التصنيف: الروضة الحسينية

  • القرن الرابع الهجري (913 ـ 1010 م)

    القرن الرابع الهجري

    ( 7/ 8 / 913 ـ 14 / 8/ 1010 م )

    في سنة 313 هـ زار الحائر الزعيم القرمطي أبا طاهر الجنابي وطاف حول القبر مع أتباعه وآمن أهل الحائر ولم يمسهم بمكروه .

    ويذكر أن الزعيم القرمطي كان كثير التردد على كربلاء عند غزواته للكوفة عام 313 هـ ، والظاهر أن عدم مساسه القبر والساكنين حول الحائر ناجم عن ضعفه وميله لكسب المزيد من الموالين لحركته ( القرامطة ) .

    وفي عام 352 هـ أمر معز الدولة البويهي بإقامة العزاء على الإمام الحسين عليه السلام في بغداد وذلك في يوم عاشوراء ، وكان لهذا الأمر آثاره الإيجابية في تطوير وإعمار مرقد الإمام الحسين عليه السلام وإنعاش مواسم الزيارة ، بل وساهم في عمارة المرقد .

    ولما كانت سنة 366 هـ زار عز الدولة البويهي المرقد الشريف للإمام الحسين عليه السلام مما دعم حركة الهجرة للحائر الحسيني وعمرانه .

    وفي سنة 367 هـ إستولى عضد الدولة البويهي على بغداد فعرج منها على كربلاء لزيارة مرقد الإمام الحسين عليه السلام ثم أنه جعل زيارته للمرقد الشريف عادة سنوية .

    وفي ظل اضطراب الأوضاع السياسية في العراق وتدهورها في الفترة التي سبقت دخول عضد الدولة بغداد عام 367 هـ تمكن عمران بن شاهين أن يستقطع البطائح بجنوب العراق من سلطة البويهيين ومنع الخراج عنهم ، ثم إن عضد الدولة وبعد أن استتبت الأمور له في بغداد أرسل إليه بجيش عظيم فحاصروه وضيقوا عليه الخناق ،وعندما عجز عمران بن شاهين عن مقاومتهم إلتجأ إلى قبر الإمام أمير المؤمنين عليه السلام وتضرع إلى الإمام ورأى علياً في المنام يقول له : « ياعمران سيقدم العبد فناخسروا لزيارة البقعة فلذ به سيفرج عنك » فلما انتبه من نومه نذر لله إن نجا من عضد الدولة أن يبني مسجداً ورواقاً في حرم الإمام أمير المؤمنين عليه السلام وآخر مثلهما في حرم الأمام الحسين عليه السلام فلما التقى بعضد الدولة أخبره بكل ذلك فعفى عنه ، وأوفى بنذره ، فبنى المسجد المعروف باسمه إلى الآن والذي يقع إلى جهة الشمال من الروضة وقد ضم فيما بعد إلى الحرم ، أما الرواق الذي شيده فيقع إلى جهة الغرب من قبر الحسين عليه السلام وهو أول من ربط حزام الحائر بالرواق ، والظاهر أن ذلك كان في عام 368 هـ .

    ويصف السماوي ما قام به عمران بن شاهين من بناء فيقول :

    ثم أتـى عـمران في زمانـه   فعمر الـرواق مـن مكانـه
    ووصـل الروضـة بالـرواق   من الجنوب وهـو بعـد باق
    وتمـم ذا في السبع والستينا   بعد ثلاث قد مضت مئينا

    وفي عام 369 هـ أغار ضبة الأسدي على مدينة كربلاء وقتل أهلها ونهب أموالهم وسرق ما في خزانة الحرم المطهر من نفائس وذخائر وتحف وهدايا ، وهدم ما أمكنه هدمه وذلك بمؤازرة بعض العشائر ، ثم قفل عائداً إلى البادية فلما بلغ أمره إلى عضد الدولة أرسل في تلك السنة سرية إلى عين التمر وبها ضبة الأسدي فلم يشعر إلا والعساكر معه فترك أهله وماله ونجا بنفسه فريداً ، وأخذ ماله وأهله وملكت عين التمر عقاباً لنهبه مرقد الإمام الحسين عليه السلام ، ويصف السماوي غزوة ضبة على كربلاء بقوله :

    والحـادث نهـب الأسدي   ضبة ذو العين لأهل البلـد
    وسلبه في الدور والأسواق   وقتلـه كـل فتـى يلاقـي
    ونهبه من روضة الحسين   مصوغة النظار واللجين

    وفي العام نفسه ـ 369 هـ ـ وعندما قام عضد الدولة بزيارته التقليدية للمرقد المطهر للإمام الحسين عليه السلام أمر بتجديد بناء القبة الحسينية وروضتها المباركة وشيد ضريح الإمام الحسين عليه السلام بالعاج وزينه بالحلل والديباج وبنى الأروقة حوالي مرقده المقدس وعمر المدينة ، واهتم بايصال الماء لسكان المدينة والضياء للحائر المقدس وعصمها بالأسوار العالية التي بلغ محيطها حوالي 2400 خطوة وقطره حوالي 2400 قدم ، فأوصل المدينة بترعة فاحياها وأوقف أراضي لاستثمارها لصالح إنارة الحرمين الشريفين أبي عبد الله الحسين عليه السلام وأخيه أبي الفضل العباس عليه السلام وبالغ في تشييد الأبنية والأسواق حوله وأجزل العطاء لمن جاوره من العلماء والعلويين كما أمر ببناء المدرسة العضدية الأولى ، كما بنى بجنبها مسجد رأس الحسين عليه السلام وعلى أثر ذلك تضاعف عدد المجاورين لمرقده المقدس .

    جاء وصف ما تكرم به عضد الدولة من عطاء في فرحة الغري : 113 ما نصه « وتصدق وأعطى الناس على اختلاف طبقاتها وجعل في الصندوق دراهم ففرقت على العلويين فأصاب كل واحد منهم إثنين وثلاثين درهماً ، وكان عددهم ألفين ومائتي اسم ، ووهب العوام والمجاورين عشرة آلاف درهم وفرق على أهل المشهد من الدقيق والتمر مائة ألف رطل ، ومن الثياب خمسمائة قطعة ، وأعطى الناظر عليهم ألف درهم ، وفيه أن ذلك كان عام 371 هـ » .

    ويصف السماوي ما قام به عضد الدولة من بناء وإعمار ورعاية فيقول :

    ثم تولى ابن بويه العضد   فاخضر عود فيه كـاد يخضد
    بنى له القبة ذات الأروقة   محيطة على الضريـح محدقة
    وزين الضـريح بالديباج   ومـا عـلا دائـره بـسـاج
    وشعشع القـبة والـرواقا   وعـمر البيـوت والأسواقـا
    وعصم الـبلدة بالأسـوار   فـحكـت المعصـم بالسـوار
    وساق للطف مياهاً جارية   وامتاز للضوء وقوفاً جارية

    ولما كانت سنة 371 هـ واصل عضد الدولة زيارته التقليدية السنوية للحائر المقدس ، ويبدو لنا أنه اشرف في هذه السنة على مراسم الإنتهاء من إعمار وبناء المرقد الحسيني المطهر ، فاهتم بتزيين الروضة والأروقة حيث جلب معه القناديل والثريات المضاءة بالشمع لإنارة الروضة المقدسة ، كما زين الضريح بالساج والديباج وغلفه بالخشب ، و أمر ببناء الصحن الصغير وبناء مدرسة ثانية إلى جوار الصحن الشريف وملاصقة له ، وقد احتل الصحن الصغير موقعه في الجهة الشمالية الشرقية للمرقد المطهر فيما كانت المدرسة قد بنيت إلى الغرب من الصحن الصغير اي شمال المرقد المطهر ، ويحتوي الصحن الصغير على مئذنتين وكان منه يذهب إلى مرقد أبي الفضل العباس . ويصف الكليدار هذا الصحن الذي عرف بالصحن الصغير بقوله :

    « هذا الصحن الصغير هو هذه الساحة المسورة الفخمة الأثرية القديمة من العصر العباسي الثاني ، والتي يزين جدرانها العالية الرفيعة ذلك الكاشاني الأثري البديع الصنع ، وتزين سقوف مداخلها المقرنصات الفنية البديعة المعلقة على طول السقف في شبه أسطوانات هندسية الشكل ذات الأضلاع والزوايا المتداخلة المتنوعة والدقيقة الصنع والتركيب ، والمتلبسة كلها بأحسن تلبيس فني هندسي كامل بالفسيفساء والكاشاني المعرق من النوع القديم الممتاز النادر والثمين ، لأن البناء كله يرجع إلى ألف سنة بالضبط من عهد البويهيين إلى اليوم ، ومقرنصات سقوف مداخل هذا الصحن الصغير هي على شاكلة المقرنصات الموجودة ، لكن من نوع أوطأ منها في سقوف بعض المداخل الأخرى لصحن الحسين عليه السلام وتتصل هذه البناية المجللة التاريخية ، أو الصحن الصغير كما يعبر عنه اليوم ، من جهة الغرب بصحن الحسين عليه السلام وبينهما دهليز واسع كبير مزين تقريباً بنفس التزيين الفني ، ولكن من نوع أوطأ من ذلك الفسيفساء والكاشاني القديم مما تتنافس متاحف العالم على إقتناء أمثالها .

