوة للجهاد ضد البريطانيين ، وساهم المجاهدون من كل انحاء العراق في موقعة الشعبية . وخلال الحرب فقدت الحكومة العثمانية قدرتها على ادارة الامور في كربلاء الامر الذي شجع القوى المحلية على التجرد وطرد ممثلي الحكومة العثمانية من المدينة وتولى شؤون المدينة من قبل شيوخها وعلى رأسهم آل كمونة في حزيران 1915 ، وقد أجرى الشيخ محمد علي كمونة اتصالاً مع البريطانيين الذين كانوا قد وصلوا الى الكوت ، واقترح على السير برسي كوكس التعهد بتنصيبه حاكماً وراثياً في ولاية مقدسة تمتد من سامراء الى النجف وتقول المس بيل ان كوكس ارسل الى محمد علي رداً ودياً ولكن لا لون مع هدية صغيرة ، لكن هزيمة البريطانيين في سلمان باك بدل الموقف السياسي

    وفي سنة 1333هـ (1915م) ثارت مدينة كربلاء بأهاليها وزائريها على الحكومة العثمانية وهدموا مراكزها فوقع بينهم قتال وأنتصر الأهالي في هذه المعركة ، وقد دمرت الكثير من البيوت وتصدع الكثير من المباني في المدينة بما فيها الروضتان .

    وفي نيسان 1916 سعى العثمانيون لأستعادة المدينة واتهموا فخر الدين كمونة بتحريض شيوخ «آل يسار» فأحاطوا بداره واعتقلوه ، فثارت البلدة وحدث صدام عنيف استخدم فيه الأتراك المدافع ضد المدينة وأنزلوا بعض الاضرار ، بالعتبات الا ان روح المقاومة ضد الاتراك استمرت في المدينة وتمكن أهاليها من طردهم في عام 1917 .

    أما التقسيم الإداري للواء كربلاء. فأنه مقسم إلى ثلاثة أقضية وهي : مركز قضاء كربلاء ومركز قضاء الهندية ومركز قضاء النجف ، وإلى سبع نواح وهي : ثلاث منها في مركز القضاء وأسماؤها: المسيب والرحالية وشثاثا وواحدة في الهندية وهي الكفل وثلاث في النجف وهي : الكوفة والرحبة والناجية.

    1917 احتل البريطانيون بغداد في 11 آذار 1917 وزار محمد علي كمونة السير برسي كوكس الذي كلفه الاستمرار في ادارة شؤون المدينة نيابة عن سلطات الاحتلال ومنحه من أجل هذه الخدمة بعض المخصصات المالية وقد حدث خلاف بين برسي كوكس ومحمد علي كمونه وأخيه واتهمهما بتهريب المواد الغذائية للقوات التركية فاعتقل فخري كمونة في 9 أيلول 1917 وأرسل الى الهند بصفة ضابط أسير من أسرى الحرب واعفي محمد علي كمونة من مهمته كوكيل عن الحكومة البريطانية وعين بدلا عنه معاون حاكم سياسي في كربلاء هو الكابتن بري bray (5/10/1917) وبقي في منصبه حتى (5/11/1918) الميجر بوفيل Bovill الذي استمر في منصبه حتى نقل الى الهندية (طويريج) في (17/9/1919) .

    1918 أصدرت الحكومة البريطانية أوامرها الى وكيل الحاكم الملكي البريطاني العام أرنولد ولسن في تشرين الثاني باجراء استفتاء للتعرف على آراء العراقيين في شكل الحكم الذي يريدونه والاجابة على الاسئلة الآتية :

    1 ـ هل يفضل العراقيون تأسيس دولة عربية واحدة تستهدي باشارات بريطانية وتمتد حدودها من حدود ولاية الموصل الشمالية الى الخليج ؟

    2 ـ وفي هذه الحالة ، هل يرون ان الدولة الجديدة يجب ان يكون على رأسها أمير عربي ؟

    3 ـ واذا كان الأمر كذلك ، فمن الذي يفضلون نصبه رئيساً للدولة ؟

    لكن رجال الاحتلال البريطاني في العراق ، وعلى رأسهم أرنولد ويلسون ، وكيل الحاكم الملكي العام ، كانوا غير ميالين الى تأسيس أي شكل من أشكال الحكم الوطني في العراق ، فبادروا الى اتخاذ التدابير اللازمة للحصول على نتائج استفتائية تتفق وما يرتأون بالتأثير على الناس في كل منطقة من مناطق العراق عن طريق الحكام السياسيين البريطانيين الذين كانوا يعملون فيها ، وبتزييف آراء الشعب وتحريفها .

    ولما كانت العتبات المقدسة تعتبر ذات دور قيادي فعال في هذا الشأن للوعي المتوثب عند أبنائها فقد صدرت تعليمات خاصة باستحصال نتائج مرضية للأنكليز منها على الاخص ، لكن رجال الدين أصدروا فتاوى تجعل كل من يرغب في حكومة غير مسلمة من الناس مارقاً عن الدين ، وبتأثير هذه الفتوى تردد سكان المدينة في اعطاء أي رأي كان . الامر الذي أوقف سير الاستفتاء وأخذ الكربلائيون ينظمون مضابط تعبر عن حقيقة رأي الناس في حكم البلاد وتتفق مع مصلحتها ، ولما وجدت السلطات البريطانية فيها انها لم تكن قادرة على تنفيذ ما تريد في هذا الشأن القت القبض على ستة من الوجهاء وأبعدتهم ، وهم : عمر الحاج علوان ، وعبد الكريم العواد ، والسيد محمد علي الطباطبائي ومحمد علي أبو الحب ، والسيد محمد مهدي المولوي وطليفح الحسون ، وقد أدى اعتقال هؤلاء الى تعاظم الحركة الوطنية في المدينة وتوجيهها ضد السلطات الانكليزية المحتلة .

    وزارت الرحالة الإنكليزية مس ستيفنس كربلاء سنة 1337هـ (1919م) وأبدت إعجابها بأبنية هذه المدينة التي قالت عنها إنها تتميز بجمالها الرائع وألوانها وزخارفها ، وتحدثت عن أسواق كربلاء فذكرت سوقاً مسقفاً يبتاع منها الناس سلعهم وتكلمت عن أسواقها الشعبية فقالة : (إنها مليئة بالخضروات والفواكه وأنواع التمور إلى جانب اللوز والجوز) .

    وقالت عن مرقد الحسين (ع) : (إنه تعلوه قبة ذهبية وهو يُعد من أغنى وأقدس مراقد الشيعة في العالم وأهم مواسم زيارته هو في شهر محرم الحرام ) . وتكلمت عن مرقد العباس فقالة : (إنه يقوم تحت قبة مشيدة من القاشاني).

    وكانت كربلاء منطلقاً لثورة العشرين سنة 1338هـ (1920م) بقيادة المرجع الديني الكبير محمد تقي الشريرازي ( التفاصيل . . . )

    لم تجد سلطة الأحتلال بُداً تحت تأثير وضغط الجماهير المطالبين بأستقلال العراق من ترشيح الأمير فيصل بن الحسين شريف مكة المكرمة لعرش العراق. وقد حملته طرادة بريطانية إلى البصرة فوصل إليها في 23 حزيران 1921م ، ومنها تحرك بواسطة القطار فنزل مدينة الحلة ومنها ذهب إلى الكوفة والنجف. وفي صباح 27 حزيران 1921م توجه الأمير فيصل وحاشيته من مدينة النجف إلى كربلاء ولم يكن في أستقباله علماء الدين البارزون ، وقد قضى يوماً واحداً في كربلاء زار فيها مرقدي الإمام الحسين (ع) وأخيه العباس (ع) .

    وفي صباح 28 حزيران 1921م غادر كربلاء إلى بغداد وبعد ثلاثة أسابيع من وصوله نادى به مجلس وزراء الحكومة المؤقتة التي كانت برئاسة عبد الرحمن النقيب ملكاً على العراق بالإجماع.