    وأما من جهة الشرق فتقع على مفترق طرق البلدة الشمالية والشرقية والجنوبية بجانب السوق الكبير في قلب المدينة ، ولها مدخلان : مدخل شمالي ويدعى اليوم بـ « باب الصحن الصغير » ومدخل شرقي يدعى بـ « باب الصافي نسبة الى مقبرة تقع على جانب الباب وهي عائدة الى اسرة السيد مهدي الصافي من سادات ووجهاء كربلاء السابقين ، ومن هذا المدخل أو الآخر يقصد الزائر عادة حرم العباس عليه السلام بعد أداء الزيارة لحرم الحسين عليه السلام .

    وقد اتخذ الملوك البويهيون هذا المحل مدافن لهم في الحائر المقدس لتكون قبورهم على طريق الزائرين بين الحرمين الشريفين ، فشيدوا هذا البناء الهندسي الجميل الطراز والأسلوب ، وهو بمجموعه آية في الفن والصنعة وهو من الأبنية الأثرية التاريخية القديمة ، يرجع عهده إلى العصر العباسي في القرن الرابع والخامس من الهجرة وجعلوه من ملحقات الحائر وتوابعه .

    وكانت مقابرهم تقع في وسط الساحة في سرداب منظم تحت الأرض والبعض الآخر على جانبي المدخل الرئيسي الذي هوالمدخل الشمالي لها وذلك في داخل حجرتين مجللتين مبنيتين بأجمل طرز من طراز المقابر القديمة وجدرانها حديثة من الداخل والخارج بالكاشاني القديم البديع الصنع ، وفي صدر كل مقبرة منها حجرة خاصة في وسطها مئذنة أثرية قديمة يرجع عهدها إلى زمن البويهيين ، وهكذا تقع على جانبي المدخل الشمالي لهذا البناء تلك المئذنتان البويهيتان القديمتان والمنقوش عليهما الآيات القرآنية بالكتابة الكوفية ، وقد قطع رأسيهما في التعميرات التي جرت خلال العصور المتأخرة حسب الظاهر فأصبحتا مخبوئتين في داخل البناء إلى حد السطح ، وكان لكل منهما درج لولبي من داخل المئذنة يصعد إليها ، وللمئذنة الغربية منها ( ديدبان ) أي منظار كان يجلس فيه محافظ مقابر الملوك للمراقبة والمحافظة في تلك العصور الخالية ، وكان ينتهي هذا « الديدبان » من المئذنة المذكورة إلى فوق مقبرة الطباطبائية الحالية من الشباك الذي كان يشـرف على باب هـذه المقبرة .

    ويعلق بعد نقل هذا الوصف الرائع للصحن الصغير بقوله : ولكن ألم يوقف البويهيون مع ثروتهم الطائلة وسطوتهم الفائقة في عصرهم أملاكاً وأوقافاً لمدافنهم او لحرم الحسين عليه السلام ؟ فأين صارت تلك الأوقاف ؟ صارت فيما صادره السلطان العثماني مراد الرابع من أملاك الشيعة وأوقافهم عند فتحه العراق في سنة 1048 هـ ( 1638 م ) ؟ إذ أن المستر لونكريك الإنكليزي يحدثنا في كتابه أربعة قرون من تاريخ العراق : 79 « بأن السلطان مراد الرابع رسم للمفتي يحيى أن يعيد بناء قبة الشيخ عبد القادر الكيلاني وأوقف لها أوقاف كثيرة معظمها من أملاك الشيعة » ولعل خان الباشا الكبير الذي هو بقرب الصحن في كربلاء وأوقاف التكية الخالدة في سوق النجف وغيرهما أيضاً هي من جملة ما صادره مراد الرابع من أوقاف العتبات المقدسة ، وإلا بأي مناسبة يكون للكيلاني أو لخالد بن الوليد أوقاف في العتبات المقدسة في كربلاء والنجف فأين صارت إذن تلك الأوقاف ؟ ومثل تلك الأوقاف أيضاً الأوقاف الحسينية لمئذنة العبد المشهورة التي هدمت ظلماَ في عام 1354 من الهجرة لبناء فخامة صورية زائلة من أنقاض فخامتها التاريخية الصامدة ، فكان هدمها تعميراً للآخرين .

    وفي عام 400 هـ توجه إلى زيارة مرقد الإمام أبي عبد الله الحسين عليه السلام الوزير البويهي الحسن بن الفضل الرامهرمزي وذلك فـي شهـر جمادى الأولـى . مستل من كتاب (دائرة المعارف الحسينيةـ تاريخ المراقد /ج1 ص 292 ـ 302) بتصرف

  • القرن الثالث الهجري (816 ـ 913 م)

    القرن الثالث الهجري

    ( 30 / 7 / 816 ـ 7 / 8 / 913 م )

    يقول سلمان آل طعمة (في كتاب تراث كربلاء : 231) : « إن الشائع على ألسنة الباحثين والمؤرخين أن كربلاء كانت في القرن الثالث مملوءة بالأكواخ وبيوت الشعر التي كان يشيدها المسلمون الذين يفدون إلى قبر الحسين عليه السلام » ، إلى جانب بيوت المجاورين له .

    ولكننا نقول : إن المختار عندما بنى القبر وشيد المشهد أسس قرية صغيرة حوله ـ راجع تاريخ الروضة الحسينية وغيره ـ مما يدلنا على أن البيوت كانت قائمة منذ القرن الأول الهجري ولعلها كانت مبنية أيضاً ، والظاهر أن المراد من قولهم كانت مملوءة بالأكواخ إلى آخره أنها كانت للزائرين على ما يتضح من آخر العبارة

    هذا ولم يتعرض مرقد الإمام الحسين عليه السلام في عهد المعتصم العباسي والواثق العباسي (3) إلى الهدم والتخريب ، كما لم يتعرض الموالون لأهل البيت عليهم السلام للاضطهاد بسبب اضطراب الوضع السياسي .

    ولما كانت سنة 232 هـ تولى الحكم المتوكل العباسي وكان شديد البغض لعلي بن أبي طالب عليه السلام ويروى أنه من شدة بغضه لأمير المؤمنين عليه السلام أنه كان يأمر عبادة المخنث أن يربط وسادة على بطنه ويرقص ، وكان عبادة أصلع الرأس فكان يشبهه بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام حيث جاء في صفاته عليه السلام أنه الأنزع البطين ، وكانوا يشربون الخمر ويصفقون استهزاء بالإمام عليه السلام والمغنون يغنون (قد أقبل الأصلع البطين خليفة المسلمين ) فيشرب المتوكل ويضحك مستهزءاً وذات يوم كان ابنه المنتصر موجوداً فساءه ذلك فنظر إلى عبادة مهدداً له فتوقف عبادة عن رقصه ، فسأله المتوكل عن سببه فقال هذا ابنك المنتصر يهددني فأمر المتوكل بالمغنين أن يتغنوا بهذا البيت :

    غار الفتى لابن عـمه   راس الفتى في حر أمه

    ولذلك عمد إلى هدم قبر أبي عبد الله الحسين عليه السلام أربعة مرات :

    الأول : عام232 هـ (ولعل الأدق أنه كان في عام 233 هـ لأن المتوكل تولى الحكم في 6 ذي الحجة 232 هـ وعلى هذا يكون أول شعبان من حكمه هو عام 233 هـ) وذلك إثر ذهاب إحدى جواريه المغنيات إلى زيارة شعبان في كربلاء ، فأنفذ عمر بن فرج لهدم ما عمره المأمون العباسي وأمر بتخريب قبر الحسين عليه السلام وحرثه ، فلما صار إلى الناحية أمر بالبقر فمر بها على القبور كلها فلما بلغت قبر الحسين عليه السلام لم تمر عليه .

    وجاء في تاريخ كربلاء وحائر الحسين : 202 ، مقاتل الطالبيين : 478 « إن بعض القيان كانت تبعث بجواريها إلى المتوكل قبل الخلافة يغنين له إذا شرب فلما بعث إلى تلك القينة فعرف أنها غائبة ، وكانت قد زارت قبر الحسين عليه السلام وبلغها خبره فأسرعت في الرجوع ، وبعثت إليه بجارية من جواريها كان يألفها ، فقال لها : أين كنتم ؟ قالت : خرجت مولاتي إلى الحج وأخرجتنا معها ، وكان ذلك في شعبان فقال لها : أين حججتم في شعبان ؟ فقالت : إلى قبر الحسين عليه السلام فاستطار غضباً وأتى بمولاتها فحبست واستصفى أملاكها ، وبعث برجل من أصحابه يقال له : الديزج ـ وكان يهودياً فأسلم ـ إلى قبر الحسين عليه السلام وأمره بكربه ومخره وإخراج كل ما حوله فمضى لذلك وخرب ما حوله ، وهدم البناء ، وكرب ماحوله نحو مائتي جريب ( الجريب : 60×60 ذراعاً ) فلما بلغ الى قبره لم يتقدم اليه أحد فأحضر قوماً من اليهود فكربوه وأجرى الماء حوله ووكل به مسالح على سائر الطرق بين كل مسلحتين ميل لا يزوره زائر إلا أخذوه ووجه به إليه فقتله أو أنهكه عقوبة ، ويبدو لنا أن هنالك خلطاً في الهدمين الأول والثاني ، كما يظهر من هذه الرواية أن مساحة المدينة كانت في ذلك الوقت ( 200 ) جـريباً ، وبـما أن الجريـب يعادل ( 60 × 60 ) ذراعا ً، والذراع الواحد يعادل ( 83 / 45 ) سنتيمتراً فمعنى ذلك أن الجريب يعادل ( 498 / 47× 498 / 47 م ) 06/ 2256 متراً مربعاً ، وعليه تكون مساحة المدينة أقل من نصف كيلو متر مربعاً ، وربما كانت بالأبعاد التالية : ( 97 و 474 × 94 و 949 م) وهذه المساحة يمكنها أن تستوعب الروضتين وجوارهما القريب .

    ثم أن الموالين لأهل البيت عليهم السلام رغم الاضطهاد والتنكيل عمدوا إلى تعمير مرقده الشريف .

    وفي كتاب شهر حسين : 207 إن مرقد الإمام الحسين عليه السلام قد عمر بين الهدمين الأول والثاني كما أنشئت البيوت من حوله ثانية ، ولكن التاريخ لم يذكر من قام بإنشائه وتعميره .

    الثاني : سنة 236 هـ (الموافق لعام 850 ـ 851 م، وأشار يعقوب سركيس فقط إلى هذا الحرث في زمن المتوكل دون غيره من الهدم والحرث ) حيث عمد المتوكل أيضاً إلى هدم الضريح المطهر وملحقاته وزرعه بعد تسوية أرضه ، كما امر بهدم ماحوله من المنازل والدور ثم منع زيارة المكان وغيره من البقاع الشيعية المقدسة وهدد الزوار بفرض عقوبات صارمة عليهم ، فنادى بالناس : من وجدناه عند قبره بعد ثلاثة حبسناه في المطبق وإلى هذا يشير السماوي في ارجوزته فيقول :

    ثم تنـاهـى جعـفـر بالـمخـر   و الحـرث للأرض ونبث القبر
    لـمأتيـن و ثـلاثـيـن وسـت   إذ فوض الأمر إلى علق وست

    وجاء في مروج الذهب : 4/ 51 : كان آل أبي طالب قبل خلافة ( المنتصر ) في محنة عظيمة وخوف على دمائهم ، قد منعوا من زيارة قبر الحسين والغري من أرض الكوفة وكذلك منع غيرهم من شيعتهم حضور هذه المشاهد وكان الأمر بذلك من المتوكل سنة 236 هـ .

    وأوعز مهمة الهدم لرجل يهودي اسمه إبراهيم الديزج فبعثه المتوكل إلى كربلاء لتغيير قبرالإمام الحسين عليه السلام وكتب معه إلى القاضي ابن عمار : « أعلمك أني قد بعثت إبراهيم الديزج إلى كربلاء لينبش قبر الحسين ، فإذا قرأت كتابي فقف على الأمر حتى تعرف فعل أم لم يفعل » ( ويبدو من تصرف المتوكل ووضع القاضي مراقباً لعملية النبش أنه كان يعرف تمام المعرفة أن الناس حتى المنحطين منهم كان يصعب عليهم مباشرة الأمر ) ، فعرض القاضي بالكتاب على إبراهيم الديزج ، فأتمر الديزج بأمر القاضي جعفر ثم أتاه فقال له : ماصنعت ؟

    فقال : قد فعلت ما أمرت به فلم أرشيئاً ولم أجد شيئاً .

    فقال القاضي : أفلا عمقته ؟

    فقال إبراهيم : قد فعلت ، فما رأيت .

    فكتب القاضي إلى المتوكل : « إن إبراهيم الديزج قد نبش فلم يجد شيئاً وأمرته فمخره بالماء وكربه بالبقر » .

    والتقى أبو علي العماري بإبراهيم الديزج وسأله عن صورة الأمر فقال له : أتيت في خاصة غلماني فقط ، وأني نبشت فوجدت بارية جديدة عليها بدن الحسين بن علي ، ووجدت منه رائحة المسك فتركت البارية على حالها وبدن الحسين على البارية . وأمرت بطرح التراب عليه وأطلقت عليه الماء ، وأمرت بالبقر لتمخره وتحرثه فلم تطأه البقر ، وكانت إذا جاءت إلى الموضع رجعت عنه ، فحلفت لغلماني بالله وبالأيمان المغلظة لئن ذكر أحد هذا لاقتلنه ، ويصف السماوي الحادثة فيقول :

    حتى إذا الشمس بدت للأعين   قامـوا فـهدمـوا جـميع ما بني
    ونبشوا القبر فلاحت باريـة   تـسطع بالـمسك كمثل الغانيـة
    قلت دعـوه ولئن لـم يكـتم   رآه قـتلـتـه عـلـى الـتكلـم
    ثم حرثنا الأرض لكن الـبقر   تـأتي إلـى ذاك الـمقام وتـذر
    وكلمـا تضـرب للـكـراب   تقهقرت تـمشي على الأعقـاب
    ثم مخرنا الماء فـوق القـبر   فحار عنـه واقفـاً لا يجري

    ويعلق الدكتور عبد الجواد الكليدار في كتابه تاريخ كربلاء وحائر الحسين : 203 على إرسال الديزج : « إن المسلمين لم يقدموا على هدم القبر المطهر ، ان إبراهيم الديزج اليهودي الأصل أتى بجماعة من قومه من اليهود لهذا الغرض ، وان اليهود هم الذين باشروا في هذه المرة بهدم قبر الحسين عليه السلام ، وان الديزج حسب أمر المتوكل لم يكتف بهدم القبر وإنما ضرب ماحوله فهدم مدينة كربلاء كلها وانه أوكل في أطرافها المسالح لمنع الزائرين من الزيارة بالعنوة وبعقاب القتل » .

    (1) إبراهيم الديزج : هوابن سهل سكن سامراء وبغداد وكان من المقربين عند العباسيين ، تولى قيادة الشرطة لاكثر من مرة ، لاحقه الاتراك ، كان حياً حتى عام 251 هـ ، والصحيح انه توفي عام 247 هـ بعد يومين من وفاة المتوكل . والديزج كلمة فارسية تعني الحمار الأدغم ، ويذكر الديرج والديزح أيضاً .

    ويبدو أن محبي أهل البيت عليهم السلام ، لم يتركوا قبر إمامهم على حاله بل عمروه بما يتناسب وتضيق السلطات عليهم .

    الثالث : سنة 237 هـ حين بلغ المتوكل أن أهل السواد يجتمعون بأرض نينوى لزيارة قبر الحسين عليه السلام فيصير إلى قبره منهم خلق كثير فأنفذ قائداً من قواده واسمه هارون المعري ، وضم الوزير عبيد الله بن يحيى أبا عبد الله الباقطاني إلى المعري ليكون كاتباً له كما ضم إلى الكتيبة إبراهيم الديزج لينفذ الهدم والحرث ، وضم كنفاً من الجند كثيراً ليشعث قبر الحسين عليه السلام ويمنع الناس من زيارته والاجتماع إلى قبره فلما عزموا على الخروج والمسير إلى الناحية رأى هارون المعري رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المنام فقال له لا تخرج مع الديزج ولا تفعل ما أمرتم به في قبر الحسين عليه السلام ! فلما أصبحوا جاؤوا يستحثونه في المسير فسار معهم حتى وافى كربلاء وفعلوا ما أمروا به ، فثار أهل السواد على القائد واجتمعوا عليه وقالوا : لو قتلنا عن آخرنا لما أمسك من نفي منا عن زيارته ورأوا من الدلائل ما حملهم على ما صنعوا ، فكتب بالأمر إلى المتوكل ، فورد كتابه إلى القائد بالكف عنهم والمسير إلى الكوفة مظهراً أن مسيره إليها من مصالح أهلها والانكفاء إلى المصر .

    ويعلق عبد الجواد الكليدار في كتابه تاريخ كربلاء وحائر الحسين : 209 « إن الطاغية لم يوفق في هذه المرة إلى مثل ما ارتكبته يداه في المرات السابقة وذلك تحت تأثير الرأي العام من جهة ومن جهة أخرى تجاه المقاومة الفعلية الشديدة التي لاقاها جنوده من قبل الأهلين » .

    ثم انه رأى في المنام النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال له : ألم آمرك أن لا تخرج معهم ؟ ولا تفعل فعلهم ؟ فلم تقبل حتى فعلت ما فعلوا ؟ ثم لطمني وتفل في وجهي فصار وجهه مسوداً وكان جسمه أبيض شديد البياض حتى يديه ورجليه كانت كذلك ألا وجهه فقد أصبح أسود شديد السواد كأنه القير كما في رواية أبي عبد الله الباقطاني كاتبه الذي ينقل عنه مباشرة البحار 45 / 395 / ح 3 عن أمالي الطوسي : 335 ، ويصف السماوي تلك الحادثة فيقول :

    وقال فيها إن الـباقطاني   حكـى وكـان كاتب الديـوان
    وكان وجهه كمثل النقس   لوناً وجسمه كمثل الطرس
    فقلت يوماً وطرحنا الحشمة   وجهك لم خص بهذه الأدمـة
    قـال سأنبيك إذا لـم تخـبر   فـقلت لا وفـضلك الموفـر
    قال خرجت في عداد الديزج   فقال طيف المصطفى لاتخرج
    فملت عنه إذ رأيـت النهـيا   فجاءني الـديزج يدعو الوحيا
    فقـمت عنـه تابعـاً للأمـر   بهـدم كربـلا وحرث القـبر
    فجاءني طـيف الرسول ثانياً   وقال لي هـلا أطـعت الناهيا
    ويلك قد حرثت قبر ابني الأبر   وصك وجهي لطمة ذات أثـر
    فأسود ذاك الوجه والجسم بقي   فـها أنـا بهيئـة لـم تـسبق
    أكاد أن اذوب إن رآني   راء بهذا الوجه والجثمان

    ويبدو أن الباقطاني في أرجوزة السماوي كان يتحدث عن حال القائد هارون المعري وليس عن حاله كما قد يتبادر للذهن ، فالضمير في وجهه في البيت الثاني يعود إلى ما قبل الباقطاني وليس للباقطاني ، ومن الجدير ذكره ان السماوي لم يذكر فيما سبق له من الابيات إسماً غير الديزج ولكن الحدث كما في الرواية وقع للمعري ، وقد اشار في البيت الخامس الى ان صاحب الحدث غير الديزج .