    وفي 25 حزيران سنة 1922م صادق مجلس الوزراء برئاسة عبد المحسن السعدون على عقد أول معاهدة عراقية بريطانية. وما أن أعلنت على الناس حتى بادرت الحكومة إلى أنتخاب المجلس التأسيسي ، فصدرت الإرادة الملكية لهذا الغرض في 24 تشرين الأول من نفس السنة. لقد أتخذ رجال الدين والوطنيون موقفاً موحداً في معارضة تنفيذها ، وصدرت الفتاوى من قبل العلماء في كربلاء والنجف والكاظمية بتحريم الاشتراك في الأنتخابات.

    وفي عام 1922 عقد مؤتمر كربلاء ( التفاصيل . . . )

    وحينما حاولت الحكومة البدء بالأنتخابات من جديد في 12 تموز سنة 1923م لم تنجح أيضاً بسبب رفض الشيعة تشكيل اللجان الأنتخابية. ولذلك أستقالت وزارة عبد المحسن السعدون ، فالف الوزارة الجديدة جعفر العسكري في 22 تشرين الثاني سنة 1923م ، وكانت تضم بين وزرائها الثمانية وزيرين من كربلاء. 

    وفي السابع من أيلول سنة 1933م توفي الملك فيصل الأول في سويسرا حيث ذهب إليها لغرض العلاج. وفي اليوم التالي لوفاته توج أبنه الوحيد غازي ملكاً على العراق. وقد شهدت فترة حكمة 1933ـ 1939م أضطرابات وأنتفاضات عشائرية وأنقلابات عسكرية متعددة.

    وفي سنة 1936م قامت عشائر الفرات الأوسط بحركاتها ضد وزارة ياسين الهاشمي. وكان لكربلاء دور مهم في أجتماعات قادة الحركة ورؤساء العشائر. ونتيجة لتلك الأجتماعات خرج ميثاق أسموه (ميثاق الشعب) يدعو إلى المطالبة بحقوقهم ، وقد بارك هذا الميثاق الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء ووقع عليه عدد كبير من رؤساء عشائر الفرات الأوسط في الحلة وكربلاء والديوانية والناصرية.

    وعلى أثر هذه الحركات قام الجيش بأنقلاب عسكري بقيادة الفريق بكر صدقي في 29 تشرين الأول سنة 1936م لتغيير حكومة ياسين الهاشمي وقد وافق الأخير على تقديم أستقالته بعد ضغوط كثيرة من الأنقلابيين.

    وفي 3 نيسان سنة 1939م أعلن عن مصرع الملك غازي بحادث أصطدام سيارة كان يقودها بنفسه. وقد وقع الحادث في ظروف غامضة. وقد تقرر في نفس الليلة تنصيب أبن الملك غازي الوحيد فيصل الثاني ملكا على العراق ونصب خاله الأمير عبد الإله وصياً على العرش وذلك لصغر سن الملك.

    وفي هذه الفترة أخذ قادة الجيش يتدخلون في شؤون البلاد وسياسة الحكومة. وقد نجح رشيد عالي الگيلاني في كسب ودهم وقام بحركة عسكرية على حكومة نوري السعيد وشكل حكومة الإئتلاف الوطني في 31 آذار سنة 1941م . وفي هذا الوقت حدثت أزمة بين الحكومة الجديدة والحكومة البريطانية أدت إلى نشوب الحرب العراقية البريطانية ، وقد خرجت المظاهرات في كربلاء تؤيد هذه الحكومة وقيام الجيش العراقي بحركته الوطنية ضد مطامع الإنكليز.

    وفي وثبة كانون سنة 1948م كان لكربلاء دور في هذه الوثبة حيث قامت المظاهرات الطلابية مخترقة شوارع المدينة هاتفة بسقوط وزارة صالح جبر ومعاهدة بورتسموث. وأثناء تشييع جثمان جعفر الجواهري في كربلاء ، قامت الشرطة بأعتقال عدد كبير من أهالي المدينة.

    وأثناء أنتفاضة الشعب العراقي في تشرين سنة 1952م ضد حكومة نور الدين محمود العسكرية التي أعلنت الأحكام العرفية فور تسلمها الحكم كان لكربلاء دور أيضاً في هذه الأنتفاضة حيث خرجت المظاهرات في شوارع المدينة تأييداً لها ، ويفعل الضغط الكبير من أبناء الشعب قدمت حكومة نور الدين محمود أستقالتها وألغيت الأحكام العرفية.

    وعلى أثر الأعتداء الثلاثي على مصر سنة 1956م هبت جماهير الشعب العراقي لنجدة مصر وشعبها ، وكانت كربلاء في مقدمة تلك المدن التي ساهمت في هذا الشأن ، وقاومت السلطة الحاكمة آنذاك فقامت فيها مظاهرة كبير أشترك فيها أبناء المدينة بكافة فئاتهم وكانوا يهتفون بسقوط الحكومة العراقية والمطالبة بمساندة مصر ، مما أدى إلى أعتقال عدد كبير من أهالي المدينة.

    وأندلعت في 14 تموز سنة 1958م ثورة كانت نتيجة حتمية لنضال الشعب العراقي بكل فصائله السياسية والمهنية ضد السلطة الحاكمة آنذاك.

    وحظيت كربلاء بعناية الثورة فزارها رئيس الوزراء الزعيم عبد الكريم قاسم وعدد كبير من المسؤولين كما زارها رؤساء وملوك الدول الإسلامية وذلك لمنزلتها العظيمة في نفوس المسلمين.

    على أنه إلى جانب الاثار والنتائج الأيجابية والسلبية التي تمخضت عنها هذه الثورة فإن الدول الأستعمارية والمجاورة كانت تتوجس الخيفة من هذا الحكم ، لذلك أخذت تبذل قصارى جهودها للإطاحة به ، وفي الوقت نفسه لم يستطع عبد الكريم قاسم السيطرة التامة على الوضع الداخلي ، ولذلك اصبح الطريق ممهداً لحدوث الحركة الأنقلابية التي قام بها عدد من ضباط الجيش العراقي بدعم من حزب البعث ومساندة أمريكا ، وذلك في 8 شباط سنة 1963م ، حيث تسنم رئاسة الجمهورية عبد السلام محمد عارف وتولى أحمد حسن البكر منصب رئيس الوزراء وأعدم الزعيم عبد الكريم قاسم ورفاقه.

    وبعد بضعة أشهر قام عبد السلام محمد عارف بحركة أنقلابية أخرى في 18 تشرين الثاني 1963تخلص على أثرها من البعثيين ، وأستطاع أن يفرض هيمنته على السلطة بمساعدة عدد من كبار الضباط في غياب كامل المؤسسات الدستورية ، وبذلك ساد التوتر في العلاقات بين الطرفين ، حيث أخذ كل طرف يتحين الفرص للأيقاع بالطرف الأخر.

    وفي هذا الجو المشحون بالعداء ، سقطت الطائرة التي كان يستقلها عبد السلام محمد عارف الذي كان في زيارة إلى البصرة جنوب العراق في 14 نيسان 1966م وقتل في ظروف غامضة ، وخلفه أخوه عبد الرحمن عارف الذي عرف بضعفه فأتسم حكمه بالتسيب مما مهد للأنقلاب البعثي الثاني في 17 تموز 1968.

    وقام البعثوين خلال حكمهم بتسيير البلاد حسب أرائهم وعقيدتهم السياسية القائمة على التعصب الذي يحملهم على أتخاذ مواقف طائفية وعنصرية ، مما كان له أثره السيئ على كربلاء وباقي المدن الدينية الأخرى في العراق ، وفرضت القيود على حلقات الدراسة الشيعية والمسيرات الدينية.

    وفي 17 تموز 1979م أزاح صدام حسين احمد حسن البكر عن رئاسة الجمهورية وكان نائباً له وجلس مكانه. وأنتهج سياسة العنف وأستعمل القوة طوال سني حكمه الذي أستهله بإعدام الكثير من خيرة أبناء العراق وخاصة من ابناء مدينتي كربلاء والنجف.. وكان على رأسهم المرجع الديني السيد محمد باقر الصدر.