    ولم يزل زواره عليه السلام يقصدونه ويصلحون قبره الشريف ، وعن الهدم المتكرر يقول الخياط : « وإن دلت أعمال الهدم المتكررة هذه وما يتبعها من تعمير سريع للقبر على شيء فإنما تدل على انحراف ظاهر في عقلية المتوكل من جهة ، ومدى القوة في عقيدة الرأي العام المسلم الذي كان يأبى يومذاك إلا أن يخلد الحسين الشهيد عليه السلام ويعمر ضريحه وتقديس تربته رغم جميع ما كان يريده الغاشمون من اضطهاد وتنكيل » .

    وفي سنة 240 هـ توجه الأشناني إلى زيارة قبر الحسين عليه السلام سراً برفقة أحد العطارين فلما وصلا القبر الشريف جعلا يتحريان جهة القبر حتى عثرا عليه وذلك لكثرة ما كان قد مخر وحرث حوله فشاهداه وقد قلع الصندوق الذي كان حواليه وأحرق ، وأجري عليه الماء فانخسف موضع اللبن وصار كالخندق حول القبر ولما أتما مراسيم الزيارة نصبا حول القبر علامات شاخصة في عدة مواضع من القبر .

    ويصف الاشناني الوضع الأمني انذاك بقوله : « بعد عهدي بالزيارة في تلك الايام خوفاً ، عملت على المخاطرة بنفسي فيها وساعدني رجل من العطارين على ذلك ، فخرجنا زائرين نكمن النهار ونسير الليل حتى أتينا نواحي الغاضرية ، وخرجنا منها نصف الليل فسرنا بين مسلحتين وقد ناموا حتى اتينا القبر فخفي علينا فجعلنا نشمه … » .

    ولعله لهذا السبب تجدد تسميته بالحائر لارتفاع الماء حوله ، وإن كانت التسمية قد أطلقها الإمام الصادق عليه السلام ( 148 هـ ) من قبل .

    الرابع : سنة 247 هـ كان قد بلغ المتوكل مرة أخرى مسير الناس من أهل السواد والكوفة إلى كربلاء لزيارة قبر الحسين عليه السلام وأنه قد كثر جمعهم لذلك ، وصار لهم سوق كبير فأنفذ قائداً في جمع كثير من الجند وأمر منادياً ينادي ببراءة الذمة ممن زار قبره ، ونبش وحرث أرضه وانقطع الناس عن الزيارة ، وعمل على تتبع آل أبي طالب والشيعة فقتل منهم جمعاً كثيراً .

    وفي كتاب تاريخ كربلاء وحائر الحسين : 214 أظهر أن هدم المتوكل لقبر الحسين عليه السلام في المرة الرابعة صادف في النصف من شعبان حيث كان الناس يتوافدون بكثرة على زيارة كربلاء في مثل هذا الوقت .

    في تاريخ كربلاء وحائر الحسين : 211 عن ناسخ التواريخ القديم : 438 « بلغ المتوكل مرة أخرى ، أن الناس من مختلف الطوائف والأقطار يتوافدون إلى أرض نينوى فصارت لهم مطافاَ كبيت الله وأسسوا لهم أسواقاً عظيمة بالقرب من القبر المطهر فأثار ذلك نفسه فأرسل جيشاً إلى كربلاء لهدم القبر المطهر ومخره وحرثه وقتل من يجدون بها من آل أبي طالب وشيعتهم ولكن الله دفع شره فقتل على يد ابنه المنتصر » .

    وقد تولى الهدم في هذه المرة إبراهيم الديزج أيضاً حيث يقول : إن المتوكل أمرني بالخروج إلى نينوى إلى قبر الحسين فأمرنا أن نكربه ونطمس أثر القبر ، فوافيت الناحية مساء ومعنا الفعلة ومعهم المساحي والمرود فتقدمت إلى غلماني وأصحابي أن يأخذوا الفعلة بخراب القبر وحرث أرضه فطرحت نفسي لما نالني من تعب السفر ونمت فذهب بي النوم ، فإذا ضوضاء شديدة وأصوات عالية ، وجعل الغلمان ينبهوني ، فقمت وأنا ذعر فقلت للغلمان : ما شأنكم ؟

    قالوا : أعجب شأن !

    قلت : وما ذاك ؟

    قالوا : إن بموضع القبر قوماً قد حالوا بيننا وبين القبر وهم يرموننا مع ذلك بالنشاب ، فقمت معهم لأتبين الأمر ، فوجدته كما وصفوا ، وكان ذلك في أول الليل من ليالي البيض .

    فقلت : ارموهم ، فرموا فعادت سهامنا إلينا فما سقط سهم منا إلا في صاحبه الذي رمى به فقتله ، فاستوحشت لذلك وجزعت وأخذتني الحمى والقشعريرة ورحلت عن القبر لوقتي ، ووطنت نفسي على أن يقتلني المتوكل لما لم أبلغ في القبر جميع ماتقدم إليه به .

    ويصف فعلة الديزج الحادثة في أرجوزته فيقول :

    بأن إبراهيم يـعني الديزجـا   قـال أراد جعفـر أن أخرجـا
    وانـبث الـقبر بـكربـلاءا   واحرث الأرض واجري الماءا
    فصرت للقـبر بـمن أعـده   من كل قـرم معجـب أشـده
    ومعـي الأكـار بالـمساحي   فـبت لـيلي ناظـر الصبـاح
    فـنبهنـي زعـقات الجـند   فـقلـت ماذا لأنـاس عنـدي
    فقـيل صـدنا عـن الـتقدم   قوم رمـوا وجوهـنا بأسهـم
    وكـل مـن رماهـم بسهـم   عاد عليه السهم منه المرمي
    قال فقمت لأرى الأمـر الجلي   فما رأيت غيرما قد قـيل لـي
    فارتعت من ذا وطويت كشحي   وقـلت غـادروهم للـصبح

     وظاهر البيت السابع يختلف ونص الرواية حيث ان عودة السهام كانت بعد انتباه الديزج من النوم لا قبله .

    ويذكر ابن بندار : « انه خرج نهي عن زيارة مقابر قريش والحائر فلما كان بعد أشهر دعا الوزير ـ العباسي ـ الباقطاني ، فقال له ـ الوزير ـ :

    إلق بني الفرات (اي رهط الوزير ابي الفتح الفضل بن جعفر بن فرات) والبرسيين (نسبة الى برس قرية بين الكوفة والحلة كان اهلها من الموالين لاهل البيت عليهم السلام) وقل لهم : لا يزوروا مقابر قريش فقد أمر الخليفة ان يتفقد كل من زار فيقبض عليه » .

    وانتشر ظلم المتوكل وذاع خبر هدمه قبر سبط الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بين الناس فتألم المسلمون لذلك وكتب أهل بغداد شتمه على الحيطان ، وهجاه الشعراء ومنهم دعبل الخزاعي ، وفي ذلك يقول ابن السكيت : وقيل البسامي ـ من الكامل ـ :

    تالله إن كانـت أميـة قـد أتت   مقتل ابن بنت نبيها مظلوماً
    فلقـد أتـاه بنـو أبيـه بمثلـه   هذا لعمرك قبـره مهـدوماً
    أسفوا على أن لايكونوا شاركـوا   في قتله فتتبعوه رميمـاً

    ولأبن الرومي أبيات في ذلك نذكر له هذا البيت من الطويل :

    ولم تقنعوا حتى استثارت قبورهم   كلابهم منها بهيم وديـزج

    وفي عام 247 هـ يقول عبد الله الطوري حججت فلما صدرت من الحج إلى العراق فزرت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام على حال خيفة من السلطان ، وزرته ثم توجهت إلى زيارة الحسين عليه السلام فإذا قد حرث أرضه ومخر فيها الماء وأرسلت الثيران العوامل في الأرض ، فبعيني كنت رأيت الثيران تساق في الأرض فتنساق لهم حتى إذا حازت مكان القبر حادت عنه يميناً وشمالاً فتضرب بالعصا الضرب الشديد فلا ينفع ذلك فيها ولا تطأ القبر بوجه ولا سبب ، فما أمكنني الزيارة ، فتوجهت إلى بغداد وأنا أردد :

    تالله إن كانت أمية قـد أتـت   قتل ابن بنت نبيها مظلومـاً
    فلقـد أتاه بنـو أبيـه بمثلهـا   هـذا لعمرك قـبره مهدوماً
    أسفوا على أن لايكونوا شايعوا   في قتله فتتبعوه رميـماً

    ولا يخفى أن زيارته لكربلاء لابد وأن تكون في عام 247 هـ وحجه عام 246 هـ حيث أن قتل المتوكل كان في 3 شوال عام 247 هـ .