    ثم أصدر صدام حسين قراراً عنصرياً عام 1980م وذلك بتهجير حوالي نصف مليون مواطن عراقي من العوائل العربية والكردية إلى الجمهورية الإسلامية الأيرانية. وقسم منهم من مدينتي كربلاء والنجف اذ أن أصولهم إيرانية. لكن مشكلة المهجرين عرباً وأكراداً ، كونهم من المسلمين الشيعة ، وقد ترك هذا أعمق الأثر في التركيبة السكانية والحياة الأجتماعية والأقتصادية للمدن العراقية ومدينة كربلاء بوجه الخصوص .

    تابع ايضا : تاريخ الروضة الحسينيةوكذلك تاريخ الروضة العباسيةفي هذا القرن

  • القرن الثالث عشر الهجري

    كربلاء في القرن الثالث عشر الهجري

    (1785 ـ 1882 ميلادي )

    كان هذا القرن من مبتدئه الى منتهاه من أسوء القرون التي مرت بها المدينة المقدسة . كأنما القدر أبى أن تعيش ولو الى حين في طمأنينة وهدوء . فأنزل ضربته القاضية بما حل بها من محن واراقة دماء وخراب ونهب . وان كان ما حل بهذه المدينة المقدسة ـ في هذا القرن ـ لم يقتصر عليها وحدها ولم يختص بها بل عم جميع البلاد ، وشمل البلاء سائر العباد .

    ولسيادة الفوضى وكثرة القتل والنهب في البلاد ، اضطرب حبل الأمن وانقطعت طرق المواصلات بين البلاد . فألجأ هذا الحال الأمراء والولاة وبعض أهل الفضل الى أن يبذلو الاموال لتشييد المعاقل والخانات ، وتوظيف الخفراء فيها وذلك لتأمين المسافرين من الأخطار . وليأخذوا بها قسطا من الراحة أيضا وتلك المعاقل موجودة حتى اليوم ، بعضها عامر والبعض الآخر على شرف الاضمحلال لترك الناس لها عندما استتب الأمن نوعاً ما وكانت القوافل لا تسير أكثر من ساعتين أو ثلاث . ولذلك راعوا في بناء هذه المعاقل أن تكون المسافة قليلة بين معقل وآخر ، فاذا خرجت القوافل من كربلاء قاصدة بغداد أمت المعقل الاول الذي يسمي اليوم بـ ( خان العطيشي ) ، ثم الى معقل المسيب ثم معقل الاسكندرية ثم معقل المحمودية . وقد يمرون بثلاثة معاقل حتى يصلوا بغداد . ولم تكن المسافة بين معقل وآخر لتتجاوز الثلاث ساعات .

    وبلغ الحال بها من السوء درجة أن أصبحت القوافل مهددة في أقل من هذه المسافة . وأصبح الصعاليك يضربون الأتاوة على ما يتمكنون من استيفائه . اذ لم تكن هناك قوة حازمة لتردعهم . فهؤلاء الزكاريت وليسوا هم الا من صعاليك البدو كانوا يجبون بما في بساتين كربلاء من التمر . وقد وصل الأمر من السوء درجة انه اذا اعترض أحد الأهالي عليهم أو تكلم عنهم بسوء فسوف يصبح وهو لا يملك من نفسه ولا أرضه شيئاً . وربما أجبروا الأهلين الى تفويضهم حق امتلاك بساتينهم . فكم ترك الاهالي لهؤلاء الصعاليك من الأراضي والبساتين اذ لليوم تطلق أسمائهم على القطع التي اغتصبوها .

    فلا نستغرب اذن من أنهم قد ألقوا الذعر والفزع في نفوس أهل المدن الكبرى اذ أن لعصبياتهم وتحزبهم صار شرهم لا يطاق لنهب كل عشيرة ما يجاورها من النواحي والأقضية والمدن .

    ولربما اتفق هؤلاء جميعا وشاركهم من هم على شاكلتهم في حصارهم للمدن . وقد صادف في بعض السنين أن ورد من الايرانيين الى كربلا بقصد الزيارة ما ينوف عددهم على الاربعين ألف زائر ، وفيهم زوجة شاه ايران . فتحركت عليهم أطماع العرب . فاتفقت : خزاعة وزبيد وشمر وآل ضفير الى نهبهم . فقصدوا كربلاء وحاصرواها مدة من الزمن ولوجود زوجة الشاه بينهم . خاف سعيد باشا والي بغداد حينذاك من عواقب الأمور . فاهتم لذلك وبعث داود الذي صار واليا على بغداد بعد حين لما عرف فيه من الكفاية والبسالة والاقدام . اذ كان ذلك باديا على محياه من نعومة اظفاره فقام داود بالمهمة التي عهدت اليه . اذ جرد ما تمكن من تجريده من المتطوعة ونزل الحلة الى أن تمكن بعد جهد جهيد من ردع هؤلاء الأعراب وتفريق جمعهم . فسير مع الفرس من يخفرهم الى النجف ثم أعادوهم الى بغداد وأوصلوهم الى مأمنهم .

    وفي سنة 1216 هـ هجم الامير سعود الوهابي على كربلاء( التفاصيل . . . )

    وقد صارت كربلاء بعد هذه الواقعة في حال يرثى لها ، وقد عاد اليها بعد هذه الحادثة من نجا بنفسه فأصلح بعض خرابها وأعاد اليها العمران رويدا رويدا

    وفي أوائل القرن التاسع عشر الميلادي ( 1215 هـ ) زار كربلاء يمين الدولة علي خان الحاكم السادس من ملوك مملكة أودة في الهند الذي حكم ما بين 1213 1229هـ (1798ـ 1814م) ( بعد حادثة الوهابيين ) فأشفق على حالتها ، وبنى فيها أسواقاً حسنة وبيوتاً قوراء ، أسكنها بعض من نكبوا وبنى للمدينة سوراً حصيناً وأقام حوله الأبراج والمعاقل ، فأمنت على نفسها وعاد إليها بعض الرقي والتقدم.

    وفي سنة 1217 هـ تصدى السيد علي الطباطبائي ( صاحب الرياض ) لبناء سور المدينة الثالث بعد غارة الوهابيين وجعل له ستة ابواب عرف كل باب باسم خاص.

    وفي سنة 1217هـ (1802م) زار مدينة كربلاء الرحالة الهندي أبو طالب خان والتقى بعمته التي كانت تسكن بجوار مرقد الإمام الحسين ، فوصفت له أحداث غزو الوهابيين بتفاصيلها. فذكر في رحلته ما حل بالروضتين عند الغزو. كما ورد لدى وصفه للصحن الحسيني الشريف قوله: (وفي وسط الصحن مقام إبراهيم المجاب) مما يدل على أن مرقد إبراهيم لم يكن ضمن الرواق الحسيني حتى ذلك الحين .

    في حدود عام 1241هـ (1826م) بدأت الدولة العثمانية تنهار وحدثت اضطرابات عدة وثورات عارمة ضد الحكومة فأرسل داود باشا جيشاً كبيراً فدخل الحلة ثم توجه إلى كربلاء وحاصرها أربع سنوات ، وسميت هذه الواقعة بواقعة المناخور ( التفاصيل . . . ).

    الروضة الحسينية بريشة البريطاني روبرت كلايف سنة 1850 م وتظهر مئذنة العبد الى يمين الصورة

    بعد تولي السلطان عبد المجيد ( حوالي 1258 هـ ) الحكم عين الوالي نجيب باشا الحكم في بغداد للقبض على زمام أمور العراق ، فقصد أولا الى تأديب بني حسن والفتلة وطفيل داخل قضاء الهندية ، فاقتصر في حربهم على حبس جريان ماء الفرات عنهم ومنعه من السيلان في شط الهندي اصف الدولة الا انه لم يقف على طائل بالرغم من تكبده لخسائر فادحة وعالج ذلك بنفسه الا أن الطبيعة كانت أقوى منه اذ انفلق السد ولم يمتثل الماء لأمره .