    لقد وضع المتوكل يده على أوقاف الحائر وصادر أموال خزينة الحسين عليه السلام ووزعها على جنوده قائلاً : « إن القبر ليس بحاجة إلى الأموال والخزائن » وسمع زيد المجنون وهو من مصر أن المتوكل أمر بحرث قبر الحسين عليه السلام وأنهم خربوا بنيانه وحفوا آثاره وجروا عليه الماء من نهر العلقمي بحيث لا يبقى له أثر ولا أحد يقف له على خبر ، وتوعد الناس بالقتل لمن زار قبره ، وجعل رصداً من أجناده وأوصاهم : « كل من وجدتموه يريد زيارة الحسين عليه السلام فاقتلوه » يريد بذلك إطفاء نور الله وإطفاء آثار ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فعظم ذلك على زيد واشتد حزنه وتجدد مصابه بسيده الحسين عليه السلام وغلب عليه الوجد والغرام فخرج من مصر ماشياً هائماً على وجهه شاكياً وجده إلى ربه وبقي حزيناً كئيباً حتى بلغ الكوفة فالتقى ببهلول وتعرف عليه فسأله عن سبب خروجه من مصر فاخبره بذلك فقال له البهلول : وأنا والله كذلك ، فقال : قم بنا نمضي إلى كربلاء لنشاهد قبور أولاد علي المرتضى .

    فأخذ كل بيد صاحبه حتى وصلا إلى قبر الحسين عليه السلام وإذا هو على حاله لم يتغير وقد هدموا بنيانه وكلما أجروا عليه الماء غار وحار واستدار بقدرة العزيز الجبار ولم تصل قطرة واحدة إلى قبر الحسين عليه السلام وكان القبر الشريف إذا جاءه الماء ترتفع أرضه بإذن الله تعالى ، فتعجب زيد المجنون مما شاهده وقال : انظر يابهلول « يريدون أن يطفؤوا نور الله بأفواههم ويأبى الله أن يتم نوره ولو كره الكافرون » .

    فلما نظر الذي يحرث الأرض إلى ذلك قال : آمنت بالله وبمحمد رسول الله ، وحل البقر ، فبلغ ذلك المتوكل فأمر بقتله .

    وتمثل زيد بالأبيات السابقة وانطلق إلى بغداد فإذا به يسمع صراخاً عالياً ونوحاً مشجياً ، فظن أن المتوكل قد هلك ، فتقدم إلى رجل منهم فسأل عن الميت فقيل له : جنازة جارية المتوكل وكان يحبها حباً شديداً ، ثم أنهم عملوا لها شأناً عظيماً ودفنوها في قبر جديد وبنوا عليه قبة عالية ، فلما نظر زيد إلى ذلك ازدادت أشجانه وجعل يبكي حتى غشي عليه ، فلما أفاق من غشوته أنشد يقول ـ من المتقارب ـ :

    أيحرث بالطف قبر الحسين   ويعـمر قـبر بني الزانية
    لعل الزمان بهـم قد يعـود   ويـأتي بـدولتهـم ثانيـة
    ألا لعـن الله أهـل الفسـاد   ومن يأمن الدنية الفانية

    وكتب هذه الأبيات في ورقة وسلمها لبعض حجاب المتوكل فلما قرأها اشتد غضبه فأمر بحبسه فحبس ، وفي الليل رأى المتوكل كرامة فأوحشته ، فأسرع وأفرج عن زيد وخلع عليه خلعة سنية ، وقال له : اطلب ما تريد ، قال له : أريد عمارة قبر الحسين عليه السلام ، وأن لا يتعرض أحد لزواره، فأمر له بذلك ، وخرج من عنده فرحاَ مسروراً وجعل يدور ويقول : من أراد زيارة الحسين عليه السلام فله الأمان طوال الأزمان .

    ويذكر الرحالة الهندي محمد هارون : إنه في عام 248 هـ جدد زيد المجنون بناء المرقد .

    وروى ابن عساكر بإسناده إلى هشام بن محمد قال لما أجري الماء على قبر الحسين نضب بعد أربعين يوماً وانمحى أثر القبر فجاء أعرابي من بني أسد فجعل يأخذ قبضة قبضة ويشمه حتى وقع على قبر الحسين وبكى ، وقال بأبي أنت وأمي ما كان أطيبك وأطيب تربتك ميتاً ثم بكى وأنشأ يقول ـ من الطويل ـ :

    أرادوا ليخفوا قـبره عن وليه   فطيب تراب القبر دل على القبر

    وجاء في بعض كتب التاريخ : انه وضع على القبر سارية لإرشاد زوار قبر الحسين عليه السلام ، والسارية : هي الاسطوانة ، وعند الملاحين العمود الذي ينصب في وسط السفينة لتعليق القلوع به، بينما جاء في صحيفة البديل الإسلامي الدمشقية العدد : 620 الصفحة : 8 نقلاً عن يعقوب سركيس : إن المنتصر شيد ميلاً عالياً للدلالة على المرقد بعد أن بنى وشيد عليه سقيفة ، والميل : منار يبنى للمسافر في انشاز الارض يهتدى به ويدرك المسافة ، تاريخ الروضة الحسينية المصور : 9 .

    لقد أراد المتوكل محو ذكر الحسين عليه السلام ولكنه قتل عام 247 هـ وعلى فراشه بمعونة ابنه المنتصر ولم يتم له ما قدره .

    ولما استقر الحكم للمنتصر في نفس السنة وبلغ مسامع الأشناني توجه من ساعته إلى كربلاء ومعه جماعة من الطالبيين والشيعة ، فلما وصلوا كربلاء أعادوا للقبر معالمه القديمة .

    وعند ذاك أي عام 248 هـ أمر المنتصر العباسي ببناء مرقد الإمام الحسين عليه السلام وإعادته إلى ما كان عليه ، ونصب على قبره الشريف علماً طويلاً ليستهدي الناس إليه ودعا إلى زيارته عليه السلام وعطف على آل أبي طالب وأحسن إليهم وفّرق فيهم الأموال وارجع إليهم الأوقاف الخاصة بهم كما ارجع فدكاً إليهم ، فهب الشيعة إلى زيارته باطمئنان وراحة بال وجاوروه ، وفي ذلك يقول السماوي في أرجوزته :

    حتى إذا ما انتصر المنتصر   وآمن الناس أعيد الأثـر
    وعـادت السكان والـديـار   وشيد المقام والمزار

    ولعل أقدم شخصية علوية سكنت كربلاء هو السيد إبراهيم المجاب ابن محمد العابد بن الإمام الكاظم عليه السلام وابنه محمد الحائري .

    وقبل عام 271 هـ زار الحائر الشريف الداعي الكبير الحسن العلوي ملك طبرستان وديلم فباشر بتشييد الحضرة الحسينية واتخذ حولها مسجداً ولم يكن الزمن كفيلاً بإنجازه حيث توفي عام 271 هـ ، وتولى بعده أخوه الملقب بالداعي الصغير محمد العلوي الذي ملك طبرستان وديلم وخراسان .

    وفي سنة 273 هـ تهدمت بناية المنتصر، ومات جمع كثير من الزائرين لازدحام الروضة بالزوار لأنه صادف سقوطه في يوم عرفة أو العيد من ذي الحجة وقيل إن الموفق كان وراء ذلك فقام على أثر ذلك الداعي الصغير محمد بن زيد أمير جرجان بزيارة الحائر وأمر بعمارة المرقد الشريف فانتهى من بنائه عام 280 هـ فوضع قبة شامخة على المرقد وبابين وبنى للمرقد إيوانين كما بنى سوراً حول الحائر ومنازل للزائرين والمجاورين .

    وفي مدينة الحسين : 24 جاء سقوط الحرم سنة 270 هـ وعلى عهد المعتضد ، ولكنه غير صحيح لأن المعتضد تولى الحكم عام 279 هـ .

    ويصف السماوي في أرجوزته السقوط والبناء فيقول :

    فـسقطـت سقيفـة الأجـداث   فـي سـنة السبعين والثلاث
    من بعد قرنين فما ضرت أحد   وهنئ الزائـر بعد مـا ورد
    وانتهـز الداعي هناك الفرصة   وطلب الإذن له والرخصـة
    إذ كان لم يدع إلى من قد ولي   من الملوك بـل إلى آل علي
    فـزار أولا ًلأرض النـجـف   ثم لأرض الطف ذات الشرف
    وشـاد قـبة لـهـا بـابـان   ومـن حـواليهـا سقيفتـان
    وعمر السور بهـا والمسكـنا   ونول الساكن ماقد أمكنا

    وفي سنة 282 هـ أرسل محمد بن زيد مبلغ إثنين وثلاثين ألف دينار لمساعدة العلويين والأشراف عبر واليه محمد بن ورد القطان بل وجعلها عليهم سنوية فاجتمعت الشيعة من جديد وبنت دوراً حول مرقد الإمام الحسين عليه السلام ، ويذكر أن الداعي الصغير بالغ في فخامة البناء وحسن الريازة ودقة الصنعة في عمارة الحائر .

    وفي (كتاب شهر حسين : 235) انه وشي إلى المعتضد بالله العباسي ( 279 ـ 289 هـ ) عن القاضي ، ولكن المعتضد كان قد رأى الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في منامه وقد أوصاه بآله ولذلك لم يتعرض إلى ابن القطان بل كتب إلى محمد ابن زيد الداعي وأوصاه بإستمرار العطاء للعلويين المجاورين وبناء مراقد الإمامين علي والحسين عليه السلام وكان يحترم مرقد الإمام الحسين عليه السلام ، وجاء في تاريخ الطبري 5/ 611 ان محمد بن زيد العلوي أرسل من طبرستان الى محمد بن ورد العطار باثنين وثلاثين ألف دينار ، ليفرقها على أهله ببغداد والكوفة ومكة والمدينة .