    ثم ساق جيوشا يرأسها سعد الله أحد قواده وأمرهم بمحاصرة كربلاء واباحتها ، في واقعة سميت حادثة نجيب باشا ( التفاصيل . . . ) فهابه العراقيون عندما توالت على الأطراف هجماته . فتسنى له من اجراء بعض الاصلاح من التشكيلات في ألويتها وأقضيتها ونواحيها من نصب أمراء وترك الجمد في البلاد .

    وفي سنة 1270هـ (1853م) زار كربلاء عالم الآثار الإنكليزي لوفتس . وقد أبدى إعجابه بمدخل كربلاء قائلاً: (إنه أكثر جمالاً من مدخل النجف لوجود غابة كثيفة من أشجار النخيل والبساتين حول المدينة.) . ويقول: (إن الأبنية الكثيرة المشيدة خارج أسوار المدينة توحي بالأمان من خطر القبائل البدوية) .ويشير إلى وجود كور في ضواحي كربلاء لصنع الطابوق (الآجر) ويقول (إنه يشابه طابوق بابل في شكله وحجمه) .

    ويتحدث لوفتس عن الروضة الحسينية قائلا ً: « إنها كثيرة الشبه في تصميمها بمشهد الإمام علي (ع) وإن قبة الحسين وحدها هي المكسوة بالذهب في كربلاء وإن إحدى المآذن الثلاث تبدو متداعية وتوشك على السقوط (على ما يبدو كان يتكلم عن مئذنة العبد) »ويذكر أيضاً بأن قبة مرقد العباس (ع) كانت مكسوة بالبلاط المزجج (القاشاني) الأزرق المعتم ، ويقول أن أسواق كربلاء كانت ممتلئة بالبضائع والسلع. ويذكر لوفتس ما حدث به واقعة نجيب باشا لكربلاء بأن الكثير من الدور المقابلة للسراي قد تهدمت ولم يتم ترميمها أو بناؤها من جديد.

    وفي سنة 1277 هـ (1860 م) تم ايصال خطوط التلغراف واتصال كربلاء بالعالم الخارجي

    وفي سنة 1285 هـ (1868 م) زار مدينة كربلاء والي بغداد العثماني مدحت باشا واقام خمسة ايام فيها ، بنيت الدوائر الحكومية ، وتم توسيع واضافة العديد من الاسواق والمباني ، وهدم قسماً من سور المدينة من جهة باب النجف ، وبعد ان شعر بان المدينة لا تتسع لاهلها والوافدين اليها ، قرر توسيع المدينة من الناحية الجنوبية الغربية فسميت المنطقة بمحلة العباسية .

    وزار المستر جون أشر ، عضو الجمعية الجغرافية الملكية في لندن كربلاء سنة 1281هـ (1864م) ، وأبدى إعجابه بمدخل كربلاء الذي تقع على جانبيه البساتين الجميلة بمحاذاة نهر الحسينية.

    ويستطرد جون أشر وصفه لكربلاء قائلاً « إنها كانت تتميز بحركتها ونشاطها الملموس وأن اسواقها كانت مزدحمه بالزوار » . وأنه لم يجد فيها ما وجده في سواها من علامات الركود والأنحطاط خلال رحلته. ويشير إلى وجود عدد من مسلمي الهند في كربلاء ومشاهدته لزوار قادمين من إيران وأفغانستان. وصف أيضاً قبة مرقد الحسين والمآذن المذهبة ، والجدران والأفاريز المزينة بالقاشاني الجميل. ويقول عن مرقد العباس بأنه كثير الشبه بمرقد الحسين.

    وفي سنة 1288 هـ ( 1871 م ) زار ناصر الدين شاه القاجاري حفيد فتح علي شاه العتبات المقدسة في كربلاء بدعوة رسمية من الحكومة العثمانية فأنعم على المجاورين للروضة الحسينية بالهدايا وأهتم بالمرقد الشريف. كما تبرعت زوجته السيدة أنيس الدولة بضريح فضي لقبر الشهداء في الروضة الحسينية والذي لا يزال موجوداً إلى الآن.

    ووقعت في سنة 1293 هـ فتنة علي هدلة ( التفاصيل . . . )

    وفي سنة 1295هـ (1878م) قام محمد علي شاه ملك أود سلطان الهند بزيارة مدينة كربلاء وزيارة مرقدي الإمام الحسين وأخيه العباس (ع) .

    وزارت الرحالة المعروفة مدام ديولافوا الفرنسية مع زوجها كربلاء سنة 1299هـ (1881م) ، وأشادت بالمدينة ومعاهدها العلمية الدينية وقالة : « إنها مدينة تعد من مراكز الشيعة المهمة ، وهي عبارة عن جامعة دينية كبيرة تضم عدداً من المدارس الدينية الكبيرة التي يقصدها طلبة العلم من كافة أنحاء العالم الإسلامي فيقضون معظم سني حياتهم فيها » .

    تابع ايضا : تاريخ الروضة الحسينيةوكذلكتاريخ الروضة العباسيةفي هذا القرن

  • القرن الثاني عشر الهجري

    كربلاء في القرن الثاني عشر الهجري

    (1685 ـ 1784 ميلادي )

    قام الوالي العثماني على بغداد ، الوزير حسن باشا ، بإصلاحات يمكن القول بسببها أن العراق دخل في عهده مرحلة جديدة. ولقد قام بزيارة مشهد الإمام الحسين (ع) سنة 1116هـ (1704م) وأجزل العطاء على القائمين على الحرم وعلى الفقراء. ثم زار كربلاء مرة أخرى سنة 1127هـ (1715م) وأمر بتعمير الطارمة الحسينية ، وبنى في كربلاء خان الباشا الذي كان يقع مقابل (باب الرجاء) أحد أبواب الروضة الحسينية.

    وفي عام 1131 هـ زارها الرحالة عباس المدني فوصفها في ( نزهة الجليس ومنية الأديب الأنيس ص 84 ) بقوله : فلما أسفر الصباح عن وجه الهنا والانشراح رابع ربيع الأول ، عام ألف ومائة وواحد وثلاثين من هجرة النبي المرسل ، توكلنا على الرب العلي ورحلنا من مشهد علي قاصدين زيارة الشهيد المبتلى المدفون بكربلا الحسين بن علي ومن معه من الشهداء الصابرين رضوان الله عليهم أجمعين . ففي خامس الشهر المذكور أتينا على موضع يقال له الخان الأخير ومررنا في طريقنا بقبر النبي ذي الكفل عليه السلام فزرناه وبلغنا المرام . وفي سادس الشهر دخلنا أرض الحائر ، مشهد الحسين الطاهر . سلام الله عليه ، وعلى جده وأبيه ، وأمه وأخيه ، وسائر مواليه ومحبيه :

    لله أيام مضت بكربلا   محروسة من كل كرب وبلا
    بمشهد الحسين ذو العلا   ونسل خير الخلق من كل الملا

    حتى يقول : فتشرفت والحمد لله بالزيارة ، ولاح لي من جنابه الشريف اشارة ، فاني قصدته لحال ، وما كل ما يعلم يقال . وقرت عيني بزيارة الشهيد علي الأصغر بن مولانا الحسين الشهيد الأكبر . وزيارة سيدي الشهيد العباس بن علي بن أبي طالب رضوان الله تعالى عليهم أجمعين وأما ضريح سيدي الحسين : فيه جملة قناديل من الورق المرصع . والعين ما يبهت العين . ومن أنواع الجواهر الثمينة ، ما يساوي خراج مدينة . وأغلب ذلك من ملوك العجم . وعلى رأسه الشريف قنديل من الذهب يبلغ وزنه منين بل أكثر . وقد عقدت عليه قبة رفيعة السماك متصلة بالأفلاك . وبناؤها عجيب ، صنعة حكيم لبيب .