    وفي هذا يقول السماوي في أرجوزته :

    وأرسل الكنوز من أرض العجم   كالسحب ترفض بغيث إنسجم
    وتـم تلك الـرازة المستحسـنة   في الـمئتين والثمانين سنـة

    وحاولنا أن نرفق الوثائق التاريخية عن عمران المرقد الحسيني الشريف بالرسوم أو التخطيطات المستوحاة من واقع الحالة العمرانية التي كانت سائدة آنذاك وتطبيقها مع المعلومات والتفاصيل التي وردت في الأحاديث وكتب التاريخ عن المرقد الحسيني ، فبالنسبة إلى القرنين الثالث والرابع الهجريين مثلاً يجدر الإشارة إلى أن الطراز المعماري رغم أنه كان ينحو في اتجاهات ثلاث إلا أن أسسها كانت متقاربة إلى حد بعيد ، والإتجاهات الثلاث هي كالآتي :

    1ـ الطراز العباسي : ويتجسد في مثل مسجد أبي دلف في سامراء والذي شيد عام 246 هـ ، وجامع سامراء المشيد عام 234 هـ حيث نجد أن المسجدين أقيماعلى مساحة مستطيلة يتوسطهما صحن مكشوف تحيط به أروقة ويحيط به من الخارج سور من الطوب ( الآجر ) إرتفاعه عشرة أمتار، وتدعمه أبراج نصف دائرية بارزة عن الجدران بحوالي مترين .

    2ـ الطراز البويهي : وتعتمد مساجدهم عادة على ثلاثة أشكال :

    أ ـ مسجد مربع مقفول تغطيه قبة ، ب ـ مسجد ذو ايوان مقبب ، ج ـ مسجد يتكون من صحن مكشوف تحيط به العقود من جهاته الأربعة ، ومن أقدم المساجد التي لا تزال قائمة إلى يومنا هذا هو مسجد مدينة نائين في إيران .

    3ـ الطرز السماني : فقد أقاموا ضريحاً لإسماعيل بن أحمد السماني المتوفى عام 295 هـ في بخارى على مساحة مربعة الشكل إستخدم الطوب والآجر على نطاق واسع في عمارته ، وقد غطيت واجهاته الأربعة من الداخل ومن الخارج بقوالب الآجر في ترتيب زخرفي جميل ، ويعلو الضريح قبة كما توجد في أركانه أعمدة متصلة بالجدران تنتهي بأربع قباب صغيرة .

    ولا يخفى أن في بغداد القريبة من كربلاء قد بنى العباسيون على قصرهم قبة مرتفعة خضراء يمكن رؤيتها من مسافات بعيدة ، وللمزيد راجع فنون الشرق الأوسط في العصور الإسلامية : 45 ـ 69 .

    (2) تاريخ كربلاء وحائر الحسين : 169 . وجاء في هامش اعيان الشيعة : 9 / 337 عن كتاب تاريخ طبرستان وروبان ومازندران : 169 ما تعريبه « في عهد الداعي محمد ابن زيد ارسل من طرفه اموالاً وعّمر مشهد الحسين عليه السلام » .

    في زمن المعتضد المنصب   بالطعن في حرب وآل حرب

    ـــــــــــــــــــــــ

    مستل من كتاب (دائرة المعارف الحسينيةـ تاريخ المراقد /ج1 ص 269 ـ 291) بتصرف

  • القرن الثاني الهجري (719 ـ 816 م)

    القرن الثاني الهجري

    ( 24 / 7/ 719 ـ 29 / 7 / 816 م )

    يبدو أن القبة التي شيدت في عهد المختار ظلت قائمة لحين زيارة الإمام الصادق عليه السلام لقبر جده الحسين عليه السلام حوالي عام 132 هـ (حيث انقرضت الدولة الأموية ، عام 132 هـ ، ولم يك بعد للعباسيين دولة بمعنى الكلمة ) حيث روى صفوان الجمال عن الصادق عليه السلام : « إذا أردت قبر الحسين عليه السلام في كربلاء قف خارج القبة وارم بطرفك نحو القبر ، ثم ادخل الروضة وقم بحذائها من حيث يلي الرأس ، ثم اخرج من الباب الذي عند رجلي علي بن الحسين عليه السلام ، تم توجه إلى الشهداء ، ثم امش حتى تأتي مشهد أبي الفضل العباس فقف على باب السقيفة وسلم » .

    وفي حديث آخر عن الثمالي عن الصادق عليه السلام : « ثم امش قليلاً وعليك السكينة والوقار بالتكبير والتهليل والتمجيد والتحميد والتعظيم لله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم وقصر خطاك ، فإذا أتيت الباب الذي يلي المشرق فقف على الباب وقل … واجتهد في الدعاء ما قدرت عليه وأكثر منه إن شاء الله ، ثم تخرج من السقيفة وتقف بحذاء قبور الشهداء » .

    وفي حديث آخر لصفوان عن الصادق عليه السلام : « فإذا أتيت باب الحائر فقف وقل … ثم تأتي باب القبة وقف من حيث يلي الرأس … » .

    وفي حديث جابر الجعفي عن الصادق عليه السلام : « فإذا أتيت إلى قبر الحسين عليه السلام قمت على الباب وقلت هذه الكلمات … » .

    ويروي صفوان أيضاً عن الصادق عليه السلام : « فإذا أتيت الباب فقف خارج القبة وارم بطرفك نحو القبر ـ إلى أن يقول ـ ثم أدخل رجلك اليمنى القبة وأخر اليسرى » .

    ويظهر من هذه الروايات أن في عصر الإمام الصادق عليه السلام كان لمرقد الإمام الحسين عليه السلام قبة وسقيفة وباب بل وأكثر من باب ، باب من جهة الشرق وباب من ناحية ثانية ، ولعلها كانت من جهة الغرب .

    ويقول الكرباسي : إن مجموع السقيفة والمسجد كان يشكل مساحة ذات أربعة أضلاع حول مرقد الإمام الحسين عليه السلام وابنه علي الأكبر عليه السلام وكان للمرقد بابان أحدهما من جهة المشرق عند قدمي علي الأكبر عليه السلام وكانت مراقد الشهداء عليهم السلام خارجة عن إطار هذه المساحة .

    ويقول المدرس : ان البابين الخارجيين كان احدهما من جهة الشرق والأخر من جهة الجنوب ( القبلة ) كما يظهر من رواية قائد أبي بصير

    عمن يرويه عن الصادق عليه السلام إذ يقول : « ثم امش قليلاً ثم تستقبل القبر والقبلة بين كتفيك » ، ويضيف : « ان هنالك باباً داخلياً آخر من جهة الغرب يربط بين القبة ( المرقد ) والمسجد كما يظهر من كلام المفيد حيث يقول : ( ثم ادخل وقف مما يلي الرأس ) » .
    ولكن كلام الصادق عليه السلام في رواية قائد أبي بصير لايدل على وجود باب من جهة الجنوب ( القبلة ) بل يدل قوله : « ثم تستقبل القبر والقبلة بين كتفيك » على أن الباب لم يكن باتجاه القبلة ( الجنوب ) ، وأما الباب الشرقي فلعله هو المشار إليه في رواية صفوان الجمال عن الصادق عليه السلام في قوله : « فإذا اتيت الباب فقف خارج القبة وارم بطرفك نحو القبر ـ إلى ان يقول ـ ثم ادخل رجلك اليمنى القبة واخر اليسرى » وربما اراد الصادق عليه السلام في قول آخر له : « فإذا أتيت باب الحائر فقف وقل … ثم تأتي باب القبة وقف من حيث يلي الرأس » الباب الغربي للمرقد الذي يقع من جهة الرأس وفيه تأمل .

    ويظهر أيضاً من قول الصادق عليه السلام : « فإذا أتيت باب الحائر … ثم تأتي باب القبة » أنه كان للروضة الحسينية سور وله أبواب أيضاً حيث عبر الصادق عليه السلام عن المساحة المحيطة بالروضة بالحائر والتي نعبر عنها اليوم بالصحن (وقد سبق وأشرنا إلى أن المدرس يرى أن مثل هذا السور كان من بناء الأمويين واحتمل أيضاً بأنه كان للمراقبة لا الحصانة) ، ومن الجدير ذكره أن هذا الحائر ( الصحن ) لم يرد ذكره في عهد الإمام الباقر عليه السلام المتوفى عام 114 هـ بل جاء ذكره لأول مرة على لسان الإمام الصادق عليه السلام في تسعة عشر موقعاً مما يدلنا على أن هذا السور كان قد شيد في أواخر الربع الأول من القرن الثاني أو أوائل الربع الثاني من القرن الثاني .

    كما جاء ذكره في رواية الحسين بن أبي حمزة الذي زار المرقد الحسيني في أواخر عهد الدولة المروانية ( الاموية ) التي سقطت عام 132 هـ حيث يقول : « خرجت في آخر زمن بني أمية وأنا أريد قبر الحسين عليه السلام فانتهيت إلى الغاضرية حتى إذا نام الناس اغتسلت ثم أقبلت أريد القبر حتى إذا كنت على باب الحائر خرج إلي .. » .

    وقد تكررت الكلمتان ( باب الحائر ) من الإمام الصادق عليه السلام حيث ورد في رواية أبي الصامت أيضاً عنه عليه السلام حيث يقول : « فإذا أتيت باب الحائر فكبر الله أربعاً .. » .