    وقد أقمت شهرين بمشهد مولاي الحسين . بلدة من كل المكاره جنة ، كأنها من رياض الجنة . نخليها باصقات ومائها عذب زلال من شط الفرات . وأقمارها مبدرة ، وأنوارها مسفرة ، ووجوه قطانها ضاحكة مستبشرة . وقصورها كغرف الجنان مصنوعة ، فيها سرر مرفوعة ، وأكواب موضوعة . وفواكهها مختلفة الألوان ، وأطيارها تسبح الرحمن على الأغصان . وبساتينها مشرقة بأنوار الورود والزهور ، وعرف ترابها كالمسك ولونه كالكافور .

    وأهلها كرام أماثل ، ليس لهم في عصرهم مماثل . لم تلق فيهم غير عزيز جليل ، ورئيس صاحب خلق وخلق جميل . وعالم فاظل ، وماجد عادل . يحبون الغريب ، ويصلون من برهم وبرهم بأوفر نصيب . ولا تلتفت الى قول ابن أياس في نشق الأزهار بأنهم من البخلاء الأشرار . فلله خرق العادة ، فانهم فوق ما أصف وزيادة :

    هينون لينون أيسار ذو كرم   سواس مكرمة أبناء أيسار
    ان يسئلوا الحق يعطوه وان خبروا   في الجهد أدرك عنهم طيب أخبار
    لا ينطقوا عن الفحشاء ان نطقوا   ولا يمارون ان ماروا باكثار
    فيهم ومنهم يعد المجد متلداً   ولا يعد ثنا خزي ولا عاد
    من تلق منهم تثقل لاقيت سيدهم   مثل النجوم التي يسري بها الساري

    واجتمعت بالرئيس المعظم والعظيم المفخم . ذي الشرف الباذخ والفخر الوضاح . مولانا السيد حسين الكليدار ، يعني صاحب المفتاح . وبأخيه الشهم الكريم النبيل العظيم ، مولانا السيد مرتضى ، حماه الله تعالى من حوادث القضاء ، وبالعالم العلامة الحبر النحرير الرحله الفهامة . ذي الوصف الجميل ، والذكر الحسن ، مولانا الفاضل الملا أبو الحسن ، فجمع بيني وبين الأمير المظفر الشجاع الغظنفر ، البحر الغطمطم ، الأسد الغشمشم ، بحر الأحسان ومعدن الكرم ، الأمير حسين أوغلي بيك أيشك أغاسي باشي حرم سلطان العجم . وكان قد أستأذن من السلطان في ذلك العام ، أن يسير الى العراق لزيارة الأئمة أعلام الهدى ومصابيح الظلام . . .

    وفي سنة 1138 هـ (1726م) أستطاع نادر شاه الافشاري أن يقضي على الدولة الصفوية ويتسنم عرش إيران ويمد نفوذه إلى العراق ، حيث سيطر عليه بعد أن قام بحصار بغداد. ثم توجه لزيارة مرقد الإمام الحسين (ع) في كربلاء ومرقد الإمام علي (ع) في النجف. وقامت زوجته وهي كريمة الشاه سلطان حسين الصفوي بإنفاق أموال كثيرة لتعمير الحائر الحسيني سنة 1153هـ (1740م).

    وزار نادر شاه الأفشاري كربلاء مرة أخرى سنة 1156 هـ (1743م) مع وزرائه وعساكره. وقد أولى مرقد الإمام الحسين (ع) والمراقد الأخرى في المدينة عنايته وساهم في تحسين المدينة.

    ويقدم لنا الرحالة الألماني كارستن نيبور الذي وصل كربلاء يوم 27 كانون الأول سنة 1765م ، ضمن الرحلة الدنيماركية ، وصفاً ممتعاً عن المدينة. فقد ذكر كثرة النخيل في كربلاء ، ويقول بأن عدد سكانها يفوق عدد سكان النجف ، ويتحدث عن سور كان يحيط كربلاء له خمسة أبواب ولكن خلال زيارته وجده متهدماً.

    ويتحدث نيبور مبهوراً بالروضة الحسينية التي تتألف من الحضرة والصحن (الفناء المكشوف) الذي يحيط بالحضرة التي كانت تشع منها الأنوار ومضاءة كلها في منظر فريد أخاذ لكثرة الشبابيك الزجاجية التي كانت موجودة فيها.

    ويذكر أيضاً أن العباس بن علي بن أبي طالب (ع) قد شيد له جامع كبير تقديراً لبطولته التي أبداها في يوم عاشوراء سنة 61هـ (680م) ، وذكر كذلك مبنى المخيم الذي كان في تلك الفترة حسب ما يصفه حديقة واسعة الأرجاء في نهاية البلدة.

    وكان العصر منعماً بالإضطرابات وسيطرة الحكومة على البلاد غير كافية فوقعت ثورة في كربلاء في عهد الوالي ( يوسف باشا ) انتصر فيها أهل المدينة على الجنود العثمانيين . ومع ذلك تمتعت البلاد بشيء من الهدوء والاستقرار بالنسبة للعهود السابقة .

    تابع ايضا : تاريخ الروضة الحسينيةتاريخ الروضة العباسيةفي هذا القرن

  • القرن الحادي عشر الهجري

    كربلاء في القرن الحادي عشر الهجري

    (1592 ـ 1686 ميلادي )

    في سنة 1010 هـ كادت عساكر الوزير اسماعيل باشا تتمرد على قادتها حتى أنهم عند وصولهم إلى كربلاء لزيارة الإمام الحسين رضي الله عنه لم يتمكنوا من ضبطهم إذ راحوا يفعلون ما يشاؤون بغير نظام واعتدوا على الكثير من الأهلين وعند عودتهم إلى بغداد صدرت الأوامر بعزل رؤسائهم وفر قسم منهم نحو إيران خوفاً من العقاب .

    في عام (1012 هـ ) و بالتحديد في 25 أيلول 1604م وصل إلى كربلاء الرحالة البرتغالي المعروف بيدرو تكسيرا ( Pedro Teixra ). وتكمن أهمية هذه الرحلة في أنها مبكرة جداً وتتحدث عن أحوال كربلاء في القرن السابع عشر الميلادي بمختلف جوانبها الاقتصادية والأجتماعية والعمرانية.

    ويصف تكسيرا سكان هذه المدينة بأنهم من العرب والإيرانيين وقليل من الأتراك. وبعضهم كان من بقايا الذين جاءوا لزيارة مرقد الإمام الحسين (ع) وأستوطنوا المدينة ، وقسم آخر خلفتهم الحروب التي أندلعت بين الصفويين والعثمانيين. ممن لاذ بأمان المرقد وسلام المدينة المقدسة.

    وقال عن الروضة الحسينية : إن المسلمين يتوافدون لزيارتها من جميع الأنحاء.

    وقال عن كربلاء : «كانت بلدة تحتوي على أربعة آلاف بيت معظمها من البيوت الحقيرة .. وقد كانت أسواقها مبنية بناء محكماً بالطابوق وملأى بالحاجات والسلع التجارية لتردد الكثيرين من الناس عليها ..» ثم اشار الى تيسر الارزاق ورخصها وتوفر المأكولات والحبوب بكثرة مثل الحنطة والرز والشعير والفواكه والخضروات واللحوم ، والى لطف الهواء فيها ، وكون جوها أحسن منه في جميع الامكنة التي زارها .

    وفي سنة 1013 هـ (1604 م) ونتيجة لضعف السلطة العثمانية أصبحت كربلاء تحت سيطرة الامير ناصر بن مهنا الذي كان يطلق على نفسه لقب (ملك) والجدير بالذكر أن هذا الأمير هو شيخ قبيلة آل مهنا ، وهي من عشائر جشعم العربية. وكان يسيطر على المنطقة الممتدة من الفلوجة حتى جنوب العراق .

    وقام المهنا في سنة 1013هـ (1604م) بغزو مدينة كربلاء وتمكن من الفتك بالحامية العثمانية فيها والتي أصبحت مركزاً لمديريه وبسط زعامته عليها وقد أنتهت هذه الزعامة إثر السيطرة على العراق من قبل الشاه عباس الكبير الصفوي سنة 1032هـ (1623م). وتحدث تكسيرا عن الفوضى التي كانت تضرب أطنابها في كربلاء والنجف تحت حكم المهنا المذكور اعلاه.

    وروى البحاثة يعقوب سركيس في مجلة ( لغة العرب ) ما يلي : ان قبيلة آل مهنا غزت كربلاء بزعامة أميرها المدعو (ناصر بن مهنا ) شيخ مشايخ البوريش من عشائر جشعم العربية في حدود سنة 1013 هـ وبسطت زعامتها عليها زهاء أربعين عاماً انتهت زعامتها على أثر غزو العراق من قبل الشاه عباس الكبير الصفوي سنة 1042 هـ . ونظراً لاهتمام السلطان مراد خان (1035 هـ ) في انقاذ بغداد أرسل مقداراً من حرسه الخاص وقواته إلى الحلة وكربلاء حيث استولت عليهما واسكتت مدافعه نيران المقاومة وتغلب على القوات المدافعة وأبادها .

    وكان الشاه عباس الكبير قد توجه ، بعد سيطرته على بغداد سنة 1032هـ (1623م) ، لزيارة كربلاء وزيارة مرقد الإمام الحسين (ع) . ثم توجه عن طريق الحلة إلى النجف الأشرف لزيارة مشهد الإمام علي بن ابي طالب (ع).

    وبعد وفاه الشاه عباس سنة 1038هـ (1629م) خلفه الشاه صفي الدين الأول حفيد الشاه طهماسب. وأستطاع السلطان العثماني مراد الرابع بعد حصاره بغداد في نفس السنة أن يستولي عليها وعلى العراق. وكان هذا السلطان سفاكاً للدماء وقام بمجزرة قتل خلالها زهاء ثلاثين ألف شيعي ، مما حمل الشاه صفي الدين الأول على أن يسترجع العراق من العثمانيين سنة 1042 (1633م ) . وقد قام في هذه السنة بزيارة كربلاء وبذل الكثير من الأموال من أجل ذلك. لكن العثمانيين عادوا من جديد إلى العراق فسيطروا عليه وقتلوا خلال ذلك في معركة واحدة ألفي جندي إيراني ممن يسمون بـ(قزلباش) وكان ذلك في سنة 1048هـ (1638م ) .وعندما بلغ الشاه صفي الدين هذا الخبر الذي أثاره كثيراً ، جهز جيشاً وحاصر بغداد وأستولى على العراق من جديد وقام بزيارة كربلاء والمراقد المقدسة فيها وأنعم على فقراء المدينة بالأموال والهبات الكثيرة.

    وعاد العثمانيون إلى العراق مرة أخرى. وتم تعيين الوزير قبلان مصطفى باشا والياً على بغداد ، ولكن لم يذكر عن هذا الوالي سوى أنه في مطلع سنة 1088هـ (1677م) زار كربلاء وأنعم على القائمين على خدمة مرقد الإمام الحسين (ع)

    تابع ايضا : تاريخ الروضة الحسينيةوكذلكتاريخ الروضة العباسيةفي هذا القرن

  • القرن العاشر الهجري

    كربلاء في القرن العاشر الهجري

    (1495 ـ 1591 ميلادي )

    بعد أن تم للشاه إسماعيل الصفوي تأسيس الدولة الصفوية في إيران سنة 906هـ (1501م) أرسل جيشاً كبيراً بقيادة لاله حسين للسيطرة على بغداد.

    وبعد أن تم له ذلك سنة 914هـ (1508م) وقضى على دولة الخروف الأبيض (آق قويونلي) أصبح العراق تابعاً للدولة الصفوية ، فدخل بذلك مرحلة تاريخية جديدة. وفي السنة نفسها قدم الشاه إسماعيل الصفوي بغداد. وفي اليوم الثاني من مجيئه قام بزيارة كربلاء ، فأولى المراقد المقدسة في هذه المدينة جل أهتمامه ورعايته. فأنعم على مجاوري الروضة الحسينية بالمال والهدايا. وكانت السنين التي حكم بها الشاه إسماعيل الصفوي العراق سنين أزدهار وهدوء وخاصة المدن المقدسة.

    وفي سنة 930هـ (1524م) توفي الشاه إسماعيل الصفوي فخلفه أبنه طهماسب الأول. وكان العراق آنذاك قد أصبح خاضعاً للعثمانيين الذين استولوا عليه. فأرسل طهماسب جيشاً حاصر بغداد سنة 936هـ (1530م) وحاصر القلعة التي تحصن بها حاكم بغداد ذو الفقار. واستطاع طهماسب أن يفتح القلعة وأن يقتل حاكم بغداد. وبعد أن سيطر طهماسب على بغداد والعراق قام بزيارة المراقد المقدسة في كربلاء.

    وسرعان ما بدأ التنافس بين الصفويين والعثمانيين للسيطرة على العراق . وبعد أعتلاء العرش من قبل السلطان العثماني سليم 918هـ (1512م) تمت السيطرة على العراق على يد أبنه السلطان سليمان القانوني سنة 941هـ (1535م ) وقام السلطان العثماني سليمان القانوني بجولة للمراقد المقدسة زار خلالها كربلاء فوجدها كما هي يقول لونكريك ، حائرة في حائرها بين المحل والطغيان ، اذ كان الفرات الفائض في الربيع يغمر الوهاد التي حول البلدة بأجمعها من دون ان تسلم منه العتبات نفسها ، وعند هبوط النهر كانت عشرات الألوف من الزوار يعتمدون على الري من آبار قذرة شحيحة . فقام سنة 941هـ (1535م) بحفر نهر من الفرات سمي (النهر السليماني) وهو نهر الحسينية الحالي ، وينقسم هذا النهر عند دخوله المدينة إلى فرعين : الأول يسير بأتجاه الشمال الغربي من المدينة ويسمى بـ(الرشيدية) ، والثاني يسير بأتجاه جنوب مدينة كربلاء ويسمى بـ(الهندية) ( لمزيد من التفاصيل . . . ) . وقد أدى هذا النهر الى أحياء أراض كبيرة فيها ، واستخدم في حفره مهندسين على مقدرة عالية وخبرة فائقة فكان هذا المشروع من أعظم المشاريع الاصلاحية بل كان حقيقة مشروعا جليلا في حياة المدينة وما جاورها من بقاع . وأنقذ هذه المدينة من خطر الغرق وذلك بإنشاء سد لا زال يعرف بـ(روف السليمانية) ، وأصبحت كربلاء قصبة تابعة للواء الحلة التابع لأيالة بغداد . ولقد بذل هذا السلطان ما بوسعه لأستمالة العتبات المقدسة إليه وكسب ود السكان. وقرر أن يفعل في المدن المقدسة أكثر مما فعله الشاه إسماعيل الصفوي وطهماسب ، وخاصة بالنسبة إلى مدينة كربلاء. .

    وفي سنة 980 هـ (1573م) أستطاع الشاه طهماسب الأول بن إسماعيل الصفوي أن يسيطر على بغداد من جديد بعد أن كان العثمانيون قد سيطروا عليه. وبعد أن عقد مع الدولة العثمانية معاهدة صلح قام للمرة الثانية بزيارة كربلاء والمراقد المقدسة فيها وأمر في هذه الزيارة بالأهتمام بالمدينة وبالمرقد الحسيني الشريف.

    وفي سنة 984هـ (1576م) توفي الشاه طهماسب وتولى الحكم أبنه إسماعيل الصفوي الثاني إثر إغتيال أخيه حيدر ميرزا في نفس العام . وأمر بالأهتمام بمدينة كربلاء وبمرقد الإمام الحسين (ع)

    سيطر العثمانيون بعدئذ على العراق. وتذكر بعض المصادر التاريخية أن الوالي العثماني على بغداد ، علي باشا الوندزادة من قبل السلطان العثماني مراد الثالث قام سنة 984هـ (1576م) بتعمير مرقد الإمام الحسين (ع).