    ويبدو واضحاً أن المراد بالحائر هو الصحن الشريف ، حيث ورد في رواية أبي حمزة الثمالي عن الصادق عليه السلام عند الانتهاء من الزيارة « ثم تخرج من السقيفة وتقف بحذاء قبور الشهداء وتومئ إليهم اجمعين ـ إلى أن يقول ـ ثم در في الحائر وأنت تقول … » .

    وبقي الحائر على شكله حتى عهد الإمام موسى بن جعفر عليه السلام ( 148 ـ 183 هـ ) حيث ورد في رواية الحسن بن راشد عنه عليه السلام قال : « حتى يرد الحائر فإذا دخل باب الحائر وضع كفه … » .

    ويتبين أن مساحة الحائر كانت حوالي ( 25 × 25 ذراعاً ) من الخارج كما يفهم من روايتي الصادق عليه السلام بعد الجمع بينهما ، حيث ورد في إحداهما : « قبر الحسين عشرون ذراعاً في عشرين ذراعاً مكسراً روضة من رياض الجنة » ، وفي ثانيهما قال: « امسح من موضع قبره اليوم ، فامسح خمسة وعشرين ذراعاً من رجليه وخمسة وعشرين ذراعاَ مما يلي وجهه وخمسة وعشرين ذراعاً من خلفه وخمسة وعشرين ذراعاً من ناحية رأسه » .

    والظاهر أن الحائر الذي سمي فيها بعد بالصحن كان قطر سوره الخارجي خمسين ذراعاً ، وإلى هذا يشير ابن إدريس في قوله : « والمراد بالحائر مادار سور المشهد والمسجد عليه » . ويقول المفيد : « والحائر محيط بهم إلا العباس فإنه قتل على المسناة ( ما يبنى في وجه السيل).

    ومن المعلوم أن الذراع الواحد يعادل 83 و 45 سنتيمتراً تـقريباً ، وبذلك يكون قطـر الحائر 83 و 45 × 50 = 915 و 22 متراً ، وقد فصلنا القول عنه في محله .

    وتؤكد بعض المصادر بأنه كانت هناك شجرة سدرة أيام الحكم الاموي يستظل بفيئها ويستدل بها على قبر الإمام الحسين عليه السلام ولذلك سمي الباب الواقع في الشمال الغربي من الصحن ـ فيما بعد ـ بباب السدرة .

    في موسوعة العتبات المقدسة قسم كربلاء : 257 نقلاً عن كتاب شيعة الهند : 64 للدكتور جون هوليستر : « إن إحدى الروايات الشيعية تنص على أن بعض المؤمنين المحبين لأهل البيت كان قد أشر على مكان القبر المطهر بزرع شجرة إجاص بالقرب منه ، ولكن هذه الشجرة قد أجتثت فيما بعد بأمر الخليفة هارون الرشيد وحرثت الأرض المحيطة بها غير أن بعض النازلين على مقربة من الموقع بادروا إلى وضع علامة غير ظاهرة فيه »

    وامتد عمر هذا البناء المؤلف من المسجد والمرقد ذي القبة طوال العهد الأموي فلم يتعرض للهدم رغم العداء السافر تجاه أهل البيت عليهم السلام مع أنهم وضعوا المسالح (وهي نقاط مراقبة وتفتيش ) لمنع زيارة قبره عليه السلام ، إلا أن ضعف الدولة الأموية في أواخر عهدها كسر حاجز الخوف فتدفقت الأفواج إلى زيارته ولم يتمكنوا من منعهم بل أدركوا أن التعرض للمرقد أو المساس به بقصد تخريبه يشكل سابقة خطيرة ومشكلة هم في غنى عنها .

    ولذا نجد أنه في عام 122 هـ وعلى عهد هشام المرواني كان الزوار يتقاطرون على الضريح المقدس ويتبركون به ، وقد أنشئ على مرقده مسجد ، وفي ذلك يقول محمد بن أبي طالب عند ذكره لمشهد الحسين : « إنه أتخذ على الرمس الأقدس ( أراد به مرقد الإمام الحسين عليه السلام) في عهد الدولة المروانية مسجد » .

    ولعل المقصود في إنشاء مسجد على المرقد أنه أصبح كمسجد يقصده الناس للزيارة والصلاة فيه .

    وبعد عام 132 هـ وبالتحديد في عهد مؤسس الدولة العباسية السفاح فسح المجال لزيارة قـبرالحسين عـليه السلام وابتدأ عـمران القـبر من جديد في ذلك الحين .

    وينقل عن سركيس أنه قال : « وفي عهد السفاح ـ هذا ـ بنيت على جانب القبر سقيفة ذات بابين » ولعله يظهر من كلامه هذا بالانضمام إلى ما تقدم من قوله : « إن المختار أحاط القبر الشريف بحائط المسجد وبنى عليه قبة بالآجر والجص ذات بابين » إن السقيفة التي أحدثت في عهد السفاح كانت على قبور الشهداء لمكان قوله : « على جانب القبر » لاستبعاد أن تبنى سقيفة إلى جهة الجنوب والشمال مثلاً وتترك قبور الشهداء بلا سقيفة ، إلا أن الكتب خالية من ذكر هذه السقيفة .

    ولكن المنصور العباسي الذي حكم مابين 136 ـ 158 هـ صب جام غضبه على العلويين وآثارهم وتطاول على القبر المطهر ، وفي ذلك يقول السماوي :

    وشيدو البنـا علـيه قـبة   ذات سقيفة لتأوي العصبة
    ثم دعا المنصـور حقد ايد   فثل مـن أحقـاده المشيد

    ويحدد سركيس عام 146 هـ هدم المنصور العباسي للسقيفة .

    وفي حدود عام 158 هـ ـ وذلك في عهد المهدي العباسي ـ أعيد تشييد السقيفة .

    ويذكر الطبري أن خدم المشهد الحسيني كانوا يتسلمون الهبات الخيرية من أم موسى والدة المهدي العباسي .

    وفي عام 187 هـ بعث هارون الرشيد إلى ابن أبي داود والذين يخدمون قبر الحسين بن علي عليه السلام في الحائر فأتى بهم فنظر إليه الحسن بن راشد وقال مالك ؟ قال : بعث إلى هذا الرجل ـ يعني الرشيد ـ فأحضرني ولست آمنه على نفسي فقال له : إذا دخلت عليه فسألك ، فقل له: الحسن بن راشد وضعني في ذلك الموضع .

    فلما دخل عليه قال هذا القول، قال الرشيد : ما أخلق أن يكون هذا من تخليط الحسن ، أحظروه ، فلما حضر قال : ما حملك على أن صيرت هذا الرجل في الحير ( الحائر ) ؟ قال : رحم الله من صّيره في الحير ، أمرتني ام موسى أن أصيره فيه ، وأن أجري عليه في كل شهر ثلاثين درهماً .

    فقال : ردوه إلى الحير وأجروا عليه ما أجرته أم موسى .

    ولما كانت سنة 193هـ ضيق هارون الرشيد الخناق على زائري القبر وقطع شجرة السدرة التي كانت عنده وكرب موضع القبر وهدم الأبنية التي كانت تحيط بتلك الأضرحة المقدسة وزرعها ، وذلك عبر واليه على الكوفة موسى بن عيسى بن موسى الهاشمي .

    وجاء في صحيفة البديل الإسلامي العدد : 62 نقلاً عن يعقوب سركيس أن الرشيد هدم السقيفة عام 171 هـ وقطع السدرة وهدم بناء القبة .

    وكان يستدل بشجرة السدرة على موضع قبره ويستظل بها ، ويقول الخياط في كتابه تاريخ الروضة الحسينية : 9 « أوعز هارون إلى قطع السدرة التي كانت في وسط المشهد » وفي ومضات من تاريخ كربلاء : 18 إن القطع كان سنة 171 هـ

    وروى المجلسي في البحار : 45 / 398 / ح : 7 عن أمالي الطوسي : 206 ، عن ابن حشيش ، عن أبي الفضل ، عن محمد بن علي بن هاشم الآبلي ، عن الحسن بن أحمد النعمان الجوزجاني ، عن يحيى بن المغيرة الرازي قال : كنت عند جرير بن عبد الحميد إذ جاءه رجل من أهل العراق فسأله جرير عن خبر الناس ، فقال : تركت الرشيد وقد كرب قبر الحسين عليه السلام وأمر أن تقطع السدرة التي فيه ، فقطعت ، قال فرفع جرير يديه وقال : الله اكبر جاءنا فيه حديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إن قال : لعن الله قاطع السدرة ثلاثاَ فلم نقف على معناه حتى الآن لأن القصد بقطعه تغيير مصرع الحسين عليه السلام حتى لا يقف الناس على قبره .

    ومن الجدير ذكره أن بعض المصادر ذكرت أن عملية الكرب تمت على يد عيسى بن موسى والي الرشيد على الكوفة وهو غير صحيح، لان عيسى توفي عام 176هـ وكان والياً على الكوفة قبل عهد الرشيد. وموسى هذا هو ابن عيسى بن موسى بن محمد العباسي الهاشمي ، وكان عيسى ابن أخ السفاح .

    وفي عام 198 هـ عندما استتب الأمر للمأمون اقتضت سياسته مراعاة شعور الموالين لأهل البيت عليهم السلام لامتصاص النقمة المتزايدة عليه والمنافسة السياسية لحربه مع أخيه الأمين وقتله إياه ، ففسح المجال لزيارة فبر الحسين وتعميره ، فبنى عليه قبة شامخة وحرم فخم وبدأ الناس يسكنونه من جديد .