    وقد أكثر المتأخرون من وصف كربلاء والاشادة بها . فكان ممن وصفها القاضي نورالله الشوشتري ـ في القرن العاشر ـ وصفاً يسيراً في مجالسه ( ص 25 ) بقوله : . . . . والحال ان مشهد كربلاء من أعظم الأمصار ومجمع أخيار كل الديار ، والماء العذب يجري في غدرانها . والبساتين الغناء تحيطها . وقد قيل في فضيلة تربة كربلاء وثواب زيارة المرقد المنور الحسيني روايات كثيرة . ومعظمها صيغة بصورة شعرية .

    تابع ايضا : تاريخ الروضة الحسينيةوكذلك تاريخ الروضة العباسيةفي هذا القرن

  • القرن التاسع الهجري

    كربلاء في القرن التاسع الهجري

    (1396 ـ 1494 ميلادي )

    وفي سنة 857هـ (1454م) قام علي بن محمد بن فلاح الملقب بـ(المشعشعي) الذي كان حاكماً على البصرة والأهواز والجزر القريبة منهما ، بنهب المشهدين المقدسين في كربلاء والنجف ، وقتل بعـض أهلهمـا وأخذ بعـض الأسـرى إلـى البصرة

    وقام أوزون حسن سنة 873هـ (1468م) بتأسيس دولة التركمان آق قويونلي (الخروف الأبيض) التي خلفت دولة التركمان قرة قويونلي (الخروف الأسود) ، وحكمت لمدة 42 سنة في أطراف إيران والعراق وتعاقب على حكمها ثمانية سلاطين ، وإذا كانت هذه الدولة لم تستطع أن تقدم خدمات مهمة للعتبات المقدسة في كربلاء وسواها وذلك لأنشغالها بالحروب والمنازعات الشديدة التي كانت تقع بينها وبين العثمانيين وأحياناً مع الصفويين فيكفيها أنها حفظت للعتبات المقدسة أمنها وسلامتها ومنعت وقوع أي أعتداء عليها خلال حكمها الذي أنتهى على يد الشاه إسماعيل الصفوي سنة 914هـ (1508م) .

    تابع ايضا : تاريخ الروضة الحسينيةوكذلكتاريخ الروضة العباسيةفي هذا القرن

  • القرن الثامن الهجري

    كربلاء في القرن الثامن الهجري

    (1302 ـ 1395 ميلادي )

    في سنة 703 هـ (1304م) جاء اولجياتو محمد خدابنده خلفاً لأخيه غازان الذي وافاه الأجل سنة 703 هـ وكان هو الآخر مهتماً بالعمران وبناء المدن واقتفى اثره واهتمامه بالمشاهد وبالعلويين وقد اعتنق اولجياتو المذهب الشيعي على يد العلامة الحلي الحسن بن يوسف بن المطهر اثر زيارته للنجف الأشرف

    وأشار ابن بطوطة في رحلته إلى كربلاء سنة 727هـ (1327م) إلى مشهد الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) وقال عن كربلاء أنها: (مدينة صغيرة تحفها حدائق النخيل ، ويسقيها ماء الفرات والروضة المقدسة داخلها ، وعليها مدرسة عظيمة وزاوية فيها الطعام للوارد والصادر ( يعتقد السيد حسن الكليدار ان هذه المدرسة هي مسجد ابن شاهين البطائحي ، وان الزاوية الكريمة هي : ( دار السيادة ) التي انشأها محمود غازان ) . وعلى باب الروضة الحجاب والقومة ، لا يدخل أحد إلا عن أذنهم . فيقبل العتبة الشريفة وهي من الفضة ، وعلى الضريح المقدس قناديل الذهب والفضة ، وعلى أبواب أستار الحرير . وعلى هذه المدينة طائفتان ، أولاد زحيك وأولاد فائز. وبينهما القتال ابداً ، وهم جميعاً يرجعون إلى أب واحد ، وبسبب فتنتهم تخربت هذه المدينة) .

    ففي أواسط عهد أبي سعيد ( 716 ـ 736 هـ ) دب النزاع بين القبيلتين العلويتين آل فائز وآل زحيك ، وفي أواخر عهد أبي سعيد خمدت نار الفتنة وعادت المياه إلى مجاريها الطبيعية .

    وزار المدينة في نفس السنة تقريباً المؤرخ والعالم الجغرافي الشهير (حمد الله المستوفي) فوصف كربلاء بقوله: (وغربي الكوفة بثمانية فراسخ ، في صحراء كربلاء مشهد (الإمام) الحسين (ع) المعروف بالمشهد الحائري) وقد ذكر في عهد الخليفة المتوكل انه أجرى الماء عليها بقصد تخريبه حتى حار الماء عند قبره الشريف وظلت البقعة الطاهرة عند القبر جافة . وقد شيد عمارته عضد الدولة فنا خسرو الديلمي . وحول هذا الموضع قرية مساحتها ألفين وأربعمائة خطوة » .

    لم تهدأ الأحوال السياسية في العراق زمن الأيلخانيين فكثرت الفتن والاضطرابات. وقد مهدت هذه الأوضاع الطريق للشيخ حسن الجلائري مؤسس الدولة الجلائرية ، التي كانت عاصمتها تبريز في إيران ، للأستيلاء على بغداد سنة 738هـ (1337م) والقضاء على سلطة الإيلخانيين فيها. وبالرغم من قصر فترة السيادة الجلائرية فقد تميزت بالأستقرار النسبي الذي ساعد على قيام نهضة عمرانية وعلمية وفنية في العراق وخاصة في المدن الدينية ومنها مدينة كربلاء.

    وفي سنة 767 هـ (1366م) قدم بغداد السلطان أويس الجلائري ، الذي أصبح سلطاناً على خراسان والعراق بعد أبيه الأمير الشيخ حسن الجلائري ، ليخمد فتنة عبده الأمير مرجان الذي كان قد عينه والياً على العراق. وأراد (مرجان) هذا أن يستقل بالعراق ولذلك فإن السلطان أويس جهز جيشاً لإخضاعه. وما إن اقترب من بغداد حتى هرب مرجان إلى كربلاء وأستجار بحرم الإمام الحسين (ع) .وعندما علم السلطان أويس بذلك تيقن من صدق مرجان في حبه لأهل بيت النبوة (ع) فأحضره وأكرمه وعفا عنه وأعاده والياً على العراق. وكان مرجان حينما أستجار بالحرم الحسيني المطهر قد نذر أن يبني مئذنة خاصة في الروضة الحسينية إن خرج ناجياً من هذه المحنة ، ففعل ذلك وبنى حولها مسجداً. ثم أجرى لهما من أملاكه في كربلاء وبغداد وعين التمر والرحالية أوقافاً يصرف واردها على المسجد والمئذنة التي عرفت بـ(مئذنة العبد) .

    وعندما علم السلطان أويس بما قام به واليه على بغداد مرجان من تكريم وتعظيم لمرقد الإمام الحسين (ع) وجعل أمواله وأملاكه وقفاً عليه ، اقدم هو الآخر على على تجديد عمارة المرقد الشريف وقام من بعده أبناه السلطان حسين والسلطان أحمد بهادر خان بأستكمال البناء سنة 786هـ (1384م) ، وهو البناء الذي ما زال هيكله موجوداً إلى آلان وقد شيد أيضاً في هذه الفترة البهو الأمامي للروضة الحسينية المعروف بإيوان الذهب .

    قبل أن يستولي تيمورلنك على بغداد سنة 795هـ (1393م) ترك السلطان أحمد بهادر خان بغداد متوجهاً إلى كربلاء مع جيشه البالغ حوالي ألفي مقاتل. فقد أرسل تيمورلينك جيوشه تتعقب السلطان أحمد فدارت معركة شديدة بين الطرفين في سهول كربلاء أنهزم في آخرها السلطان أحمد إلى الشام ومنها إلى مصر محتمياً بسلطانها الملك الظاهر برقوق .

    وذكر محمد مير خواند شاه في كتابه ( روضة الصفا في سيرة الأنبياء والملوك والخلفاء ) في المجلد السادس تفصيل هذا الحادث فقال : ان الأمير تيمور كوركان بعد فتحه إيران كان همه محصوراً في مناجزة السلطان أحمد الجلائري. وبعد رفضه لهداياه سار بجيشه نحو بغداد ، وكان السلطان أحمد قد إستطلع الخبر فأخذ أهبته وعبر دجلة إلى الجانب الغربي ، وحمل معه جميع أثقاله وكنوزه وخيله وجنده وأهل حرمه ولما كان صبيحة يوم الثلاثاء عشر شوال سنة 795 هـ دخل الجانب الشرقي من بغداد الأمير عثمان بهادر وطلائع جيش التحرير .

    وكان السلطان أحمد في الجانب الغربي وقد أمر برفع الجسر وغرق السفن ، ولكن قواد تيمور تمكنوا من عبور نهر دجلة إلى الجانب الغربي ، أما السلطان أحمد فر إلى الحلة للاحتماء بها ولكن جيش تيمور تبعه . وفي الطريق التمس القواد من الأمير تيمور الرجوع إلى بغداد ، وهم يكفونه تعقيب ابن اويس فرجع تيمور إلى بغداد ، وواصل قواده تعقيب ابن اويس ، ولما استطلعوا خبره عرفوا أنه التزم طريق كربلاء إلى مصر .

    أما ابن اويس لما عرف أن الحلة لا تحميه تركها وترك بها معظم نفائسه وذهب إلى النجف ومنها إلى كربلاء ، فأعقبه الأمير عثمان بهادر مع خمس وأربعين رجلاً من أمراء الجيش بضمنهم كان اينايج اغلان وجلال حميد وسيد خواجة بن الشيخ علي بهادر ظفر بالسلطان أحمد في كربلاء ومعه مائتي فارس من أعوانه وأتباعه وأهل حرمه فالتحم القتال بين الفريقين في أرض كربلاء وأخذوا يرشقون الآخر بالنبال . فتطايرت السهام والنبال فيما بينهم ، فانتهز ابن اويس انشغال الطرفين في الحرب فولى هارباً إلى مصر محتمياً بالسلطان برقوق ، بعد أن ترك ذخائره ونفائسه وأمواله الباقية ورجاله في سهل كربلاء .

    أما الأمير عثمان بهادر بعد دحره رجال ابن اويس وأسرهم وجد بينهم زوجة السلطان ونجله علاء الدين ونديم السلطان عزيز بن اردشير الاسترابادي مؤلف كتاب ( بزم ورزم ) أما أمراء تيمورلنك بعد استيلائهم على خزائن السلطان توجهوا قاصدين زيارة مرقد أبي عبد الله الحسين عليه السلام يتبركون به يستجمعون قواهم ، وبعد فراغهم من مراسيم الزيارة أجزلوا بالنعم والهدايا على السادة العلويين الملازمين لقبر أبي عبد الله الحسين عليه السلام ثم رحلوا عن كربلاء بعد أن مكثوا فيها بعض يوم .

    تابع ايضا : تاريخ الروضة الحسينيةوكذلكتاريخ الروضة العباسيةفي هذا القرن

  • القرن السابع الهجري

    كربلاء في القرن السابع الهجري

    (1206 ـ 1301 ميلادي )

    أزدهرت مدينة كربلاء ، وخاصة عمارة المراقد المقدسة في أيام الخليفة العباسي أحمد الناصر لدين الله في الربع الاول من هذا القرن وكان محباً لأهل البيت (ع) وموالياً لهم بخلاف آبائه وأسلافه .

    وفي سنة 634 هـ الخليفة المستنصر بالله العباسي أبرز ثلاثة آلاف دينار الى الشريف الاقساسي ( نقيب الطالبيين ) وأمر ان يفرقها على العلويين المقيمين في مشهد أميرالمؤمنين علي والحسين وموسى بن جعفر عليهم السلام . .

    وفي سنة 653 هـ زار كربلاء الملك الناصر ابن الملك عيسى الايوبي عند مجيئه للعراق لاخذ جوهرة عظيمة ، كان قد بعثها من حلب وديعة عند الخليفة المستعصم العباسي ، ثم توجه من كربلاء الى الحج بعد أن أيس من أخذها .

    في سنة 656 هـ (1258م ) أستولى المغول على العراق بقيادة هولاكو ، وعند استيلائه على العراق اجتمع فريق من أقطاب الشيعة فقرروا مفاتحة هولاكو ومكاتبته يسألونه الامان ، وانفذ هولاكو فرماناً يطيب قلوب الشيعة . وبعد ذلك أخذت جحافل المغول تغزو مدن الفرات الأوسط وجنوب العراق . وقد استسلمت بعض مدنه دون أية مقاومة ، لولا بعض المدن التي سلمت من هجمات المغول . يقول العلامة الحلي في كتابه ( كشف اليقين في باب أخبار مغيبات أمير المؤمنين ) سبب سلامة أهل الكوفة والحلة والمشهدين الشريفين إلى ما ذكره والده الشيخ سديد الدين لهولاكو من أخبار أمير المؤمنين بعمارة بغداد وملك بني العباس وأحوالهم وأخذ المغول الملك منهم . ويؤيد ماذهب اليه الداودي في كتابه(عمدة الطالب ) فقال : ان مجد الدين محمد بن طاوس خرج إلى هولاكو وصنف له كتاب ( بشارة المصطفى ) وسلم الحلة والنيل والمشهدين الشريفين من القتل والنهب ورد اليه حكم النقابة بالبلاد الفراتية .

    new husein shrine3

    وكانت كربلاء إذ ذاك غارقة في دياجير الظلام ، ترزح تحت وطأة الفقر والجهل ، ولم تلق عناية من هؤلاء المغول الفاتحين . ولايخفى أن الحياة والخصب في كربلاء متوقفة على تدفق الماء الذي كان ينساب اليها فيما مضى عبر نهر العلقمي الذي كان قد انطمر واندرس نتيجة عدم العناية بكريه وتنظيفه ، وسكنة كربلاء أنذاك هم وجوه الأشراف من العلويين والمنقطعين في جوار الحسين ولم يكن لهم القدرة على القيام بأعباء ذلك .

    وفي سنة 662 هـ زار المشهد الحائري جلال الدين ابن الدواتدار الصغير ، فشرع في بيع ماله من الغنم والبقر والجواميس وغير ذلك ، واقترض من الأكابر والتجار مالأ كثيراً ، واستعار خيولاً وآلات السفر وأظهر أنه يريد الخروج إلى الصيد وزيارة المشاهد واخذ والدته وقصد مشهد الحسين عليه السلام ثم توجه الى الشام فتأخر عنه جماعة ممن صحبه من الجند لعجزهم .

    وفي سنة 696هـ (1297م) قدم العراق السلطان المغولي محمود غازان خان ماراً بالحلة والنجف فتوجه إلى كربلاء في زيارة الإمام الحسين (ع) وأمر للعلويين والمقيمين بمال كثير .

    وفي سنة 698هـ (1229م) قدم السلطان المغولي مرة أخرى لزيارة كربلاء والنجف وكان السلطان ارغون بن اباقاخان بن هولاكو معروفأ بحبه الشديد لآل البيت مما بذل من السعي المحمود في حفره نهر جديد يخرج من الفرات ويدفع ماءه إلى سهل كربلاء وسمي هذا النهر ( الغازاني الأعلى ) تمييزاً لنهرين آخرين حفرهما غازان أيضاً . يقول مؤلف الحوادث الجامعة : وفي سنة ثمان وتسعون وستمائةً توجه السلطان غازان إلى الحلة وقصد زيارة المشاهد الشريفة وأمر للعلويين والمقيمين بمال كثير ثم أمر بحفر نهر من أعلى الحلة فحفر وسمي بالغازاني وتولى ذلك شمس الدين صواب الخادم السكورجي وغرس الدولة .

    تابع ايضا :تاريخ الروضة الحسينيةوكذلكتاريخ الروضة العباسيةفي هذا القرن