    ثم ان المأمون أراد التقرب إلى العلويين وأهل البيت عليهم السلام لاستحكام ملكه فأصدر قراره بولاية العهد للإمام الرضا عليه السلام في سنة 201 هـ ( وذلك في السابع من شهر رمضان المبارك) وبتعمير مرقد الإمام الحسين عليه السلام فأمر بتشييد قبة عظيمة وروضة فخمة أحسن من ذي قبل، وبذلك يكون قد عمر المرقد في عهد المأمون مرتين كما قام المأمون بتوسيع الحير ( الحائر ) .

    ويظهر من ذلك أن التعمير الأول حصل من قبل الموالين وربما في الفترة التي شهدت الصراع بين الأمين والمأمون بين الأعوام ( 193 ـ 198 هـ ) ، وأما التعمير الثاني فقد حصل من قبل المأمون بعد القضاء على أخيه الأمين واستتباب الأمر له .

    مستل من كتاب (دائرة المعارف الحسينيةـ تاريخ المراقد /ج1 ص 255 ـ 268) بتصرف
  • القرن الأول الهجري (622 ـ 719 م)

    القرن الأول الهجري

    ( 16 / 7 / 622 ـ 23 / 7/ 719 م)

    أول من أقام رسماً لقبر أبي عبد الله الحسين عليه السلام هم بنو أسد ـ حـين دفـنوا الإمام عليه السلام في اليوم الثالث من مقتله بإرشاد الإمام السجاد عليه السلام . وذلك يوم الثالث عشر من شهر محرم الحرام عام 61 هـ ـ كما روى ابن قولويه في تحقق ماروته السيدة زينب عليه السلام في حديثها إلى السجاد عليه السلام حيث قالت : « لقد أخذ الله الميثاق أناس من هذه الأمة لا تعرفهم فراعنة هذه الأمة وهم معروفون من أهل السماوات انهم يجمعون هذه الأعضاء المتفرقة فيوارونها وهذه الجسوم المضرجة ، وينصبون لهذا الطف علماً لقبر أبيك سيد الشهداء لا يدرس أثره ولا يعفى رسمه على مرور الليالي والأيام … ثم يبعث الله قوماً من أمتك لا يعرفهم الكفار لم يشاركوا في تلك الدماء بقول ولا فعل ولا نية فيوارون أجسامهم ويقيمون رسماً لقبر سيد الشهداء بتلك البطحاء يكون علماً لأهل الحق وسبباً للمؤمنين إلى الفوز » ثم إنه تحقق ذلك حيث قال ابن طاووس : « إنهم أقاموا رسماً لقبر سيد الشهداء بتلك البطحاء يكون علماً لأهل الحق » .

    ولعل القبر الشريف كان في بداية الأمر مرتفعاً وبارزاً قليلاً عن الأرض ، كما يظهر من كلام جابر الأنصاري حين زار القبر الشريف في الأربعين الأول حيث قال : « ألمسوني القبر » ، بل يؤيد ذلك ما يروى من أن السيدة سكينة ضمت قبر أبيها الحسين عليه السلام عند رجوعها من الشام ، وإلى هذا يشير السماوي في أرجوزته حيث يقول :

    جاءت بنو غاضرة إلى الجثث   بعد ثلاث لتواريهـا الـجدث
    وأربأت عينـاً علـى الطريق   ينظر من خوف على الغريق
    فحـفرت ازاه كـي تواريـه   حفيـرة ثـم أتـت بباريـه
    فـوضعتـه فوقهـا وانـزلا   لمهبط الروح ومعراج العـلا

    إلى أن يقول :

    دلالـة مـن عالـم خبير   بـه وبالأصحاب ذي تدبير
    قد علم القبور في علائـم   لم تندرس إلى ظهور القائم
    وجـاء جابر له والعوفي   عطيـة ولم يبـل بالخوف

    وعلى ضوء ما قدمناه جاء الرسم التخطيطي التالي :

    وقيل إن بني أسد حددوا له مسجداً وبنوا على قبره الشريف سقيفة ، وقيل إنهم وضعوا على القبور الرسوم ـ (ولعل الرسوم المعبر عنها بالتي لا تبلى كانت من لوائح الفخار التي عرفتها المنطقة من العهود الغابرة ، أو من الصخور الكلسية التي كانت متوافرة في تلك المنطقة ، أو من الحصاة المتناثرة في الصحراء القريبة منها ، أو لعلها كانت من جذع النخل التي لا تبلى سريعاً ) ـ التي لا تبلى ولعل المرقد كان يحمل الصورة التالية :

    وما بين عامي 61 ـ 63 هـ يذكر المدرس : « أنهم بنو في العهد الأموي مسجداً عند رأس الحسين … ثم شيد القبر من قبل الموالين » .

    وعن عام 64 هـ يقول الرحالة الهندي محمد هارون : « اول من بنى صندوق الضريح بهيئة حسنة وشكل مليح بنو نضير وبنو قينقاع » ولعله كان على الشكل التالي :

    ويظهر أن التوابين عندما قصدوا زيارة قبر الحسين عليه السلام في ربيع الأول من عام 65هـ قبل رحيلهم إلى عين الوردة طافوا حول هذا الصندوق وكان عددهم يقارب أربعة آلاف رجل فازدحموا حول القبر أكثر من ازدحام الحجاج على الحجر الأسود عند لثمه ، ثم أنهم لما انتهوا إلى قبر الحسين عليه السلام بكوا بأجمعهم وكانوا قد تمنوا الشهادة معه ، فقام سليمان بن الصرد فتوجه إلى القبر قائلاً : « اللهم ارحم حسيناً الشهيد ابن الشهيد ، المهدي ابن المهدي ، الصديق ابن الصديق ، اللهم إنا نشهدك أنا على دينهم وسبيلهم ، وأعداء قاتليهم ، وأولياء محبيهم » ثم انصرف وانصرف معه القوم بعدما اقاموا عنده يوماً وليلة .

    وفي سنة 66 هـ وعندما استولى المختار بن أبي عبيدة الثقفي على الكوفة عمر على مرقده الشريف قبة من الجص والآجر ، وقد تولى ذلك محمد بن إبراهيم بن مالك الأشتر ، واتخذ قرية من حوله ، وكان للمرقد بابان شرقي وغربي وبقي ـ على ما قيل ـ حتى عهد هارون الرشيد .

    ويقول السيد محمد بن أبي طالب : « وقد كان بني على قبر الحسين عليه السلام مسجد ولم يزل كذلك بعد بني أمية وفي زمن بني العباس إلا على زمن هارون الرشيد فإنه خربه وقطع السدرة التي كانت نابتة عنده وكرب موضع القبر » .

    وإلى هذا يشير السماوي في أرجوزته :

    وجـاء بعـد ذلك المختـار   حـين دعاه والجـنود الثـار
    وعـمر المسجد فوق الجدث   فهـو إذاً أول شيء محـدث
    وبقي المسجد حول المرقـد   إذ كان قـد أسـس للـتعبـد
    ولـم يـزل يزار في جناح   حتـى أتى الملك إلـى السفاح

    ونقل سركيس : « أن المختار أحاط القبر الشريف بحائط المسجد وبنى عليه قبة بالآجر والجص ذات بابين » .

    ويتصور عبد الجواد الكليدار مرقد الإمام الحسين عليه السلام خلال هذه الفترة ـ ومن خلال الأخبار والأحاديث التي ذكرناها في باب الأحاديث والزيارات وأوردنا بعضها في القرن الثاني بالمناسبة ـ فيقول : « هو بناء مربع الشكل يتراوح كل ضلع منه بين عشرين أو خمسة وعشرين متراً ، يستقر بناؤه على قاعدة مستوية ترتفع بعض الشيء عن سطح الأرض تبعاً للأصول المتبعة منذ القديم في هذا القسم الجنوبي من العراق خشية تسرب الرطوبة إلى أسس البناء وتعلو من جوانبه الجدران المرتفعة ، الهندسية الشكل ، والمنظمة الهيئة ، وهي مطلية من خارجها بالكلس الأبيض الناصع ، فيلمع للناظر عن بعيد كبيضة نعامة في وسط الصحراء ، وفوق هذا البناء الجميل البسيط تستقر سقيفة تعلوها قبة هي أول قبة من قباب الإسلام الخالدة التي خيمت لأول مرة في الجانب الشرقي من الجزيرة العربية بين ضفة الفرات وحافة الصحراء في الاتجاه الشمالي (وبهذا يتأكد لدينا عدم صحة ما ذهب إليه طه الولي في كتابه المساجد في الإسلام من أن أول قبة في الإسلام هي قبة الصخرة في القدس الشريف ) ، وتخرج من وسط جدران الحائر ثغرتان ، إحداهما نحو الجنوب وهي المدخل الرئيس للحائر المقدس كماهو لحد اليوم ، والأخرى من جهة الشرق وهي المدخل الذي يصل بين الحائر والمدينة إلى حيث مرقد أخيه العباس عليه السلام على مشرعة الفرات ، وقد زين حول كل مدخل منهما بالخطوط والنقوش البارزة تحمل الآيات القرآنية العظيمة بالكتابة الكوفية القديمة ، ولعل من بينها بل في مقدمتها تلك الناطقة بفضل الشهادة وخلود الشهداء« ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون» . ورسم هذا التخطيط حسبما تصوره الكليدار :

    مستل من كتاب (دائرة المعارف الحسينيةـ تاريخ المراقد /ج1 ص 245 ـ 254) بتصرف